تحقيق أممي مع علماء "برءوا" البشر من أزمة المناخ

عواصم- بدأت لجنة الأمم المتحدة المعنية بمشكلة التغير المناخي تحقيقا مع علماء في إحدى جامعات بريطانيا بتهمة التلاعب في بيانات خاصة بمشكلة الاحتباس الحراري، تم عرضها بشكل ينفي مسئولية العامل البشري عن التسبب في المشكلة.

وشدد نشطاء بيئيون على أن ذلك التلاعب من شأنه إفشال مؤتمر المناخ العالمي الذي يبدأ فعالياته في العاصمة الدنماركية كوبنهاجن الإثنين 7-12-2009.

وتتعلق هذه البيانات، التي تم تسريبها في أكثر من ألف رسالة بريد إلكتروني، بأكثر من ثلاثة آلاف وثيقة جرى سرقتها من على جهاز الخادم "السيرفر" الخاص بوحدة أبحاث المناخ بجامعة إيست إنجليا البريطانية، وترجع مشكلة الاحتباس الحراري إلى عوامل طبيعية وليست بشرية، بحسب ما ذكرته صحيفة الشرق الأوسط اللندنية اليوم الأحد.

وقال رئيس لجنة الأمم المتحدة لشئون التغير المناخي الدكتور راجندرا باشوري إنه سوف ينظر في مزاعم بأن العلماء في الوحدة "ربما حاولوا التلاعب في البيانات المتعلقة بحالة التغير المناخي عبر العالم".
طالع أيضا:

* ن.تايمز: تغيرات المناخ تهدد الأمن القومي الأمريكي
* تحركات أوروبية ودولية "غير كافية" لحماية البيئة

وأضاف باشوري: "لن نترك أي شيء متعلق بهذه القضية مخفيا، وسوف نعمل على كشف كل الحقائق المتعلقة بهذه البيانات.. هذه مسألة خطيرة، وسوف ننظر في الأمر بالتفصيل"، بحسب ما نقلته هيئة الإذاعة البريطانية "بي.بي.سي".

وبحسب "بي.بي.سي"، فقد تسربت هذه الوثائق من الجامعة البريطانية، فيما بدا وكأنه محاولة من جانب هؤلاء العلماء للاحتفاظ ببعض البيانات الخاصة بهذه المشكلة العالمية بعيدا عن يد الأمم المتحدة.

وقال "فيل جونز"، رئيس الوحدة أبحاث المناخ، إن عددا قليلا نسبيا من رسائل البريد الإلكتروني هي التي تسربت وأخرجت من سياقها، وتم إيقاف جونز عن عمله لحين إجراء تحقيق في هذه الواقعة من جانب الأمم المتحدة والسلطات المعنية في الجامعة.

ضغوط سياسية

وفي تعليقها على الأمر اتهمت جوديث كوري، رئيسة مدرسة كوكب الأرض والعلوم المناخية في معهد جورجيا للتقنية الأمريكي، بعض الحكومات التي لم تحددها بممارسة ضغوط على العلماء لتعديل الأفكار السائدة عن أسباب التغير المناخي.

وقالت لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية الأحد: "إن هناك سياسيين يقولون نحن في حاجة إلى تقليل الشكوك، وأعتقد أن هذا أسهم في تشكيل عقلية يحاول من خلالها علماء المناخ تقليل الشكوك" المتعلقة بدور العامل البشري في التغير المناخي، عندما يتحدثون عن أبحاثهم، وتضيف: "أشعر بشيء من القلق بسبب هذه الضغوط السياسية".

ورغم أن جوديث لم تحدد هوية هذه الحكومات، فإن الإدارة الأمريكية السابقة بقيادة الرئيس الجمهوري جورج بوش الابن دأبت على رفض الترتيبات التي كانت تقدمها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وشركاء آخرون في مجموعة الثماني الصناعية للحد من الانبعاثات الكربونية في الأجواء العالمية، وعلى رأسها بروتوكول كيوتو الخاص بالحد من الانبعاثات الكربونية في العالم.

كما بدأت الإدارة الأمريكية السابقة أيضا مشروعا مثيرا للجدل لاستغلال مكامن النفط والغاز الضخمة في ولاية ألاسكا في القطب الشمالي؛ ما أثار غضب الشركاء الأوروبيين ونشطاء السلام الأخضر الدوليين، بسبب ما وصفوه بالتأثيرات البيئية المدمرة لهذا المشروع، الذي يشمل مناطق تعتبر محميات طبيعية، ويزيد من حجم الانبعاثات الكربونية في تلك المناطق.

اعتراضات

من جهتهم، رأى نشطاء بيئيون أن تسريب مثل هذه البيانات من شأنه إفشال قمة المناخ العالمية المقررة في الفترة من السابع وحتى الثامن عشر من الشهر الجاري في كوبنهاجن، بحضور ممثلين عن الأمم المتحدة و192 دولة، والتي تبحث في الإجراءات الكافية للحد من مشكلة الاحتباس الحراري، ومن بينها الحد من الملوثات الصناعية، وخصوصا الانبعاثات الكربونية في الهواء.

وشدد هؤلاء على وجود عوامل بشرية وراء مشكلة الاحتباس الحراري والتغير المناخي، ونقلت إذاعة "صوت أمريكا" عن الكاتب جوناثان بوريت قوله: "مهما كانت الحقيقة فإن ذلك مسألة خطيرة".

أما الدكتور فيليب ستوت، وهو أستاذ في الجغرافيا البيولوجية بجامعة لندن، فقد قال إن تسريب هذه البيانات مقصود، ويهدف إلى التشكيك في الأسس العلمية الخاصة بأسباب التغير المناخي، وخصوصا انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في إحداث ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي، وهو ما من شأنه أن يثير الشك في فاعلية إجراءات الحد من هذه الانبعاثات في معالجة المشكلة.

وقال: "هناك عنصر من عناصر التأثير البشري على المناخ، لا جدال في ذلك".

واشترك كل من بوريت وستوت في أن بيانات من هذه النوعية من شأنها تعريض جهود الأمم المتحدة والقيادات السياسية في بلدان العالم المختلفة للحد من الانبعاثات الكربونية للفشل.

أوباما في كوبنهاجن

وفي سياق متصل، تتواصل الاستعدادات بشكل مكثف لعقد قمة المناخ في مدينة كوبنهاجن، ويشارك ممثلون عن الأمم المتحدة ونشطاء مناخ في القمة، فيما أكدت أكثر من 100 دولة حضورها القمة التي تستمر لمدة 11 يوما.

وفيما وصف بقرار مفاجئ له قرر الرئيس الأمريكي باراك أوباما المشاركة في هذه القمة، ما أضفى عليها مزيدا من الأهمية، في ضوء تقديرات الأمم المتحدة التي تشير إلى أن الولايات المتحدة مسئولة عن أكثر من ربع الانبعاثات الكربونية حول العالم.

ومن المتوقع أن تتوصل القمة إلى اتفاقية جديدة للتقليل من حجم مشكلة الاحتباس الحراري، وسط جدل بين وجهتي نظر متعارضتين تسيطران على القمة، تذهب إحداهما إلى أن الحاصل من تغيرات مناخية هو من صنع الإنسان، وتقول الأخرى إن تلك التغيرات سببها مجموعة من الظواهر الطبيعية التي لا دخل للإنسان فيها.