المواضيع الأخيرة
الدبابون فشــلوا في الطــب والهندســة ولازال اسـتغلال مـيزاتهم مستمراً
صفحة 1 من اصل 1
الدبابون فشــلوا في الطــب والهندســة ولازال اسـتغلال مـيزاتهم مستمراً
البروفيسور مصطفى إدريس: الدبابون فشــلوا في الطــب والهندســة ولازال اسـتغلال مـيزاتهم مستمراً
البروفيسور مصطفى إدريس : مدير جامعة الخرطوم
«جميلة ومستحيلة» كناية موصوف ما ان تعانق مسامعك إلا طفرت إلى مخيلتك جامعة الخرطوم فهل يا ترى ما زالت الجامعة الأم الرؤوم التي فرخت آلاف الكوادر والخبرات في شتى المجالات ورفدت الحياة العامة بعناصر تنتشر في مختلف بقاع البلاد وخرجت كوادر وعقولا صاروا نجوما لبلادهم في الخارج ،وهل ما تزال الجامعة على ما كانت عليه من الألق أم أن عوادي الزمان أقعدتها عن مواصلة المسير ؟ وهل تراجع دورها في الحياة العامة وهل .. وهل ؟! ان افضل من يرد على تساؤلاتنا هو البروفيسور مصطفى إدريس البشير الذي جلس على الكرسي الساخن في أبريل الماضي ،فهو رجل يتسم بالوضوح والشفافية ويرد بلا رتوش،وتاليا نص الحوار:
*كيف وجدتم جامعة الخرطوم بعد ثمانية اشهر من ادارتها ؟
- جامعة الخرطوم موجودة بألقها ومكانتها السامية واثرها الواضح على جميع اوجه الحياة في السودان، وشأنها شأن كل المؤسسات تمر بساعات الشدة والرخاء ولحظات الإبداع والإخفاق ومع ذلك كله ما زالت بخير تحتفظ بمكانتها في المحيط الإقليمي، وإن أصابها بعض الخفوت أو الفتور في السنوات الماضية إلا أنها بدأت في استعادة بريقها رويدا رويدا، فقد مرت بكثير من المتاعب والمصاعب التي على رأسها قلة التمويل الممنوح لها من قبل الدولة ، بجانب هجرة الكثير من الأساتذة، وفوق ذلك ثورة التعليم العالي حتى بلغت مؤسسات التعليم العالي نحو 37 مؤسسة، فقد ضحت من أجل انجاحها وقامت معظم تلك المؤسسات على أكتافها خصوصا في كوادر التدريس.
* هل معنى ذلك أن جامعة الخرطوم كانت ضحية لثورة التعليم العالي ؟
- لا لم أقل ضحية غير أنها ضحت من أجل إنجاح ثورة التعليم العالي فمدت الجامعات بكوادرها المؤهلة من أجل تأسيسها، وفي اعتقادي أن ذلك من صميم واجبها الوطني تجاه المؤسسات الناشئة، غير أن ذلك كان ينبغي أن يتبعه مزيد من الاهتمام بها حتى تنهض بدورها الريادي في قيادة البحث العلمي .
* ما حجم الميزانية المخصصة للبحث العلمي وهل هي كافية؟
- الميزانية المخصصة للبحث العلمي ضئيلة جدا ولا يأتي من الدولة شيء بخصوصه، غير ان الجامعة خلال السنوات الخمس الاخيرة بدأت تخصص من دخلها ومواردها الذاتية مبالغ للبحث العلمي، وقد كنت مسؤولا عن ادارة البحث العلمي بالجامعة في فترة سابقة وما افرد له من ميزانية على ضآلته احدث حراكا كبيرا في حقل البحث العلمي ومولنا ما يقارب الـ 11 مشروعا في فترة وجيزة أتت أكلها، وفي السنة التي تلتها ضوعفت ميزانية البحث العلمي والآن تمت مضاعفتها أربع مرات غير أنني اعتبره بسيطا للبحث العلمي ،وما تم يمكن أن يمثل نواة لانطلاقة البحث العلمي، لان البحث بطبيعته جاذب للاستثمار والشركاء من داخل أو خارج البلد إذا ما امتلك الفكرة الناضجة ، والآن نقود جهودا خلال الـ 24 شهرا للنشر العلمي في المجالات العالمية .
* هل تعتبر وزارة التعليم العالي مشجعة ومحفزة للبحث العلمي؟
- وزارة التعليم العالي لا أعتقد أن لها دورا مباشرا في مسيرة الجامعات بصورة أو أخرى، بل في كثير من الدول هي غير موجودة وهي مسألة تنسيقية، والمجلس القومي للبحث العلمي والتعليم العالي هو الجسم الذي يفترض أن ينسق دور الجامعات مع بعضها ، والجامعات وحدات مستقلة يفترض انطلاقتها من داخلها بتعاونها مع شركاء ،غير أن الدعم الرسمي للتعليم العالي مازال أقل من المطلوب، لأن التعليم العالي والبحث العلمي ليس صدارة أولويات الدولة ، فدولتنا كتب عليها أن تكون مطاردة في قضايا الأمن وبسط الاستقرار ، والموارد الشحيحة التي تتوفر لها تذهب لسد ثغرة التأمين والمهددات الأمنية بالرغم من أن أكبر استثمار يمكن للدولة القيام به هو البحث العلمي!
* كم توفر لكم الدولة من احتياجاتكم للبحث العلمي؟
- الدولة في واقع الحال تمنحنا الفصل الأول «المرتبات» فقط خلال السنوات العشر الماضية، بالإضافة لجزء ضئيل من الفصل الثاني يمكن وصفه باللاشيء، وبقية البنود الأخرى «التسيير والتنمية» يفترض أن تغطيها الجامعة من مواردها الذاتية، وجامعة الخرطوم تمكنت من بناء كلية المختبرات كاملة من مواردها الذاتية، وتبني في كليات العلوم الإدارية والإنتاج الحيواني والعمارة والدراسات التقنية والتنموية وقاعات، ومع ذلك نرى أن مواردنا أقل بكثير جدا من طموحاتنا ولدينا مشاكل كثيرة في المعامل و القاعات .
* خطتكم للارتقاء بالجامعة تحتاج لكثير من الموارد من أين لكم بها؟
- الآن لدينا فريق يعمل في خطة لمدة أربع سنوات بمبلغ 600 مليون دولار و إذا ما قورنت بالميزانية الحالية فنحن مطالبون بمضاعفة دخل الجامعة عشر مرات كل سنة حتى نصل لهذا الربط، وفي تقديري جامعة الخرطوم لديها موارد كثيرة غير مستغلة ولدينا لجنة تعكف على دراسة الاستثمارات بالجامعة وسترفع رؤيتها قبل نهاية هذا العام، فالجامعة لديها أراضي شاسعة وخبرات واسعة في مجال التعليم يمكن الاستثمار فيها غير البكالريوس والدراسات العليا بعقد الدورات القصيرة للمجتمع، فمعهد واحد تابع للجامعة قادر على عقد 120 دورة خلال العام ، فالدورات القصيرة يمكن أن تقدمها كل الكليات، والاستثمار تعثر في السنوات الماضية بالجامعة لأن إدارة الاستثمار كان عبؤها يقع على المسؤول بالاستثمار، والآن أدخلنا الاستثمار المتخصص في المجالات المختلفة «الهندسية الطبية والتقانات الحديثة حتى في مجال التعليم».
* لديكم أراضي في سنكات والشرق وقرب الدندر وسوبا بيع بعضها بأقل من ثمنها؟
- أراضي سوبا لم نبعها،وإحدى أولوياتي المحافظة على أراضي الجامعة، فقد زحف السكن العشوائي على بعضها غير أننا استطعنا استردادها وتسويرها زراعيا واستصلاحها لأن من أولويات الاستثمار خلو الأرض من الموانع، ولدينا اتصالات مع عدد من المستثمرين من خارج البلاد.
* الأستاذ الجامعي يعاني هل في خططكم الارتقاء به وتحسين وضعه؟
- هذه من إحدى القضايا المهمة بالنسبة لنا، فالأستاذ والعامل في الدولة عموما دخولهم متدنية وأوضاعهم العامة لا ترضي ونحن نعتقد أن اساتذة الجامعات شريحة مميزة، وقدمنا دراسة للدولة ليعاملوا معاملة شبيهة ببعض الشرائح مثل «القضاة»، ونرى أنهم جديرون بذلك لما يقومون به من جهد، وداخل الجامعة نقوم ببعض المعالجات من وقت لآخر ولدينا خطة لإقامة مجمعات خدمية للعاملين غير أننا نعتقد أن لدينا فائض عمال بالجامعة فهم الآن تقريبا 6 آلاف يمكن الاستغناء عن خدمات نصفهم إذا ما ضمنا الإيفاء بحقوقهم وتوفير ظروف بديلة مناسبة لهم، والجامعة ستمضي أفضل مما كانت حينها ،وبينت دراسة عرضناها على الدولة أن عملية الاستغناء عن فائض العمالة تتطلب توفير 38 مليون جنيه ،وفائض العمالة بالمناسبة موروث منذ زمن الداخليات فمن بينهم عدد كبير من السفرجية والنجارين والحدادين، وإحدى المشاكل أن هؤلاء كلهم بحكم وجودهم معظمهم اقترب من الوصول إلى سن التعاقد وتدرجوا في الترقي ووصلوا لدرجات عليا، فعدد العاملين في الدرجات العليا بجامعة الخرطوم من السابعة الى الدرجة الثانية يساوي عدد العاملين في السودان قاطبة ، و76% ممن هم في الدرجات العليا يحمل مؤهلا ثانويا فما دون، وكل إنسان يصل للدرجات العليا بالجامعة يصبح رئيسا ولا يعمل ويحتاج الى عامل آخر لينجز له العمل، فهذه واحدة من المعضلات التي حيرت الإدارات المتعاقبة على جامعة الخرطوم .
* ألا يمكن التدرج في خفض العمالة بدلا عن الاستغناء عنهم مرة واحدة؟
- قبل يومين كان لدي اجتماع وأعلنت فيه المسألة عمليا وسنتدرج فيها حسب الموارد التي تتوفر لنا حتى لو لم توفر لنا الدولة شيئا ، وسنجتهد في بعض المواقع الحساسة بالنسبة لنا ، والآن نحن أوقفنا أي تعيين على أي مستوى، ونرى أنه ما مفروض نوقف التعيينات حتى نأتي بدماء جديدة في الإدارة يتم تدريبها ولها المقدرة على مواكبة التقنيات الجديدة .
*ولماذا لا تزالون تتعاملون بطريقة تقليدية في جامعة يفترض ان تقود تطوير الحياة في البلاد؟
- من اهتماماتي واولوياتي ادخال التقنيات الحديثة على كل المستويات سواء كان على مستوى شؤون الأفراد أو الإدارة المالية التي نتطلع لأن تكون كلها محوسبة رغم المحاربة الشديدة لها من الحرس القديم لاعتقادهم وتمسكهم بالطرائق القديمة «الكتابة في الدفتر وطلع التقرير وتعقد اللجنة وتنفض» في حين انه وفقا لاستخدام التقنية الحديثة يمكن الحصول على المعلومة بالضغط على زر مرة واحدة وهذه النقلة نسعى لها، إلا أنها تسير ببطء لعدم التجاوب معها وعدم استيعاب فكرتها، فمثلا إذا ما تم تطبيقها يمكن الاستغناء عن عمال شؤون الأفراد ما عدا 36 شخصا والتي يقوم بها الآن ما يقارب الألف عامل، فهي توفر الزمن وتساعد في التخطيط وسرعة اتخاذ القرار ولدينا دراسات جاهزة .
*يلاحظ التراجع في مستوى الخريج الجامعي ما مرده برأيكم؟
- هذه المسألة إلى حد ما يمكن إرجاعها للظرف الاقتصادي عامة وضعف البنيات الأساسية بالجامعات، غير أنها تعتمد على أي خريج يتحدث ومن أي موقع تخرج ، لكن عموما هناك تراجع في مستوى الخريجين الذين تأثروا كثيرا بالتغييرات الاقتصادية وعدم الاستقرار مقارنة بالأجيال التي سبقتهم، لأن الإمكانات التي كانت متاحة كبيرة لكن العدد المتخرج بسيط لتبقى الموازنة بما تريده من كم أو كيف، واعتقد أننا قد تجاوزنا مرحلة الكم ، ونحن في اتحاد الجامعات السودانية الذي يرأسه مدير جامعة الخرطوم رفعنا مذكرة لرئاسة الجمهورية لتقييم مسيرة التعليم العالي والبنية الأساسية للجامعات وأوضاع الأساتذة والبحث العلمي، وتمخض اجتماع مع الجهات العليا عن تكوين لجنة قومية لاجراء دراسة عن وضع الجامعات السودانية لتوضيح مواضع القوة والضعف فيها وأين الخلل ، فقبل فترة أشيع أن شهادات الطب الممنوحة من الجامعات السودانية أصبحت مرفوضة ببريطانيا، وبعد ذهاب لجنة لانجلترا أخذوا معلومات كثيرة من شركة تابعة لوزارة الداخلية البريطانية كانت متولية هذا الأمر، وجلست معهم واقتنعوا أن شهاداتنا مقبولة، ونحسب أن خريجنا في كلية الطب مازال محافظا على مستواه ليس بشهادتها فقط ولكن بشهادة الآخرين، والذين يمتحنون الآن لشهادة الزمالة البريطانية للنساء والتوليد مركزنا كان الأول على مستوى العالم في هذه السنة والماضية، والجالسون للامتحان معظمهم من خريجي جامعة طب الخرطوم لأنها تستوعب من الشهادة السودانية المتفوقين من الطلاب .
*أليس من الممكن أن يكون السبب في التراجع تعيين أساتذة بمؤهلات أقل من المطلوب كما في بعض الجامعات الناشئة بسبب ندرة الاستاذ الجامعي المؤهل؟
- نحن في جامعة الخرطوم عموما مقارنة مع بقية الجامعات نعتبر محافظين على مستوى مؤهلات الأستاذ الجامعي، فقد ذكر لي أحد مديري الجامعات في اجتماع لاتحاد الجامعات أن 60% من طاقم التدريس بجامعته في درجة المحاضر، ومع ذلك نعترف أنه لدينا شح في الأستاذ، وهجرة شديدة حتى أنني في كل يوم اوقع على «5-6» طلبات إعارة للمملكة العربية السعودية بالذات ودول الخليج عموما، التي تشهد توسعا كبيرا في مجال التعليم العالي، وخلال زيارتي للسعودية مع الرئيس عمر البشير مؤخرا لافتتاح جامعة الملك عبد الله، وجدت أن 182 أستاذا جامعيا في المملكة تابعين لجامعة الخرطوم والحكاية مستمرة في كل التخصصات في الدراسات الإنسانية والعلوم الطبية والبيطرية والزراعية، فنحن مواجهون بمعضلة في مجال الأساتذة على الرغم من اتخاذنا لبعض المعادلات للحد من مد الهجرة بألا يسمح بإعارة أكثر من 30% من طاقم تدريس القسم الواحد، وعموما الشح عندنا في العلوم الأساسية مثل « الكيمياء، والفيزياء، وعلوم الطب الاساسية- التشريح ووظائف الأعضاء» باعتبارها تخصصات نادرة وسوق أساتذتها عليه إقبال كبير .
البروفيسور مصطفى إدريس : مدير جامعة الخرطوم
«جميلة ومستحيلة» كناية موصوف ما ان تعانق مسامعك إلا طفرت إلى مخيلتك جامعة الخرطوم فهل يا ترى ما زالت الجامعة الأم الرؤوم التي فرخت آلاف الكوادر والخبرات في شتى المجالات ورفدت الحياة العامة بعناصر تنتشر في مختلف بقاع البلاد وخرجت كوادر وعقولا صاروا نجوما لبلادهم في الخارج ،وهل ما تزال الجامعة على ما كانت عليه من الألق أم أن عوادي الزمان أقعدتها عن مواصلة المسير ؟ وهل تراجع دورها في الحياة العامة وهل .. وهل ؟! ان افضل من يرد على تساؤلاتنا هو البروفيسور مصطفى إدريس البشير الذي جلس على الكرسي الساخن في أبريل الماضي ،فهو رجل يتسم بالوضوح والشفافية ويرد بلا رتوش،وتاليا نص الحوار:
*كيف وجدتم جامعة الخرطوم بعد ثمانية اشهر من ادارتها ؟
- جامعة الخرطوم موجودة بألقها ومكانتها السامية واثرها الواضح على جميع اوجه الحياة في السودان، وشأنها شأن كل المؤسسات تمر بساعات الشدة والرخاء ولحظات الإبداع والإخفاق ومع ذلك كله ما زالت بخير تحتفظ بمكانتها في المحيط الإقليمي، وإن أصابها بعض الخفوت أو الفتور في السنوات الماضية إلا أنها بدأت في استعادة بريقها رويدا رويدا، فقد مرت بكثير من المتاعب والمصاعب التي على رأسها قلة التمويل الممنوح لها من قبل الدولة ، بجانب هجرة الكثير من الأساتذة، وفوق ذلك ثورة التعليم العالي حتى بلغت مؤسسات التعليم العالي نحو 37 مؤسسة، فقد ضحت من أجل انجاحها وقامت معظم تلك المؤسسات على أكتافها خصوصا في كوادر التدريس.
* هل معنى ذلك أن جامعة الخرطوم كانت ضحية لثورة التعليم العالي ؟
- لا لم أقل ضحية غير أنها ضحت من أجل إنجاح ثورة التعليم العالي فمدت الجامعات بكوادرها المؤهلة من أجل تأسيسها، وفي اعتقادي أن ذلك من صميم واجبها الوطني تجاه المؤسسات الناشئة، غير أن ذلك كان ينبغي أن يتبعه مزيد من الاهتمام بها حتى تنهض بدورها الريادي في قيادة البحث العلمي .
* ما حجم الميزانية المخصصة للبحث العلمي وهل هي كافية؟
- الميزانية المخصصة للبحث العلمي ضئيلة جدا ولا يأتي من الدولة شيء بخصوصه، غير ان الجامعة خلال السنوات الخمس الاخيرة بدأت تخصص من دخلها ومواردها الذاتية مبالغ للبحث العلمي، وقد كنت مسؤولا عن ادارة البحث العلمي بالجامعة في فترة سابقة وما افرد له من ميزانية على ضآلته احدث حراكا كبيرا في حقل البحث العلمي ومولنا ما يقارب الـ 11 مشروعا في فترة وجيزة أتت أكلها، وفي السنة التي تلتها ضوعفت ميزانية البحث العلمي والآن تمت مضاعفتها أربع مرات غير أنني اعتبره بسيطا للبحث العلمي ،وما تم يمكن أن يمثل نواة لانطلاقة البحث العلمي، لان البحث بطبيعته جاذب للاستثمار والشركاء من داخل أو خارج البلد إذا ما امتلك الفكرة الناضجة ، والآن نقود جهودا خلال الـ 24 شهرا للنشر العلمي في المجالات العالمية .
* هل تعتبر وزارة التعليم العالي مشجعة ومحفزة للبحث العلمي؟
- وزارة التعليم العالي لا أعتقد أن لها دورا مباشرا في مسيرة الجامعات بصورة أو أخرى، بل في كثير من الدول هي غير موجودة وهي مسألة تنسيقية، والمجلس القومي للبحث العلمي والتعليم العالي هو الجسم الذي يفترض أن ينسق دور الجامعات مع بعضها ، والجامعات وحدات مستقلة يفترض انطلاقتها من داخلها بتعاونها مع شركاء ،غير أن الدعم الرسمي للتعليم العالي مازال أقل من المطلوب، لأن التعليم العالي والبحث العلمي ليس صدارة أولويات الدولة ، فدولتنا كتب عليها أن تكون مطاردة في قضايا الأمن وبسط الاستقرار ، والموارد الشحيحة التي تتوفر لها تذهب لسد ثغرة التأمين والمهددات الأمنية بالرغم من أن أكبر استثمار يمكن للدولة القيام به هو البحث العلمي!
* كم توفر لكم الدولة من احتياجاتكم للبحث العلمي؟
- الدولة في واقع الحال تمنحنا الفصل الأول «المرتبات» فقط خلال السنوات العشر الماضية، بالإضافة لجزء ضئيل من الفصل الثاني يمكن وصفه باللاشيء، وبقية البنود الأخرى «التسيير والتنمية» يفترض أن تغطيها الجامعة من مواردها الذاتية، وجامعة الخرطوم تمكنت من بناء كلية المختبرات كاملة من مواردها الذاتية، وتبني في كليات العلوم الإدارية والإنتاج الحيواني والعمارة والدراسات التقنية والتنموية وقاعات، ومع ذلك نرى أن مواردنا أقل بكثير جدا من طموحاتنا ولدينا مشاكل كثيرة في المعامل و القاعات .
* خطتكم للارتقاء بالجامعة تحتاج لكثير من الموارد من أين لكم بها؟
- الآن لدينا فريق يعمل في خطة لمدة أربع سنوات بمبلغ 600 مليون دولار و إذا ما قورنت بالميزانية الحالية فنحن مطالبون بمضاعفة دخل الجامعة عشر مرات كل سنة حتى نصل لهذا الربط، وفي تقديري جامعة الخرطوم لديها موارد كثيرة غير مستغلة ولدينا لجنة تعكف على دراسة الاستثمارات بالجامعة وسترفع رؤيتها قبل نهاية هذا العام، فالجامعة لديها أراضي شاسعة وخبرات واسعة في مجال التعليم يمكن الاستثمار فيها غير البكالريوس والدراسات العليا بعقد الدورات القصيرة للمجتمع، فمعهد واحد تابع للجامعة قادر على عقد 120 دورة خلال العام ، فالدورات القصيرة يمكن أن تقدمها كل الكليات، والاستثمار تعثر في السنوات الماضية بالجامعة لأن إدارة الاستثمار كان عبؤها يقع على المسؤول بالاستثمار، والآن أدخلنا الاستثمار المتخصص في المجالات المختلفة «الهندسية الطبية والتقانات الحديثة حتى في مجال التعليم».
* لديكم أراضي في سنكات والشرق وقرب الدندر وسوبا بيع بعضها بأقل من ثمنها؟
- أراضي سوبا لم نبعها،وإحدى أولوياتي المحافظة على أراضي الجامعة، فقد زحف السكن العشوائي على بعضها غير أننا استطعنا استردادها وتسويرها زراعيا واستصلاحها لأن من أولويات الاستثمار خلو الأرض من الموانع، ولدينا اتصالات مع عدد من المستثمرين من خارج البلاد.
* الأستاذ الجامعي يعاني هل في خططكم الارتقاء به وتحسين وضعه؟
- هذه من إحدى القضايا المهمة بالنسبة لنا، فالأستاذ والعامل في الدولة عموما دخولهم متدنية وأوضاعهم العامة لا ترضي ونحن نعتقد أن اساتذة الجامعات شريحة مميزة، وقدمنا دراسة للدولة ليعاملوا معاملة شبيهة ببعض الشرائح مثل «القضاة»، ونرى أنهم جديرون بذلك لما يقومون به من جهد، وداخل الجامعة نقوم ببعض المعالجات من وقت لآخر ولدينا خطة لإقامة مجمعات خدمية للعاملين غير أننا نعتقد أن لدينا فائض عمال بالجامعة فهم الآن تقريبا 6 آلاف يمكن الاستغناء عن خدمات نصفهم إذا ما ضمنا الإيفاء بحقوقهم وتوفير ظروف بديلة مناسبة لهم، والجامعة ستمضي أفضل مما كانت حينها ،وبينت دراسة عرضناها على الدولة أن عملية الاستغناء عن فائض العمالة تتطلب توفير 38 مليون جنيه ،وفائض العمالة بالمناسبة موروث منذ زمن الداخليات فمن بينهم عدد كبير من السفرجية والنجارين والحدادين، وإحدى المشاكل أن هؤلاء كلهم بحكم وجودهم معظمهم اقترب من الوصول إلى سن التعاقد وتدرجوا في الترقي ووصلوا لدرجات عليا، فعدد العاملين في الدرجات العليا بجامعة الخرطوم من السابعة الى الدرجة الثانية يساوي عدد العاملين في السودان قاطبة ، و76% ممن هم في الدرجات العليا يحمل مؤهلا ثانويا فما دون، وكل إنسان يصل للدرجات العليا بالجامعة يصبح رئيسا ولا يعمل ويحتاج الى عامل آخر لينجز له العمل، فهذه واحدة من المعضلات التي حيرت الإدارات المتعاقبة على جامعة الخرطوم .
* ألا يمكن التدرج في خفض العمالة بدلا عن الاستغناء عنهم مرة واحدة؟
- قبل يومين كان لدي اجتماع وأعلنت فيه المسألة عمليا وسنتدرج فيها حسب الموارد التي تتوفر لنا حتى لو لم توفر لنا الدولة شيئا ، وسنجتهد في بعض المواقع الحساسة بالنسبة لنا ، والآن نحن أوقفنا أي تعيين على أي مستوى، ونرى أنه ما مفروض نوقف التعيينات حتى نأتي بدماء جديدة في الإدارة يتم تدريبها ولها المقدرة على مواكبة التقنيات الجديدة .
*ولماذا لا تزالون تتعاملون بطريقة تقليدية في جامعة يفترض ان تقود تطوير الحياة في البلاد؟
- من اهتماماتي واولوياتي ادخال التقنيات الحديثة على كل المستويات سواء كان على مستوى شؤون الأفراد أو الإدارة المالية التي نتطلع لأن تكون كلها محوسبة رغم المحاربة الشديدة لها من الحرس القديم لاعتقادهم وتمسكهم بالطرائق القديمة «الكتابة في الدفتر وطلع التقرير وتعقد اللجنة وتنفض» في حين انه وفقا لاستخدام التقنية الحديثة يمكن الحصول على المعلومة بالضغط على زر مرة واحدة وهذه النقلة نسعى لها، إلا أنها تسير ببطء لعدم التجاوب معها وعدم استيعاب فكرتها، فمثلا إذا ما تم تطبيقها يمكن الاستغناء عن عمال شؤون الأفراد ما عدا 36 شخصا والتي يقوم بها الآن ما يقارب الألف عامل، فهي توفر الزمن وتساعد في التخطيط وسرعة اتخاذ القرار ولدينا دراسات جاهزة .
*يلاحظ التراجع في مستوى الخريج الجامعي ما مرده برأيكم؟
- هذه المسألة إلى حد ما يمكن إرجاعها للظرف الاقتصادي عامة وضعف البنيات الأساسية بالجامعات، غير أنها تعتمد على أي خريج يتحدث ومن أي موقع تخرج ، لكن عموما هناك تراجع في مستوى الخريجين الذين تأثروا كثيرا بالتغييرات الاقتصادية وعدم الاستقرار مقارنة بالأجيال التي سبقتهم، لأن الإمكانات التي كانت متاحة كبيرة لكن العدد المتخرج بسيط لتبقى الموازنة بما تريده من كم أو كيف، واعتقد أننا قد تجاوزنا مرحلة الكم ، ونحن في اتحاد الجامعات السودانية الذي يرأسه مدير جامعة الخرطوم رفعنا مذكرة لرئاسة الجمهورية لتقييم مسيرة التعليم العالي والبنية الأساسية للجامعات وأوضاع الأساتذة والبحث العلمي، وتمخض اجتماع مع الجهات العليا عن تكوين لجنة قومية لاجراء دراسة عن وضع الجامعات السودانية لتوضيح مواضع القوة والضعف فيها وأين الخلل ، فقبل فترة أشيع أن شهادات الطب الممنوحة من الجامعات السودانية أصبحت مرفوضة ببريطانيا، وبعد ذهاب لجنة لانجلترا أخذوا معلومات كثيرة من شركة تابعة لوزارة الداخلية البريطانية كانت متولية هذا الأمر، وجلست معهم واقتنعوا أن شهاداتنا مقبولة، ونحسب أن خريجنا في كلية الطب مازال محافظا على مستواه ليس بشهادتها فقط ولكن بشهادة الآخرين، والذين يمتحنون الآن لشهادة الزمالة البريطانية للنساء والتوليد مركزنا كان الأول على مستوى العالم في هذه السنة والماضية، والجالسون للامتحان معظمهم من خريجي جامعة طب الخرطوم لأنها تستوعب من الشهادة السودانية المتفوقين من الطلاب .
*أليس من الممكن أن يكون السبب في التراجع تعيين أساتذة بمؤهلات أقل من المطلوب كما في بعض الجامعات الناشئة بسبب ندرة الاستاذ الجامعي المؤهل؟
- نحن في جامعة الخرطوم عموما مقارنة مع بقية الجامعات نعتبر محافظين على مستوى مؤهلات الأستاذ الجامعي، فقد ذكر لي أحد مديري الجامعات في اجتماع لاتحاد الجامعات أن 60% من طاقم التدريس بجامعته في درجة المحاضر، ومع ذلك نعترف أنه لدينا شح في الأستاذ، وهجرة شديدة حتى أنني في كل يوم اوقع على «5-6» طلبات إعارة للمملكة العربية السعودية بالذات ودول الخليج عموما، التي تشهد توسعا كبيرا في مجال التعليم العالي، وخلال زيارتي للسعودية مع الرئيس عمر البشير مؤخرا لافتتاح جامعة الملك عبد الله، وجدت أن 182 أستاذا جامعيا في المملكة تابعين لجامعة الخرطوم والحكاية مستمرة في كل التخصصات في الدراسات الإنسانية والعلوم الطبية والبيطرية والزراعية، فنحن مواجهون بمعضلة في مجال الأساتذة على الرغم من اتخاذنا لبعض المعادلات للحد من مد الهجرة بألا يسمح بإعارة أكثر من 30% من طاقم تدريس القسم الواحد، وعموما الشح عندنا في العلوم الأساسية مثل « الكيمياء، والفيزياء، وعلوم الطب الاساسية- التشريح ووظائف الأعضاء» باعتبارها تخصصات نادرة وسوق أساتذتها عليه إقبال كبير .
نور- صاحب أخو
- عدد الرسائل : 149
تاريخ التسجيل : 11/02/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد فبراير 01, 2015 9:13 am من طرف عواد عمر
» الفنان رمضان حسن
الأحد مارس 09, 2014 11:33 am من طرف عواد عمر
» مذكرات بيل كلينتون
الخميس أكتوبر 17, 2013 9:42 pm من طرف الميزر
» صور اعجبتني
السبت يونيو 15, 2013 6:10 am من طرف فاطمة
» نكات اسحابي
الإثنين يونيو 03, 2013 1:34 am من طرف محمد الساهر
» أخطر 3 شهادات عن هروب مرسى من السجن
الخميس مايو 30, 2013 10:42 pm من طرف عازة
» من روائع الشاعر جمال بخيت
الخميس مايو 30, 2013 10:18 pm من طرف عازة
» إطلاق نــار على الفريق "سـامي عنان
الخميس مايو 02, 2013 9:00 am من طرف محمد الساهر
» عاجل..أبو تريكة فى العناية المركزة
الخميس مايو 02, 2013 8:33 am من طرف محمد الساهر
» وقفة مع البافاري : مشروع أفضل فريق يقطع الكرات
الخميس مايو 02, 2013 8:21 am من طرف محمد الساهر
» 10 أطعمة تعرضك للإصابة بمرض السرطان
الخميس مايو 02, 2013 5:18 am من طرف محمد الساهر
» أسهل وأحدث 10 طرق لإنقاص وزنك في أقل من 10 دقائق
الخميس مايو 02, 2013 1:39 am من طرف عازة
» القدرات النفسيه
الخميس مايو 02, 2013 1:11 am من طرف محمد الساهر
» تنمية قدرات العقل
الخميس مايو 02, 2013 1:08 am من طرف محمد الساهر
» مصر: تطبيق الحد الأقصى والأدنى للأجور في مايو
الخميس مايو 02, 2013 12:58 am من طرف محمد الساهر
» السجن مدى الحياة لـ"بن على" و10 لوزير داخليته
الخميس مايو 02, 2013 12:38 am من طرف سيدورف
» فتح النار على باسم يوسف لاستضافته مغنيا شاذا
الخميس مايو 02, 2013 12:32 am من طرف سيدورف
» مورينيو والريال.. قصة موت معلن؟
الخميس مايو 02, 2013 12:16 am من طرف سيدورف
» رئيس برشلونة يعترف بتفوق بايرن.. وفخور بلاعبيه
الخميس مايو 02, 2013 12:12 am من طرف سيدورف
» فساتين الزفاف
الثلاثاء أبريل 30, 2013 3:22 am من طرف عازة