سلفاكير: إذا سقط البشير سقطت أنا معه

احمد محمد شاموق

سألت عددا كبيرا من الناس بشكل عشوائي: هل تظن أن الإتفاق الأخير بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية سيصمد بحيث تتوقف المناوشات والمواجهات بينهما بشكل نهائي، وكانت الإجابة بشكل شبه إجماعي (لا). وسألت : ما هو تعليلك لهذه الاجابة. ولم أجد ردا علميا. وجدت ردا شبه إجماعي: أن هذا ما حدث في الاتفاقات السابقة، وهو ما سيحدث غالبا في الاتفاق الحالي.
قلة قليلة حاولت أن تتوسع في الاجابة. أحدهم قال : (طالما أن باقان أموم وياسر عرمان على رأس الحركة الشعبية فلن يستمر التوافق). أحدهم توسع أكثر فقال : (طالما أن الصقور في الحزبين هم الذين يحكمون فلن يشهد السودان توافقا).
أحدهم قال : (المؤتمر الوطني حزب شمولي، وطالما هو كذلك فلن يقبل بشريك قوي معه في السلطة). سألت هذا الأخير : (لنفترض أن المؤتمر الوطني حزب شمولي كيف تفسر أن المؤتمر بأغلبيته البرلمانية هو الذي أجاز القوانين الأخيرة، وهي ما نسميه قوانين التحول الديمقراطي).
وسألته مرة أخرى : (لنفترض، كما ترى، أن شمولية المؤتمر الوطني تنبع من أصوله الإسلامية، ألا ينطبق هذا التحليل على الحركة الشعبية ذات الأصول الماركسية).
مثل هذا النقاش يجري كثيرا هذه الأيام. وهو أحيانا ينتهي بأن كل طرف يظل متمسكا بموقفه لكنه لا ينتهي بالضرب أو إسكات الطرف الآخر بالقوة. لكن يبقى سؤال صغير : كيف ينظر المجتمع السوداني لمثل هذا الجدل الواسع في القاعدة الشعبية. هل يعتبره علامة على انقسام المجتمع أم يعتبره ظاهرة ايجابية لأنه يجري في الضوء، وبشكل علني، وهو شكل من أشكال ندوات الشوارع التي لا تخرج عن كونها نوعا من الحوار غير المرتب، وينتهي بنوع من تلاقح الأفكار التي تتولد منها أفكار جديدة تكون وسطا بين التزامات الطرفين الفكرية والسياسية.
إذا صح تقديري فأقول أن هذه بداية الديمقراطية : القبول بالاستماع للطرف الآخر، والقبول بتبادل الكلام معه، وهو ما يعني ضمنا فحص ما يقوله وتخير الحجج المنطقية في الرد عليه.
وبعــد ..
الأزمة الأخيرة بين الشريكين كانت الأشد، وأحسن مافيها أنها كشفت لبطيئي الفهم أن ارتباط الشريكين ارتباط قدري لا مجال للفكاك منه إلا بانتهاء الفترة التي حددتها اتفاقية نيفاشا. ومهما تصاعدت ألسنة اللهب بينهما فهما شريكان، وهذه الشراكة تحمي الطرفين. وصدق سلفا كير عندما قال مخاطبا مظاهرة صغيرة كانت تهتف أمامه بسقوط البشير : (لا تهتفوا بسقوط البشير لأنه لو سقط سأسقط أنا معه

عثمان ميرغني: التيار
مجموعة أحزاب مؤتمر جوبا تدرك أن حبل صبر الحركة الشعبية على مواجهة المؤتمر الوطني قصير مرتبط بكل قوة، بتحقق الأهداف التي تكافح الحركة لنيلها من الوطني. خاصة أن الحركة يربطها مع الوطني (شيك) شهري قيمته أكثر من مائة مليون دولار.. وأن الأحزاب إذا انتظرت حتى تلك اللحظة - لحظة استغناء الحركة عن خدمات الأحزاب - فإن المؤتمر الوطني سيختلي بها و(ما اختلى الوطني بمعارضة، إلا كان الشيطان ثالثهما).

من مقال نشر له بعنوان "إلى اين ؟ إنتخابات أم إنتفاضات"