حكاية الانفصال

أيام قليلة تفصلناعن الذكرى الرابعة بعد الخمسين لاستقلال السودان..وأيام قليلة أيضا تفصلنا عن موعد الاستفتاء المصيري.الخوف..القلق..الترقب..الحيرة..كل شيئ الاَ اللامبالاة_رغم انها كانت ولسنوات عديدة السمة الأبرز للسودانيين تجاه العديد من القضايا الهامة_
ماذا لو؟؟
سؤال صار يقض مضاجع الجميع
أحسست بمرارة قاتلة في حلقي حينما عاد طفلي يوما من المدرسة ليخبرني أن الأستاذ حكى لهم اليوم (حكاية الانفصال)ثم سألني والقلق يبدو على ملامح وجهه الصغير..(هل يعني هذا أن السودان لن يكون أكبر دولة عربية ولن تكون مساحته مليون ميل مربع؟؟؟
صدمني السؤال ووجدت نفسي لأول مرة أفكر كالآخرين..ماذا لوصار الانفصال واقعا؟؟
حدثتني جارتي وهي أستاذة باحدي الجامعات السودانية_وهي شمالية الأصل_:صدقيني..أنا مع الانفصال..
رفعت حاجبيَ بدهشة..واصلت حديثها غير مبالية بدهشتي..نعم أنا اؤيد حدوث الانفصال بسبب مواقف عديدة مؤلمة قابلتني أثناء عملي بالجامعة..هل تعلمين أن عدد لايستهان به من طالبات الولايات الشمالية حرمن من الدراسة_رغم تفوقهن_بسبب عجزهن عن سداد المصروفات الدراسية؟؟بينما أخريات يدرسن مجانا على حساب زعماء فصائل معارضة _أو كانت معارضة_وقاد اتفاقها مع الحكومة لمنحها حق التعليم المجاني..والله بت أخشى أن تخلو الولايات الشمالية من المتعلمين والمتعلمات تعليما عاليا ان استمر الوضع على ما هو عليه لعدة سنوات قادمات.
تحدثت جارتي بألم واضح..صادق..حتى وجدتني في تلك اللحظة أقرب الى تمنِي الانفصال
ثم..
تذكرت ..جون ..صديق أبي وجاره..متزوج بسيدة شمالية ولهما عدد من الابناء
وتذكرت عائشة..صديقتي وزميلتي بالجامعة..ثمرة زواج أب شمالي وأم من الجنوب..
تذكرت كل هؤلاء وغيرهم..ماذا سيحدث لهم ان وقع الانفصال؟؟؟
فخجلت من نفسي.
قبل أيام..هاتفتني صديقتي المقيمة بالولايات المتحدة والتي لم تر السودان منذ ما يقرب الخمسة عشر عاما..سألتني:ماذا يتوقع الناس في السودان..؟؟حكيت لها عما يجري ..وما يتوقعه الناس وما يخشون حدوثه..أبدت قلقها وحزنها ثم سألتني:هل سأستوعب كل ما حدث ويحدث في السودان ان عدت بعد هذه السنوات؟؟ضحكت بألم ودون أن أشعر دمعت عيناي..ولم أجب.

إنصاف / كيف حالك ....أشاركك الحيرة , هكذا فقط دون إضافة .... لك الود.