مواضيع مماثلة
المواضيع الأخيرة
قراءة نقدية في قصيدة الغزو من الداخل
أصحاب جد كوم :: المنتديات العامة :: الثقافة :: الشعر
صفحة 1 من اصل 1
قراءة نقدية في قصيدة الغزو من الداخل
منقول
بسم الله الرحمن الرحيم
عند تناول الشعر دأب النقاد -وهم بلا شك محقون في ذلك- على ربط جودة بعض
الأعمال وعبقريتها من الظروف التي أوجدت فيها ، ومراد ذلك أنها تدل على أن
الشاعر لا ينفصل البتة عن قضايا عصره وحياته ، كما أن ما يطرح في القصيدة
من إشكاليات فكرية يضيف إلى القصيدة جانبًا كبيرًا من الأهمية نظرًا لأن
الشاعر ليس مهندسًا لغويًا يمارس هندسته في الفضاء وإنما في كيان ثقافي
يؤثر ويتأثر بما يقول .
من هنا تكمن قيمة قصيدة البردة النبوية للبوصيري رحمه الله من الظرف
التاريخي الذي كان يستدعي فيه أمجاد عصر النبوة لتحميس المسلمين في مواجهة
الغزو الصليبي العنيف . قصيدة لا تصالح لأمل دنقل تستمد قوتها لأسباب
كثيرة من ضمنها أنها كانت قد كتبت في ليلة كامب ديفيد (ليلة الدخـــ)
بكرامة العروبة ، وهكذا ...
تطبيقًا لهذا القول نجد قصيدة الراحل البردوني تكتسب قيمة ثلاثية الأبعاد ، الأولى تناقش إشكالية العولمة في الأبيات :
غزاة لا أشاهدهم
وسيف الغزو في صدري.
فقد يأتون تبغا في
سجائر، لونُها يغري
وفي صدقات وحشيَّ
يؤنس وجهه الصخري.
وفي أهداب أنثى ، في
مناديل الهوى القهري.
وفي سروال أستاذ
وتحت عمامة المقري.
وفي أقراص منع الحمل
في أنبوبة الحبر.
وفي حرية الغثيان
في عبثية العمر .
وفي عوْد احتلال الأمس
في تشكيله العصري .
وفي قنينة الويسكي
وفي قارورة العطر.
ويستخفون في جلدي
وينسلُّون من شَعري.
وفوق وجوههم وجهي
وتحت خيولهم ظهري.
غزاة اليوم كالطاعون
يخفى وهو يستشري .
يحجر مولد الآتي
يوشِّي الحاضر المزري
وهذه الأبيات غالبًا كانت في تسعينيات القرن العشرين أيان
ظهرت بوادر أو النواة الأولى لفكرة العولمة ،وليس من عجز يتجه إلى اللغة
التقريرية وإنما هو يبرهن على القضية التي لا تحتمل في هذا الظرف كصدمة
أولى نوعًا من المرح الفكري ممثلاً في استخدام الصور والمجاز ، ولكن تبدو
بعض الكتابات مخيفة في دلالتها إن أنت تتبعتها مثل :
وفي سروال أستاذ
وتحت عمامة المقري.
وفي أقراص منع الحمل
في أنبوبة الحبر.
إن الشاعر لما يلتحم بقضايا واقعه وينزل إلى الشاعر يمزج
ثقافته بثقافة المجتمع فينشأ هذا المولود غير البشري والمسمى بالفن وهو ها
هنا الشعر فن الشعر . إنه يصرخ من أمة غزيت حتى صار المقري مقرئ القرآن
معولمًا لأن عباءته مصنوعة في دولة غير التي خرج منها ، هذا وجه من تأويل
العمل ولكن هناك وجه آخر هو ضياع ثقافة هذه الفئة التي يراها
الكثيرون-لاسيما العلمانيون- حافظة للتآريخ كموروثات فلكلورية . إنها
أجراس الخطر تنذر بالانهيار حينما يكون المقرئ (وهو هنا لا يعني المقرئ
للقرآن وإنما يعني تراث العربية عمومًا ) قد أخذ برؤى غيره من الأمم ،
فصار لا هو عربيًا ولا غربيًا ، وكذلك الأستاذ وهو يشير إلى صنوف يمكن
ترجمتها إلى كلمتين فقط "الغزو الفكري ". لكن السخرية تبلغ أقصى درجات
الألم عندما يكون الغزو حتى في منع الحمل إذ أن دولنا لا تستطيع تصنيع
أقراص منع الحمل !! وتأخذها كمعونة أو سلفة مقنّعة . والإنسان العربي
بطبعه البدائي مفطور على حب العشيرة والأهل والجوانب الاجتماعية والتي يعد
الإنجاب -لأسباب كثيرة- أبرز مظاهرها ، لذلك ترى الشاعر يبكي حرقة من
انتشار مثل هذه الأفكار في المجتمع العربي ،والبردوني هنا يجعل حركة
التاريخ متغيرة بينما الإنسان العربي بهيئته القديمة ماثلاً أمام عينيه
لذلك تكون كل مظاهر (المدْيَنَة) أنماطًا جديدة عليه لكن هذه المدْيَنَة
الواهمة خيبت ظنه وانجرف إليها بدلاً من الثبات ، لكأنه إنسان عربي يحمل
الشعار خالف تعرف ، فمن حيث أراد له الثبات تحرك في اتجاه الخطر ومن حيث
أراد له الحركة جمُد على الأرض .
وأنبوبة الحبر ! إن الشاعر يحكي مأساة تتخذ كل أشكال تبدأ
من أعظم أشكال التراث الممثلة في المقرئ _ لأن الانتماء الأيديولوجي
للبردوني كان يساريًا لا يرى في الدين إلا أشكالاً حافظة للتراث فحسب _
رمز العروبة انتهاء بأبسط الأشياء أنبوبة الحبر والتي تستورد أو تصطبغ
بصبغة غير عربية .
من الممكن أن تكون لهذه الكلمات دلالات أخرى لكن القرائن لا تعطيها أكثر من معانيها المباشرة .
وكان لهذه الأبيات طابعًا تشكيليًا رائعًا كأننا بإزاء صورة يد مرسومة بالقلم الرصاص ويجري في وريدها ( رشاش ) .
هذا كان المحور الأول : العولمة ، وتتلاقى في الشطر (فظيع
جهل ما يدري) العولمة من ناحية والهم الإقليمي العربي ثم الهم الداخلي
وغالبًا كان أيان حرب اليمن والتي كانت في وقت حرب الخليج ، ليكون
الاستعمار هو سيدًا في المواقف كلها . لي وقفة أخرى وقد تكون اثنتين مع
المحور الإقليمي ثم المحلي لاحقًا بإذن الله . أترككم في رعاية الله وحفظه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الكاتب : المشرقي الإسلامي
بسم الله الرحمن الرحيم
عند تناول الشعر دأب النقاد -وهم بلا شك محقون في ذلك- على ربط جودة بعض
الأعمال وعبقريتها من الظروف التي أوجدت فيها ، ومراد ذلك أنها تدل على أن
الشاعر لا ينفصل البتة عن قضايا عصره وحياته ، كما أن ما يطرح في القصيدة
من إشكاليات فكرية يضيف إلى القصيدة جانبًا كبيرًا من الأهمية نظرًا لأن
الشاعر ليس مهندسًا لغويًا يمارس هندسته في الفضاء وإنما في كيان ثقافي
يؤثر ويتأثر بما يقول .
من هنا تكمن قيمة قصيدة البردة النبوية للبوصيري رحمه الله من الظرف
التاريخي الذي كان يستدعي فيه أمجاد عصر النبوة لتحميس المسلمين في مواجهة
الغزو الصليبي العنيف . قصيدة لا تصالح لأمل دنقل تستمد قوتها لأسباب
كثيرة من ضمنها أنها كانت قد كتبت في ليلة كامب ديفيد (ليلة الدخـــ)
بكرامة العروبة ، وهكذا ...
تطبيقًا لهذا القول نجد قصيدة الراحل البردوني تكتسب قيمة ثلاثية الأبعاد ، الأولى تناقش إشكالية العولمة في الأبيات :
غزاة لا أشاهدهم
وسيف الغزو في صدري.
فقد يأتون تبغا في
سجائر، لونُها يغري
وفي صدقات وحشيَّ
يؤنس وجهه الصخري.
وفي أهداب أنثى ، في
مناديل الهوى القهري.
وفي سروال أستاذ
وتحت عمامة المقري.
وفي أقراص منع الحمل
في أنبوبة الحبر.
وفي حرية الغثيان
في عبثية العمر .
وفي عوْد احتلال الأمس
في تشكيله العصري .
وفي قنينة الويسكي
وفي قارورة العطر.
ويستخفون في جلدي
وينسلُّون من شَعري.
وفوق وجوههم وجهي
وتحت خيولهم ظهري.
غزاة اليوم كالطاعون
يخفى وهو يستشري .
يحجر مولد الآتي
يوشِّي الحاضر المزري
وهذه الأبيات غالبًا كانت في تسعينيات القرن العشرين أيان
ظهرت بوادر أو النواة الأولى لفكرة العولمة ،وليس من عجز يتجه إلى اللغة
التقريرية وإنما هو يبرهن على القضية التي لا تحتمل في هذا الظرف كصدمة
أولى نوعًا من المرح الفكري ممثلاً في استخدام الصور والمجاز ، ولكن تبدو
بعض الكتابات مخيفة في دلالتها إن أنت تتبعتها مثل :
وفي سروال أستاذ
وتحت عمامة المقري.
وفي أقراص منع الحمل
في أنبوبة الحبر.
إن الشاعر لما يلتحم بقضايا واقعه وينزل إلى الشاعر يمزج
ثقافته بثقافة المجتمع فينشأ هذا المولود غير البشري والمسمى بالفن وهو ها
هنا الشعر فن الشعر . إنه يصرخ من أمة غزيت حتى صار المقري مقرئ القرآن
معولمًا لأن عباءته مصنوعة في دولة غير التي خرج منها ، هذا وجه من تأويل
العمل ولكن هناك وجه آخر هو ضياع ثقافة هذه الفئة التي يراها
الكثيرون-لاسيما العلمانيون- حافظة للتآريخ كموروثات فلكلورية . إنها
أجراس الخطر تنذر بالانهيار حينما يكون المقرئ (وهو هنا لا يعني المقرئ
للقرآن وإنما يعني تراث العربية عمومًا ) قد أخذ برؤى غيره من الأمم ،
فصار لا هو عربيًا ولا غربيًا ، وكذلك الأستاذ وهو يشير إلى صنوف يمكن
ترجمتها إلى كلمتين فقط "الغزو الفكري ". لكن السخرية تبلغ أقصى درجات
الألم عندما يكون الغزو حتى في منع الحمل إذ أن دولنا لا تستطيع تصنيع
أقراص منع الحمل !! وتأخذها كمعونة أو سلفة مقنّعة . والإنسان العربي
بطبعه البدائي مفطور على حب العشيرة والأهل والجوانب الاجتماعية والتي يعد
الإنجاب -لأسباب كثيرة- أبرز مظاهرها ، لذلك ترى الشاعر يبكي حرقة من
انتشار مثل هذه الأفكار في المجتمع العربي ،والبردوني هنا يجعل حركة
التاريخ متغيرة بينما الإنسان العربي بهيئته القديمة ماثلاً أمام عينيه
لذلك تكون كل مظاهر (المدْيَنَة) أنماطًا جديدة عليه لكن هذه المدْيَنَة
الواهمة خيبت ظنه وانجرف إليها بدلاً من الثبات ، لكأنه إنسان عربي يحمل
الشعار خالف تعرف ، فمن حيث أراد له الثبات تحرك في اتجاه الخطر ومن حيث
أراد له الحركة جمُد على الأرض .
وأنبوبة الحبر ! إن الشاعر يحكي مأساة تتخذ كل أشكال تبدأ
من أعظم أشكال التراث الممثلة في المقرئ _ لأن الانتماء الأيديولوجي
للبردوني كان يساريًا لا يرى في الدين إلا أشكالاً حافظة للتراث فحسب _
رمز العروبة انتهاء بأبسط الأشياء أنبوبة الحبر والتي تستورد أو تصطبغ
بصبغة غير عربية .
من الممكن أن تكون لهذه الكلمات دلالات أخرى لكن القرائن لا تعطيها أكثر من معانيها المباشرة .
وكان لهذه الأبيات طابعًا تشكيليًا رائعًا كأننا بإزاء صورة يد مرسومة بالقلم الرصاص ويجري في وريدها ( رشاش ) .
هذا كان المحور الأول : العولمة ، وتتلاقى في الشطر (فظيع
جهل ما يدري) العولمة من ناحية والهم الإقليمي العربي ثم الهم الداخلي
وغالبًا كان أيان حرب اليمن والتي كانت في وقت حرب الخليج ، ليكون
الاستعمار هو سيدًا في المواقف كلها . لي وقفة أخرى وقد تكون اثنتين مع
المحور الإقليمي ثم المحلي لاحقًا بإذن الله . أترككم في رعاية الله وحفظه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الكاتب : المشرقي الإسلامي
abood- صاحب أخو
- عدد الرسائل : 169
تاريخ التسجيل : 29/08/2009
مواضيع مماثلة
» قصيدة للشاعر:عبدالله الطيب
» قصيدة الى الأقزام للشاعر احمد مطر
» قصيدة كتبتها براااااااااااااااااااي
» قصيدة الى الأقزام للشاعر احمد مطر
» قصيدة كتبتها براااااااااااااااااااي
أصحاب جد كوم :: المنتديات العامة :: الثقافة :: الشعر
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد فبراير 01, 2015 9:13 am من طرف عواد عمر
» الفنان رمضان حسن
الأحد مارس 09, 2014 11:33 am من طرف عواد عمر
» مذكرات بيل كلينتون
الخميس أكتوبر 17, 2013 9:42 pm من طرف الميزر
» صور اعجبتني
السبت يونيو 15, 2013 6:10 am من طرف فاطمة
» نكات اسحابي
الإثنين يونيو 03, 2013 1:34 am من طرف محمد الساهر
» أخطر 3 شهادات عن هروب مرسى من السجن
الخميس مايو 30, 2013 10:42 pm من طرف عازة
» من روائع الشاعر جمال بخيت
الخميس مايو 30, 2013 10:18 pm من طرف عازة
» إطلاق نــار على الفريق "سـامي عنان
الخميس مايو 02, 2013 9:00 am من طرف محمد الساهر
» عاجل..أبو تريكة فى العناية المركزة
الخميس مايو 02, 2013 8:33 am من طرف محمد الساهر
» وقفة مع البافاري : مشروع أفضل فريق يقطع الكرات
الخميس مايو 02, 2013 8:21 am من طرف محمد الساهر
» 10 أطعمة تعرضك للإصابة بمرض السرطان
الخميس مايو 02, 2013 5:18 am من طرف محمد الساهر
» أسهل وأحدث 10 طرق لإنقاص وزنك في أقل من 10 دقائق
الخميس مايو 02, 2013 1:39 am من طرف عازة
» القدرات النفسيه
الخميس مايو 02, 2013 1:11 am من طرف محمد الساهر
» تنمية قدرات العقل
الخميس مايو 02, 2013 1:08 am من طرف محمد الساهر
» مصر: تطبيق الحد الأقصى والأدنى للأجور في مايو
الخميس مايو 02, 2013 12:58 am من طرف محمد الساهر
» السجن مدى الحياة لـ"بن على" و10 لوزير داخليته
الخميس مايو 02, 2013 12:38 am من طرف سيدورف
» فتح النار على باسم يوسف لاستضافته مغنيا شاذا
الخميس مايو 02, 2013 12:32 am من طرف سيدورف
» مورينيو والريال.. قصة موت معلن؟
الخميس مايو 02, 2013 12:16 am من طرف سيدورف
» رئيس برشلونة يعترف بتفوق بايرن.. وفخور بلاعبيه
الخميس مايو 02, 2013 12:12 am من طرف سيدورف
» فساتين الزفاف
الثلاثاء أبريل 30, 2013 3:22 am من طرف عازة