المواضيع الأخيرة
إنتحـــــــــــــــــــــــــــــــار
2 مشترك
أصحاب جد كوم :: المنتديات العامة :: الثقافة :: القصة
صفحة 1 من اصل 1
إنتحـــــــــــــــــــــــــــــــار
بسم الله الرحمن الرحيم
(تقديم)
في البداية كان الأمر مجرد لعبة ابتكرناها – أنا ومجموعة من الأصدقاء- لتزجية الوقت ...، حينما كنا نضطر لدخول محاضرات لا رغبة لنا أصلاً في سماعها ، فكنا نكتب أشياء –نسميها قصصاً- من داخل قاعة المحاضرات أواخر السنة الرابعة وطوال السنة النهائية....
لكن اللعبة استهوتنا جميعاً ...فكتبنا ، وكتبنا ...، وكتبنا .، ومن كتاباتنا ما ضاع، ومنها ما أضعناه ، ومنها ما أخفيناه ، ومنها ماتركنا الأيدي تتناوله...إلا أن الأمر لم يعد كذلك حينما صرنا جميعاً-وعن إقتناع- نتعامل مع أعمالنا وبجدية ، وعن قناعة بأن مانكتبه له فحوى ومضمون ، وأنها أعمال ذات معنى ورسالة...ويجب أن يطّلع عليها الآخرون ( وحتى كتابة هذه السطور ، "الآخرون" تعني نفس المجموعة التي ابتكرت اللعبة)
إذاً – عزيزي القارئ- ..يا من يقع بين يديه هذا الدفتر ، هاهي بين يديك مجموعة قصصية لم يكن القصد من جمعها هو تقديمها لقراء بقدر ماكان بغرض حفظها من الضياع ..، وهنا لابد من صوت شكر للعزيز "محمد خيرالله" والذي أصرّ على أن أقوم بجمع هذه الأعمال في مكان واحد ، فكان له ما أراد.
ختاماً
لك – بالطبع- حق التقييم الكامل للتجربة والإجابة على السؤال: (هل ما زال الأمر مجرد لعبة !؟ أم أنه خرج لدائرة أرحب)
أنا –بالضرورة- أتمنى الثانية
هيثم
أم درمان –نوفمبر 2000م-
- فعل ماضي-
- إتفضل سيادتك..
- مليون !؟ ...مش كدة؟؟؟
- طبعاً..
وضعنا بلا اكتراث في "كيس" كان يحمله لهذا الغرض فيما يبدو..، فكنت في واجهة الكيس أو قل قمته بصفتي أحمل الرقم (JQ466301)...حاولت رؤية وجهه من موقعي على أرضية العربة الفارهة قرب أقدام زوجته ، لكن لحية كثيفة منعتني من تبين ملامح الوجه ، لكني كنت أسمع صوتهما بوضوح وهما يتحادثان:
- مليون مش كفاية لتجهيزات عيد ميلاد حمادة ؟؟
- يعني !!؟؟
- عموماً مافي مشكلة ، إذا نقصت ممكن نتصرف أو نسحب تاني.
ويبدو أن العربة توقفت..، ترى ..هل سأنزل لأرى قصراً أو ربما أكبر من ذلك – طالما أن عيد ميلاد حمادة وحده يكلف مليون جنيه- وربما رأيت حمادة نفسه....لكن مهلاً.....من الضجة التي حولي تبينت أنها إشارة مرور ، وصوت صبي صغير يطلب من صاحبي أن يشتري "جرايد اليوم" ..تناول صاحبي إحداها وهو يبحث في جيوبه عن محفظته...وهو يتمتم(الظاهر نسيتا....كالعادة) ..ثم أكمل( هدى....جيبي خمسمية جنيه من الكيس دة)..
أصابع رشيقة تناولتني..، خضاب ، عطر..، خواتم ذهبية..، كانت قد احتوتني وأنا لم أكمل وداعي بعد لبقية رفقائي.....ثم...أصابع أقل نعومة – لكنها أبداً لم تكن خشنة-تناولتني وسلمتني للصبي صاحب الصوت......ياللقذارة...أتلك أيدي ؟؟وهذه أيدي؟؟؟ ...لاحظت وأنا أتنقل بينهم أن الإشارة صارت خضراء ، واستطعت سماع بقايا حديث يدور في الفارهة: ( - شلت باقيك....؟؟؟
- هي كلها خمسمية جنيه.....)
.......وضاع باقي الحديث
- -فعل مضارع-
- تلاتة ألف
إمتقع لون صاحبي ...وكما تعلمون لا يوجد في جيبه سواي...تراجعت الكلمات في حلقه وتسارعت دموع لتحتل مكانها...لكنه كان حاسماً وهو يزجرها ويعيدها لمواقعها.
-
هذا الغبي..، كسر ظهري وهو يتحدث والإبتسامة تملأ وجهه(جديدة كرت.....نطبِّقا ونختَّها في جيب الخلف)
لأكمل يومي في "جيب الخلف" حتى عاد بي الصبي لصاحب المكتبة الذي يستخدمه وقدم له كشفاً بحساب يومه ، وكان آخر قوله(.....والباقي خمسمية جنيه....حسابي لي بوم الليلة)...وارتحلنا سوياً لنركب أحد "الدفارات" العائدة بالمنهكين الى أوكارهم في أقاصي المدينة....:
- أرح يا إنت.....وما تقول لي ماعندك
- ما عندي..
كان "الكمساري" لئيماً للدرجة التي قام فيها بتفتيش الصبي ليتأكد إنو "ماعندو" وبالطبع وجدني قابعة في "جيب الخلف" وانتزعني بوحشية وهو يقول :
- كلَّكم مستهبلين وحرامية..
ودّعت الصبي بكلمات مواساة لم يفهمها وهو أصلاً لم يسمعها لانشغاله عني ببكاء متقطع....ثم.....ياللألم...هذا الفظ يعيد مافعله بي الصبي ولكن هذه المرة بشكل طولي...ليلفني حول الأصبع الوسطى ماراً ومجموعة من رفقائي بين السبابة والوسطى ثم بين الوسطى والبنصر.
نظرت لرفقائي الجدد والذين كانت روائح القذارة تفوح منهم ، ولم يتم أي شكل للتعارف بيننا لأني أنتزعت من بينهم وقدّمني "الكمساري" لشخص جديد عرفته من مقولة الأول (أمسك يابتاع الألف جنيه) ليستقر بي المقام في جيب "بتاع الألف جنيه" وبصحبتي ورقة من الخمسة وعشرين دينار وقطعة معدنية من فئة العشرة دينارات – نسيت إخباركم أنهم ايضاً يسمونني "خمسين دينار" لكن لا أحد يناديني بهذا الإسم-.......حدّثتهما عن معاناتي التي بدأت اليوم فقط وحدثاني عن معاناة استمرت بهما لأيام وشهور بل إن القطعة المعدنية قالت لقرابة العام ...المهم ...أننا نزلنا من العربة بصحبة "بتاع الألف جنيه" وأخذنا طريقنا لمنزله...
-
قالها طفلان وهما يسرعان نحونا بعد دخولنا المنزل ، وكانت القطعة المعدنية قد فارقتنا ليتم استبدالها بقطعتي حلوى عبارة عن سكر وألوان .. ولم نتحدث اليهما لأنهما لن تفهمانا .، لكنا تبادلنا التحايا بشكل ودي...
- أمي عيانة...
قالها أحد الطفلين وكأنه يقول (أمي نايمة).....لذا لم يفهم – بالتأكيد- القلق الذي غزا وجه صاحبنا ولا اللهفة التي أسرع بها للداخل ناسياً إعطاء الطفلين الحلوى..
- مالِك؟؟؟
- مافي حاجة.....شوية مغص..
بأي حال من الأحوال لا يمكن أن يكون حجم الألم المرسوم على وجهها "شوية مغص" ، لكنه اضطر لمجاراتها وصاح بأكبر الطفلين (أمش جيب سكر من الدكان عشان نغلي لأمك دي حرجل)
ودّعتني ورقة الخمس والعشرون دينار لتساهم في تخفيف آلام هذه الأم – هل كان لزاماً أن يكون الرسم الإملائي لكلمتي "آلام" و "الأم" متشابهاً لهذه الدرجة.؟؟!!؟؟
- حليمة....قومي نمشي المركز الصحي.....قومي
عايشت معهما الآلام لحظة بلحظة....سخافة الممرض ، لا مبالاة الطبيب...فظاظة الصيدلي...أكلُّ هذا لأنه دائماً يقول (...والله معلِّم الله)!!!؟
المهم أنه لم يظفر بشئ سوى أنه توصل لمعلومة مفادها (إحتمال يكون مصران) ولم يجد علاجاً في صيدلية المركز الصحي.....خرجنا....أنا...و"بتاع الألف جنيه" وزوجته تتبعانا دعوات خفير المركز الصحي وهو يقول (والله ما قصّروا معاك ..ما دام كتبوا ليك روشتة وما شالوا منك ولا مليم)....وبالفعل اعتبرتها قمة الإنسانية منهم لأنهم لم يتحدثوا كثيراً إليه بعد أن أقسم لهم للمرة الثالثة –فقط- أنه "معلِّم الله" ...أعادها بعد ذلك للمنزل وأخذ الروشتة وذهبنا معاً نبحث عن الدواء...
-
- بيوقِّف المغص ؟؟؟
- إحتمال...
قالها الصيدلي بابتسامة صفراء
- خلاص أديني ليو...
أحسست بالحسرة وأنا أفارق جيب "بتاع الألف جنيه" دون أن أعرف ما جرى لحليمة – كانت تلك الصيدلية الخامسة التي نسمع فيها نفس الحديث-...ودّعت قطعتي الحلوى واللتين التصقتا ببعضهما بسبب دموع بكاءهما الحار لما يحدث – لا أشك في أن بني البشر سيقولون إنهما التصقتا "من السخانة"-...
انتقلت بعدها لجيب الصيدلي والذي علمت أنه غير ذلك حينما خاطبه صديق له كان يجلس الى جواره...
- والله دنيا.....عامل ليهم فيها دكتور....
- الخبرة ياإبني.....الخبرة مهمة....وأكمل: (جهّزت المواضيع)
- النار بتكون ولّعت لأنو كبِّيت ليها جاز كتير...
دخلت بصحبة ال"دكتور" الى غرفة ملحقة بالصيدلية فوجدت بها موقد تتصاعد منه ألسنة اللهب ، وعلى طاولة بقربه كيس مملوء بلحوم وخضروات ، إضافة لزجاجة بها سائل عديم اللون مغلقة باحكام.....
نسيت إخباركم أنه حين أخذني ال"دكتور" من "بتاع الألف جنيه" ووضعني في جيب القميص سأله صديقه عن ذلك فأجاب قائلاً(البنادول دة ياخوي ببيعو لحسابي الخاص)
وكما قلت لكم في بداية حديثي أني اخترت نهايتي بنفسي ، فقد تسلقت جيب ال"دكتور" حين انحنى ليأخذ " الهبّابة" من الأرض...وقفزت وسط ألسنة اللهب...حاول هو بسرعة اللحاق بي ، لكن التعرجات التي صنعها في صبي الجرايد و"الكمساري" ساعدتني للإفلات منه ، ولما حاول ذلك ثانية منعه تصاعد اللهب من الوصول الي....
وأنا ألفظ أنفاسي الأخيرة.......
سمعته يقول.....
( هي كلها خمسمية جنيه......مابتقضي ليها غرض)
(تقديم)
في البداية كان الأمر مجرد لعبة ابتكرناها – أنا ومجموعة من الأصدقاء- لتزجية الوقت ...، حينما كنا نضطر لدخول محاضرات لا رغبة لنا أصلاً في سماعها ، فكنا نكتب أشياء –نسميها قصصاً- من داخل قاعة المحاضرات أواخر السنة الرابعة وطوال السنة النهائية....
لكن اللعبة استهوتنا جميعاً ...فكتبنا ، وكتبنا ...، وكتبنا .، ومن كتاباتنا ما ضاع، ومنها ما أضعناه ، ومنها ما أخفيناه ، ومنها ماتركنا الأيدي تتناوله...إلا أن الأمر لم يعد كذلك حينما صرنا جميعاً-وعن إقتناع- نتعامل مع أعمالنا وبجدية ، وعن قناعة بأن مانكتبه له فحوى ومضمون ، وأنها أعمال ذات معنى ورسالة...ويجب أن يطّلع عليها الآخرون ( وحتى كتابة هذه السطور ، "الآخرون" تعني نفس المجموعة التي ابتكرت اللعبة)
إذاً – عزيزي القارئ- ..يا من يقع بين يديه هذا الدفتر ، هاهي بين يديك مجموعة قصصية لم يكن القصد من جمعها هو تقديمها لقراء بقدر ماكان بغرض حفظها من الضياع ..، وهنا لابد من صوت شكر للعزيز "محمد خيرالله" والذي أصرّ على أن أقوم بجمع هذه الأعمال في مكان واحد ، فكان له ما أراد.
ختاماً
لك – بالطبع- حق التقييم الكامل للتجربة والإجابة على السؤال: (هل ما زال الأمر مجرد لعبة !؟ أم أنه خرج لدائرة أرحب)
أنا –بالضرورة- أتمنى الثانية
هيثم
أم درمان –نوفمبر 2000م-
- فعل مضارع –
قلت لكم من قبل......إني لا أذكر شيئاً عن يوم ميلادي لأني لم أع ما حولي إلا وأنا داخل تلك الخزانة الضخمة ، لكني الآن وبمحض إرادتي ...قررت أن أضع حداً لحياتي مؤكدة أن (البدايات – عادة- لا تكون واضحة ...، لكن النهايات دائماً ما تأتي صارخة الوضوح)- فعل ماضي-
- إتفضل سيادتك..
- مليون !؟ ...مش كدة؟؟؟
- طبعاً..
وضعنا بلا اكتراث في "كيس" كان يحمله لهذا الغرض فيما يبدو..، فكنت في واجهة الكيس أو قل قمته بصفتي أحمل الرقم (JQ466301)...حاولت رؤية وجهه من موقعي على أرضية العربة الفارهة قرب أقدام زوجته ، لكن لحية كثيفة منعتني من تبين ملامح الوجه ، لكني كنت أسمع صوتهما بوضوح وهما يتحادثان:
- مليون مش كفاية لتجهيزات عيد ميلاد حمادة ؟؟
- يعني !!؟؟
- عموماً مافي مشكلة ، إذا نقصت ممكن نتصرف أو نسحب تاني.
ويبدو أن العربة توقفت..، ترى ..هل سأنزل لأرى قصراً أو ربما أكبر من ذلك – طالما أن عيد ميلاد حمادة وحده يكلف مليون جنيه- وربما رأيت حمادة نفسه....لكن مهلاً.....من الضجة التي حولي تبينت أنها إشارة مرور ، وصوت صبي صغير يطلب من صاحبي أن يشتري "جرايد اليوم" ..تناول صاحبي إحداها وهو يبحث في جيوبه عن محفظته...وهو يتمتم(الظاهر نسيتا....كالعادة) ..ثم أكمل( هدى....جيبي خمسمية جنيه من الكيس دة)..
أصابع رشيقة تناولتني..، خضاب ، عطر..، خواتم ذهبية..، كانت قد احتوتني وأنا لم أكمل وداعي بعد لبقية رفقائي.....ثم...أصابع أقل نعومة – لكنها أبداً لم تكن خشنة-تناولتني وسلمتني للصبي صاحب الصوت......ياللقذارة...أتلك أيدي ؟؟وهذه أيدي؟؟؟ ...لاحظت وأنا أتنقل بينهم أن الإشارة صارت خضراء ، واستطعت سماع بقايا حديث يدور في الفارهة: ( - شلت باقيك....؟؟؟
- هي كلها خمسمية جنيه.....)
.......وضاع باقي الحديث
- -فعل مضارع-
- تلاتة ألف
إمتقع لون صاحبي ...وكما تعلمون لا يوجد في جيبه سواي...تراجعت الكلمات في حلقه وتسارعت دموع لتحتل مكانها...لكنه كان حاسماً وهو يزجرها ويعيدها لمواقعها.
-
-فعل ماضي-
آآآآآآي هذا الغبي..، كسر ظهري وهو يتحدث والإبتسامة تملأ وجهه(جديدة كرت.....نطبِّقا ونختَّها في جيب الخلف)
لأكمل يومي في "جيب الخلف" حتى عاد بي الصبي لصاحب المكتبة الذي يستخدمه وقدم له كشفاً بحساب يومه ، وكان آخر قوله(.....والباقي خمسمية جنيه....حسابي لي بوم الليلة)...وارتحلنا سوياً لنركب أحد "الدفارات" العائدة بالمنهكين الى أوكارهم في أقاصي المدينة....:
- أرح يا إنت.....وما تقول لي ماعندك
- ما عندي..
كان "الكمساري" لئيماً للدرجة التي قام فيها بتفتيش الصبي ليتأكد إنو "ماعندو" وبالطبع وجدني قابعة في "جيب الخلف" وانتزعني بوحشية وهو يقول :
- كلَّكم مستهبلين وحرامية..
ودّعت الصبي بكلمات مواساة لم يفهمها وهو أصلاً لم يسمعها لانشغاله عني ببكاء متقطع....ثم.....ياللألم...هذا الفظ يعيد مافعله بي الصبي ولكن هذه المرة بشكل طولي...ليلفني حول الأصبع الوسطى ماراً ومجموعة من رفقائي بين السبابة والوسطى ثم بين الوسطى والبنصر.
نظرت لرفقائي الجدد والذين كانت روائح القذارة تفوح منهم ، ولم يتم أي شكل للتعارف بيننا لأني أنتزعت من بينهم وقدّمني "الكمساري" لشخص جديد عرفته من مقولة الأول (أمسك يابتاع الألف جنيه) ليستقر بي المقام في جيب "بتاع الألف جنيه" وبصحبتي ورقة من الخمسة وعشرين دينار وقطعة معدنية من فئة العشرة دينارات – نسيت إخباركم أنهم ايضاً يسمونني "خمسين دينار" لكن لا أحد يناديني بهذا الإسم-.......حدّثتهما عن معاناتي التي بدأت اليوم فقط وحدثاني عن معاناة استمرت بهما لأيام وشهور بل إن القطعة المعدنية قالت لقرابة العام ...المهم ...أننا نزلنا من العربة بصحبة "بتاع الألف جنيه" وأخذنا طريقنا لمنزله...
-
-فعل ماضي.....فعل مضارع-
- أبووووووووووووي جاقالها طفلان وهما يسرعان نحونا بعد دخولنا المنزل ، وكانت القطعة المعدنية قد فارقتنا ليتم استبدالها بقطعتي حلوى عبارة عن سكر وألوان .. ولم نتحدث اليهما لأنهما لن تفهمانا .، لكنا تبادلنا التحايا بشكل ودي...
- أمي عيانة...
قالها أحد الطفلين وكأنه يقول (أمي نايمة).....لذا لم يفهم – بالتأكيد- القلق الذي غزا وجه صاحبنا ولا اللهفة التي أسرع بها للداخل ناسياً إعطاء الطفلين الحلوى..
- مالِك؟؟؟
- مافي حاجة.....شوية مغص..
بأي حال من الأحوال لا يمكن أن يكون حجم الألم المرسوم على وجهها "شوية مغص" ، لكنه اضطر لمجاراتها وصاح بأكبر الطفلين (أمش جيب سكر من الدكان عشان نغلي لأمك دي حرجل)
ودّعتني ورقة الخمس والعشرون دينار لتساهم في تخفيف آلام هذه الأم – هل كان لزاماً أن يكون الرسم الإملائي لكلمتي "آلام" و "الأم" متشابهاً لهذه الدرجة.؟؟!!؟؟
- حليمة....قومي نمشي المركز الصحي.....قومي
عايشت معهما الآلام لحظة بلحظة....سخافة الممرض ، لا مبالاة الطبيب...فظاظة الصيدلي...أكلُّ هذا لأنه دائماً يقول (...والله معلِّم الله)!!!؟
المهم أنه لم يظفر بشئ سوى أنه توصل لمعلومة مفادها (إحتمال يكون مصران) ولم يجد علاجاً في صيدلية المركز الصحي.....خرجنا....أنا...و"بتاع الألف جنيه" وزوجته تتبعانا دعوات خفير المركز الصحي وهو يقول (والله ما قصّروا معاك ..ما دام كتبوا ليك روشتة وما شالوا منك ولا مليم)....وبالفعل اعتبرتها قمة الإنسانية منهم لأنهم لم يتحدثوا كثيراً إليه بعد أن أقسم لهم للمرة الثالثة –فقط- أنه "معلِّم الله" ...أعادها بعد ذلك للمنزل وأخذ الروشتة وذهبنا معاً نبحث عن الدواء...
-
-فعل ........مشين-
- والله ياخوي ..خمسمية جنيه دى ما بتجيب ليك غير "بنادول"- بيوقِّف المغص ؟؟؟
- إحتمال...
قالها الصيدلي بابتسامة صفراء
- خلاص أديني ليو...
أحسست بالحسرة وأنا أفارق جيب "بتاع الألف جنيه" دون أن أعرف ما جرى لحليمة – كانت تلك الصيدلية الخامسة التي نسمع فيها نفس الحديث-...ودّعت قطعتي الحلوى واللتين التصقتا ببعضهما بسبب دموع بكاءهما الحار لما يحدث – لا أشك في أن بني البشر سيقولون إنهما التصقتا "من السخانة"-...
انتقلت بعدها لجيب الصيدلي والذي علمت أنه غير ذلك حينما خاطبه صديق له كان يجلس الى جواره...
- والله دنيا.....عامل ليهم فيها دكتور....
- الخبرة ياإبني.....الخبرة مهمة....وأكمل: (جهّزت المواضيع)
- النار بتكون ولّعت لأنو كبِّيت ليها جاز كتير...
دخلت بصحبة ال"دكتور" الى غرفة ملحقة بالصيدلية فوجدت بها موقد تتصاعد منه ألسنة اللهب ، وعلى طاولة بقربه كيس مملوء بلحوم وخضروات ، إضافة لزجاجة بها سائل عديم اللون مغلقة باحكام.....
نسيت إخباركم أنه حين أخذني ال"دكتور" من "بتاع الألف جنيه" ووضعني في جيب القميص سأله صديقه عن ذلك فأجاب قائلاً(البنادول دة ياخوي ببيعو لحسابي الخاص)
وكما قلت لكم في بداية حديثي أني اخترت نهايتي بنفسي ، فقد تسلقت جيب ال"دكتور" حين انحنى ليأخذ " الهبّابة" من الأرض...وقفزت وسط ألسنة اللهب...حاول هو بسرعة اللحاق بي ، لكن التعرجات التي صنعها في صبي الجرايد و"الكمساري" ساعدتني للإفلات منه ، ولما حاول ذلك ثانية منعه تصاعد اللهب من الوصول الي....
وأنا ألفظ أنفاسي الأخيرة.......
سمعته يقول.....
( هي كلها خمسمية جنيه......مابتقضي ليها غرض)
ميرغني ابراهيم- المشرف العام
- عدد الرسائل : 4016
العمر : 63
الموقع : السعودية
المهنة : طبيب
الهواية : كرة القدم
تاريخ التسجيل : 04/11/2007
رد: إنتحـــــــــــــــــــــــــــــــار
أول مرة أشوف البوست دة والله
شكراً على التوثيق سعادتك(حلوة التوثيق دي والله)
ونشوف راي المارين
شكراً على التوثيق سعادتك(حلوة التوثيق دي والله)
ونشوف راي المارين
هيثم على الشفيع- مشرف
- عدد الرسائل : 1910
العمر : 52
الموقع : ام درمان-الثورة
تاريخ التسجيل : 23/11/2007
رد: إنتحـــــــــــــــــــــــــــــــار
الأخ / هيثم عذرا إن لم أستأذنك .... ولكني أحببت الخيال فيها فنقلتها بضبانتها دون مساس ... وقطعا إعجابي ضمنا في النقل دون تفاصيل ... لك ودي.
ميرغني ابراهيم- المشرف العام
- عدد الرسائل : 4016
العمر : 63
الموقع : السعودية
المهنة : طبيب
الهواية : كرة القدم
تاريخ التسجيل : 04/11/2007
رد: إنتحـــــــــــــــــــــــــــــــار
ميرغني ابراهيم كتب:الأخ / هيثم عذرا إن لم أستأذنك .... ولكني أحببت الخيال فيها فنقلتها بضبانتها دون مساس ... وقطعا إعجابي ضمنا في النقل دون تفاصيل ... لك ودي.
وهل يستأذن صاحب حق في التصرف في حقه؟؟؟؟
شكراً -فقط- على الإعجاب ولك مطلق الحرية في أي نص تراه يستحق النشر أو حتى التلحين
هيثم على الشفيع- مشرف
- عدد الرسائل : 1910
العمر : 52
الموقع : ام درمان-الثورة
تاريخ التسجيل : 23/11/2007
أصحاب جد كوم :: المنتديات العامة :: الثقافة :: القصة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد فبراير 01, 2015 9:13 am من طرف عواد عمر
» الفنان رمضان حسن
الأحد مارس 09, 2014 11:33 am من طرف عواد عمر
» مذكرات بيل كلينتون
الخميس أكتوبر 17, 2013 9:42 pm من طرف الميزر
» صور اعجبتني
السبت يونيو 15, 2013 6:10 am من طرف فاطمة
» نكات اسحابي
الإثنين يونيو 03, 2013 1:34 am من طرف محمد الساهر
» أخطر 3 شهادات عن هروب مرسى من السجن
الخميس مايو 30, 2013 10:42 pm من طرف عازة
» من روائع الشاعر جمال بخيت
الخميس مايو 30, 2013 10:18 pm من طرف عازة
» إطلاق نــار على الفريق "سـامي عنان
الخميس مايو 02, 2013 9:00 am من طرف محمد الساهر
» عاجل..أبو تريكة فى العناية المركزة
الخميس مايو 02, 2013 8:33 am من طرف محمد الساهر
» وقفة مع البافاري : مشروع أفضل فريق يقطع الكرات
الخميس مايو 02, 2013 8:21 am من طرف محمد الساهر
» 10 أطعمة تعرضك للإصابة بمرض السرطان
الخميس مايو 02, 2013 5:18 am من طرف محمد الساهر
» أسهل وأحدث 10 طرق لإنقاص وزنك في أقل من 10 دقائق
الخميس مايو 02, 2013 1:39 am من طرف عازة
» القدرات النفسيه
الخميس مايو 02, 2013 1:11 am من طرف محمد الساهر
» تنمية قدرات العقل
الخميس مايو 02, 2013 1:08 am من طرف محمد الساهر
» مصر: تطبيق الحد الأقصى والأدنى للأجور في مايو
الخميس مايو 02, 2013 12:58 am من طرف محمد الساهر
» السجن مدى الحياة لـ"بن على" و10 لوزير داخليته
الخميس مايو 02, 2013 12:38 am من طرف سيدورف
» فتح النار على باسم يوسف لاستضافته مغنيا شاذا
الخميس مايو 02, 2013 12:32 am من طرف سيدورف
» مورينيو والريال.. قصة موت معلن؟
الخميس مايو 02, 2013 12:16 am من طرف سيدورف
» رئيس برشلونة يعترف بتفوق بايرن.. وفخور بلاعبيه
الخميس مايو 02, 2013 12:12 am من طرف سيدورف
» فساتين الزفاف
الثلاثاء أبريل 30, 2013 3:22 am من طرف عازة