(11) مليون سوداني يتعاطون السجائر والتمباك..

منقوول
منال حسين : الراي العام
أرقام واحصاءات ومعلومات مزعجة تحصلت عليها (الرأي العام) عن التدخين والمدخنين بالسودان.. الارقام تشير الى وجود (11) مليون سوداني (الآن) يتعاطون السجائر والتمباك.. (18.5%) من اطفال العاصمة يدخنون السجائر والشيشة ويتعاطون التمباك منهم (2.6%) إناث اعمارهن في حدود (13-15) سنة، (24%) من (300) طبيب وطبيبة بولاية الخرطوم يستعملون التمباك، و(59%) من الاطباء الذكور يدخنون السجائر والشيشة ، و(7%) من العينة طبيبات اناث يدخن السجائر.. (4) ملايين كيلو جرام تبغ تدخل البلاد كل عام.. التحقيق التالي يحمل بين سطوره المزيد .. بجانب الآليات الخاصة بقرار منع التبغ داخل المؤسسات الصحية.-

لماذا نتعاطى؟!
الأقاويل التي سمعناها من المتعاطين للتبغ بكل أنواعه تشير الى التباين الواضح في سلوكهم فتجد من يدخن سيجارة واحدة يومياً أو من يدخن (40) سيجارة في اليوم، وهنالك من يفضل التمباك «الصعوط» او الشيشة ولكنك لا تجد اجابة شافية عن لماذا يتعاطى التبغ؟! كثيرون من الذين استطلعتهم يحاولون الاقلاع عنه وفي المقابل يعللون بعلل واهية فيعتقد بعضهم بأن التبغ يساعد في عملية الابداع والابتكار مع علمه بأنه من اخطر المهددات لصحة البشرية بينما أحد المدخنين بشراهة (40) سيجارة في اليوم يرى بأنه يدخن من أجل الاحساس (بالمتعة) فقط فمن المخاطر الناجمة في كل ( ثواني يموت شخص بسبب مضاعفات التدخين، وينجر شخص آخر بنفس السرعة في ممارسته ونجد حوالي (5) ملايين شخص يموتون سنوياً في العالم جراء مضاعفات التدخين ويتوقع زيادة هذا العدد الى (10) ملايين ما بين الاعوام (2020- 2030) والتبغ يشتمل على (4000) مركب كيميائي كلها ضارة جداً بالصحة منها (43) مركباً كيميائياً تسبب السرطان. ويدخن العالم حوالي ستة بلايين سيجارة سنوياً ونجد أن (60%) منها تدخن في الدول النامية ويموت حوالي (13.699) شخصاً مدخناً بسبب التبغ او الاسباب المتعلقة به ومات بسبب التدخين وحده ما لا يقل عن (70) مليون شخص ما بين عامي «1950- 2000» ويتوقع إرتفاعه الى أكثر من «450» مليوناً في الخمسين عاماً القادمة، أكثر من «80%» من الوفيات بسبب التبغ سيكون في الدول النامية حسب ما ورد من منظمة الصحة العالمية.
ورغم التوقيع والمصادقة من حكومة السودان على الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ فما زالت البلاد تعاني من زيادة عدد المدخنين بسبب الإغراءات برخص ثمن السلعة بالنسبة للأحداث كما هو واضح في زيادة عدد المدخنين ما بين العام 2001 والعام 2005م، في الفترة التي اجرى فيها المسح العالمي وسط الشباب فوجدت الدراسة ان نسبة الاطفال بولاية الخرطوم في الاعمار ما بين «13- 15» سنة الذين يستعملون منتجات التبغ من سجاير وتمباك وشيشة تبلغ «81.5%» وهذه الزيادة ليست وقفاً على الذكور فقط بل امتدت يدها الى الإناث بنسبة «6.2%».
كما اجريت دراسة وسط «300» طبيب وطبيبة بولاية الخرطوم في العام 2006م من أطباء امتياز ونواب وأطباء عموميين واختصاصيين فيمثل الأطباء الذكور نسبة «66.7%» منهم وتمثل الاناث نسبة «33.3%»، «53%» منهم في الفئة العمرية ما بين «29- 34» عاماً، واوضحت الدراسة ان معدل التدخين وسط افراد العينة «95%» من الاطباء الذكور و«7%» من الطبيبات ولا يزال «15%» من الاطباء يدخنون بصورة مستمرة حالياً «65%» منهم يدخنون في اماكن عملهم، ووجدت ان «77%» من الاطباء الذكور يتعاطى انواعاً أخرى من التبغ «الشيشة والكدوس» «6%» منهم طبيبات. اما عن التمباك فهناك حوالي «42%» يتعاطون التمباك حالياً كلهم من الاطباء الذكور، وأكد اكثر من «98%» من الاطباء موضوع الدراسة على أهمية تدريب الأطباء على وسائل وتقنيات الاقلاع لمن يتعاطى التبغ، كما اكد «57%» منهم على أهمية الإرشاد النفسي ومساعدتهم على الإقلاع.

هاجس كبير
ومن الملاحظ ان منتج السجائر المحلي في السودان أصبح أحد السلع السبع الخاضعة لضريبة الانتاج، وهو الأكثر دخلاً ويأتي في أعلى القائمة.. ففي العام 2005م مثل التبغ المحلي نسبة تحصيل بلغت «111%» من الأهمية النسبية من حيث المساهمة النسبية في ايرادات رسوم الانتاج أو ضريبة الانتاج بزيادة «83.8%» عن العام 2001م و«17.2%» بزيادة «8%» عن 2004م. وفي العام 2005م وحدها دخلت البلاد ما لا يقل عن «920.312.4» كيلو جراماً من التبغ المستورد بأنواعه المختلفة «سجائر وخام وسجائر ومعسل»، ضعف الكمية التي دخلت البلاد في العام 2003م، وهي «317.263.2» كيلو جراماً هذا غير التمباك الذي يزرع محلياً وتستهلك منه ملايين الكيلوجرامات سنوياً. وكما هو واضح من الأرقام المذكورة بأن نسبة الاستيراد والانتاج المحلي في تزايد كبير وذلك يعكس نسبة الاستهلاك في السودان وزيادة عدد المدخنين ورغم إجراء عدد من المسوحات والبحوث ورغم الجهود المبذولة من الجهات الحكومية ممثلة في وزارة الصحة والمجهودات الشعبية وبعض الجمعيات والمنظمات إلا ان مشكلة التبغ مازالت تمثل هاجساً كبيراً للمختصين عزتها الى فرض شركات التبغ نفسها في الاسواق متصدرة قائمة السلع الأكثر انتاجاً على المستوى المحلي كما هو موضح اعلاه نتيجة الإغراءات التي تفرضها بهدوء ولكن يجد صداها دوياً وسط الشباب وذلك بسبب انخفاض سعرها وامكانية بيع القطعة الواحدة من السجائر وزراعتها في السودان «التمباك» واستفادة الحكومة من عائدات الضرائب، هذا وبجانب الحظر الاعلامي في الاذاعة والتلفزيون والصحف إلا ان هنالك بعض الإعلانات الجاذبة في الاكشاك الصغيرة «ملك الكيف»، «سف وقارن»، والباعة الصغار على الأرصفة في الشوارع دون رقابة وصغر العبارة المخصصة للتحذير من استعمال السجائر وهي مكتوبة بنفس اللون حتى لا يكون واضحاً، وبجانب العلبة ولا يشمل «30%» من حجم العلبة كما نص عليه قانون مكافحة التبغ المعدل لعام 2005م. الفصل الثاني الرقم «4» البند الثاني، واشارة خفية بسلطة وزارة الصحة وكأن الأمر مفروض وليس صحيحاً «تحذير وزارة الصحة» بالاضافة الى دعم مصانع السجائر لبعض الدورات الرياضية خلال العام ووجود اماكن للبيع قرب المؤسسات الصحية والمدارس والجامعات وقلة الوعي بمدى اخطاره واضراره وعدم وجود تنويه بخطورة تعاطي التمباك من الوزارة على اكياسه أو في اماكن البيع وقلة الدعم المادي لأنشطة المكافحة.

مخاطر التبغ
الجميع يعلم بمضار التبغ فهو من أهم مسببات الأمراض المزمنة «غير السارية» مثل السكري وارتفاع ضغط الدم وامراض القلب وتصلب الشرايين والسرطانات وهو يؤثر على جميع أجهزة الجسم والمظهر العام «الرأس، الصلع، وضعف الشعر»، الوجه «التجاعد، والشيخوخة المبكرة»، بجانب الأضرار الأخرى إقتصادياً تعاطي «40» سيجارة يومياً تكلف حوالي «4» آلاف جنيه سنوياً، وبيئياً تلوث الهواء الداخلي للمنازل والحرائق وازدياد الفضلات السامة التي توثر على البيئة والتأثير في التحصيل الدراسي والاوساخ «فضلات التمباك اينما حللت وكذلك اعقاب السجائر».
كذلك تعرض الشخص غير المدخن لدخان التبغ من شخص مدخن حيث ان المدخن يأخذ «15%» من السجائر و«يطلق «85%» من الدخان يستنشقها المحيطون به ويتضرر غير المدخن أكثر في استنشاقه للامونيا «10» مرات أكثر من المدخن و«6» مرات نكوتين، و«5» مرات أول اكسيد الكربون، «4» مرات قطران وبذلك تزداد اصابته بالسرطان «40» مرة أكثر من المدخن، وكل ذلك عند تعرضه للدخان في متر مكعب، كما ان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «من يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره».

القانون وحده لا يكفي
بالرغم من حظر التبغ في بعض الأماكن العامة كالمطار والمدارس ثم أخيراً في المؤسسات الصحية بولاية الخرطوم، إلاَّ ان الدكتور كمال الدين حمد محمد البروفيسور المشارك في كلية الطب جامعة الخرطوم ومستشفى الذرة يذهب الى ان القانون وحده لا يكافح التبغ، ويقول الاساس التوعية بمخاطر التبغ ليعرف المواطن حقوقه، لان التدخين السلبي نفسه يؤدي لسرطان الرئة لذا عندما يزيد الوعي لدى المواطن ويعرف حقه بالتالي يطالب المدخن مثلاً في المواصلات العامة أو مكاتب الدولة بعدم التدخين، وبعد وجود الوعي لدى المواطن فذلك يمكنه من معرفة حقوقه والمحافظة على صحته، كذلك السودان وافق على الاتفاقية الاطارية لمكافحة التبغ ووقع عليها وهي تلزم الدولة بعدم الإعلان عنه في أية وسيلة من الوسائل وتمنع التدخين في الاماكن المغلقة وتلزم شركات التبغ بكتابة تحذير واضح على علب السجائر حجمه على الاقل «ثلث» المساحة عن مخاطر التبغ الصحية.
وذكر الدكتور ان التدخين يسبب أكثر من «41» نوعاً من السرطانات «33%» من السرطانات سببها التبغ، «90%» من سرطان الرئة يتسبب فيه التبغ، وفي السودان «3- 5» ملايين مدخن وحوالي «5- 6» ملايين يتعاطي التمباك. والتمباك يسبب «28%» من سرطانات الفم في السودان.
وأشار الى وجود العديد من الآليات للمكافحة من أهمها التوعية وتفعيل القوانين وزيادة الضرائب على التبغ لتقليل استعماله ومنع الإعلان عن التبغ في كل شوارع الخرطوم، «هنالك لافتات للعماري والتمباك» بالاضافة الى منع التدخن في المناطق المغلقة كالمكاتب والمواصلات العامة والتوعية بالمدارس مع عدم بيع التبغ بأنواعه بالقرب من المدارس وعدم بيع التبغ لمن هم اقل من عمر «81» سنة بالقانون، بجانب ان تكون هنالك قدوة «الاطباء، المعلمين، أهل الرأي والدين».