الشعب يريد إسقاط الأوهام

الشعب يريد إسقاط الأوهام
وجدتني فجأة مصنقرا في وسط السرير أمسح بقايا النوم والهلع عن نفسي ... ثم مدعيا البراءة والسذاجة وأنا أنظر لبتول" زوجتي" وعينيها التي تقدح شررا وفمها المملوء عن آخره زبدا جفاء.....
: بسم الله الرحمن الرحيم بصوت عال.... ثم " بالله دي خلقه الزول يقابلها وهو صاحي من النوم .... صمتَ وفطرت على ّ بصلة يا ود ست البنات!! "
: يعني يا كريم " هكذا كانت تناديني إختصارا وتدليلا وربما جزء من البرستيدج الذي تصنعه نساء هذا الزمن .. بدلا عن الإسم الذي إختاره الحاج عبد القادر حين إستقبل القبلة مبسملا وهو يعمل سكينه في عنق الخروف مرددا إسم عبد الكريم ثلاث مرات".... يعني يا كريم خلاص خليت المشروع الحضاري ... وبقيت تهتف حتى وأنت نائم : الشعب يريد إسقاط النظام!!!!
لا بد لي أن أدعي الذهول والغباء حتى أجد وقتا للرد...
:دي زنقة شنو دي؟؟ هكذا حدثت نفسي وأنا أتذكر جيدا تفاصيل الحلم وياله من حلم ....أرتال من البشر زرافات ووحدانا يتقاطرون إلى الساحة الخالية " أو التي كانت خالية" بين المستشفي والمدارس الثانوية العامة ... ومن جنينة الحكومة حتى أطراف السوق الذي كانت حدوده الغربية الإكشاك... ملأ عظيم من كل صوب ... شماشة ,طلبة من الشعبية والحكومية والصناعية ومعهد التربية وكل الثانويات العامة .. عربجية وعمال السكة حديد وحتى عمال الأفران كلهم جاءوا يهتفون... الشعب يريد إسقاط النظام... وغير بعيد منهم أفراد الشرطة بهراواتهم وقبعاتهم الحديدية مرابطين في الإنتظار....كنت في أوائل الصفوف أردد : الشعب يريد إسقاط النظام ...وأن الشعب الذي هو أنا يسقط بتول ويعيش حرا.
فكرت أن أقول لها أن مسرح الحلم والأبطال والكومبارس لا يعني أن هذه مظاهرة الآن .. بل هذا تجمع لمظاهرات من الذاكرة فالمكان ليس خاليا كما كان ولا يتسع لكل هذه الجموع ... كما أن الثانوي العام والشعبية والحكومية ومعهد التربية الآن في طي النسيان .. وكذلك العربجية الذين حل محلهم سائقي الركشات بقصات شعورهم المختلفة وأقمصتهم المزركشة.... لا ..لا هذه ليست مظاهرة حديثة !! ولكن أمسكت.. كيف تكون قديمة والهتاف كان: الشعب يريد إسقاط النظام ... هذا شعار جديد لنج لن يمر على فطنة بتول البوليسية,,,
: يحلها الشبكها ... حدثت نفسي أنا أحاول أن أشتري ولو دقائق للرد الذي يتسرب إن شاء الله بين زوايا شكها وظنونها الدائمة.... منذ اللحظة التي رأيتها فيها وهي تخطو في ساحة المجلس .حاملة تصديق لجوال سكر ..أو كوتة بنزين.. أو شيك قابل للصرف لشخصها كممثلة لقيادة الدفاع الشعبي بالمحلية ... كنت أعمل وقتها بأحد مكاتب المحافظة وقد سرق مني الزمن عمرا ليس بالقصير..كل العلامات فيه باهتة ما عدا اللحظات القليلة أمام الصراف نهاية كل شهر...فاتتني كل القطارات بما فيها قطار الزواج .....حدثت نفسي لما لا....!! وقد كان .. تركت للحية الصغيرة العنان..داومت وبإنتظام على صلاة الظهر بالمصلى والبقاء هناك حتى خروج آخر مصلي...ثم التظاهر بكف النظر عن النساء ... وأهمه ترديد "جزاك الله خيرا" بسبب وبغيره ....حتى إستوى الأمر وصرت أنا من يكفيها مؤنة ملاحقة التصاديق التي تكفل لنا عيشا غير كريم......
:قول إي حاجة عشان لحدي ما تلقى حل.!!
:إستغفرالله.... الساعة كم .. قلت هذا وأنا أعلم أنها الثالثة صباحا.
:الله ينعل أب كباس ...قلتي لي كنت بقول في شنو؟؟
: يعني ما عارف؟؟
إنت بترفع في يدينك وأنت نائم وترفس : الشعب يريد إسقاط النظام.
: لا يا أخي ما ممكن !! بيكون حاجة تانية .

" حيرتني هذه المرأة !! هي تدري جيدا بأن ما نحن فيه ..هل هي حقيقة تؤمن بأن كل ما نفعله وفعلناه خالص لله!! أمثالها كثيرون عاشوا أدوارهم جيدا وإنغمسوا فيها ... وتلبستهم الشخصيات حتى صدقوها...عن أي مشروع حضاري تتحدث!!
أين وأين وأين .....حاولت كل المداخل كي أعيش معها وأوراق اللعب مكشوفة .. ولكن كم من مرة إحجمت ؟؟
هل غيب وعيها لهذه الدرجة؟؟
كنت أريد أن أعيش على الأقل داخل البيت والأوراق مكشوفة ؟
:دي فرصة أقول ليها وأفتو كله وأرتاح!!
ولكن لساني سبقني
: ممكن تكوني بتهلوسي إنت ساكت؟
: مالي !! قالوا ليك مجنونة ولا مجنونة؟؟
: لا أنا أقصد إنك ما سمعت الكلام كويس!!
" مافي حل!!
ياربي أقول ليها..أنا كنت أقول : الشعب يريد أفراح وعصام .... يعني شباب عايزين غنى بس وأهو أفراح وعصام طالعين في الكفر.....
لا يا أخوي دي ما بتمشي عليها شوف غيرها!
طيب الشعب يريد أفراح بت عصام...برضه ما محبوكة.
الشعب يريد جداد وحمام .... برضه حتجيب لينا هوا وتقوم تقول لي يعني الشعب جيعان ونخش في سين وجيم... ما راكبة!!
باغتني صوتها : عموما أنا من فترة لاحظت إنه حماسك ما زي أول.
قالت هذا وهي تهم بإنهاء الإستجواب.
"ألحق رقبتك يا أخوي .. النهاية دي ما في صالحك"
: أسمعي يا ست ... أنا إتذكرت ...الواحد أي حلم لازم يتذكره تاخ تراخ كده!!
:تعرفي ياست إنت ذاتك كنت معاي في المظاهرة دي !!
:أنا؟
: آآي إنت ومعاك شلة من الأخوات ...أشوف ليك أنتو شايلين يافطة مكتوب فيها شنو ما عارف .. ونحن والأخوان كلنا متشابكين بي يديننا وماشين علي ميدان الحرية ..... ونهتف : الشعب يريد إسقاط الأوهام ... تعرفي الأوهام ديل منو؟؟
ديل ناس المعارضة والمتربصين بالوطن.
:إن شاء الله خير وزين ....الحمد لله ... ما تتخيل إنت قطعت قلبي كيف!!
قالت هذا وهي تسحب غطاء الفراش مضطجعة على جنبها الأيمن... ثم محركة شفتيها بدعاء صعب على حفظه.
مسحت حبيبات العرق التي عادة ما ترافق مثل هذا الإلهام....

تمثلت بها وأنا أرقد على جنبي الأيمن محدثا نفسي
:زرة كلب في طاحونة..... أنا الوداني أقلب في القنوات الإخبارية شنو؟؟