مواضيع مماثلة
المواضيع الأخيرة
مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
4 مشترك
أصحاب جد كوم :: المنتديات العامة :: الثقافة :: القصة
صفحة 1 من اصل 1
مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
[من قصص ألف ليله وليله
حكاية (الفكى ابكر) والوالى (بسمتيار)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه صلاة وسلاماً دائمين إلى يوم الدين.
وبعد، فإن سير الأولين صارت عبرة للآخرين لكي يرى الإنسان العبر التي حصلت لغيره فيعتبر ويطالع حديث الأمم السالفة وما جرى لهم فينزجر. فسبحان من جعل حديث الأولين عبرة لقوم آخرين فمن تلك العبروالحكايات والأمثال التي تسمى ألف ليلة وليلة وما فيها من الغرائب والخيال أخترت لكم – اعزائى القراء- هذه الحكاية !!
فى الليلة (الواحده والخمسون بعد السنة الثامنة عشر) قالت (شهرزاد) مخاطبة (الملك شهريار) وهى تبدا بقص حكاية جديده :
بلغنى أيها الملك السعيد أنه كان فيما مضى من قديم الزمان وسالف العصر والأوان فى أحدى ممالك (ساسان) بجزائر الهند و(خراسان) وال يدعى (بسمتيار) يتولى أمر المدينه (الكبيرة ) رغماً عن مشاغله الخاصة (الكثيرة) وفى ذات ليلة إنهمرت الأمطار على ولايته (إنهمارا) وسال الماء عليها (مدرارا) فإنهارت منازل (الرعية) وخلفت وراءها الخراب و( الأذية) فماتت لديهم كل (البهائم) وإلى جانبهم صار العفش (عائم) ولم يكن لديهم أنذاك إلا إفتراش الأرض وإلتحاف السماء حتى تنجلى (الغمة) ويلجاون لراعى (الامة) ليمدهم بإغاثة (قوية) تعينهم على ما تعرضو له من (أذيه) فقرروا تكوين وفد من القوم (الخيار) لمقابلة الوالى (بسمتيار) وإختارو لرئاسة الوفد المواطن (أبكر) بحسبانه راجل (ضكر) وهو فوق ذلك فكى (مشهور) يقف المرضى لمقابلته (طابور) وقد إشتهر بعلاج الأمراض و(الأسقام) مستعينا بما لديه من (خدام)
إتجه الوفد إلى قصر الوالى (بسمتيار) ولم يكن لديهم فى مقابلة حراس الأمن أى (خيار) فلما علم الحراس أن الوفد قادم يطلب المساعدة و(التعويض) أخرجو لهم السيوف (البيض) وطلبوا منهم الرجوع فى (الحال) حتى لا يتعرضوا لسؤ (المآل) إلا أن أفراد الوفد رفضو الخروج وأخذو يزمجرون (غاضبين) وبوعيد الحراس غير (آبهين) ، ولم تمض غير (دقائق) إذا بموكب الوالى (الرائق) يمر داخلا من أمام باب القصر (كالإعصار) إذ كان عائداً من رحلة (إستثمار) فإنتبه الوالى إلى (الجلبه) والأصوات وقام بسؤال رئيس الحراس :
- من يكون هؤلاء؟
- أنهم يا مولاى مواطنى الحاره 96 جاءوا يشتكون
- ومم ماذا (يشتكون) وهم فى ظل إنجازاتنا (ينعمون)؟ – مواصلا – أحضر لى رئيسهم بعد أن (أروق شويه) يعنى (بعدين) عشان نشوفهم ايه (عاوزين) ؟
وبعد أن أذنت الشمس (بالأفول) أشار رئيس الحرس (للفكى ابكر) (بالدخول) لمقابلة الوالى (بسمتيار) وتقديم شكواه ... جلس (الفكى ابكر) فى (الديوان) وهو يجيل بصره فى كافة (الأركان) ينظر ينظر فى (إندهاش) إلى فاخر النجف والسجاد والأثاث فى جو من (الدعاش) ولم تمر دقائق (قليلة) حتى حضر إليه الوالى (بسمتيار) يرتدى حلة (جميله) :
- شنو يا (شباب) عاملين لينا (غلبه) ودوشه فى (الباب) ؟
- والله يا سيدى الوالى (الهمام) لقد كثر علينا البلاء وإشتدت (الاسقام) بعد أن أحالت السيول والأمطار بيوتنا إلى ركام و(حطام) وهسه كلنا قاعدين فى (السهلة) وجعانين لا نملك (بصلة)!!
- (وهو يبتسم) : وماذا تريدوننا أن نفعل لكم وأنتم تشيدون منازلكم بأرخص المواد ولا تستخدمون الأسمنتى و(الطوب) حتى إذا ما جاءت الأمطار وشالت بيوتكم قلتو (الرووووب)
- وكيف لنا يا سيدى الوالى الهمام أن لا نبنى منازلنا بالطين و(البروش) وأنتم تكاوشون على كل (القروش) ؟
- (والإبتسامة لا تفارقه) : كمان جابت ليها إتهام ؟ أنا عارفكم ناس (لئام) أذهبو فلن نعطيكم (تعويض) والما عاجبو يضرب راسو (بالحيط) !!
(ثم وهو ينده على الحرس وهو مبتسم ) : خذو هذا الشخص (العبيط) وأرموهو من فوق (الحيط) !!
عاد الموكب (الحزين) إلى الحارة (سته وتسعين) وهو مغبون حاسر (الرأس) لما أصابهم من (ياس) فصمم (الفكى أبكر) على تلقين الوالى بسمتيار درساً لا (ينساه) جزاءاً لما فعلت (يداه) فهو لم يحسن (إستقبالهم) ولم يسأل عن (ديارهم) وقد قابل مصيبتهم (بالإبتسام) ولم يكتف بذلك بل وصفهم (باللئام) وقال لهم بالحرف الواحد ما بنديكم (تعويض) والما عاجبو يضرب راسو (بالحيط) فأنتم لم تقوموا ببناء بيوت (أسمنتيه) تقاوم الظروف(الجويه) بل قمتم ببناء منازلكم (بالجالوص) وعرشتوها بالشجر و(البوص) . جلس الفكى ابكر فى (خلوته) بعد أن أحضر (فروته) وقام بإطلاق (البخور) وهو حانق على ما اصابه من (جور) وما لبث ان قام بإستحضار (الخدام) الذين حضرو فى نشاط و(همة) يسألونه عما يريده من (مهمة) فأخبرهم ما جرى لهم من قبل الوالى (بسمتيار) وأنه لم يترك لهم أى (خيار) فقال كبير (الخدام) :
ماذا تريد من أن نفعل به؟ أتريدنا أن نحرق له مشاريعو و(شركاتو) وإلا نلحقو ليك (الفاتو)؟
- أجابهم (الفكى ابكر) : لا .. لا أنا لا أريد (أذاهو) لكن أريد ان أعطيهو درساً لا (ينساهو)
- وما هو ذلك الدرس (الخطر) يا فكى (أبكر) ؟
- أريدكم أن تستبدلو تلك (الإبتسامة) بتقطيبه وجه وتكشيرة تصير له (علامة)
- نعاهدك أننا سنجعل لك وجهه عبوس مدى (الحياة) وسوف ننفذ لك طلبك من الألف (للياء)
وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح.
الليلة الثانية والخمسون بعد السنة الثامنة عشر :
قالت شهرزاد :
بلغني أيها الملك السعيد أن الوالى (بسمتيار) قد إستيقظ فى ذلك اليوم (كعادتة) وقام بشراب (قهوته) وهو لا يدرى أن تلك (الإبتسامه) التى كانت له (علامه) قد فارقت وجهه وحلت بدلا عنها (تكشيرة) وكمان معاها (لئامة) !!
وما لبث أن أصيب (بالإكتئاب) وتخلى عن الناس و(الصحاب) وسرعان ما عرف جميع من فى (المدينه) ما حل بالوالى (بسمتيار) من عزلة و(سكينة) وأن جميع الاطباء قد عجزو من إعادة (إبتسامته) والتى كانت جزءاً من (وسامته) وما أن سمع الملك لما صار إليه حال واليه من حزن و(أكتئاب) حتى طلب من حاجبه يكتب له (جواب) يسير به فى كافة القرى و(الحضر) ولا يحفل برياح أو (مطر) يصيح فى الناس قائلا :
- من يستطيع أن يعيد للوالى (بسمتيار) إبتسامته (الزمان) سوف يمنحه الملك قنطار من اللؤلؤ و(المرجان) ومن يفشل فى (العلاج) سوف نقطع له رأسه (بالمزلاج) !
بلغ النبأ (سكينة ) زوجة (بهلوان المدينة) فقالت له وهى فى المطبخ تعد فى (السخينه) :
- هسع بدل ما إنت قاعد تاكل ليا فى (التبش والخيار) مش حقو تمشى تجرب مع الوالى (بسمتيار) تعمل ليهو حركة (حركتين) عشان نحنا قرفنا ما السلف والأكل البى (الدين) :
- إنتى يا وليه (ساهية) ولا عاوزة تودينى فى ستين (داهية) هسع لو إكتئابو ده من النوع المزمن (العجيب) وقام أبى لى حركاتى (يستجيب) ما خلاص تانى ما ح أشوف (بيتى) وح يقومو يطلعو (زيتى) !!
تحت إلحاح ونقت زوجته (النقناقه) قام البهلوان بتقديم طلبه حتى يخرج من العوز و(الفاقه) وكان أول شخص يحاول إعادة البسمة للوالى (بسمتيار) ولا يخاف من السيف (البتار) آملاً فى أن يفوز بالجائزة فيبنى له بيت من الطوب و(الحجر) وهو لا يعلم أنو ده موضوع قوى وعاملو (الفكى أبكر) !! وفى اليوم (الموعود) تجمعت خارج القصر (الحشود) وتم إدخال (البهلوان) إلى قصر (الوالى) دون تعقيدات و(طوااالى)
وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح.
الليلة الثالثة والخمسون بعد السنة الثامنة عشر :
قالت شهرزاد :
بلغني أيها الملك السعيد أنه لما تم إدخال البهلوان إلى غرفة الوالى (بسمتيار) عرف أنه لا يوجد لديه أى (خيار) فإما أن يعيد للوالى وجهه المبتسم (الضائع) وإلا فهو (صائع صائع) .. لذا فقد نفذ وفى (ثوانى) كل ما تعلمه من عمل (بهلوانى) إلا أن الوالى لم يفارقه العبوس و(التكشيرة) مما جعل البهلوان فى (حيرة) !! فبدأ يقوم بحركاته فى (وجل) وهو يحس بدنو (الأجل) وبعد أن أصيب بالإعياء و(الفتور) وهو لم يستطع إدخال بعض (السرور) سقط على الارض وهو (كاضم) ولحضوره (نادم) إلا أن ذلك لم يعفيه من العقاب (المهين) الذى نفذ فى التو و(الحين) !! فتم قطع (راسو) لأنو ما درس الموضوع من (اساسو) !!
لما علم (فكى أبكر) بما صار من أمر (البهلوان) وما حدث له فى (الديوان) وكيف أن الوالى لم يستجب (للحركات) ولم تروق له (النكات) ولم تزول عنه (التكشيرة) مما أوقع الجميع فى (حيرة) قال مخاطبا (الحيران) فى ثقة و(إطمئنان) :
- زول ده مغفل ساااكت و(سجمان) .. مأقول شغل يأملو (فكى أبكر) يفكو (بهلوان) !!
ساد الرعية الخوف و(الهوان) بعد فشل محاولة (البهلوان) ولم يتقدم لعلاج الوالى أى (إنسان) طمعا فى اللؤلؤ و(المرجان) مما جعل (الملك) حزين ترك الحياة و(البحبوحه) وهو يفتقد (إبتسامت) واليه (الصبوحه) فقال مخاطباً أحد مستشاريه :
- والله أنا فى (حيرة) ؟ هسع نعمل شنو عشان نفك من الزول ده (التكشيرة) ؟
- والله أيها الملك (السعيد) أنا شايف أسلوب إعلانكم ده (غير مفيد)؟
- إذن يا مستشارنا ماذا (تعتقد) وهل ساعدتنا بذهنك (المتقد)؟
أعتقد أن يتم الإعلان عن ذلك فى الجرائد و(المجلات) حتى يصل الخبر لكل القرى و(الحلالات) فربما يكون هنالك شخص (بعيد) لديه علم يفل (الحديد) وهو لا يعلم بهذا (الأمر) لكنه ينتظره على احر من (الجمر) !!
ونزل الإعلان عن حالت الوالى بسمتيار فى كافة الجرائد و(المجلات) ووصل الخبر لكل المدن والقرى و(الحلالات) وبعد أن علم (فكى أبكر) بما صار من أمر (الإعلان) وتوزيعه عبر الجرائد فى (الفرقان) قال مخاطبا الحيران فى ثقة وإطمئنان :
- (ناس) ده مغفل ساااكت و(سجمان) .. مأقول شغل يأملو (فكى أبكر) يفكو (إعلان) !!
وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح.
الليلة الرابعة والخمسون بعد السنة الثامنة عشر :
قالت شهرزاد :
بلغني أيها الملك السعيد بأنه بعد أن وصل (الإعلان) إلى كل مكان .. وقعت الجريده فى
يد (عدلان) وهو شاب (فقير) أفقرته سياسة (التحرير) يسكن فى أحدى الجزر(البعيده) التى يعيش افرادها على (المديده) فطمع أن يكون صاحب اللؤلؤ و(المرجان) حتى لو أضطره ذلك لمحاربة (الجان) فقرر السفر إلى (المدينة) والفوز بالجائزة (الثمينة) وكان لابد له إذا ترك الجزيرة وإجتاز (القفار) من مقابلة مارد (جبار) إعتاد على مهاجمة (الأهالى) وهو بهم لا (يبالى) يعتدى على الزرع و(المواشى) ويخشاهو الغاشى و(الماشى) وبالفعل جهز عدلان نفسه وركب (الشارع) وقد كان ذا طول (فارع) وعندما وصل إلى مكان المارد (المعروف) الفيهو الناس بتقوم (صوف) خرج له المارد (اللعين) كانه قوة من (هجين) فتصارعا حينا من (الدهر) وقضيا وقت من الكر و(الفر) وأخيرا تمكن (عدلان) من السيطره (عليه) حتى دمعت (مقلتيه) وعندما هم بقتله صرخ المارد :
- والله حكايه !! تكتل ليك مارد وبتاكل (مديده) والله دى حاجه (جديده) !!
- ده حالتو أنا قائم من النوم (يادووووب) والله كان ما كده كان خليتك تقول ( الرووووب) !!
- طيب خلاص ما تكتلنى وأنا تانى ما بجى (الجزيرة) وبفطر بس بى بيرقر و(فطيرة) !!
- والبخلينى أصدقك شنو يا مارد يا (لئيم) عاوزنا بكرة ناكل (نيم) ؟؟
- خلاص خلينى وأنا ح أقول ليك سر (خطير) وأعاهدك ح اسيب اللحم وآكل (فطير)
- سر (ايه) الإنت جاى تقول (عليه)؟
- سر علاج تكشيرة الوالى (بسمتيار) مش إنت عشانو خليت (الديار) ؟
وقام المارد بشرح السر (لعدلان) بعد أن اخذ منه (الامان) وهو أن الدواء الذى يشفى الوالى (بسمتيار) مدفون تحت شجرة وسط حوض (خيار) فى كيس سيتان أصفر (جديد) من فوقه قطعه من (الحديد) وقال المارد لعدلان إن اخرجت الكيس فيجب عليك (الحذر) إذ لا تجيل فيه (النظر) .. إن أخرجت الكيس (فحذار) ان تنظر داخله إن فعلت فسوف تاكله (النار) فأنت إذا وجدته كبو فى جيبك على (طول) وما تلمسو أو تعاين ليهو لأنو ممكن ينقلب (فول) !! وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح.
الليلة الخامسة والخمسون بعد السنة الثامنة عشر :
قالت شهرزاد :
بلغني أيها الملك السعيد أنه بعد أن قام المارد بوصف مكان (الكيس) تهلل وجه عدلان (التعيس) وتخيل أنه قد قام بعلاج (الوالى) واصبح بعد المديده ياكل لحمه (عجالى) وإتجه (عدلان) إلى مكان الشجرة وهو (جزلان) وقام (بالحفر) حتى إستبان خيط (الفجر) وما لبث أن وجد (الحديده) ومن تحتها الكيس فى قماشة (جديده) وأراد أن يفتحه فى ذهن (شارد) إلا أنه تذكر تحذير (المارد) فقام بكب محتويات الكيس فى (الجيب) منتظرا ما سيسفر عنه (الغيب) !! ثم شرب من ماء (الحفير) وواصل نحو المدينة (المسير) !!
عندما إجتاز عدلان حدود (المدينه) شعر بالأمن و(السكينه) لكن سرعان ما خرج له من (الظلام) إتنين رباطين (لئام) قال أحدهما ويدعى (الشافو خلو) مخاطبا (عدلان) فى صوت كصوت (الجان) : على وين يالحبيب؟!! ماشى كده منفوخ (الجيب) ؟
رد عليه عدلان فى (تحدى) : ما بتخوفونى وحركاتكم دى لا بتجيب لا (بتودى)
- بس الي النحنا عارفنو إنو الطريق ما يودي الا لقصر الوالي.. عاوز تكب مننا الزوغه (طوالى)؟
- لا بكب الزوغه منكم ولا (يحزنون) إنت يا زول (مجنون)؟
- (فى إستفزاز) : طيب يا (بيه) ممكن تورينا ماشى قصر الوالى تعمل (ايه) ؟
- أنا ماشى اعالجو من التكشيره (اللعينه) وأفوز بالجائزة (الثمينه)
- (وهو يسل السكين من ضراعو) : يلا يا فرده ورينا علاج هذا المرض (الفتاك ) وإلا السكين دى هسع (تاباك )؟
فكر عدلان وقدر وعرف إنو عشان يتخارج من القتل و(الاذيه) لازم يديهم (مكنه قويه) فقال لهم دون ( إرتياب) أن العلاج يا (أحباب) هو بس (كتاب) إسمو (المدينه الفاضلة) عندما ينظر الوالى بسمتيار إلى (صفحاتو) سوف يتذكر (طموحاتو) ولمن يشوفو ح يشفى طوااالى وح يقوم يكافئكم ويرفعكم (العلالى) !!
- نياءءءءءءءااااا ------(يضحكان ضحكة شريرة)
- خلاص ح نمشى نجيب كتاب (المدينه الفاضلة) والناس (نيام) وح نسبقك علشان نشفى الوالى بسمتيار ونأخد الجائزة وانت ح يحكمو عليك (إعدام).. نياءءءءءءاااااا
ثم اكمل (عدلان) طريقه الى قصر (الوالي) وهو لا (يبالى) بعد أن قام بتوزيع (الشافو خلو) وزميله (الرباط التانى) لأنو لو ما عمل كده أكيد كان ح (يعانى) وهو لا يعلم حتى تلك اللحظه ما هو ذلك الشئ الموجودفى (الجيب) فهذا ما سوف ينبئه به (الغيب).. ألم أقل لك يا مولاي شهريار أن (عدلان) يتمتع بحكمة و(ذكاء) وهو فى قمة (الدهاء) ..
وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح.
الليلة السادسة والخمسون بعد السنة الثامنة عشر :
قالت شهرزاد :
بلغني أيها الملك السعيد أن (عدلان) بعد أن تخلص من (الرباطين) وأداهم (المكنه) بتاعت (الكتاب) سار نحو قصر الوالى حتى وصل إلى (الباب) فاستأذن بالدخول وعندما دخل باحة القصر وجد (الشافو خلو) وزميله (الرباط التانى) يحملان نسخة جديده من كتاب (المدينة الفاضله) وقد سبقاه الى قصر الوالي..
فسأل (الحاجب) -عدلان- (فى تعالى) ماذا أحضرت معك علاجا للسيد (الوالى) ؟؟
أجاب (عدلان) مشيرا إلى ناحية (الشافو خلو وزميله) : أول شوف يا مولاى الجماعه ديل قالو عندهم علاج للوالى وخلينى انا آخر زول ولا (تبالى).
عندها قال الحاجب مخاطباً (الشافو خلو) وزميله (الرباط التانى) : وإنتما ماذا لديكما لعلاج والينا (العليل) أفصحا فنحن ليس لدينا زمن (طويل) ؟
فتقدم (الشافو خلو) واضعا كتاب (المدينة الغاضلة) أمام الوالى (بسمتيار) فلم يبدو على الوالى أى نوع من (الإهتمام) بل أصابته حالت (طمام) وبدأ على وجهه (العبوس) وأخذ يتململ فى (الجلوس) وهنا أمر (الملك) باعدامو.. وإعدام (الرباط التانى المعاهو) !! وتم ذلك وهما يستغيثان وإلى عدلان ينظران ولسان حالهما يقول :
- والله عندك جنس مكنات !! قال أيه المدينه الفاضلة !!
لم يخف (عدلان ) من منظر(إعدام) الرباطين (اللئام ) لأنه كلن يعلم تماماً أن المارد كان (صادق) ً وان العلاج الذى فى جيبه لابد أن يكون (باتع) فتقدم (عدلان) بكل ثقة و(شجاعة) مما لفت نظر (الجماعه) فهو يسلم بقضاء الله و(قدرو) ويعلم أن الإنسان لا يموت إلا إذا جاء ( أجلو).. ووقف فى ثبات وقال :
- إن العلاج الذى معى يا مولاى علاج (خطير) إلا أن لدى طلب (صغير) !!
- أسرع وقول (طلبك) قبل ما ندخلك فى (علبك) !!
- طلبى يا مولاى ان تتركونى والوالى وحدنا (راس) عشان العلاج المعاى ده علاج (حساس) !!
- لك ما تريد ولكن إن فشلت فالعقاب سيكون شديد
أخذ الجميع مكانهم بعيدا من (الوالى وعدلان) وجلسوا فى نهاية (الديوان) عندها قام (عدلان) بإدخال يده فى جيب (سروالو) وأخرج ذلك الشئ الذى لم يكن يخطر على (بالو) والذى ما أن رآه الوالى حتى تهلل وجهه (طوااالى) وعادت له إبتسامته (الاليفة) وقام ضحك حتى (الليفه) فأخذ الوالى (ينطط) فرحا وهو (مسرور) وساد القصر جو من (الحبور) وتعالت صيحات التهليل والتكبير بينما الوالى جالس مبتسم وسط (السرير) وتعجب الملك و(الحضور) ودفعهم الفضول لمعرفة ماهو ذلك الشي (الشديد) الذى ما أن شاهده (الوالى ) إبتسم من (جديد) !!
فسأل (الملك) عدلان : ممكن تورينا (بالجد) ما الذى أضحك الوالى إلى ذاك (الحد) !!
- والله يا مولاى الملك ما عارف لكن رزمت ورق أخدر كده (حار) شكلو دولار دولار !!!!!!
وعندماعلم (فكى أبكر) بما صار من أمر (الدولار) قال مخاطبا حيرانه بإختصار :
- والله دولار ده يفكو أى أمل هتى لو كاتبو فكى (كرار) !!!
ونظرت شهرزاد إلى الملك شهريار لتخبره أن غدا ستروى له حكاية (جديده) فوجدته غارقاً فى نومة (شديده) .. وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح
حكاية (الفكى ابكر) والوالى (بسمتيار)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه صلاة وسلاماً دائمين إلى يوم الدين.
وبعد، فإن سير الأولين صارت عبرة للآخرين لكي يرى الإنسان العبر التي حصلت لغيره فيعتبر ويطالع حديث الأمم السالفة وما جرى لهم فينزجر. فسبحان من جعل حديث الأولين عبرة لقوم آخرين فمن تلك العبروالحكايات والأمثال التي تسمى ألف ليلة وليلة وما فيها من الغرائب والخيال أخترت لكم – اعزائى القراء- هذه الحكاية !!
فى الليلة (الواحده والخمسون بعد السنة الثامنة عشر) قالت (شهرزاد) مخاطبة (الملك شهريار) وهى تبدا بقص حكاية جديده :
بلغنى أيها الملك السعيد أنه كان فيما مضى من قديم الزمان وسالف العصر والأوان فى أحدى ممالك (ساسان) بجزائر الهند و(خراسان) وال يدعى (بسمتيار) يتولى أمر المدينه (الكبيرة ) رغماً عن مشاغله الخاصة (الكثيرة) وفى ذات ليلة إنهمرت الأمطار على ولايته (إنهمارا) وسال الماء عليها (مدرارا) فإنهارت منازل (الرعية) وخلفت وراءها الخراب و( الأذية) فماتت لديهم كل (البهائم) وإلى جانبهم صار العفش (عائم) ولم يكن لديهم أنذاك إلا إفتراش الأرض وإلتحاف السماء حتى تنجلى (الغمة) ويلجاون لراعى (الامة) ليمدهم بإغاثة (قوية) تعينهم على ما تعرضو له من (أذيه) فقرروا تكوين وفد من القوم (الخيار) لمقابلة الوالى (بسمتيار) وإختارو لرئاسة الوفد المواطن (أبكر) بحسبانه راجل (ضكر) وهو فوق ذلك فكى (مشهور) يقف المرضى لمقابلته (طابور) وقد إشتهر بعلاج الأمراض و(الأسقام) مستعينا بما لديه من (خدام)
إتجه الوفد إلى قصر الوالى (بسمتيار) ولم يكن لديهم فى مقابلة حراس الأمن أى (خيار) فلما علم الحراس أن الوفد قادم يطلب المساعدة و(التعويض) أخرجو لهم السيوف (البيض) وطلبوا منهم الرجوع فى (الحال) حتى لا يتعرضوا لسؤ (المآل) إلا أن أفراد الوفد رفضو الخروج وأخذو يزمجرون (غاضبين) وبوعيد الحراس غير (آبهين) ، ولم تمض غير (دقائق) إذا بموكب الوالى (الرائق) يمر داخلا من أمام باب القصر (كالإعصار) إذ كان عائداً من رحلة (إستثمار) فإنتبه الوالى إلى (الجلبه) والأصوات وقام بسؤال رئيس الحراس :
- من يكون هؤلاء؟
- أنهم يا مولاى مواطنى الحاره 96 جاءوا يشتكون
- ومم ماذا (يشتكون) وهم فى ظل إنجازاتنا (ينعمون)؟ – مواصلا – أحضر لى رئيسهم بعد أن (أروق شويه) يعنى (بعدين) عشان نشوفهم ايه (عاوزين) ؟
وبعد أن أذنت الشمس (بالأفول) أشار رئيس الحرس (للفكى ابكر) (بالدخول) لمقابلة الوالى (بسمتيار) وتقديم شكواه ... جلس (الفكى ابكر) فى (الديوان) وهو يجيل بصره فى كافة (الأركان) ينظر ينظر فى (إندهاش) إلى فاخر النجف والسجاد والأثاث فى جو من (الدعاش) ولم تمر دقائق (قليلة) حتى حضر إليه الوالى (بسمتيار) يرتدى حلة (جميله) :
- شنو يا (شباب) عاملين لينا (غلبه) ودوشه فى (الباب) ؟
- والله يا سيدى الوالى (الهمام) لقد كثر علينا البلاء وإشتدت (الاسقام) بعد أن أحالت السيول والأمطار بيوتنا إلى ركام و(حطام) وهسه كلنا قاعدين فى (السهلة) وجعانين لا نملك (بصلة)!!
- (وهو يبتسم) : وماذا تريدوننا أن نفعل لكم وأنتم تشيدون منازلكم بأرخص المواد ولا تستخدمون الأسمنتى و(الطوب) حتى إذا ما جاءت الأمطار وشالت بيوتكم قلتو (الرووووب)
- وكيف لنا يا سيدى الوالى الهمام أن لا نبنى منازلنا بالطين و(البروش) وأنتم تكاوشون على كل (القروش) ؟
- (والإبتسامة لا تفارقه) : كمان جابت ليها إتهام ؟ أنا عارفكم ناس (لئام) أذهبو فلن نعطيكم (تعويض) والما عاجبو يضرب راسو (بالحيط) !!
(ثم وهو ينده على الحرس وهو مبتسم ) : خذو هذا الشخص (العبيط) وأرموهو من فوق (الحيط) !!
عاد الموكب (الحزين) إلى الحارة (سته وتسعين) وهو مغبون حاسر (الرأس) لما أصابهم من (ياس) فصمم (الفكى أبكر) على تلقين الوالى بسمتيار درساً لا (ينساه) جزاءاً لما فعلت (يداه) فهو لم يحسن (إستقبالهم) ولم يسأل عن (ديارهم) وقد قابل مصيبتهم (بالإبتسام) ولم يكتف بذلك بل وصفهم (باللئام) وقال لهم بالحرف الواحد ما بنديكم (تعويض) والما عاجبو يضرب راسو (بالحيط) فأنتم لم تقوموا ببناء بيوت (أسمنتيه) تقاوم الظروف(الجويه) بل قمتم ببناء منازلكم (بالجالوص) وعرشتوها بالشجر و(البوص) . جلس الفكى ابكر فى (خلوته) بعد أن أحضر (فروته) وقام بإطلاق (البخور) وهو حانق على ما اصابه من (جور) وما لبث ان قام بإستحضار (الخدام) الذين حضرو فى نشاط و(همة) يسألونه عما يريده من (مهمة) فأخبرهم ما جرى لهم من قبل الوالى (بسمتيار) وأنه لم يترك لهم أى (خيار) فقال كبير (الخدام) :
ماذا تريد من أن نفعل به؟ أتريدنا أن نحرق له مشاريعو و(شركاتو) وإلا نلحقو ليك (الفاتو)؟
- أجابهم (الفكى ابكر) : لا .. لا أنا لا أريد (أذاهو) لكن أريد ان أعطيهو درساً لا (ينساهو)
- وما هو ذلك الدرس (الخطر) يا فكى (أبكر) ؟
- أريدكم أن تستبدلو تلك (الإبتسامة) بتقطيبه وجه وتكشيرة تصير له (علامة)
- نعاهدك أننا سنجعل لك وجهه عبوس مدى (الحياة) وسوف ننفذ لك طلبك من الألف (للياء)
وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح.
الليلة الثانية والخمسون بعد السنة الثامنة عشر :
قالت شهرزاد :
بلغني أيها الملك السعيد أن الوالى (بسمتيار) قد إستيقظ فى ذلك اليوم (كعادتة) وقام بشراب (قهوته) وهو لا يدرى أن تلك (الإبتسامه) التى كانت له (علامه) قد فارقت وجهه وحلت بدلا عنها (تكشيرة) وكمان معاها (لئامة) !!
وما لبث أن أصيب (بالإكتئاب) وتخلى عن الناس و(الصحاب) وسرعان ما عرف جميع من فى (المدينه) ما حل بالوالى (بسمتيار) من عزلة و(سكينة) وأن جميع الاطباء قد عجزو من إعادة (إبتسامته) والتى كانت جزءاً من (وسامته) وما أن سمع الملك لما صار إليه حال واليه من حزن و(أكتئاب) حتى طلب من حاجبه يكتب له (جواب) يسير به فى كافة القرى و(الحضر) ولا يحفل برياح أو (مطر) يصيح فى الناس قائلا :
- من يستطيع أن يعيد للوالى (بسمتيار) إبتسامته (الزمان) سوف يمنحه الملك قنطار من اللؤلؤ و(المرجان) ومن يفشل فى (العلاج) سوف نقطع له رأسه (بالمزلاج) !
بلغ النبأ (سكينة ) زوجة (بهلوان المدينة) فقالت له وهى فى المطبخ تعد فى (السخينه) :
- هسع بدل ما إنت قاعد تاكل ليا فى (التبش والخيار) مش حقو تمشى تجرب مع الوالى (بسمتيار) تعمل ليهو حركة (حركتين) عشان نحنا قرفنا ما السلف والأكل البى (الدين) :
- إنتى يا وليه (ساهية) ولا عاوزة تودينى فى ستين (داهية) هسع لو إكتئابو ده من النوع المزمن (العجيب) وقام أبى لى حركاتى (يستجيب) ما خلاص تانى ما ح أشوف (بيتى) وح يقومو يطلعو (زيتى) !!
تحت إلحاح ونقت زوجته (النقناقه) قام البهلوان بتقديم طلبه حتى يخرج من العوز و(الفاقه) وكان أول شخص يحاول إعادة البسمة للوالى (بسمتيار) ولا يخاف من السيف (البتار) آملاً فى أن يفوز بالجائزة فيبنى له بيت من الطوب و(الحجر) وهو لا يعلم أنو ده موضوع قوى وعاملو (الفكى أبكر) !! وفى اليوم (الموعود) تجمعت خارج القصر (الحشود) وتم إدخال (البهلوان) إلى قصر (الوالى) دون تعقيدات و(طوااالى)
وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح.
الليلة الثالثة والخمسون بعد السنة الثامنة عشر :
قالت شهرزاد :
بلغني أيها الملك السعيد أنه لما تم إدخال البهلوان إلى غرفة الوالى (بسمتيار) عرف أنه لا يوجد لديه أى (خيار) فإما أن يعيد للوالى وجهه المبتسم (الضائع) وإلا فهو (صائع صائع) .. لذا فقد نفذ وفى (ثوانى) كل ما تعلمه من عمل (بهلوانى) إلا أن الوالى لم يفارقه العبوس و(التكشيرة) مما جعل البهلوان فى (حيرة) !! فبدأ يقوم بحركاته فى (وجل) وهو يحس بدنو (الأجل) وبعد أن أصيب بالإعياء و(الفتور) وهو لم يستطع إدخال بعض (السرور) سقط على الارض وهو (كاضم) ولحضوره (نادم) إلا أن ذلك لم يعفيه من العقاب (المهين) الذى نفذ فى التو و(الحين) !! فتم قطع (راسو) لأنو ما درس الموضوع من (اساسو) !!
لما علم (فكى أبكر) بما صار من أمر (البهلوان) وما حدث له فى (الديوان) وكيف أن الوالى لم يستجب (للحركات) ولم تروق له (النكات) ولم تزول عنه (التكشيرة) مما أوقع الجميع فى (حيرة) قال مخاطبا (الحيران) فى ثقة و(إطمئنان) :
- زول ده مغفل ساااكت و(سجمان) .. مأقول شغل يأملو (فكى أبكر) يفكو (بهلوان) !!
ساد الرعية الخوف و(الهوان) بعد فشل محاولة (البهلوان) ولم يتقدم لعلاج الوالى أى (إنسان) طمعا فى اللؤلؤ و(المرجان) مما جعل (الملك) حزين ترك الحياة و(البحبوحه) وهو يفتقد (إبتسامت) واليه (الصبوحه) فقال مخاطباً أحد مستشاريه :
- والله أنا فى (حيرة) ؟ هسع نعمل شنو عشان نفك من الزول ده (التكشيرة) ؟
- والله أيها الملك (السعيد) أنا شايف أسلوب إعلانكم ده (غير مفيد)؟
- إذن يا مستشارنا ماذا (تعتقد) وهل ساعدتنا بذهنك (المتقد)؟
أعتقد أن يتم الإعلان عن ذلك فى الجرائد و(المجلات) حتى يصل الخبر لكل القرى و(الحلالات) فربما يكون هنالك شخص (بعيد) لديه علم يفل (الحديد) وهو لا يعلم بهذا (الأمر) لكنه ينتظره على احر من (الجمر) !!
ونزل الإعلان عن حالت الوالى بسمتيار فى كافة الجرائد و(المجلات) ووصل الخبر لكل المدن والقرى و(الحلالات) وبعد أن علم (فكى أبكر) بما صار من أمر (الإعلان) وتوزيعه عبر الجرائد فى (الفرقان) قال مخاطبا الحيران فى ثقة وإطمئنان :
- (ناس) ده مغفل ساااكت و(سجمان) .. مأقول شغل يأملو (فكى أبكر) يفكو (إعلان) !!
وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح.
الليلة الرابعة والخمسون بعد السنة الثامنة عشر :
قالت شهرزاد :
بلغني أيها الملك السعيد بأنه بعد أن وصل (الإعلان) إلى كل مكان .. وقعت الجريده فى
يد (عدلان) وهو شاب (فقير) أفقرته سياسة (التحرير) يسكن فى أحدى الجزر(البعيده) التى يعيش افرادها على (المديده) فطمع أن يكون صاحب اللؤلؤ و(المرجان) حتى لو أضطره ذلك لمحاربة (الجان) فقرر السفر إلى (المدينة) والفوز بالجائزة (الثمينة) وكان لابد له إذا ترك الجزيرة وإجتاز (القفار) من مقابلة مارد (جبار) إعتاد على مهاجمة (الأهالى) وهو بهم لا (يبالى) يعتدى على الزرع و(المواشى) ويخشاهو الغاشى و(الماشى) وبالفعل جهز عدلان نفسه وركب (الشارع) وقد كان ذا طول (فارع) وعندما وصل إلى مكان المارد (المعروف) الفيهو الناس بتقوم (صوف) خرج له المارد (اللعين) كانه قوة من (هجين) فتصارعا حينا من (الدهر) وقضيا وقت من الكر و(الفر) وأخيرا تمكن (عدلان) من السيطره (عليه) حتى دمعت (مقلتيه) وعندما هم بقتله صرخ المارد :
- والله حكايه !! تكتل ليك مارد وبتاكل (مديده) والله دى حاجه (جديده) !!
- ده حالتو أنا قائم من النوم (يادووووب) والله كان ما كده كان خليتك تقول ( الرووووب) !!
- طيب خلاص ما تكتلنى وأنا تانى ما بجى (الجزيرة) وبفطر بس بى بيرقر و(فطيرة) !!
- والبخلينى أصدقك شنو يا مارد يا (لئيم) عاوزنا بكرة ناكل (نيم) ؟؟
- خلاص خلينى وأنا ح أقول ليك سر (خطير) وأعاهدك ح اسيب اللحم وآكل (فطير)
- سر (ايه) الإنت جاى تقول (عليه)؟
- سر علاج تكشيرة الوالى (بسمتيار) مش إنت عشانو خليت (الديار) ؟
وقام المارد بشرح السر (لعدلان) بعد أن اخذ منه (الامان) وهو أن الدواء الذى يشفى الوالى (بسمتيار) مدفون تحت شجرة وسط حوض (خيار) فى كيس سيتان أصفر (جديد) من فوقه قطعه من (الحديد) وقال المارد لعدلان إن اخرجت الكيس فيجب عليك (الحذر) إذ لا تجيل فيه (النظر) .. إن أخرجت الكيس (فحذار) ان تنظر داخله إن فعلت فسوف تاكله (النار) فأنت إذا وجدته كبو فى جيبك على (طول) وما تلمسو أو تعاين ليهو لأنو ممكن ينقلب (فول) !! وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح.
الليلة الخامسة والخمسون بعد السنة الثامنة عشر :
قالت شهرزاد :
بلغني أيها الملك السعيد أنه بعد أن قام المارد بوصف مكان (الكيس) تهلل وجه عدلان (التعيس) وتخيل أنه قد قام بعلاج (الوالى) واصبح بعد المديده ياكل لحمه (عجالى) وإتجه (عدلان) إلى مكان الشجرة وهو (جزلان) وقام (بالحفر) حتى إستبان خيط (الفجر) وما لبث أن وجد (الحديده) ومن تحتها الكيس فى قماشة (جديده) وأراد أن يفتحه فى ذهن (شارد) إلا أنه تذكر تحذير (المارد) فقام بكب محتويات الكيس فى (الجيب) منتظرا ما سيسفر عنه (الغيب) !! ثم شرب من ماء (الحفير) وواصل نحو المدينة (المسير) !!
عندما إجتاز عدلان حدود (المدينه) شعر بالأمن و(السكينه) لكن سرعان ما خرج له من (الظلام) إتنين رباطين (لئام) قال أحدهما ويدعى (الشافو خلو) مخاطبا (عدلان) فى صوت كصوت (الجان) : على وين يالحبيب؟!! ماشى كده منفوخ (الجيب) ؟
رد عليه عدلان فى (تحدى) : ما بتخوفونى وحركاتكم دى لا بتجيب لا (بتودى)
- بس الي النحنا عارفنو إنو الطريق ما يودي الا لقصر الوالي.. عاوز تكب مننا الزوغه (طوالى)؟
- لا بكب الزوغه منكم ولا (يحزنون) إنت يا زول (مجنون)؟
- (فى إستفزاز) : طيب يا (بيه) ممكن تورينا ماشى قصر الوالى تعمل (ايه) ؟
- أنا ماشى اعالجو من التكشيره (اللعينه) وأفوز بالجائزة (الثمينه)
- (وهو يسل السكين من ضراعو) : يلا يا فرده ورينا علاج هذا المرض (الفتاك ) وإلا السكين دى هسع (تاباك )؟
فكر عدلان وقدر وعرف إنو عشان يتخارج من القتل و(الاذيه) لازم يديهم (مكنه قويه) فقال لهم دون ( إرتياب) أن العلاج يا (أحباب) هو بس (كتاب) إسمو (المدينه الفاضلة) عندما ينظر الوالى بسمتيار إلى (صفحاتو) سوف يتذكر (طموحاتو) ولمن يشوفو ح يشفى طوااالى وح يقوم يكافئكم ويرفعكم (العلالى) !!
- نياءءءءءءءااااا ------(يضحكان ضحكة شريرة)
- خلاص ح نمشى نجيب كتاب (المدينه الفاضلة) والناس (نيام) وح نسبقك علشان نشفى الوالى بسمتيار ونأخد الجائزة وانت ح يحكمو عليك (إعدام).. نياءءءءءءاااااا
ثم اكمل (عدلان) طريقه الى قصر (الوالي) وهو لا (يبالى) بعد أن قام بتوزيع (الشافو خلو) وزميله (الرباط التانى) لأنو لو ما عمل كده أكيد كان ح (يعانى) وهو لا يعلم حتى تلك اللحظه ما هو ذلك الشئ الموجودفى (الجيب) فهذا ما سوف ينبئه به (الغيب).. ألم أقل لك يا مولاي شهريار أن (عدلان) يتمتع بحكمة و(ذكاء) وهو فى قمة (الدهاء) ..
وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح.
الليلة السادسة والخمسون بعد السنة الثامنة عشر :
قالت شهرزاد :
بلغني أيها الملك السعيد أن (عدلان) بعد أن تخلص من (الرباطين) وأداهم (المكنه) بتاعت (الكتاب) سار نحو قصر الوالى حتى وصل إلى (الباب) فاستأذن بالدخول وعندما دخل باحة القصر وجد (الشافو خلو) وزميله (الرباط التانى) يحملان نسخة جديده من كتاب (المدينة الفاضله) وقد سبقاه الى قصر الوالي..
فسأل (الحاجب) -عدلان- (فى تعالى) ماذا أحضرت معك علاجا للسيد (الوالى) ؟؟
أجاب (عدلان) مشيرا إلى ناحية (الشافو خلو وزميله) : أول شوف يا مولاى الجماعه ديل قالو عندهم علاج للوالى وخلينى انا آخر زول ولا (تبالى).
عندها قال الحاجب مخاطباً (الشافو خلو) وزميله (الرباط التانى) : وإنتما ماذا لديكما لعلاج والينا (العليل) أفصحا فنحن ليس لدينا زمن (طويل) ؟
فتقدم (الشافو خلو) واضعا كتاب (المدينة الغاضلة) أمام الوالى (بسمتيار) فلم يبدو على الوالى أى نوع من (الإهتمام) بل أصابته حالت (طمام) وبدأ على وجهه (العبوس) وأخذ يتململ فى (الجلوس) وهنا أمر (الملك) باعدامو.. وإعدام (الرباط التانى المعاهو) !! وتم ذلك وهما يستغيثان وإلى عدلان ينظران ولسان حالهما يقول :
- والله عندك جنس مكنات !! قال أيه المدينه الفاضلة !!
لم يخف (عدلان ) من منظر(إعدام) الرباطين (اللئام ) لأنه كلن يعلم تماماً أن المارد كان (صادق) ً وان العلاج الذى فى جيبه لابد أن يكون (باتع) فتقدم (عدلان) بكل ثقة و(شجاعة) مما لفت نظر (الجماعه) فهو يسلم بقضاء الله و(قدرو) ويعلم أن الإنسان لا يموت إلا إذا جاء ( أجلو).. ووقف فى ثبات وقال :
- إن العلاج الذى معى يا مولاى علاج (خطير) إلا أن لدى طلب (صغير) !!
- أسرع وقول (طلبك) قبل ما ندخلك فى (علبك) !!
- طلبى يا مولاى ان تتركونى والوالى وحدنا (راس) عشان العلاج المعاى ده علاج (حساس) !!
- لك ما تريد ولكن إن فشلت فالعقاب سيكون شديد
أخذ الجميع مكانهم بعيدا من (الوالى وعدلان) وجلسوا فى نهاية (الديوان) عندها قام (عدلان) بإدخال يده فى جيب (سروالو) وأخرج ذلك الشئ الذى لم يكن يخطر على (بالو) والذى ما أن رآه الوالى حتى تهلل وجهه (طوااالى) وعادت له إبتسامته (الاليفة) وقام ضحك حتى (الليفه) فأخذ الوالى (ينطط) فرحا وهو (مسرور) وساد القصر جو من (الحبور) وتعالت صيحات التهليل والتكبير بينما الوالى جالس مبتسم وسط (السرير) وتعجب الملك و(الحضور) ودفعهم الفضول لمعرفة ماهو ذلك الشي (الشديد) الذى ما أن شاهده (الوالى ) إبتسم من (جديد) !!
فسأل (الملك) عدلان : ممكن تورينا (بالجد) ما الذى أضحك الوالى إلى ذاك (الحد) !!
- والله يا مولاى الملك ما عارف لكن رزمت ورق أخدر كده (حار) شكلو دولار دولار !!!!!!
وعندماعلم (فكى أبكر) بما صار من أمر (الدولار) قال مخاطبا حيرانه بإختصار :
- والله دولار ده يفكو أى أمل هتى لو كاتبو فكى (كرار) !!!
ونظرت شهرزاد إلى الملك شهريار لتخبره أن غدا ستروى له حكاية (جديده) فوجدته غارقاً فى نومة (شديده) .. وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
مدارس الانجاز --امتحان الكيمياء والفيزياء
أجب مستعيناً بالله تعالى على جميع الأسئلة التالية مع تبيين خطوات الحل بوضوح :
السؤال الاول : أجب على الآتى :
1-أحسب كمية غاز هيدروكسيد الأمونيوم (النشادر) NH3(نتن الرائحة) الذى ينبعث من الفضلات بالسوق المركزى علما بأن السوق يعمل به أكثر من 1250 عامل ويرتاده يوميا 12 ألف شخص ولا توجد دورة مياه واحده؟
2- أحسب معدل (الرقم الهيدروجيني) في (دم) مواطن يعيش على وجبة واحده .
3- ما هو الحد الأدنى من (الطاقة) التي يجب أن يمتلكها المواطن لكي لا (يتفاعل) مع تصريحات المسئولين
4- أحسب (متوسط الطاقة) التى يبذلها شرطى مرور يعمل فى درجه حرارة شمس تساوى 49 درجه مئوية حتى يتمكن تسجيل 913 مخالفه مع ملاحظة أن جذر متوسط (الطاقه) يتناسب طرديا مع النسبة المخصصه له فى تسجيل المخالفات .
5- ما هى كمية )الزئبق الاحمر) اللازمة لإكمال عملية (تنزيل) كمية من (الدولارات) كتلتها 10-3 × 3.2 132جم تشغل حيزا قدره (خمسة شنط حديد ) مقاس 2.24 متر X 3.2 متر علما بأن كثافة الزئبق الأحمر 13600 كجم/م3
6- في ظروف واحدة من (الضغط ودرجة حرارة) الفقر كانت (كثافة) مواطن 1.9كجم/م3 و(كثافة) مسئول 1.25 كجم/م 3 وجذر متوسط مربع سرعات لغف المسئول 103×1.8 م/ث احسب جذر متوسط مربع سرعة ثراء المسئول و(مقدار التغير) في قيمة حسابه البنكى الناتج عن كل عملية (هبر) علي اعتبار ان (كتلة) حساب المسئول الإبتدائية كانت تساوى صفرا.
7- احسب مقدار (الضغط) الذي يتعرض له الطابق الأول من عمارة ذات عشرة طوابق من المفترض ان يستخدم فى بنائها 9825 سيخة 5 لينية طول 6 متر غير انه قد تم إستخدام ذات العدد والطول ولكن بإستخدام سيخ 2 لينية مع العلم بأن مساحة البناء هى 670 متراً مربعاً وعجلة الجاذبية ( 10 متر/ثانية ) – الضغط الجوي ( 10 نيوتن/متر ) كثافة الحديد (7850 كجم/م3 ) و وزن المتر الطولي للحديد (7850 كجم/م3 × القطر2 × 3.1428/4 ) : كما أحسب ايضاً :
أ- حجم الحديد (السيخ) الذى تم توفيرة
ب- قيمته الحالية (حسب أسعار سوق السجانه)
ج- الزمن الإفتراضى لإنهيار الطابق الخامس
8- محلول وريدى ملوث بنسبة 23% أحسب كمية العناصر السامة التى توجد به ونسبة
أمكانية بقاء المريض الذى يتناوله على قيد الحياة
السؤال الثانى : وضح بالمعادلات الكيمائية المتزنة الآتى :
1- كيف تحصل على (إعفاء) لعربتك بواسطة نترات (اللإستثمار)
2- كيف يمكن أن تحصل على هيدروكسيد (مرابحة) دون أن يثقل كاهلك تصاعد غاز ثانى أوكسيد (الفوائد) ذو النسبة المرتفعة
السؤال الثالث : أجب بلا أو نعم :
1- يمكن تحضير بروميد الصوديوم بإذابة قطعة من (الرغيف) فى محلول موية (الفول) الساخن
2- عند تتأكسد (الجيوب) ويتبخر غاز(المرتب) يتحول لون وجه المواطن إلى الأحمر
3- عند إضافة حامض (الواسطه) المركز الساخن لمحلول (المعاينات) يتصاعد غاز (المحسوبية) ذو الرائحة النتنة
السؤال الرابع : مثل لكل مما يأتى إن إستطعت :
أ- ماء خالى تماماً من ترسبات الطمى
ب- خبز خالى تماما من بروميد الصوديوم
السؤال الخامس : قم بإختيار الإجابة الأكثر صحة :
لماذا لا تتكون على الذهب طبقة من الأوكسيد عند تعرضه للهواء :
أ- لأن هواءنا خال من الأكسجين
ب- لأنو دهبنا دهب مبروك
ج - لأن الشيخ عزم فيهو قبل ما يمشى
د- هو نحنا شفنا دهب من أساسو
السؤال السادس : علل لكل مما ياتى :
1- يزداد ضغط المواطن عند الحديث عن البترول ومشتقاته
2- يتصاعد غاز (تصريحات المسئولين) كلما تم تسخين إنبوب إختبار (الإنتخابات).
3- مع ثبوت (درجة حرارة) الدولار فى السوق تصل الأسعار درجة (الغليان) ويتصاعد (غاز) المعاناة .
4- لا يحدث تغير في سرعة (جزئيات) تنفيذ دستور غير إنتقالى
5- ترسب (بلورات الفقر) رغم إزدياد (تفاعل) معدل النمو !!
أجب مستعيناً بالله تعالى على جميع الأسئلة التالية مع تبيين خطوات الحل بوضوح :
السؤال الاول : أجب على الآتى :
1-أحسب كمية غاز هيدروكسيد الأمونيوم (النشادر) NH3(نتن الرائحة) الذى ينبعث من الفضلات بالسوق المركزى علما بأن السوق يعمل به أكثر من 1250 عامل ويرتاده يوميا 12 ألف شخص ولا توجد دورة مياه واحده؟
2- أحسب معدل (الرقم الهيدروجيني) في (دم) مواطن يعيش على وجبة واحده .
3- ما هو الحد الأدنى من (الطاقة) التي يجب أن يمتلكها المواطن لكي لا (يتفاعل) مع تصريحات المسئولين
4- أحسب (متوسط الطاقة) التى يبذلها شرطى مرور يعمل فى درجه حرارة شمس تساوى 49 درجه مئوية حتى يتمكن تسجيل 913 مخالفه مع ملاحظة أن جذر متوسط (الطاقه) يتناسب طرديا مع النسبة المخصصه له فى تسجيل المخالفات .
5- ما هى كمية )الزئبق الاحمر) اللازمة لإكمال عملية (تنزيل) كمية من (الدولارات) كتلتها 10-3 × 3.2 132جم تشغل حيزا قدره (خمسة شنط حديد ) مقاس 2.24 متر X 3.2 متر علما بأن كثافة الزئبق الأحمر 13600 كجم/م3
6- في ظروف واحدة من (الضغط ودرجة حرارة) الفقر كانت (كثافة) مواطن 1.9كجم/م3 و(كثافة) مسئول 1.25 كجم/م 3 وجذر متوسط مربع سرعات لغف المسئول 103×1.8 م/ث احسب جذر متوسط مربع سرعة ثراء المسئول و(مقدار التغير) في قيمة حسابه البنكى الناتج عن كل عملية (هبر) علي اعتبار ان (كتلة) حساب المسئول الإبتدائية كانت تساوى صفرا.
7- احسب مقدار (الضغط) الذي يتعرض له الطابق الأول من عمارة ذات عشرة طوابق من المفترض ان يستخدم فى بنائها 9825 سيخة 5 لينية طول 6 متر غير انه قد تم إستخدام ذات العدد والطول ولكن بإستخدام سيخ 2 لينية مع العلم بأن مساحة البناء هى 670 متراً مربعاً وعجلة الجاذبية ( 10 متر/ثانية ) – الضغط الجوي ( 10 نيوتن/متر ) كثافة الحديد (7850 كجم/م3 ) و وزن المتر الطولي للحديد (7850 كجم/م3 × القطر2 × 3.1428/4 ) : كما أحسب ايضاً :
أ- حجم الحديد (السيخ) الذى تم توفيرة
ب- قيمته الحالية (حسب أسعار سوق السجانه)
ج- الزمن الإفتراضى لإنهيار الطابق الخامس
8- محلول وريدى ملوث بنسبة 23% أحسب كمية العناصر السامة التى توجد به ونسبة
أمكانية بقاء المريض الذى يتناوله على قيد الحياة
السؤال الثانى : وضح بالمعادلات الكيمائية المتزنة الآتى :
1- كيف تحصل على (إعفاء) لعربتك بواسطة نترات (اللإستثمار)
2- كيف يمكن أن تحصل على هيدروكسيد (مرابحة) دون أن يثقل كاهلك تصاعد غاز ثانى أوكسيد (الفوائد) ذو النسبة المرتفعة
السؤال الثالث : أجب بلا أو نعم :
1- يمكن تحضير بروميد الصوديوم بإذابة قطعة من (الرغيف) فى محلول موية (الفول) الساخن
2- عند تتأكسد (الجيوب) ويتبخر غاز(المرتب) يتحول لون وجه المواطن إلى الأحمر
3- عند إضافة حامض (الواسطه) المركز الساخن لمحلول (المعاينات) يتصاعد غاز (المحسوبية) ذو الرائحة النتنة
السؤال الرابع : مثل لكل مما يأتى إن إستطعت :
أ- ماء خالى تماماً من ترسبات الطمى
ب- خبز خالى تماما من بروميد الصوديوم
السؤال الخامس : قم بإختيار الإجابة الأكثر صحة :
لماذا لا تتكون على الذهب طبقة من الأوكسيد عند تعرضه للهواء :
أ- لأن هواءنا خال من الأكسجين
ب- لأنو دهبنا دهب مبروك
ج - لأن الشيخ عزم فيهو قبل ما يمشى
د- هو نحنا شفنا دهب من أساسو
السؤال السادس : علل لكل مما ياتى :
1- يزداد ضغط المواطن عند الحديث عن البترول ومشتقاته
2- يتصاعد غاز (تصريحات المسئولين) كلما تم تسخين إنبوب إختبار (الإنتخابات).
3- مع ثبوت (درجة حرارة) الدولار فى السوق تصل الأسعار درجة (الغليان) ويتصاعد (غاز) المعاناة .
4- لا يحدث تغير في سرعة (جزئيات) تنفيذ دستور غير إنتقالى
5- ترسب (بلورات الفقر) رغم إزدياد (تفاعل) معدل النمو !!
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
الشعب الفضل
إستيقظت البلاد فى صباح يوم عادى .. أخذ المسئولون يجهزون أنفسهم للذهاب إلى مكاتبهم .. دخل الاطفال إلى حمامات (الجاكوزى) ذات الأرضيات (السيراميك) اللامعه العبقة بمعطرات الجو بينما قام الطاهى بتجهيز (الشاى بالحليب) والبسكويتات الفاخرة .. فى ذات الوقت الذى كان فيه السائق يقوم بتلميع (الدبل كاب) موديل 2007 التى سوف تتجه إلى المدارس الخاصة من أجل توزيع الأطفال بعد أن دست المدام فى يد كل واحد منهم ورقه (بنفسجية) مصروف اليوم .
يندمج المسئول (س) فى (عشرة ونسه) مع (المدام) وهو يحتسى (قهوة الصباح) بينما يطالع (جرائد اليوم) ثم لا يلبس عند التاسعه أن يهب واقفا خارجا عبر باب صالون المنزل الوثير حاملا حقيبه اليد السامسونايت التى يأخذها عنه السائق الذى كان ينتظر قدومه .. تنطلق (الكامرى البيضاء) المظلله نحو (الوزارة) ... الشوارع خالية تماما من أى مارة .. سوى بعض العربات (الحكومية) التى تسير هنا وهناك .. يخاطب المسئول (س) سائقه متسائلاً :
- فى شنو يا (عبدالغنى) ؟
- مافى حاجه سعادتك
- لا يعنى ما شايف ناس ماشيين فى الشارع ذى كل يوم ؟
- فعلا سعادتك فى حاجه غريبه بتحصل
يمسك سعادته بهاتفه الجوال ويتصل بصديقه المسئول الآخر :
- صباح الخير
- (فى هلع) : خير شنو وبتاع شنو يا (س) إنت ما عارف الحصل؟
- (فى ترقب وخوف) : أنا هسع ضربت ليك عشان أسألك الحاصل شنو؟
- أنا ماشى الوزارة هسع لقيت الشوارع فاضيه زول ما فيها
- ما أنا ذاتى هسع لاحظت نفس الشئ .. حاصل شنو؟
- أنا لمن لقيت الموضوع كده قلبى أكلنى قلت أفتح الإذاعه
- ولقيتا شغاله؟
- لا ما شغاله !!
بعد أن قام المسئول (س) بمهاتفة المسئول (الآخر) إنهالت التلفونات بين المسئولين فى ذلك الصباح الخريفى الزاهى .. إنهالت تلفونات المسئولين فى الولايات المختلفه بعضهم البعض .. إنهالت تلفونات المسئولين فى (المركز) بجميع الولايات والعكس ... الجميع متفقون أن هنالك شيئاً ما يحدث لكن لا أحد يعرف ذلك الشئ مما جعل الخوف والشك والريبه تتسلل إلى النفوس.. بعض المسئولين عادوا إلى منازلهم بينما البعض الآخر آثر أن يقوم بإستقصاء ما يحدث .
لم تتجاوز عقارب الساعه العاشة صباحا حتى إنطلقت (الدوريات) تمشط (المدن) والأحياء فى كافة الولايات المختلفه لمعرفة ما يحدث .. كل منازل المواطنين ما عدا المنازل (الحكومية) و(المواليه) خاليه ... كل الأسواق والمحال التجارية (مغلقه) .. كل المدارس والجامعات لم يحضر فيها إلا أبناء (المسئولين والموالين) حتى المعلمين حضر منهم من عرف بموالاته (للحكومة) !!!
- نعم لقد إختفى الشعب (الفضل)
قالها المسئول الكبير فى الإجتماع الطارئ الذى تم لمناقشة الأمر والذى حضره كافة المسئولين والله حكايه عجيبة ؟ الشعب ده مشى وين؟
- يمشى محل ما يمشي والله ريحونا من فلقت الدماغ
- والله كلامك صاح مشوا ذاتو فى وكت كويس .. كل يوم يومين مظاهرة وكل يوم والتانى إعتصام .. عملو لينا جن فى راسنا
المسئول الكبير الذى يدير الإجتماع يدق طاولة الإجتماعات بيده علامة أن أنصتوا :
- شوفو يا جماعه (وهو يقلب بعض التقارير) الوضع دلوقت كالآتى :
(الشعب إختفى) تماما ... ما فضل إلا الناس الشغالين فى (الحكومة) والناس (الموالين) للنظام وشوية (الأجانب) الكانو موجودين ... يعنى بالعربى كده (شعب مافى) !!
- يعنى أنحنا نحكم منو؟
- دى المشكلة ال ح تواجهنا ؟
- يعنى كيف نكون نحنا حكومة بدون شعب؟
- أنا عندى يا سعادتك فكرة ... طيب ما ندى (الأجانب) القاعدين معانا ديل الجنسية ونحكمهم؟
- دى فكرة ما عمليه لعدة أسباب أولها إنو ديل ناس جايين فترات قصيرة وعاوزين يرجعو بلادهم السبب التانى هم ذاتهم ما كتار .. يعنى (الحكومة) فيها 4 مليون (مسئول) معقوله تحكم ليها (مليون زول) !!!
- والحل شنو يا سعادتك؟
- أنا لو عارف الحل كان جبتكم ؟ أنا عاوزكم تفكرو معاى نعمل فى المشكله دى شنو؟
- والله شوف يا سعادتك دى لا مشكله لا حاجه أنحنا ما صدقنا أنو (الشعب الفضل) ده يروح فى ستين داهية ويختفى لأنو ذى ما قال أخواننا إنو (الشعب الفضل) ده كان جات (الإنتخابات) الله يعلم بعد الشافو مننا ده يدينا صوتو عشان كده أحسن ألإختفو وريحونا
- كلامك ده عارفنو نحنا بنسال عن الحل شنو؟
- أيوااا .. الحل سعادتك إنو (نأجر لينا شعب) !! والشعوب الما عندها (وطن) على قفا من يشيل والحركات المسلحة البتناضل عشان ما تلاقى ليها (وطن) ماليه العالم بدل ما تتعب وتناضل وتموت أحسن ليها تجى هنا نحكمها والسلام هى كمان لاقيه ليها (وطن) قدر ده!!
هنا يطلب (المسئول عن الهيئة العليا لشئون الجبايات) الفرصة للحديث :- يا جماعه شوفو تأجرو ليكم شعب .. تجيبوهو ساكت .. تستوردوهو .. المهم يكون فى ناس بتدفع (جبايات) هسع (الجماعه ديل زاغو) نشيل جبايات من منو؟ الربط بتاعنا ما خلصناهو !!
- والله ديل فعلا (شعب) ما عندهم دم يمشو قبل (الربط) المحدد بتاعنا ما ينتهى كيف؟
- المهم يا جماعه أنا كلمتكم عاوز ليا ناس تكمل ليا الربط بتاعنا !!
المسئول الذى يقوم بإدارة الإجتماع يعطى الفرصة للمسئول ( الجنو إستثمار) :
- أول حاجه يا جماعه خلونى أولا أبارك ليكم وأبارك لى نفسى (إختفاء الشعب الفضل) وأحسب أن فى ذلك خير وإستثماراً كثيرا – يبتسم – ثم يواصل : أنا يا جماعه بفتكر إنو المليون ميل مربع دى نعملا كلها (شقق مفروشه) وحدائق و(منتجعات) ونقوم نأجرها ونمسك المقدم نستثمرو بره ... وما تنسو كمان ح نشيل منهم قروش على الخدمات .. يعنى نجيب ليهم (باصات) ومواصلات ونأكلهم (لحم وفراخ) من مزارعنا ونطلع منهم بى قرش قرشين (حلوين) !!
فرصة الحديث الآن للمسئول (عن الصحة والدواء) :
- والله بى أمانه يا سعادتك الشعب ده بالغ !! هسع عندنا ستة أنواع ( أدويه فاسده) تانى غير (السودوفان) مالين بيها (المخازن) نوديها وين؟؟ هسع يقوم يجينا شعب (ناقش) وتفتيحه (بدلهم) تقوم تموت لينا الأدويه دى فى إيدنا ساكت ! وبعدين (الشعب) ده (يزوغ) ويختفى كيفن قبل ما يشترى مننا (مصل السحائى) أبو تلاتين الف جنيه ده ؟ نوديهو وين؟
المسئول الذى يقوم بإدارة الإجتماع يعطى الفرصة للمسئول (عن المجارى):
- والله يا جماعه الله شافنا سااااكت .. مع المطر الجانا وبرجل لينا الدنيا وهدم البيوت وخلى الناس فى الخلا ده كان قيامتنا قامت .. أى زول يقول ليك إنتو ما عارفين الخريف جاى ما عملتو المجارى والسدود ليه؟ الجرايد ما عندها شغلة غير المطر والشوارع والمجارى والسدود والناس ديك (غرقو ) والناس ديك (البيوت) وقعت فى راسهم والولايه ديك (السيول) دمرتها و(المحافظة) ديك الموية (ماصتا )!! كل ما يجى خريف نحنا (نتشمر) ونخوض مع الأهالى فى (المويه الوسخانه) ونجيب ناس (التلفزيون) يصورو فينا .. أها كده نحنا إرتحنا من الحاجات دى وأقول ليكم قوله : كان ما جبتو لينا (شعب) تانى وخليتونا ساااكت نكون ذاتو إرتحنا من كل (خريف) عاملين لينا (لجنه) لدرء الكوارث من الخريف القاعد كل سنه يفاجئنا ده !!
يأتى الدور فى الحديث للمسئول (عن الكهرباء):
والله يا جماعه أنا سعيد بى شكل من إختفاء (الشعب الفضل ده) .. لينا عشرين سنه نخدر فيهم ونقول ليهم السنه الجاية الكهرباء ما ح تقطع والإمداد ح يكون مستقر بس إستحملونا السنه دى .. وتجى السنه الجايه والكهرباء تقطع والناس تتذمر ويقعدو يذكرو فينا يقولو لينا إنتو السنه الفاتت ما قلتو دى آخر سنه والأمداد ح يستقر نقوم نقول ليهم السنه الجاية الكهرباء ما ح تقطع والإمداد ح يكون مستقر بس إستحملونا السنه دى .. وتجى السنه الجايه والكهربا تقطع والناس تتذمر نقوم
نقول ليهم السنه الجاية الكهرباء ما ح تقطع والإمداد ح يكون مستقر بس إستحملونا السنه دى .. وتجى السنه الجايه والكهرباء تقطع والناس تتذمر ويقعدو يذكرو فينا يقولو لينا إنتو السنه الفاتت ما قلتو دى آخر سنه والأمداد ح يستقر نقوم نقول ليهم السنه الجاية الكهرباء ما ح تقطع والإمداد ح يكون مستقر بس إستحملونا السنه دى .. أها هسع إسترحنا من وشهم خلاص ومن (التخدير) ومن (التبرير) الكهرباء الموجوده هسع دى الحمدلله تكفينا نحن ناس (الحكومة) والموالين لينا ولا ح يكون فى قطع لا يحزنون .. !!
المسئول الذى يقوم بإدارة الإجتماع يخاطب المجتمعين :
- يا جماعه أنا عاوز أعطى الدور لكل مسئول منكم عشان يورينا آثار هذا الإختفاء على وزارتو أو الحته المسئول منها - يلتفت نحو ( المسئول الممسك بملف القوات الدولية) معطيا أياه الفرصة :- والله يا جماعه لو فى مسئول واحد مبسوط من (إختفاء الشعب الفضل) ده أكون أنا ...لأنو خلاص مافى أى مصوغ قانونى لوجود هذه القوات الدوليه بعد ده ... كل (الشعب) الفى المعسكرات (إختفى) وكل الناس الوقعو على الإتفاقيات والما وقعو (إختفو) بس فضل (الجنجويد) وديل ناسنا – مواصلاً – أهها تانى (الهجين) ديل عندهم حاجه تقعدهم هنا ؟
- أها ويعنى ح تتصرفو كيف؟
- يتطلبو الله ويرجعوا محل ما جو و(قسمنا) فى محلو !!! ولو فى ناس منهم عاوزين يقعدو ويأجرو سااكت على قول زميلنا بتاع الإستثمار كمان ما بطال برضو (دولارات) وكده !!
المسئول (الممسك بملف المشروع الحضارى) يطلب فرصه للحديث :
بسم الله الرحمن الرحيم والحمدلله والصلاة والسلام على أشلرف المرسلين وبعد إخوتى فإنى أحسب أن هذه عظة وعبرة لهذا (الشعب الفضل) الذى لم نجد منه أى مساعدة فى إقامة (مشروعنا الحضارى) الذى نحلم به .. إن الله سبحانه وتعالى إخوتى قد أراد لهؤلاء أن نستبدل بهم قوماً آخرين يعينوننا فى تحقيق ما لم نستطع تحقيقه من إشاعة الفضيلة ونبذ الرذيله وإعلاء قيم العدل والإحسان وطهارة (اليد واللسان) !! إن إختفاء هذا الشعب الفضل إخوتى لهو خير محض لعل الله سبحانه وتعال يستبدلهم لنا بخير منهم والخير فيما إختاره الله !!
يأتى الدور فى الحديث للمسئول للمسئول (الممسك بالملف الأمنى):
والله إنى لاسعد مسئول فى هؤلاء المجتمعون جميعا ً .. فهذا الشعب الفضل قد (غلبًنا) وجعلنا فى حاله إنتباه دائم .. نزيد (السكر) إيدنا فى (قلبنا) نزيد (البنزين) إيدنا فى (قلبنا) وهسع لو ما إختفى ما كنا عارفين نعمل معاهو شنو بعد الزياده بتاعت الرغيف الكنا ح نعملا فى اليمين الجايات ديل .. شعب ( البنبان) ما نفع فيهو؟ الضرب ما نفع فيهو؟ كل يوم والتانى مظاهرة وكل يوم والتانى مسيرة وكل يوم والتانى إعتصام ... أحسن حاجه إنو (إختفى) لأنو روحنا (طلعت) من (الحركات) البيعمل فيها دى !!
المسئول الذى يقوم بإدارة الإجتماع يعطى الفرصة للمسئول (الممسك بملف الإنتخابات):الأخوة المسئولون .. والله أنا أسعد زول فيكم كلكم .. والله أنا كنت شايل هم عديييييل كده من الإنتخابات القربت دى لأنو مهما نعمل ح يجو يقولوا ليك (زورتوها) وغيرتوها وبدلتوها وشنو ما بعرف داك .. يعنى لو (زورنا) لينا إن شاء الله 10% ح يجو يقولو (زورتوها) كلها .. وكان ده ما حصل تقوم الأحزاب بتاعتهم كلها تتحالف ضدنا ونمشى (الخور) .. يعنى فى كل الأحوال كانو ح يعملو لينا (جهجهه) ما حصلت عشان كده أنا بفتكر ربنا حلانا منهم فى الوكت المناسب وممكن عشان نورى العالم (الشورى والديمقراطية) بتاعتنا (الإنتخابات) تقوم فى مواعيدها ونمشى كلنا (نصوت) ونفوز وكان الله يحب المحسنين !!!
المسئول الذى يقوم بإدارة الإجتماع يخاطب المجتمعين :
- يا جماعه ذى ما قلت ليكم أنا عاوز أعطى الدور لكل مسئول منكم عشان يورينا آثار هذا الإختفاء على وزارتو أو الحته المسئول منها - يلتفت نحو ( المسئول عن الصحف) معطيا أياه الفرصة :
- يا جماعه سعادت شنو البتتكلمو عليها والله أنا أسعد زول إنتو ما شفتو القاعده تكتبو الصحف ده والتعب والمجهود القاعدين نقوم بيهو عشان ما تطلع حاجه كده وإلا كده !! عندهم جن بس إسمو (فساد المسئولين) كل يوم يطلعو ليك بى حاجه جديده .. مرة المسئول داك عندو (بيزنس) ومره المسئول داك عندو(كم عمارة) ومرة المسئول داك (مرتو) شغاله (ترخيص) فى الحاجات ديك ومرة المسئول داك قبض شنو ما بعرفو داك .. والمشكله الواقعين نحنا فيها إنو نحنا مستندين لينا على ماده فى القانون بتاعت (مطاعم وصحت بيئة) يعنى لو ودوها (المحكمة الدستوريه) ح تفيد ببطلانها .. أها تانى نقفلا ليهم بى ياتو ماده ؟ عشان كده يا جماعه والله أنا أسعد زول بإختفاء (الشعب الفضل) ده وإن شاء الله تانى ما (يقلع) كلو كلو !!
يأتى الدور فى الحديث للمسئول (الممسك بملف المفاوضات مع الحركات المسلحة) :
الناس القاعده دى قالت كلها إنها سعيده بإختفاء الشعب الفضل وما عارفين السعيد منو؟
يا جماعه والله المفاوضات دى هدت حيلنا .. كل يوم والتانى نحنا نفاوض .. يوم حركة النمور الشرسه ويوم حركة الفهود المفترسه ويوم حركة الذئاب الجائعه ويوم حركت الشنو ما بعرفو داك !! بس ننتهى من مفاوضات ديل إلا نلقى (ديل) رفعو السلاح .. ننتهى من مفاوضت (الثعالب المتحده) ونوقع معاهم إتفاق يقوم يطلع منهم (فصيل) يرفض يوقع معانا .. طيب إنتو منو؟ يقولو ليك نحنا (الثعالب المنتحرة) !!! معقوله بس يا جماعه نتفاوض لينا مع خمسه وتلاتين (حركه) كل (حركه) فيها (عشرين فصيل) وكل فصيل فيهو (خمسطاشر ) قائد !!! والله نحنا حيلنا ذاتو (مات) من (التفاوض والسهر) عشان كده أنا بفتكر ربنا ريحنا من (العذاب) ده !! والله أنا من كترت قعاد (المفاوضات) الكتيرة دى لامن جاتنى (بواسير) !!
المسئول الذى يقوم بإدارة الإجتماع يعطى الفرصة للمسئول (عن الشباب والرياضه):
كل الناس الإتكلمو قبلى كانو سعيدين بإختفاء هذا (الشعب الفضل) إلا أنا .. نعم يا إخوتى فأنا حزين حزين حزين .. يعنى يا جماعه من سنت 1970 أنحنا ما وصلنا (نهائى) هسع لمن (المريخ والهلال) خلاص قربو يصلو نهائى يقوم (الشعب) يزوغ ؟ اللعيبة والمدربين والإداريين والجمهور ديل كلهم ما من الشعب أها نجيبهم كيف؟ مكتوب علينا إنو ما نحرز أى (كاسات) – يبكى - مك مك مك توب توب توب علينا إنو ما نحرز أى كا كا كا كاس كاس كاس آت آت آت
يقوم المسئول المكلف بإدارة الإجتماع بإعطاء (مسئول الرياضه ) منديل ورق ليمسح به دموعه التى إنهمرت ويداعبه قائلاً :
- كاسات شنو؟ ما صفيح ساااكت إنت قايلا كاسات (إنجاز) !! هسع نجيب ليك (شعب ) غير الشعب (الكحيان ده) يشيل ليك (كاس العالم) ظاااتو !!
- الفرصه دلوقت عن أخونا المسئول عن ملف (الخصخصة) :
المسئول عن (ملف الخصخصة) يصلح من (ملفحته) ويعدل (عمتو) ثم يمسح (لحيته) :
أنا بفتكر يا جماعة إنو (الجماعه) ديل ريحونا راحة ما بعدها راحه من الإختفاء بتاعهم ده ...بعد ده ممكن الواحد (يخصخص) العاوز يخصخصو و(يبيع) الداير يبيعو وما فى زول يقول ليهو تلت التلاته كم ... بالله شفتو يا جماعه لمن بعنا هسع (سودانير) دى الناس دى قامت فينا كيف؟ والله الناس ديل عذبونا جنس عذاب وجنس أسئله ؟ (الفيحاء) دى بتاعت منو؟ والبقول ليك تأسست بتاريخ ( 19 فبراير 2006 م) والبقول ليك ما عندها وجود في عالم الطيران ، وما عندها خبرة سابقة في دنيا النقل .. ديل شدت ما شديدين ومفتحين عرفو إنو (الشركة) دى أصحابها قيادات نافذة بالدولة والحزب الحاكم وجابوهم فى الجرائد (بالإسم).. عليكم أمان الله (الشعب) ده قدر ما حاولنا (ندس) منو ما قدرنا .. أها ما أخير لينا (يمشى) ويغور بدل يقيف لينا (شوكت حوت) كده ؟ عشان نخصص العاوزين (نخصخصو) ونبيع الدايرين نبيعو لا اسئله لا (زرزره لا يحزنون) وأقول ليكم قوله .. أنا بفتكر دى فرصه طالما (الشعب ده مافى) إنو نطلع لينا للبلد دى شهاده بحث (ملك حر) ونخلص عشان كان الشعب ده (رجع تانى) ما يكون عندو عندنا حاجه !!!
ما أن يتم المسئول عن (ملف الخصخصة) حديثه حتى يستمع الجميع إلى جلبة وأصوات خارج قاعة الإجتماعات تقترب شيئاً فشيئاً ثم يدخل إلى قاعة الإجتماعات عدد من الأشخاص الذين يرتدون (الجلاليب) البيضاء الناصعه والشالات والملافح ومراكيب (النمر) الما خمج حيث يقومون بالجلوس على ما تبقى من (كرسى) فاضية فى قاعة الإجتماعات .. لا يلبث المسئول الذى يدير الإجتماع أن يتعرف عليهم :
- إنتو مش نواب (الشعب) ؟
- أيوه سعادتك
- طيب ما إختفيتو معاهو ليه؟
- (شعب) شنو يا سعادتك وإختفاء شنو؟ إنتو ما عارفين إنو نحنا نواب شعب (إسم سااااكت) .. هسع يا سعادتك حصل شفتونا وقفنا لينا مع قرار فى مصلحة (الشعب الفضل) الإختفى ده ؟ وإلا حصل حاسبنا لينا مسئول ؟ وإلا حصل إستجوبنا لينا وزير لمن كشفنا (غلطو) .. معقول يا سعادتك أكان نحن (مع الشعب) هسع 18 سنه يكون فى زول فى (الحكومة) دى ما غلط (ليهو غلطه) عشان نحاسبو !!
- (المسئول فى إستغراب) : يعنى هسع إنتو (شعب) وإلا (حكومة) ؟ يعنى نعتبركم مع منو؟
- والله أنحنا ممكن تقول (موالين) للحكومة وكده أصلو لو أنحنا كان من (الشعب الفضل) كان (إختفينا) معاهم !!
- وإنتو طيب رايكم فى (إختفاء الشعب) ده شنو؟
- والله يا سعادتك خليهم (يغورو) فى ستين داهيه عشان مما نطالب بى (زيادت مخصصاتنا) قاعدين ينطو لينا فى (حلقنا) !!
المسئول (ك) الى يقوم بإدارة الإجتماعات يستعدل فى جلسته ثم يخاطب المجتمعين :
- يا جماعه كلامكم ده كلو كان عن أثر إختفاء (الشعب الفضل) على (مسئولياتكم) يعنى الحتت الإنتو مسئولين منها لكن ما وريتونا أنحنا هسع نعمل شنو؟ نفتش على (الشعب الفضل)الإختفى فى ظروف غامضه ده ؟ وإلا نعمل نائمين ونشوف لينا شعب (غيرو) ؟ وكان عاوزين شعب غيرو نجيبو كيف؟ وبعدين فى حاجه مهمة جداً إنتو ما إتطرقتو ليها بكرة (مجلس الأمن) والأمم المتحده ح يرسلو لينا مندوب وراء التانى وح يسألونا وديتو (الشعب الفضل) ده وين؟ نقول ليهم شنو؟ يقومو بعد مواد (الإباده الجماعية) و(جرائم الحرب) الفتحوها لينا لا إيدنا لا كراعنا دى يفتحو لينا تانى (خيانت أمانه) !! وبعدين نسيت أقول ليكم حاجه ...
(هنا يفتح باب القاعه بطريقه عنيفه وتدخل مليشيا مسلحه فى كامل عتادها الميدانى لتأخذ أماكنها الإستراتيجية فى القاعه وهى تطلق النار فى الهواء)
- إنتو يا (سعادتو) تعملو إجتماعات (براكم) نسيتو إنتو معاكم شريك فى (حكومة) ده ..
أحدى الطلقات تضل طريقها لتصيب المسئول (س) الذى يهب من نومه مذعورا ً وهو يتمتم :
- اللهم أجعلو خير .. اللهم أجعلو خير !!
بينما زوجته تخاطبه :
- إنت الليله يا سعادتو ما ماشى الشغل؟؟ (عبدالغنى) السواق ده ما منتظرك من قبيل !!!
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
صحيفة الرأى العام
الجمعة الموافق 18 مايو 2007م
مواطن افراج مؤقتت
فى قاعة الإجتماعات الفخيمة جلس مستشار شئون (القرارات الإسترتيجية) مترأساً أحد الإجتماعات الهامة التى دعا إليها كبار المسئولين التنفيذين :
والله أنا جبتكم فى الإجتماع ده علشان أبلغكم بإنو نحنا فى طريقنا لإصدار قرار أملتو علينا ظروف كتيرة
- ظروف ذى شنو سعادتك ؟
- ذى مثلاً أنحنا ما قادرين نعمل للشعب ده (تعداد سكانى) مثلاً !! مستحيل ده يتعمل !!
- مستحيا يتعمل ليه يا سعادتك؟
- نعمل (تعداد سكانى) كيف إذا الناس دى (حايمة) طول اليوم .. ليل نهار الناس دى (لافه)؟ يعدوهم كيف يعنى ؟
- والله فعلاً الناس دى بقت كتيرة كتره شديده .. الشوارع مليانه .. الأسواق مزدحمة التقول بكرة العيد
- بعدين يا جماعه ما تنسوا إنو العاصمة إمتدت وبقت كبيرة وشاسعه جداً والناس كلها جات (إتكبت) هنا !!
- كلامك صاح يا سعادتك والله الخدمات بقت غير متوفره .. أمن وصحة وتعليم وموية وكهرباء
- أها أنا هسع جمعتكم عشان عندى إقتراح نضرب بيهو (كم عصفور) بى حجر واحد
- (فى ترقب) : القرار شنو يا سعادتك؟
وبدأ (المسئول) فى تجهيز عدد من الملفات التى أمامه ووضع نظارته الطبية بعد أن مسح على ذقنه وتنحنح ثم بدا فى شرح الإقتراح :
- شوفو يا جماعه أنحنا ببساطه كده قررنا إنو كل مواطن لازم (يترخص) ويآخد (نمرة) ما مهم يكون لابسا فى (ضهرو) فى (وشو) ده موضوع نجيهو بعدين ... المهم إنو كل مواطن تكون عندو نمرة معلقا فى مكان بارز عشان لو ماشى فى الشارع (الدولة) تكون عارفا ده منو .. أو لو طلع (مظاهرة) أو(مسيرة) أو عمل أى حاجه من الحاجات الضد (القانون) دى نكون عارفنو .. مش الناس ماشة كدا ساااكت وأنحنا ما عارفين (زيد من عبيد) !!
- والله فعلا يا (سعادتك) المشروع ده ح يكون عندو فوائد كتيره أولاً ح نقدر نعمل التعداد (القلت عليهو ده ) وتانى ح يساعد فى الناحية الأمنية وخاصة (المظاهرات والمسيرات) عشان المواطن ح يكون عارف إنو (الدوله) عارفاهو بالإسم أقصد (بالنمرة) .. وكمان فى حاجه تانية – وهو يبتسم فى خبث – ح نطلع لينا منو قرشين تلاته !!!
- لكن المواطنين ديل بيرضو ؟ والله نظرنا فيهم كترت (نظريات) !!
- أيواا عشان المواطنين يرضو وما يعملو لينا (حركات) نحنا ح نقول ليهم إنو الغرض من المشروع ده عشان الإنتخابات الجاية تكون (نزيهه) وعشان ما يكون فى أى (تلاعب) أو (تزوير) فى الإنتخابات والناس تكون معروفه وواضحة وكل زول لابس نمرتو ومعروف ذى لاعب الكورة فى الميدان
- والله يا سعادتك عرفت ليهم تب !!
تنوير إعلامى :
كان لابد من تنوير إعلامى للمواطنين حتى يكونو على علم بأبعاد القرار كعاده الدولة دائما فى إطلاع المواطنين على أبعاد القرارات التى تتخذها لا سيما ان هذا القرار يمس المواطن بصورة مباشرة لذلك فقد قامت إحدى (القنوات التلفزيونية) بالتزامن مع بعض (الإذاعات) بإستضافة (المسئول شخصيا) فى محاولة لتنوير المواطنين على (مشروع ترخيص المواطن) والرد على إستفساراتهم
- يا جماعة أنحنا عاوزين نتعامل مع المواطن بصورة علمية وتقنية يعنى هسع شنو لمن ترسل ليكا شكوى تنتقد فيها أداء (مسئول الأمن) فى الولايه الإنت فيها مثلا وتكتب إسمك (محمد محمود أحمد) مافى مليون زول إسمهم (محمد محمود أحمد) . .. هو ح يقدر يقبض عليهم كلهم؟ بس تفرق لمن تكتب إنك (4227 خ ت ) لأنك إنت الوحيد النمرتك كده وح ينقبض عليك فى أقل من ثانية !!
- وبعدين شوفوا المستشفيات دى مليانه مواطنين كيف؟ أها هسع تانى الحكاية بعد القرار ده ح تتنظم مثلاً يوم السبت ناس (خ ب) وناس (ب ك) ويوم الأحد ناس (هـ ع) و( أح) وكده !!
- بعدين أنحنا عاوزين نكون أول بلد Digital يستخدم (التقنية الرقمية) ويتخلص من الأسماء الطويله دى .. يعنى بدل الزول يقول (إسمو وإسم أبوهو وإسم جدو) يكفى يقول إنو (8743 هـ و) !!
- طيب يا سعادتك المواطن حقيقة بيتسائل عن مسألة رسوم (الترخيص واللوحة) وكيف ح يتم تقديرها بعنى هل كل الناس رسوم ترخيصهم واحده ؟
- والله شوف أنحنا فى إجتماعاتنا حول مسألة تقدير الرسوم دى كان فى وجهات نظر مختلفة
- كيف يعنى؟
- أيواا أقول ليك .. فى مسئولين قالو الترخيص يتم بالعمر .. يعنى عمرك 40 سنة ترخيصك يكون بى 40 ألف دينار .. 20 سنة بى 20 ألف دينار يعنى السنة بى ألف دينار ... والإتجاه التانى وهو الإتجاه البقينا عليهو هو إنو المسألة تكون بالوزن يعنى وزنك 50 كيلو رسوم ترخيصك تكون 50 ألف دينار والإتجاه بتاع الوزن ده (فاز) لأنو شايفين (الشعب) ده قامت ليهو شوية (كضيمات) فمسألة (الرسوم على أساس الوزن) دى ح تخليهم (يخسو) شوية !! أما مسألة (اللوحة) ف ح نديها للمواطن هدية (مجاناً) !!!
- وهل ح يكون فى (فحص آلى) ؟
- أيواا والله ده سؤال مهم جداً لأنو واحده من أهداف المشروع ده (غير مسألة النمر واللوحات) إنو الدوله تعرف المواطن (العيان) من (الشديد) عشان توفر ليهو العلاج وتعرف (الأمراض) البشتكى منها بالضبط وعشان كده عملنا (فحص آلى) وفى شركة متخخصة فى (الفحص الآلى ) جبناها من (هولندا) مخصوص عشان تفحص المواطنين لأنو عندهم أجهزة متقدمة وبالكمبيوتر (المواطن) يدخل بى جاى و(الكمبيوتر) يطبع (أمراضو) أتوماتيكياً بى غادى !!
- والفحص ده رسومو كيف؟
- والله حسب (الأمراض) البتطلع من (الكمبيوتر) فى (الفحص الآلى) ... كل مرض عملنا ليهو (رسوم) – مواصلاً- بالمناسبة الناس ما تخاف من الحته دى لأنو آخر دراسة طبية عملتا الدولة أثبتت إنو غالبية (الشعب الفضل) أصحاء وما عندهم حاجة !!
- ممكن بس يا سعادتو تدينا فكرة عن رسوم (الأمراض) دى؟ والفلسفة القامت عليها ؟
- أيواا ده سؤال جميل .. نحنا (رأفة) بالمواطن خلينا الأمراض الغير متفشية ذى (الملاريا) و(فقر الدم) و(الإسهالات المائية) وكده رسوما عالية شويه يعنى حوالى عشرين ألف للمرض الواحد والأمراض المتفشية بين المواطنين ذى ( القاوت) و(البرجم) و(الثعلبه) رافة بالمواطنين عملنا ليها رسوم بسيطة ً !!
ممكن ناخد مكالمة : آلو .. آلو منو معاى
- معاك 6578 أ ز
- ياخى لو سمحت أدينا إسمك (العديل) وما (تستهبل) لأنو الترخيص لسه ما بدأ
- طيب أنا ( أ ز) !! عرفتنى؟؟
- لا طبعاً .. ما عرفتك
- أنا المواطن ( أب زرد ) !! وقول للقاعد معاك ده .. جوع جوعتونا .. عطش عطشتونا .. كهرباء قطعتونا .. جن جننتونا وهسع رخيص (رخصتونا) والله بس ما ...(تيت ... تيت .. تيت.. تيت) يبدو إنو الإرسال قطع ... نآخد مكالمة تانية ... معانا منو:
- (صوت أنثوى مايع) : معاكا ...(إنتى سار) من (السااافيا )
- أهلا يا (إنتصار) من (الصافية) .. عندك سؤال؟؟ المسئول معاكى
- واللاهى .. أنحنا ... ما ..عندنا .. إعتراض .. على .. (النمر) .. دى... وكده .. بس .. عاوزين ..الأرقام تكون ... مميزه ... وكده
- لا إن شاء الله نحنا نضم صوتنا لى صوتك ونطلب من المسئولين إنو يوفرو ليكم أرقام مميزه
- معليش بس ممكن أهدى؟
- لا معليش يا (إنتصار) لأنو البرنامج ده مخصص بس لمناقشة (قرار الترخيص) عشان نسلط (النور) عليهو
- يعنى شنو ؟ ما برضو أنا عاوزة أطلب أغنية (النور) .........الجيلانى !!
نرجع يا سعادتك نتكلم شوية عن (تداعيات) القرار المتوقعة من قبل المواطنين ومدى تفاعلهم معاهو وبعدين ناخد مكالمة
- والله انحنا بنتوقع تفاعل كبير من (المواطنين) وأكيد المواطن كالعاده ما ح يخذلنا ورايح يكون متعاون لأقصى درجه لأنو اساسا نحنا عملنا القرار ده من أجل مصلحتو ... يعنى هسع إتصور إنو إنت راقد فى البيت ونط عليك حرامى قمت صحيت لقيتو طالع فى الحيطه ؟ قبل القرار ده ما ينفذ ح تقعد تكورك (حرامى ... حرامى) عشان تلم الجيران ويقوموا الجيران يعملو (نايمين) وتقوم إنت تخاف تمشى عليهو أحسن يكون شايل ليهو (سكين) وإلا مصيبة .. أها بعد القرار ده .. بس تشيل نمرتو المعلقا وترجع تتغطى بالبطانية تنوم والصباح تديها لينا نقبضو ليك فى نص دقبقة !!!
- والله فعلاً يا سعادتك القرار ده إتأخر كتير كان مفروض يكون من عشرة خمستاشر سنه !!
ألو ناخد مكالمة أخيرة :
- آلو؟ معاى منو؟؟
- معاك مواطن
- عارفنك مواطن .. إسمك منو؟
- إسمى ده خليهو لمن تعملوا نمركم دى ح تعرفوهو
- لا لازم عشان تداخل تقول لينا إسمك ؟
- طيب أنا إسمى (حسين أنفاس) .. ممكن أدخل ؟
- أيوا ممكن تتداخل .. عندك سؤال ؟
- طبعا عندى سؤال يعنى جايب (جواب) ؟؟
- طيب بالله بى سرعة عشان ما فضل وكت كتير
- جداً .. أنا كنت بس عاوز أسأل (سعادتو) ده هل المسئولين (الفوق) ديل ح يترخصو (ذنا) وإلا برضو ح يمشو (بدون نمر) !!
- (المسئول يتنحنح) : والله الحقيقة ما ح أقدر أجاوب ليكا على السؤال ده إلا بعدما نرجع لمذكرة (تفسير القانون) !!
- والله أنا بقترح إنو (المسئولين) ديل تدوهم (إفراج مؤقت) عشان ما دوامه وكده !!
طيب يا سعادتك قبلما نختم اللقاء التنويرى ده فى سؤال بيفرض نفسو وهو إنكم هل ح (تغرمو) المواطن (البيخالف) وما بمشى (يترخص) ؟
- هو أنحنا المواطن القاعد ساااكت ما بنسيبو لامن المواطن البيخالف وما يمشى يترخص؟؟ أكيد ح نغرمو 30 ألف وعشان المواطن من هسه يعرف يعنى الزول لو سائق عربيتو وما (مرخصها) وهو فى نفسو ما عندو نمر وما (مرخص) معنى كده يحضر ليهو 60 ألف !!!
الكشات :
بعد إنتهاء المهلة التى حددتها (السلطات) للمواطنين بدأت (الكشات) والتى تتبع قواتها إلى الإدارة التى تم إستحداثها خصيصاً لهذا الغرض والتى سميت بإدارة (الترخيص الشخصى) فمنذ الصباح الباكر ينتشر منسوبو تلك القوات بأزيائهم (الخضراء الغامقة) على مداخل الكبارى و(الصوانى) والتقاطعات الهامة والأسواق وأماكن العمل وهم (يبحلقون) فى ظهور (العالمين) من أجل رؤية (اللوحات) ومقارنتها مع (الرخصة المدورة) التى تقرر أن يتم تعليقها على (الصدور) !!!
فى إحدى الصوانى قام أفراد (كشة الترخيص الشخصى) بإيقاف إحدى الحافلات المتجه إلى (السوق الشعبى) صعد أحدهم وهو يرتدى الزى الأخضر المميز ووقف على السلم مخاطباً الركاب :
- كل واحد ينزل يورينا (ضهرو) عشان نشوف (لوحاتو) ويورينا (صدرو) عشان نشوف (رخصتو المدورة) !!
... (وهو يشير لأحدهم) إنت يا (أب نضارات) هناك ما (تضاير) أنزل شايفك ما عندك (لوحات) .. وإنتى يا حاجه زحى يدك دى من (صدرك) عشان نشوف رخصتك !!
- هى سجمى يا ولدى ما نسيت ألبسا هم (النسوان) ديل ريحونى شبكونى (يلا بيت البكا) أطلعى بى سرعه .. أطلعى بى سرعه ختيتا فى (السرير) وطلعتا !!!
- ما عاوز كلام كتير أنزلو لينا كلكم وأى زول ما مرخص يقيف بى جاى – وهو يلتفت إلى السائق – وإنت ما تنزل لينا قاعد مالك ؟
- (وهو ينزل من الحافلة فى زهج) : يعنى هو الزول كان جلا من (اللابسين أبيض) يقع فى (اللابسين أخضر) دى (مصيبة) شنو الوقعنا فيها دى !!
- (يدخل يده فى جيبه ويخرج دفتر المخالفات) : إنت هناك .. اللابس (لوحة إستثمار) ده .. أيوه إنت .. هسع عليك الله (شكلك ده) شكل إستثمار ؟
- مالو شكلى كمان ؟ أيوه أنا مستثمر وعندى مصنع (لقيمات) ومرخص (إستثمار) عندك إعتراض ؟؟ وأقول ليك حاجه كمان : أنا مصنعى ده عندو إمتيازات وكمان (أولادى ) كلهم كان ما عاجبك لوحاتهم (إستثمار) !!
لوحات أنواع وأشكال :
بدأ منظر الشارع أكثر فوضى فعلاوة على الملصقات واللافتات (الإعلانية) ذات (الألوان) المتنافرة و(الأشكال) غير (المنتظمة) المنتشرة فى غيرما ترتيب والباعه المتجولين والعربات المتكدسة والحفر والمطبات والأوساخ المتراكمة .. علاوة على كل ذلك فقد بدأ منظر الشارع غريباً وأنت تشاهد الجميع وهم (معلقين) اللوحات على (ظهورهم) والرخص المدورة على (صدورهم)
لافتات (صفراء) تشير إلى أن حاملها (حكومة) ولافتات (حمراء) تشير إلى أن صاحبها مغترب (إفراج مؤقت) ولوحات (ق م ) تشير إلى ان صاحبها (قوات نظامية) وأخرى (ح ش) – حركة شعبية- وأخرى (ح ت) – حركة تحرير- وأخرى (بيضاء) للمواطن العادى وأخرى (إستثمار) تشير إلى أن صاحبها مستثمر فى (الشاورما) على أكثر تقدير !!
أبراج مراقبة :
تم إستئجار مواقع إسترتيجية ذات واجهات زجاجية فى الأسواق وأماكن الإزدحام كيما يتم إستخدامها بواسطة المسئولين وذلك من أجل (بسط الأمن) الشامل وتتبع (المواطنين) المشتبه فيهم وقد زودت هذه الأبراج بأجهزة كمبيوتر تحتوى على (بيانات) المواطنين إذ يكفى فقط أن يتم إدخال (رقم لوحة) المواطن لتظهر بياناته جميعها على الشاشة ، كما تم تزويد هذه المواقع بأجهزة إتصال حديثة وشاشات مراقبة تلفزيونية وعدسات مكبرة .
- كده شوف بيانات الزول (6564 خ م ) الماشى قدام الكشك داك .. اللابس جلالبية (سمنية) وشبشب (مقطع) داك !!
- مالو؟
- لا بس شكلو كده ما عاجبنى .. مثير للريبه يعنى
- (وهو يدخل رقم لوحة المواطن وينظر للشاشة) : يا خى (ريبه) بتاعت شنو؟ البيانات بتاعت الزول ده بتقول إنو كان (نائب وكيل) وشالوهو صالح عام !!
- طيب كدى شوف (الود) اللابس قميص (ضيق مشجر) وبنطلون جينز داك ..أيواا (7676 ش ط) داك!! ... بالله عاين ليهو ماشى كيف؟
- (وهو يدخل رقم لوحة الشاب وينظر للشاشة ثم فى إندهاش ): بالله معقول الشاب ده ما عرفتو؟؟ ياخى ده بياناتو بتقول إنو ده (حماده ساوند) .. الواد العندو فرقة (مديح) وبجيبوهو فى التلفزيون طواالى والإذاعة !!
تداعيات بعد التنفيذ :
تداعيات إجتماعية (1) :
على صفحة (الإجتماعيات) بأحدى الصحف اليومية ظهرت هذه الدعوة :
آل (5453 خ ج ) وآل (7692 خ ب)
يتشرفون بدعوتكم لتناول طعام العشاء بمنزلهم الكائن بزقلونا وذلك بمناسبة تأهيل إبن الأول المهندس (6345 خ ج) على كريمة الثانى الدكتورة (7834 خ ب) والعاقبة عندكم فى المسرات ،،،
تداعيات إجتماعية (2) :
- أها والمولود سميتوهو منو؟
- والله بس منتظرين (السماية) أقصد الترخيص ... غايتو ما معروف لكن إحتمال كبير يكون (حاجة كده) خ ت
- وأكيد ح تجيبو فنان؟
- أيوه والله شايف الشباب ديل كلهم قالو عاوزين 9898 م ع
- إنت (9898 م ع ) ده مش أخو (9899 م ع )؟
- لا .. لا ما أخوهو ده (تشابه لوحات) ساكت لأنى أنا بعرف أخوانو كلهم (إفراج مؤقت)
- طيب ما تنسى لمن تجو للسماية أقصد (الترخيص) كلمنى عشان أنا بعرف زول هناك أخليهو يديكم ليهو إسم أقصد (رقم) مميز !!
تداعيات إجتماعية مستقبلية :
- ده عريس شنو الجايباهو لى بتى يا (نفيسه)؟
- ومالو ما عريس يهز ويرز
- يهز شنو؟ و(يرز) شنو ياختى ؟ والله نحنا سألنا تحت تحت لقيناهو ليهو أربعه سنين ما (مرخص)!!
- مالو ياختى ما كان (مرفوع)
- مرفوع شنو يعنى (فاكين لساتكو) ؟؟ ما بيكون (مفلس) ساكت وما عندو حق الترخيص – مواصلة- برى برى يا بت أمى عريسكم ده ما عاوزنو
- يعنى شنو يا (نعمات) ؟
- يعنى عديل كده أنا بتى دى ما بديها لى عريس إلا يكون (ترخيص السنه) !!
تداعيات كروية :
فى أول نقل حى (بث مباشر) لمباراة كرة قدم بعد تنفيذ القرار :
سيداتى آنساتى سادتى من داخل إستاد الخرطوم يحييكم (8657 خ ل) وينقل لكم وصفاً حياً لمباراة القمة بين فريقى (الذئاب الضارية والنسور المفترسة) تتكون تشكيله فريق (الذئاب الضارية) من (4543 ب ك ) فى حراسة المرمى يعاونه فى خط الظهر (4598 خ ت) ظهير أيسر و(2983 خ ت) ظهير أيمن و ... .................
يحكم المباراة الحكم الدولى (612 أستثمار) ... يساعده فى الخطوط (656 إفراج مؤقت).. و 432 (مرور كررى) و (8721 خ ب) حكم رابع .. يغيب عن تشكيلة فريق الذئاب الضارية اللاعب (3241 خ ج ) لعدم الترخيص كما يغيب أيضاً اللاعب الدولى ( 7091 خ و) للإصابه !!!
تداعيات فنية :
وقفت الفنانه (عوضية كتاحة) أمام شباك (الترخيص) لإستلام (اللوحة) الخاصة بها وبعد أن قام الموظف بتسليمها (اللوحة) نظرت إليها فى (إزدراء) قائلة :
- شنو يعنى تدونى نمرة (بايخة) ذى دى؟
- مالا ؟ ما كويسة (7646 ك ش) ؟؟
- بس معقول كمان (ك ش) ؟ إنتو عاوزين الناس ينادونى (عوضية َكَشه) ؟ أنا عاوزة ليا حاجه كده ذى (م ك) عشان تحت تحت المعجبين ينادونى (عوضية مس كول) وإلا (س ج ) عشان ينادونى (عوضية سين وجيم)
- طيب خلاص يا (أستاذه) نديك الرقم المميز ده (5522 ق م )
- (تنظر للرقم ثم ترمى باللوحة بعيداً) : برى برى سجمى كمان عاوزين تدونى ( ق م ) عشان الناس (يكوركو) ليا (عوضية قبل الميلاد) !!
الجمعة الموافق 18 مايو 2007م
مواطن افراج مؤقتت
فى قاعة الإجتماعات الفخيمة جلس مستشار شئون (القرارات الإسترتيجية) مترأساً أحد الإجتماعات الهامة التى دعا إليها كبار المسئولين التنفيذين :
والله أنا جبتكم فى الإجتماع ده علشان أبلغكم بإنو نحنا فى طريقنا لإصدار قرار أملتو علينا ظروف كتيرة
- ظروف ذى شنو سعادتك ؟
- ذى مثلاً أنحنا ما قادرين نعمل للشعب ده (تعداد سكانى) مثلاً !! مستحيل ده يتعمل !!
- مستحيا يتعمل ليه يا سعادتك؟
- نعمل (تعداد سكانى) كيف إذا الناس دى (حايمة) طول اليوم .. ليل نهار الناس دى (لافه)؟ يعدوهم كيف يعنى ؟
- والله فعلاً الناس دى بقت كتيرة كتره شديده .. الشوارع مليانه .. الأسواق مزدحمة التقول بكرة العيد
- بعدين يا جماعه ما تنسوا إنو العاصمة إمتدت وبقت كبيرة وشاسعه جداً والناس كلها جات (إتكبت) هنا !!
- كلامك صاح يا سعادتك والله الخدمات بقت غير متوفره .. أمن وصحة وتعليم وموية وكهرباء
- أها أنا هسع جمعتكم عشان عندى إقتراح نضرب بيهو (كم عصفور) بى حجر واحد
- (فى ترقب) : القرار شنو يا سعادتك؟
وبدأ (المسئول) فى تجهيز عدد من الملفات التى أمامه ووضع نظارته الطبية بعد أن مسح على ذقنه وتنحنح ثم بدا فى شرح الإقتراح :
- شوفو يا جماعه أنحنا ببساطه كده قررنا إنو كل مواطن لازم (يترخص) ويآخد (نمرة) ما مهم يكون لابسا فى (ضهرو) فى (وشو) ده موضوع نجيهو بعدين ... المهم إنو كل مواطن تكون عندو نمرة معلقا فى مكان بارز عشان لو ماشى فى الشارع (الدولة) تكون عارفا ده منو .. أو لو طلع (مظاهرة) أو(مسيرة) أو عمل أى حاجه من الحاجات الضد (القانون) دى نكون عارفنو .. مش الناس ماشة كدا ساااكت وأنحنا ما عارفين (زيد من عبيد) !!
- والله فعلا يا (سعادتك) المشروع ده ح يكون عندو فوائد كتيره أولاً ح نقدر نعمل التعداد (القلت عليهو ده ) وتانى ح يساعد فى الناحية الأمنية وخاصة (المظاهرات والمسيرات) عشان المواطن ح يكون عارف إنو (الدوله) عارفاهو بالإسم أقصد (بالنمرة) .. وكمان فى حاجه تانية – وهو يبتسم فى خبث – ح نطلع لينا منو قرشين تلاته !!!
- لكن المواطنين ديل بيرضو ؟ والله نظرنا فيهم كترت (نظريات) !!
- أيواا عشان المواطنين يرضو وما يعملو لينا (حركات) نحنا ح نقول ليهم إنو الغرض من المشروع ده عشان الإنتخابات الجاية تكون (نزيهه) وعشان ما يكون فى أى (تلاعب) أو (تزوير) فى الإنتخابات والناس تكون معروفه وواضحة وكل زول لابس نمرتو ومعروف ذى لاعب الكورة فى الميدان
- والله يا سعادتك عرفت ليهم تب !!
تنوير إعلامى :
كان لابد من تنوير إعلامى للمواطنين حتى يكونو على علم بأبعاد القرار كعاده الدولة دائما فى إطلاع المواطنين على أبعاد القرارات التى تتخذها لا سيما ان هذا القرار يمس المواطن بصورة مباشرة لذلك فقد قامت إحدى (القنوات التلفزيونية) بالتزامن مع بعض (الإذاعات) بإستضافة (المسئول شخصيا) فى محاولة لتنوير المواطنين على (مشروع ترخيص المواطن) والرد على إستفساراتهم
- يا جماعة أنحنا عاوزين نتعامل مع المواطن بصورة علمية وتقنية يعنى هسع شنو لمن ترسل ليكا شكوى تنتقد فيها أداء (مسئول الأمن) فى الولايه الإنت فيها مثلا وتكتب إسمك (محمد محمود أحمد) مافى مليون زول إسمهم (محمد محمود أحمد) . .. هو ح يقدر يقبض عليهم كلهم؟ بس تفرق لمن تكتب إنك (4227 خ ت ) لأنك إنت الوحيد النمرتك كده وح ينقبض عليك فى أقل من ثانية !!
- وبعدين شوفوا المستشفيات دى مليانه مواطنين كيف؟ أها هسع تانى الحكاية بعد القرار ده ح تتنظم مثلاً يوم السبت ناس (خ ب) وناس (ب ك) ويوم الأحد ناس (هـ ع) و( أح) وكده !!
- بعدين أنحنا عاوزين نكون أول بلد Digital يستخدم (التقنية الرقمية) ويتخلص من الأسماء الطويله دى .. يعنى بدل الزول يقول (إسمو وإسم أبوهو وإسم جدو) يكفى يقول إنو (8743 هـ و) !!
- طيب يا سعادتك المواطن حقيقة بيتسائل عن مسألة رسوم (الترخيص واللوحة) وكيف ح يتم تقديرها بعنى هل كل الناس رسوم ترخيصهم واحده ؟
- والله شوف أنحنا فى إجتماعاتنا حول مسألة تقدير الرسوم دى كان فى وجهات نظر مختلفة
- كيف يعنى؟
- أيواا أقول ليك .. فى مسئولين قالو الترخيص يتم بالعمر .. يعنى عمرك 40 سنة ترخيصك يكون بى 40 ألف دينار .. 20 سنة بى 20 ألف دينار يعنى السنة بى ألف دينار ... والإتجاه التانى وهو الإتجاه البقينا عليهو هو إنو المسألة تكون بالوزن يعنى وزنك 50 كيلو رسوم ترخيصك تكون 50 ألف دينار والإتجاه بتاع الوزن ده (فاز) لأنو شايفين (الشعب) ده قامت ليهو شوية (كضيمات) فمسألة (الرسوم على أساس الوزن) دى ح تخليهم (يخسو) شوية !! أما مسألة (اللوحة) ف ح نديها للمواطن هدية (مجاناً) !!!
- وهل ح يكون فى (فحص آلى) ؟
- أيواا والله ده سؤال مهم جداً لأنو واحده من أهداف المشروع ده (غير مسألة النمر واللوحات) إنو الدوله تعرف المواطن (العيان) من (الشديد) عشان توفر ليهو العلاج وتعرف (الأمراض) البشتكى منها بالضبط وعشان كده عملنا (فحص آلى) وفى شركة متخخصة فى (الفحص الآلى ) جبناها من (هولندا) مخصوص عشان تفحص المواطنين لأنو عندهم أجهزة متقدمة وبالكمبيوتر (المواطن) يدخل بى جاى و(الكمبيوتر) يطبع (أمراضو) أتوماتيكياً بى غادى !!
- والفحص ده رسومو كيف؟
- والله حسب (الأمراض) البتطلع من (الكمبيوتر) فى (الفحص الآلى) ... كل مرض عملنا ليهو (رسوم) – مواصلاً- بالمناسبة الناس ما تخاف من الحته دى لأنو آخر دراسة طبية عملتا الدولة أثبتت إنو غالبية (الشعب الفضل) أصحاء وما عندهم حاجة !!
- ممكن بس يا سعادتو تدينا فكرة عن رسوم (الأمراض) دى؟ والفلسفة القامت عليها ؟
- أيواا ده سؤال جميل .. نحنا (رأفة) بالمواطن خلينا الأمراض الغير متفشية ذى (الملاريا) و(فقر الدم) و(الإسهالات المائية) وكده رسوما عالية شويه يعنى حوالى عشرين ألف للمرض الواحد والأمراض المتفشية بين المواطنين ذى ( القاوت) و(البرجم) و(الثعلبه) رافة بالمواطنين عملنا ليها رسوم بسيطة ً !!
ممكن ناخد مكالمة : آلو .. آلو منو معاى
- معاك 6578 أ ز
- ياخى لو سمحت أدينا إسمك (العديل) وما (تستهبل) لأنو الترخيص لسه ما بدأ
- طيب أنا ( أ ز) !! عرفتنى؟؟
- لا طبعاً .. ما عرفتك
- أنا المواطن ( أب زرد ) !! وقول للقاعد معاك ده .. جوع جوعتونا .. عطش عطشتونا .. كهرباء قطعتونا .. جن جننتونا وهسع رخيص (رخصتونا) والله بس ما ...(تيت ... تيت .. تيت.. تيت) يبدو إنو الإرسال قطع ... نآخد مكالمة تانية ... معانا منو:
- (صوت أنثوى مايع) : معاكا ...(إنتى سار) من (السااافيا )
- أهلا يا (إنتصار) من (الصافية) .. عندك سؤال؟؟ المسئول معاكى
- واللاهى .. أنحنا ... ما ..عندنا .. إعتراض .. على .. (النمر) .. دى... وكده .. بس .. عاوزين ..الأرقام تكون ... مميزه ... وكده
- لا إن شاء الله نحنا نضم صوتنا لى صوتك ونطلب من المسئولين إنو يوفرو ليكم أرقام مميزه
- معليش بس ممكن أهدى؟
- لا معليش يا (إنتصار) لأنو البرنامج ده مخصص بس لمناقشة (قرار الترخيص) عشان نسلط (النور) عليهو
- يعنى شنو ؟ ما برضو أنا عاوزة أطلب أغنية (النور) .........الجيلانى !!
نرجع يا سعادتك نتكلم شوية عن (تداعيات) القرار المتوقعة من قبل المواطنين ومدى تفاعلهم معاهو وبعدين ناخد مكالمة
- والله انحنا بنتوقع تفاعل كبير من (المواطنين) وأكيد المواطن كالعاده ما ح يخذلنا ورايح يكون متعاون لأقصى درجه لأنو اساسا نحنا عملنا القرار ده من أجل مصلحتو ... يعنى هسع إتصور إنو إنت راقد فى البيت ونط عليك حرامى قمت صحيت لقيتو طالع فى الحيطه ؟ قبل القرار ده ما ينفذ ح تقعد تكورك (حرامى ... حرامى) عشان تلم الجيران ويقوموا الجيران يعملو (نايمين) وتقوم إنت تخاف تمشى عليهو أحسن يكون شايل ليهو (سكين) وإلا مصيبة .. أها بعد القرار ده .. بس تشيل نمرتو المعلقا وترجع تتغطى بالبطانية تنوم والصباح تديها لينا نقبضو ليك فى نص دقبقة !!!
- والله فعلاً يا سعادتك القرار ده إتأخر كتير كان مفروض يكون من عشرة خمستاشر سنه !!
ألو ناخد مكالمة أخيرة :
- آلو؟ معاى منو؟؟
- معاك مواطن
- عارفنك مواطن .. إسمك منو؟
- إسمى ده خليهو لمن تعملوا نمركم دى ح تعرفوهو
- لا لازم عشان تداخل تقول لينا إسمك ؟
- طيب أنا إسمى (حسين أنفاس) .. ممكن أدخل ؟
- أيوا ممكن تتداخل .. عندك سؤال ؟
- طبعا عندى سؤال يعنى جايب (جواب) ؟؟
- طيب بالله بى سرعة عشان ما فضل وكت كتير
- جداً .. أنا كنت بس عاوز أسأل (سعادتو) ده هل المسئولين (الفوق) ديل ح يترخصو (ذنا) وإلا برضو ح يمشو (بدون نمر) !!
- (المسئول يتنحنح) : والله الحقيقة ما ح أقدر أجاوب ليكا على السؤال ده إلا بعدما نرجع لمذكرة (تفسير القانون) !!
- والله أنا بقترح إنو (المسئولين) ديل تدوهم (إفراج مؤقت) عشان ما دوامه وكده !!
طيب يا سعادتك قبلما نختم اللقاء التنويرى ده فى سؤال بيفرض نفسو وهو إنكم هل ح (تغرمو) المواطن (البيخالف) وما بمشى (يترخص) ؟
- هو أنحنا المواطن القاعد ساااكت ما بنسيبو لامن المواطن البيخالف وما يمشى يترخص؟؟ أكيد ح نغرمو 30 ألف وعشان المواطن من هسه يعرف يعنى الزول لو سائق عربيتو وما (مرخصها) وهو فى نفسو ما عندو نمر وما (مرخص) معنى كده يحضر ليهو 60 ألف !!!
الكشات :
بعد إنتهاء المهلة التى حددتها (السلطات) للمواطنين بدأت (الكشات) والتى تتبع قواتها إلى الإدارة التى تم إستحداثها خصيصاً لهذا الغرض والتى سميت بإدارة (الترخيص الشخصى) فمنذ الصباح الباكر ينتشر منسوبو تلك القوات بأزيائهم (الخضراء الغامقة) على مداخل الكبارى و(الصوانى) والتقاطعات الهامة والأسواق وأماكن العمل وهم (يبحلقون) فى ظهور (العالمين) من أجل رؤية (اللوحات) ومقارنتها مع (الرخصة المدورة) التى تقرر أن يتم تعليقها على (الصدور) !!!
فى إحدى الصوانى قام أفراد (كشة الترخيص الشخصى) بإيقاف إحدى الحافلات المتجه إلى (السوق الشعبى) صعد أحدهم وهو يرتدى الزى الأخضر المميز ووقف على السلم مخاطباً الركاب :
- كل واحد ينزل يورينا (ضهرو) عشان نشوف (لوحاتو) ويورينا (صدرو) عشان نشوف (رخصتو المدورة) !!
... (وهو يشير لأحدهم) إنت يا (أب نضارات) هناك ما (تضاير) أنزل شايفك ما عندك (لوحات) .. وإنتى يا حاجه زحى يدك دى من (صدرك) عشان نشوف رخصتك !!
- هى سجمى يا ولدى ما نسيت ألبسا هم (النسوان) ديل ريحونى شبكونى (يلا بيت البكا) أطلعى بى سرعه .. أطلعى بى سرعه ختيتا فى (السرير) وطلعتا !!!
- ما عاوز كلام كتير أنزلو لينا كلكم وأى زول ما مرخص يقيف بى جاى – وهو يلتفت إلى السائق – وإنت ما تنزل لينا قاعد مالك ؟
- (وهو ينزل من الحافلة فى زهج) : يعنى هو الزول كان جلا من (اللابسين أبيض) يقع فى (اللابسين أخضر) دى (مصيبة) شنو الوقعنا فيها دى !!
- (يدخل يده فى جيبه ويخرج دفتر المخالفات) : إنت هناك .. اللابس (لوحة إستثمار) ده .. أيوه إنت .. هسع عليك الله (شكلك ده) شكل إستثمار ؟
- مالو شكلى كمان ؟ أيوه أنا مستثمر وعندى مصنع (لقيمات) ومرخص (إستثمار) عندك إعتراض ؟؟ وأقول ليك حاجه كمان : أنا مصنعى ده عندو إمتيازات وكمان (أولادى ) كلهم كان ما عاجبك لوحاتهم (إستثمار) !!
لوحات أنواع وأشكال :
بدأ منظر الشارع أكثر فوضى فعلاوة على الملصقات واللافتات (الإعلانية) ذات (الألوان) المتنافرة و(الأشكال) غير (المنتظمة) المنتشرة فى غيرما ترتيب والباعه المتجولين والعربات المتكدسة والحفر والمطبات والأوساخ المتراكمة .. علاوة على كل ذلك فقد بدأ منظر الشارع غريباً وأنت تشاهد الجميع وهم (معلقين) اللوحات على (ظهورهم) والرخص المدورة على (صدورهم)
لافتات (صفراء) تشير إلى أن حاملها (حكومة) ولافتات (حمراء) تشير إلى أن صاحبها مغترب (إفراج مؤقت) ولوحات (ق م ) تشير إلى ان صاحبها (قوات نظامية) وأخرى (ح ش) – حركة شعبية- وأخرى (ح ت) – حركة تحرير- وأخرى (بيضاء) للمواطن العادى وأخرى (إستثمار) تشير إلى أن صاحبها مستثمر فى (الشاورما) على أكثر تقدير !!
أبراج مراقبة :
تم إستئجار مواقع إسترتيجية ذات واجهات زجاجية فى الأسواق وأماكن الإزدحام كيما يتم إستخدامها بواسطة المسئولين وذلك من أجل (بسط الأمن) الشامل وتتبع (المواطنين) المشتبه فيهم وقد زودت هذه الأبراج بأجهزة كمبيوتر تحتوى على (بيانات) المواطنين إذ يكفى فقط أن يتم إدخال (رقم لوحة) المواطن لتظهر بياناته جميعها على الشاشة ، كما تم تزويد هذه المواقع بأجهزة إتصال حديثة وشاشات مراقبة تلفزيونية وعدسات مكبرة .
- كده شوف بيانات الزول (6564 خ م ) الماشى قدام الكشك داك .. اللابس جلالبية (سمنية) وشبشب (مقطع) داك !!
- مالو؟
- لا بس شكلو كده ما عاجبنى .. مثير للريبه يعنى
- (وهو يدخل رقم لوحة المواطن وينظر للشاشة) : يا خى (ريبه) بتاعت شنو؟ البيانات بتاعت الزول ده بتقول إنو كان (نائب وكيل) وشالوهو صالح عام !!
- طيب كدى شوف (الود) اللابس قميص (ضيق مشجر) وبنطلون جينز داك ..أيواا (7676 ش ط) داك!! ... بالله عاين ليهو ماشى كيف؟
- (وهو يدخل رقم لوحة الشاب وينظر للشاشة ثم فى إندهاش ): بالله معقول الشاب ده ما عرفتو؟؟ ياخى ده بياناتو بتقول إنو ده (حماده ساوند) .. الواد العندو فرقة (مديح) وبجيبوهو فى التلفزيون طواالى والإذاعة !!
تداعيات بعد التنفيذ :
تداعيات إجتماعية (1) :
على صفحة (الإجتماعيات) بأحدى الصحف اليومية ظهرت هذه الدعوة :
آل (5453 خ ج ) وآل (7692 خ ب)
يتشرفون بدعوتكم لتناول طعام العشاء بمنزلهم الكائن بزقلونا وذلك بمناسبة تأهيل إبن الأول المهندس (6345 خ ج) على كريمة الثانى الدكتورة (7834 خ ب) والعاقبة عندكم فى المسرات ،،،
تداعيات إجتماعية (2) :
- أها والمولود سميتوهو منو؟
- والله بس منتظرين (السماية) أقصد الترخيص ... غايتو ما معروف لكن إحتمال كبير يكون (حاجة كده) خ ت
- وأكيد ح تجيبو فنان؟
- أيوه والله شايف الشباب ديل كلهم قالو عاوزين 9898 م ع
- إنت (9898 م ع ) ده مش أخو (9899 م ع )؟
- لا .. لا ما أخوهو ده (تشابه لوحات) ساكت لأنى أنا بعرف أخوانو كلهم (إفراج مؤقت)
- طيب ما تنسى لمن تجو للسماية أقصد (الترخيص) كلمنى عشان أنا بعرف زول هناك أخليهو يديكم ليهو إسم أقصد (رقم) مميز !!
تداعيات إجتماعية مستقبلية :
- ده عريس شنو الجايباهو لى بتى يا (نفيسه)؟
- ومالو ما عريس يهز ويرز
- يهز شنو؟ و(يرز) شنو ياختى ؟ والله نحنا سألنا تحت تحت لقيناهو ليهو أربعه سنين ما (مرخص)!!
- مالو ياختى ما كان (مرفوع)
- مرفوع شنو يعنى (فاكين لساتكو) ؟؟ ما بيكون (مفلس) ساكت وما عندو حق الترخيص – مواصلة- برى برى يا بت أمى عريسكم ده ما عاوزنو
- يعنى شنو يا (نعمات) ؟
- يعنى عديل كده أنا بتى دى ما بديها لى عريس إلا يكون (ترخيص السنه) !!
تداعيات كروية :
فى أول نقل حى (بث مباشر) لمباراة كرة قدم بعد تنفيذ القرار :
سيداتى آنساتى سادتى من داخل إستاد الخرطوم يحييكم (8657 خ ل) وينقل لكم وصفاً حياً لمباراة القمة بين فريقى (الذئاب الضارية والنسور المفترسة) تتكون تشكيله فريق (الذئاب الضارية) من (4543 ب ك ) فى حراسة المرمى يعاونه فى خط الظهر (4598 خ ت) ظهير أيسر و(2983 خ ت) ظهير أيمن و ... .................
يحكم المباراة الحكم الدولى (612 أستثمار) ... يساعده فى الخطوط (656 إفراج مؤقت).. و 432 (مرور كررى) و (8721 خ ب) حكم رابع .. يغيب عن تشكيلة فريق الذئاب الضارية اللاعب (3241 خ ج ) لعدم الترخيص كما يغيب أيضاً اللاعب الدولى ( 7091 خ و) للإصابه !!!
تداعيات فنية :
وقفت الفنانه (عوضية كتاحة) أمام شباك (الترخيص) لإستلام (اللوحة) الخاصة بها وبعد أن قام الموظف بتسليمها (اللوحة) نظرت إليها فى (إزدراء) قائلة :
- شنو يعنى تدونى نمرة (بايخة) ذى دى؟
- مالا ؟ ما كويسة (7646 ك ش) ؟؟
- بس معقول كمان (ك ش) ؟ إنتو عاوزين الناس ينادونى (عوضية َكَشه) ؟ أنا عاوزة ليا حاجه كده ذى (م ك) عشان تحت تحت المعجبين ينادونى (عوضية مس كول) وإلا (س ج ) عشان ينادونى (عوضية سين وجيم)
- طيب خلاص يا (أستاذه) نديك الرقم المميز ده (5522 ق م )
- (تنظر للرقم ثم ترمى باللوحة بعيداً) : برى برى سجمى كمان عاوزين تدونى ( ق م ) عشان الناس (يكوركو) ليا (عوضية قبل الميلاد) !!
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
العدد الأسبوعى - صحيفة السودانى
الجمعة 30 مارس 2007م
[b]حكاية ايوب[/b]
إستيقظ (أيوب) فى صباح ذلك اليوم وكعادته فقد أشعل سيجارة (الصباح) وإتجه صوب (الحمام) ثم بعد أن إنتهت (السيجارة) عرج على (حوض الغسيل) ليتسوك .. أمسك بفرشاة الأسنان وصب (كعادته) على رأسها بعض الماء ثم تناول صباع المعجون الذى وجده ملتصق (الجانبين) تماماً إلى حد (التقوس) مما يعنى أن أحدهم قد قام بعصره لإستخراج آخر ما تبقى منه لذلك لم تنجح محاولات (أيوب) بضغطه ثم لى (عنقه) ثم (لفه) من أجل إستخراج أى جزء منه مما جعله يتناول (مكنة الحلاقه) الموضوعة أمامه على رف الحوض ليستخرج منها (الموس) ويقوم كجراح ماهر بشق (بطن) صباع المعجون طولياً ثم فتحه مستخدماً (الفرشاة) فى (خرت) بواقى المعجون (الحمراء) التى كانت تلتصق فى (أمان) على جدران الصباع مستعيناً فى ذلك بصب بعض الماء عليها ... ثم أدخل الفرشاة فى فمه وهو ينظر للمرآة .
إنتهى (أيوب) من (السواك) الذى لم يستغرق وقتاً طويلاً بسبب عدم تشبع (الفرشاة) بالمعجون فقام بوضعها جانبا وإعادتها للرف بعد أن قام بغسل فمه ثم مد يده لتناول (كروسة الأمواس) الزرقاء فى محاولة لحلاقه ذقنه فوجدها فارغة وقد إبتلت بالماء مما جعله يتندم بعض الشئ على أستخدام (الموس) التى كانت (بماكينة الحلاقه) وإتلافها فى قطع (صباع المعجون) فربما كانت تقوم بالمهمة ..
(أيوب) يكره أن تبرز شعيرات (ذقنه) البيضاء لأسباب لا داعى لذكرها الآن لذا فقد قام بإلتقاط (الموس) التى إستخدمها فى (فتح) صباع المعجون .. قام بغسلها ثم بدأ فى حلاقه ذقنه التى بدأ بعضها ناعماً وبعضها غير ذلك .
- يا بوى عملت ليا شنو فى موضوع الرسوم دى؟؟ ناس (الجامعه) قالو ليا بنديك أسبوع كان
ما جبتيهم ما ح تدخلى الإمتحان
- يا بوى الليلة برضو ما نمشى المدرسة عشان (حق مواصلات) مافى؟
قبل أن يرد (أيوب) رده اليومى (الله كريم ح تفرج) كانت زوجته (صفية) قد بدأت مداخلتها) اليومية :
- أريتا حالت السواد والرماد .. البيت ليهو إسبوعين نار ما إتولعت فيهو و(جمرتو)
قاطعه؟ لا سكر لا لبن لا شاى لا ..
- عليكى الله يا (صفية) المسلسل بتاع (النقه) الكلو يوم ده خلينا منو .. ما تعكسيها
علينا أصلها معكسة
- ما معكسا براك أهو راجل (بثينة) جارتنا القريبه دى باع ليهو فرد (كليه) لى (ناس
شركه بيع الأعضاء) العملوها (الجماعة ديل) زنقاتو كلها إتفكت وكمان إشترى ليهو موتر
(فيسبا)
- أنا قلت ليكى ما رافض الفكرة لكن نحنا (كلاوينا) دى تانى (نص إستوا) ما تنفع .. و
(ناس الشركة) ديل ح يختوها لينا فى (الواطه) – مواصلاً- دى كلاوى إشتغلت ليها كم
وخمسين سنه ماشه تنفع؟ وكمان (تتصدر بره)؟
- إن شاء الله إشتغلت ليها ميت سنه .. كل شئ بى تمنو إنت بس أمشى شوفهم بيشتروها بى
كم؟ - مستدركه – وإلا أقول ليكا أمشى هسع لى (عوض) راجل (بثينة) ده إستفسر منو
الجمعة 30 مارس 2007م
[b]حكاية ايوب[/b]
إستيقظ (أيوب) فى صباح ذلك اليوم وكعادته فقد أشعل سيجارة (الصباح) وإتجه صوب (الحمام) ثم بعد أن إنتهت (السيجارة) عرج على (حوض الغسيل) ليتسوك .. أمسك بفرشاة الأسنان وصب (كعادته) على رأسها بعض الماء ثم تناول صباع المعجون الذى وجده ملتصق (الجانبين) تماماً إلى حد (التقوس) مما يعنى أن أحدهم قد قام بعصره لإستخراج آخر ما تبقى منه لذلك لم تنجح محاولات (أيوب) بضغطه ثم لى (عنقه) ثم (لفه) من أجل إستخراج أى جزء منه مما جعله يتناول (مكنة الحلاقه) الموضوعة أمامه على رف الحوض ليستخرج منها (الموس) ويقوم كجراح ماهر بشق (بطن) صباع المعجون طولياً ثم فتحه مستخدماً (الفرشاة) فى (خرت) بواقى المعجون (الحمراء) التى كانت تلتصق فى (أمان) على جدران الصباع مستعيناً فى ذلك بصب بعض الماء عليها ... ثم أدخل الفرشاة فى فمه وهو ينظر للمرآة .
إنتهى (أيوب) من (السواك) الذى لم يستغرق وقتاً طويلاً بسبب عدم تشبع (الفرشاة) بالمعجون فقام بوضعها جانبا وإعادتها للرف بعد أن قام بغسل فمه ثم مد يده لتناول (كروسة الأمواس) الزرقاء فى محاولة لحلاقه ذقنه فوجدها فارغة وقد إبتلت بالماء مما جعله يتندم بعض الشئ على أستخدام (الموس) التى كانت (بماكينة الحلاقه) وإتلافها فى قطع (صباع المعجون) فربما كانت تقوم بالمهمة ..
(أيوب) يكره أن تبرز شعيرات (ذقنه) البيضاء لأسباب لا داعى لذكرها الآن لذا فقد قام بإلتقاط (الموس) التى إستخدمها فى (فتح) صباع المعجون .. قام بغسلها ثم بدأ فى حلاقه ذقنه التى بدأ بعضها ناعماً وبعضها غير ذلك .
- يا بوى عملت ليا شنو فى موضوع الرسوم دى؟؟ ناس (الجامعه) قالو ليا بنديك أسبوع كان
ما جبتيهم ما ح تدخلى الإمتحان
- يا بوى الليلة برضو ما نمشى المدرسة عشان (حق مواصلات) مافى؟
قبل أن يرد (أيوب) رده اليومى (الله كريم ح تفرج) كانت زوجته (صفية) قد بدأت مداخلتها) اليومية :
- أريتا حالت السواد والرماد .. البيت ليهو إسبوعين نار ما إتولعت فيهو و(جمرتو)
قاطعه؟ لا سكر لا لبن لا شاى لا ..
- عليكى الله يا (صفية) المسلسل بتاع (النقه) الكلو يوم ده خلينا منو .. ما تعكسيها
علينا أصلها معكسة
- ما معكسا براك أهو راجل (بثينة) جارتنا القريبه دى باع ليهو فرد (كليه) لى (ناس
شركه بيع الأعضاء) العملوها (الجماعة ديل) زنقاتو كلها إتفكت وكمان إشترى ليهو موتر
(فيسبا)
- أنا قلت ليكى ما رافض الفكرة لكن نحنا (كلاوينا) دى تانى (نص إستوا) ما تنفع .. و
(ناس الشركة) ديل ح يختوها لينا فى (الواطه) – مواصلاً- دى كلاوى إشتغلت ليها كم
وخمسين سنه ماشه تنفع؟ وكمان (تتصدر بره)؟
- إن شاء الله إشتغلت ليها ميت سنه .. كل شئ بى تمنو إنت بس أمشى شوفهم بيشتروها بى
كم؟ - مستدركه – وإلا أقول ليكا أمشى هسع لى (عوض) راجل (بثينة) ده إستفسر منو
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
بقية ايوب
تجربة عوض :
بعد تردد شديد خرج أيوب من منزله وإتجه صوب منزل جاره عوض والذى وجده (بالسروال والعراقى) أمام منزله يقوم بتلميع (الموتر) بعد أن قام بغسله :
- كيفك يا (عوض)
- مرحب (أيوب) إتفضل لى جوه .. وإلا دقيقه أجيب ليك كرسى
- لا.. لا.. شكرا بس الحقيقه أن جايي استفسر منك فى موضوع وكده
- إن شاء الله خير
- لا .. خير ... أصلو فى الحقيقه .. يعنى .. فى الواقع .. اصلو (فى هذه اللحظة
بالذات فكر أيوب فى مغبه سؤاله لعوض وماذا سوف يحدث لو أن المسأله كانت شمارات
نسوان ساكت وإنو ما باع كليتو )
- مالك كده متردد عاوز تستفسر من شنو يا أيوب؟
- طبعاً يا عوض يا خوى براك شايف الحاله بقت صعبة والناس كلها بقت مفلسه وقعدت على
الحديده وزول ساكت يدينك والإ تشيل منو قروش مافى والناس باعت كلو حاجه والأكل
والشراب بقى فى تلتله و الأولاد والمدارس و ..
- والله الحاله بفت صعبه يا أيوب ياخوى أنا هسع القدامك ده لو ما بعت (كليتى اليمين)
دى – يشير بيده نحو مكانها الفارغ!!-كان الأولاد ما مشو المدرسة ولا أكلنا حتى !!
شعر (أيوب بإرتياح بالغ إذ أن عوض قد أزاح عنه الحرج ومشقه (فتح الموضوع) وأدخله
فيه مباشرة :
- أها ده الأنا جاييك ليهو ذاتو .. البت طردوها من الجامعة عاوزين منها قسط ما دفعتو
والشفع ما مشو المدرسة (حق فطور ما عندهم) والدنيا إتسدت فى وشى وما عندى طريقه
غير إنى أبيع ليا (كليه) وإلا إن شاء الله أى حاجه تانى !!
- شوف يا أيوب الناس ديل ممكن يشترو منك كاش وممكن يشترو منك بالأقساط ويدوك مقدم
- ما فاهم
- أفهمك .. لو إشترو منك (كاش) ح يختو ليكا (كليتك) دى فى (الواطه) وما ح يدوك فيها
سعر كويس
- كيف ؟؟
- طيب أوريك .. قول هسع مثلا (كليتك) دى بعد الفحص طلعت سليمه وما فيها حاجه ح يقومو
يقولو ليك يا نديك فيها إتنين مليون جنيه كاش أو تلاته مليون أقساط يدفعو ليكا
مقدما خمسميت ألف والمليون ونص الباقية يدوك ليهو على أقساط 48 شهر .. يعنى على
أربعه سنين !!
- فى إندهاش ساخر - وهم تانى عاوزين يقعدو أربعه سنين تااانى؟
- أنا غايتو بعت ليهم (كاش) عشان المسألة ما مضمونه تجى ناطه ليهم حاجه من (لاهاى)
وإلا من (جاى) وإلا من (جاى) والمسأله (تجوط) و(كليتنا) تروح شمار فى مرقه !!
- أها والزول هسع يمشى وين لو عاوز يبيع ؟
- إنت عاوز تبيع لى شركة ولا تبيع (للبنك) ؟؟
- والفرق شنو؟
- أول حاجه عندك شركة (تستأصلون) ودى (بتشترى وبتصدر ) وعندك شركة (تستزرعون) ودى
(بتبيع للناس المرتاحين) وبتعمل ليهم (زراعه) للإسبيرات أقصد الأعضاء بتاعتم
البتبوظ
- طيب والبنك؟
- نا س (البنك ) ديل بشترو منك (دفع مقدم)
- كيف يعنى ؟؟ جمرة
- جمرة شنو؟ ديل بتفقو معاك على مبلغ معين وبيقومو يدوك منو 30% والباقى بيدوهو
للورثه؟
- ورثت منو؟
- ما ورثتك إنت لمن تموت !!
- لا .. لا.. كان كده أحسن ليا ناس (تستأصلون) كاش !!!!
أيوب فى تستأصلون :
بعد أن عاد أيوب إلى منزله شرح لزوجته (بثينة) ما دار من حوار بينه وبين جارهم (عوض) ثم قام بإرتداء (جلابيته) ووضع على رأسه (طاقيته الوحيده) وتوكل على الحى الذى لا يموت قاصدا (تستأصلون) .
الشركه تقع فى مساحة كبيرة أحتلت (عربات) العاملين الفارهه جزء غير يسير منها بينما إحتل الجزء المتبقى مكاتب الإدارة ومعامل للفحص وستوصف نقل الأعضاء إضافة إلى (مسجد) طلى باللون الأخضر . المواطنون يتراصون فى صفوف طويله متعرجه أمام عدد من الشبابيك التى تعلوها لوحات أنيقه كتب عليها بالترتيب :
- (قسم الباطنية)
- (الأنف والأذن والحنجرة)
- (الأورده والشرايين)
- (العيون)
بينما هنالك (شباك) يبعد قليلا وقفت أمامه بعض (النسوة) كتب عليه (قسم النساء والتوليد) ً!!
وقف (أيوب) حائراً فى أى الصفوف يقف لكن سرعان ما تبددت حيرته عندما خاطبه الشخص الذى كان يقف فى نهاية (الصف) القريب منه :
- لو عاوز (الكلى) تعال شباك الباطنية ده !!
ما أن وقف (ايوب) خلف ذلك الشخص حتى بادره مواصلا حديثه :
- تعرف يا أستاذ عشان (الكلى) دى (إستيريو) يعنى يمين وشمال الناس كلها عاوزة تبيع
(سماعة) أقصد واحده و(تشتغل) بى واحده .. عشان كده الصف ده طويل !!
- وطيب صف (الأنف والأذن والحنجرة) ده البيقيف فيهو منو ؟؟ - مواصلا- يعنى أقصد
البيقيف فيهو بيكون عاوز يبيع شنو؟
- كيف ياخى ديل ممكن يشترو منك (الأذن الوسطى) أو (الطبله) أو الأذن الخارجية ذاتا
وبعدين ما تنسى ؟
- شنو؟
- (الحبال الصوتية) ذاتا بيشتروها (بالمتر) والعجب لو الزول صوتو (فنان) يدفعو ليهو
(كاش داون) طوالى
- والباقين ديل طيب ؟
- طيب أوريك .. ناس (العيون) ديل للناس العاوزين يبيعو (عدسه) ... شبكية ... عين
(كومبليت) ... وناس (الأورده والشرايين) ديل للناس العاوزين يبيعو ليهم (بوصة)
بوصتين .. وإلا (قدم) ..بتاع (وريد) وإلا شريان !!
- والزول ال ح يشترى (شرايين) ده يعمل بيها شنو؟؟
- إنت الظاهر ما عندك فكرة ناس القلب والجلطات ديل كلهم قاعدين يعملو عمليات
(بايباص) – يقصد bypassing- ويشيلو ليهم (شريان) من (الكراع) بدل المقفول فى
القلب – مواصلاً- أعاالزول بدل ما يشيلو من (كراعو) يقوم (يشترى) من (السوق) !!
- طيب ده كلو عرفناهو (النسوان) ديل يبيعو شنو؟؟
- (فى إستنكار) كيفن يبيعو شنو ؟؟ يا خى ديل عندهم أغلى ( إسبيرات) .. أقيف أوريك - يخرج من جيبه ورقة ثم يفتحها مخاطباً أيوب :
- شوف دى القائمه بتاعت (أسعار الأعضاء) شوف هنا - وهو يمرر بأصبعه على القائمه ثم
يقف تحت عنوان (أسعار الأعضاء النسوية) - أها شوف سعر (المبيض) الشغال الواحد كم
؟؟ ده سعرو أغلى من (إتنين كلاوى) !!!
- طيب ليه ما عاملين ليهم قسم ذى ده (للرجال) يعنى الزول لو عاوز يبيع ليهو (بروستات)
وإلا حاجات تانى؟
- القال ليكا منو هم ما عاملنو؟؟ عاملنو لكن البيع فيهو بالدس .. يعنى تحت تحت
- (وهو يقوم بعملية مسح بصرى لللافتات) : طيب ما شايف ليا قسم للمخ والأعصاب ؟
- (يضحك عاليا ثم بعد أن يهدأ) : إنت قايل (الجماعة) ديل عويرين ؟؟ هم ما عارفين
(أعصاب) المواطنين دى كلها (بايظه) و(أمخاخهم) كلها سلوكا ضاربه والواحد فيهم بقى
يا طالع (صينية) يا مرشح (للطلوع) !!!
أيوب قدام الشباك :
بعد زمن ليس بالقصير قضاه (أيوب) وهو يدردش مع (الرجل) الذى كان يقف أمامه وجد أيوب نفسه أمام الشباك وصوت يسأله :
- أنت يا أستاذ عاوز تبيع شنو؟
- إنتو عندكم شنو ؟؟
- كبده .. كلاوى .. كمونيه أقصد (مرارة) .. مصارين .. شريفه أقصد (رهيفه) طيب أها
أسعاركم كيف؟
- طيب أها أسعاركم كيف؟؟
- (يمد يده إلى ورقة أمامه ويعطيها لأيوب قائلاً) : دى القائمه بتاعت الأسعار .-مواصلاً –
الأسعار دى طبعاً بإفتراض إنو العضو العاوز تبيعو شغال (تش) يعنى ما فيهو أى
(لكلكه) !!
- (يمسك أيوب بالقائمة ويبدأ بالقراءة بصوت خافت كأنه يحدث نفسه : : كليه يمين ..
كليه شمال .. (مصرا ن غليظ) بالبوصة .. مصران (أعور) المتر خمسميه .. كبده ..
طوحال .. (ثم يرفع رأسه مخاطباً الموظف) :
- ياخى أسعاركم دى مالا فى الواطه كده؟
- (فى حدة) : والله يا أستاذ فى الواطه فى الما (واطه) دى أسعارنا وبين (البائع)
والمشترى يفتح الله ويستر الله!
- هى لكن طوااالى نحن (نبيع) وإنتو (تشترو) ؟؟
- يا أستاذ الصف طويل ما تاخرنا ساكت قول لينا قررت تبيع شنو؟
- طيب قول بقينا على الكلية (الشمال)
- إنت عارف إنو (الكلية الشمال) سعرها (أرخص) من (اليمين) ؟؟
- (فى إندهاش) : ليه مش كلهم (كلاوى)؟
- آآى كلهم كلاوى لكن اليمين بتكون (مبروكة) !!
- كان كده خلاص إنتو شيلو (المبروكه) وخلو لينا الفيها (الشيطان) دى !
لازم نفحصك :
خرج أيوب من (الصف) بعد أن قام بإستلام (فورم إستئصال كلية) من الموظف الذى أشار عليه بالذهاب إلى معمل الفحص حيث وجد صفين أحدهما أحدهما للرجال حيث وقف والآخر (للنساء) حيث كانت إحداهن وتبدو عليها علامات (الدعة) بعض الشئ تخاطب التى تقف خلفها فى الصف :
- والله يا بت أمى ما طالبانى حليفة والده ليا سبعة من بنات لى أولاد .. يعنى الحمدلله
كملت (الولاده) أها قلت شن لزوم (المبايض) تانى؟ عايزه بيهم شنو؟ ما أبيعهم
(للجماعة) ديل وأجدد عفش البيت
- والله أنا عرس ما معرساهو قعدت منتظرة ليا عريس لمن قربت (أقطع) أها قلت بجى
(الخريف) و(المبايض) بتقيف أخير الواحدة تبيعهم الإتنين للجماعة ديل وتمسك ليها قرش
قرشين حلوين بدل ما (يموتوا) ليها فى يدها – مواصلة- هم عليكى الله رجال (العرس)
وينهم ؟؟
- والله صدقتى يا ختى الرجال كلهم قعدو على (الحديده) وكان للجماعة المرطبين ناس
(مثى) وثلاث و(رباع) ديل ما بعرسو الذينا ديل ... ديل بعرسو الوشهم وش (ممثلات)
ودشهم (عربسات)
- آآيا صدقتى والله ياختى هسع بقت (القروش والسماحه) فى حته .. و(الفقر والقباحه) فى
حتة
- يحتحتهم يا الله الا نام ولا أكل طعام أكان خلونا على (الحديده) !!
بعد أن تابع (أيوب) ما كان يدور فى (صف السيدات) إنتبه لكون أنه على بعد أمتار
قليلة من شباك (المعمل) فقام لا شعورياً بسؤال الشخص الذى كان يقف أمامه فى الصف :
- هسع الناس ديل ح يفحصوا لينا شنو؟
- (يلتفت إليه تماماً) : كيف يفحصو ليك شنو ؟؟ ديل ح يفحصوا ليكا أى حاجة – مواصلاً-
ديل ما شداد و(لضاض) فى (البيع والشراء) قايلهم بيشتروا ليهم حاجه ساكت لو ما
إتأكدو منها .. والله (يفلفلو) ليكا الزول جنس (فلفلة)
- كيفن يعنى؟
- كيفن شنو والله قالو جايبين ليهم أجهزة فحص فى مستشفى (سوبا التعليمى) مافى
- طبعا طبعاً هنا بجيبوها لكن فى (المستشفيات) يجيبوها ليه؟؟
- والله يا أستاذ قالو جابو ليهم جهاز هنا بالكمبيوتر بس قالو يدخلو ليكا الزول فيهو
بى جاى نتائج الفحوصات تجى مكتوبه بى جاى – مواصلاً- والله شدت الجهاز ده ما حديث
قالو ليكا بيفحص البول والفسحة والدم وهم جوه جسم الزول !!
- أها هسع كشف (الجماعة) ديل بى قروش؟؟
- قروش شنو؟؟ إنت قايلهم مغفلين ؟؟ لو عملوهو بى قروش مع (الشعب) المفلس ده ما حقهم
راح ومافى زول ح يجيهم .. هم خلو ليهم قروش فحص لى زول ما (نفضوا) جيوب الناس
وخلوهم على (الحديدة)
لم يستغرق فحص ايوب سوى دقائق معدوده فقد طلب منه الإستلقاء على جهاز الفحص الذى
قام بسحبه إلى داخله وهو مستلق عليه ثم أخرجه من الناحية الأخرى بينما كانت بيانات
(نتيجة الفحص) تطبع على الطابعة الملحقة بالجهاز .بعد أن إستلم (أيوب) نتيجة
الفحص كان همه كله فى معرفة (ما مدى سلامة كليته) لذا فقد قام بطرح السؤال على
(فنى المعمل) والذى رد عليه :
- لمن تمشى لى لجنة التقييم هم ح يوروك الحاصل !!
- ولجنة التقييم دى وين؟
- شفت المكاتب (الصفراء) ديك ؟ القدام (المسجد) الأخضر داك ؟ .. بس داك محل لجنة
التقييم
ماذا تساوى كلية (أيوب) ؟
دخل (أيوب) بعد طول إنتظار إلى (مكتب لجنة التقييم) الذى كان يضم لجنة متخصصة لتقييم (الأعضاء الباطنية)
تسلم منه أحدهم (يبدو أنه رئيس اللجنة) نتيجة الفحص .. نظر إليها مليئاً ثم خاطبه قائلا ً :
- شوف يا أستاذ إنت طبعا عارف (الكلية اليمين) السليمه سعرها كام .. أها هسع كليتك
دى فيها شوية (إلتهابات) و(الغشاء الخارجى) بتاعا فيهو كم (فتق) كدا .. طيب كدى
نشوف ح نخصم منك كم؟؟ - ينظر إلى ورقه أمامه ويواصل – ح نخصم منك كم .. ح نخصم
منك كم ... طيب إالتهابات 10% وكمان (غشاء فيهو فتق) 13% كدا يكون المجموووع ..
طيب صفر وتلاته يساوى .تلاته وواحد وواحد يساوا إتنين – يلتفت لأيوب) :
- أنحنا يا أستاذ ح نخصم من السعر 23%
- أخصموا العاوزين تخصموهو بس (قبضونا الباقى) !!
- (بعد أن يقوم بالكتابة على فورم التقييم الذى أمامه) : طيب يا أستاذ بعد كده إنت
تشيل الورق ده وتمشى بيهو (المكتب القانونى) الفوقنا طوالى ده عشان يكملو ليكا
باقى الإجراءآت
عقد بيع وإستئصال :
وقف (أيوب) أمام (الأستاذ) الذى كان منهمكا فى إعداد عقد بيع (مترين مصران عليظ) لأحد المواطنين وبعد أن إنتهى وسلمه العقد رفع راسه ليتسلم ورق (أيوب) وبعد أن (فرفر) الورق قال مخاطباً (ايوب) :
- الطلب بتاعك الأولانى ده ناقص ؟
- (فى خوف وإستغراب ) : ناقص شنو؟
- ما ختيت فيهو (دمغة جريح)؟
- يا جماعة جريح منو؟؟ أنا ذاتى هسع ما (مشروع جريح ) وكمان ممكن أكون مشروع (شهيد) ؟
- بالله ما تأخرنا يا أستاذ أمشى خت لينا دمغة فى الطلب بتاعك دا وتعال نكمل ليكا
الإجراءآت
لما كان أيوب (أباطو والنجم) ولا يحمل فى جيبه سوى (ألف جنيه المواصلات) فقد قام خجلاً بمحاوله لشرح الأمر (للأستاذ) :
- والله ... فى الحقيقة ... أصلو يا أستاذ .. يعنى .. فى الحقيقه
- عاوز تقول ما معاك مش كده؟؟
- أيوه والله يا أستاذ الحاله صعبه ؟
- (وهو يكتب على الورقه) : خلاص ح أكتب ليك يخصموها منك بعدين !!
- أخصمو الإنتو عاوزنو بس (قبضونا الباقى) !!
- طيب بطاقتك وين؟
- (يخرجها من جيبه) : أهو دى ؟
- (ينظر إليها متفحصاً) : دى صلاحيتها منتهية وما مجدده ؟
- لكن أجددا كيف ؟؟ التجديد ده عاوز ليهو (عشرات الألوف) نجيبا من وين؟؟ هو أحنا
قادرين ناكل ؟؟
- طيب خلاص أنا ح (أفوتا) ليك يلا (وقع) لينا فى العقد ده (يعطيه العقد فيقوم أيوب
بالتوقيع عليه وإعادته له حيث يقوم (الأستاذ) بتسليمه نسخة منه .. يبدأ (أيوب) فى
قراءة (نصوص) عقد (البيع والإستئصال) بصوت خافت .. أنا المواطن (أيوب صابر أيوب)
بمحض إرادتى وكامل قواى العقلية قد (تنازلت) لشركة (تستأصلون لشراء الأعضاء
البشرية) عن (كليتى اليمنى) .... ثم قبل أن يكمل قراءة نصوص العقد يلف الأوراق
جميعها فى يده ويخاطب (الأستاذ) :
- طيب يا أستاذ بعد ده أمشى وين ؟؟
- بعد ده يا أستاذ (أيوب) دربك مرق وبقيت زول (إستئصال) ساااكت
- (فى تلهف) : يعنى أمشى وين؟
- تمشى تسجل إسمك فى (مكتب تحديد مواعيد العمليات) هناك فى المكتب البفتح على
(المسجد داك)
- طيب ومتين ح (نقبض) ؟
- بعد العملية طوالى ... وبعدين ما تخاف (حقك يروح)... نحنا ناس بنخاف الله وما
بناكل (قروش زول)أهو مكتوب فى العقد الشايلو ده إنو حتى لو (العملية) ما نجحت
وإنت (رحت فيها) نحنا ملزمين ندى (القروش) للورثه بتاعتك !!
ح نبيع :
نسبة للعدد الهائل من (العمليات) التى يجريها مستوصف (تستأصلون) حتى بعد إستعانته بفريق أطباء من (ماليزيا)و(هاواى) و(جزر القمر) فقد تم تحديد العملية لأيوب بعد إسبوعين من تاريخه على الرغم من (إستجداء) أيوب للموظف الذى كان يقوم بتحديد تواريخ العمليات بأن (يحجز) له فى أقرب فرصة ممكنة حتى يتمكن من سداد (رسوم) إبنته الجامعية لتتمكن من الجلوس للإمتحانات .
- أها عملت شنو قاعد هناك لمن الواطا عصرت ؟؟
- خلاص عملنا العقد؟
- عقد شنو هى (خطة إسكانية) ؟
- والله إنتى ما عارفا حاجه ساكت .. فحوصات .. وعقودات .. وطلبات .. وصفوف ما تديك
الدرب
- صفوف شنو كمان ؟ الناس كتار وإلا شنو؟
- ما كتار كيفن؟؟ إنتى ما شايفا (الشوارع) دى بقت فاضيه كيف !!
- أها والعملية أقصد (القروش) بيسلموك ليها متين؟
- والله قالو بعد أسبوعين
- (فى إستنكار) : إسبوعين شنو يا راجل ؟؟ إنت ما عارف إمتحانات بتك بعد أسبوع واحد
وقالو ليها كان ما جبتى قروش (القسط) ح نحرمك من (الإمتحان) ؟
- والله شرحت ليهم لكن ما قدرو يعملو ليا حاجه عشان الناس المنتظرين كتار
- خلاص شيل ورقك وعقوداتك دى أعمل منها صورة وأمشى أديهم ناس الجامعة ووريهم إنك
منتظر تستلم قروش (الكلية اليمين) !!
- ما ح يوافقو .. مش (جامعات الزمن ده) والله لو قلت ليهم (قروش القلب) ذاتو ما يحنو
أيوب يستأصل :
فى صالة الإنتظار التى تفضى إلى حجرة العمليات بمركز (تستأصلون) الطبى جلس (أيوب) منتظرا دوره لإجراء العملية .. الزمن يمر بطيئاً على الرغم من وجود (عشرين) غرفة عمليات تعمل فى آن واحد
- إنت عاوز (تستأصل) شنو؟
قالها متسائلاً الشخص الذى يرتدى ملابس (بالية متسخة) وتبدو عليه أعراض (الإدمان) والذى يجلس على يمين (أيوب) :
- أنا عاوز (أستأصل) الكلية اليمين ... (فى عفوية) : وإنت شنو؟؟
- والله أنا كنت عاوز أعمل ذيك كده وأديهم (كلية) لكن بعد ما فحصو والنتيجه طلعت قالو
ليا (كلاويك) دى ما نافعه عشان كنت (بتشرب) – مواصلا – أها قلت (أبيع) ليهم حته من (
المعده) أصلو أكل ذاتو عشان تهضمو مافى وقاعده ساكت
فى هذه الأثناء كان (الرجل) ذو الملامح (المتجهمه) الذى يقوم بقراءة أسماء الداخلين إلى العمليات قد بدأ بقراءة أسماء (الدفعة) الجديده والتى كان (أيوب) فى طليعتها ..
شمار فى مرقه :
أفاق أيوب من البنج على صوت (موظف المكتب القانونى) وهو يقول له :
- معليش يا أستاذ بس كان فى إجراء (قانونى) فات علينا
- (فى صعوبة) : شنو؟
- مفروض كان تجيب لينا (خلو طرف) من العوائد و الضرائب والزكاة والنفايات بإنو
الناس ديل ما عاوزين منك أى قروش لأنو فى حالة (الدوله) عاوزة منك أى قروش ح نقوم
نخصمها من (البيعه) ونوردها للدوله
- (بصعوبه) : لكن حالتى دى ما بتسمح ليا
- ما مشكلة عشان (راحتكم) الناس ديل (عملو) ليكم (مكاتب) هنا فى المجمع بتاع الشركه
ده وأنا عشانك يا أستاذ ح أمشى أشيل ورقك وأمرروا عليهم وبعدين تلقاهو فى
(الحسابات) لمن تمشى تصرف
- بارك الله فيك يا أستاذ
فى الحسابات :
جلس أيوب أمام المحاسب الذى بدأ منشغلاً فى (العمليات الحسابية) التى يجريها على (أوراق أيوب) ثم رفع رأسه يخاطبه وهو يضع يده على الآله الحاسبة :
- شوف يا أستاذ (الكلية السليمة) سعرها إتنين مليون قاموا خصموا منها (بدل تالف) 23
% كده يكون فضل ليك مليون وتلتمية وأربعين ... طيب (ينظر إلى الورق) عليك متأخرات
(عوايد) تمنوميه وأربعين كده يكون فضل ليكا خمسميت ألف لمن نطرح منها متأخرات
(النفايات) خمسميه وعشرين ألف كده نكون عاوزين منك (عشرين ألف) ممكن تجيبا لينا فى
أى وكت !!!
عزيزى القارئ :
إذا رأيت شخصا أشعث أغبر يعتلى (صينية كبرى برى) وهو يخاطب المارة مردداً بإستمرار
- (تعالو شيلو دى كمان) ... (تعالو شيلو دى كمان)
فأعلم إنه لا يقصد الدعوة لإزاحة تلك (الشاشة الإعلانية العملاقة) التى رفض المسئولون إزاحتها حماية لأرواح (الشعب الفضل) بل يقصد (كليته اليسرى) التى تبقت له ...
إنه أيوب !!!!
تجربة عوض :
بعد تردد شديد خرج أيوب من منزله وإتجه صوب منزل جاره عوض والذى وجده (بالسروال والعراقى) أمام منزله يقوم بتلميع (الموتر) بعد أن قام بغسله :
- كيفك يا (عوض)
- مرحب (أيوب) إتفضل لى جوه .. وإلا دقيقه أجيب ليك كرسى
- لا.. لا.. شكرا بس الحقيقه أن جايي استفسر منك فى موضوع وكده
- إن شاء الله خير
- لا .. خير ... أصلو فى الحقيقه .. يعنى .. فى الواقع .. اصلو (فى هذه اللحظة
بالذات فكر أيوب فى مغبه سؤاله لعوض وماذا سوف يحدث لو أن المسأله كانت شمارات
نسوان ساكت وإنو ما باع كليتو )
- مالك كده متردد عاوز تستفسر من شنو يا أيوب؟
- طبعاً يا عوض يا خوى براك شايف الحاله بقت صعبة والناس كلها بقت مفلسه وقعدت على
الحديده وزول ساكت يدينك والإ تشيل منو قروش مافى والناس باعت كلو حاجه والأكل
والشراب بقى فى تلتله و الأولاد والمدارس و ..
- والله الحاله بفت صعبه يا أيوب ياخوى أنا هسع القدامك ده لو ما بعت (كليتى اليمين)
دى – يشير بيده نحو مكانها الفارغ!!-كان الأولاد ما مشو المدرسة ولا أكلنا حتى !!
شعر (أيوب بإرتياح بالغ إذ أن عوض قد أزاح عنه الحرج ومشقه (فتح الموضوع) وأدخله
فيه مباشرة :
- أها ده الأنا جاييك ليهو ذاتو .. البت طردوها من الجامعة عاوزين منها قسط ما دفعتو
والشفع ما مشو المدرسة (حق فطور ما عندهم) والدنيا إتسدت فى وشى وما عندى طريقه
غير إنى أبيع ليا (كليه) وإلا إن شاء الله أى حاجه تانى !!
- شوف يا أيوب الناس ديل ممكن يشترو منك كاش وممكن يشترو منك بالأقساط ويدوك مقدم
- ما فاهم
- أفهمك .. لو إشترو منك (كاش) ح يختو ليكا (كليتك) دى فى (الواطه) وما ح يدوك فيها
سعر كويس
- كيف ؟؟
- طيب أوريك .. قول هسع مثلا (كليتك) دى بعد الفحص طلعت سليمه وما فيها حاجه ح يقومو
يقولو ليك يا نديك فيها إتنين مليون جنيه كاش أو تلاته مليون أقساط يدفعو ليكا
مقدما خمسميت ألف والمليون ونص الباقية يدوك ليهو على أقساط 48 شهر .. يعنى على
أربعه سنين !!
- فى إندهاش ساخر - وهم تانى عاوزين يقعدو أربعه سنين تااانى؟
- أنا غايتو بعت ليهم (كاش) عشان المسألة ما مضمونه تجى ناطه ليهم حاجه من (لاهاى)
وإلا من (جاى) وإلا من (جاى) والمسأله (تجوط) و(كليتنا) تروح شمار فى مرقه !!
- أها والزول هسع يمشى وين لو عاوز يبيع ؟
- إنت عاوز تبيع لى شركة ولا تبيع (للبنك) ؟؟
- والفرق شنو؟
- أول حاجه عندك شركة (تستأصلون) ودى (بتشترى وبتصدر ) وعندك شركة (تستزرعون) ودى
(بتبيع للناس المرتاحين) وبتعمل ليهم (زراعه) للإسبيرات أقصد الأعضاء بتاعتم
البتبوظ
- طيب والبنك؟
- نا س (البنك ) ديل بشترو منك (دفع مقدم)
- كيف يعنى ؟؟ جمرة
- جمرة شنو؟ ديل بتفقو معاك على مبلغ معين وبيقومو يدوك منو 30% والباقى بيدوهو
للورثه؟
- ورثت منو؟
- ما ورثتك إنت لمن تموت !!
- لا .. لا.. كان كده أحسن ليا ناس (تستأصلون) كاش !!!!
أيوب فى تستأصلون :
بعد أن عاد أيوب إلى منزله شرح لزوجته (بثينة) ما دار من حوار بينه وبين جارهم (عوض) ثم قام بإرتداء (جلابيته) ووضع على رأسه (طاقيته الوحيده) وتوكل على الحى الذى لا يموت قاصدا (تستأصلون) .
الشركه تقع فى مساحة كبيرة أحتلت (عربات) العاملين الفارهه جزء غير يسير منها بينما إحتل الجزء المتبقى مكاتب الإدارة ومعامل للفحص وستوصف نقل الأعضاء إضافة إلى (مسجد) طلى باللون الأخضر . المواطنون يتراصون فى صفوف طويله متعرجه أمام عدد من الشبابيك التى تعلوها لوحات أنيقه كتب عليها بالترتيب :
- (قسم الباطنية)
- (الأنف والأذن والحنجرة)
- (الأورده والشرايين)
- (العيون)
بينما هنالك (شباك) يبعد قليلا وقفت أمامه بعض (النسوة) كتب عليه (قسم النساء والتوليد) ً!!
وقف (أيوب) حائراً فى أى الصفوف يقف لكن سرعان ما تبددت حيرته عندما خاطبه الشخص الذى كان يقف فى نهاية (الصف) القريب منه :
- لو عاوز (الكلى) تعال شباك الباطنية ده !!
ما أن وقف (ايوب) خلف ذلك الشخص حتى بادره مواصلا حديثه :
- تعرف يا أستاذ عشان (الكلى) دى (إستيريو) يعنى يمين وشمال الناس كلها عاوزة تبيع
(سماعة) أقصد واحده و(تشتغل) بى واحده .. عشان كده الصف ده طويل !!
- وطيب صف (الأنف والأذن والحنجرة) ده البيقيف فيهو منو ؟؟ - مواصلا- يعنى أقصد
البيقيف فيهو بيكون عاوز يبيع شنو؟
- كيف ياخى ديل ممكن يشترو منك (الأذن الوسطى) أو (الطبله) أو الأذن الخارجية ذاتا
وبعدين ما تنسى ؟
- شنو؟
- (الحبال الصوتية) ذاتا بيشتروها (بالمتر) والعجب لو الزول صوتو (فنان) يدفعو ليهو
(كاش داون) طوالى
- والباقين ديل طيب ؟
- طيب أوريك .. ناس (العيون) ديل للناس العاوزين يبيعو (عدسه) ... شبكية ... عين
(كومبليت) ... وناس (الأورده والشرايين) ديل للناس العاوزين يبيعو ليهم (بوصة)
بوصتين .. وإلا (قدم) ..بتاع (وريد) وإلا شريان !!
- والزول ال ح يشترى (شرايين) ده يعمل بيها شنو؟؟
- إنت الظاهر ما عندك فكرة ناس القلب والجلطات ديل كلهم قاعدين يعملو عمليات
(بايباص) – يقصد bypassing- ويشيلو ليهم (شريان) من (الكراع) بدل المقفول فى
القلب – مواصلاً- أعاالزول بدل ما يشيلو من (كراعو) يقوم (يشترى) من (السوق) !!
- طيب ده كلو عرفناهو (النسوان) ديل يبيعو شنو؟؟
- (فى إستنكار) كيفن يبيعو شنو ؟؟ يا خى ديل عندهم أغلى ( إسبيرات) .. أقيف أوريك - يخرج من جيبه ورقة ثم يفتحها مخاطباً أيوب :
- شوف دى القائمه بتاعت (أسعار الأعضاء) شوف هنا - وهو يمرر بأصبعه على القائمه ثم
يقف تحت عنوان (أسعار الأعضاء النسوية) - أها شوف سعر (المبيض) الشغال الواحد كم
؟؟ ده سعرو أغلى من (إتنين كلاوى) !!!
- طيب ليه ما عاملين ليهم قسم ذى ده (للرجال) يعنى الزول لو عاوز يبيع ليهو (بروستات)
وإلا حاجات تانى؟
- القال ليكا منو هم ما عاملنو؟؟ عاملنو لكن البيع فيهو بالدس .. يعنى تحت تحت
- (وهو يقوم بعملية مسح بصرى لللافتات) : طيب ما شايف ليا قسم للمخ والأعصاب ؟
- (يضحك عاليا ثم بعد أن يهدأ) : إنت قايل (الجماعة) ديل عويرين ؟؟ هم ما عارفين
(أعصاب) المواطنين دى كلها (بايظه) و(أمخاخهم) كلها سلوكا ضاربه والواحد فيهم بقى
يا طالع (صينية) يا مرشح (للطلوع) !!!
أيوب قدام الشباك :
بعد زمن ليس بالقصير قضاه (أيوب) وهو يدردش مع (الرجل) الذى كان يقف أمامه وجد أيوب نفسه أمام الشباك وصوت يسأله :
- أنت يا أستاذ عاوز تبيع شنو؟
- إنتو عندكم شنو ؟؟
- كبده .. كلاوى .. كمونيه أقصد (مرارة) .. مصارين .. شريفه أقصد (رهيفه) طيب أها
أسعاركم كيف؟
- طيب أها أسعاركم كيف؟؟
- (يمد يده إلى ورقة أمامه ويعطيها لأيوب قائلاً) : دى القائمه بتاعت الأسعار .-مواصلاً –
الأسعار دى طبعاً بإفتراض إنو العضو العاوز تبيعو شغال (تش) يعنى ما فيهو أى
(لكلكه) !!
- (يمسك أيوب بالقائمة ويبدأ بالقراءة بصوت خافت كأنه يحدث نفسه : : كليه يمين ..
كليه شمال .. (مصرا ن غليظ) بالبوصة .. مصران (أعور) المتر خمسميه .. كبده ..
طوحال .. (ثم يرفع رأسه مخاطباً الموظف) :
- ياخى أسعاركم دى مالا فى الواطه كده؟
- (فى حدة) : والله يا أستاذ فى الواطه فى الما (واطه) دى أسعارنا وبين (البائع)
والمشترى يفتح الله ويستر الله!
- هى لكن طوااالى نحن (نبيع) وإنتو (تشترو) ؟؟
- يا أستاذ الصف طويل ما تاخرنا ساكت قول لينا قررت تبيع شنو؟
- طيب قول بقينا على الكلية (الشمال)
- إنت عارف إنو (الكلية الشمال) سعرها (أرخص) من (اليمين) ؟؟
- (فى إندهاش) : ليه مش كلهم (كلاوى)؟
- آآى كلهم كلاوى لكن اليمين بتكون (مبروكة) !!
- كان كده خلاص إنتو شيلو (المبروكه) وخلو لينا الفيها (الشيطان) دى !
لازم نفحصك :
خرج أيوب من (الصف) بعد أن قام بإستلام (فورم إستئصال كلية) من الموظف الذى أشار عليه بالذهاب إلى معمل الفحص حيث وجد صفين أحدهما أحدهما للرجال حيث وقف والآخر (للنساء) حيث كانت إحداهن وتبدو عليها علامات (الدعة) بعض الشئ تخاطب التى تقف خلفها فى الصف :
- والله يا بت أمى ما طالبانى حليفة والده ليا سبعة من بنات لى أولاد .. يعنى الحمدلله
كملت (الولاده) أها قلت شن لزوم (المبايض) تانى؟ عايزه بيهم شنو؟ ما أبيعهم
(للجماعة) ديل وأجدد عفش البيت
- والله أنا عرس ما معرساهو قعدت منتظرة ليا عريس لمن قربت (أقطع) أها قلت بجى
(الخريف) و(المبايض) بتقيف أخير الواحدة تبيعهم الإتنين للجماعة ديل وتمسك ليها قرش
قرشين حلوين بدل ما (يموتوا) ليها فى يدها – مواصلة- هم عليكى الله رجال (العرس)
وينهم ؟؟
- والله صدقتى يا ختى الرجال كلهم قعدو على (الحديده) وكان للجماعة المرطبين ناس
(مثى) وثلاث و(رباع) ديل ما بعرسو الذينا ديل ... ديل بعرسو الوشهم وش (ممثلات)
ودشهم (عربسات)
- آآيا صدقتى والله ياختى هسع بقت (القروش والسماحه) فى حته .. و(الفقر والقباحه) فى
حتة
- يحتحتهم يا الله الا نام ولا أكل طعام أكان خلونا على (الحديده) !!
بعد أن تابع (أيوب) ما كان يدور فى (صف السيدات) إنتبه لكون أنه على بعد أمتار
قليلة من شباك (المعمل) فقام لا شعورياً بسؤال الشخص الذى كان يقف أمامه فى الصف :
- هسع الناس ديل ح يفحصوا لينا شنو؟
- (يلتفت إليه تماماً) : كيف يفحصو ليك شنو ؟؟ ديل ح يفحصوا ليكا أى حاجة – مواصلاً-
ديل ما شداد و(لضاض) فى (البيع والشراء) قايلهم بيشتروا ليهم حاجه ساكت لو ما
إتأكدو منها .. والله (يفلفلو) ليكا الزول جنس (فلفلة)
- كيفن يعنى؟
- كيفن شنو والله قالو جايبين ليهم أجهزة فحص فى مستشفى (سوبا التعليمى) مافى
- طبعا طبعاً هنا بجيبوها لكن فى (المستشفيات) يجيبوها ليه؟؟
- والله يا أستاذ قالو جابو ليهم جهاز هنا بالكمبيوتر بس قالو يدخلو ليكا الزول فيهو
بى جاى نتائج الفحوصات تجى مكتوبه بى جاى – مواصلاً- والله شدت الجهاز ده ما حديث
قالو ليكا بيفحص البول والفسحة والدم وهم جوه جسم الزول !!
- أها هسع كشف (الجماعة) ديل بى قروش؟؟
- قروش شنو؟؟ إنت قايلهم مغفلين ؟؟ لو عملوهو بى قروش مع (الشعب) المفلس ده ما حقهم
راح ومافى زول ح يجيهم .. هم خلو ليهم قروش فحص لى زول ما (نفضوا) جيوب الناس
وخلوهم على (الحديدة)
لم يستغرق فحص ايوب سوى دقائق معدوده فقد طلب منه الإستلقاء على جهاز الفحص الذى
قام بسحبه إلى داخله وهو مستلق عليه ثم أخرجه من الناحية الأخرى بينما كانت بيانات
(نتيجة الفحص) تطبع على الطابعة الملحقة بالجهاز .بعد أن إستلم (أيوب) نتيجة
الفحص كان همه كله فى معرفة (ما مدى سلامة كليته) لذا فقد قام بطرح السؤال على
(فنى المعمل) والذى رد عليه :
- لمن تمشى لى لجنة التقييم هم ح يوروك الحاصل !!
- ولجنة التقييم دى وين؟
- شفت المكاتب (الصفراء) ديك ؟ القدام (المسجد) الأخضر داك ؟ .. بس داك محل لجنة
التقييم
ماذا تساوى كلية (أيوب) ؟
دخل (أيوب) بعد طول إنتظار إلى (مكتب لجنة التقييم) الذى كان يضم لجنة متخصصة لتقييم (الأعضاء الباطنية)
تسلم منه أحدهم (يبدو أنه رئيس اللجنة) نتيجة الفحص .. نظر إليها مليئاً ثم خاطبه قائلا ً :
- شوف يا أستاذ إنت طبعا عارف (الكلية اليمين) السليمه سعرها كام .. أها هسع كليتك
دى فيها شوية (إلتهابات) و(الغشاء الخارجى) بتاعا فيهو كم (فتق) كدا .. طيب كدى
نشوف ح نخصم منك كم؟؟ - ينظر إلى ورقه أمامه ويواصل – ح نخصم منك كم .. ح نخصم
منك كم ... طيب إالتهابات 10% وكمان (غشاء فيهو فتق) 13% كدا يكون المجموووع ..
طيب صفر وتلاته يساوى .تلاته وواحد وواحد يساوا إتنين – يلتفت لأيوب) :
- أنحنا يا أستاذ ح نخصم من السعر 23%
- أخصموا العاوزين تخصموهو بس (قبضونا الباقى) !!
- (بعد أن يقوم بالكتابة على فورم التقييم الذى أمامه) : طيب يا أستاذ بعد كده إنت
تشيل الورق ده وتمشى بيهو (المكتب القانونى) الفوقنا طوالى ده عشان يكملو ليكا
باقى الإجراءآت
عقد بيع وإستئصال :
وقف (أيوب) أمام (الأستاذ) الذى كان منهمكا فى إعداد عقد بيع (مترين مصران عليظ) لأحد المواطنين وبعد أن إنتهى وسلمه العقد رفع راسه ليتسلم ورق (أيوب) وبعد أن (فرفر) الورق قال مخاطباً (ايوب) :
- الطلب بتاعك الأولانى ده ناقص ؟
- (فى خوف وإستغراب ) : ناقص شنو؟
- ما ختيت فيهو (دمغة جريح)؟
- يا جماعة جريح منو؟؟ أنا ذاتى هسع ما (مشروع جريح ) وكمان ممكن أكون مشروع (شهيد) ؟
- بالله ما تأخرنا يا أستاذ أمشى خت لينا دمغة فى الطلب بتاعك دا وتعال نكمل ليكا
الإجراءآت
لما كان أيوب (أباطو والنجم) ولا يحمل فى جيبه سوى (ألف جنيه المواصلات) فقد قام خجلاً بمحاوله لشرح الأمر (للأستاذ) :
- والله ... فى الحقيقة ... أصلو يا أستاذ .. يعنى .. فى الحقيقه
- عاوز تقول ما معاك مش كده؟؟
- أيوه والله يا أستاذ الحاله صعبه ؟
- (وهو يكتب على الورقه) : خلاص ح أكتب ليك يخصموها منك بعدين !!
- أخصمو الإنتو عاوزنو بس (قبضونا الباقى) !!
- طيب بطاقتك وين؟
- (يخرجها من جيبه) : أهو دى ؟
- (ينظر إليها متفحصاً) : دى صلاحيتها منتهية وما مجدده ؟
- لكن أجددا كيف ؟؟ التجديد ده عاوز ليهو (عشرات الألوف) نجيبا من وين؟؟ هو أحنا
قادرين ناكل ؟؟
- طيب خلاص أنا ح (أفوتا) ليك يلا (وقع) لينا فى العقد ده (يعطيه العقد فيقوم أيوب
بالتوقيع عليه وإعادته له حيث يقوم (الأستاذ) بتسليمه نسخة منه .. يبدأ (أيوب) فى
قراءة (نصوص) عقد (البيع والإستئصال) بصوت خافت .. أنا المواطن (أيوب صابر أيوب)
بمحض إرادتى وكامل قواى العقلية قد (تنازلت) لشركة (تستأصلون لشراء الأعضاء
البشرية) عن (كليتى اليمنى) .... ثم قبل أن يكمل قراءة نصوص العقد يلف الأوراق
جميعها فى يده ويخاطب (الأستاذ) :
- طيب يا أستاذ بعد ده أمشى وين ؟؟
- بعد ده يا أستاذ (أيوب) دربك مرق وبقيت زول (إستئصال) ساااكت
- (فى تلهف) : يعنى أمشى وين؟
- تمشى تسجل إسمك فى (مكتب تحديد مواعيد العمليات) هناك فى المكتب البفتح على
(المسجد داك)
- طيب ومتين ح (نقبض) ؟
- بعد العملية طوالى ... وبعدين ما تخاف (حقك يروح)... نحنا ناس بنخاف الله وما
بناكل (قروش زول)أهو مكتوب فى العقد الشايلو ده إنو حتى لو (العملية) ما نجحت
وإنت (رحت فيها) نحنا ملزمين ندى (القروش) للورثه بتاعتك !!
ح نبيع :
نسبة للعدد الهائل من (العمليات) التى يجريها مستوصف (تستأصلون) حتى بعد إستعانته بفريق أطباء من (ماليزيا)و(هاواى) و(جزر القمر) فقد تم تحديد العملية لأيوب بعد إسبوعين من تاريخه على الرغم من (إستجداء) أيوب للموظف الذى كان يقوم بتحديد تواريخ العمليات بأن (يحجز) له فى أقرب فرصة ممكنة حتى يتمكن من سداد (رسوم) إبنته الجامعية لتتمكن من الجلوس للإمتحانات .
- أها عملت شنو قاعد هناك لمن الواطا عصرت ؟؟
- خلاص عملنا العقد؟
- عقد شنو هى (خطة إسكانية) ؟
- والله إنتى ما عارفا حاجه ساكت .. فحوصات .. وعقودات .. وطلبات .. وصفوف ما تديك
الدرب
- صفوف شنو كمان ؟ الناس كتار وإلا شنو؟
- ما كتار كيفن؟؟ إنتى ما شايفا (الشوارع) دى بقت فاضيه كيف !!
- أها والعملية أقصد (القروش) بيسلموك ليها متين؟
- والله قالو بعد أسبوعين
- (فى إستنكار) : إسبوعين شنو يا راجل ؟؟ إنت ما عارف إمتحانات بتك بعد أسبوع واحد
وقالو ليها كان ما جبتى قروش (القسط) ح نحرمك من (الإمتحان) ؟
- والله شرحت ليهم لكن ما قدرو يعملو ليا حاجه عشان الناس المنتظرين كتار
- خلاص شيل ورقك وعقوداتك دى أعمل منها صورة وأمشى أديهم ناس الجامعة ووريهم إنك
منتظر تستلم قروش (الكلية اليمين) !!
- ما ح يوافقو .. مش (جامعات الزمن ده) والله لو قلت ليهم (قروش القلب) ذاتو ما يحنو
أيوب يستأصل :
فى صالة الإنتظار التى تفضى إلى حجرة العمليات بمركز (تستأصلون) الطبى جلس (أيوب) منتظرا دوره لإجراء العملية .. الزمن يمر بطيئاً على الرغم من وجود (عشرين) غرفة عمليات تعمل فى آن واحد
- إنت عاوز (تستأصل) شنو؟
قالها متسائلاً الشخص الذى يرتدى ملابس (بالية متسخة) وتبدو عليه أعراض (الإدمان) والذى يجلس على يمين (أيوب) :
- أنا عاوز (أستأصل) الكلية اليمين ... (فى عفوية) : وإنت شنو؟؟
- والله أنا كنت عاوز أعمل ذيك كده وأديهم (كلية) لكن بعد ما فحصو والنتيجه طلعت قالو
ليا (كلاويك) دى ما نافعه عشان كنت (بتشرب) – مواصلا – أها قلت (أبيع) ليهم حته من (
المعده) أصلو أكل ذاتو عشان تهضمو مافى وقاعده ساكت
فى هذه الأثناء كان (الرجل) ذو الملامح (المتجهمه) الذى يقوم بقراءة أسماء الداخلين إلى العمليات قد بدأ بقراءة أسماء (الدفعة) الجديده والتى كان (أيوب) فى طليعتها ..
شمار فى مرقه :
أفاق أيوب من البنج على صوت (موظف المكتب القانونى) وهو يقول له :
- معليش يا أستاذ بس كان فى إجراء (قانونى) فات علينا
- (فى صعوبة) : شنو؟
- مفروض كان تجيب لينا (خلو طرف) من العوائد و الضرائب والزكاة والنفايات بإنو
الناس ديل ما عاوزين منك أى قروش لأنو فى حالة (الدوله) عاوزة منك أى قروش ح نقوم
نخصمها من (البيعه) ونوردها للدوله
- (بصعوبه) : لكن حالتى دى ما بتسمح ليا
- ما مشكلة عشان (راحتكم) الناس ديل (عملو) ليكم (مكاتب) هنا فى المجمع بتاع الشركه
ده وأنا عشانك يا أستاذ ح أمشى أشيل ورقك وأمرروا عليهم وبعدين تلقاهو فى
(الحسابات) لمن تمشى تصرف
- بارك الله فيك يا أستاذ
فى الحسابات :
جلس أيوب أمام المحاسب الذى بدأ منشغلاً فى (العمليات الحسابية) التى يجريها على (أوراق أيوب) ثم رفع رأسه يخاطبه وهو يضع يده على الآله الحاسبة :
- شوف يا أستاذ (الكلية السليمة) سعرها إتنين مليون قاموا خصموا منها (بدل تالف) 23
% كده يكون فضل ليك مليون وتلتمية وأربعين ... طيب (ينظر إلى الورق) عليك متأخرات
(عوايد) تمنوميه وأربعين كده يكون فضل ليكا خمسميت ألف لمن نطرح منها متأخرات
(النفايات) خمسميه وعشرين ألف كده نكون عاوزين منك (عشرين ألف) ممكن تجيبا لينا فى
أى وكت !!!
عزيزى القارئ :
إذا رأيت شخصا أشعث أغبر يعتلى (صينية كبرى برى) وهو يخاطب المارة مردداً بإستمرار
- (تعالو شيلو دى كمان) ... (تعالو شيلو دى كمان)
فأعلم إنه لا يقصد الدعوة لإزاحة تلك (الشاشة الإعلانية العملاقة) التى رفض المسئولون إزاحتها حماية لأرواح (الشعب الفضل) بل يقصد (كليته اليسرى) التى تبقت له ...
إنه أيوب !!!!
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
[b]خطوبة زهير[/b]
العدد الأسبوعى - صحيفة السودانى
الجمعة الموافق 9 مارس 2007م
فى خضم (الحركات المسلحة) والإتفاقيات (الثنائية) و(القرارات الدولية) و(البلع) و(اللغف) والتمكين و(الشنو ما بعرف داك) هل فطن مسؤول واحد لما يعترى حياتنا (الإجتماعية) من أوجاع وآلام وإشكاليات ؟؟؟ هل نظر مسؤول واحد لمشكلات مثل (البطالة) و(العنوسة) ؟؟ لو أننا الآن قمنا- فرضاً- بسؤال السيد (والى ولاية الخرطوم) عن عدد (البيض والفراخ !!) فى ولايته لأعطانا الإجابه (من رأسه) فى الحال ولكن ماذا لو سألناه عن عدد (البنات) اللواتى تجاوزن سن (الثلاثين) وهن دون (زواج) هل تراه يخرج (اللابتوب) ليعطينا إجابة دقيقة ؟؟ لا أظن (فسعادة الوالى ) يركز على الإستثمار ولا يخفى إنشغاله (بالبيزنس مما كان صغير) – أو كما قال - وهكذا هو شأن (البقية) ... عموما فقد بلغ السيل الزبى وإنعكست الآية وصارت (البنات) من فرط (غلهن) هن من يخطبون الأولاد الذين إستسلموا (للعطاله) فهذا (زهير) يجلس فى حجرته يستمع إلى (فنانه المفضل) وهو فى حالة إسترخاء بينما تدخل والدته عليه فجأة مخاطبة إياه :
- يا ولدى والله عاوزه أكلمك فى موضوع
-(وهو خايف) : خير يا أمى
- يا (زهير) يا ولدى إنت طبعا كبرت و(إحلويت) وما شاء الله عليك والبنات كلهن يتمنوك (تصمت قليلا) أها (نفيسة) جارتنا دى عاوزاك لى بتها (سوسن)
يقوم زهير بخفض رأسة حياء وينظر إلى الأرض وهو يدلك على (شنبه) بأصبعيه ثم يقول :
- الرأى رأيك والشورة شورتك يا أمى
- أنا بى صراحة يا ولدى ما شايفة فى البت أى شئ .. ما شاء الله محترمة ووظيفتا ما بطالة ومرتبا كويس ومن البيت للمسجد ومن المسجد للبيت ولا عندها (شلل) بتساهر معاها ولا بتدخن ولا بتمشى (ميز) البنات
- لكن يمة بس هى شافتنى وين ؟؟
- شنو شافتك وين ؟ ما كل يوم وإنت جاى من الجامعة هى بتكون منتظراك فى المحطة عشان تعاين ليك
- وعرفت إنى ما (مخطوب) ولا (مرتبط) كيف ؟؟
- سألت عنك وقالو ليها الولد ده لا بتاع (نيتكافيهات) ولا بتاع (صياعة) وما بطلع إلا مع (أبوهو) وهسع يا (زهير) يا ولدى (البت) دى وأهلها جاين يوم الخميس الفى وشنا ده عشان يشوفوك
- طيب يمة (أبوى) رأيو شنو فى الموضوع ده ؟؟
- أبوك كمان عندو رأى ؟؟؟ هو فاضى من لعب (الضمنه) وشراب القهوة و(الشيشة)؟؟
- (بعد شوية تفكير) : خلاص يمه الإنتى تشوفيهو يحصل
بعد أن خرجت والدة (زهير) من (الغرفة) نط (زهير) من السرير وإتجه صوب (المراية) المعلقة على الحائط وأخد ليهو (لفة لفتين) ينظر فى إعجاب إلى قوامه (الممشوق ) وهو يموج بيده على (شعرة) ثم يدلك على (شنبه) وهو (يشيل نفس عميق) ويقول :
- أخيراً الواحد ح ينفك من (البورة) دى
يوم الخميس :
بدأت الترتيبات لخطوبة (زهير) من يوم (الأربعاء) حيث قام (زهير) بالذهاب يرافقه صديق عمرة(هانى) إلى صالون (الحلاقة) حيث قام بحلاقه شعر رأسه (آخر موضه) بعد أن قام (بصبغته) ولم ينس أن يطلب من (الحلاق) أن يزين له (حواجبه) على خفيف وأن يشيل له (بالفتله) شعر (الوجه) ولم ينس (زهير) أيضاً أن (يغشى) سوق (سعد قشرة) لشراء الملابس و(الحذاء) التى سوف يرتديها (لما يجو الجماعة) .
عند عودته من هذا المشوار وجد (زهير) البيت مقلوب رأساً على عقب حيث قام بقية إخوانه (بدك ) المحاضرات فى الجامعة والتفرغ لنظافة وترتيب المنزل إستعدادا لقدوم أهل (الخطيبه) بينما ذهب الباقون إلى السوق لشراء (الفواكه) والجاتوهات) و(الحلاوة) والحاجة البارده لتقديمها للضيوف .
صباح (الخميس) كان البيت جاهزاً لإستقبال الضيوف وكان (زهير) أكثر (جاهزية) وهو يجلس داخل غرفته مع أصدقائه من أفراد (شلة الجامعة) وبين الحين والحين يذهب وينظر للمرآة للتأكد من (شياكته) وشكل التسريحة والحلاقه (الجديدة) وسط (تعليقات) أصدقائه !!
بمجرد سماع صوت وقوف (العربات) فى الخارج هتف جميع من كان بالمنزل :
- ديل الجماعة وصلوا... الجماعة جو
دق الجرس فذهبت (والده) زهير تفتح الباب وهى ترحب بالضيوف الذين جاءوا لخطوبه (زهير) وقامت بإجلاسهم فى الصالون المعد سلفاً لإستقبالهم حيث وضعت باقات الزهور وأوانى الفاكهه و(شيالات) الحلاوة والبسكويت
كان فى إستقبال الضيوف بالإضافة إلى والدة زهير (عماته) بدريه وحسنية إضافة إلى خالته (سميرة) وجارتهم (سعاد).
جلس الجميع وهم يتبادلون كلمات الترحيب والمجاملة التى بعد أن توقفت ساد (صمت) إستمر لدقائق لم يكسرة سوى صوت كبيرة (الوفد الخاطب) والتى يبدو أنها (عمة الفتاة) :
- (تتنحنح وتطلع من الكرسى شوية) : والله يا جماعة أنحنا جاينكم فى خير – صمت – والله فى الحقيقة ما سمعنا عنكم إلا كل شئ كويس وبدون مقدمات كتيره كده يعنى أنحنا جايين نطلب إيد ولدكم (زهير) لى بتنا (سوسن) دى (وتشير إليها) ومافى مانع تسألو مننا ومن بتنا وتتأكدو من أى حاجه عاوزنها –مواصلة- بالمناسبة دى حقو (نتعارف) أنا (عزيزة) عمة (سوسن) الجايين (نخطب) ليها ولدكم ودييك ذاتا (سوسن) الخطيبه واليمينى دى (نفيسه) أم (سوسن) طبعا جارتكم وبتعرفوها – تواصل- والشمالى دى (بشرية) خالة (سوسن) الكبيره (ثم تشيربيدها) والقاعده هناك دى أختى أنا (فوزية) يعنى عمة (سوسن)
وبعد أن قامت (والدة) زهير بتعريف (الفريق الآخر) إستعدلت فى جلستها وقامت بمخاطبة (عزيزة) :
- وإنتو أصلكم ياختى من وين ؟؟
- والله فى الحقيقه نحنا أساسا (رتيناب) من قرية (الرتينه بقت) لكن أهلنا جو العاصمة دى (للتجارة) من بدرى
-(فى إندهاش) : و(الرتينه بقت) دى وين ؟
-(فى إستنكار) أجى يا بت أمى عاد فى زول ما بعرف (الرتينه بقت) ؟؟
- لا أنا بقصد يعنى مكانا وين؟؟
- شفتى بعد (الزول) يفوت (الرتينه أبت تبق) ويعدى (الرتينه شلعوها) يلاقى (الرتينه بقت) طوالى فى وشو
(والدة زهير تضع قطعة الحلاوة التى كانت تمسك بها على الطاولة) : والله يا جماعة فى الحقيقة شرفتونا كتير .. ثم (تهمس) فى أذن إبنها الصغير (أيمن)
- أمشى كلم أخوك (زهير) قول ليهو جيب (العصير) للضيوف
خرج أيمن من (الصالون) حيث يجلس (الضيوف) ودخل حيث وجد بقية (أخوانه) الذين كانو ينتظرون بالداخل
- أها خطيبة (زهير) شكلها شنو؟؟ سمحة؟؟
- والله سمحة جنس سماحة طويييله وصفرااا وشعرا لحدت هنا !!
- (أخ زهير الأكبر وهو يرفع يديه للسماء) : يا رب ذى ما (خارجت) زهير (تخارجنى) وتجيب ليا (عروس) ذى (عروسو) دى !!
دخل (أيمن) إلى المطبخ حيث يقف (زهير) وهو فى كامل أناقته (يساعد) والده وهو يقوم بوضع (العصير) على (الصوانى) :
- يا (زهير) أمى قالت ليك تعال جيب (العصير) عشان (العروس) تشوفك
- (والد زهير وهو يربت على كتفه ) : يلا شيل (الصينية) وبلاش (خجل) خلى العروس تشوفك
يحمل (زهير) الصينية فى (إستحياء) بينما تصدر (الكبابى) صوتاً من أثر (الرجفة) المصطنعه
- الس سسس سلاااام عليكم
قالها زهير (متلعثماً) وهو يقوم بوضع (صينية العصير) على (التربيزه) ويبدأ فى مصافحة الجميع منتهيا بـ(سوسن) التى وقفت ترد السلام وهى تصطنع إبتسامة عريضة وتنظر إلى (زهير) نظرة إعجاب متفحصة جعلت (زهير) ينظر إلى الأرض فى إسنحياء ثم فى سرعة يتجه إلى الداخل
- هى ماشى وين يا (زهير) ما تجى تقعد مع الناس ديل
- (فى تلعثم) : ما بس أصلو ..
- أصلو شنو وبس شنو أمشى أقعد فى الكرسى الجنب (خطيبتك) داك
(زهير) يتجه نحو الكرسى الذى أشارت إليه (والدته) فى إستحياء شديد ثم يجلس وهو يطرق إلى الأرض ويضع يديه على ركبتيه (كما فى صور ناس زمان) .. الجميع فى هذه اللحظة ينظرون إلى الخطيبين ولسان حالهم يقول :
- بالله شوفهم لايقين على بعض كيف ؟؟
حتى تخرج (سوسن) خطيبها من صمته وتقوم بتلطيف (الجو) مدت يدها نحو (صينية العصير) وراحت تسأله :
- أحلى العصير (الاحمر) وإلا (الأصفر) ؟؟
- يرد (زهير) والحمرة تكسو (خدوده) : كلهم حلوين
- أكيد يكونوا (حلوين) لأنو إنت (العملتهم)
لم يتحمل (زهير) كلمات (الغزل) المغلفة إرتجفت أوصاله وقام مسرعاً متجها إلى الداخل حيث وجد بقية (أخوانه) فى إنتظارة يسألونه :
- أها لقيت شكلها كيف ؟؟
- عجبتك؟؟
- طويله وإلا قصيرة؟؟
- صفراء ولا خدرا ؟؟؟
بينما كان (أخوان زهير) يطرحون عليه هذه النوعية من الأسئلة خرج (والده) من المطبخ وهو منفرج الأسارير وراح يسأله ذات السؤال :
- أها إن شاء الله تكون (الخطيبه) عجبتك ؟؟
إرتبك (زهير) وقال فى صوت خفيض :
- والله يا بوى (حلوة) ثم (بإرتباك) ما بطاله يعنى
-(والد زهير وهو يضمه إليه) : ربنا يا ولدى يتمم ليكا على خير ... والله لو ما خايف أزعج (ناس الحله) ديل كان أديتكم (زغروده) كبيييرة !!
فى هذه الأثناء تحضر عوضية (أخت زهير الكبيرة) والتى تعمل (مفتشة) فى أحدى الوزارات وكان قد تم إخفاء أمر الخطوبه عنها لصرامتها وجديتها
- شنو البيت الليلة مقلوب كده؟
- (يرد والدها) : خفضى صوتك الناس ديل ما يسمعوك
- ناس منو كمان ديل الما يسمعونى
- بقول ليكى إتكلمى بالراحه عشان فى (بت) جوه جات تخطب (زهير) أخوك
- (فى حده وصرامه) : وشافتو وين عشان تجى تخطبو؟ والله شباب آخر زمن !!
- فيها شنو يعنى لامن تجى تخطبو؟؟
- فيها ألف حاجه .. هو بس معقول يكونو ما طلعو ونزلو سوا ؟؟ أنا (زهير) ده بعرفو كويس عامل ليا فيها (مسكين) وهسع يعمل ليك فيها ما شافا قبل كده !!
قام (الوالد) بتهدئة (عوضية) وأوضح لها بان المسأله عادية وأصلو (الزواج) بيبدأ (بالخطوبه) وإنو (أخوها زهير) مثال للعفه والأدب والأخلاق وإنو (البت سوسن) بس شافتو مرة فى (المحطه) ماشى الجامعه وقام (عجبا) وإنو المساله ما كان فيها (طلوع ونزول) وكافتيريات وحدائق ومنتزهات .
- أها يا جماعة (الفاتحة)
قالتها (عزيزة) عمة (سوسن) ورئيسة الوفد الذى جاء لخطوبة (زهير) .. شال الجميع (الفاتحه) متمنين أن يبارك الله فى الزوجين القادمين .. هب الجميع واقفين يودعون بعضهم البعض خرجوا إلى الشارع حيث كانت تقف عربة (سوسن) والتى إنطلقت بينما دخل الجميع (ينظمون) الصالون ويعيدون البيت كما كان عليه .
دخل (زهير) إلى غرفته خائفاً متحاشياً أن (تستجوبه) عوضية وما أن دخل إلى الغرفة حتى إتصل به صديق عمره (هانى) على الموبايل :
- أها كيف؟
- والله ما تقول ليا ... (الحكاية) ما مشت عليهم ... إتخيل يا (هانى) الناس دى كلها مفتكرانا ما بنعرف بعض
- أنا ما عااارفك شديد ولضيض وح تعمل للموضوع (إخراج) كويس
- (بعد صمت) : والله بس خائف
- أها تانى خايف من شنو؟؟
- خائف (عوضية) دى (تزرزرنى)
- (تزرزرك) شنو يا (زهير) أنا (أبوى) قال ليا هى ذاتا جايه تخطب (صديق) أخوى بعد يومين تلاته ... والله قالو ليكا كل يوم ماشا ليهو فى المكتب واليوم كلو ماسكين (الموبايل) يتونسو
فترة الخطوبة:
وبدأت فترة الخطوبه .. وكانت أول زيارة (معلنه) لسوسن حيث قام (زهير) بترتيب (الصالون) وتجهيز البارد والشاى والجاتوة .. جاءت (سوسن) وهى تحمل فى يدها (كيسين) أحدهما صغير وانيق إتضح فيما بعد ان به موبايل (الشيطان) جديد كرت مع (شريحة) بينما كان الآخر به (علبة ماكنتوش) .. قامت والدة (زهير) بإستقبال (سوسن) فى صالون المنزل ووجدتها فرصة للإنفراد بها والدردشة معها فى محاولة (لتقييمها) ومعرفة ميولها وطباعها ثم بعد أن وجهت لها ما عن لها من أسئلة وتحدثت معها فى كل ما خطر لها من مواضيع
- كدى الأنادى ليكى (زهير)
دخلت (والده زهير) لمناداته ولم تنس أن تنادى على (ريم) شقيقة (زهير) الصغرى وتهمس فى اذنها :
- تمشى يا ريم تقعدى معاهم فى الصالون ما تفارقيهم شبر ... فهمتى؟؟
بوجود (المراقب الدائم) ريم تقلصت زيارات (سوسن) إلى المنزل وتم إستبدالها بكافتيريا الجامعة التى شهدت بداية العلاقة يوم أن جاءت (سوسن) لزيارة صديقتها (نوال) التى تعمل (أمينة مكتبة) الكلية التى يدرس بها (زهير) ووجدته يتصفح كتاباً داخل (المكتبه) فأعجبها مظهره ووسامته وقررت فى قرارة نفسها أن تتقدم (لطلب يده) بعد أن تتعرف عليه جيدا وقد كان .
لم يكن إهداء (سوسن) لزهير (موبايل بكاميرا مع شريحتة) فى زيارتها تلك أمراً جزافياً فها هو (زهير) منذ أن يعود من الجامعه وهو يضع (سماعة الموبايل) على أذنيه وهاك يا (كلام دقاق) لا يكاد الواقف بجانبه يسمعه .. كل الليل وحتى الساعات الأولى للصباح و(زهير) يتأبط (الوساده) فى غرفته المغلقه ويغرق فى حديث (ناعم معسول) تتخلله بعض الضحكات وقليل من (الآهات) وشوية (صور) !! وقد كانت (سوسن) كلما إنتهى (رصيد زهير) تقوم بعملية (تحويل رصيد) له حتى لا ينقطع هذا (الخط الساخن) الجميل ..
سد المال كم ؟
وقف (زهير) أمام والدته فى (الصاله) بعد أن فرغت من مشاهدة (المسلسل) ثم قال لها وهو ينظر إلى الأرض فى إستحياء:
- يا أمى الجماعة ديل جايين يوم الخميس البعد الجاى جايبين الشيله وسد المال
- أهلا بيهم ومرحب – ثم وهى تخفض صوتها- أها (سوسن) ما قالت ليك ح تسد مالك كم؟
- والله يمة ما عارف لكن ..
- لكن شنو؟؟ قالت ليكا وما عاوز تورينى؟؟
- لا يعنى إنتى عارفه (سوسن) دى موظفه وقدر حالها وخريجه جديده و ..
- وشنو ؟؟ عاوز تعمل ليا (محامى)؟؟
- لا يعنى بس يعنى
- أها (المهر) ده خليناهو ح تجيب ليك الشيله كم كم ؟؟
- والله يمه الشئ الأنا عارفو إنو الشيلة دى رسلتها ليها واحده صاحبتا من (الأمارات)
-(تنهره) : أنا يا ولد ما سألتك جابوها من وين ؟ أنا سألتك هى كم كم
-(وهو يتلعثم) : سته ... سته
-(فى تهكم وإذدراء) : قلت كم كم ..؟؟ سته .. سته؟؟ والله ياهو ده الفضل أنا (ولدى) يجيبو ليهو سته سته
- ومالم السته سته يا أمى؟؟
-(وهى تشير بيدها) : (عمار) ود جيرانكم ديل ما بتعرفو؟؟ البت العرستو دى الشغالا ليها فى (محل إتصالات) دى جابت ليهو إطناشر إطناشر
- لكن يا أمى إحتمال شالت ليها (سلفيه) ؟؟
- تشيل ليها سلفيه أصلها شغالا فى (البنك الزراعى) ما بتاعت إتصالات
-(يتصنع الحردان) : شوفى يا أمى كل زول ومقدرتو و(سوسن) الح تعملو ده مقدرتا يا تقبلو بيهو كده يا أنا ذاتى عرس ما دايرو
-(تجر واطى) : أنا بس يا ولدى قصدى إنها تقيمك وتفتح وشنا قدام الناس
الشيله وسد المال :
كان يوما مشهودا فى منزل (سوسن) حيث جلس (إخوانها) يقومون بتزويق (الأوراق النقدية) فى اشكال (حلزونيه) وأخرى (دائرية ) ويربطونها مستخدمين أنواعاً من أشرطة (الهدايا) الذهبية بينما إنهمك (أولاد عمها وعماتها) وأولاد (خالها وخالاتها) فى مساعدة (الطباخين) وملء (قيزان) الأكل بينما كان (الرجال) فى الصالون (يتعازمون) فى أيهم سوف يذهب مع (الشيله) وكل واحد فيهم عاوز يعمل فيها تقيل خوفا من أن يقال إنه قد ذهب مع الشيله من أجل (فتيل الريحة) أو (العمة) أو (الشال) الذى جرى العرف أن يقدم فى مثل هذه المناسبة لمن يحضرو مع (الشيلة) !! .
تحركت حافلة (مستفه) من (الرجال) أقرباء وجيران (أسرة سوسن) نحو منزل (زهير) الذى بدا فى أبهى حله بعد أن تم (ضربو جير) من الخارج .. ما أن توقفت الحافلة والبوكس الهايلوكس الذى كان يحمل (الصفائح والكراتين والجوالات وقيزان الأكل) حتى إنطلقت الزغاريد من منزل (زهير) حيث وقف (أعمامه وأخواله ) فى مقدمة المستقبلين .
بعد أن تم إنزال (الشيلة) و(حاجات الأكل) وتقديم (وجبة الفطور) لأهل (العروس) غادروا بعد أن أكدت (عزيزة) عمة (سوسن) لوالدة (زهير) بأن (العرس) ح يكون بعد (شهرين) وما أن غادرت (الحافلة) حتى هجم (أصدقاء) وأقارب وأخوان (زهير) على (الشيلة) يتفرجون على محتوياتها
- والله (عروسك) دى ذوقا رهييييب .. بالله شوف (البنطلون) ده ... وإلا أقول ليك شوف (القميص) ده
- والله شيله ما حصلت سته سته لكن تجنن
- شوف بالله حتى (الشرابات) طقم وسته سته
- شرابات شنو؟ كدى شوفو (الكرفتات) دى راقية وجميله كيف
المعسكر :
تم تسليم إدارة الجامعه خطاب (تجميد) للطالب (زهير محمد على) نسبة لزواجه المزمع إقامته بعد (شهرين) ومن ثم تم إخضاع (زهير) لنظام تغذيه يتبع فى مثل هذه الحالات يعتمد على (النشويات) من (موص) و(مديده حلبه) حتى (يفرهد) شوية مع التوجيه (الصارم) بعدم الخروج من (المنزل) إلا للخياط الذى سوف يقوم (بخياطه) بدلة (الزفاف)
وقد وجدت (سوسن) و(زهير) فى الأخيرة هذه (فرصة) للتلاقى وكسر أبواب هذا (المعسكر) القاسى
- ماشين وين؟
- ماشين الترزى عشان بدلة الزفاف
- جايين من وين
- جايين من الترزى عشان بدلة الزفاف
وتم الزواج :
تمت مراسم (العقد) والزواج وبدأ زهير (فى شريط الفيديو) وقد ضاقت عليه (بدلة الزفاف) بعد أن اسرف فى تناول (الموص) ومديده الحلبه فى ذلك (المعسكر المقفول) .. بعد الحفل مباشرة أتجه الركب إلى المطار حيث قامت (سوسن) بالحجز على أحدى خطوط الطيران السياحية لقضاء شهر العسل وقد كان فى وداع (زهير) إضافة إلى افراد اسرته أصدقائه المقربين وعلى راسهم (هانى) الذى كان برفقة (زهير) يودعه حتى عبر (كاونتر الجوازات) ودخل إلى منطقة المسافرين وهو يوصيه قائلاً :
- ما تنسى ذى ما قلت ليك خليك (تقيل)
مبرووك :
عاد (زهير وسوسن) بعد أن قاما بقضاء شهر عسل (إنما أيه) نزلت سوسن إلى (شغلها) بينما جلس (زهير) بالمنزل يشاهد فى القنوات الفضائية ويستقبل فى مكالمات (سوسن) التى لا تنتهى والتى تجريها معه من مكان العمل .. سئم (زهير) من الجلوس وحيدا فى إنتظار عودة (سوسن) لا سيما وأنه لم (يهضم) جيران وأقرباء سوسن
- شوفى يا سوسن والله أنا (مليت ) هنا وقاعد براى ذى الشيطان لحدت إنتى ما تجى من الشغل
- ما تعمل ليكا علاقات مع ناس الحلة ديل
- والله ناس حلتكم دى (فارغين) ساكت وما نزلوا ليا من (حلقى) جنهم (قطيعة) ولخبطه وونستهم كلها كورة وسياسة !!
- وعاوزنى أعمل ليك شنو يعنى؟؟
- عاوزك الصباح وإنتى ماشة الشغل تودينى (ناس أبوى) وإنتى راجعه تغشينى تجيبينى
- ما مشكلة يا (حبيبى) من بكرة نعمل كده
إستمر الحال ( قريب سنه) سوسن ماشة الشغل توصل (زهير) ناس ابوهو .. (سوسن) جاية من الشغل تغشى (زهير) تجيبو إلى أن جاء يوم قامت فيه (سوسن) كالعاده بتوصيل (زهير) إلى (بيت ناس أبوهو) لكنها بعد أن ذهبت بدأ الإعياء على (زهير) والذى تمثل فى (إستفراغ) وطمام لاحظه والده الذى خاطبه قائلاً :
- لازم نمشى نحلل ليك
- (وهو يحاول الإستفراغ) : لا حاجه بسيطه
- قلت ليك لازم نمشى نحلل ليك قوم البس هدومك دى
قام والد (زهير) بتسليم (العينات) لـ(فنى المعمل)والذى طلب منه الإنتظار ريثماتظهر نتيجة (التحليل) بينما كان (زهير) فى تلك الأثناء يجلس على(كرسى) فى صالة المعمل وقد وضع أمامه(سلة النفايات) تحسباً لأى (إستفراغ) ، بعد حوالى ربع الساعة أطل (فنى المعمل) على نافذة تسليم (نتائج التحاليل) وهو متهلل الوجه مخاطباً والد (زهير) :
- مبروك يا حاج ..... النتيجه Positive
العدد الأسبوعى - صحيفة السودانى
الجمعة الموافق 9 مارس 2007م
فى خضم (الحركات المسلحة) والإتفاقيات (الثنائية) و(القرارات الدولية) و(البلع) و(اللغف) والتمكين و(الشنو ما بعرف داك) هل فطن مسؤول واحد لما يعترى حياتنا (الإجتماعية) من أوجاع وآلام وإشكاليات ؟؟؟ هل نظر مسؤول واحد لمشكلات مثل (البطالة) و(العنوسة) ؟؟ لو أننا الآن قمنا- فرضاً- بسؤال السيد (والى ولاية الخرطوم) عن عدد (البيض والفراخ !!) فى ولايته لأعطانا الإجابه (من رأسه) فى الحال ولكن ماذا لو سألناه عن عدد (البنات) اللواتى تجاوزن سن (الثلاثين) وهن دون (زواج) هل تراه يخرج (اللابتوب) ليعطينا إجابة دقيقة ؟؟ لا أظن (فسعادة الوالى ) يركز على الإستثمار ولا يخفى إنشغاله (بالبيزنس مما كان صغير) – أو كما قال - وهكذا هو شأن (البقية) ... عموما فقد بلغ السيل الزبى وإنعكست الآية وصارت (البنات) من فرط (غلهن) هن من يخطبون الأولاد الذين إستسلموا (للعطاله) فهذا (زهير) يجلس فى حجرته يستمع إلى (فنانه المفضل) وهو فى حالة إسترخاء بينما تدخل والدته عليه فجأة مخاطبة إياه :
- يا ولدى والله عاوزه أكلمك فى موضوع
-(وهو خايف) : خير يا أمى
- يا (زهير) يا ولدى إنت طبعا كبرت و(إحلويت) وما شاء الله عليك والبنات كلهن يتمنوك (تصمت قليلا) أها (نفيسة) جارتنا دى عاوزاك لى بتها (سوسن)
يقوم زهير بخفض رأسة حياء وينظر إلى الأرض وهو يدلك على (شنبه) بأصبعيه ثم يقول :
- الرأى رأيك والشورة شورتك يا أمى
- أنا بى صراحة يا ولدى ما شايفة فى البت أى شئ .. ما شاء الله محترمة ووظيفتا ما بطالة ومرتبا كويس ومن البيت للمسجد ومن المسجد للبيت ولا عندها (شلل) بتساهر معاها ولا بتدخن ولا بتمشى (ميز) البنات
- لكن يمة بس هى شافتنى وين ؟؟
- شنو شافتك وين ؟ ما كل يوم وإنت جاى من الجامعة هى بتكون منتظراك فى المحطة عشان تعاين ليك
- وعرفت إنى ما (مخطوب) ولا (مرتبط) كيف ؟؟
- سألت عنك وقالو ليها الولد ده لا بتاع (نيتكافيهات) ولا بتاع (صياعة) وما بطلع إلا مع (أبوهو) وهسع يا (زهير) يا ولدى (البت) دى وأهلها جاين يوم الخميس الفى وشنا ده عشان يشوفوك
- طيب يمة (أبوى) رأيو شنو فى الموضوع ده ؟؟
- أبوك كمان عندو رأى ؟؟؟ هو فاضى من لعب (الضمنه) وشراب القهوة و(الشيشة)؟؟
- (بعد شوية تفكير) : خلاص يمه الإنتى تشوفيهو يحصل
بعد أن خرجت والدة (زهير) من (الغرفة) نط (زهير) من السرير وإتجه صوب (المراية) المعلقة على الحائط وأخد ليهو (لفة لفتين) ينظر فى إعجاب إلى قوامه (الممشوق ) وهو يموج بيده على (شعرة) ثم يدلك على (شنبه) وهو (يشيل نفس عميق) ويقول :
- أخيراً الواحد ح ينفك من (البورة) دى
يوم الخميس :
بدأت الترتيبات لخطوبة (زهير) من يوم (الأربعاء) حيث قام (زهير) بالذهاب يرافقه صديق عمرة(هانى) إلى صالون (الحلاقة) حيث قام بحلاقه شعر رأسه (آخر موضه) بعد أن قام (بصبغته) ولم ينس أن يطلب من (الحلاق) أن يزين له (حواجبه) على خفيف وأن يشيل له (بالفتله) شعر (الوجه) ولم ينس (زهير) أيضاً أن (يغشى) سوق (سعد قشرة) لشراء الملابس و(الحذاء) التى سوف يرتديها (لما يجو الجماعة) .
عند عودته من هذا المشوار وجد (زهير) البيت مقلوب رأساً على عقب حيث قام بقية إخوانه (بدك ) المحاضرات فى الجامعة والتفرغ لنظافة وترتيب المنزل إستعدادا لقدوم أهل (الخطيبه) بينما ذهب الباقون إلى السوق لشراء (الفواكه) والجاتوهات) و(الحلاوة) والحاجة البارده لتقديمها للضيوف .
صباح (الخميس) كان البيت جاهزاً لإستقبال الضيوف وكان (زهير) أكثر (جاهزية) وهو يجلس داخل غرفته مع أصدقائه من أفراد (شلة الجامعة) وبين الحين والحين يذهب وينظر للمرآة للتأكد من (شياكته) وشكل التسريحة والحلاقه (الجديدة) وسط (تعليقات) أصدقائه !!
بمجرد سماع صوت وقوف (العربات) فى الخارج هتف جميع من كان بالمنزل :
- ديل الجماعة وصلوا... الجماعة جو
دق الجرس فذهبت (والده) زهير تفتح الباب وهى ترحب بالضيوف الذين جاءوا لخطوبه (زهير) وقامت بإجلاسهم فى الصالون المعد سلفاً لإستقبالهم حيث وضعت باقات الزهور وأوانى الفاكهه و(شيالات) الحلاوة والبسكويت
كان فى إستقبال الضيوف بالإضافة إلى والدة زهير (عماته) بدريه وحسنية إضافة إلى خالته (سميرة) وجارتهم (سعاد).
جلس الجميع وهم يتبادلون كلمات الترحيب والمجاملة التى بعد أن توقفت ساد (صمت) إستمر لدقائق لم يكسرة سوى صوت كبيرة (الوفد الخاطب) والتى يبدو أنها (عمة الفتاة) :
- (تتنحنح وتطلع من الكرسى شوية) : والله يا جماعة أنحنا جاينكم فى خير – صمت – والله فى الحقيقة ما سمعنا عنكم إلا كل شئ كويس وبدون مقدمات كتيره كده يعنى أنحنا جايين نطلب إيد ولدكم (زهير) لى بتنا (سوسن) دى (وتشير إليها) ومافى مانع تسألو مننا ومن بتنا وتتأكدو من أى حاجه عاوزنها –مواصلة- بالمناسبة دى حقو (نتعارف) أنا (عزيزة) عمة (سوسن) الجايين (نخطب) ليها ولدكم ودييك ذاتا (سوسن) الخطيبه واليمينى دى (نفيسه) أم (سوسن) طبعا جارتكم وبتعرفوها – تواصل- والشمالى دى (بشرية) خالة (سوسن) الكبيره (ثم تشيربيدها) والقاعده هناك دى أختى أنا (فوزية) يعنى عمة (سوسن)
وبعد أن قامت (والدة) زهير بتعريف (الفريق الآخر) إستعدلت فى جلستها وقامت بمخاطبة (عزيزة) :
- وإنتو أصلكم ياختى من وين ؟؟
- والله فى الحقيقه نحنا أساسا (رتيناب) من قرية (الرتينه بقت) لكن أهلنا جو العاصمة دى (للتجارة) من بدرى
-(فى إندهاش) : و(الرتينه بقت) دى وين ؟
-(فى إستنكار) أجى يا بت أمى عاد فى زول ما بعرف (الرتينه بقت) ؟؟
- لا أنا بقصد يعنى مكانا وين؟؟
- شفتى بعد (الزول) يفوت (الرتينه أبت تبق) ويعدى (الرتينه شلعوها) يلاقى (الرتينه بقت) طوالى فى وشو
(والدة زهير تضع قطعة الحلاوة التى كانت تمسك بها على الطاولة) : والله يا جماعة فى الحقيقة شرفتونا كتير .. ثم (تهمس) فى أذن إبنها الصغير (أيمن)
- أمشى كلم أخوك (زهير) قول ليهو جيب (العصير) للضيوف
خرج أيمن من (الصالون) حيث يجلس (الضيوف) ودخل حيث وجد بقية (أخوانه) الذين كانو ينتظرون بالداخل
- أها خطيبة (زهير) شكلها شنو؟؟ سمحة؟؟
- والله سمحة جنس سماحة طويييله وصفرااا وشعرا لحدت هنا !!
- (أخ زهير الأكبر وهو يرفع يديه للسماء) : يا رب ذى ما (خارجت) زهير (تخارجنى) وتجيب ليا (عروس) ذى (عروسو) دى !!
دخل (أيمن) إلى المطبخ حيث يقف (زهير) وهو فى كامل أناقته (يساعد) والده وهو يقوم بوضع (العصير) على (الصوانى) :
- يا (زهير) أمى قالت ليك تعال جيب (العصير) عشان (العروس) تشوفك
- (والد زهير وهو يربت على كتفه ) : يلا شيل (الصينية) وبلاش (خجل) خلى العروس تشوفك
يحمل (زهير) الصينية فى (إستحياء) بينما تصدر (الكبابى) صوتاً من أثر (الرجفة) المصطنعه
- الس سسس سلاااام عليكم
قالها زهير (متلعثماً) وهو يقوم بوضع (صينية العصير) على (التربيزه) ويبدأ فى مصافحة الجميع منتهيا بـ(سوسن) التى وقفت ترد السلام وهى تصطنع إبتسامة عريضة وتنظر إلى (زهير) نظرة إعجاب متفحصة جعلت (زهير) ينظر إلى الأرض فى إسنحياء ثم فى سرعة يتجه إلى الداخل
- هى ماشى وين يا (زهير) ما تجى تقعد مع الناس ديل
- (فى تلعثم) : ما بس أصلو ..
- أصلو شنو وبس شنو أمشى أقعد فى الكرسى الجنب (خطيبتك) داك
(زهير) يتجه نحو الكرسى الذى أشارت إليه (والدته) فى إستحياء شديد ثم يجلس وهو يطرق إلى الأرض ويضع يديه على ركبتيه (كما فى صور ناس زمان) .. الجميع فى هذه اللحظة ينظرون إلى الخطيبين ولسان حالهم يقول :
- بالله شوفهم لايقين على بعض كيف ؟؟
حتى تخرج (سوسن) خطيبها من صمته وتقوم بتلطيف (الجو) مدت يدها نحو (صينية العصير) وراحت تسأله :
- أحلى العصير (الاحمر) وإلا (الأصفر) ؟؟
- يرد (زهير) والحمرة تكسو (خدوده) : كلهم حلوين
- أكيد يكونوا (حلوين) لأنو إنت (العملتهم)
لم يتحمل (زهير) كلمات (الغزل) المغلفة إرتجفت أوصاله وقام مسرعاً متجها إلى الداخل حيث وجد بقية (أخوانه) فى إنتظارة يسألونه :
- أها لقيت شكلها كيف ؟؟
- عجبتك؟؟
- طويله وإلا قصيرة؟؟
- صفراء ولا خدرا ؟؟؟
بينما كان (أخوان زهير) يطرحون عليه هذه النوعية من الأسئلة خرج (والده) من المطبخ وهو منفرج الأسارير وراح يسأله ذات السؤال :
- أها إن شاء الله تكون (الخطيبه) عجبتك ؟؟
إرتبك (زهير) وقال فى صوت خفيض :
- والله يا بوى (حلوة) ثم (بإرتباك) ما بطاله يعنى
-(والد زهير وهو يضمه إليه) : ربنا يا ولدى يتمم ليكا على خير ... والله لو ما خايف أزعج (ناس الحله) ديل كان أديتكم (زغروده) كبيييرة !!
فى هذه الأثناء تحضر عوضية (أخت زهير الكبيرة) والتى تعمل (مفتشة) فى أحدى الوزارات وكان قد تم إخفاء أمر الخطوبه عنها لصرامتها وجديتها
- شنو البيت الليلة مقلوب كده؟
- (يرد والدها) : خفضى صوتك الناس ديل ما يسمعوك
- ناس منو كمان ديل الما يسمعونى
- بقول ليكى إتكلمى بالراحه عشان فى (بت) جوه جات تخطب (زهير) أخوك
- (فى حده وصرامه) : وشافتو وين عشان تجى تخطبو؟ والله شباب آخر زمن !!
- فيها شنو يعنى لامن تجى تخطبو؟؟
- فيها ألف حاجه .. هو بس معقول يكونو ما طلعو ونزلو سوا ؟؟ أنا (زهير) ده بعرفو كويس عامل ليا فيها (مسكين) وهسع يعمل ليك فيها ما شافا قبل كده !!
قام (الوالد) بتهدئة (عوضية) وأوضح لها بان المسأله عادية وأصلو (الزواج) بيبدأ (بالخطوبه) وإنو (أخوها زهير) مثال للعفه والأدب والأخلاق وإنو (البت سوسن) بس شافتو مرة فى (المحطه) ماشى الجامعه وقام (عجبا) وإنو المساله ما كان فيها (طلوع ونزول) وكافتيريات وحدائق ومنتزهات .
- أها يا جماعة (الفاتحة)
قالتها (عزيزة) عمة (سوسن) ورئيسة الوفد الذى جاء لخطوبة (زهير) .. شال الجميع (الفاتحه) متمنين أن يبارك الله فى الزوجين القادمين .. هب الجميع واقفين يودعون بعضهم البعض خرجوا إلى الشارع حيث كانت تقف عربة (سوسن) والتى إنطلقت بينما دخل الجميع (ينظمون) الصالون ويعيدون البيت كما كان عليه .
دخل (زهير) إلى غرفته خائفاً متحاشياً أن (تستجوبه) عوضية وما أن دخل إلى الغرفة حتى إتصل به صديق عمره (هانى) على الموبايل :
- أها كيف؟
- والله ما تقول ليا ... (الحكاية) ما مشت عليهم ... إتخيل يا (هانى) الناس دى كلها مفتكرانا ما بنعرف بعض
- أنا ما عااارفك شديد ولضيض وح تعمل للموضوع (إخراج) كويس
- (بعد صمت) : والله بس خائف
- أها تانى خايف من شنو؟؟
- خائف (عوضية) دى (تزرزرنى)
- (تزرزرك) شنو يا (زهير) أنا (أبوى) قال ليا هى ذاتا جايه تخطب (صديق) أخوى بعد يومين تلاته ... والله قالو ليكا كل يوم ماشا ليهو فى المكتب واليوم كلو ماسكين (الموبايل) يتونسو
فترة الخطوبة:
وبدأت فترة الخطوبه .. وكانت أول زيارة (معلنه) لسوسن حيث قام (زهير) بترتيب (الصالون) وتجهيز البارد والشاى والجاتوة .. جاءت (سوسن) وهى تحمل فى يدها (كيسين) أحدهما صغير وانيق إتضح فيما بعد ان به موبايل (الشيطان) جديد كرت مع (شريحة) بينما كان الآخر به (علبة ماكنتوش) .. قامت والدة (زهير) بإستقبال (سوسن) فى صالون المنزل ووجدتها فرصة للإنفراد بها والدردشة معها فى محاولة (لتقييمها) ومعرفة ميولها وطباعها ثم بعد أن وجهت لها ما عن لها من أسئلة وتحدثت معها فى كل ما خطر لها من مواضيع
- كدى الأنادى ليكى (زهير)
دخلت (والده زهير) لمناداته ولم تنس أن تنادى على (ريم) شقيقة (زهير) الصغرى وتهمس فى اذنها :
- تمشى يا ريم تقعدى معاهم فى الصالون ما تفارقيهم شبر ... فهمتى؟؟
بوجود (المراقب الدائم) ريم تقلصت زيارات (سوسن) إلى المنزل وتم إستبدالها بكافتيريا الجامعة التى شهدت بداية العلاقة يوم أن جاءت (سوسن) لزيارة صديقتها (نوال) التى تعمل (أمينة مكتبة) الكلية التى يدرس بها (زهير) ووجدته يتصفح كتاباً داخل (المكتبه) فأعجبها مظهره ووسامته وقررت فى قرارة نفسها أن تتقدم (لطلب يده) بعد أن تتعرف عليه جيدا وقد كان .
لم يكن إهداء (سوسن) لزهير (موبايل بكاميرا مع شريحتة) فى زيارتها تلك أمراً جزافياً فها هو (زهير) منذ أن يعود من الجامعه وهو يضع (سماعة الموبايل) على أذنيه وهاك يا (كلام دقاق) لا يكاد الواقف بجانبه يسمعه .. كل الليل وحتى الساعات الأولى للصباح و(زهير) يتأبط (الوساده) فى غرفته المغلقه ويغرق فى حديث (ناعم معسول) تتخلله بعض الضحكات وقليل من (الآهات) وشوية (صور) !! وقد كانت (سوسن) كلما إنتهى (رصيد زهير) تقوم بعملية (تحويل رصيد) له حتى لا ينقطع هذا (الخط الساخن) الجميل ..
سد المال كم ؟
وقف (زهير) أمام والدته فى (الصاله) بعد أن فرغت من مشاهدة (المسلسل) ثم قال لها وهو ينظر إلى الأرض فى إستحياء:
- يا أمى الجماعة ديل جايين يوم الخميس البعد الجاى جايبين الشيله وسد المال
- أهلا بيهم ومرحب – ثم وهى تخفض صوتها- أها (سوسن) ما قالت ليك ح تسد مالك كم؟
- والله يمة ما عارف لكن ..
- لكن شنو؟؟ قالت ليكا وما عاوز تورينى؟؟
- لا يعنى إنتى عارفه (سوسن) دى موظفه وقدر حالها وخريجه جديده و ..
- وشنو ؟؟ عاوز تعمل ليا (محامى)؟؟
- لا يعنى بس يعنى
- أها (المهر) ده خليناهو ح تجيب ليك الشيله كم كم ؟؟
- والله يمه الشئ الأنا عارفو إنو الشيلة دى رسلتها ليها واحده صاحبتا من (الأمارات)
-(تنهره) : أنا يا ولد ما سألتك جابوها من وين ؟ أنا سألتك هى كم كم
-(وهو يتلعثم) : سته ... سته
-(فى تهكم وإذدراء) : قلت كم كم ..؟؟ سته .. سته؟؟ والله ياهو ده الفضل أنا (ولدى) يجيبو ليهو سته سته
- ومالم السته سته يا أمى؟؟
-(وهى تشير بيدها) : (عمار) ود جيرانكم ديل ما بتعرفو؟؟ البت العرستو دى الشغالا ليها فى (محل إتصالات) دى جابت ليهو إطناشر إطناشر
- لكن يا أمى إحتمال شالت ليها (سلفيه) ؟؟
- تشيل ليها سلفيه أصلها شغالا فى (البنك الزراعى) ما بتاعت إتصالات
-(يتصنع الحردان) : شوفى يا أمى كل زول ومقدرتو و(سوسن) الح تعملو ده مقدرتا يا تقبلو بيهو كده يا أنا ذاتى عرس ما دايرو
-(تجر واطى) : أنا بس يا ولدى قصدى إنها تقيمك وتفتح وشنا قدام الناس
الشيله وسد المال :
كان يوما مشهودا فى منزل (سوسن) حيث جلس (إخوانها) يقومون بتزويق (الأوراق النقدية) فى اشكال (حلزونيه) وأخرى (دائرية ) ويربطونها مستخدمين أنواعاً من أشرطة (الهدايا) الذهبية بينما إنهمك (أولاد عمها وعماتها) وأولاد (خالها وخالاتها) فى مساعدة (الطباخين) وملء (قيزان) الأكل بينما كان (الرجال) فى الصالون (يتعازمون) فى أيهم سوف يذهب مع (الشيله) وكل واحد فيهم عاوز يعمل فيها تقيل خوفا من أن يقال إنه قد ذهب مع الشيله من أجل (فتيل الريحة) أو (العمة) أو (الشال) الذى جرى العرف أن يقدم فى مثل هذه المناسبة لمن يحضرو مع (الشيلة) !! .
تحركت حافلة (مستفه) من (الرجال) أقرباء وجيران (أسرة سوسن) نحو منزل (زهير) الذى بدا فى أبهى حله بعد أن تم (ضربو جير) من الخارج .. ما أن توقفت الحافلة والبوكس الهايلوكس الذى كان يحمل (الصفائح والكراتين والجوالات وقيزان الأكل) حتى إنطلقت الزغاريد من منزل (زهير) حيث وقف (أعمامه وأخواله ) فى مقدمة المستقبلين .
بعد أن تم إنزال (الشيلة) و(حاجات الأكل) وتقديم (وجبة الفطور) لأهل (العروس) غادروا بعد أن أكدت (عزيزة) عمة (سوسن) لوالدة (زهير) بأن (العرس) ح يكون بعد (شهرين) وما أن غادرت (الحافلة) حتى هجم (أصدقاء) وأقارب وأخوان (زهير) على (الشيلة) يتفرجون على محتوياتها
- والله (عروسك) دى ذوقا رهييييب .. بالله شوف (البنطلون) ده ... وإلا أقول ليك شوف (القميص) ده
- والله شيله ما حصلت سته سته لكن تجنن
- شوف بالله حتى (الشرابات) طقم وسته سته
- شرابات شنو؟ كدى شوفو (الكرفتات) دى راقية وجميله كيف
المعسكر :
تم تسليم إدارة الجامعه خطاب (تجميد) للطالب (زهير محمد على) نسبة لزواجه المزمع إقامته بعد (شهرين) ومن ثم تم إخضاع (زهير) لنظام تغذيه يتبع فى مثل هذه الحالات يعتمد على (النشويات) من (موص) و(مديده حلبه) حتى (يفرهد) شوية مع التوجيه (الصارم) بعدم الخروج من (المنزل) إلا للخياط الذى سوف يقوم (بخياطه) بدلة (الزفاف)
وقد وجدت (سوسن) و(زهير) فى الأخيرة هذه (فرصة) للتلاقى وكسر أبواب هذا (المعسكر) القاسى
- ماشين وين؟
- ماشين الترزى عشان بدلة الزفاف
- جايين من وين
- جايين من الترزى عشان بدلة الزفاف
وتم الزواج :
تمت مراسم (العقد) والزواج وبدأ زهير (فى شريط الفيديو) وقد ضاقت عليه (بدلة الزفاف) بعد أن اسرف فى تناول (الموص) ومديده الحلبه فى ذلك (المعسكر المقفول) .. بعد الحفل مباشرة أتجه الركب إلى المطار حيث قامت (سوسن) بالحجز على أحدى خطوط الطيران السياحية لقضاء شهر العسل وقد كان فى وداع (زهير) إضافة إلى افراد اسرته أصدقائه المقربين وعلى راسهم (هانى) الذى كان برفقة (زهير) يودعه حتى عبر (كاونتر الجوازات) ودخل إلى منطقة المسافرين وهو يوصيه قائلاً :
- ما تنسى ذى ما قلت ليك خليك (تقيل)
مبرووك :
عاد (زهير وسوسن) بعد أن قاما بقضاء شهر عسل (إنما أيه) نزلت سوسن إلى (شغلها) بينما جلس (زهير) بالمنزل يشاهد فى القنوات الفضائية ويستقبل فى مكالمات (سوسن) التى لا تنتهى والتى تجريها معه من مكان العمل .. سئم (زهير) من الجلوس وحيدا فى إنتظار عودة (سوسن) لا سيما وأنه لم (يهضم) جيران وأقرباء سوسن
- شوفى يا سوسن والله أنا (مليت ) هنا وقاعد براى ذى الشيطان لحدت إنتى ما تجى من الشغل
- ما تعمل ليكا علاقات مع ناس الحلة ديل
- والله ناس حلتكم دى (فارغين) ساكت وما نزلوا ليا من (حلقى) جنهم (قطيعة) ولخبطه وونستهم كلها كورة وسياسة !!
- وعاوزنى أعمل ليك شنو يعنى؟؟
- عاوزك الصباح وإنتى ماشة الشغل تودينى (ناس أبوى) وإنتى راجعه تغشينى تجيبينى
- ما مشكلة يا (حبيبى) من بكرة نعمل كده
إستمر الحال ( قريب سنه) سوسن ماشة الشغل توصل (زهير) ناس ابوهو .. (سوسن) جاية من الشغل تغشى (زهير) تجيبو إلى أن جاء يوم قامت فيه (سوسن) كالعاده بتوصيل (زهير) إلى (بيت ناس أبوهو) لكنها بعد أن ذهبت بدأ الإعياء على (زهير) والذى تمثل فى (إستفراغ) وطمام لاحظه والده الذى خاطبه قائلاً :
- لازم نمشى نحلل ليك
- (وهو يحاول الإستفراغ) : لا حاجه بسيطه
- قلت ليك لازم نمشى نحلل ليك قوم البس هدومك دى
قام والد (زهير) بتسليم (العينات) لـ(فنى المعمل)والذى طلب منه الإنتظار ريثماتظهر نتيجة (التحليل) بينما كان (زهير) فى تلك الأثناء يجلس على(كرسى) فى صالة المعمل وقد وضع أمامه(سلة النفايات) تحسباً لأى (إستفراغ) ، بعد حوالى ربع الساعة أطل (فنى المعمل) على نافذة تسليم (نتائج التحاليل) وهو متهلل الوجه مخاطباً والد (زهير) :
- مبروك يا حاج ..... النتيجه Positive
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
[u] الطريفى بتاع الكشة [/u]
يعمل (الطريفي) نائبا لمدير قسم التحصيل بـ(ديوان الضرائب) ومسؤولاً عن التحصيل بالمنطقة الجغرافية التى تشمل منطقة (السوق الكبير) ، وكأى مسئول أو (موظف) تقتضى طبيعة عمله التعامل المباشر مع الجمهور فقد حباه الله تعالى بصفات عديدة تساعده على أداء عمله بالصورة المطلوبه مثل (فظاظة القلب) و(عدم الرأفة) و(التكشيرة) الدائمة !!
يبدأ يوم عمل (الطريفى) بحضوره مبكراً .. وبعد أن يقوم بشرب (فنجان) قهوته يقوم بجمع (السائقين) فى طابور للتأكد من جاهزية (البكاسى) التى سوف تستخدم فى حملات (إسم الدلع لكشات) اليوم .. ثم يقوم بعد ذلك بتوزيع المهام على الموظفين (الجباه) بعد أن يتأكد من وجود القوة الكافية (المدججة بالسلاح) التى ترافق كل (تيم) من (أتيام) الحملة لزوم القهر و(العين الحمراء) .
ثم تنطلق (البكاسى) إلى داخل (السوق الكبير) وما أن يراها أول شخص حتى يصيح :
- الطريفى جاااااااااكم !
ما أن تسمع هذه الصيحة (التحذيرية) حتى يقوم كل من عليه (ضريبه) أو (جباية) من أصحاب (المحلات) أو (الطبالى) أو (ستات الشاى) بالزوغان إما بقفل (المحل) أو بحمل (البضائع) أو (عدة الشاى) والهرب والإختفاء ومن لم يفعل ذلك ووجد نفسه وجها لوجه أمام حملة (الطريفى) (فوقعتو سودا) لأن للطريفى قولة مشهورة يحفظها كل الباعة وأصحاب المحلات فى السوق عن ظهر قلب وهى تقول : الليلة يا تدفع ... يا تدفع .. ولا يتوانى (الطريفى) لحظة عند العجز عن الدفع أن يقوم بأخذ (الميزان) أو (الثلاجة) أو (عدة الشاى) كرهائن إلى حين السداد !!
الطريفى مبسوط جداً وهو يؤدى عملة هذا ومقتنع به تماماً لكنه فى حياته الأسرية يعيش مأساة حقيقية وتعاسة ما بعدها تعاسة بعد أن أصيبت إبنته الوحيدة ذات السبعة عشر ربيعاً بمرض عضال وهى تستعد للدخول للمرحلة الجامعية ... إحتار الأطباء فى ذلك المرض .. فهى تصاب بنوبات غريبة من تشنجات تفقدها الوعى تماماً وتجعلها بين الحياة والموت ثم تفقد بعدها الذاكرة لعدة أيام وتصبح كما الجثة الهامدة ... قام (الطريفى) بعرضها على جميع الأطباء إلا أن حالتها لم تتحسن أبداً .
- والله يا (الطريفى) البت دى يكونوا (ستات الشاى) القاعد تصادر فى (عدتهم) ديل عملوا ليها (عمل)
- عمل شنو يا وليه خلينا من (الدجل) ده
- قالوا ليك الناس القاعدين تقطعوا فى رزقهم ديل بخلوكم
- نحن ما قاعدين (نضر) لينا زول دا (قانون) وقاعدين ننفذ فيهو
- وحات عيونى ديل ... مرض البت دى كلام فقراء و(كتابات) ساكت
- خليكى من (الدجل والخزعبلات) دى .. أنا وصفوا ليا دكتور (أمراض نفسيه) شاطر قومى إتجهزى نمشى نودى ليهو البت
... بعد أن قام (الطبيب النفسى) بمعاينة إبنة (الطريفى) المريضة قام بكتابة بعض الأدوية فى الروشته التى أعطاها للطريفى قائلاً:
- أمشوا أصرفوا ليها الأدوية المهدئة دى عشان حالتها تتحسن شويه وبعد أسبوع جيبوها ليا تانى عشان أكشف عليها
إستلم (الطريفى) الروشته وذهب بها إلى أول صيدلية حيث قام الصيدلى بصرف جميع الادوية الموجودة بالروشته ما عدا (الدواء) المكتوب فى أول الروشته إذ أخبر (الطريفى) بأنه غير موجود لديهم. ذهب (الطريفى) لصيدلية أخرى وعندما لم يجده قام بسؤال الصيدلى :
- بالله لو سمحت ألقى الدواء المكتوب أول واحد دا وين؟؟
- (بعد أن نظر إلى الروشته) : الدواء ده شوفو فى (صيدلية الوزير) القدام (طلمبة البنزين) ديك أكيد ح تلاقيهو عندهم
- لا خلاص عرفتها
وكيف لا يعرفها (الطريفى) فعندما تمت ترقيته ليكون نائباً لمدير قسم التحصيل قام مدير التحصيل بإستدعائه فى مكتبه :
- شوف يا (الطريفى) أنحنا قمنا بترقيتك وبقيت نائب مدير التحصيل يعنى الزول الح يتابع الشغل الميدانى (ثم مواصلاً) أنا عاوزك الناس المسئولين العندهم (بيزنس) ما تقرب ناحية الأعمال بتاعتهم وتخلى مسألة تحصيل (الضرائب) المختلفة بتاعتا علينا نحنا .
- ممكن طيب أعرف حاجات (المسئولين) دى عشان ما نقرب عليها
- عندك مثلاً صيدليات (الوزير) ومعاهد(الوالى) ومصانع (المعتمد) ومخابز (المستشار)
- وتانى فى حاجه؟؟
- هم كتار .. أنا ح أرسل ليك قائمة بيهم
تذكر (الطريفي) إستدعاء مدير التحصيل ذال له وهو يهم بدخول (صيدلية الوزير) ذات الأربع واجهات زجاجية التى تفتح على (ناصية الشارع) ، الأرضية مغطاة بالسيراميك الأبيض، الجدران مطلية بدهان أبيض، الرفوف المصنوعة من مواسير النيكل البراق عليها الأدوية مرصوصة في نظام وتناسق، هناك مكان يمتلء بالمعدات الطبية الصغيرة كأجهزة قياس الضغط والسكر، كما أن هناك أيضاً مكان مخصص للأدوية ومعلبات مرضى السكري، الكان يفوح برائحة (معطر الهواء) اللطيف، بيما كان هناك ثلاثة صيادلة (نضاف) يرتدون (اللابكوت) الأبيض ينصتون في استمتاع إلى الموسيقى الهادئة التي تنساب من سماعات الاستريو المخفض.
قام (الطريفى) بإعطاء الروشته إلى (الصيدلى) وشرح الأمر له وسرعان ما قام الأخير بإحضار (الدواء) من (الرف) القريب منه وإعطائه للطريفى الذى غادر الصيدليه متوجهاً لمنزله الذى عاد له منهك القوى من فرط المشاوير (الكتيره) حيث تهاوى إلى أقرب سرير
- أجيب ليك العشاء
- لا..لا خليهو شوية أنا تعبان شوية وعاوز آخد ليا نومه (خفيفه)
ما أن وضع (الطريفى) رأسه على (المخده) حتى رأى فيما يرى النائم أنه داخل قفص حديدى ضخم تحيط به (الأفاعى) و(الثعابين) و(العقارب) من كل ناحية وصوت جهورى (خشن) يناديه:
- يا الطريفييـيـيـيـيـي
- (فى خوف شديد وهو يرتعد) : أيوه فى شنو؟؟ أنا مالى؟؟ إنتو منو؟؟
- يا الطريفييـيـيـيـيـي
- (فى فزع ورعب وهو ينظر للثعابين) أيوا يا جماعة فى شنو؟؟ أنا الطريفى فى شنو؟؟ (ثم وهو يصرخ) يا جماعة شيلو منى (الثعابين) دى ونتفاهم
- ح نشيلا منك لكن بعد ما تلتزم لينا
- ألتزم ليكم بشنو؟؟
- إنت ما عاوز (بنتك) تتعالج وتبقى كويسه؟؟
- أيوه عاوزا تتعالج
- طيب إلتزم لينا إنك من الليله دى الناس (الغلابه) ديل ما تسألهم تانى وما تقطع رزقهم .. ما تشيل تانى عده بتاعت (ست شاى) ولا (ميزان) بتاع (سيد دكان) ولا طبليه (فارش) فيها زول ... وكمان فى حاجه تانى
- حاجة شنو يا جماعه؟
- إنك تكون (عادل) والناس (المسئولين) الكبار العندهم (بيزنس) ديل وما قاعدين تسألوهم وتشيلوا منهم (الضرائب والرسوم) المفروضة عليهم ديل تحاسبوهم على (داير المليم) ذيهم ذى باقى (الشعب) الفضل !!
- (فى إستعباط) ذى منو؟؟؟
- إنت عارف .. ونحن عارفين ..(ثم الصوت مواصلاً) هسع الصيدلية الأشتريت منها دواء (بنتك) دى قاعد تمشى تشيل منهم (ضرائب وإلا رسوم) ؟؟
- لكن ما بقدر أصلو
ومع كلمة (ما بقدر) كشرت جميع (الأفاعى) و(الثعابين) عن (أنيابها) وإتجهت نحوه مما جعله يصرخ صرخة داوية جاءت على إثرها (زوجته) مذعورة :
- سجم أمى مالك يا (الطريفى) بتصرخ؟؟ فى شنو مالك ؟؟
- لا لا مافى حاجة (ثم فى سره) اللهم أجعلو خير ... اللهم أجعلو خير ، لم يغمض (للطريفى) جفن تلك الليلة وهو يسترجع ذلك (الحلم) المرعب وتلك (الأفاعى) و(الثعابين) وهى تكشرعن (أنيابها) وتتجه نحوه
في صباح اليوم التالي إتجه (الطريفي) نحو مكتبه وهو يستصحب معه صور ومشاهد ذلك (الحلم) المرعب المزعج وحديث ذلك (الصوت) الذى خاطبه .
تناول (الطريفي) افطاره بالمكتب ثم قام بالبحث فى أدراجه عن تلك (القائمة) التى تحتوى على (بيزنس) وشركات ومحلات (المسئولين) والتى سلمها له (رئيسه المباشر) يوم أن تمت ترقيته كنائب مدير للتحصيل .
قام الطريفى بوضع (القائمة) داخل (ملف) ، قام بإختيار فريق التحصيل الذي سوف يرافقه (فى هذه المهمة غير العادية) من موظفين وقوة مدججة بالسلاح وقام بركوب البوكس (الهايلوكس) .
دخل الطريفي إلى (صيدلية الوزير) ثم اتجه وهو يحمل بعض الدفاتر في يده صوب أحد الصيادلة قائلاً:
- بالله لو سمحت أنتو مما عملتو الصيدلية دي ما دفعتو (ضرائب) وما عندكم ملف عندنا فى (الديوان) ، عليكم مية وخمسين مليون وستمائة وخمسين ألف جنيه، ممكن تدفعوها لينا هسي؟!.
-(الصيدلي في هدوء): معليش يا أخي بس صاحب الصيدلية ما موجود.
- ما عندو موبايل.. ما تتصل به؟!
- ايوه عندو ... بس
- بس شنو لو ما دفعتوا هسع أنا ح أضطر أشيل (صف) الأدوية القدامي دا كلو وكمان معاهو كل الأجهزة الطبية دي
- )في اضطراب) لا .. لا اقيف دقيقة اتصل ليك بيهو(ثم مواصلاً) لكن انت عارفو منو؟!.
- يعني ح يكون منو؟! ما يكون زي ما يكون !!
- انت عارف طبعاً اسم الصيدلية دي شنو.
- ايوه عارف اسمها (صيدلية الوزير) .. يعني شنو؟!.
- تفتكر سيدا يكون شغال شنو؟!
- إن شاء الله يكون (سكرتير الأمم المتحدة).. دا شغل.
تحت عدم انصياع (الطريفي) وتمسكه بـ(الدفع) أو أخذ كميات من (الأدوية) و(المعدات) الطبية (رهينة) قام الصيدلي بالاتصال بالوزير شارحاً له الأمر، فطلب الوزير من الصيدلي أن يعطي (الموبايل) لموظف (الجبايات) ليتحث معه.
- ألو أنا الوزير
- (فى تحد) وأنا الطريفي
يا (الطريفي) موضوع (الضرائب) دا أنا اتكلمت فيهو مع الأخ المدير العام بتاعكم وكمان حا اكلموا دلوقت و...
- (الطريفي مقاطعاً): مع احترامي الشديد ليك يا سعادتو لكن دا شغل وأنحنا قاعدين كنا نشيل (الكبابي) و(الكفتيرات) من ستات الشاي، القدام الصيدلية، دي وكمان (الميزان) بتاع سيد الدكان المقابل للصيدلية دي و...
- (في حدة) بقول ليك خلاص أنا حا أشوف الموضوع دا مع المدير العام بتاعك.
- والشلنا منهم الكبابي والمناقد والكفتيرات ديل يشوفوا الموضوع بتاعم مع منو؟!.
عندما أحس (الوزير) بأن (الطريفي) ما براهو، قام بقفل (السكة) وقام بالاتصال على الفور بمدير عام (ديوان الضرائب) الذي بعد أن فهم الموضوع اتصل على (الطريفي) في هاتفه الجوال وما هي إلا دقيقتين حتى رن جوال (الطريفي) وهو لا يزال في الصيدلية، أخرج الطريفي موبايله من جيبه ونظر إلى الرقم فوجده رقم المدير العام.
- نعم سعادتك..
- يا (الطريفي) أنا اتصل بي السيد (الوزير) هسع وقال إنك هسع في (الصيدلية) بتاعتو وقلت ليهم يا يدفعوا يا حا تشيل حاجات رهائن.
- يا سعادتك حسب تعليماتك أنو أي زول عليهو أى (جبايات) ما دفعا نشيلا منو ولو رفض أو ما دفع (ناخد) منو حاجات (رهائن) وهسع أنحنا ستات الشاي ما قاعدين نخليهم، بتاعين الطبالي ما قاعدين نخليهم ، وبرضو بتاعين الدكاكين
- يا (الطريفي) موضوع (الصيدلية) دا خليهو لي.
- )في حسم) ما بخليهو.
- (في غضب وقد تفاجأ) قلت شنو؟!
- قلت ليك ما بخليهو.. وزي ما القانون مشى على الناس الغلابة ديل يمشي على أي زول.
- (فى لهجه آمرة) يا موظف سيب الموقع دا هسع وتعال المكتب.
- والله لو ما (قفلتها) ما بجي
هنا وجد (المدير العام) نفسه في ورطة كبيرة، فهو قد طمأن (سيادة الوزير) بأن الأمر منتهي وأنه سوف يقوم بأمر (الموظف) الطريفي بغض النظر عن المسألة، فماذا سيقول لسيادته لو أن (الطريفي) ركب راسو وقام بقفل الصيدلية، ووضع (الطبل والأقفال) على أبوابها (الأربعة) وأخذ الأدوية والأجهزة والمعدات كرهائن.
رفع (المدير العام) سماعة التلفون واتصل بمدير التحصيل (الرئيس المباشر للطريفى)
- شوف يا (عبدالرحمن) أنا عاوزك تمشي هسع (صيدلية الوزير) القدام (طلمبة البنزين) دى وتجيب لي الموظف بتاعك الاسمو الطريفي دا هسع.
- مالو سعادتك؟؟
- دا عاوز يقفل الصيدلية ويشيل (حاجات) رهائن عشان الصيدلية مما عملوها ما دفعت (الجبايات) العليها.
- لا والله يا سعادتك ما عندو (حق) أنا هسع ح أكلم (عبدالباقي) يمشي يجيبو.
ما تكلم لا (عبدالباقي) لا (عبدالسميع) تمشي انت هسع بي نفسك تجيبو وتجي (ثم مواصلاً) أنا اودي وشي وين من الوزير؟!.
- قام (عبدالرحمن) مدير التحصيل ومعه مساعده (عبدالباقي) بركوب البوكس والذهاب إلى الصيدلية وعندما توقف البوكس أمام الصيدلية، كان الطريفي ومعه القوة التي معه يقومون برفع كميات من الأدوية والأجهزة الطبية على (البوكس).
- دا شنو يا الطريفي البتعمل فيهو دا؟
- شنو ما قاعد اشتغل..
- (مخاطبا العمال) اقيفوا يا جماعة خلاص وقفوا ما تشيلوا حاجة تاني.
- (الطريفي يأمر العمال ) ما تقيفوا شيلو الحاجات القلتها ليكم كلها ارفعوها في البوكس.
- انت يا (الطريفي) جنيت؟!
- ما جنيت لكن قاعد انفذ في تعليماتك وأنت رئيسي.
- طيب هسع تعليمات جديدة خلي (الصيدلية) دي وارجع المكتب.
- أنا شغال بالقانون وما قاعد أعمل حاجه من عندى
تجمهر (الباعة) و(المارة) وأصحاب المحلات ... توقف بعض أفراد القوة عن نقل الأدوية والمعدات تنفيذاً لأوامر (سيد عبدالرحمن) بعضهم كان لا يزال يقوم بنقل الأشياء ... (الصيادلة) وقفوا خارج الصيدلية وهم غير مصدقين لما يحدث ..
- أها يا (عبدالرحمن) خلاص انتهيتو من الموضوع؟!
- والله يا سعادة المدير العام (الطريفي) دا راكب راسو ورفض يسمع كلامي وهسع (مشيل) ليهو (دفارين) أدوية وقاعد يملا في بوكس تاني معدات وأجهزة طبية.
- (في غضب) جيبو لي هسع، ووقف المهزلة دي، أنا (الوزير) اتصل علي هسع وقلت ليهو الموضوع انتهى.
- يا سعادتك والله أنا ما قدرت عليهو هو موظف وعندو سلطات قاعد يمارس فيها.
- (فى غضب شديد) اديني ليهو
- شوف يا الطريفي أنت مفصول.. مفصووووووووووووول
- عرفناكم قاعدين تشيلو الناس (الصالح العام) كما تشيلوهم وهم في (الشارع العام) - ثم في حدة - لمن أجي (المكتب) هناك أفصلني.
- الطريفي أنت مفصول ورجع حاجات (الصيدلية) دي.
- وأنحنا كنا (المساكين) ديل قاعدين نرجع ليهم حاجاتهم.
- (في وعيد وتهديد) طيب أنا ح اوريك.
ما أن وضع (المدير العام) سماعة التلفون حتى اتصل به سعادة (الوزير)
- أها الموضوع خلاص انتهى؟!
- نعم سعادتك الموضوع خلاص انتهى والحمد لله
- لكن هسع دكتور (معاوية) اتصل علي من (الصيدلية) وقال لي الموظف بتاعكم راكب راسو.
- لا.. الطريفي دا أنا هسع (فصلتوا) بالتلفون.. وكلفت مدير التحصيل (عبدالرحمن) ومساعدو (عبدالباقى) انو ينهوا المسألة.
- لا عال.. شكراً.
فى محاولة للخروج من هذه (الورطة) قام (المدير العام) من كرسيه (الدوار) ..ارتدى (بدلته) في سرعة وطلب من سائقه التوجه به إلى (صيدلية الوزير).. توقفت العربة الكامري (المظللة) أمام الصيدلية والتي تجمهر أمامها خلق كثير، قام المدير العام بفج الحشود حتى وصل إلى حيث توجد (الدفارات) التى إستأجرها (الطريفى) خصيصاً وقد قاربت على الإمتلاء بينما كانت هناك مشادة بين (الطريفي) من جهه و(عبدالرحمن وعبدالباقى) من جهه أخرى لكنهما ما أن قاما برؤية (المدير العام) حتى هرولا نحوه :
- والله يا سعادتك (الطريفي) دا لا عاوز يسمع كلامنا لا عاوز يسمع كلامك ويخلي الموضوع دا.
- قام (المدير العام) باصطحاب (الطريفي) بعيداً عن الجمهور بعد أن قرأ على وجهه علامات التمادي في تصرفه.
- يا (الطريفي) يا أخي ما تحرجني موضوع (الصيدلية) دا خليهو، والسيد الوزير اتصل علي هسع وقال ح يدفع العليهو كلو.
- انت مش قلت لي هسع في التلفون اني مفصول؟!
- يا الطريفي أنا (بهظر) معاك ساكت .. معقول موظف يفصلوهو بالتلفون؟!
- والله انتو تفصلوا الزول (بالانترنت)
- يا الطريفي استهدى بالله وما تخليني اتصرف معاك تصرف ما كويس
- تصرف ما كويس ؟؟ أنا موظف دولة وقاعد أؤدي في عملي، بعدين لمن ارجع المكتب افصلوني
قال الطريفي حديثه ذلك واتجه نحو (الدفار) الأخير الذي كان قد تم (تستيفه) بالأدوية والمعدات الطبية ثم أدخل يده فى (طابلون) البوكس وأخرج عدداً من (الطبل والأقفال) التى أخذ يلوح بها للجماهير المحتشدة والتي علمت بما يجري فأخذت في الهتاف :
شيلو (الحـقن) شيلو (الشاش)
دا القـــانون والا بـــلاش
شالت الهاشمية الطريفي فطلع على ظهر البوكس وأخذ يلوح بـ(الطبل) للجماهير، ثم في نشوته تلك ارتجل كلمة مخاطباً بها الجماهير :
- يا جماهير الشعب السوداني (الفضل) ويا تجار السوق الجديد، ويا أصحاب المهن الهامشية، هذه الصيدلية التي ترونها امامكم لم يقم صاحبها بدفع (الضرائب) منذ أن افتتحت قبل عشر سنوات، اتدرون كم هي (الضرائب) التي قدرت عليها؟!، خمسمائة مليون جنيه، اتدرون لماذا لم يسألها أحد طيلة هذه السنوات؟! لأن مالكها مسؤول كبير.. وزير.. نعم إن محال وشركات ومصانع المسؤولين لا تسأل عن أى نوع من الرسوم أو الجبايات أو التراخيص لكنكم تسألون، انتم أيها الضعفاء الفقراء المساكين.. يا أصحاب المهن التي لا تدر لكم إلا قوت يومكم بالكاد ...الآن سوف نقوم بقفل هذه الصيدلية حتى تمشى (الثعابين) أقصد القوانين على الكبير والصغير، ثم قام بوضع الطبل على كل الأبواب بينما كان (عبدالرحمن) و(عبدالباقي) يناشدانه في ضعف :
- يا الطريفي عليك الله خلي الموضوع دا.. ياخي المدير العام دا الوزير ح يشيلو..
ركب الطريفي في البوكس وأشار إلى بقية (الدفارات) بالانطلاق نحو مبنى ديوان (الضرائب) تحت هتاف الجماهير المحتشدة .
بعد أشهر قلائل كانت (التومة) ست الشاي تقوم باحضار كباية شاي لدكتور (معاوية) في الصيدلية وفي طريقها اشتمت رائحة (طعمية كاربة)، فذهبت لتشتري لها (ساندوتشا) ... كان وجه البائع وهو يقوم بوضع (الطعمية) على (الصاج) مألوفاً لديها، حاولت أن تتذكر أين رأت وجه ذلك الشخص..... ما لبثت أن تذكرت
- هى ده ما (الطريفي) بتاع (الكشة) .
يعمل (الطريفي) نائبا لمدير قسم التحصيل بـ(ديوان الضرائب) ومسؤولاً عن التحصيل بالمنطقة الجغرافية التى تشمل منطقة (السوق الكبير) ، وكأى مسئول أو (موظف) تقتضى طبيعة عمله التعامل المباشر مع الجمهور فقد حباه الله تعالى بصفات عديدة تساعده على أداء عمله بالصورة المطلوبه مثل (فظاظة القلب) و(عدم الرأفة) و(التكشيرة) الدائمة !!
يبدأ يوم عمل (الطريفى) بحضوره مبكراً .. وبعد أن يقوم بشرب (فنجان) قهوته يقوم بجمع (السائقين) فى طابور للتأكد من جاهزية (البكاسى) التى سوف تستخدم فى حملات (إسم الدلع لكشات) اليوم .. ثم يقوم بعد ذلك بتوزيع المهام على الموظفين (الجباه) بعد أن يتأكد من وجود القوة الكافية (المدججة بالسلاح) التى ترافق كل (تيم) من (أتيام) الحملة لزوم القهر و(العين الحمراء) .
ثم تنطلق (البكاسى) إلى داخل (السوق الكبير) وما أن يراها أول شخص حتى يصيح :
- الطريفى جاااااااااكم !
ما أن تسمع هذه الصيحة (التحذيرية) حتى يقوم كل من عليه (ضريبه) أو (جباية) من أصحاب (المحلات) أو (الطبالى) أو (ستات الشاى) بالزوغان إما بقفل (المحل) أو بحمل (البضائع) أو (عدة الشاى) والهرب والإختفاء ومن لم يفعل ذلك ووجد نفسه وجها لوجه أمام حملة (الطريفى) (فوقعتو سودا) لأن للطريفى قولة مشهورة يحفظها كل الباعة وأصحاب المحلات فى السوق عن ظهر قلب وهى تقول : الليلة يا تدفع ... يا تدفع .. ولا يتوانى (الطريفى) لحظة عند العجز عن الدفع أن يقوم بأخذ (الميزان) أو (الثلاجة) أو (عدة الشاى) كرهائن إلى حين السداد !!
الطريفى مبسوط جداً وهو يؤدى عملة هذا ومقتنع به تماماً لكنه فى حياته الأسرية يعيش مأساة حقيقية وتعاسة ما بعدها تعاسة بعد أن أصيبت إبنته الوحيدة ذات السبعة عشر ربيعاً بمرض عضال وهى تستعد للدخول للمرحلة الجامعية ... إحتار الأطباء فى ذلك المرض .. فهى تصاب بنوبات غريبة من تشنجات تفقدها الوعى تماماً وتجعلها بين الحياة والموت ثم تفقد بعدها الذاكرة لعدة أيام وتصبح كما الجثة الهامدة ... قام (الطريفى) بعرضها على جميع الأطباء إلا أن حالتها لم تتحسن أبداً .
- والله يا (الطريفى) البت دى يكونوا (ستات الشاى) القاعد تصادر فى (عدتهم) ديل عملوا ليها (عمل)
- عمل شنو يا وليه خلينا من (الدجل) ده
- قالوا ليك الناس القاعدين تقطعوا فى رزقهم ديل بخلوكم
- نحن ما قاعدين (نضر) لينا زول دا (قانون) وقاعدين ننفذ فيهو
- وحات عيونى ديل ... مرض البت دى كلام فقراء و(كتابات) ساكت
- خليكى من (الدجل والخزعبلات) دى .. أنا وصفوا ليا دكتور (أمراض نفسيه) شاطر قومى إتجهزى نمشى نودى ليهو البت
... بعد أن قام (الطبيب النفسى) بمعاينة إبنة (الطريفى) المريضة قام بكتابة بعض الأدوية فى الروشته التى أعطاها للطريفى قائلاً:
- أمشوا أصرفوا ليها الأدوية المهدئة دى عشان حالتها تتحسن شويه وبعد أسبوع جيبوها ليا تانى عشان أكشف عليها
إستلم (الطريفى) الروشته وذهب بها إلى أول صيدلية حيث قام الصيدلى بصرف جميع الادوية الموجودة بالروشته ما عدا (الدواء) المكتوب فى أول الروشته إذ أخبر (الطريفى) بأنه غير موجود لديهم. ذهب (الطريفى) لصيدلية أخرى وعندما لم يجده قام بسؤال الصيدلى :
- بالله لو سمحت ألقى الدواء المكتوب أول واحد دا وين؟؟
- (بعد أن نظر إلى الروشته) : الدواء ده شوفو فى (صيدلية الوزير) القدام (طلمبة البنزين) ديك أكيد ح تلاقيهو عندهم
- لا خلاص عرفتها
وكيف لا يعرفها (الطريفى) فعندما تمت ترقيته ليكون نائباً لمدير قسم التحصيل قام مدير التحصيل بإستدعائه فى مكتبه :
- شوف يا (الطريفى) أنحنا قمنا بترقيتك وبقيت نائب مدير التحصيل يعنى الزول الح يتابع الشغل الميدانى (ثم مواصلاً) أنا عاوزك الناس المسئولين العندهم (بيزنس) ما تقرب ناحية الأعمال بتاعتهم وتخلى مسألة تحصيل (الضرائب) المختلفة بتاعتا علينا نحنا .
- ممكن طيب أعرف حاجات (المسئولين) دى عشان ما نقرب عليها
- عندك مثلاً صيدليات (الوزير) ومعاهد(الوالى) ومصانع (المعتمد) ومخابز (المستشار)
- وتانى فى حاجه؟؟
- هم كتار .. أنا ح أرسل ليك قائمة بيهم
تذكر (الطريفي) إستدعاء مدير التحصيل ذال له وهو يهم بدخول (صيدلية الوزير) ذات الأربع واجهات زجاجية التى تفتح على (ناصية الشارع) ، الأرضية مغطاة بالسيراميك الأبيض، الجدران مطلية بدهان أبيض، الرفوف المصنوعة من مواسير النيكل البراق عليها الأدوية مرصوصة في نظام وتناسق، هناك مكان يمتلء بالمعدات الطبية الصغيرة كأجهزة قياس الضغط والسكر، كما أن هناك أيضاً مكان مخصص للأدوية ومعلبات مرضى السكري، الكان يفوح برائحة (معطر الهواء) اللطيف، بيما كان هناك ثلاثة صيادلة (نضاف) يرتدون (اللابكوت) الأبيض ينصتون في استمتاع إلى الموسيقى الهادئة التي تنساب من سماعات الاستريو المخفض.
قام (الطريفى) بإعطاء الروشته إلى (الصيدلى) وشرح الأمر له وسرعان ما قام الأخير بإحضار (الدواء) من (الرف) القريب منه وإعطائه للطريفى الذى غادر الصيدليه متوجهاً لمنزله الذى عاد له منهك القوى من فرط المشاوير (الكتيره) حيث تهاوى إلى أقرب سرير
- أجيب ليك العشاء
- لا..لا خليهو شوية أنا تعبان شوية وعاوز آخد ليا نومه (خفيفه)
ما أن وضع (الطريفى) رأسه على (المخده) حتى رأى فيما يرى النائم أنه داخل قفص حديدى ضخم تحيط به (الأفاعى) و(الثعابين) و(العقارب) من كل ناحية وصوت جهورى (خشن) يناديه:
- يا الطريفييـيـيـيـيـي
- (فى خوف شديد وهو يرتعد) : أيوه فى شنو؟؟ أنا مالى؟؟ إنتو منو؟؟
- يا الطريفييـيـيـيـيـي
- (فى فزع ورعب وهو ينظر للثعابين) أيوا يا جماعة فى شنو؟؟ أنا الطريفى فى شنو؟؟ (ثم وهو يصرخ) يا جماعة شيلو منى (الثعابين) دى ونتفاهم
- ح نشيلا منك لكن بعد ما تلتزم لينا
- ألتزم ليكم بشنو؟؟
- إنت ما عاوز (بنتك) تتعالج وتبقى كويسه؟؟
- أيوه عاوزا تتعالج
- طيب إلتزم لينا إنك من الليله دى الناس (الغلابه) ديل ما تسألهم تانى وما تقطع رزقهم .. ما تشيل تانى عده بتاعت (ست شاى) ولا (ميزان) بتاع (سيد دكان) ولا طبليه (فارش) فيها زول ... وكمان فى حاجه تانى
- حاجة شنو يا جماعه؟
- إنك تكون (عادل) والناس (المسئولين) الكبار العندهم (بيزنس) ديل وما قاعدين تسألوهم وتشيلوا منهم (الضرائب والرسوم) المفروضة عليهم ديل تحاسبوهم على (داير المليم) ذيهم ذى باقى (الشعب) الفضل !!
- (فى إستعباط) ذى منو؟؟؟
- إنت عارف .. ونحن عارفين ..(ثم الصوت مواصلاً) هسع الصيدلية الأشتريت منها دواء (بنتك) دى قاعد تمشى تشيل منهم (ضرائب وإلا رسوم) ؟؟
- لكن ما بقدر أصلو
ومع كلمة (ما بقدر) كشرت جميع (الأفاعى) و(الثعابين) عن (أنيابها) وإتجهت نحوه مما جعله يصرخ صرخة داوية جاءت على إثرها (زوجته) مذعورة :
- سجم أمى مالك يا (الطريفى) بتصرخ؟؟ فى شنو مالك ؟؟
- لا لا مافى حاجة (ثم فى سره) اللهم أجعلو خير ... اللهم أجعلو خير ، لم يغمض (للطريفى) جفن تلك الليلة وهو يسترجع ذلك (الحلم) المرعب وتلك (الأفاعى) و(الثعابين) وهى تكشرعن (أنيابها) وتتجه نحوه
في صباح اليوم التالي إتجه (الطريفي) نحو مكتبه وهو يستصحب معه صور ومشاهد ذلك (الحلم) المرعب المزعج وحديث ذلك (الصوت) الذى خاطبه .
تناول (الطريفي) افطاره بالمكتب ثم قام بالبحث فى أدراجه عن تلك (القائمة) التى تحتوى على (بيزنس) وشركات ومحلات (المسئولين) والتى سلمها له (رئيسه المباشر) يوم أن تمت ترقيته كنائب مدير للتحصيل .
قام الطريفى بوضع (القائمة) داخل (ملف) ، قام بإختيار فريق التحصيل الذي سوف يرافقه (فى هذه المهمة غير العادية) من موظفين وقوة مدججة بالسلاح وقام بركوب البوكس (الهايلوكس) .
دخل الطريفي إلى (صيدلية الوزير) ثم اتجه وهو يحمل بعض الدفاتر في يده صوب أحد الصيادلة قائلاً:
- بالله لو سمحت أنتو مما عملتو الصيدلية دي ما دفعتو (ضرائب) وما عندكم ملف عندنا فى (الديوان) ، عليكم مية وخمسين مليون وستمائة وخمسين ألف جنيه، ممكن تدفعوها لينا هسي؟!.
-(الصيدلي في هدوء): معليش يا أخي بس صاحب الصيدلية ما موجود.
- ما عندو موبايل.. ما تتصل به؟!
- ايوه عندو ... بس
- بس شنو لو ما دفعتوا هسع أنا ح أضطر أشيل (صف) الأدوية القدامي دا كلو وكمان معاهو كل الأجهزة الطبية دي
- )في اضطراب) لا .. لا اقيف دقيقة اتصل ليك بيهو(ثم مواصلاً) لكن انت عارفو منو؟!.
- يعني ح يكون منو؟! ما يكون زي ما يكون !!
- انت عارف طبعاً اسم الصيدلية دي شنو.
- ايوه عارف اسمها (صيدلية الوزير) .. يعني شنو؟!.
- تفتكر سيدا يكون شغال شنو؟!
- إن شاء الله يكون (سكرتير الأمم المتحدة).. دا شغل.
تحت عدم انصياع (الطريفي) وتمسكه بـ(الدفع) أو أخذ كميات من (الأدوية) و(المعدات) الطبية (رهينة) قام الصيدلي بالاتصال بالوزير شارحاً له الأمر، فطلب الوزير من الصيدلي أن يعطي (الموبايل) لموظف (الجبايات) ليتحث معه.
- ألو أنا الوزير
- (فى تحد) وأنا الطريفي
يا (الطريفي) موضوع (الضرائب) دا أنا اتكلمت فيهو مع الأخ المدير العام بتاعكم وكمان حا اكلموا دلوقت و...
- (الطريفي مقاطعاً): مع احترامي الشديد ليك يا سعادتو لكن دا شغل وأنحنا قاعدين كنا نشيل (الكبابي) و(الكفتيرات) من ستات الشاي، القدام الصيدلية، دي وكمان (الميزان) بتاع سيد الدكان المقابل للصيدلية دي و...
- (في حدة) بقول ليك خلاص أنا حا أشوف الموضوع دا مع المدير العام بتاعك.
- والشلنا منهم الكبابي والمناقد والكفتيرات ديل يشوفوا الموضوع بتاعم مع منو؟!.
عندما أحس (الوزير) بأن (الطريفي) ما براهو، قام بقفل (السكة) وقام بالاتصال على الفور بمدير عام (ديوان الضرائب) الذي بعد أن فهم الموضوع اتصل على (الطريفي) في هاتفه الجوال وما هي إلا دقيقتين حتى رن جوال (الطريفي) وهو لا يزال في الصيدلية، أخرج الطريفي موبايله من جيبه ونظر إلى الرقم فوجده رقم المدير العام.
- نعم سعادتك..
- يا (الطريفي) أنا اتصل بي السيد (الوزير) هسع وقال إنك هسع في (الصيدلية) بتاعتو وقلت ليهم يا يدفعوا يا حا تشيل حاجات رهائن.
- يا سعادتك حسب تعليماتك أنو أي زول عليهو أى (جبايات) ما دفعا نشيلا منو ولو رفض أو ما دفع (ناخد) منو حاجات (رهائن) وهسع أنحنا ستات الشاي ما قاعدين نخليهم، بتاعين الطبالي ما قاعدين نخليهم ، وبرضو بتاعين الدكاكين
- يا (الطريفي) موضوع (الصيدلية) دا خليهو لي.
- )في حسم) ما بخليهو.
- (في غضب وقد تفاجأ) قلت شنو؟!
- قلت ليك ما بخليهو.. وزي ما القانون مشى على الناس الغلابة ديل يمشي على أي زول.
- (فى لهجه آمرة) يا موظف سيب الموقع دا هسع وتعال المكتب.
- والله لو ما (قفلتها) ما بجي
هنا وجد (المدير العام) نفسه في ورطة كبيرة، فهو قد طمأن (سيادة الوزير) بأن الأمر منتهي وأنه سوف يقوم بأمر (الموظف) الطريفي بغض النظر عن المسألة، فماذا سيقول لسيادته لو أن (الطريفي) ركب راسو وقام بقفل الصيدلية، ووضع (الطبل والأقفال) على أبوابها (الأربعة) وأخذ الأدوية والأجهزة والمعدات كرهائن.
رفع (المدير العام) سماعة التلفون واتصل بمدير التحصيل (الرئيس المباشر للطريفى)
- شوف يا (عبدالرحمن) أنا عاوزك تمشي هسع (صيدلية الوزير) القدام (طلمبة البنزين) دى وتجيب لي الموظف بتاعك الاسمو الطريفي دا هسع.
- مالو سعادتك؟؟
- دا عاوز يقفل الصيدلية ويشيل (حاجات) رهائن عشان الصيدلية مما عملوها ما دفعت (الجبايات) العليها.
- لا والله يا سعادتك ما عندو (حق) أنا هسع ح أكلم (عبدالباقي) يمشي يجيبو.
ما تكلم لا (عبدالباقي) لا (عبدالسميع) تمشي انت هسع بي نفسك تجيبو وتجي (ثم مواصلاً) أنا اودي وشي وين من الوزير؟!.
- قام (عبدالرحمن) مدير التحصيل ومعه مساعده (عبدالباقي) بركوب البوكس والذهاب إلى الصيدلية وعندما توقف البوكس أمام الصيدلية، كان الطريفي ومعه القوة التي معه يقومون برفع كميات من الأدوية والأجهزة الطبية على (البوكس).
- دا شنو يا الطريفي البتعمل فيهو دا؟
- شنو ما قاعد اشتغل..
- (مخاطبا العمال) اقيفوا يا جماعة خلاص وقفوا ما تشيلوا حاجة تاني.
- (الطريفي يأمر العمال ) ما تقيفوا شيلو الحاجات القلتها ليكم كلها ارفعوها في البوكس.
- انت يا (الطريفي) جنيت؟!
- ما جنيت لكن قاعد انفذ في تعليماتك وأنت رئيسي.
- طيب هسع تعليمات جديدة خلي (الصيدلية) دي وارجع المكتب.
- أنا شغال بالقانون وما قاعد أعمل حاجه من عندى
تجمهر (الباعة) و(المارة) وأصحاب المحلات ... توقف بعض أفراد القوة عن نقل الأدوية والمعدات تنفيذاً لأوامر (سيد عبدالرحمن) بعضهم كان لا يزال يقوم بنقل الأشياء ... (الصيادلة) وقفوا خارج الصيدلية وهم غير مصدقين لما يحدث ..
- أها يا (عبدالرحمن) خلاص انتهيتو من الموضوع؟!
- والله يا سعادة المدير العام (الطريفي) دا راكب راسو ورفض يسمع كلامي وهسع (مشيل) ليهو (دفارين) أدوية وقاعد يملا في بوكس تاني معدات وأجهزة طبية.
- (في غضب) جيبو لي هسع، ووقف المهزلة دي، أنا (الوزير) اتصل علي هسع وقلت ليهو الموضوع انتهى.
- يا سعادتك والله أنا ما قدرت عليهو هو موظف وعندو سلطات قاعد يمارس فيها.
- (فى غضب شديد) اديني ليهو
- شوف يا الطريفي أنت مفصول.. مفصووووووووووووول
- عرفناكم قاعدين تشيلو الناس (الصالح العام) كما تشيلوهم وهم في (الشارع العام) - ثم في حدة - لمن أجي (المكتب) هناك أفصلني.
- الطريفي أنت مفصول ورجع حاجات (الصيدلية) دي.
- وأنحنا كنا (المساكين) ديل قاعدين نرجع ليهم حاجاتهم.
- (في وعيد وتهديد) طيب أنا ح اوريك.
ما أن وضع (المدير العام) سماعة التلفون حتى اتصل به سعادة (الوزير)
- أها الموضوع خلاص انتهى؟!
- نعم سعادتك الموضوع خلاص انتهى والحمد لله
- لكن هسع دكتور (معاوية) اتصل علي من (الصيدلية) وقال لي الموظف بتاعكم راكب راسو.
- لا.. الطريفي دا أنا هسع (فصلتوا) بالتلفون.. وكلفت مدير التحصيل (عبدالرحمن) ومساعدو (عبدالباقى) انو ينهوا المسألة.
- لا عال.. شكراً.
فى محاولة للخروج من هذه (الورطة) قام (المدير العام) من كرسيه (الدوار) ..ارتدى (بدلته) في سرعة وطلب من سائقه التوجه به إلى (صيدلية الوزير).. توقفت العربة الكامري (المظللة) أمام الصيدلية والتي تجمهر أمامها خلق كثير، قام المدير العام بفج الحشود حتى وصل إلى حيث توجد (الدفارات) التى إستأجرها (الطريفى) خصيصاً وقد قاربت على الإمتلاء بينما كانت هناك مشادة بين (الطريفي) من جهه و(عبدالرحمن وعبدالباقى) من جهه أخرى لكنهما ما أن قاما برؤية (المدير العام) حتى هرولا نحوه :
- والله يا سعادتك (الطريفي) دا لا عاوز يسمع كلامنا لا عاوز يسمع كلامك ويخلي الموضوع دا.
- قام (المدير العام) باصطحاب (الطريفي) بعيداً عن الجمهور بعد أن قرأ على وجهه علامات التمادي في تصرفه.
- يا (الطريفي) يا أخي ما تحرجني موضوع (الصيدلية) دا خليهو، والسيد الوزير اتصل علي هسع وقال ح يدفع العليهو كلو.
- انت مش قلت لي هسع في التلفون اني مفصول؟!
- يا الطريفي أنا (بهظر) معاك ساكت .. معقول موظف يفصلوهو بالتلفون؟!
- والله انتو تفصلوا الزول (بالانترنت)
- يا الطريفي استهدى بالله وما تخليني اتصرف معاك تصرف ما كويس
- تصرف ما كويس ؟؟ أنا موظف دولة وقاعد أؤدي في عملي، بعدين لمن ارجع المكتب افصلوني
قال الطريفي حديثه ذلك واتجه نحو (الدفار) الأخير الذي كان قد تم (تستيفه) بالأدوية والمعدات الطبية ثم أدخل يده فى (طابلون) البوكس وأخرج عدداً من (الطبل والأقفال) التى أخذ يلوح بها للجماهير المحتشدة والتي علمت بما يجري فأخذت في الهتاف :
شيلو (الحـقن) شيلو (الشاش)
دا القـــانون والا بـــلاش
شالت الهاشمية الطريفي فطلع على ظهر البوكس وأخذ يلوح بـ(الطبل) للجماهير، ثم في نشوته تلك ارتجل كلمة مخاطباً بها الجماهير :
- يا جماهير الشعب السوداني (الفضل) ويا تجار السوق الجديد، ويا أصحاب المهن الهامشية، هذه الصيدلية التي ترونها امامكم لم يقم صاحبها بدفع (الضرائب) منذ أن افتتحت قبل عشر سنوات، اتدرون كم هي (الضرائب) التي قدرت عليها؟!، خمسمائة مليون جنيه، اتدرون لماذا لم يسألها أحد طيلة هذه السنوات؟! لأن مالكها مسؤول كبير.. وزير.. نعم إن محال وشركات ومصانع المسؤولين لا تسأل عن أى نوع من الرسوم أو الجبايات أو التراخيص لكنكم تسألون، انتم أيها الضعفاء الفقراء المساكين.. يا أصحاب المهن التي لا تدر لكم إلا قوت يومكم بالكاد ...الآن سوف نقوم بقفل هذه الصيدلية حتى تمشى (الثعابين) أقصد القوانين على الكبير والصغير، ثم قام بوضع الطبل على كل الأبواب بينما كان (عبدالرحمن) و(عبدالباقي) يناشدانه في ضعف :
- يا الطريفي عليك الله خلي الموضوع دا.. ياخي المدير العام دا الوزير ح يشيلو..
ركب الطريفي في البوكس وأشار إلى بقية (الدفارات) بالانطلاق نحو مبنى ديوان (الضرائب) تحت هتاف الجماهير المحتشدة .
بعد أشهر قلائل كانت (التومة) ست الشاي تقوم باحضار كباية شاي لدكتور (معاوية) في الصيدلية وفي طريقها اشتمت رائحة (طعمية كاربة)، فذهبت لتشتري لها (ساندوتشا) ... كان وجه البائع وهو يقوم بوضع (الطعمية) على (الصاج) مألوفاً لديها، حاولت أن تتذكر أين رأت وجه ذلك الشخص..... ما لبثت أن تذكرت
- هى ده ما (الطريفي) بتاع (الكشة) .
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
رسوم هنايات
كانت هنالك حركة غير عادية فى مكتب المسئول الولائى .. المكتب مزدحم بالموظفين الذين يحملون اوراقاً للتوقيع .. مدير مكتب سعادته يحمل فى يده جوازات وتذاكر سفر .. السايق يقف وأمامه بعض الحقائب ..بينما كان المسئول يقوم بكتابة مسودة خطاب ما أن إنتهى من كتابتها حتى نده على السكرتيرة :
- شوفى يا (ليلى) الخطاب ده تطبعيهو وترسليهو بالسرك لناس (إدارة المياه) النهار ده.
بعد ذلك مباشرة قام المسئول يتبعه هذا (الرهط) بالخروج متجهاً نحو المطار فى طريقه لعقد إحدى (الصفقات) الخارجية .
بعد أن فطرت السكرتيرة (ليلى) وشربت (البارد) قامت بتشغيل جهاز الكمبيوتر ثم أخرجت مسودة الخطاب من (الدرج) .. الخطاب موجه من المسئول الولائى إلى السيد مدير مرفق المياه يطلب منه أن يقوم بوضع رسوم (حسب الجدول المرفق) على كل فاتورة مياه ... ولكن السكرتيرة قد أصابتها الدهشة لعدم مقدرتها على قراءة (الكلمة) التى تلى كلمة (رسوم) .
- كدى عليكى الله يا (أمال) تعالى أقرى ليا دى رسوم شنو؟
- أجى يا (ليلى) ما مكتوب ليك عديل ... رسوم هنايات
- والله أنا ذاتى قلت كدة
وقامت (ليلى) بطباعة الخطاب وإرساله (بالسرك) مع عم (سيد) الساعى لإدارة هيئة المياه .
فرك مدير هيئة المياه عينيه .. وقام بمسح عدسات نظارته الطبيه المقعرة عدة مرات ... لكنها رسوم هنايات .. عرض الخطاب على بعض معاونيه ..... رسوم هنايات
- هنايات هنايات .. ونحنا مالنا .. (ثم نده على مدير المبيعات والتحصيل) شوف يا (عوض) تخت الرسوم بتاعت (الهنايات) دى مع الفاتورة الجاية طوالى وتعمل بما جاء فى الخطاب ده ...
أول الشهر :
بينما كان الأسطى ( مصطفى السباك) يحمل فى يده كيس ( عده الشغل) متأهبا للخروج من منزله متوجهاً في صباح ذلك اليوم إلى ( المحطة الوسطي) حيث الجلوس فىانتظار ( الرزق).. دق باب الشارع
- نعم يا أبني
- فاتورة المويه يا حاج
وأثناء ما كان (الأسطى مصطفى) يتناول (الفاتورة) بادرة المتحصل :
- ح تدفع هسع يا حاج
- والله يا أبني هسع ما معانا تعال لينا بعد بكره
اقتنع ( المتحصل) برد الأسطى مصطفى ولم يعلق عليه بل أعاد بقية الفواتير إلى الشنطة السوداء الصغيرة التي كانت ( يعلقها) على وذهب ليطرق باب المنزل الثاني.
فى طريقه إلى محطة (الحافلات) أدخل الأسطى مصطفى ( الفاتورة) في جيب قميصه وبالمرة تحسس الخمسميه جنيه ( الحديد) بتاعت الحافلة ليطمئن على وجودها.
بينما كان الأسطى مصطفى يجلس في الكرسي الذي خلف سائق الحافلة مباشرة أشار له ( الكمساري) بالدفع وهو يمد له يده ( مكشكشا) بالفكه التي في يده. أدخل الأسطى مصطفى يده في جيب قميصه وأخرج الخمسميه جنيه الحديد والتي (لضيق الجيب) خرجت ومعها ( فاتورة الماء).. ناول الأسطى مصطفى الكمساري وقد أعاد له الأخير الباقي.
أخرج الاسطى مصطفى نظارته الطبية ( المخربشه) العدسات وهو لا يزال ممسكا بالفاتورة وأخذ يتفحص في محتوياتها:
الاستهلاك الشهري 1500 دينار
المتأخرات 3000 دينار
رسوم هنايات 7000 دينار
المبلغ المستحق 5200 دينار
نظر الأسطى ( مصطفى) وأمعن النظر في تفاصيل الفاتورة.. أمسك بطرف قميصه وأخذ في تلميع عدسات النظارة ثم أعاد قراءة التفاصيل لعله قرأ بنود تلك التفاصيل خطأ.. ولكن.. ياها..ياها ... رسوم هنايات ... عند وصول الحافلة إلى المحطة الوسطي ترجل الأسطى مصطفى واتجه كعادته اليومية إلى قهوة( المعلم سليمان) والتي يجتمع فيها يوميا جميع العمال والأسطوات كهربيه – نقاشين – سباكين وخلافه وضع الأسطى مصطفى ( كيس العدة ) تحته مباشرة وجلس على كرسي الحديد وطلب من الجرسون وأحد شاي ساده.. ثم استعدل في جلسته وأخرج نظارته.. وأداها مسحه ثاني.. ثم أخرج الفاتورة من جديد :
الاستهلاك الشهري 1500 دينار
المتأخرات 3000 دينار
رسوم هنايات 7000 دينار
المبلغ المستحق 5200 دينار
بينما كان الأسطى مصطفى على ذلك الحال كان ( وليد) صاحب مغلق أدوات البناء الملاصق للقهوة يقوم بفتح المغلق فناداه الاسطى مصطفى :
- تعال يا وليد يا ابني
- أيوه يا عم مصطفى.. أي خدمة ؟
- عليك الله يا وليد يا أبني شوف ليا الفاتورة دي
- ( امسك وليد بالفاتورة) : والله يا عم مصطفى الفاتورة
بتقول:
الاستهلال الشهري 15 ألف والمتأخرات تلاتين ألف ورسوم هنايات سبعة ألف .. آآى رسوم ه ن ا ي ا ت ... أيوه يا عم مصطفى مكتوب رسوم هنايات
أعاد وليد الفاتورة للأسطى مصطفى الذى كان يخاطب نفسه بصوت مسموع:-
- والله حكاية قال أيه رسوم (هنايات) هو (الهنايه) الطلعت (هناينا) دي قادرين ندفعا
- انتصب الأسطى مصطفى واقفا.. أخذ رشفه من كبايه الشاي التي أمامه ثم قال مخاطبا زميله الذي يجلس بجانبه:
- بالله يا أسطى (عبد الله) أمسك ليا ( عدة الشغل) دي ماشي ليا مشوار قريب وراجع.
لأن الاسطى مصطفى قروشو قاعد يطلعا من عرق جبينو بتعب ومشقه وعناء كان لابد أن يقوم ( بسك) الموضوع وأن يقوم بمتابعة المسألة ليعرف ماهية هذه الرسوم وما هي هذه ( الهنايات) لذلك حينما غادر القهوة كان قد قرر أن يقوم بالذهاب إلى ( هيئة المياه) فالمسئولين هنالك لابد أنهم على معرفه بهذه بماهية هذه الرسوم.
- ممكن يا بتي أقابل المدير
- المدير في اجتماع
- ممكن طيب أقابل نايبو ؟
- نايبو ذاتو معاهو فى الإجتماع
- طيب الاجتماع دا بيخلص متين ؟
- والله ما معروف دخلو هسع
- أنت بالظبط عندك شنو يا حاج ؟ عشان أساعدك
- أنا الفاتورة جابوها ليا و...
- لقيت فيها رسوم (هنايات) مش كده ؟
- أيوه كده .. أها عاوز أعرف (هنايات) شنو دي كمان ؟... ما كفاية (الهناي) النحنا فيهو دا...المسئولين ديل ( هنايتم) دي ما حقو يخلوها... كل يوم طالعين لينا بي (هناية) جديدة لحدت ما ( هناينا ) طلع..
- يا هناي.. أقصد يا حاج.. أنحنا رسوم (الهنايات) دي ما ختيناها نحنا.. لأنو جاتنا من (الولاية) كدة
- والولاية دى بعيدة من هنا ؟
وبعد أن قامت ( سكرتيرة السيد المدير) بتوصيف موقع مبانى (الولاية) للأسطى مصطفى قام الأخير بإعادة الفاتورة إلى جيبه وعلى الرغم من عزمه على ( سك ) الموضوع والذهاب إلى مبانى الولاية إلا أنه تذكر أن ما لديه من ( قروش) لا يكفي لأن يذهب إلى مكان أخر سوى أن يعود إلى المحطة الوسطي من جديد وهو لا يفتأ يردد بين كل دقيقة والأخرى
- قال أيه رسوم هنايات .. والله يا هو دا الفضل
- قال أيه.. رسوم هنايات .. ياهو والله دا الفضل
عاد الأسطى مصطفى إلى منزله في ( العصرية) وهو خائر ومنهك القوى.
- اخت ليا يا حاج الغداء ؟
- قال ايه رسوم هنايات ...والله ياهو دا الفضل
- شنو ياحاج أخت ليك (الهناى) .. بسم الله اقصد الغداء ؟
- ختى ليا (الهنايات) .. قال أيه رسوم هنايات .. والله يا هو دا الفضل
تغدى (الاسطى مصطفى) وأخد ليهو نومة من أثر الجرى والإرهاق ولم يستيقظ إلا على صوت جارتهم ( عزيزة) وهي تخاطب زوجته:
- دفعتو يا نفيسه رسوم ( الهنايات) ؟ ... الحكومة دي ( تتجازي) كملت الرسوم كلها مالقت ليها حاجة غير تعمل للهنايات رسوم !!
- والله الحاج قال ما بدفع إلا يشوف أخرتا
- والله أنحنا دفعنا.. كمان بنقدر على الحراسات والسجون
ما أن سمع الأسطى مصطفى كلمة (الحراسات) و(السجون) حتى هب من سريره واقفاً :
- سجون؟ نحنا قاعدين نسرق؟ والا قاعدين ننهب؟ شعب جبان ..أي حاجة يقولوا ليكم أدفعوها تدفعوها حتى لو ما عارفنها شنو .. على بالطلاق ما أعرف ( هنايات) دي شنو ما أدفعا !!
هنا التفتت الجاره ( عزيزة) مذعورة وهى تخاطب (نفيسه) زوجة الأسطى مصطفى :
- هي سجمي يا نفيسة نسيت .. ما بلقى ليا عندك شويه ( هنايات) اقصد تومات
في صباح اليوم التالي تأهب (الأسطى مصطفى) للخروج ذاهبا كعادته إلى المحطة الوسطي والتي قرر منها أن يذهب إلى حيث مبانى الولاية للاستفسار عن رسوم الهنايات.
وما أن هم بالخروج فاتحاً باب الشارع حتى وجد (متحصل) المياه يقف امامه :
- أها يا حاج حضرت لينا القروش وألا نقطع؟؟
- تقطع شنو؟؟ نحنا موية بندفعا لكن (الهنايات) دى لو ما عرفناها ما بندفعا
- لكن يا حاج كده مويتك ح تنقطع وكمان ح تعرض نفسك للقانون
- قانون شنو كمان؟
- قانون (الهنايات) .. والله يا حاج ما تدفع يودوك (نيابة الهنايات) وبعد دال يحولوك (محكمة الهنايات) وبعدين تتورط ما يحلك الا الحل (هناى) .. أقصد (بله)
فى طريقه إلى محطة المواصلات وجد (الأسطى مصطفى) أن معظم سكان الحى قد تم قطع الإمداد المائى عنهم حيث أنهم جميعاً قد رفضوا دفع (رسوم الهنايات) .. واصل الأسطى مصطفى مشواره نحو (السوق) حيث وجد أن جميع المحلات التجارية مغلقة وأن وسائل المواصلات منعدمة وأن هنالك حالة من الشلل العام وذلك خوفاً من إحتمال إندلاع أى حالات تظاهر وشغب بعد أن تم قطع الإمداد المائى عن معظم سكان المدينة وسط حالة من الإستنكار . إشترى (الأسطى) مصطفى (جريده) من أحد الصبيان (السريحة) وعاد إلى منزله مشياً على الأقدام لتوقف المواصلات .
كانت عناوين (الجريددة الريئسة) :
بعض المأجورين والطـابور الخامس يقومون ببعض التظاهرات
غداً القوى الوطنية تنظم مسيرة مليونية تأييداً لرسوم (الهنايات)
مظاهرة مليونية تأييداً :
فى اليوم التالى لم يخرج (الأسطى مصطفى) من منزله وفضل أن يقوم بمتابعة الأحداث من خلال الراديو والتلفزيون ... بعد أن تناول الإفطار جلس (الأسطى) مصطفى أمام (الدش) وأدار المؤشر إلى قناة (الإخبارية) :
نواصل سيداتي نشرة الأخبار... شهدت العاصمة السودانية الخرطوم فى الأيام السابقة بعض التظاهرات إحتجاجاً على الرسوم التى فرضت مؤخراً والتلى أسمتها الحكومة رسوم هنايات .. وقد عزت الحكومة هذه التظاهرات إلى ما أسمتهم بالطابور الخامس والمأجورين مما حدا بها وبأحزابها (المتوالية) إلى تسيير هذه المسيرة المليونية المؤيدة للرسوم ... إلى التفاصيل ومراسلنا من الخرطوم .. الجوهر الفردى
- هل تسمعنى يا جوهر ؟؟
- نعم أسمعك ..
- هل لك أن تنقل لنا وصفاً لهذه المسيرة المليونية التى تنظم تأييداً لقرار فرض رسوم ما يعرف بالهنايات ؟
- نعم ... نعم ... أنا الآن وكما ترون أعزائي المشاهدين أتحدث إليكم من وسط التظاهرة المؤيدة للقرار كما ترون وتسمعون .. مكبرات الصوت .. أعداد مهوله من البصات ( الهندية) والحافلات ذات اللوحات البيضاء والخضراء و الصفراء واللاندكروزرات .. وأطفال وتلاميذ المدارس .. الموظفين .. كما ترون سيداتى سادتى فهذه بعض اللافتات (القماشية) التى كتب عليها :
- محلية أم ضلوع تؤيد رسوم الهنايات
- اللجنة الشعبية لحي الهناية شلعوها مع رسوم الهنايات
- مزيداً من الرسوم لحياة أفضل
- اطفال روضة الغد يؤيدون الرسوم من اجل غد أفضل
- الرسوم من أجل المشروع الحضاري
وها هى الهتافات كما تتناهى إلى أسماعكم :
- الرافضين أعداء الدين
- لا خدمات بدون رسوم
- عاوزين رسوم .. عاوزين رسوم
سيداتى سادتى ..المسيرة الآن تتجه نحو المسرح المعد للمسئول الذى قام بإعداد قرار فرض الرسوم والذى قام بقطع سفريته وعاد إلى أرض الوطن خصيصاً لمخاطبة المسيرة :
يمسك بالميكرفون ( شخص) ذو حلقوم متين
أيها الأخوة أيها المواطنين الأطهار الشرفاء الانقياء الأبرار إن هذه المسيرة المليونية لهي رسالة واضحة نوجهها لكل العملاء والخونة والمارقين الذين جعلوا من ( رسوم الهنايات) وسيلة للرفض التظاهر وتاليب القوى العالمية علينا.. فليعلم هؤلاء الخونة والمأجورين ان هذه الرسوم باقية وكل من أراد أن (تثكله أمه) فليرفضها : (أصوات هتاف)
- الرافضين أعداء الدين .. الرافضين أعداء الدين
- تهليل ... تكبير
- تهليل ... تكبير
وهنا صعد إلى المسرح فنان المناسبات ( ود العدني) حاملاً طنبوره .. مفصلاً قصيدة (للمناسبة) :
يا مواااطن شنو يعني لو قالو ليك أدفــع رسوم
دى الحكومة ما قصرت وخيرا كلو جاييك بالكـوم
شيء بترول... شيء دهب.. وشيء حلاوة لكوم
تعليم مجاني ..... آآآى مجااااني
علاج مجاني ..... آآآي مجااااني
دواء مجاني ..... آآآي مجااااني
ده كلومن خيرا وما عـاوز يقولوا ليك جيب رسوم
أمانه ما اتلومت .. أأأي أتلومت وعبت عيب الشؤم
ترم ترم ترارم ترارم ... ترا ترا ترا ....... رم ترم
- سيداتى سادتى من المسيرة المليونية المؤيدة لرسوم الهنايات وقبل أن يقوم الأخ مسئول الولاية والذى قام بوضع الرسوم بإلقاء خطبته يسرنا أعزائى المشاهدين أن نلتقى بأحد المتظاهرين المؤيدين :
- يسرنا أن نلتقي بالأخ .. منو؟
- المكاشفي القاعد ديمه
- ما هو رائك يا أخ مكاشفي في هذه الرسوم والرافضين لها :
- بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله الأمين ومن تبعه ووالاه أجمعين وبعد : أن طاعة (ولي الأمر) واجبه وان أي مواطن يخرج عنها ولا يستجيب بدفع الرسوم ويعلن رفضه ويتظاهر فهو بغير شك محاربا للدولة وخارجاً عن طاعة ولى الأمر وحكمه أن ( يقطع من خلاف ويصلب ) وهذا هو رأى جمهور العلماء.
وعبر مكبرات الصوت يصيح الشخص (أبوحلقوم) .. الآن يخاطبكم صانع القرار وواضعه .. مسئول الولاية :
هرج) و(مرج) ...(هتافات) .. (هتافات) ... (صمت) :
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله الأمين ومن تبعه ووالاه أجمعين وبعد:
أخوانى المواطنين .. شكراً لكم لتأييدكم لهذه الرسوم ولكن هنالك بعض الخطأ وبعض الإلتباس .. الحقيقة لمن أنا كتبت الخطاب كنت مسافر ومستعجل شوية فكتبتو بسرعة وأديتو للسكرتيرة عشان تطبعو وترسلو لناس (الموية) وقامت السكرتيرة قرت الكلمة غلط ...وطبعتها غلط .. الكلمة يا جماعة نفايات ... أيوة نفاياااات .. النقطة بتاعت (الفاء) بس زحت شمال شوية فقرتا (هنايات) ... يعنى الرسوم الح تندفع والزول الما ح يدفعا ح نقطع (مويتو) هى رسوم (نفايات) وما رسوم هنايات .. رسوم نفاياااااااااااات .. ما هناياااااااااااااااااااات
- سيداتى آنساتى سادتى
لقد أزال المسئول الآن اللبس وأصبحت الرسوم هى رسوم (نفايات) فهل كان غضب وتظاهر المواطنين من أجل أن الرسوم كانت رسوم (هنايات) أم لأن الرسوم قد تم ربط دفعها بقطع (الماء) الذى هو ضرورة من ضرورات الحياة .. بمعنى آخر هل سيوافق المواطن على دفع (رسوم النفايات) أو أى رسوم أخرى مهما كانت تسميتها مع فاتورة المياه أم ستشهد العاصمة مزيداً من أعمال الرفض والتظاهرات ...(الجوهر الفردى) .. قناة الإخبارية !!!
من أمام المسيرة المؤيدة لرسوم الهنايات (أقصد النفايات) ..بالساحة الخضراء بالخرطوم ...
كانت هنالك حركة غير عادية فى مكتب المسئول الولائى .. المكتب مزدحم بالموظفين الذين يحملون اوراقاً للتوقيع .. مدير مكتب سعادته يحمل فى يده جوازات وتذاكر سفر .. السايق يقف وأمامه بعض الحقائب ..بينما كان المسئول يقوم بكتابة مسودة خطاب ما أن إنتهى من كتابتها حتى نده على السكرتيرة :
- شوفى يا (ليلى) الخطاب ده تطبعيهو وترسليهو بالسرك لناس (إدارة المياه) النهار ده.
بعد ذلك مباشرة قام المسئول يتبعه هذا (الرهط) بالخروج متجهاً نحو المطار فى طريقه لعقد إحدى (الصفقات) الخارجية .
بعد أن فطرت السكرتيرة (ليلى) وشربت (البارد) قامت بتشغيل جهاز الكمبيوتر ثم أخرجت مسودة الخطاب من (الدرج) .. الخطاب موجه من المسئول الولائى إلى السيد مدير مرفق المياه يطلب منه أن يقوم بوضع رسوم (حسب الجدول المرفق) على كل فاتورة مياه ... ولكن السكرتيرة قد أصابتها الدهشة لعدم مقدرتها على قراءة (الكلمة) التى تلى كلمة (رسوم) .
- كدى عليكى الله يا (أمال) تعالى أقرى ليا دى رسوم شنو؟
- أجى يا (ليلى) ما مكتوب ليك عديل ... رسوم هنايات
- والله أنا ذاتى قلت كدة
وقامت (ليلى) بطباعة الخطاب وإرساله (بالسرك) مع عم (سيد) الساعى لإدارة هيئة المياه .
فرك مدير هيئة المياه عينيه .. وقام بمسح عدسات نظارته الطبيه المقعرة عدة مرات ... لكنها رسوم هنايات .. عرض الخطاب على بعض معاونيه ..... رسوم هنايات
- هنايات هنايات .. ونحنا مالنا .. (ثم نده على مدير المبيعات والتحصيل) شوف يا (عوض) تخت الرسوم بتاعت (الهنايات) دى مع الفاتورة الجاية طوالى وتعمل بما جاء فى الخطاب ده ...
أول الشهر :
بينما كان الأسطى ( مصطفى السباك) يحمل فى يده كيس ( عده الشغل) متأهبا للخروج من منزله متوجهاً في صباح ذلك اليوم إلى ( المحطة الوسطي) حيث الجلوس فىانتظار ( الرزق).. دق باب الشارع
- نعم يا أبني
- فاتورة المويه يا حاج
وأثناء ما كان (الأسطى مصطفى) يتناول (الفاتورة) بادرة المتحصل :
- ح تدفع هسع يا حاج
- والله يا أبني هسع ما معانا تعال لينا بعد بكره
اقتنع ( المتحصل) برد الأسطى مصطفى ولم يعلق عليه بل أعاد بقية الفواتير إلى الشنطة السوداء الصغيرة التي كانت ( يعلقها) على وذهب ليطرق باب المنزل الثاني.
فى طريقه إلى محطة (الحافلات) أدخل الأسطى مصطفى ( الفاتورة) في جيب قميصه وبالمرة تحسس الخمسميه جنيه ( الحديد) بتاعت الحافلة ليطمئن على وجودها.
بينما كان الأسطى مصطفى يجلس في الكرسي الذي خلف سائق الحافلة مباشرة أشار له ( الكمساري) بالدفع وهو يمد له يده ( مكشكشا) بالفكه التي في يده. أدخل الأسطى مصطفى يده في جيب قميصه وأخرج الخمسميه جنيه الحديد والتي (لضيق الجيب) خرجت ومعها ( فاتورة الماء).. ناول الأسطى مصطفى الكمساري وقد أعاد له الأخير الباقي.
أخرج الاسطى مصطفى نظارته الطبية ( المخربشه) العدسات وهو لا يزال ممسكا بالفاتورة وأخذ يتفحص في محتوياتها:
الاستهلاك الشهري 1500 دينار
المتأخرات 3000 دينار
رسوم هنايات 7000 دينار
المبلغ المستحق 5200 دينار
نظر الأسطى ( مصطفى) وأمعن النظر في تفاصيل الفاتورة.. أمسك بطرف قميصه وأخذ في تلميع عدسات النظارة ثم أعاد قراءة التفاصيل لعله قرأ بنود تلك التفاصيل خطأ.. ولكن.. ياها..ياها ... رسوم هنايات ... عند وصول الحافلة إلى المحطة الوسطي ترجل الأسطى مصطفى واتجه كعادته اليومية إلى قهوة( المعلم سليمان) والتي يجتمع فيها يوميا جميع العمال والأسطوات كهربيه – نقاشين – سباكين وخلافه وضع الأسطى مصطفى ( كيس العدة ) تحته مباشرة وجلس على كرسي الحديد وطلب من الجرسون وأحد شاي ساده.. ثم استعدل في جلسته وأخرج نظارته.. وأداها مسحه ثاني.. ثم أخرج الفاتورة من جديد :
الاستهلاك الشهري 1500 دينار
المتأخرات 3000 دينار
رسوم هنايات 7000 دينار
المبلغ المستحق 5200 دينار
بينما كان الأسطى مصطفى على ذلك الحال كان ( وليد) صاحب مغلق أدوات البناء الملاصق للقهوة يقوم بفتح المغلق فناداه الاسطى مصطفى :
- تعال يا وليد يا ابني
- أيوه يا عم مصطفى.. أي خدمة ؟
- عليك الله يا وليد يا أبني شوف ليا الفاتورة دي
- ( امسك وليد بالفاتورة) : والله يا عم مصطفى الفاتورة
بتقول:
الاستهلال الشهري 15 ألف والمتأخرات تلاتين ألف ورسوم هنايات سبعة ألف .. آآى رسوم ه ن ا ي ا ت ... أيوه يا عم مصطفى مكتوب رسوم هنايات
أعاد وليد الفاتورة للأسطى مصطفى الذى كان يخاطب نفسه بصوت مسموع:-
- والله حكاية قال أيه رسوم (هنايات) هو (الهنايه) الطلعت (هناينا) دي قادرين ندفعا
- انتصب الأسطى مصطفى واقفا.. أخذ رشفه من كبايه الشاي التي أمامه ثم قال مخاطبا زميله الذي يجلس بجانبه:
- بالله يا أسطى (عبد الله) أمسك ليا ( عدة الشغل) دي ماشي ليا مشوار قريب وراجع.
لأن الاسطى مصطفى قروشو قاعد يطلعا من عرق جبينو بتعب ومشقه وعناء كان لابد أن يقوم ( بسك) الموضوع وأن يقوم بمتابعة المسألة ليعرف ماهية هذه الرسوم وما هي هذه ( الهنايات) لذلك حينما غادر القهوة كان قد قرر أن يقوم بالذهاب إلى ( هيئة المياه) فالمسئولين هنالك لابد أنهم على معرفه بهذه بماهية هذه الرسوم.
- ممكن يا بتي أقابل المدير
- المدير في اجتماع
- ممكن طيب أقابل نايبو ؟
- نايبو ذاتو معاهو فى الإجتماع
- طيب الاجتماع دا بيخلص متين ؟
- والله ما معروف دخلو هسع
- أنت بالظبط عندك شنو يا حاج ؟ عشان أساعدك
- أنا الفاتورة جابوها ليا و...
- لقيت فيها رسوم (هنايات) مش كده ؟
- أيوه كده .. أها عاوز أعرف (هنايات) شنو دي كمان ؟... ما كفاية (الهناي) النحنا فيهو دا...المسئولين ديل ( هنايتم) دي ما حقو يخلوها... كل يوم طالعين لينا بي (هناية) جديدة لحدت ما ( هناينا ) طلع..
- يا هناي.. أقصد يا حاج.. أنحنا رسوم (الهنايات) دي ما ختيناها نحنا.. لأنو جاتنا من (الولاية) كدة
- والولاية دى بعيدة من هنا ؟
وبعد أن قامت ( سكرتيرة السيد المدير) بتوصيف موقع مبانى (الولاية) للأسطى مصطفى قام الأخير بإعادة الفاتورة إلى جيبه وعلى الرغم من عزمه على ( سك ) الموضوع والذهاب إلى مبانى الولاية إلا أنه تذكر أن ما لديه من ( قروش) لا يكفي لأن يذهب إلى مكان أخر سوى أن يعود إلى المحطة الوسطي من جديد وهو لا يفتأ يردد بين كل دقيقة والأخرى
- قال أيه رسوم هنايات .. والله يا هو دا الفضل
- قال أيه.. رسوم هنايات .. ياهو والله دا الفضل
عاد الأسطى مصطفى إلى منزله في ( العصرية) وهو خائر ومنهك القوى.
- اخت ليا يا حاج الغداء ؟
- قال ايه رسوم هنايات ...والله ياهو دا الفضل
- شنو ياحاج أخت ليك (الهناى) .. بسم الله اقصد الغداء ؟
- ختى ليا (الهنايات) .. قال أيه رسوم هنايات .. والله يا هو دا الفضل
تغدى (الاسطى مصطفى) وأخد ليهو نومة من أثر الجرى والإرهاق ولم يستيقظ إلا على صوت جارتهم ( عزيزة) وهي تخاطب زوجته:
- دفعتو يا نفيسه رسوم ( الهنايات) ؟ ... الحكومة دي ( تتجازي) كملت الرسوم كلها مالقت ليها حاجة غير تعمل للهنايات رسوم !!
- والله الحاج قال ما بدفع إلا يشوف أخرتا
- والله أنحنا دفعنا.. كمان بنقدر على الحراسات والسجون
ما أن سمع الأسطى مصطفى كلمة (الحراسات) و(السجون) حتى هب من سريره واقفاً :
- سجون؟ نحنا قاعدين نسرق؟ والا قاعدين ننهب؟ شعب جبان ..أي حاجة يقولوا ليكم أدفعوها تدفعوها حتى لو ما عارفنها شنو .. على بالطلاق ما أعرف ( هنايات) دي شنو ما أدفعا !!
هنا التفتت الجاره ( عزيزة) مذعورة وهى تخاطب (نفيسه) زوجة الأسطى مصطفى :
- هي سجمي يا نفيسة نسيت .. ما بلقى ليا عندك شويه ( هنايات) اقصد تومات
في صباح اليوم التالي تأهب (الأسطى مصطفى) للخروج ذاهبا كعادته إلى المحطة الوسطي والتي قرر منها أن يذهب إلى حيث مبانى الولاية للاستفسار عن رسوم الهنايات.
وما أن هم بالخروج فاتحاً باب الشارع حتى وجد (متحصل) المياه يقف امامه :
- أها يا حاج حضرت لينا القروش وألا نقطع؟؟
- تقطع شنو؟؟ نحنا موية بندفعا لكن (الهنايات) دى لو ما عرفناها ما بندفعا
- لكن يا حاج كده مويتك ح تنقطع وكمان ح تعرض نفسك للقانون
- قانون شنو كمان؟
- قانون (الهنايات) .. والله يا حاج ما تدفع يودوك (نيابة الهنايات) وبعد دال يحولوك (محكمة الهنايات) وبعدين تتورط ما يحلك الا الحل (هناى) .. أقصد (بله)
فى طريقه إلى محطة المواصلات وجد (الأسطى مصطفى) أن معظم سكان الحى قد تم قطع الإمداد المائى عنهم حيث أنهم جميعاً قد رفضوا دفع (رسوم الهنايات) .. واصل الأسطى مصطفى مشواره نحو (السوق) حيث وجد أن جميع المحلات التجارية مغلقة وأن وسائل المواصلات منعدمة وأن هنالك حالة من الشلل العام وذلك خوفاً من إحتمال إندلاع أى حالات تظاهر وشغب بعد أن تم قطع الإمداد المائى عن معظم سكان المدينة وسط حالة من الإستنكار . إشترى (الأسطى) مصطفى (جريده) من أحد الصبيان (السريحة) وعاد إلى منزله مشياً على الأقدام لتوقف المواصلات .
كانت عناوين (الجريددة الريئسة) :
بعض المأجورين والطـابور الخامس يقومون ببعض التظاهرات
غداً القوى الوطنية تنظم مسيرة مليونية تأييداً لرسوم (الهنايات)
مظاهرة مليونية تأييداً :
فى اليوم التالى لم يخرج (الأسطى مصطفى) من منزله وفضل أن يقوم بمتابعة الأحداث من خلال الراديو والتلفزيون ... بعد أن تناول الإفطار جلس (الأسطى) مصطفى أمام (الدش) وأدار المؤشر إلى قناة (الإخبارية) :
نواصل سيداتي نشرة الأخبار... شهدت العاصمة السودانية الخرطوم فى الأيام السابقة بعض التظاهرات إحتجاجاً على الرسوم التى فرضت مؤخراً والتلى أسمتها الحكومة رسوم هنايات .. وقد عزت الحكومة هذه التظاهرات إلى ما أسمتهم بالطابور الخامس والمأجورين مما حدا بها وبأحزابها (المتوالية) إلى تسيير هذه المسيرة المليونية المؤيدة للرسوم ... إلى التفاصيل ومراسلنا من الخرطوم .. الجوهر الفردى
- هل تسمعنى يا جوهر ؟؟
- نعم أسمعك ..
- هل لك أن تنقل لنا وصفاً لهذه المسيرة المليونية التى تنظم تأييداً لقرار فرض رسوم ما يعرف بالهنايات ؟
- نعم ... نعم ... أنا الآن وكما ترون أعزائي المشاهدين أتحدث إليكم من وسط التظاهرة المؤيدة للقرار كما ترون وتسمعون .. مكبرات الصوت .. أعداد مهوله من البصات ( الهندية) والحافلات ذات اللوحات البيضاء والخضراء و الصفراء واللاندكروزرات .. وأطفال وتلاميذ المدارس .. الموظفين .. كما ترون سيداتى سادتى فهذه بعض اللافتات (القماشية) التى كتب عليها :
- محلية أم ضلوع تؤيد رسوم الهنايات
- اللجنة الشعبية لحي الهناية شلعوها مع رسوم الهنايات
- مزيداً من الرسوم لحياة أفضل
- اطفال روضة الغد يؤيدون الرسوم من اجل غد أفضل
- الرسوم من أجل المشروع الحضاري
وها هى الهتافات كما تتناهى إلى أسماعكم :
- الرافضين أعداء الدين
- لا خدمات بدون رسوم
- عاوزين رسوم .. عاوزين رسوم
سيداتى سادتى ..المسيرة الآن تتجه نحو المسرح المعد للمسئول الذى قام بإعداد قرار فرض الرسوم والذى قام بقطع سفريته وعاد إلى أرض الوطن خصيصاً لمخاطبة المسيرة :
يمسك بالميكرفون ( شخص) ذو حلقوم متين
أيها الأخوة أيها المواطنين الأطهار الشرفاء الانقياء الأبرار إن هذه المسيرة المليونية لهي رسالة واضحة نوجهها لكل العملاء والخونة والمارقين الذين جعلوا من ( رسوم الهنايات) وسيلة للرفض التظاهر وتاليب القوى العالمية علينا.. فليعلم هؤلاء الخونة والمأجورين ان هذه الرسوم باقية وكل من أراد أن (تثكله أمه) فليرفضها : (أصوات هتاف)
- الرافضين أعداء الدين .. الرافضين أعداء الدين
- تهليل ... تكبير
- تهليل ... تكبير
وهنا صعد إلى المسرح فنان المناسبات ( ود العدني) حاملاً طنبوره .. مفصلاً قصيدة (للمناسبة) :
يا مواااطن شنو يعني لو قالو ليك أدفــع رسوم
دى الحكومة ما قصرت وخيرا كلو جاييك بالكـوم
شيء بترول... شيء دهب.. وشيء حلاوة لكوم
تعليم مجاني ..... آآآى مجااااني
علاج مجاني ..... آآآي مجااااني
دواء مجاني ..... آآآي مجااااني
ده كلومن خيرا وما عـاوز يقولوا ليك جيب رسوم
أمانه ما اتلومت .. أأأي أتلومت وعبت عيب الشؤم
ترم ترم ترارم ترارم ... ترا ترا ترا ....... رم ترم
- سيداتى سادتى من المسيرة المليونية المؤيدة لرسوم الهنايات وقبل أن يقوم الأخ مسئول الولاية والذى قام بوضع الرسوم بإلقاء خطبته يسرنا أعزائى المشاهدين أن نلتقى بأحد المتظاهرين المؤيدين :
- يسرنا أن نلتقي بالأخ .. منو؟
- المكاشفي القاعد ديمه
- ما هو رائك يا أخ مكاشفي في هذه الرسوم والرافضين لها :
- بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله الأمين ومن تبعه ووالاه أجمعين وبعد : أن طاعة (ولي الأمر) واجبه وان أي مواطن يخرج عنها ولا يستجيب بدفع الرسوم ويعلن رفضه ويتظاهر فهو بغير شك محاربا للدولة وخارجاً عن طاعة ولى الأمر وحكمه أن ( يقطع من خلاف ويصلب ) وهذا هو رأى جمهور العلماء.
وعبر مكبرات الصوت يصيح الشخص (أبوحلقوم) .. الآن يخاطبكم صانع القرار وواضعه .. مسئول الولاية :
هرج) و(مرج) ...(هتافات) .. (هتافات) ... (صمت) :
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله الأمين ومن تبعه ووالاه أجمعين وبعد:
أخوانى المواطنين .. شكراً لكم لتأييدكم لهذه الرسوم ولكن هنالك بعض الخطأ وبعض الإلتباس .. الحقيقة لمن أنا كتبت الخطاب كنت مسافر ومستعجل شوية فكتبتو بسرعة وأديتو للسكرتيرة عشان تطبعو وترسلو لناس (الموية) وقامت السكرتيرة قرت الكلمة غلط ...وطبعتها غلط .. الكلمة يا جماعة نفايات ... أيوة نفاياااات .. النقطة بتاعت (الفاء) بس زحت شمال شوية فقرتا (هنايات) ... يعنى الرسوم الح تندفع والزول الما ح يدفعا ح نقطع (مويتو) هى رسوم (نفايات) وما رسوم هنايات .. رسوم نفاياااااااااااات .. ما هناياااااااااااااااااااات
- سيداتى آنساتى سادتى
لقد أزال المسئول الآن اللبس وأصبحت الرسوم هى رسوم (نفايات) فهل كان غضب وتظاهر المواطنين من أجل أن الرسوم كانت رسوم (هنايات) أم لأن الرسوم قد تم ربط دفعها بقطع (الماء) الذى هو ضرورة من ضرورات الحياة .. بمعنى آخر هل سيوافق المواطن على دفع (رسوم النفايات) أو أى رسوم أخرى مهما كانت تسميتها مع فاتورة المياه أم ستشهد العاصمة مزيداً من أعمال الرفض والتظاهرات ...(الجوهر الفردى) .. قناة الإخبارية !!!
من أمام المسيرة المؤيدة لرسوم الهنايات (أقصد النفايات) ..بالساحة الخضراء بالخرطوم ...
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
[b](سيناريوهات) ... إنفـلـونزا الســرور[/b]
بينما كان حاج سليمان يضع (صينية) العشاء والمكونة من( صحن الفول) والرغيفة (المدورة) أمامه بعد أن عاد من صلاة العشاء صاحت فيه ( أم العيال) والتي كانت تشاهد أخبار التاسعة التلفزيونية.
- يا أبو محمد .. يا أبو محمد حصل.. أنت ما سامع قالوا( أنفلونزا السرور) وصلت
- يا ولية يا غبيانة دي إسمها (أنفلونزا الطيور)
- طيور شنو يا راجل .. وحات الله سمع أضاني دي قالوا أسمها (أنفلونزا السرور)
حيث أن (حاجة كلتوم) كانت تستمع إلى ذلك الخبر في موجز النشرة فقد ترك (حاج سليمان) الأكل في الصينية وجلس أمام التلفزيون في إنتظار تفاصيل النشرة والتي جاء فيها أن هناك نوعاً جديداً من الأنفلونزا القاتلة التي تصيب الإنسان قد تم رصده في بعض الدول الأوربية وأن من أعراضها السعال والرشح والحمى وأن العلماء قد توصلوا إلى أن معدلات الإصابة ترتفع عندما يتعرض الشخص لأى حالة من حالات الفرح والسرور.
بعد أن أستمع (حاج سليمان) إلى تفاصيل الخبر جيداً التفت إلى (حاجة كلتوم) قائلاً :
- عليك الله أنحنا هسع أنتهينا من( أنفلونزا الطيور) كمان تجينا ( أنفلونزا السرور)..
- (حاجة كلتوم في خوف): هسع يا ابو محمد لو جاتنا؟
- تجينا شنو يا ولية.. أنتي (مطرطشة) والله (السرور) دا مرض ما يجينا ودواء مانلقاهو..
كان هذا الخبر هو حديث الشارع في اليوم التالي:
- هسع أنفلونزا السرور دى البتنقلها برضو(الطيور)؟
- طيور شنو يا (طيره) دي بتجي للزول المبسوط يعني بالعربي كدا للزول السعيد .. الفرحان..
- (فى إرتياح) الحمد لله معنى كذا ما ح تجينا .. خلي (الجماعة) اليشيلو شيلتم على بالطلاق زول (مبسوط) غيرهم ما في..
مع أن الإعلان العالمي عن هذا الوباء لم تمض عليه إلا أيام قلائل وليس هناك ما يدل على أنه سوف يصل إلى (أفريقيا) أو (الشرق الأوسط) إلا أن حكومتنا الرشيدة وكما عودتنا دائماً وفى سبيل حرصهاعلى حياة المواطن قد قامت بتكوين (لجنة عليا) لدرء خطر هذا الوباء على الرغم من أنها تعلم تماماً أن غالبية المواطنين لن يصيبهم الوباء لانعدام البيئة التي يعيش فيها وهي الفرح والسرور(والانبساط)..
على نطاق المواطن العادي وعلى الرغم من قلة بل انعدام لحظات السعادة والفرح التي يعيشها إلا أن خبر إتمال إنتشار ووصول هذا الوباء جعله (يعمل حسابو) فها هي (سعدية) وهي تودع زوجها الذاهب لمقابلة لجنة تعويضات أحداث(الاثنين الأسود) قائلة:
- ما يقولو يدوك جزء من التعويض تقوم تفرح تجيك الأنفلونزا دي وتجيب لينا مصيبة .
أما على نطاق (المواطن المسئول) فها هي (زوجة ) أحد (الولاة) تودعه عند باب الفيلا الحكومية وهو يهم بركوب ( اللاندكروزر) المظللة الفارهة:
- شوف إنت حقو تخلي الإبتسامة الطوالي دي عشان لو (المرض) دا جاك نعرفو !! هسع نعرفو كيف وأنت أيام الله السبعة كلها مبسوط ومبتسم
في خطوة جريئة للحكومة فقد قامت (اللجنة العليا لدرء مخاطر وباء أنفلونزا السرور) وفي محاولة للقضاء على مسببات الوباء (من جذورها) فقد قامت بإبادة جميع أشرطة الكاسيت والفيديو الخاصة بالنكات و(المنلوجات) المضحكة كما تم إيقاف جميع المسرحيات ( الكوميدية) مما جعل العاملين في هذا الحقل من شركات (الإنتاج الفني) يمنون بخسارات كبيرة وفادحة وتبعاً لذلك فقد توقف المواطنين من تماماً عن شراء أشرطة (النكات) أو دخول أو مشاهدة المسرحيات الكوميدية خوفاً من الإصابة بهذا الوباء.
وقد جاء في الأخبار (تحت .. تحت) أن مسئولاً حكومياً يمتلك واحدة من أكبر شركات الانتاج الفني قد مني بخسارة (مليارية) فادحة نسبة لأحجام المواطنين عن شراء تلك المواد وتوقف مبيعات شركته من الأشرطة الكوميدية مما حدا بهذا المسئول إلى (عمل) سهرة كوميدية ( متلفزة على الهواء مباشرة) أستضاف فيها رهطاً من رجال الأعمال والمسئولين الحكوميين وبعض الصحفيين وأعيان البلد وقد قامت الفرق الكوميدية المستضافة بتقديم فواصل من (الاسكتشات) الفكاهية والنكات والمنلوجات التي ضحك معها هذا (الرهط) المستضاف ضحكاً شديداً ( يقطع المصارين) وكان كل مسئول وضيف عند سماع كل نكتة يضحك ويقرقر في نوبات متواصلة حتي (يقع على قفاه).
وبعد أن هدأت نوبات الضحك قليلاً (والجماعة إستغفروا) وقامو (لموا) العمم والشالات والموبايلات ومفاتيح السيارات التي تناثرت على أرضية (الأستديو) من أثر الاستغراق في نوبات الضحك المتواصل و(القرقراب) أتجهت الكامير(close-up ) للمسئول الذى نظم الدعوة لهذه (المسخرة) والذي قال وهو في قمة الأنبساط والسرور والبهجة والانشراح موجهاً حديثه للمواطنين المشاهدين:
- ياجماعة أنحنا الليلة هنا ذي ما شفتو عشان نضحك ونضحك ونضحك ونكون مسرورين ومبسوطين عشان أنتو تعرفوا (بيان بالعمل) أنو مافي حاجة إسمها (أنفلونزا السرور) وأنو ناس (منظمة الصحة العالمية) ديل غبيانين ساكت .. وأهو إنتو شايفين براكم نحنا ضحكنا كلنا لمن الضحك (شرطنا) وما حصل لينا شيء وما ح يحصل (بإذن الله)... (ثم مواصلاً) يا جماعة أرجعوا لحياتكم الكلها ضحك وإنبساط وسرور .
وبعد أن طمأن المسئول (وهو يضحك) المواطنين فى نهاية (المسخرة) قام الفنان (ودالعدنى) وحمل (طنبوره) وإعتلى خشبة المسرح بعد أن قام كالعادة (بتفصيل) أغنية بهذه المناسبة تقول رميتها :
يا مواطن أضحك ضحكـك وخليك مسـرور
البيقولوهو دا إشـاعة ذى إنفـلونزا الطـيور
الأمريكان قاصدننا وما عاوزننا نكون فى حبور
آآى نحن تعبانين .. تعبانيييييين لكن حالنا مسـتور (تتررا رم ترم ترارم ترمتم ترم )
ردود الأفعال :
تفاوتت ردود أفعال المواطنين تجاه تلك (الحلقة) التلفزيونية الضاحكة التي نظمها ذلك المسئول ففئة كبيرة منهم لم تخف شكوكها من أن جميع الحضور فى تلك الحلقة الضاحكة قد تناولوا جرعات التحصين من وباء (أنفلونزا السرور) قبل حضورهم للأستديو ، فهذا (عوض المكانيكي) يخاطب بعض أصدقائه:
- الجماعة ديل من قولة (تيت) غشونا . يغشوا كدة فينا لمتين؟ يكونوا محصنين ..الضحك بتاعهم دا (على بالطلاق) لعبة وداخلها غش .... على بالحرام أنا هسع ليا (تلاتة ووتلاتين) سنة ماضحكت ولا إنبسطت !!!
أما (النسوان) فقد كانت تلك (الحلقة التلفزيزنية الضاحكة) مثار تعليقاتهم النسوية:
- عليكي الله يا سلوى شفتيهم لامن قاعدين يضحكوا (جضومهم) دي كانت بتلمع كيف؟ يكونوا يا ربي بيعملوا (كريمات) ولا ده هواء المكيفات ساكت؟
- وترد سلوى:
- والله (يانعيمة) يعميني أنا ذي لون بشرتم دا أنا ماشفت .. قالوا (الوضوء) يا (نعيمة) يكونو (كضاين)؟
- وضوء شنو (يابت أمي) الوضوء(بشحم)؟ ماشفتي جنس الشحم واللحم دا
بينما وفي مكان آخر كان (حاج عثمان) يسال إبنه الطبيب المتخرج حديثاً:
- أنت يا ولد هسع (الجماعة) القعدوا يضحكو في التلفزيون ديل صحي المرض ما ح يجيهم؟
- والله شوف يا ابوي بما انو المسئول الجاب الجماعة ديل هو ذاتو (طبيب) بيكون عارف انو (الفيروس) دا بيدخل (الجسم) ويصيب (الزول) البيضحك بالجد عشان في هرمونات معينة في الجسم بترتفع مع الضحك.. عشان كده يا أبوي أنا بفتكر إنو (الجماعة) ديل كانوا ما بضحكوا من (قلوبهم) يعني ضحكو ضحك ساكت يعني..
- يعني شنو ضحكو علينا؟؟
- هم يا أبوي قاعدين يضحكوا عليكم من هسع..
على صعيد آخرمن ردود الأفعال فكما عودتنا دائماً ً (هيئة علماء السلطان) بإصدار بياناتها الملتهبة فيما يطرأ من أمور جسام تهم المسلمين كالبيانات الملتهبة التي أصدرتها عندما تم تشريد الآلاف من وظائفهم تحت مسمى الصالح العام والفصل التعسفي والبيانات المندده التى أصدروها عند ( اعدام الزول في حقو) .. فقد بادرت (هيئة علماء السلطان) بإصدار بيان عزت فيه مسألة إعلان البلاد من الدول الموبوءة بمرض أنفلونزا السرور إلى نظرية ( المؤامرة) حيث جاء في البيان أن (الغرب الكافر) يريد من مواطني دولتنا الحضارية أن يكونوا مكشرين ومبوزين وعابسين حتى يتم وصفهم بالتشدد والإرهاب وناشدت الهيئة فى بيانها جميع المسلمين بالضحك وعدم العبوس والتبسم في وجوه بعضهم البعض.
وفى هذا السياق أيضاً فقد جاء على لسان عالم من علماء الدين وهو يوجه حديثه للمواطنين بأن لايقوموا بتناول إي جرعات تحصين ضد (المرض) لأن هذه الجرعات -كما جاء في حديثه- تحتوي على فيروس ( مرض الايدز)وقد قصد منها قطع دابر المسلمين وإهلاكهم وإفشال (المشروع الحضارى) .
أول أصابة:
بعد عدة أيام تناقلت الصحف ووكالات الأنباء حدوث أول اصابة بأنفلونزا السرور في البلاد وعلى عكس ما كان يتوقع المواطنين الذين كانوا يتوقعون أن تنحصر الاصابة بهذا (الوباء) في اوساط المسؤلين و(التابعين) والمروقين إلا ان أول ضحية من ضحايا هذا الوباء قد كان (خواجة) جاء سائحاً للبلاد إلا انه وفي طريقه لمطار الخرطوم مغادراً وقبل وصوله للمطار تمت إصابته بالوباء أما كيف تمت إصابته .. والضحكوا شنوا لمن المرض جاهو..والحصل شنو؟ فهذا ما تجدونه في متن الحوار الذي أجرته أحدى الصحف الاجتماعية مع مرافق (الخواجة) الذى كان يرافقه إلى المطار..
- والله الخواجة دا أنا طلعت بيهو من الفندق وماشين على المطار عشان هو مغادر قمت فى السكة قلت أحسن أحكى ليهو عن (الإسلام) وعن (عظمة مشروعنا الحضارى) إحتمال قلت (الخواجة) دا يقوم (يسلم) ويدخل معانا ونلقى (ثواب) قمت حكيت ليهو عن (كلكم راع) و(لو سرقت فاطمة بنت محمد) و(هلا جلست فى بيت أبيك) و(من نام شبعان وجاره جائع) وعن العدل والمساواة وعن البعد عن الشبهات وعن .. وعن ... المهم ما خليت للخواجه حاجة بس قام (للتكتلو) لمن وصلنا (برى) قال ليا أقيف قدام (العمارة) دى قمت وقفت قام قال ليا :
- ده مش عمارة بتاع مصنع شفاء ضربوا امريكا.
- لا ياخواجة
- طيب عمارة ده وقع عشان شنو؟
- المواصفات والمواد بتاعتو ما كانت تمام يا خواجة .
- سيدو ما كان بيشرف عليهو؟
- سيدو منو يا خواجة ده مبنى حكومي .
- طيب مبنى ده بعد وقع .. مسئول حاكموهو .. غرموهو؟
- لا .. رقوهو
- قلت شنو؟
- رقوهو يا خواجة .
- شنو يعني رقوهو
- يعنى promoted يا خواجة
وهنا أنتابت الخواجة نوبة من الضحك المتواصل استمرت أكثر من نصف ساعة حتى إستلقى على قفاه وبعد كل دقيقة والأخرى كان يردد ضاحكاً Are you sure ?, promoted وبعد ان هدأت قليلاً نوبة الخواجة) الضاحكة سالني:
- ومقاول ده بنا عمارات تاني؟
- أيوة بنى بيت المسئول ذاتو وبيوت مسئولين تانين.
- بيوت الحكومة الساكنين فيهو يعني ؟
- حكومة شنو يا خواجة بيتوهم الخاصة.
- أيه يعنى خاصة ؟
- يعنى Their Private يا خواجه
وأخذ الخواجة في الضحك مرة أخرى وهو يردد على رأس كل دقيقة Promoted and their Private حتى زغللت عيناه واحمر لون وجهه وأخذ يتصبب عرقاً ثم (كضم) فأخذته لأحدى المستوصفات القريبة بشارع المطار وهو شبه مغمى عليه .. وضعته في (النقالة) ريثما يحضر الطبيب للكشف عليه ..وفى هذه الأثناء أفاق قليلاً وهو يسالني :
- بيوت مسئولين وقع ؟
- لا يا خواجة لكن في عشرين عمارة تاني بناهم نفس المقاول واشرف عليهم نفس المسئول عاوزين يقعوا..
- هنا انتابت الخواجة نوبة من الضحك .. وهو يقول ومسئول promoted .. مسئول promoted .... حتى إذا ما جاء دور الطبيب للكشف عليه وجده وقد اسلم الروح وقد جاء في شهادة الوفاة أن أسباب الوفاة هو أصابة المتوفي بنوع نادر من أنفلونزا السرور يسببه (الضحك (سيناريوهات) ... إنفـلـونزا الســرور بالمقارنة مع الإندهاش) !!!
بينما كان حاج سليمان يضع (صينية) العشاء والمكونة من( صحن الفول) والرغيفة (المدورة) أمامه بعد أن عاد من صلاة العشاء صاحت فيه ( أم العيال) والتي كانت تشاهد أخبار التاسعة التلفزيونية.
- يا أبو محمد .. يا أبو محمد حصل.. أنت ما سامع قالوا( أنفلونزا السرور) وصلت
- يا ولية يا غبيانة دي إسمها (أنفلونزا الطيور)
- طيور شنو يا راجل .. وحات الله سمع أضاني دي قالوا أسمها (أنفلونزا السرور)
حيث أن (حاجة كلتوم) كانت تستمع إلى ذلك الخبر في موجز النشرة فقد ترك (حاج سليمان) الأكل في الصينية وجلس أمام التلفزيون في إنتظار تفاصيل النشرة والتي جاء فيها أن هناك نوعاً جديداً من الأنفلونزا القاتلة التي تصيب الإنسان قد تم رصده في بعض الدول الأوربية وأن من أعراضها السعال والرشح والحمى وأن العلماء قد توصلوا إلى أن معدلات الإصابة ترتفع عندما يتعرض الشخص لأى حالة من حالات الفرح والسرور.
بعد أن أستمع (حاج سليمان) إلى تفاصيل الخبر جيداً التفت إلى (حاجة كلتوم) قائلاً :
- عليك الله أنحنا هسع أنتهينا من( أنفلونزا الطيور) كمان تجينا ( أنفلونزا السرور)..
- (حاجة كلتوم في خوف): هسع يا ابو محمد لو جاتنا؟
- تجينا شنو يا ولية.. أنتي (مطرطشة) والله (السرور) دا مرض ما يجينا ودواء مانلقاهو..
كان هذا الخبر هو حديث الشارع في اليوم التالي:
- هسع أنفلونزا السرور دى البتنقلها برضو(الطيور)؟
- طيور شنو يا (طيره) دي بتجي للزول المبسوط يعني بالعربي كدا للزول السعيد .. الفرحان..
- (فى إرتياح) الحمد لله معنى كذا ما ح تجينا .. خلي (الجماعة) اليشيلو شيلتم على بالطلاق زول (مبسوط) غيرهم ما في..
مع أن الإعلان العالمي عن هذا الوباء لم تمض عليه إلا أيام قلائل وليس هناك ما يدل على أنه سوف يصل إلى (أفريقيا) أو (الشرق الأوسط) إلا أن حكومتنا الرشيدة وكما عودتنا دائماً وفى سبيل حرصهاعلى حياة المواطن قد قامت بتكوين (لجنة عليا) لدرء خطر هذا الوباء على الرغم من أنها تعلم تماماً أن غالبية المواطنين لن يصيبهم الوباء لانعدام البيئة التي يعيش فيها وهي الفرح والسرور(والانبساط)..
على نطاق المواطن العادي وعلى الرغم من قلة بل انعدام لحظات السعادة والفرح التي يعيشها إلا أن خبر إتمال إنتشار ووصول هذا الوباء جعله (يعمل حسابو) فها هي (سعدية) وهي تودع زوجها الذاهب لمقابلة لجنة تعويضات أحداث(الاثنين الأسود) قائلة:
- ما يقولو يدوك جزء من التعويض تقوم تفرح تجيك الأنفلونزا دي وتجيب لينا مصيبة .
أما على نطاق (المواطن المسئول) فها هي (زوجة ) أحد (الولاة) تودعه عند باب الفيلا الحكومية وهو يهم بركوب ( اللاندكروزر) المظللة الفارهة:
- شوف إنت حقو تخلي الإبتسامة الطوالي دي عشان لو (المرض) دا جاك نعرفو !! هسع نعرفو كيف وأنت أيام الله السبعة كلها مبسوط ومبتسم
في خطوة جريئة للحكومة فقد قامت (اللجنة العليا لدرء مخاطر وباء أنفلونزا السرور) وفي محاولة للقضاء على مسببات الوباء (من جذورها) فقد قامت بإبادة جميع أشرطة الكاسيت والفيديو الخاصة بالنكات و(المنلوجات) المضحكة كما تم إيقاف جميع المسرحيات ( الكوميدية) مما جعل العاملين في هذا الحقل من شركات (الإنتاج الفني) يمنون بخسارات كبيرة وفادحة وتبعاً لذلك فقد توقف المواطنين من تماماً عن شراء أشرطة (النكات) أو دخول أو مشاهدة المسرحيات الكوميدية خوفاً من الإصابة بهذا الوباء.
وقد جاء في الأخبار (تحت .. تحت) أن مسئولاً حكومياً يمتلك واحدة من أكبر شركات الانتاج الفني قد مني بخسارة (مليارية) فادحة نسبة لأحجام المواطنين عن شراء تلك المواد وتوقف مبيعات شركته من الأشرطة الكوميدية مما حدا بهذا المسئول إلى (عمل) سهرة كوميدية ( متلفزة على الهواء مباشرة) أستضاف فيها رهطاً من رجال الأعمال والمسئولين الحكوميين وبعض الصحفيين وأعيان البلد وقد قامت الفرق الكوميدية المستضافة بتقديم فواصل من (الاسكتشات) الفكاهية والنكات والمنلوجات التي ضحك معها هذا (الرهط) المستضاف ضحكاً شديداً ( يقطع المصارين) وكان كل مسئول وضيف عند سماع كل نكتة يضحك ويقرقر في نوبات متواصلة حتي (يقع على قفاه).
وبعد أن هدأت نوبات الضحك قليلاً (والجماعة إستغفروا) وقامو (لموا) العمم والشالات والموبايلات ومفاتيح السيارات التي تناثرت على أرضية (الأستديو) من أثر الاستغراق في نوبات الضحك المتواصل و(القرقراب) أتجهت الكامير(close-up ) للمسئول الذى نظم الدعوة لهذه (المسخرة) والذي قال وهو في قمة الأنبساط والسرور والبهجة والانشراح موجهاً حديثه للمواطنين المشاهدين:
- ياجماعة أنحنا الليلة هنا ذي ما شفتو عشان نضحك ونضحك ونضحك ونكون مسرورين ومبسوطين عشان أنتو تعرفوا (بيان بالعمل) أنو مافي حاجة إسمها (أنفلونزا السرور) وأنو ناس (منظمة الصحة العالمية) ديل غبيانين ساكت .. وأهو إنتو شايفين براكم نحنا ضحكنا كلنا لمن الضحك (شرطنا) وما حصل لينا شيء وما ح يحصل (بإذن الله)... (ثم مواصلاً) يا جماعة أرجعوا لحياتكم الكلها ضحك وإنبساط وسرور .
وبعد أن طمأن المسئول (وهو يضحك) المواطنين فى نهاية (المسخرة) قام الفنان (ودالعدنى) وحمل (طنبوره) وإعتلى خشبة المسرح بعد أن قام كالعادة (بتفصيل) أغنية بهذه المناسبة تقول رميتها :
يا مواطن أضحك ضحكـك وخليك مسـرور
البيقولوهو دا إشـاعة ذى إنفـلونزا الطـيور
الأمريكان قاصدننا وما عاوزننا نكون فى حبور
آآى نحن تعبانين .. تعبانيييييين لكن حالنا مسـتور (تتررا رم ترم ترارم ترمتم ترم )
ردود الأفعال :
تفاوتت ردود أفعال المواطنين تجاه تلك (الحلقة) التلفزيونية الضاحكة التي نظمها ذلك المسئول ففئة كبيرة منهم لم تخف شكوكها من أن جميع الحضور فى تلك الحلقة الضاحكة قد تناولوا جرعات التحصين من وباء (أنفلونزا السرور) قبل حضورهم للأستديو ، فهذا (عوض المكانيكي) يخاطب بعض أصدقائه:
- الجماعة ديل من قولة (تيت) غشونا . يغشوا كدة فينا لمتين؟ يكونوا محصنين ..الضحك بتاعهم دا (على بالطلاق) لعبة وداخلها غش .... على بالحرام أنا هسع ليا (تلاتة ووتلاتين) سنة ماضحكت ولا إنبسطت !!!
أما (النسوان) فقد كانت تلك (الحلقة التلفزيزنية الضاحكة) مثار تعليقاتهم النسوية:
- عليكي الله يا سلوى شفتيهم لامن قاعدين يضحكوا (جضومهم) دي كانت بتلمع كيف؟ يكونوا يا ربي بيعملوا (كريمات) ولا ده هواء المكيفات ساكت؟
- وترد سلوى:
- والله (يانعيمة) يعميني أنا ذي لون بشرتم دا أنا ماشفت .. قالوا (الوضوء) يا (نعيمة) يكونو (كضاين)؟
- وضوء شنو (يابت أمي) الوضوء(بشحم)؟ ماشفتي جنس الشحم واللحم دا
بينما وفي مكان آخر كان (حاج عثمان) يسال إبنه الطبيب المتخرج حديثاً:
- أنت يا ولد هسع (الجماعة) القعدوا يضحكو في التلفزيون ديل صحي المرض ما ح يجيهم؟
- والله شوف يا ابوي بما انو المسئول الجاب الجماعة ديل هو ذاتو (طبيب) بيكون عارف انو (الفيروس) دا بيدخل (الجسم) ويصيب (الزول) البيضحك بالجد عشان في هرمونات معينة في الجسم بترتفع مع الضحك.. عشان كده يا أبوي أنا بفتكر إنو (الجماعة) ديل كانوا ما بضحكوا من (قلوبهم) يعني ضحكو ضحك ساكت يعني..
- يعني شنو ضحكو علينا؟؟
- هم يا أبوي قاعدين يضحكوا عليكم من هسع..
على صعيد آخرمن ردود الأفعال فكما عودتنا دائماً ً (هيئة علماء السلطان) بإصدار بياناتها الملتهبة فيما يطرأ من أمور جسام تهم المسلمين كالبيانات الملتهبة التي أصدرتها عندما تم تشريد الآلاف من وظائفهم تحت مسمى الصالح العام والفصل التعسفي والبيانات المندده التى أصدروها عند ( اعدام الزول في حقو) .. فقد بادرت (هيئة علماء السلطان) بإصدار بيان عزت فيه مسألة إعلان البلاد من الدول الموبوءة بمرض أنفلونزا السرور إلى نظرية ( المؤامرة) حيث جاء في البيان أن (الغرب الكافر) يريد من مواطني دولتنا الحضارية أن يكونوا مكشرين ومبوزين وعابسين حتى يتم وصفهم بالتشدد والإرهاب وناشدت الهيئة فى بيانها جميع المسلمين بالضحك وعدم العبوس والتبسم في وجوه بعضهم البعض.
وفى هذا السياق أيضاً فقد جاء على لسان عالم من علماء الدين وهو يوجه حديثه للمواطنين بأن لايقوموا بتناول إي جرعات تحصين ضد (المرض) لأن هذه الجرعات -كما جاء في حديثه- تحتوي على فيروس ( مرض الايدز)وقد قصد منها قطع دابر المسلمين وإهلاكهم وإفشال (المشروع الحضارى) .
أول أصابة:
بعد عدة أيام تناقلت الصحف ووكالات الأنباء حدوث أول اصابة بأنفلونزا السرور في البلاد وعلى عكس ما كان يتوقع المواطنين الذين كانوا يتوقعون أن تنحصر الاصابة بهذا (الوباء) في اوساط المسؤلين و(التابعين) والمروقين إلا ان أول ضحية من ضحايا هذا الوباء قد كان (خواجة) جاء سائحاً للبلاد إلا انه وفي طريقه لمطار الخرطوم مغادراً وقبل وصوله للمطار تمت إصابته بالوباء أما كيف تمت إصابته .. والضحكوا شنوا لمن المرض جاهو..والحصل شنو؟ فهذا ما تجدونه في متن الحوار الذي أجرته أحدى الصحف الاجتماعية مع مرافق (الخواجة) الذى كان يرافقه إلى المطار..
- والله الخواجة دا أنا طلعت بيهو من الفندق وماشين على المطار عشان هو مغادر قمت فى السكة قلت أحسن أحكى ليهو عن (الإسلام) وعن (عظمة مشروعنا الحضارى) إحتمال قلت (الخواجة) دا يقوم (يسلم) ويدخل معانا ونلقى (ثواب) قمت حكيت ليهو عن (كلكم راع) و(لو سرقت فاطمة بنت محمد) و(هلا جلست فى بيت أبيك) و(من نام شبعان وجاره جائع) وعن العدل والمساواة وعن البعد عن الشبهات وعن .. وعن ... المهم ما خليت للخواجه حاجة بس قام (للتكتلو) لمن وصلنا (برى) قال ليا أقيف قدام (العمارة) دى قمت وقفت قام قال ليا :
- ده مش عمارة بتاع مصنع شفاء ضربوا امريكا.
- لا ياخواجة
- طيب عمارة ده وقع عشان شنو؟
- المواصفات والمواد بتاعتو ما كانت تمام يا خواجة .
- سيدو ما كان بيشرف عليهو؟
- سيدو منو يا خواجة ده مبنى حكومي .
- طيب مبنى ده بعد وقع .. مسئول حاكموهو .. غرموهو؟
- لا .. رقوهو
- قلت شنو؟
- رقوهو يا خواجة .
- شنو يعني رقوهو
- يعنى promoted يا خواجة
وهنا أنتابت الخواجة نوبة من الضحك المتواصل استمرت أكثر من نصف ساعة حتى إستلقى على قفاه وبعد كل دقيقة والأخرى كان يردد ضاحكاً Are you sure ?, promoted وبعد ان هدأت قليلاً نوبة الخواجة) الضاحكة سالني:
- ومقاول ده بنا عمارات تاني؟
- أيوة بنى بيت المسئول ذاتو وبيوت مسئولين تانين.
- بيوت الحكومة الساكنين فيهو يعني ؟
- حكومة شنو يا خواجة بيتوهم الخاصة.
- أيه يعنى خاصة ؟
- يعنى Their Private يا خواجه
وأخذ الخواجة في الضحك مرة أخرى وهو يردد على رأس كل دقيقة Promoted and their Private حتى زغللت عيناه واحمر لون وجهه وأخذ يتصبب عرقاً ثم (كضم) فأخذته لأحدى المستوصفات القريبة بشارع المطار وهو شبه مغمى عليه .. وضعته في (النقالة) ريثما يحضر الطبيب للكشف عليه ..وفى هذه الأثناء أفاق قليلاً وهو يسالني :
- بيوت مسئولين وقع ؟
- لا يا خواجة لكن في عشرين عمارة تاني بناهم نفس المقاول واشرف عليهم نفس المسئول عاوزين يقعوا..
- هنا انتابت الخواجة نوبة من الضحك .. وهو يقول ومسئول promoted .. مسئول promoted .... حتى إذا ما جاء دور الطبيب للكشف عليه وجده وقد اسلم الروح وقد جاء في شهادة الوفاة أن أسباب الوفاة هو أصابة المتوفي بنوع نادر من أنفلونزا السرور يسببه (الضحك (سيناريوهات) ... إنفـلـونزا الســرور بالمقارنة مع الإندهاش) !!!
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
[b] عداد دفع الهواء المقدم[/b]
أصل الحكاية :
بدأت الحكاية بخبر صغير نشر فى إحدى الصحف ( الهامشيه ) التى تعتمد على االإثارة والخبر يقول بأن المسئولين وبعد أن إنتهوا من تركيب عدادات الدفع المقدم للمياه فأنهم بصدد تركيب عدادات (الدفع المقدم للهواء) وذلك عن طريق جهاز يثبت على أنف كل مواطن يقوم بحساب كميات الهواء التى تدخل الى رئتيه.
لم يتفاعل الموطنون مع ذلك بأعتبار أن الصحيفه تعمد إلى الإثارة وتحاول ( تخفيف دمها ) وأن الخبر لا أساس له من الصحه ولكن وبعد أقل من شهر من نشر ذلك الخبر جاء على لسان أحد المسئولين الكبار فى إحدى كبريات الصحف بأن ( هيئة هواء ولاية الخرطوم ) تدرس مشروع ( دفع الهواء المقدم ) وأن التجربه سوف تعمم بشكل أولى على سكان ولاية الخرطوم ثم بعد ذلك لبقية أنحاء البلاد . توقع الجميع أن يصاحب تصريح ذلك المسئول إستنكاراً وشجباًً وتظاهراً من المواطنين الا أن ( المسأله ) مرت مرور الكرام كما سبق أن مرت مسأله (عدادات الدفع المقدم للمياه) .
على الرغم من كل ذلك الا أن المواطنين قد إاستبعدوا ذلك تماماً أى أن يكون فى نية (الحكومه ) بيع الهواء للمواطن ، ليس لأن الحكومة (تتورع) عن فعل ذلك (لأن الحكومة لو لقت طريقة تبيع المواطن ذاتو) و لكن لأن الأمركما يراه المواطنون يستحيل تنزيله الى أرض الواقع عملياً ولم يعلم المواطنين بأن التكنولوجيا الحديثه لا تعرف المستحيل وأنه كما أن هنالك عدادات دفع مقدم للمياه فهنالك أيضاً نوع آخر للهواء .
على شاشة الفضائية السودانية جلس ثلاثة مسئولين ( المسئول هو من إنتفخت أوداجه شحماً وإزدادت بشرته لمعاناً وأشرق النور من وجهه المشع ما عدا دائرة غامقه قطرها 2 سم هى علامة الجودة )
المذيع : يسرنا أن يشرفنا اليوم فى هذا اللقاء السيد المدير العام لهيئة هواء ولاية الخرطوم والسيد مساعد المدير العام للمبيعات والسيد مساعد المدير العام للهندسة والصيانة وذلك من أجل تعريف المواطنين بمشروع عدادات الدفع المقدم للهواء (المذيع مواصلاً) :
- بداية سعادة المدير العام لهيئة هواء ولاية الخرطوم ممكن نعرف الدوافع والأسباب وراء المشروع ؟
- بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين وعلى من إتبعه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد : والله الحقيقة المشروع دا ماجديد ونحنا بدينا فيهو من زمان وهو موجود فى (الإستراتيجية الشاملة) لكن بس قلنا أحسن أول حاجة ننتهى من قصة الكهرباء وبعدين المويه ( حتين ) نجى للهواء (يضحك) يعنى (نمزمز) بيكم شوية شوية
- يعنى ممكن نقول إنتو عاوزين تبيعوا ( الهواء ) للناس ؟
- المسأله ما مسألة بيع ... إنتو لازم تعرفوا إنو فى ناس بتستغل مسأله مجانيه الهواء دى إستغلال بشع وبتتعامل معاها بطريقه بشعه يعنى إتصور زول قاعد يشرب فى شاى مش يشرب وبس؟ لا كمان تلقاهو قاعد يتنفس .. أو تلقى واحد قاعد يتكلم فى الموبايل وكل كلمة والتانية تلقاهو (يجر) ليهو نفس….دا استغلال بشع لواحد من مصادر الحياة الهامة وهو الهواء .. هسع الزول القاعد يتكلم فى الموبايل أو الزول القاعد يشرب فى الشاى دا كان كانوا قاعدين يدفعوا قروش الهواء دى كان عملوا كده؟؟ خليك من دا .. يا أخى شوف بتاعين (البناشر) بينفخو ليهم كم لستك فى اليوم ؟ معقول دا كلو مجانى والدولة ماعندها نصيب فيهو ؟
المذيع : طيب ممكن السيد / مساعد المدير العام للهندسة والصيانة يشرح للمواطنين عمل الجهاز؟
- بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين وعلى من إتبعه بإحسـان إلى يوم الدين أما بعد (يقوم بعرض الجهاز على الشاشة .. ويواصل) ذى ماشايفين الجهاز هو عبارة عن جهاز صغير يوضع على الأنف ( ذى الكمامة) يعنى وبيخرج منو أنبوب يمر على ( عداد رقمى ) يقوم بحساب كمية الهواء المستنشقة حيث يقوم بخصمها من الرصيد ويوجد (ذى ماشايفين) لوحة مفاتيح رقمية تستخدم لإدخال ( العشرين رقم السرية ) المفروض ينزلها الزول بعد ما يشترى الكمية العاوزها من (مكتب البيع) ثم ينتهى الأنبوب (ذى ما شايفين) بفتحة يدخل منها الهواء المستنشق .
وعاوز أقوم بتنبيه الموطنين إنو يضعوا الشاشة فى مكان بارز ليسهل قراءتها من قبل المراقبين ( يقوم بوضع الكمامه على انفه وشبك الشاشه على جيبه الأيسر للقميص ثم يخاطب المشاهدين) يعنى بالشكل دا.
المذيع : طيب الحقيقه عندنا كمية من (المحادثات) لموطنين عندهم إستفسارات
-. آلو.. آلو إتفضل ... معاى منو .
- معاك (عكاشة) من الدويم
- إتفضل ياعكاشه وجه أسئلتك معاك ( هيئة هواء ولاية الخرطوم)
- السلام عليكم
- وعليكم السلام إتفضل
-والله أنا عندى سؤالين السؤال الأول : الزول لو ما إشترى الجهاز دا بيحصل ليهو شنو ؟ والحاجه التانيه هل جهاز زول ممكن يشيلو زول تانى يستخدمو؟
- والله دىأسئله وجيهة .. أول حاجه أى زول (يتمسك ) وهو ما (خاتى ) الجهاز دا (حتى لو عندو ونسى يلبسو) ح يغرم خمسين ألف جنيه لأنو الجهاز دا مفروض الزول يكون (مركبو ) وما يطلعوا لحدى مايموت والحاجة التانية أى زول يطلع الجهاز بعدها ما نركبوا ليهو نحن بنعرفوا طوالى لأنو الاجهزة دى (موصله) لاسلكياً عن طريق (الموبايل) مع كمبيوتر (هيئة هواء ولاية الخرطوم) وفى الحاله دى ح يغرم الشخص غرامه باهظه .
المذيع : أفتكر كان عندو سؤال تانى
- أيوه .. أما فيما يختص بأنو زول يستخدم جهاز الزول التانى فدا ما ممكن لسببين السبب الأول إنو لو فى زول إستخدم جهاز زول تانى معناها الزول التانى دا ح يضطر يطلع الجهاز بتاعو وبى كدا (الكمبيوتر) ح يعرفوا لينا ذى ماسبق وقلنا ... الشئ التانى إنو الزول لمن يمشى يشترى جهاز عداد الهواء المقدم هنالك لجنه طبية بتخضعو لفحص عشان تحدد إستهلاكو من الأوكسجين ويتم على هذا الأساس (تشفير) الجهاز بتاعو عشان يسمح بمرور كمية (الهواء) بتاعتو بس .. يعنى ببساطة الجهاز بس معمول للزول الإشتراهو.
- معانا محادثه تانى – آلو.. معانا منو ؟
- معاكم (إنعام) من الكدرو
- إتفضلى يا انعام ( هيئة هواء ولاية الخرطوم) معاك
- السلام عليكم
- وعليكم السلام
- والله فى الحقيقة أنا عاوزه أعرف العدادات دى مقاسات يعنى ؟؟؟ والا كلها مقاس واحد ؟؟؟
- شكراً على السؤال ... لا العدادات دى مقاسات على حسب حجم رئة كل مواطن وعندنا خمس مقاسات Small – Medium – Large – X-Large – XX-Large
- آلو .. آلو معليش نسيت قول ليكم (حبوبتى) عندها (ازمه) بتقوم عليها طوالى أها فى الحاله دى نطلع ليها الجهاز عشان نركب ليها جهاز (الأزمة)؟
- ( يضحك فى خبث) .. لا مافى داعى لانو نحنا عملنا حسابنا للمسألة دى – تقومى توصيلى ليها نهاية ( الأنبوب) بتاع الجهاز بنهاية الأنبوب بتاع جهاز الأزمه وبس .
- آلو محادثه ( تانيه) .... معانا منو ؟
- معاك (صابر ) من أبو سعد
- مرحب ( صابر) سؤالك شنو ؟
- أنا عاوز اسأل بس عن (وحدات البيع ) ح تكون شنو ؟ والتسعيره كمان كيف؟
- شكراً صابر .. وحدة البيع هى الرطل / هواء ومسألة التسعيرة دى أنحنا رأينا إنو الهواء يكون فى متناول الجميع يعنى كل شرائح المجتمع على الرغم من إنو الدولة السنة الفاتت دى بس داعماهو بسبعمية مليون دولار ... لسع يا (صابر) ما إتحدد سعر الرطل كم لكن يا (صابر) تأكد تماماً انو ح يكون معقول .
المذيع : ناخد آخر سؤال .. معانا منو ؟
- معاك ( كباشى ) من الدروشاب
- اتفضل ياكباشى
- والله الحقيقة هو ما سؤال أنا عاوز أقول إنو الحديث الشريف بيقول الناس شركاء فى الكلأ والماء والنار (يعنى الكهرباء هسع) إنتو عملتو (جمره) للنار يعنى الكهرباء وجمره للموية وهسع كمان عملتو جمره للهواء ... معقوله بس وين ( الدين) بتاعكم ؟
- أول حاجه يبدو إنو الاخ كباشى منفعل شويه وما عارف تفسير الحديث ... نحن عشان الحديث ذاتو وعشان الناس شركاء فى الحاجات المهمه دى عملنا ليها جمره عشان مامعقول زول يقعد يرش قدام بيتو (ميتين) صفيحة مويه وزول تانى مالاقى يشرب .... وزول مناخيرو كبار ذى
( الليله وبكره) يشفط الهواء كلو وما يخلى ليهو ( نفس) للزول التانى ... يا أخ كباشى (الجمره) للترشيد عشان الناس يكونوا شركاء فعلاً فى الحاجات المهمة دى والمسألة ما تكون (مطلوقة) ساكت .
- (وجه المذيع يملأ الشاشة) أعزائى المشاهدين نكتفى بهذه المداخلات فى هذه الحلقة التنويرية والتى إستضفنا فيها كبار المسئولين ( بهيئة هواء ولاية الخرطوم) وموعدنا معكم فى حلقة أخرى يوم الجمعة القادم نتحدث فيها عن التداعيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التى سوف يفرزها هذا المشروع .. إلى اللقاء .
(لم تبث حلقة الجمعة والتى كان من المفترض أن تناقش التداعيات والآثار المترتبة على قيام المشروع وذلك بسبب سفر المسئولين الذين تمت إستضافتهم فى البرنامج
إلى اليابان لحضور الورشة العلمية التى ينظمها الإتخاد العالمى لمصنعى (الجمرات) والتى بعنوان – وماذا بعد جمرة الهواء- ) لذلك فسوف أقوم بتخمين بعض أنواع التداعيات –
تداعيات إجتماعية (1) :
لأن عداد الهواء المقدم يوضع على الصدر وكل الناس (شايفاهو) فقد أصبحت مكانتك الإجتماعية ووضعك المالى تحدده كمية الهواء المجودة فى العداد والتى يحددها رصيدك ، فهذا هو (عادل) يخاطب أفراد أسرته وهم متوجهين لطلب يد زميلته (هاله) من أسرتها :
- معقول هسع يا بوي نمشى للناس ديل و(جمراتنا) دى كلها لو جمعوها ما تعمل ليها هواء بى عشرين ألف ؟
- أها وانت عاوزنا نعمل شنو ؟
- والله حقو الناس الماشين ديل كل واحد منهم نملأ ليهو هواء بى خمسين ألف
- إنت يا ود (مطرطش) ونجيب ليهم قروش من وين ؟
- ما مشكلة أنا شلت ليا مرابخة من البنك
بينما كان (عادل) يقوم بانزال أرقام ( الجمره الهوائيه) لأفراد أسرته والذاهبين معه لطلب زميلته (هاله) كانت أسرة هاله (رقيقة الحال) يدور بين أفرادها الحوار التالى.
هاله: هسع يا أبوى ناس عادل ديل معقوله يجو ويشوفوا(شاشتك) (مصفره) كدا وما فيها هواء بى خمسه ألف ؟
أبو هاله : وعاوزانى أعمل شنو يعنى؟ البيت مافيهو ولا مليم عملتوها ليا كلها جاتوهات وبرتكان وتفاح وماكنتوش
وهنا نط) حماده شقيق هاله الصغير قائلاً :
- أنا عندى ليكم فكره يا ابوى أيه رايكم (أظلل) ليكم شاشاتكم دى كلها وزول يشوف عامله كم مافى ... وبعد ما يطلعوا نشيل التظليل.
تداعيات إجتماعية (2) :
- يا أبو محمد .. عاوزه ليا مية الف
- تعملى بيها شنو ياوليه إنتى قايله عندى خزنه .
- انا ما كلمتك من امبارح قلت ليك ماشه ( أعزى ) ناس (فوزيه) ديل .
- وما تمشى تعزيهم أنا ما سكك ..
- أمشى أعزيهم والناس كلها تشوف جمرتى التعبانه دى .. والله بكاء ناس (عزيزة) الفات داك (فوزيه) دى جات ماليه ليها (هواء) بى تسعمائة الف وخاته الجمره فوق صدرها ذى البرواز وتتقدل ..
تداعيات رياضية :
أفرز مشروع (جمرةالهواء) بعض الوظائف التى لم تكن موجودة مثل وظيفة (مراقب جمرة لاعبين) وهو مسئول عن مراقبة (جمره) اللاعبين عند ادائهم للمباريات والتأكد من ان كل لاعب لديه رصيد يكفيه لاداء المباراة.
بعد أن إنهزم فريق ( الصقور) من فريق( الثعالب ) ألقى فريق (الصقور) باللائمة على مراقب جمرات اللاعبين .
- والله لو ما اللاعب الجديد ( حسن كدايس) ده جمرتو انتهت والمدرب طلعو من الماتش كان هسع دخل ليهو قون قونين
- دى كلها مسؤليتك يا (مراقب الجمرات )
- ياجماعة والله أنا قبل الماتش شفت جمرتو لقيت عندو هواء ينفخ ليهو (منضاد) نعمل ليهو شنو؟ ده بيجرى ذى ( الطيارة) كمل ليهو 500 رطل هواء كيف ماعارف .. انتو سجلتو ليكم لاعب ولا ( شفاطه)..
تداعيات فنية :
بعد اداء الفنان ( عماد سخانه ) لوصلته الغنائية فى برنامج تلفزيونى على الهواء ( بث مباشر) فوجىء المشاهدون بعازف الساكسفون ( كوكو تيه ) وهو يهرول نحو مايسترو الفرقة :
- والله ياخ الشغل ده معانا بالخساره
- كيف يا كوكو؟
- كيف شنو ؟ أنا قبل ما أجى الأستديو دا مالى ليا هواء (بخمسين الف ) هسع ثلاثه أغنيات بس رصيدى كمل .. دى ماشغلانه لازم تعملوا لينا (علاوة بدل هواء) عشان نعزف تانى معاكم .
تداعيات قانونية :
القاضى – وإنت عرفت المرحوم دا مات كيف ؟
الشاهد – دى عاوزه ليها (عرفه) يامولانا؟ عاينت لى (جمرتو) لقيتها ما بتنقص وقاعدة فى حتتها ؟ عرفت طوالي إنو نفسو قاطع وبقى (أسماء فى حياتنا).
تداعيات طبية :
- ده دكتور شنو شابكنى ليك شيل نفس ... شيل نفس .. شيل نفس لحدى ما كمل جمرتى كلها .. هسع الزول القروش دى يشترى بيها الأدويه الفى (الروشته) والا يشترى بيها (جمره هواء)؟؟؟؟
تداعيات تعليمية :
إقرأ التنبيهات التالية قبل أن تجيب على اسئلة الامتحان
1/ تأكد من إستخدامك لقلم الحبر الجاف
2/ تأكد من الاجابة على جميع الاسئلة ووضع رقم السؤال فى المكان المحدد
3/ لا تكتب على الهوامش
4/ تاكد من أن (جمره الهواء) لديك تكفيك طيلة زمن الإمتحان ا
تحويل رصيد :
بعد أن تلقت (هيئة هواء ولاية الخرطوم ) عدة شكاوى من المواطنين تتحدث عن مشكلة انتهاء (جمره الهواء) فى أوقات متاخره من الليل أو فى أماكن بعيده عن مكاتب بيع الجمره قامت الهيئه بحل المشكله تسهيلاً (للمواطن الكريم ) وذلك عن طريق خدمة تحويل الرصيد من عداد شخص إلى عداد شخص آخر والتى وكما تم الاعلان عنها فى الصحف اليومية تتم كالاتى:
* رقم عداد الشخص المحول # الرصيد المحول بالرطل هواء * رقم عداد الشخص المحول اليه.
بعد أن شاهدت (علوية) المسلسل العربى دخلت إلى مطبخها لتوقد (المبخر) كالعادة لخرق (البخرة) التى أعطاها لها (الفكى أب عصاية) لتطليق ضرتها (التومة) وما أن وضعت المبخر ونفخت فى الجمرة حتى صاحت :
- ( سجم رمادى) جمرتى ماخلاص قربت تكمل ... (وبعد تفكير) كدى النضرب لى (عزيزة) دى تحول ليا رصيد .. (تتناول الموبايل وتتصل ) :
- عليك الله ياعزيزه بلقى ليا رطل رصيد هواء عندك تحويلهم ليا لى عشان رصيد ى قرب ينتهى والواطه إتاخرت والجمرة قفلت؟.
- وحات الله يا علوية ما طالبانى حليفه هسع رسلت (الهواء بتاعى) كلو لى (أمونه ) قالت جات ليها من (سمايه) مهدوده وجمرتا مصفره والله رسلتو ليها وما فضلت لى روحى غير رطلين هواء يقعدونى للصباخ .
تداعيات دينية :
- ألو .. آلو .. برنامج فتاوى على الهواء؟
- أيوه .. إتفضل .. معانا منو؟
- معاك (حسن عمرين) من المسالمة
- إتفضل يا حسن .. سؤالك شنو؟
- والله انا بس بسأل لو الواحد ماشى المسجد يصلى قام عاين لى جمرتو لقاها خلاص قربت تكمل (يعنى كم نفس كدا وتقطع) السؤال بتاعى هل الزول يواصل ويمشى يصلى والا يمشى يشترى ليهو جمرة ؟
- أكيد يواصل يمشى يصلى
- أها وبعدين البدفع ليهو الغرامة (للحكومه) منو؟؟
وهنا قام (مولانا ) بإستقبال محادثة جديده !!!!
أصل الحكاية :
بدأت الحكاية بخبر صغير نشر فى إحدى الصحف ( الهامشيه ) التى تعتمد على االإثارة والخبر يقول بأن المسئولين وبعد أن إنتهوا من تركيب عدادات الدفع المقدم للمياه فأنهم بصدد تركيب عدادات (الدفع المقدم للهواء) وذلك عن طريق جهاز يثبت على أنف كل مواطن يقوم بحساب كميات الهواء التى تدخل الى رئتيه.
لم يتفاعل الموطنون مع ذلك بأعتبار أن الصحيفه تعمد إلى الإثارة وتحاول ( تخفيف دمها ) وأن الخبر لا أساس له من الصحه ولكن وبعد أقل من شهر من نشر ذلك الخبر جاء على لسان أحد المسئولين الكبار فى إحدى كبريات الصحف بأن ( هيئة هواء ولاية الخرطوم ) تدرس مشروع ( دفع الهواء المقدم ) وأن التجربه سوف تعمم بشكل أولى على سكان ولاية الخرطوم ثم بعد ذلك لبقية أنحاء البلاد . توقع الجميع أن يصاحب تصريح ذلك المسئول إستنكاراً وشجباًً وتظاهراً من المواطنين الا أن ( المسأله ) مرت مرور الكرام كما سبق أن مرت مسأله (عدادات الدفع المقدم للمياه) .
على الرغم من كل ذلك الا أن المواطنين قد إاستبعدوا ذلك تماماً أى أن يكون فى نية (الحكومه ) بيع الهواء للمواطن ، ليس لأن الحكومة (تتورع) عن فعل ذلك (لأن الحكومة لو لقت طريقة تبيع المواطن ذاتو) و لكن لأن الأمركما يراه المواطنون يستحيل تنزيله الى أرض الواقع عملياً ولم يعلم المواطنين بأن التكنولوجيا الحديثه لا تعرف المستحيل وأنه كما أن هنالك عدادات دفع مقدم للمياه فهنالك أيضاً نوع آخر للهواء .
على شاشة الفضائية السودانية جلس ثلاثة مسئولين ( المسئول هو من إنتفخت أوداجه شحماً وإزدادت بشرته لمعاناً وأشرق النور من وجهه المشع ما عدا دائرة غامقه قطرها 2 سم هى علامة الجودة )
المذيع : يسرنا أن يشرفنا اليوم فى هذا اللقاء السيد المدير العام لهيئة هواء ولاية الخرطوم والسيد مساعد المدير العام للمبيعات والسيد مساعد المدير العام للهندسة والصيانة وذلك من أجل تعريف المواطنين بمشروع عدادات الدفع المقدم للهواء (المذيع مواصلاً) :
- بداية سعادة المدير العام لهيئة هواء ولاية الخرطوم ممكن نعرف الدوافع والأسباب وراء المشروع ؟
- بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين وعلى من إتبعه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد : والله الحقيقة المشروع دا ماجديد ونحنا بدينا فيهو من زمان وهو موجود فى (الإستراتيجية الشاملة) لكن بس قلنا أحسن أول حاجة ننتهى من قصة الكهرباء وبعدين المويه ( حتين ) نجى للهواء (يضحك) يعنى (نمزمز) بيكم شوية شوية
- يعنى ممكن نقول إنتو عاوزين تبيعوا ( الهواء ) للناس ؟
- المسأله ما مسألة بيع ... إنتو لازم تعرفوا إنو فى ناس بتستغل مسأله مجانيه الهواء دى إستغلال بشع وبتتعامل معاها بطريقه بشعه يعنى إتصور زول قاعد يشرب فى شاى مش يشرب وبس؟ لا كمان تلقاهو قاعد يتنفس .. أو تلقى واحد قاعد يتكلم فى الموبايل وكل كلمة والتانية تلقاهو (يجر) ليهو نفس….دا استغلال بشع لواحد من مصادر الحياة الهامة وهو الهواء .. هسع الزول القاعد يتكلم فى الموبايل أو الزول القاعد يشرب فى الشاى دا كان كانوا قاعدين يدفعوا قروش الهواء دى كان عملوا كده؟؟ خليك من دا .. يا أخى شوف بتاعين (البناشر) بينفخو ليهم كم لستك فى اليوم ؟ معقول دا كلو مجانى والدولة ماعندها نصيب فيهو ؟
المذيع : طيب ممكن السيد / مساعد المدير العام للهندسة والصيانة يشرح للمواطنين عمل الجهاز؟
- بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين وعلى من إتبعه بإحسـان إلى يوم الدين أما بعد (يقوم بعرض الجهاز على الشاشة .. ويواصل) ذى ماشايفين الجهاز هو عبارة عن جهاز صغير يوضع على الأنف ( ذى الكمامة) يعنى وبيخرج منو أنبوب يمر على ( عداد رقمى ) يقوم بحساب كمية الهواء المستنشقة حيث يقوم بخصمها من الرصيد ويوجد (ذى ماشايفين) لوحة مفاتيح رقمية تستخدم لإدخال ( العشرين رقم السرية ) المفروض ينزلها الزول بعد ما يشترى الكمية العاوزها من (مكتب البيع) ثم ينتهى الأنبوب (ذى ما شايفين) بفتحة يدخل منها الهواء المستنشق .
وعاوز أقوم بتنبيه الموطنين إنو يضعوا الشاشة فى مكان بارز ليسهل قراءتها من قبل المراقبين ( يقوم بوضع الكمامه على انفه وشبك الشاشه على جيبه الأيسر للقميص ثم يخاطب المشاهدين) يعنى بالشكل دا.
المذيع : طيب الحقيقه عندنا كمية من (المحادثات) لموطنين عندهم إستفسارات
-. آلو.. آلو إتفضل ... معاى منو .
- معاك (عكاشة) من الدويم
- إتفضل ياعكاشه وجه أسئلتك معاك ( هيئة هواء ولاية الخرطوم)
- السلام عليكم
- وعليكم السلام إتفضل
-والله أنا عندى سؤالين السؤال الأول : الزول لو ما إشترى الجهاز دا بيحصل ليهو شنو ؟ والحاجه التانيه هل جهاز زول ممكن يشيلو زول تانى يستخدمو؟
- والله دىأسئله وجيهة .. أول حاجه أى زول (يتمسك ) وهو ما (خاتى ) الجهاز دا (حتى لو عندو ونسى يلبسو) ح يغرم خمسين ألف جنيه لأنو الجهاز دا مفروض الزول يكون (مركبو ) وما يطلعوا لحدى مايموت والحاجة التانية أى زول يطلع الجهاز بعدها ما نركبوا ليهو نحن بنعرفوا طوالى لأنو الاجهزة دى (موصله) لاسلكياً عن طريق (الموبايل) مع كمبيوتر (هيئة هواء ولاية الخرطوم) وفى الحاله دى ح يغرم الشخص غرامه باهظه .
المذيع : أفتكر كان عندو سؤال تانى
- أيوه .. أما فيما يختص بأنو زول يستخدم جهاز الزول التانى فدا ما ممكن لسببين السبب الأول إنو لو فى زول إستخدم جهاز زول تانى معناها الزول التانى دا ح يضطر يطلع الجهاز بتاعو وبى كدا (الكمبيوتر) ح يعرفوا لينا ذى ماسبق وقلنا ... الشئ التانى إنو الزول لمن يمشى يشترى جهاز عداد الهواء المقدم هنالك لجنه طبية بتخضعو لفحص عشان تحدد إستهلاكو من الأوكسجين ويتم على هذا الأساس (تشفير) الجهاز بتاعو عشان يسمح بمرور كمية (الهواء) بتاعتو بس .. يعنى ببساطة الجهاز بس معمول للزول الإشتراهو.
- معانا محادثه تانى – آلو.. معانا منو ؟
- معاكم (إنعام) من الكدرو
- إتفضلى يا انعام ( هيئة هواء ولاية الخرطوم) معاك
- السلام عليكم
- وعليكم السلام
- والله فى الحقيقة أنا عاوزه أعرف العدادات دى مقاسات يعنى ؟؟؟ والا كلها مقاس واحد ؟؟؟
- شكراً على السؤال ... لا العدادات دى مقاسات على حسب حجم رئة كل مواطن وعندنا خمس مقاسات Small – Medium – Large – X-Large – XX-Large
- آلو .. آلو معليش نسيت قول ليكم (حبوبتى) عندها (ازمه) بتقوم عليها طوالى أها فى الحاله دى نطلع ليها الجهاز عشان نركب ليها جهاز (الأزمة)؟
- ( يضحك فى خبث) .. لا مافى داعى لانو نحنا عملنا حسابنا للمسألة دى – تقومى توصيلى ليها نهاية ( الأنبوب) بتاع الجهاز بنهاية الأنبوب بتاع جهاز الأزمه وبس .
- آلو محادثه ( تانيه) .... معانا منو ؟
- معاك (صابر ) من أبو سعد
- مرحب ( صابر) سؤالك شنو ؟
- أنا عاوز اسأل بس عن (وحدات البيع ) ح تكون شنو ؟ والتسعيره كمان كيف؟
- شكراً صابر .. وحدة البيع هى الرطل / هواء ومسألة التسعيرة دى أنحنا رأينا إنو الهواء يكون فى متناول الجميع يعنى كل شرائح المجتمع على الرغم من إنو الدولة السنة الفاتت دى بس داعماهو بسبعمية مليون دولار ... لسع يا (صابر) ما إتحدد سعر الرطل كم لكن يا (صابر) تأكد تماماً انو ح يكون معقول .
المذيع : ناخد آخر سؤال .. معانا منو ؟
- معاك ( كباشى ) من الدروشاب
- اتفضل ياكباشى
- والله الحقيقة هو ما سؤال أنا عاوز أقول إنو الحديث الشريف بيقول الناس شركاء فى الكلأ والماء والنار (يعنى الكهرباء هسع) إنتو عملتو (جمره) للنار يعنى الكهرباء وجمره للموية وهسع كمان عملتو جمره للهواء ... معقوله بس وين ( الدين) بتاعكم ؟
- أول حاجه يبدو إنو الاخ كباشى منفعل شويه وما عارف تفسير الحديث ... نحن عشان الحديث ذاتو وعشان الناس شركاء فى الحاجات المهمه دى عملنا ليها جمره عشان مامعقول زول يقعد يرش قدام بيتو (ميتين) صفيحة مويه وزول تانى مالاقى يشرب .... وزول مناخيرو كبار ذى
( الليله وبكره) يشفط الهواء كلو وما يخلى ليهو ( نفس) للزول التانى ... يا أخ كباشى (الجمره) للترشيد عشان الناس يكونوا شركاء فعلاً فى الحاجات المهمة دى والمسألة ما تكون (مطلوقة) ساكت .
- (وجه المذيع يملأ الشاشة) أعزائى المشاهدين نكتفى بهذه المداخلات فى هذه الحلقة التنويرية والتى إستضفنا فيها كبار المسئولين ( بهيئة هواء ولاية الخرطوم) وموعدنا معكم فى حلقة أخرى يوم الجمعة القادم نتحدث فيها عن التداعيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التى سوف يفرزها هذا المشروع .. إلى اللقاء .
(لم تبث حلقة الجمعة والتى كان من المفترض أن تناقش التداعيات والآثار المترتبة على قيام المشروع وذلك بسبب سفر المسئولين الذين تمت إستضافتهم فى البرنامج
إلى اليابان لحضور الورشة العلمية التى ينظمها الإتخاد العالمى لمصنعى (الجمرات) والتى بعنوان – وماذا بعد جمرة الهواء- ) لذلك فسوف أقوم بتخمين بعض أنواع التداعيات –
تداعيات إجتماعية (1) :
لأن عداد الهواء المقدم يوضع على الصدر وكل الناس (شايفاهو) فقد أصبحت مكانتك الإجتماعية ووضعك المالى تحدده كمية الهواء المجودة فى العداد والتى يحددها رصيدك ، فهذا هو (عادل) يخاطب أفراد أسرته وهم متوجهين لطلب يد زميلته (هاله) من أسرتها :
- معقول هسع يا بوي نمشى للناس ديل و(جمراتنا) دى كلها لو جمعوها ما تعمل ليها هواء بى عشرين ألف ؟
- أها وانت عاوزنا نعمل شنو ؟
- والله حقو الناس الماشين ديل كل واحد منهم نملأ ليهو هواء بى خمسين ألف
- إنت يا ود (مطرطش) ونجيب ليهم قروش من وين ؟
- ما مشكلة أنا شلت ليا مرابخة من البنك
بينما كان (عادل) يقوم بانزال أرقام ( الجمره الهوائيه) لأفراد أسرته والذاهبين معه لطلب زميلته (هاله) كانت أسرة هاله (رقيقة الحال) يدور بين أفرادها الحوار التالى.
هاله: هسع يا أبوى ناس عادل ديل معقوله يجو ويشوفوا(شاشتك) (مصفره) كدا وما فيها هواء بى خمسه ألف ؟
أبو هاله : وعاوزانى أعمل شنو يعنى؟ البيت مافيهو ولا مليم عملتوها ليا كلها جاتوهات وبرتكان وتفاح وماكنتوش
وهنا نط) حماده شقيق هاله الصغير قائلاً :
- أنا عندى ليكم فكره يا ابوى أيه رايكم (أظلل) ليكم شاشاتكم دى كلها وزول يشوف عامله كم مافى ... وبعد ما يطلعوا نشيل التظليل.
تداعيات إجتماعية (2) :
- يا أبو محمد .. عاوزه ليا مية الف
- تعملى بيها شنو ياوليه إنتى قايله عندى خزنه .
- انا ما كلمتك من امبارح قلت ليك ماشه ( أعزى ) ناس (فوزيه) ديل .
- وما تمشى تعزيهم أنا ما سكك ..
- أمشى أعزيهم والناس كلها تشوف جمرتى التعبانه دى .. والله بكاء ناس (عزيزة) الفات داك (فوزيه) دى جات ماليه ليها (هواء) بى تسعمائة الف وخاته الجمره فوق صدرها ذى البرواز وتتقدل ..
تداعيات رياضية :
أفرز مشروع (جمرةالهواء) بعض الوظائف التى لم تكن موجودة مثل وظيفة (مراقب جمرة لاعبين) وهو مسئول عن مراقبة (جمره) اللاعبين عند ادائهم للمباريات والتأكد من ان كل لاعب لديه رصيد يكفيه لاداء المباراة.
بعد أن إنهزم فريق ( الصقور) من فريق( الثعالب ) ألقى فريق (الصقور) باللائمة على مراقب جمرات اللاعبين .
- والله لو ما اللاعب الجديد ( حسن كدايس) ده جمرتو انتهت والمدرب طلعو من الماتش كان هسع دخل ليهو قون قونين
- دى كلها مسؤليتك يا (مراقب الجمرات )
- ياجماعة والله أنا قبل الماتش شفت جمرتو لقيت عندو هواء ينفخ ليهو (منضاد) نعمل ليهو شنو؟ ده بيجرى ذى ( الطيارة) كمل ليهو 500 رطل هواء كيف ماعارف .. انتو سجلتو ليكم لاعب ولا ( شفاطه)..
تداعيات فنية :
بعد اداء الفنان ( عماد سخانه ) لوصلته الغنائية فى برنامج تلفزيونى على الهواء ( بث مباشر) فوجىء المشاهدون بعازف الساكسفون ( كوكو تيه ) وهو يهرول نحو مايسترو الفرقة :
- والله ياخ الشغل ده معانا بالخساره
- كيف يا كوكو؟
- كيف شنو ؟ أنا قبل ما أجى الأستديو دا مالى ليا هواء (بخمسين الف ) هسع ثلاثه أغنيات بس رصيدى كمل .. دى ماشغلانه لازم تعملوا لينا (علاوة بدل هواء) عشان نعزف تانى معاكم .
تداعيات قانونية :
القاضى – وإنت عرفت المرحوم دا مات كيف ؟
الشاهد – دى عاوزه ليها (عرفه) يامولانا؟ عاينت لى (جمرتو) لقيتها ما بتنقص وقاعدة فى حتتها ؟ عرفت طوالي إنو نفسو قاطع وبقى (أسماء فى حياتنا).
تداعيات طبية :
- ده دكتور شنو شابكنى ليك شيل نفس ... شيل نفس .. شيل نفس لحدى ما كمل جمرتى كلها .. هسع الزول القروش دى يشترى بيها الأدويه الفى (الروشته) والا يشترى بيها (جمره هواء)؟؟؟؟
تداعيات تعليمية :
إقرأ التنبيهات التالية قبل أن تجيب على اسئلة الامتحان
1/ تأكد من إستخدامك لقلم الحبر الجاف
2/ تأكد من الاجابة على جميع الاسئلة ووضع رقم السؤال فى المكان المحدد
3/ لا تكتب على الهوامش
4/ تاكد من أن (جمره الهواء) لديك تكفيك طيلة زمن الإمتحان ا
تحويل رصيد :
بعد أن تلقت (هيئة هواء ولاية الخرطوم ) عدة شكاوى من المواطنين تتحدث عن مشكلة انتهاء (جمره الهواء) فى أوقات متاخره من الليل أو فى أماكن بعيده عن مكاتب بيع الجمره قامت الهيئه بحل المشكله تسهيلاً (للمواطن الكريم ) وذلك عن طريق خدمة تحويل الرصيد من عداد شخص إلى عداد شخص آخر والتى وكما تم الاعلان عنها فى الصحف اليومية تتم كالاتى:
* رقم عداد الشخص المحول # الرصيد المحول بالرطل هواء * رقم عداد الشخص المحول اليه.
بعد أن شاهدت (علوية) المسلسل العربى دخلت إلى مطبخها لتوقد (المبخر) كالعادة لخرق (البخرة) التى أعطاها لها (الفكى أب عصاية) لتطليق ضرتها (التومة) وما أن وضعت المبخر ونفخت فى الجمرة حتى صاحت :
- ( سجم رمادى) جمرتى ماخلاص قربت تكمل ... (وبعد تفكير) كدى النضرب لى (عزيزة) دى تحول ليا رصيد .. (تتناول الموبايل وتتصل ) :
- عليك الله ياعزيزه بلقى ليا رطل رصيد هواء عندك تحويلهم ليا لى عشان رصيد ى قرب ينتهى والواطه إتاخرت والجمرة قفلت؟.
- وحات الله يا علوية ما طالبانى حليفه هسع رسلت (الهواء بتاعى) كلو لى (أمونه ) قالت جات ليها من (سمايه) مهدوده وجمرتا مصفره والله رسلتو ليها وما فضلت لى روحى غير رطلين هواء يقعدونى للصباخ .
تداعيات دينية :
- ألو .. آلو .. برنامج فتاوى على الهواء؟
- أيوه .. إتفضل .. معانا منو؟
- معاك (حسن عمرين) من المسالمة
- إتفضل يا حسن .. سؤالك شنو؟
- والله انا بس بسأل لو الواحد ماشى المسجد يصلى قام عاين لى جمرتو لقاها خلاص قربت تكمل (يعنى كم نفس كدا وتقطع) السؤال بتاعى هل الزول يواصل ويمشى يصلى والا يمشى يشترى ليهو جمرة ؟
- أكيد يواصل يمشى يصلى
- أها وبعدين البدفع ليهو الغرامة (للحكومه) منو؟؟
وهنا قام (مولانا ) بإستقبال محادثة جديده !!!!
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
العملة
تفاجأت (حاجه سعاد) بجارتها (نعيمة) التى جاءت لزيارتها وهى تبتدرها قائلة :
- والله البلد دى فيها جنس إشاعات ؟
- كيفن يا (نعيمة)؟
- ما سمعتى قالو ليكى الحكومة عاوزة تغير ال(قروش) تااانى؟
- (قروش) شنو البتغيرا الحكومة يا نعيمة ياختى أمبارح القريبه دى ما غيرتا !!
- إحتمال عشان لقوها بتتزور ؟
- هم من أول وكت بتكلفم قدر الملايين دى ما كانو يعملوها ما بتتزور ؟
- والله انا قلت دى إشاعه ساااكت أصلو البلد دى جنها إشاعات
- أقول ليكى حاجه؟
- شنو؟
- يكونو ناس الحكومة ديل عاوزين يغيرو (الخمسة جنيه) وإلا (العشرين جنيه) عشان لونهم واحد والناس قاعده تتلخبط فيهم !!
- هم من الأول ما عاملين جابو ليهم خبراء وتشكيليين وتأصيليين و مدرسة (الواحد) ومدرسة (الإتنين) وشنو ما بعرف داك .. عليكى الله هسع كان قلنا لى (شافع صغير) أعمل لينا (قروش) يعملا بتتشابه ؟
- وحات الله أنا بتاع الركشة الصباح ده عاوزة أديهو ورقه أم (خمسة) جنية أديتو ورقه أم (عشرين) !! عليكى الله عاينى جنس الاذيه دى
كما سرت الإشاعه بصورتها تلك ووصلت إلى ربات البيوت فقد وصلت بشكل آخر إلى شريحة المتعلمين والمثقفين فها هو أستاذ عدلان و سليمان (المحامى) وآخرين يتحدثون فى (بيت بكاء) عم محجوب الذى توفى فى (الحافلة) وهو فى طريقه لصرف معاشه :
- غايتو أنا ما عارف لكن الجماعه ديل عندهم حاجه عاوزين يعملوها ليها علاقه بالعملة وال(قروش)
- يعنى يكونو عايزين يسوا شنو؟ العملة وغيروها
- والله أنا بفتكر إنو عاوزين يعملو (العملية) العملوها زمااانك ديك؟
- ياتو عملية؟
- أقصد يرغموا الناس يدخلو (قروش)هم (البنوك) وبعد داك يصرفو ليهم (بالقطارة)
- والله ما أظنو المسالة كده عشان لو كانو عاوزين كده كان ربطو الموضوع بتغيير (العملة الجديدة) !!
- والله غايتو (الجماعه ديل حيرونا) وما عارفنهم عاوزين يعملوا فينا شنو؟
لم تخرج تلك الإشاعة من فراغ فكما يقولون إن اى إشاعة تحتوى على جزء من الحقيقة .. فقد كانت تجرى فى الخفاء ترتيبات لها بالفعل علاقة (بالعملة) لم يكن بوسع اى أحد أن يتخيل (مجرد خيال) ما سوف تأتى به تلك الترتيبات .
قرار تاريخى :
تم قطع الإرسال الإذاعى والتلفزيونى فجأة وبدأ صوت المذيع يعلن فى نبرة (ثورية) بأن هنالك بيان هام سوف يذاع بعد قليل ..
- يا ربى الحكومة إتقلبت وإلا شنو؟
- حكومت شنو البتتقلب حليل زمن البقلبوها ...
- طيب يعنى الحاصل تكون شنو؟ تكون أمريكا دخلت علينا ؟
- هى كمان قالو ليكى أمريكا دى دخلتا بتدسا ؟ ما بتدخل (سمع وشوف) !!
- أها تطير عيشتنا (البيان) ده يكون بيان شنو؟
سيداتى سادتى الآن يلقى عليكم السيد و(مسئول المال والأعمال) فى الحكومة بيانا هاما يتعلق بالإجراءأت المالية الجديدة .. (موسيقى حازمة!!) ثم :
- بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين ولا عدوان إلا على الظالمين .. أيها الشعب (الفضل) أحييكم تحية طيبة مباركة واود أن أبلغكم ببعض الإجراءآت الجديدة :
فى الحقيقة أنحنا قررنا نسحب (العملة) الموجوده عندكم دى ونستعيض عنها (بكروت ممغنطة) إنتو بعد ده بقيتو شعب (بترولى) والقروش بعد ده ح تكتر فى إيدينكم وجيوبكم ودواليبكم والناس ضعاف النفوس والحرامية ح يطمعوا فيكم وتتعرضو للنشل والسرقات والنهب عشان كده والله خفنا عليكم وقلنا أحسن نحسم الموضوع ده (نوهائى) ونشيل منكم القروش دى نسحبا وكل زول نسجل ليهو رصيدو فى (الكرت بتاعو) وطبعا مسألة التعامل عن طريق الكروت الممغنطة دى مسألة العالم المتحضر كلو بيستعملا .. آآى هم قاعدين يستعملوها إلى جانب (العملة) لكن نحنا قلنا مافى داعى (للخبطة) وأخير نعملا ليكم كلها كروت فى كروت .. وما تخافو كل البيانات ح تدخل فى (كمبيوتر) مركزى متصل بالماكينات البتقرأ الكروت دى والح تكون متوفرة فى كل محلات البيع والخدمات .. نحنا عاوزين نقول ليكم غنو المشروع ده ح يكلف الدولة الكتير لكن دى خطوة كان لازم منها من أجل أمن وسلامة المواطن ونحن نستشرف عهدا (بتروليا) جديدا واعدا بالثراء !!
الإخوة المواطنين :
ثقوا تماما أن الحكومة تعمل دائما من أجل سلامتكم وأمنكم وراحتكم وما هذا المشروع غير المسبوق إلا دليلا على ذلك والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته !!
- (ثم وهو ينظر للحضور) : لو فى أى زول عندو سؤال ممكن يطرحو عشان نجاوب ليهو عليهو :
س : بإعتبار ان هذه التجربة لم يسبقكم عليها أحد من قبل هل قمتم بعمل دراسات وافية عن هذا الأمر ؟
ج : والله شوف بصراحة هو أنحنا لو كنا قاعدين نعمل لى مشاريعنا الفاتت دى دراسات ما كانت الحالة وصلت للدرجه دى لكن المهم فى الموضوع إننا (إستخرنا) وإن شاء الله يحصل خير !!
س : ممكن بس توضح لينا سعادتك (المواطن) مثلا لو عاوز يشترى (حاجه) أكل خضار لحم ح يشتريها بدون (فلوس) كيف؟
ج : كل (الدكاكيين) والبقالات والجزارات وكل المحلات التجاريه ح يكون فيها ماكينات موصلة مع الكمبيوتر المركزى الح تكون فيهو حسابات كل المواطنين يعنى المواطن لمن يشترى منها حاجاتو صاحب المحل يدخل الكرت فى المكنة وطوالى تتخصم من (الرصيد) بتاعو وتضاف لرصيد صاحب المحل – مضيفاً- كل محل ح يكون فيهو (ماكينة كروت ممغنطة) موصلة (بشبكة مركزية فى كل البلاد) تقرأ الكرت وتخصم القيمة من الرصيد !!
س : والرصيد ده بجى من وين؟
ج : ده سؤال جميل جدا .. الرصيد ده بجى من المرتب الشهرى البتديهو الدولة للمواطن فى (شكل رصيد شهرى) لقاء ما يقوم به من عمل زياده على الرصيد الختاهو أول حاجه عند بداية المشروع
س : ما موقف الذين يعملون فى القطاع الخاص (زول عندو مصنع) مثلاً ؟
ج : المشكلة وين؟ كل القروش العندهم (كاش) ح نسحبا منهم ونسجلا ليهم رصيد فى الكروت بتاعتهم .. بعد داك التعامل التجارى عادى بالكرت إذا كان عاوزين يشترو أو يبيعو أو حتى يصرفو للموظفين والعمال بتوعنهم
س : طيب ناس (الركشات) والحافلات والباصات ديل ح يعملو شنو؟
ج : المواطن العاوز يتوصل بمواصلات عامة ده يمشى يشترى (تذاكر) ونحنا ح نطرحا بفئات مختلفه ولمن يركب (الركشة أو الحافلة أو الباص) يدى التذكرة للكمسارى وفى النهاية الكمسارى يجمع التذاكر دى ونحنا نضيفها للرصيد فى الكرت بتاع سيد الركشة أو الحافلة !!
س : طيب والناس (العطالة) والما شغالين؟
ج : أيوااا .. والله واحده من موجهات ودوافع المشروع ده محاربة العطالة عشان الناس (العواطلية) ديل يشوفو ليهم شغلة !! نحنا موفرين ليهم الشغل وهم ما عاوزين !! وكمان عشان التسول لأنو البلد كلها إتملت (متسولين) جايبين لينا (الكلام) ... أها تانى اليشوفو ليهم طريقة
س : طيب هسع لو فى (مواطن) ما أداكم (القروش) بتاعتو ؟
ج : ح يمقلب روحو سااكت لأنو بعد داك القروش ما ح تكون متداولة وغير مبرئة للذمة وما عندهاش قيمة لكن لو أدانا وسلمنا ليها ليها ح نختها ليهو فى رصيدو وممكن يشترى بيها العاوزو أو يتعالج منها أو (يركب بيها مواصلات) أو إن شاء الله يشترى بيها من (ود عمارى) !!
س : نعرف من كده سعادتك إنو حتى (الصعوط) ح يتباع بالكرت الممغنط ده ؟
ج : أنحنا قلنا (قروش تاانى مافى) يبقة مش (الصعوط) لو عاوز تشرب كباية شاى (بالكرت) بعد ده !! - مواصلاً - يا جماعت الخير الفلوس دى أصلها بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار ..
تحويل رصيد :
لم يكن للمواطنين إلا الإنصياع للقرار أو أن (يصيعوا) ففى وقت قياسى تم (تركيب وتوصيل) ماكينات (الكروت الممغنطة) فى كافة المحلات التجارية والخدمية حتى شملت (ستات الشاى) والمهن الهامشية !!.. وأصبح المواطنون لا يمكنهم شراء إحتياجاتهم اليومية إلا من بواسطة (الكروت الممغنطة) لذلك وفى وقت قياسى تم إيداع كل (القروش) التى لدى المواطنين – والتى أصبحت غير مبرئة للذمة - إلى الحكومة وللمرة الاولى فى (التاريخ المعاصر) يعيش شعب بدون (قروش)!!
- عليكى الله يا ست البنات شوى جنس البشتنه دى؟
- مالك يا عوضية زهجانه؟
- الما بزهجنى شنو ؟ مشيت (السوق قلت اشترى الخضار واللحمة) بعد ما ختوها ليا فى (القفة) وجو يحاسبونى لقو (الرصيد) كملان !!
- طيب ما تشوفى ليكى زول تحولى ليكى منو رصيد؟
- (فى إستغراب) بالله هو ممكن ؟
- كيف يا ست البنات ناس الحكومة ديل ما ظبطو الحكاية ظبيط شديد ... لكن بشيلو (رسوم على تحويل الرصيد- !!
- حليلو هو .. حياتنا كلها أصبحت رسوم وتحويل رصيد – مواصلة- طيب افرضى ما لقيت ليا زول يحول ليا رصيد أشترى بيهو؟
- فى الحالة دى ما عندك غير غنك تشيلى ليك (غويشة) تلفزيون .. تلاجه أى حاجه وتمشى (تبيعيهم) وتغذى (رصيدك) !!
- والله يتجازو عاوزين يعنى يعدمونا السارحة والمارحة !!
عبد الحميد فى المواصلات :
- بعد صعوبة وجد (عبدالحميد) له مقعداً فى الحافلة المتجهه (للكلاكلة اللفة) ذاهبا لأداء واجب العزاء فى قريبه الذى توفى بالأمس ...
- التذكرة يا حاج؟
- تذكرة شنو هو الحكومة دى خلت لينا قروش مدفع بيها تذاكر؟
- يعنى شنو يا حاج ؟ مشينا بالله
- أمشيك دى شنو يا ولد .. مش الحكومة قالت بتعمل لينا هى أى حاجه؟
- بالله يا حاج ما تدخل معانا فى نقاشات اول الصباح جيب تذكرتك ذى باقى خلق الله ديل
- والتذاكر دى بجيبوها من وين؟
- شفت (الاكشاك الحمراء) الفى مواقف المواصلات دى؟
- أأى
- بس تمشى تشترى التذاكر وتديهم كرت الرصيد بتاعك يخصمو منك
- وكان رصيدى منتهى؟
- تركب الظلط طواااالى يا حاج !! (ثم بصوت عال) : بالله با معلم أقيف نزل الحاج ده يمشى (يحول) ليهو تذاكر !!!
عرس صلاح :
عندما بدأ تنفيذ ذلك القرار كان (صلاح) على وشك أن يقوم بإكمال نصف دينه من (زميلته فى العمل) .. كان المبلغ الذى قام بتحويشة ومن ثم قام بتسليمه (صرة بى خيط) للحكومة و(كتبته) له فى (كرته) كرصيد هو (خمسة مليون جنيه بالقديم) !!
- هسع نبدأ نشترى الشيله دى كيف؟
- شنو كيف ؟ تشيل (كرتك) وعلى (سعد قشرة طواااالى)
- طيب هسع قولو أنا إشتريت (الشيلة) بالصورة دى .. وجبت الصيوان والأكل .. أها (المهر) ندفعو كيف؟
- شنو تدفعو كيف ؟ إنت ما قالو ليك؟ المهر ما بقى (تحويل رصيد)
- كيف يعنى
- يعنى تشوف الكرت بتاع الحاج أبو العروس(رقمو كم) وتقوم تحول ليهو (المهر) فى حسابو
- كويس دى خليناها هسع (حنان مس كول) الح نجيبا تغنى فى (الحنة) دى نديها (قروشا) كيف؟
- والله عندك حل من (حلين) يا تدفع ليها بى طريقه (المهر) وتحول ليها حقها (رصيد) أو تشترى ليها بى حقها (غويشة) دهب أو تياب أوهدايا من رصيدك وتديهم ليها !!
بعد شهر من التنفيذ :
- أختفت (القروش) أصبح لدى كل مواطن (كرت ممغنط) يقوم بواسطته بشراء كل مستلزماته إبتداء بالأكل والشرب و(الجمرة) وإنتهاء بالسجائر والمواصلات ود (عمارى) !! لم يمر وقت طويل على تنفيذ المشروع حتى إتضح للمواطنين تماماً أن شيئاً هاماً ينقصهم وأن هنالك معاملات كثيرة قد أضح إنجازها من الصعوبة بمكان وأن ما قامت به الدولة من سحب للقروش له أهداف أخرى لا علاقه لها بامن وسلامة المواطن من السرقه والنشل وخلافه كماا بشرت بذلك الدولة لتبرير المشروع . وقد ورد ذلك فى تحليل قام به أحدهم فى إحدى الصحف اليومية حيث لخص دوافع المشروع فى النقاط التالية :
- يمكن للدولة معرفة ما يمتلكه أى مواطن فى أى لحظة
- لن يستطيع المواطن بعد الىن التهرب من الضرائب او الزكاة أو الرسوم والجبايات إذ أنها سوف تخصم مباشرة من رصيده
- لن تحتاج الدولة لكل ذلك الجيش الجرار من الموظفين و العربات الفارهه والمكاتب المكندشة الوثيرة
التى يستخدمها العاملون عليها (الضمير طبعا عائد للضرائب والرسوم والجباياااات بس) !!
- يمكن للدولة التعرف على (حركة السيولة) ورصد عمليات (غسيل الأموال) ومن ثم التعامل معها !!
- مع أن الكل يعلم بأن نسبة الفقر تزيد عن 90% إلا أن الدولة تستطيع بواسطة النظام الجديد أن تعرف بالضبط النسبة كم وتسعين وكم من عشرة !!
- معرفة عدد (البدون) وهم أولئك الذين لا يمتلكون من حطام (الدولة) شئياً ولم يتحصلوا على تلك (الكروت الممغنطة)
تداعيات :
بعد أن تم (سحب) الفلوس من (ايدى المواطنين) ومضى شهر على تعامل المواطنين (بالكروت الممغنطة) كان من الطبيعى أن تختفى من حياة (المواطنين) بعض السلوكيات كما تظهر سلوكيات أخرى أملتها (ظروف المرحلة) !!
سلوكيات أختفت (1) : كشف العريس :
بعد أن قام (العريس صلاح) بشراء كافة متطلبات (العرس) من (شيلة) وبعد ان قام بدفع المهر (بالإنجاز كارد)
من رصيده لرصيد (أبوالنسب) ذهب مع صديقه (جمال) لسوق الجملة لشراء حاجيات (العزومة) وبعد ان قام بإنزال عدد من (باغات الزيت) وصفيحتين من (الجبنة) و(بواكى الشاى) وخلافه قام بإعطاء صاحب المحل (الكرت) ليقوم بخصم قيمة الاشياء إلا أن صاحب المحل وبعد أن قام بغدخال الكرت فى الماكينة إلتفت إليه قائلا:
- والله يا استاذ رصيدك ده ما بيكفى
- (فى إندهاش) معقولة ؟ ده لسه لا أدينا (حنان مس كول) ولا بتاع (الصيوانات) و..
- رصيدك العندك ده يا دوبك يشترى ليك (صفيحتين الجبنة) !!
- (يلتفت إلى صديقه جمال) : والعمل يا جمال
- الله أنا يا صلاح ما عندى رصيد كان حولت ليك !! لكن حقو تشوف ليك زول يدينك وبعدين من القروش البجيبا (الكشف ترجع ليهو)
بما أن (صلاح) شخص إجتماعى ومجامل جداً فى المناسبات و(بيدفع) فقد وجد أن حديث (جمال) منطقى جدا
فراقت له فكرة (الإستلاف والدين) على أن يقوم بتسديد (تحويل) ما عليه من ديون من (قروش الكشف) وقد كان إذ قام (صلاح) بإستلاف (القروش الناقصة) من عدد من الأصدقاء والمعارف رغم رصيدهم التعبان مع تأكيده لهم بأنه سيعيد غليهم ما قام بإستلافه بعد إنتهاء مراسم الزوتج مباشرة (من الكشف وكده) !!
جاء يوم العزومة .. خرجت (الصوانى) للمدعووين ممتلئة بما لذ وطاب من (ضلع) و(محشيات) و(طبائخ) وسلطات .. جلس جمال صديق (صلاح) على كرسى أما باب الحوش من الداخل وبالقرب من حوض (الغسيل) واضعاً أمامة تربيزة صغيرة وممسكا بكراس (جديد) وقلم علامة (الكشف هنا وكده) إلا أنه ولدهشتة قد لاحظ أن جميع المدعويين يقومون بغسل ايديهم بعد الاكل ويتجاوزونه خروجا من الباب الشئ الذى حدا به لسؤال (الفاضل) شقيق (صلاح) الاكبر:
- ناسكم ديل بياكلو ويطلعو طوالى مالهم ما بيدفعو فى الكشف؟
- إنتو ما أجرتو ليكم (مكنة) ؟
- مكنة شنو كمان؟
- مكنت (الكروت الممغنطه) ؟
- ونجيبا ليه؟
- عشان يدفعو ليكم فى الكشف يعنى يدفعوا ليكم كده بى شنو!!!
سلوكيات إختفت (2) : حق اللبن :
بعد أن وضعت (التومة) بالسلامة وعادت من (الدايات) تحمل رضيعها وجدت شقيقتها الكبرى (ميمونة) وقد قامت بتجديد (الستائر) وأرضية (حجرة النفاس) وذلك بشراء (مشمع) مربعات (بنى) كما قامت بشراء ملايات (للبرنده) والسرير (الدبل) .. ما أن رات (التومة) عند دخولها للبيت تلك التغييرات حتى صاحت فى (ميمونه)
- والله يا ميمونة بالغتى عديل كده .. شنو التغييرات الرهيبة دى؟
- قالو ليكى أنا عويرة عاوزانى أخلى البيت مبهدل ذى ما كان والنسوان يشيلو حسك
- ولقيتى القروش وين؟
- الحاجات الشايفاها دى كلها ديون .. وتحويل رصيد ساااكت
- وح نسددا من وين بعدين
- إنتى نسيتى إنك زوله مواجبه وعندك قروش عند النسوان ديل .. البتلد كلها إنتى ماشة ليها وخاتا ليها العشرة والعشرين (حق لبن) والمات ليها زول والطهرت أولادا والبتها عرست ؟
- لكن يا ميمونة ياختى بعد ما شالو (القروش) وجابو (الكروت) النسوان ديل باقى ليكى بيدفعو ليا كيفن؟
- إنتى ما عارفا؟ ما بس (نأجر لينا) مكنت كروت) ونختها قدام الباب (والبتجى طالعه) كلها تدخل (كرتا)
وتحول ليكى .. والله والله يومداك فى (نفاس) منال بت الصبر دى النسوان (كروتن) تطاقش وكان على الزول البقعد ليكى فى المكنة أنا دى بقعد ليكى !!
لم تلبث (ميمونة) أن قامت (رسلت) إبنها (مهند) بعد أن أعطته (الكرت الممغنط) الخاص بها قائلة :
- تمشى للمحل الباجرو فيهو ناس (الحكومة) مكنات الكروت تأجر ليك منهم مكنة (3 يوم) وتديهم (كرتى ده) عشان يخصمو قيمت الإيجار !!
خرج (مهند) متجها نحو محل (تأجير الكروت) بينما جلست (ميمونة) فى إنتظاره بعد ان رتبت (قعدت التومة)
وقامت بتغيير (حفاضات المولود الجديد) وتجهيز (العروض) للضيوف والزوار من حلاوة وخبيز وبارد .
بعد حوالى ساعة من الزمان عاد (مهند) وما أن رأته والدته حتى صاحت فيه :
- المكنة وينا ما جبتها معاك
- والله يا أمى لقو الرصيد بتاعك ده ما بكفى قيمت الإيجار
- ليه ما بكفى أنا كرتى ده فيهو ميت الف !!
- والله قالو الإيجار اليوم بى ميت الف .. وكمان بيخصمو أمنية خمسميت الف !!
- ووووب عليا كان كده (حق اللبن) ما راح شمار فى مرقه !!
ظواهر جديدة (1) :الرشوة إلأليكترونية :
بالطبع فقد كانت واحدة من محاسن (إختفاء القروش) هو الحد من (ظاهرة الرشوة) والتى إبتلأت بها البلاد فى العقود الاخيرة فقد تقلصت ظاهرة الرشوة إلى حد كبير على الرغم من أن بعض المرتشين من ضعاف النفوس قاموا بتحويل المسألة من صورتها المادية إلى صورة عينية وبدأت الرشوة تتفاوت فى نوعيتها العينية من (زجاجة عطر) إلى (السبائك الذهبية) وحيث أن (القروش) فى حالة الرشوة سهلة الإخفاء مما يجعل القبض على المرتشى صعبا فقد تفتقت قريحة بعض المرتشين حيث قامو بوضع رقم (الكارت) الخاص بهم مع بقية معلوماتهم الموجوده فى كروت الزيارة visiting cards الخاصة بهم فهذا (حسنين صابر جمعه) مدير (المشتروات) بإحدى المصالح الحكومية وقد كتب على (كرت الزيارة الخاص به) :
تفاجأت (حاجه سعاد) بجارتها (نعيمة) التى جاءت لزيارتها وهى تبتدرها قائلة :
- والله البلد دى فيها جنس إشاعات ؟
- كيفن يا (نعيمة)؟
- ما سمعتى قالو ليكى الحكومة عاوزة تغير ال(قروش) تااانى؟
- (قروش) شنو البتغيرا الحكومة يا نعيمة ياختى أمبارح القريبه دى ما غيرتا !!
- إحتمال عشان لقوها بتتزور ؟
- هم من أول وكت بتكلفم قدر الملايين دى ما كانو يعملوها ما بتتزور ؟
- والله انا قلت دى إشاعه ساااكت أصلو البلد دى جنها إشاعات
- أقول ليكى حاجه؟
- شنو؟
- يكونو ناس الحكومة ديل عاوزين يغيرو (الخمسة جنيه) وإلا (العشرين جنيه) عشان لونهم واحد والناس قاعده تتلخبط فيهم !!
- هم من الأول ما عاملين جابو ليهم خبراء وتشكيليين وتأصيليين و مدرسة (الواحد) ومدرسة (الإتنين) وشنو ما بعرف داك .. عليكى الله هسع كان قلنا لى (شافع صغير) أعمل لينا (قروش) يعملا بتتشابه ؟
- وحات الله أنا بتاع الركشة الصباح ده عاوزة أديهو ورقه أم (خمسة) جنية أديتو ورقه أم (عشرين) !! عليكى الله عاينى جنس الاذيه دى
كما سرت الإشاعه بصورتها تلك ووصلت إلى ربات البيوت فقد وصلت بشكل آخر إلى شريحة المتعلمين والمثقفين فها هو أستاذ عدلان و سليمان (المحامى) وآخرين يتحدثون فى (بيت بكاء) عم محجوب الذى توفى فى (الحافلة) وهو فى طريقه لصرف معاشه :
- غايتو أنا ما عارف لكن الجماعه ديل عندهم حاجه عاوزين يعملوها ليها علاقه بالعملة وال(قروش)
- يعنى يكونو عايزين يسوا شنو؟ العملة وغيروها
- والله أنا بفتكر إنو عاوزين يعملو (العملية) العملوها زمااانك ديك؟
- ياتو عملية؟
- أقصد يرغموا الناس يدخلو (قروش)هم (البنوك) وبعد داك يصرفو ليهم (بالقطارة)
- والله ما أظنو المسالة كده عشان لو كانو عاوزين كده كان ربطو الموضوع بتغيير (العملة الجديدة) !!
- والله غايتو (الجماعه ديل حيرونا) وما عارفنهم عاوزين يعملوا فينا شنو؟
لم تخرج تلك الإشاعة من فراغ فكما يقولون إن اى إشاعة تحتوى على جزء من الحقيقة .. فقد كانت تجرى فى الخفاء ترتيبات لها بالفعل علاقة (بالعملة) لم يكن بوسع اى أحد أن يتخيل (مجرد خيال) ما سوف تأتى به تلك الترتيبات .
قرار تاريخى :
تم قطع الإرسال الإذاعى والتلفزيونى فجأة وبدأ صوت المذيع يعلن فى نبرة (ثورية) بأن هنالك بيان هام سوف يذاع بعد قليل ..
- يا ربى الحكومة إتقلبت وإلا شنو؟
- حكومت شنو البتتقلب حليل زمن البقلبوها ...
- طيب يعنى الحاصل تكون شنو؟ تكون أمريكا دخلت علينا ؟
- هى كمان قالو ليكى أمريكا دى دخلتا بتدسا ؟ ما بتدخل (سمع وشوف) !!
- أها تطير عيشتنا (البيان) ده يكون بيان شنو؟
سيداتى سادتى الآن يلقى عليكم السيد و(مسئول المال والأعمال) فى الحكومة بيانا هاما يتعلق بالإجراءأت المالية الجديدة .. (موسيقى حازمة!!) ثم :
- بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين ولا عدوان إلا على الظالمين .. أيها الشعب (الفضل) أحييكم تحية طيبة مباركة واود أن أبلغكم ببعض الإجراءآت الجديدة :
فى الحقيقة أنحنا قررنا نسحب (العملة) الموجوده عندكم دى ونستعيض عنها (بكروت ممغنطة) إنتو بعد ده بقيتو شعب (بترولى) والقروش بعد ده ح تكتر فى إيدينكم وجيوبكم ودواليبكم والناس ضعاف النفوس والحرامية ح يطمعوا فيكم وتتعرضو للنشل والسرقات والنهب عشان كده والله خفنا عليكم وقلنا أحسن نحسم الموضوع ده (نوهائى) ونشيل منكم القروش دى نسحبا وكل زول نسجل ليهو رصيدو فى (الكرت بتاعو) وطبعا مسألة التعامل عن طريق الكروت الممغنطة دى مسألة العالم المتحضر كلو بيستعملا .. آآى هم قاعدين يستعملوها إلى جانب (العملة) لكن نحنا قلنا مافى داعى (للخبطة) وأخير نعملا ليكم كلها كروت فى كروت .. وما تخافو كل البيانات ح تدخل فى (كمبيوتر) مركزى متصل بالماكينات البتقرأ الكروت دى والح تكون متوفرة فى كل محلات البيع والخدمات .. نحنا عاوزين نقول ليكم غنو المشروع ده ح يكلف الدولة الكتير لكن دى خطوة كان لازم منها من أجل أمن وسلامة المواطن ونحن نستشرف عهدا (بتروليا) جديدا واعدا بالثراء !!
الإخوة المواطنين :
ثقوا تماما أن الحكومة تعمل دائما من أجل سلامتكم وأمنكم وراحتكم وما هذا المشروع غير المسبوق إلا دليلا على ذلك والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته !!
- (ثم وهو ينظر للحضور) : لو فى أى زول عندو سؤال ممكن يطرحو عشان نجاوب ليهو عليهو :
س : بإعتبار ان هذه التجربة لم يسبقكم عليها أحد من قبل هل قمتم بعمل دراسات وافية عن هذا الأمر ؟
ج : والله شوف بصراحة هو أنحنا لو كنا قاعدين نعمل لى مشاريعنا الفاتت دى دراسات ما كانت الحالة وصلت للدرجه دى لكن المهم فى الموضوع إننا (إستخرنا) وإن شاء الله يحصل خير !!
س : ممكن بس توضح لينا سعادتك (المواطن) مثلا لو عاوز يشترى (حاجه) أكل خضار لحم ح يشتريها بدون (فلوس) كيف؟
ج : كل (الدكاكيين) والبقالات والجزارات وكل المحلات التجاريه ح يكون فيها ماكينات موصلة مع الكمبيوتر المركزى الح تكون فيهو حسابات كل المواطنين يعنى المواطن لمن يشترى منها حاجاتو صاحب المحل يدخل الكرت فى المكنة وطوالى تتخصم من (الرصيد) بتاعو وتضاف لرصيد صاحب المحل – مضيفاً- كل محل ح يكون فيهو (ماكينة كروت ممغنطة) موصلة (بشبكة مركزية فى كل البلاد) تقرأ الكرت وتخصم القيمة من الرصيد !!
س : والرصيد ده بجى من وين؟
ج : ده سؤال جميل جدا .. الرصيد ده بجى من المرتب الشهرى البتديهو الدولة للمواطن فى (شكل رصيد شهرى) لقاء ما يقوم به من عمل زياده على الرصيد الختاهو أول حاجه عند بداية المشروع
س : ما موقف الذين يعملون فى القطاع الخاص (زول عندو مصنع) مثلاً ؟
ج : المشكلة وين؟ كل القروش العندهم (كاش) ح نسحبا منهم ونسجلا ليهم رصيد فى الكروت بتاعتهم .. بعد داك التعامل التجارى عادى بالكرت إذا كان عاوزين يشترو أو يبيعو أو حتى يصرفو للموظفين والعمال بتوعنهم
س : طيب ناس (الركشات) والحافلات والباصات ديل ح يعملو شنو؟
ج : المواطن العاوز يتوصل بمواصلات عامة ده يمشى يشترى (تذاكر) ونحنا ح نطرحا بفئات مختلفه ولمن يركب (الركشة أو الحافلة أو الباص) يدى التذكرة للكمسارى وفى النهاية الكمسارى يجمع التذاكر دى ونحنا نضيفها للرصيد فى الكرت بتاع سيد الركشة أو الحافلة !!
س : طيب والناس (العطالة) والما شغالين؟
ج : أيوااا .. والله واحده من موجهات ودوافع المشروع ده محاربة العطالة عشان الناس (العواطلية) ديل يشوفو ليهم شغلة !! نحنا موفرين ليهم الشغل وهم ما عاوزين !! وكمان عشان التسول لأنو البلد كلها إتملت (متسولين) جايبين لينا (الكلام) ... أها تانى اليشوفو ليهم طريقة
س : طيب هسع لو فى (مواطن) ما أداكم (القروش) بتاعتو ؟
ج : ح يمقلب روحو سااكت لأنو بعد داك القروش ما ح تكون متداولة وغير مبرئة للذمة وما عندهاش قيمة لكن لو أدانا وسلمنا ليها ليها ح نختها ليهو فى رصيدو وممكن يشترى بيها العاوزو أو يتعالج منها أو (يركب بيها مواصلات) أو إن شاء الله يشترى بيها من (ود عمارى) !!
س : نعرف من كده سعادتك إنو حتى (الصعوط) ح يتباع بالكرت الممغنط ده ؟
ج : أنحنا قلنا (قروش تاانى مافى) يبقة مش (الصعوط) لو عاوز تشرب كباية شاى (بالكرت) بعد ده !! - مواصلاً - يا جماعت الخير الفلوس دى أصلها بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار ..
تحويل رصيد :
لم يكن للمواطنين إلا الإنصياع للقرار أو أن (يصيعوا) ففى وقت قياسى تم (تركيب وتوصيل) ماكينات (الكروت الممغنطة) فى كافة المحلات التجارية والخدمية حتى شملت (ستات الشاى) والمهن الهامشية !!.. وأصبح المواطنون لا يمكنهم شراء إحتياجاتهم اليومية إلا من بواسطة (الكروت الممغنطة) لذلك وفى وقت قياسى تم إيداع كل (القروش) التى لدى المواطنين – والتى أصبحت غير مبرئة للذمة - إلى الحكومة وللمرة الاولى فى (التاريخ المعاصر) يعيش شعب بدون (قروش)!!
- عليكى الله يا ست البنات شوى جنس البشتنه دى؟
- مالك يا عوضية زهجانه؟
- الما بزهجنى شنو ؟ مشيت (السوق قلت اشترى الخضار واللحمة) بعد ما ختوها ليا فى (القفة) وجو يحاسبونى لقو (الرصيد) كملان !!
- طيب ما تشوفى ليكى زول تحولى ليكى منو رصيد؟
- (فى إستغراب) بالله هو ممكن ؟
- كيف يا ست البنات ناس الحكومة ديل ما ظبطو الحكاية ظبيط شديد ... لكن بشيلو (رسوم على تحويل الرصيد- !!
- حليلو هو .. حياتنا كلها أصبحت رسوم وتحويل رصيد – مواصلة- طيب افرضى ما لقيت ليا زول يحول ليا رصيد أشترى بيهو؟
- فى الحالة دى ما عندك غير غنك تشيلى ليك (غويشة) تلفزيون .. تلاجه أى حاجه وتمشى (تبيعيهم) وتغذى (رصيدك) !!
- والله يتجازو عاوزين يعنى يعدمونا السارحة والمارحة !!
عبد الحميد فى المواصلات :
- بعد صعوبة وجد (عبدالحميد) له مقعداً فى الحافلة المتجهه (للكلاكلة اللفة) ذاهبا لأداء واجب العزاء فى قريبه الذى توفى بالأمس ...
- التذكرة يا حاج؟
- تذكرة شنو هو الحكومة دى خلت لينا قروش مدفع بيها تذاكر؟
- يعنى شنو يا حاج ؟ مشينا بالله
- أمشيك دى شنو يا ولد .. مش الحكومة قالت بتعمل لينا هى أى حاجه؟
- بالله يا حاج ما تدخل معانا فى نقاشات اول الصباح جيب تذكرتك ذى باقى خلق الله ديل
- والتذاكر دى بجيبوها من وين؟
- شفت (الاكشاك الحمراء) الفى مواقف المواصلات دى؟
- أأى
- بس تمشى تشترى التذاكر وتديهم كرت الرصيد بتاعك يخصمو منك
- وكان رصيدى منتهى؟
- تركب الظلط طواااالى يا حاج !! (ثم بصوت عال) : بالله با معلم أقيف نزل الحاج ده يمشى (يحول) ليهو تذاكر !!!
عرس صلاح :
عندما بدأ تنفيذ ذلك القرار كان (صلاح) على وشك أن يقوم بإكمال نصف دينه من (زميلته فى العمل) .. كان المبلغ الذى قام بتحويشة ومن ثم قام بتسليمه (صرة بى خيط) للحكومة و(كتبته) له فى (كرته) كرصيد هو (خمسة مليون جنيه بالقديم) !!
- هسع نبدأ نشترى الشيله دى كيف؟
- شنو كيف ؟ تشيل (كرتك) وعلى (سعد قشرة طواااالى)
- طيب هسع قولو أنا إشتريت (الشيلة) بالصورة دى .. وجبت الصيوان والأكل .. أها (المهر) ندفعو كيف؟
- شنو تدفعو كيف ؟ إنت ما قالو ليك؟ المهر ما بقى (تحويل رصيد)
- كيف يعنى
- يعنى تشوف الكرت بتاع الحاج أبو العروس(رقمو كم) وتقوم تحول ليهو (المهر) فى حسابو
- كويس دى خليناها هسع (حنان مس كول) الح نجيبا تغنى فى (الحنة) دى نديها (قروشا) كيف؟
- والله عندك حل من (حلين) يا تدفع ليها بى طريقه (المهر) وتحول ليها حقها (رصيد) أو تشترى ليها بى حقها (غويشة) دهب أو تياب أوهدايا من رصيدك وتديهم ليها !!
بعد شهر من التنفيذ :
- أختفت (القروش) أصبح لدى كل مواطن (كرت ممغنط) يقوم بواسطته بشراء كل مستلزماته إبتداء بالأكل والشرب و(الجمرة) وإنتهاء بالسجائر والمواصلات ود (عمارى) !! لم يمر وقت طويل على تنفيذ المشروع حتى إتضح للمواطنين تماماً أن شيئاً هاماً ينقصهم وأن هنالك معاملات كثيرة قد أضح إنجازها من الصعوبة بمكان وأن ما قامت به الدولة من سحب للقروش له أهداف أخرى لا علاقه لها بامن وسلامة المواطن من السرقه والنشل وخلافه كماا بشرت بذلك الدولة لتبرير المشروع . وقد ورد ذلك فى تحليل قام به أحدهم فى إحدى الصحف اليومية حيث لخص دوافع المشروع فى النقاط التالية :
- يمكن للدولة معرفة ما يمتلكه أى مواطن فى أى لحظة
- لن يستطيع المواطن بعد الىن التهرب من الضرائب او الزكاة أو الرسوم والجبايات إذ أنها سوف تخصم مباشرة من رصيده
- لن تحتاج الدولة لكل ذلك الجيش الجرار من الموظفين و العربات الفارهه والمكاتب المكندشة الوثيرة
التى يستخدمها العاملون عليها (الضمير طبعا عائد للضرائب والرسوم والجباياااات بس) !!
- يمكن للدولة التعرف على (حركة السيولة) ورصد عمليات (غسيل الأموال) ومن ثم التعامل معها !!
- مع أن الكل يعلم بأن نسبة الفقر تزيد عن 90% إلا أن الدولة تستطيع بواسطة النظام الجديد أن تعرف بالضبط النسبة كم وتسعين وكم من عشرة !!
- معرفة عدد (البدون) وهم أولئك الذين لا يمتلكون من حطام (الدولة) شئياً ولم يتحصلوا على تلك (الكروت الممغنطة)
تداعيات :
بعد أن تم (سحب) الفلوس من (ايدى المواطنين) ومضى شهر على تعامل المواطنين (بالكروت الممغنطة) كان من الطبيعى أن تختفى من حياة (المواطنين) بعض السلوكيات كما تظهر سلوكيات أخرى أملتها (ظروف المرحلة) !!
سلوكيات أختفت (1) : كشف العريس :
بعد أن قام (العريس صلاح) بشراء كافة متطلبات (العرس) من (شيلة) وبعد ان قام بدفع المهر (بالإنجاز كارد)
من رصيده لرصيد (أبوالنسب) ذهب مع صديقه (جمال) لسوق الجملة لشراء حاجيات (العزومة) وبعد ان قام بإنزال عدد من (باغات الزيت) وصفيحتين من (الجبنة) و(بواكى الشاى) وخلافه قام بإعطاء صاحب المحل (الكرت) ليقوم بخصم قيمة الاشياء إلا أن صاحب المحل وبعد أن قام بغدخال الكرت فى الماكينة إلتفت إليه قائلا:
- والله يا استاذ رصيدك ده ما بيكفى
- (فى إندهاش) معقولة ؟ ده لسه لا أدينا (حنان مس كول) ولا بتاع (الصيوانات) و..
- رصيدك العندك ده يا دوبك يشترى ليك (صفيحتين الجبنة) !!
- (يلتفت إلى صديقه جمال) : والعمل يا جمال
- الله أنا يا صلاح ما عندى رصيد كان حولت ليك !! لكن حقو تشوف ليك زول يدينك وبعدين من القروش البجيبا (الكشف ترجع ليهو)
بما أن (صلاح) شخص إجتماعى ومجامل جداً فى المناسبات و(بيدفع) فقد وجد أن حديث (جمال) منطقى جدا
فراقت له فكرة (الإستلاف والدين) على أن يقوم بتسديد (تحويل) ما عليه من ديون من (قروش الكشف) وقد كان إذ قام (صلاح) بإستلاف (القروش الناقصة) من عدد من الأصدقاء والمعارف رغم رصيدهم التعبان مع تأكيده لهم بأنه سيعيد غليهم ما قام بإستلافه بعد إنتهاء مراسم الزوتج مباشرة (من الكشف وكده) !!
جاء يوم العزومة .. خرجت (الصوانى) للمدعووين ممتلئة بما لذ وطاب من (ضلع) و(محشيات) و(طبائخ) وسلطات .. جلس جمال صديق (صلاح) على كرسى أما باب الحوش من الداخل وبالقرب من حوض (الغسيل) واضعاً أمامة تربيزة صغيرة وممسكا بكراس (جديد) وقلم علامة (الكشف هنا وكده) إلا أنه ولدهشتة قد لاحظ أن جميع المدعويين يقومون بغسل ايديهم بعد الاكل ويتجاوزونه خروجا من الباب الشئ الذى حدا به لسؤال (الفاضل) شقيق (صلاح) الاكبر:
- ناسكم ديل بياكلو ويطلعو طوالى مالهم ما بيدفعو فى الكشف؟
- إنتو ما أجرتو ليكم (مكنة) ؟
- مكنة شنو كمان؟
- مكنت (الكروت الممغنطه) ؟
- ونجيبا ليه؟
- عشان يدفعو ليكم فى الكشف يعنى يدفعوا ليكم كده بى شنو!!!
سلوكيات إختفت (2) : حق اللبن :
بعد أن وضعت (التومة) بالسلامة وعادت من (الدايات) تحمل رضيعها وجدت شقيقتها الكبرى (ميمونة) وقد قامت بتجديد (الستائر) وأرضية (حجرة النفاس) وذلك بشراء (مشمع) مربعات (بنى) كما قامت بشراء ملايات (للبرنده) والسرير (الدبل) .. ما أن رات (التومة) عند دخولها للبيت تلك التغييرات حتى صاحت فى (ميمونه)
- والله يا ميمونة بالغتى عديل كده .. شنو التغييرات الرهيبة دى؟
- قالو ليكى أنا عويرة عاوزانى أخلى البيت مبهدل ذى ما كان والنسوان يشيلو حسك
- ولقيتى القروش وين؟
- الحاجات الشايفاها دى كلها ديون .. وتحويل رصيد ساااكت
- وح نسددا من وين بعدين
- إنتى نسيتى إنك زوله مواجبه وعندك قروش عند النسوان ديل .. البتلد كلها إنتى ماشة ليها وخاتا ليها العشرة والعشرين (حق لبن) والمات ليها زول والطهرت أولادا والبتها عرست ؟
- لكن يا ميمونة ياختى بعد ما شالو (القروش) وجابو (الكروت) النسوان ديل باقى ليكى بيدفعو ليا كيفن؟
- إنتى ما عارفا؟ ما بس (نأجر لينا) مكنت كروت) ونختها قدام الباب (والبتجى طالعه) كلها تدخل (كرتا)
وتحول ليكى .. والله والله يومداك فى (نفاس) منال بت الصبر دى النسوان (كروتن) تطاقش وكان على الزول البقعد ليكى فى المكنة أنا دى بقعد ليكى !!
لم تلبث (ميمونة) أن قامت (رسلت) إبنها (مهند) بعد أن أعطته (الكرت الممغنط) الخاص بها قائلة :
- تمشى للمحل الباجرو فيهو ناس (الحكومة) مكنات الكروت تأجر ليك منهم مكنة (3 يوم) وتديهم (كرتى ده) عشان يخصمو قيمت الإيجار !!
خرج (مهند) متجها نحو محل (تأجير الكروت) بينما جلست (ميمونة) فى إنتظاره بعد ان رتبت (قعدت التومة)
وقامت بتغيير (حفاضات المولود الجديد) وتجهيز (العروض) للضيوف والزوار من حلاوة وخبيز وبارد .
بعد حوالى ساعة من الزمان عاد (مهند) وما أن رأته والدته حتى صاحت فيه :
- المكنة وينا ما جبتها معاك
- والله يا أمى لقو الرصيد بتاعك ده ما بكفى قيمت الإيجار
- ليه ما بكفى أنا كرتى ده فيهو ميت الف !!
- والله قالو الإيجار اليوم بى ميت الف .. وكمان بيخصمو أمنية خمسميت الف !!
- ووووب عليا كان كده (حق اللبن) ما راح شمار فى مرقه !!
ظواهر جديدة (1) :الرشوة إلأليكترونية :
بالطبع فقد كانت واحدة من محاسن (إختفاء القروش) هو الحد من (ظاهرة الرشوة) والتى إبتلأت بها البلاد فى العقود الاخيرة فقد تقلصت ظاهرة الرشوة إلى حد كبير على الرغم من أن بعض المرتشين من ضعاف النفوس قاموا بتحويل المسألة من صورتها المادية إلى صورة عينية وبدأت الرشوة تتفاوت فى نوعيتها العينية من (زجاجة عطر) إلى (السبائك الذهبية) وحيث أن (القروش) فى حالة الرشوة سهلة الإخفاء مما يجعل القبض على المرتشى صعبا فقد تفتقت قريحة بعض المرتشين حيث قامو بوضع رقم (الكارت) الخاص بهم مع بقية معلوماتهم الموجوده فى كروت الزيارة visiting cards الخاصة بهم فهذا (حسنين صابر جمعه) مدير (المشتروات) بإحدى المصالح الحكومية وقد كتب على (كرت الزيارة الخاص به) :
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
انتحار مواطن[u]
عم (محجوب) موظف قديم قارب على المعاش ، على الرغم من سنين خدمته الطويله إلا انه يمكن أن يصنف على أنه وأسرته المكونة من خمسة أبناء وزوجه يعيشون تحت خط الفقر بقليل فمرتب عم محجوب (على ضآالته) يمثل مصدر الرزق الاساسى لهذه الاسرة لذلك ومنذ زمن ليس بقريب مارست أسرة عم محجوب (التقشف) وسياسة ربط الحزام) حتى صار ذلك جزءاً لا يتجزأ من حياتها فلم تعرف أسرة عم محجوب (الشاى بالبسكويت) أو (تحلية بعد الغداء) - لأنو غداء ذاتو مافى – بعد أن صارت الأسرة تعيش على (وجبتين) فقط بدلاًعن ثلاث شأنها فى ذلك شأن معظم الأسرة (مهدودة الدخل) .
- والله يا (نعمات) عاوز (أخطط) أجيب للأولاد ديل يوم كده كيلو كيلوين (لحمة) ديل قربو على السنة ما ضاقو ليهم (زفارة)
- ويعنى ح تجيبا ليهم من وين ؟ هسع سيد البيت ده واقف لينا فى حلقنا وعاوز إيجار بيتو (الإتردم) ليهو شهور ده؟
- ما كلها خمسه وعشرين ... تلتين الف
- إنت كان عندك الخمسة وعشرين وإلا التلاتين البتقول عليهم ديل أمشى اديهم لى (حاج محمود ) سيد البيت ده (صبرهم بيهو) شوية عشان ما يجى (يجدع) لينا عفشنا ده فى الشارع !!
- عندى دى شنو؟ أجيبهم من وين هو أنحنا قاعده تفضل لينا قريشات
- أها ويعنى اللحمة و(الزفارة) دى عاوز تجيبا لى أولادك من وين !!؟
- يعنى أنا بقول (نقرص يدنا) كده شهر شهرين نوفر لينا حق كيلوين تلاته
بالفعل بعد شهرين بالتمام وفى أول يوم جمعة كان عم (محجوب) يقتنى صباح ذلك اليوم مبلغا يكفى لشراء عدد إتنين كيلو لحم متوجها نحو (زنك اللحم) والذى غاب عنه لسنوات طويلة بعد أن أصبحت أسرته تعتمد إعتمادأ كلياً فى وجبتيها التى تتناولها على (الفول والعدس)
- إتأكد من جيوب جلابيتك دى ما تكون دى الجلابية أم جيوب مقدوده !
- (وهو يضع القريشات فى الجيب ) : لا دى الجلابية (أم جيوبن كويسة)
- (وهى تناوله كيس قماش) : شيل الكيس ده عشان تجيب لينا معاك رغيف فد مرة
بينما كان عم (محجوب) يقف فى موقف المواصلات فى إنتظار (الحافلة) التى سوف تقله إلى السوق كان يقوم (بتحسس) القريشات التى كانت تقبع داخل (جيب الساعة) فى أمان ، لم يمض وقت طويل حتى كان عم (محجوب) يجلس على مقعده فى إحدى الحافلات المتجهه نحو السوق الكبير
- والله الناس دى بقت ما بتخاف الله
قالها الشخص الذى يجلس فى الكرسى الملاصق لعم (محجوب) وهو يشيح بالصحيفة الإجتماعية التى كان يطالعها عن وجهه ثم يواصل :
- بالله يا حاج شفت البلد دى حالتا وصلت لحدت وين ؟
- فى شنو فى الجريده ؟ (قالها عم محجوب بمنتهى الفضول)
- قالو ليك يا حاج لقو ليهم جزار بيبيع لحم (حمير) !!
- (فى خلعة) : لحم شنو؟
- لحم حمير ياحاج ...
- والرقابة وين؟
- رقابت شنو يا حاج ؟ رقابه دى كانت زمان أيام (الإنجليز) هسع كدى أدخل السوق ده تلاقى (الرغيف) كاشف فى (ا##########) ولحم الحمير ده ذاتو (كاشف) وما مغطى و(الضبان) راكى فيهو
- ومافى زول بجى يسألهم ؟
- فى .. بجوهم ناس (الرخص) و(الضرائب) و(العوائد) ورسوم المحلية !!
- والناس دى (تبيع) لحم (حمير) ليه؟
- كيف ليه يا حاج؟ الناس دى خلاص (الذمة) بتاعتا إنتهت وكل زول عاوز يغنى هسع دى .. هسع شوف (الحمار الواحد) كان واحد من الناس ديل عملو (بيرقر) ممكن يطلع ليهو كم (شريحة ) !!
أحس عم (محجوب) بالغثيان ولم يفق إلا على خلو الحافلة من الركاب وصوت الكمسارى يخاطبه :
- يا حاج أنزل وصلنا السوق خلاص
- لا أنا يا إبنى راجع تانى
عاد عم محجوب إلى البيت فوجد (نعمات) وبقية الاولاد فى إنتظارة وقد قاموا بتحضير (الفحم) و(البصل) والصاج لزوم (الحلة) وكده
- مالك جيت (منفض إيدينك) ؟ قالتها (نعمات وهى تنظر إلى كيس القماش الخالى )
- خلاص بس يوم قلنا ناكل (لحمة ) نلاقيهم بقوا يضبحو (حمير) !!؟؟
وقام عم (محجوب) بسرد ما حدث فى الحافلة من حوار تم بينة وذلك الشخص الذى كان يمسك بالصحيفة :
- والله يا بوى ناس الجرائد الإجتماعية ديل بتاعين (شمارات) والأخبار بتاعتهم دى (ناجرنها) نجر ساكت
- كيف يا (محمد) يا إبنى ناجرنها
- يعنى ما بيكون فى (حاجه ذى دى) بس عاوزين يبيعو جرايدهم وخلاص
يعنى يقولو ليك (إقتحم) مبانى الصحيفه وفجرها (قنبلة داوية) بالقلم والصورة وتفتش لا تلقى قلم لا صورة !!
- (نعمات وهى تمسك بجك الفول الفاضى) : غايتو كلام جرايد ما كلام جرايد أنا (بطنى قلبت) ومش (اللحم) اللينا منو سنين ده ؟ خلاص ما عاوزنو.. قوم يا ولد أمشى دكان (آدم) جيب لينا الفول خلينا نخت ليكم الفطور أصلكم ما طالعين منو !!
قام عم محجوب بصرف (النظر) عم مسألة (اللحمة) كما قام بصرف الفلوس و رجع ياكل فول وعدس هو وأولاده غير أن أشواقه (للزفارة) ولو مرة كل سنتين لم تفارقه فلم تمر عدة ايام حتى خاطب (نعمات) مقترحاً :
- أيه رأئك يا (نعمات) نحوش لينا تلاتين أربعين الف نجيب للأولاد ديل (فرختين) تلاته نعملهم ليهم (حلة) بى (دمعه) مظبطه ومسبكة كده ؟ طالما القصه طلعت فيها (حمير) ؟
- القروش الكنا خاتينهم للحم وصرفتهم !! تانى تجيب ليهم قروش من وين؟
- أقول ليكى حاجه ؟ شوفى جاراتك ديل أدخلى ليكى معاهن فى (صندوق) وخليهم يدوكى (الصرفة) الاولى !!
- خلاص أكلمهم لو (خمسة بس) وافقو كل شهر (عشرة تالاف) تبقى (الصرفه) خمسين شيلهم جيب ليك بيهم تلاته (فرخات)
لم تجد (نعمات) مشقة فى إقناع جاراتها الخمس بموضوع (الصندوق) إذ أنهن جميعا كن فى حوجه شديدة لهذا المبلغ فجارتها (عزيزة) منذ فترة وهى تود أن تقوم بتغيير (ملايات) الصالون أما (نفيسة) فهى تود أن تقوم بشراء وتركيب (قزاز) بترينة (العدة) .. أما (بثينة) فهى قد إشترطت أن يتم إعطائها (الصرفة الثانية) أى بعد شهرين لأن ذلك التاريخ يوافق زواج إبنة خالتها (محاسن) وهى ترغب فى شراء (شبشب) لحضور (العرس) أما (عوضية) فهى قد وافقت على مسالة (الصندوق) حتى تتمكن من إصلاح (التلفزيون) الذى أخبرها (مهندس التلفزيونات) أنه يحتاج إلى (لمبة صوت) خاصة وأنها تقوم بمتابعة المسلسل اليومى !!
فراخ وكده :
- الليلة الفطور ده مالك أخرتيهو كده واليوم جمعه ؟؟ (الفول) وين ؟؟ وإلا عاملة لينا (سخينه)؟
- سخينت شنو يا حاج الليلة الفطور (فراخ) وكده؟
- صرفتى الصندوق ؟
- بالحيل وأهم ديل الأربعين ألف بتاعت النسوان ... (وهى تناوله القروش)
- لكن الفراخ دى بتحصل الفطور؟ الوكت ما راح
- خلاص أعمل ليكم (سخينه) تفطرو بيها لكن أنت هسع أمشى جيب (الفرخات) نعملهم ليكم (غداء)
لم يكن عم (محجوب) فى هذه المرة يحتاج إلى الذهاب إلى السوق فعلى مقربة من مكان سكنه يوجد محل (زغلول للبيض والفراخ) :
- إتأكد من جيوب جلابيتك دى ما تكون دى الجلابية أم جيوب مقدوده !
- (وهو يضع القريشات فى الجيب ) : لا دى الجلابية (أم جيوبن كويسة)
- (وهى تناوله كيس قماش) : شيل الكيس ده عشان تجيب لينا معاك رغيف فد مرة
عندما وصل محجوب إلى المحل وجد (زغلول) وهو يقوم بغسل (الثلاجة) الفارغه والماء يتسلل إلى خارج المحل :
- بالله ألاقى عندكم فراخ؟
- فراخ شنو ؟ والله لو لفيت البلد دى كلها ما تلاقى ليك فرخة واحده !!
- ليه؟ صدروهو ذى (البترول) والحاجات دى؟
- لا ما صدروهو.. إنت ما سمعت يا حاج؟
- لا ما سمعت فى شنو؟
- مش جاء مرض إسمو (أنفلونزا الطيور) وقامت (السلطات) أعدمت (الفراخ) الفى البلد كلها ؟
- يعنى نحنا مكتوب علينا ما ناكل لحم يعنى؟
- قلت شنو يا حاج؟
- لا مافى حاجه .. مكتوب علينا ناكل فول
- (فى إندهاش) : مكتوب عليكم شنو ؟
لم يجب (عم محجوب) على تساؤل (زغلول) إذ أنه كان فى تلك اللحظة كان قد تحول (للبقالة) المجاورة مخاطبا صاحبها :
- بالله أدينا (فول) وختو لينا فى كيس !!
عاد (عم محجوب) فوجد (نعمات) وقد قامت بتحضير (الحلة) وتقطيع وتجهيز (البصل)
وما أن شاهدته حتى هجمت على (الكيس) :
- مالو الكيس ده خفيف كده جايب لينا سواسيو (ثم تنظر داخله) سجمى (تاااانو فووول) الفراخ وينو؟
قام (عم محجوب) بسرد الحكاية (لنعمات) التى كان الإحباط قد أصابها بعد ان منت نفسها وأولادها بحلة فراخ كااااربه :
- يعنى أنحنا خلصنا من أنفلونزا (البشر) لمن تقوم تجينا أنفلونزا (الطيور)؟
- والله يا بوى قالو ليك (الوالى) والمسئولين كلهم جابوهم فى التلفزيون قاعدين ياكلو فى الفراخ دى وقالو مافى حاجه ؟
- ما طبعا يقولو مافى حاجة .. إنت قايل الفراخ دى مشترنها من (زغلول) !!
- هسع يا بوى ننسى موضوع (العضة) ده و(نصاقر) الفول والعدس والسخينه ديل حياتنا كلها ؟؟
- إنت يا حاج فى السخينة وإلا (السخانه) طلعت عيننا قلنا ننتظرك كان فضلت ليك (قريشات) من الفراخ نشترى بيهم شويت (جمرة) عشان الكهرباء قطعت !!
وقام (عم محجوب) بإرسال إبنه (محمد) لشراء (الجمرة) وفى اليوم التالى قام بدفع (رسوم النفايات) و.... لم يتبق من (قروش الصندوق) شئ !!
- تعرفى المرة دى يا نعمات لا (لحم حمير) ولا (فراخ أنفلونزا) المرة دى سمك ساااكت .. جايانى ميت الف آخر الشهر ده (فروقات) نشيل نصها نشترى يهو سمك (بلطى) للأولاد
- بلطى بلطى بس أى حاجه فيها ريحت (زفارة) والله أولادك ديل من (الفول) والسخينة والعدس البياكلو فيها سنين دى قرب يجيهم (شلل أطفال) !!
الفروقات والسمك :
جاء اول الشهر وتم صرف الفروقات البالغة مائة ألف بالكمال والتمام لعم (محجوب) وزملائه الذين معه بالمكتب وعندما حان (وكت الفطور) قام أحدهم به1ا الإقتراح :
- يا جماعة بى مناسبت صارفين (الفروقات) دى وكده حقو الليلة نفطر سمك ونفتح للفول الكل يوم ده
- والله برضو فكرة يلا أطلعو (الشيرنق) بتاعكم
تم جمع خمسة الف من كل موظف بالمكتب وقامو بإعطائها لـ (عوض الله المراسلة) ليقوم بشراء السمك .
- ما تنسى (الشطة الخدراء) و(البصل الابيض) !!
- كمان أغشى (الفرن) القدام داك جيب معاك (عيش) حار
مضى وقت غير قليل والجميع يترقبون عودة (عوض الله) وهو يحمل (البلطى) ملفوفاً على ورق (الجرائد) إلا أن (عوض الله) قد فاجأهم بعودته وهو يحمل صحن (الفول) اليومى !!
- شنو معقوله ما لقيت سمك ؟
- لقيت لكن ..
- لكن شنو؟
- لكن لاقانى تحت (طبيب المصلحة) قال ليا ماشى وين قلت ليهو اجيب سمك للجماعه قام قال ليا أوعك تشترى الايام دى سمك عشان الأمطار والطمى خلتو يكون فيهو نسبة (سميات) ومواد ضارة عاليه وبيعمل تسمسم !!
- (فى تحسر وهو يخاطب نفسه) : حالتى قلت أشترى الليله للأولاد سمك !! مكتوب علينا ناكل فول
- (عوض الله فى إندهاش) : مكتوب عليكم شنو ؟
- لا مافى حاجه ختو لينا الفول ده خلونا نتسمم أقصد (ناكل)
فى طريق عودته إلى المنزل من المصلحة نهاية ذلك اليوم كان عم (محجوب) يفكر فى حظة وحظ أولاده المنيل بستين نيلة فعلى الرغم من مكابداته ومجهوداته الضخمة التى بذلها فى سبيل توفير هذا الهدف البسيط له كمواطن (مشتهى ليهو زفارة) إلا أن الأقدار قد وقفت ضده تماماً لتؤكد له أن المواطن (مهدود الدخل) لا ينبغى له التطلع لما هو أعلى مرتبة من (الفول والسخينة) !!
- (نعمات مندهشة) : السمك وين يا حاج جايينا مدلدل إيدينك ؟
- والله أصلو .. فى الحقيقة .. يعنى
- شنو عملتها ليا (نشرة أخبار) أنا بسالك (السمك) القلت بتجيبو معاك وينو؟
- والله أصلو (السمك) ده الأيام دى قالو بيعمل تسمم
- تسمم تسمم كان تجيبو معاك يعنى (تسمم) أكتر من الموية (العكرانه) القاعدين نشرب فيها دى !!
- لا بس قالو فيهو مواد ضارة !!
- ضارة يعنى أكتر من (البروميد) القاعدين يأكلوهو لينا فى الرغيف ده !!
رجع (عم محجوب) للفول والسخينه مرة أخرى إلا أنه لم ينس التفكير فى تغيير النمط الغذائى لأسرته بإضافه بعض المأكولات التى تحتوى على بعض (الفايتمينات) والمواد التى لا توجد فى (الفول والسخينة) وبعد تفكير عميق إهتدى (عم محجوب) إلى الحل بعد أن إستحالت (مسألة الزفارة) و هو ان يبقي وافراد أسرته (نباتيون) يأكلون الخضار بمختلف أنواعه فقد إستمع لمتخصص أغذية فى أحد البرامج وهو يتحدث عن فوائد (الخضار) وما يحتويه من (فايتمينات) ومواد طازجه وفى صباح (الجمعه) التالية قرر (عم محجوب) الذهاب إلى (زنك الخضار) بعد أن حمل ما تبقى له من مبلغ (الفروقات) :
- إتأكد من جيوب جلابيتك دى ما تكون دى الجلابية أم جيوب مقدوده !
- (وهو يضع القريشات فى الجيب ) : لا دى الجلابية (أم جيوبن كويسة)
- (وهى تناوله كيس قماش) : شيل الكيس ده عشان تجيب لينا معاك رغيف فد مرة
على سوق الخضار :
بينما كان عم محجوب يقف فى موقف المواصلات فى إنتظار (الحافلة) التى سوف تقله إلى السوق كان يقوم (بتحسس) القريشات التى كانت تقبع داخل (جيب الساعة) فى أمان ، لم يمض وقت طويل حتى كان عم (محجوب) يجلس على مقعده فى إحدى الحافلات المتجهه نحو السوق الكبير
- والله الناس دى بقت ما بتخاف الله
قالها الشخص الذى يجلس فى الكرسى الملاصق لعم (محجوب) وهو يشيح بالصحيفة الإجتماعية التى كان يطالعها عن وجهه ثم يواصل :
- بالله يا حاج شفت البلد دى حالتا وصلت لحدت وين ؟
- فى شنو فى الجريده ؟ (قالها عم محجوب بمنتهى الفضول)
- والله المسئولين ديل عندهم (جنس حركات) .. (القوات الدوليه) عملو ليها إسم دلع وقالو إسمها (الهجين) سكتنا .. هسع (الكوليرا) كمان يسموها لينا (الإسهالات المائية) ؟؟
- (متسائلاً) : إسهالات مائية؟
- أيوه يا حاج خد أقرأ
- (يأخذ عم محجوب الصحيفة ويقرأ العنوان الرئيسى) : الإسهالات المائية تحصد أرواح عدد من المواطنين (ثم يعيدها لصاحبها متسائلا)
- والكوليرا دى البجيبا شنو؟
- الكوليرا دى يا حاج بتنتشر فى (الخريف) والبجيبا أكل (الخضروات) !!
أحس عم (محجوب) بشويت (دوشة) ولم يفق إلا على صوت الكمسارى وخلو الحافلة من الركاب
- يا حاج وصلنا السوق خلاص
- لا أنا يا إبنى راجع تانى
عاد عم محجوب إلى البيت فوجد (نعمات) فى إنتظارة وقد وضعت أمامها كيس (الدكوة) والشطة والسكين لزوم تقشير وتقطيع (الخضار) :
- والله الليلة أعمل ليهم جنس سلطات وشوربت خضار تنسيهم (الفول) الكل يوم قاعدين ياكلوهو ده (قالتها نعمات وهى تخاطب نفسها عند سماعها لطرقات محجوب على الباب)
ما أن رات (نعمات) محجوب وهو يدخل خال الوفاض حتى صاحت فيه :
- كمان الخضارمالو؟ جاتو كمان (أنفلونزا) ؟ مالك جايينا فاضى ؟
- والله أصلو .. فى الحقيقة .. يعنى
- شنو عملتها ليا (نشرة أخبار)؟ أنا بسالك الخضار وينو ؟
- والله أصلو قالو البلد مليانه (إسهالات مائية)
- وما تتملى كان إتملت هى المليانه بيهو شويه؟ - مستدركة- وهى شنو يعنى الإسهالات المائية دى ؟
- دى (الكوليرا) يا نعمات .. الكووووووووووليرااااا
- وطيب ما يقولو (كوليرا) ؟ ناس الحكومة ديل بس فالحين (للتسميات) .. (وهى تمد جك الفول لمحجوب) الأولاد مافيشين كدى أمشى دكان (آدم) جيب لينا الفول خلينى أجهز ليكم الفطور أصلنا الفول ده ما طالعين منو!!
رجعنا للفوووول :
حمل محجوب (جك الفول) وتوجه لدكان (آدم) غير أنه لم يجد (قدرة الفول) فى مكانها المعهود خارج الدكان :
- قدرت الفول وين يا (آدم) الليلة ؟
- خلاس تانى فول مافى يا عم (محجوب)
- كيفن يعنى ؟
- انت مابتخاف علي نفسك و الا علي أولادك يا عم (محجوب)؟ الفول بتاع اليومين دى مليان كلو (سوس) !!
رجع عم (محجوب) إلى بيته بعد أن قرر أن يقوم هذه المرة بتحويش مبلغ محترم و إستيقظ فى أحد أيام (الجمع) فتح دولاب ملابسة حيث كان يضع التحويشة :
- إتأكد من جيوب جلابيتك دى ما تكون دى الجلابية أم جيوب مقدوده !
- (وهو يضع القريشات فى الجيب ) : لا دى الجلابية (أم جيوبن كويسة)
- (وهى تناوله كيس قماش) : شيل الكيس ده عشان تجيب لينا معاك رغيف فد مرة
- لا المرة دى (الكيس) ده مافى ليهو لزوم
و نزل عم عم محجوب و أخذ يمشى ويمشى ويمشى حتى وجد (الفى بالو) وإشتراهو
........ مسدس !!
عم (محجوب) موظف قديم قارب على المعاش ، على الرغم من سنين خدمته الطويله إلا انه يمكن أن يصنف على أنه وأسرته المكونة من خمسة أبناء وزوجه يعيشون تحت خط الفقر بقليل فمرتب عم محجوب (على ضآالته) يمثل مصدر الرزق الاساسى لهذه الاسرة لذلك ومنذ زمن ليس بقريب مارست أسرة عم محجوب (التقشف) وسياسة ربط الحزام) حتى صار ذلك جزءاً لا يتجزأ من حياتها فلم تعرف أسرة عم محجوب (الشاى بالبسكويت) أو (تحلية بعد الغداء) - لأنو غداء ذاتو مافى – بعد أن صارت الأسرة تعيش على (وجبتين) فقط بدلاًعن ثلاث شأنها فى ذلك شأن معظم الأسرة (مهدودة الدخل) .
- والله يا (نعمات) عاوز (أخطط) أجيب للأولاد ديل يوم كده كيلو كيلوين (لحمة) ديل قربو على السنة ما ضاقو ليهم (زفارة)
- ويعنى ح تجيبا ليهم من وين ؟ هسع سيد البيت ده واقف لينا فى حلقنا وعاوز إيجار بيتو (الإتردم) ليهو شهور ده؟
- ما كلها خمسه وعشرين ... تلتين الف
- إنت كان عندك الخمسة وعشرين وإلا التلاتين البتقول عليهم ديل أمشى اديهم لى (حاج محمود ) سيد البيت ده (صبرهم بيهو) شوية عشان ما يجى (يجدع) لينا عفشنا ده فى الشارع !!
- عندى دى شنو؟ أجيبهم من وين هو أنحنا قاعده تفضل لينا قريشات
- أها ويعنى اللحمة و(الزفارة) دى عاوز تجيبا لى أولادك من وين !!؟
- يعنى أنا بقول (نقرص يدنا) كده شهر شهرين نوفر لينا حق كيلوين تلاته
بالفعل بعد شهرين بالتمام وفى أول يوم جمعة كان عم (محجوب) يقتنى صباح ذلك اليوم مبلغا يكفى لشراء عدد إتنين كيلو لحم متوجها نحو (زنك اللحم) والذى غاب عنه لسنوات طويلة بعد أن أصبحت أسرته تعتمد إعتمادأ كلياً فى وجبتيها التى تتناولها على (الفول والعدس)
- إتأكد من جيوب جلابيتك دى ما تكون دى الجلابية أم جيوب مقدوده !
- (وهو يضع القريشات فى الجيب ) : لا دى الجلابية (أم جيوبن كويسة)
- (وهى تناوله كيس قماش) : شيل الكيس ده عشان تجيب لينا معاك رغيف فد مرة
بينما كان عم (محجوب) يقف فى موقف المواصلات فى إنتظار (الحافلة) التى سوف تقله إلى السوق كان يقوم (بتحسس) القريشات التى كانت تقبع داخل (جيب الساعة) فى أمان ، لم يمض وقت طويل حتى كان عم (محجوب) يجلس على مقعده فى إحدى الحافلات المتجهه نحو السوق الكبير
- والله الناس دى بقت ما بتخاف الله
قالها الشخص الذى يجلس فى الكرسى الملاصق لعم (محجوب) وهو يشيح بالصحيفة الإجتماعية التى كان يطالعها عن وجهه ثم يواصل :
- بالله يا حاج شفت البلد دى حالتا وصلت لحدت وين ؟
- فى شنو فى الجريده ؟ (قالها عم محجوب بمنتهى الفضول)
- قالو ليك يا حاج لقو ليهم جزار بيبيع لحم (حمير) !!
- (فى خلعة) : لحم شنو؟
- لحم حمير ياحاج ...
- والرقابة وين؟
- رقابت شنو يا حاج ؟ رقابه دى كانت زمان أيام (الإنجليز) هسع كدى أدخل السوق ده تلاقى (الرغيف) كاشف فى (ا##########) ولحم الحمير ده ذاتو (كاشف) وما مغطى و(الضبان) راكى فيهو
- ومافى زول بجى يسألهم ؟
- فى .. بجوهم ناس (الرخص) و(الضرائب) و(العوائد) ورسوم المحلية !!
- والناس دى (تبيع) لحم (حمير) ليه؟
- كيف ليه يا حاج؟ الناس دى خلاص (الذمة) بتاعتا إنتهت وكل زول عاوز يغنى هسع دى .. هسع شوف (الحمار الواحد) كان واحد من الناس ديل عملو (بيرقر) ممكن يطلع ليهو كم (شريحة ) !!
أحس عم (محجوب) بالغثيان ولم يفق إلا على خلو الحافلة من الركاب وصوت الكمسارى يخاطبه :
- يا حاج أنزل وصلنا السوق خلاص
- لا أنا يا إبنى راجع تانى
عاد عم محجوب إلى البيت فوجد (نعمات) وبقية الاولاد فى إنتظارة وقد قاموا بتحضير (الفحم) و(البصل) والصاج لزوم (الحلة) وكده
- مالك جيت (منفض إيدينك) ؟ قالتها (نعمات وهى تنظر إلى كيس القماش الخالى )
- خلاص بس يوم قلنا ناكل (لحمة ) نلاقيهم بقوا يضبحو (حمير) !!؟؟
وقام عم (محجوب) بسرد ما حدث فى الحافلة من حوار تم بينة وذلك الشخص الذى كان يمسك بالصحيفة :
- والله يا بوى ناس الجرائد الإجتماعية ديل بتاعين (شمارات) والأخبار بتاعتهم دى (ناجرنها) نجر ساكت
- كيف يا (محمد) يا إبنى ناجرنها
- يعنى ما بيكون فى (حاجه ذى دى) بس عاوزين يبيعو جرايدهم وخلاص
يعنى يقولو ليك (إقتحم) مبانى الصحيفه وفجرها (قنبلة داوية) بالقلم والصورة وتفتش لا تلقى قلم لا صورة !!
- (نعمات وهى تمسك بجك الفول الفاضى) : غايتو كلام جرايد ما كلام جرايد أنا (بطنى قلبت) ومش (اللحم) اللينا منو سنين ده ؟ خلاص ما عاوزنو.. قوم يا ولد أمشى دكان (آدم) جيب لينا الفول خلينا نخت ليكم الفطور أصلكم ما طالعين منو !!
قام عم محجوب بصرف (النظر) عم مسألة (اللحمة) كما قام بصرف الفلوس و رجع ياكل فول وعدس هو وأولاده غير أن أشواقه (للزفارة) ولو مرة كل سنتين لم تفارقه فلم تمر عدة ايام حتى خاطب (نعمات) مقترحاً :
- أيه رأئك يا (نعمات) نحوش لينا تلاتين أربعين الف نجيب للأولاد ديل (فرختين) تلاته نعملهم ليهم (حلة) بى (دمعه) مظبطه ومسبكة كده ؟ طالما القصه طلعت فيها (حمير) ؟
- القروش الكنا خاتينهم للحم وصرفتهم !! تانى تجيب ليهم قروش من وين؟
- أقول ليكى حاجه ؟ شوفى جاراتك ديل أدخلى ليكى معاهن فى (صندوق) وخليهم يدوكى (الصرفة) الاولى !!
- خلاص أكلمهم لو (خمسة بس) وافقو كل شهر (عشرة تالاف) تبقى (الصرفه) خمسين شيلهم جيب ليك بيهم تلاته (فرخات)
لم تجد (نعمات) مشقة فى إقناع جاراتها الخمس بموضوع (الصندوق) إذ أنهن جميعا كن فى حوجه شديدة لهذا المبلغ فجارتها (عزيزة) منذ فترة وهى تود أن تقوم بتغيير (ملايات) الصالون أما (نفيسة) فهى تود أن تقوم بشراء وتركيب (قزاز) بترينة (العدة) .. أما (بثينة) فهى قد إشترطت أن يتم إعطائها (الصرفة الثانية) أى بعد شهرين لأن ذلك التاريخ يوافق زواج إبنة خالتها (محاسن) وهى ترغب فى شراء (شبشب) لحضور (العرس) أما (عوضية) فهى قد وافقت على مسالة (الصندوق) حتى تتمكن من إصلاح (التلفزيون) الذى أخبرها (مهندس التلفزيونات) أنه يحتاج إلى (لمبة صوت) خاصة وأنها تقوم بمتابعة المسلسل اليومى !!
فراخ وكده :
- الليلة الفطور ده مالك أخرتيهو كده واليوم جمعه ؟؟ (الفول) وين ؟؟ وإلا عاملة لينا (سخينه)؟
- سخينت شنو يا حاج الليلة الفطور (فراخ) وكده؟
- صرفتى الصندوق ؟
- بالحيل وأهم ديل الأربعين ألف بتاعت النسوان ... (وهى تناوله القروش)
- لكن الفراخ دى بتحصل الفطور؟ الوكت ما راح
- خلاص أعمل ليكم (سخينه) تفطرو بيها لكن أنت هسع أمشى جيب (الفرخات) نعملهم ليكم (غداء)
لم يكن عم (محجوب) فى هذه المرة يحتاج إلى الذهاب إلى السوق فعلى مقربة من مكان سكنه يوجد محل (زغلول للبيض والفراخ) :
- إتأكد من جيوب جلابيتك دى ما تكون دى الجلابية أم جيوب مقدوده !
- (وهو يضع القريشات فى الجيب ) : لا دى الجلابية (أم جيوبن كويسة)
- (وهى تناوله كيس قماش) : شيل الكيس ده عشان تجيب لينا معاك رغيف فد مرة
عندما وصل محجوب إلى المحل وجد (زغلول) وهو يقوم بغسل (الثلاجة) الفارغه والماء يتسلل إلى خارج المحل :
- بالله ألاقى عندكم فراخ؟
- فراخ شنو ؟ والله لو لفيت البلد دى كلها ما تلاقى ليك فرخة واحده !!
- ليه؟ صدروهو ذى (البترول) والحاجات دى؟
- لا ما صدروهو.. إنت ما سمعت يا حاج؟
- لا ما سمعت فى شنو؟
- مش جاء مرض إسمو (أنفلونزا الطيور) وقامت (السلطات) أعدمت (الفراخ) الفى البلد كلها ؟
- يعنى نحنا مكتوب علينا ما ناكل لحم يعنى؟
- قلت شنو يا حاج؟
- لا مافى حاجه .. مكتوب علينا ناكل فول
- (فى إندهاش) : مكتوب عليكم شنو ؟
لم يجب (عم محجوب) على تساؤل (زغلول) إذ أنه كان فى تلك اللحظة كان قد تحول (للبقالة) المجاورة مخاطبا صاحبها :
- بالله أدينا (فول) وختو لينا فى كيس !!
عاد (عم محجوب) فوجد (نعمات) وقد قامت بتحضير (الحلة) وتقطيع وتجهيز (البصل)
وما أن شاهدته حتى هجمت على (الكيس) :
- مالو الكيس ده خفيف كده جايب لينا سواسيو (ثم تنظر داخله) سجمى (تاااانو فووول) الفراخ وينو؟
قام (عم محجوب) بسرد الحكاية (لنعمات) التى كان الإحباط قد أصابها بعد ان منت نفسها وأولادها بحلة فراخ كااااربه :
- يعنى أنحنا خلصنا من أنفلونزا (البشر) لمن تقوم تجينا أنفلونزا (الطيور)؟
- والله يا بوى قالو ليك (الوالى) والمسئولين كلهم جابوهم فى التلفزيون قاعدين ياكلو فى الفراخ دى وقالو مافى حاجه ؟
- ما طبعا يقولو مافى حاجة .. إنت قايل الفراخ دى مشترنها من (زغلول) !!
- هسع يا بوى ننسى موضوع (العضة) ده و(نصاقر) الفول والعدس والسخينه ديل حياتنا كلها ؟؟
- إنت يا حاج فى السخينة وإلا (السخانه) طلعت عيننا قلنا ننتظرك كان فضلت ليك (قريشات) من الفراخ نشترى بيهم شويت (جمرة) عشان الكهرباء قطعت !!
وقام (عم محجوب) بإرسال إبنه (محمد) لشراء (الجمرة) وفى اليوم التالى قام بدفع (رسوم النفايات) و.... لم يتبق من (قروش الصندوق) شئ !!
- تعرفى المرة دى يا نعمات لا (لحم حمير) ولا (فراخ أنفلونزا) المرة دى سمك ساااكت .. جايانى ميت الف آخر الشهر ده (فروقات) نشيل نصها نشترى يهو سمك (بلطى) للأولاد
- بلطى بلطى بس أى حاجه فيها ريحت (زفارة) والله أولادك ديل من (الفول) والسخينة والعدس البياكلو فيها سنين دى قرب يجيهم (شلل أطفال) !!
الفروقات والسمك :
جاء اول الشهر وتم صرف الفروقات البالغة مائة ألف بالكمال والتمام لعم (محجوب) وزملائه الذين معه بالمكتب وعندما حان (وكت الفطور) قام أحدهم به1ا الإقتراح :
- يا جماعة بى مناسبت صارفين (الفروقات) دى وكده حقو الليلة نفطر سمك ونفتح للفول الكل يوم ده
- والله برضو فكرة يلا أطلعو (الشيرنق) بتاعكم
تم جمع خمسة الف من كل موظف بالمكتب وقامو بإعطائها لـ (عوض الله المراسلة) ليقوم بشراء السمك .
- ما تنسى (الشطة الخدراء) و(البصل الابيض) !!
- كمان أغشى (الفرن) القدام داك جيب معاك (عيش) حار
مضى وقت غير قليل والجميع يترقبون عودة (عوض الله) وهو يحمل (البلطى) ملفوفاً على ورق (الجرائد) إلا أن (عوض الله) قد فاجأهم بعودته وهو يحمل صحن (الفول) اليومى !!
- شنو معقوله ما لقيت سمك ؟
- لقيت لكن ..
- لكن شنو؟
- لكن لاقانى تحت (طبيب المصلحة) قال ليا ماشى وين قلت ليهو اجيب سمك للجماعه قام قال ليا أوعك تشترى الايام دى سمك عشان الأمطار والطمى خلتو يكون فيهو نسبة (سميات) ومواد ضارة عاليه وبيعمل تسمسم !!
- (فى تحسر وهو يخاطب نفسه) : حالتى قلت أشترى الليله للأولاد سمك !! مكتوب علينا ناكل فول
- (عوض الله فى إندهاش) : مكتوب عليكم شنو ؟
- لا مافى حاجه ختو لينا الفول ده خلونا نتسمم أقصد (ناكل)
فى طريق عودته إلى المنزل من المصلحة نهاية ذلك اليوم كان عم (محجوب) يفكر فى حظة وحظ أولاده المنيل بستين نيلة فعلى الرغم من مكابداته ومجهوداته الضخمة التى بذلها فى سبيل توفير هذا الهدف البسيط له كمواطن (مشتهى ليهو زفارة) إلا أن الأقدار قد وقفت ضده تماماً لتؤكد له أن المواطن (مهدود الدخل) لا ينبغى له التطلع لما هو أعلى مرتبة من (الفول والسخينة) !!
- (نعمات مندهشة) : السمك وين يا حاج جايينا مدلدل إيدينك ؟
- والله أصلو .. فى الحقيقة .. يعنى
- شنو عملتها ليا (نشرة أخبار) أنا بسالك (السمك) القلت بتجيبو معاك وينو؟
- والله أصلو (السمك) ده الأيام دى قالو بيعمل تسمم
- تسمم تسمم كان تجيبو معاك يعنى (تسمم) أكتر من الموية (العكرانه) القاعدين نشرب فيها دى !!
- لا بس قالو فيهو مواد ضارة !!
- ضارة يعنى أكتر من (البروميد) القاعدين يأكلوهو لينا فى الرغيف ده !!
رجع (عم محجوب) للفول والسخينه مرة أخرى إلا أنه لم ينس التفكير فى تغيير النمط الغذائى لأسرته بإضافه بعض المأكولات التى تحتوى على بعض (الفايتمينات) والمواد التى لا توجد فى (الفول والسخينة) وبعد تفكير عميق إهتدى (عم محجوب) إلى الحل بعد أن إستحالت (مسألة الزفارة) و هو ان يبقي وافراد أسرته (نباتيون) يأكلون الخضار بمختلف أنواعه فقد إستمع لمتخصص أغذية فى أحد البرامج وهو يتحدث عن فوائد (الخضار) وما يحتويه من (فايتمينات) ومواد طازجه وفى صباح (الجمعه) التالية قرر (عم محجوب) الذهاب إلى (زنك الخضار) بعد أن حمل ما تبقى له من مبلغ (الفروقات) :
- إتأكد من جيوب جلابيتك دى ما تكون دى الجلابية أم جيوب مقدوده !
- (وهو يضع القريشات فى الجيب ) : لا دى الجلابية (أم جيوبن كويسة)
- (وهى تناوله كيس قماش) : شيل الكيس ده عشان تجيب لينا معاك رغيف فد مرة
على سوق الخضار :
بينما كان عم محجوب يقف فى موقف المواصلات فى إنتظار (الحافلة) التى سوف تقله إلى السوق كان يقوم (بتحسس) القريشات التى كانت تقبع داخل (جيب الساعة) فى أمان ، لم يمض وقت طويل حتى كان عم (محجوب) يجلس على مقعده فى إحدى الحافلات المتجهه نحو السوق الكبير
- والله الناس دى بقت ما بتخاف الله
قالها الشخص الذى يجلس فى الكرسى الملاصق لعم (محجوب) وهو يشيح بالصحيفة الإجتماعية التى كان يطالعها عن وجهه ثم يواصل :
- بالله يا حاج شفت البلد دى حالتا وصلت لحدت وين ؟
- فى شنو فى الجريده ؟ (قالها عم محجوب بمنتهى الفضول)
- والله المسئولين ديل عندهم (جنس حركات) .. (القوات الدوليه) عملو ليها إسم دلع وقالو إسمها (الهجين) سكتنا .. هسع (الكوليرا) كمان يسموها لينا (الإسهالات المائية) ؟؟
- (متسائلاً) : إسهالات مائية؟
- أيوه يا حاج خد أقرأ
- (يأخذ عم محجوب الصحيفة ويقرأ العنوان الرئيسى) : الإسهالات المائية تحصد أرواح عدد من المواطنين (ثم يعيدها لصاحبها متسائلا)
- والكوليرا دى البجيبا شنو؟
- الكوليرا دى يا حاج بتنتشر فى (الخريف) والبجيبا أكل (الخضروات) !!
أحس عم (محجوب) بشويت (دوشة) ولم يفق إلا على صوت الكمسارى وخلو الحافلة من الركاب
- يا حاج وصلنا السوق خلاص
- لا أنا يا إبنى راجع تانى
عاد عم محجوب إلى البيت فوجد (نعمات) فى إنتظارة وقد وضعت أمامها كيس (الدكوة) والشطة والسكين لزوم تقشير وتقطيع (الخضار) :
- والله الليلة أعمل ليهم جنس سلطات وشوربت خضار تنسيهم (الفول) الكل يوم قاعدين ياكلوهو ده (قالتها نعمات وهى تخاطب نفسها عند سماعها لطرقات محجوب على الباب)
ما أن رات (نعمات) محجوب وهو يدخل خال الوفاض حتى صاحت فيه :
- كمان الخضارمالو؟ جاتو كمان (أنفلونزا) ؟ مالك جايينا فاضى ؟
- والله أصلو .. فى الحقيقة .. يعنى
- شنو عملتها ليا (نشرة أخبار)؟ أنا بسالك الخضار وينو ؟
- والله أصلو قالو البلد مليانه (إسهالات مائية)
- وما تتملى كان إتملت هى المليانه بيهو شويه؟ - مستدركة- وهى شنو يعنى الإسهالات المائية دى ؟
- دى (الكوليرا) يا نعمات .. الكووووووووووليرااااا
- وطيب ما يقولو (كوليرا) ؟ ناس الحكومة ديل بس فالحين (للتسميات) .. (وهى تمد جك الفول لمحجوب) الأولاد مافيشين كدى أمشى دكان (آدم) جيب لينا الفول خلينى أجهز ليكم الفطور أصلنا الفول ده ما طالعين منو!!
رجعنا للفوووول :
حمل محجوب (جك الفول) وتوجه لدكان (آدم) غير أنه لم يجد (قدرة الفول) فى مكانها المعهود خارج الدكان :
- قدرت الفول وين يا (آدم) الليلة ؟
- خلاس تانى فول مافى يا عم (محجوب)
- كيفن يعنى ؟
- انت مابتخاف علي نفسك و الا علي أولادك يا عم (محجوب)؟ الفول بتاع اليومين دى مليان كلو (سوس) !!
رجع عم (محجوب) إلى بيته بعد أن قرر أن يقوم هذه المرة بتحويش مبلغ محترم و إستيقظ فى أحد أيام (الجمع) فتح دولاب ملابسة حيث كان يضع التحويشة :
- إتأكد من جيوب جلابيتك دى ما تكون دى الجلابية أم جيوب مقدوده !
- (وهو يضع القريشات فى الجيب ) : لا دى الجلابية (أم جيوبن كويسة)
- (وهى تناوله كيس قماش) : شيل الكيس ده عشان تجيب لينا معاك رغيف فد مرة
- لا المرة دى (الكيس) ده مافى ليهو لزوم
و نزل عم عم محجوب و أخذ يمشى ويمشى ويمشى حتى وجد (الفى بالو) وإشتراهو
........ مسدس !!
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
[b] سيناريوهات : النار ولعت [/b]
فى عيادة أحد أطباء (الأمراض النفسية والعصبية) كان المرضى يجلسون بعد غروب الشمس بقليل ينتظرون دورهم فى الدخول لمقابلة الطبيب وإن شئت كان مرافقيهم هم الذين ينتظرون فمعظم المرضى كانو (فى حالة تانية) بعضهم كان فى مرحلة (الحديث الخافت مع النفس) والبعض الآخر (ساهم يحدق فى المجهول) .
يدخل فجأة الى باحة العيادة شخص يبدو أنه فى غيبوبة يحمله شخصان تتبعهما إمرأة فى أوائل خريف العمر
..الشخص الذى كان محمولاً نحيل أشيب الرأس فى أواخر الخمسينات من العمر ويبدو أنه كان يعانى من حالات تشنج إذ ان هنالك بعض بقايا من (الزبد الأبيض) حول فمة كما أن وجهه شاحب منقبض
- ياولدى الحاج ده تعبان بالحيل ممكن بس تدخلو لينا طوالى
قالتها (التومة) زوجة عم (مبارك) فى رجاء للشخص الذى يجلس على التربيزة الحديدة ويقوم بإدخال المرضى
- يا حاجه الناس الشايفاهم ديل كلهم متضايقين
- لكن ما ذى عمك ده يا ولدى .. عمك ده متضايق شديد
فى هذه الأثناء تدخل أحد الأشخاص يبدو أنه مرافق لأحد المرضى وهو ينظر إلى بقية الموجودين وينظر إلى (حاج مبارك) وهو محمول على ساعدى الرجلين :
- ياجماعة عندكم إعتراض ؟ الحاج ده يدخل بعد الزول الجوه ده ؟
لم يعترض أحد .. قامت (التومة) بدفع قيمة (الكشف) وإستلام (كرت الدخول) فى ذات اللحظة التى خرج فيها (كمية) من الناس من حجرة (الطبيب) كانو يحملون (شابة) ربما تعرضت لصدمة من نوع ما !!
- (الطبيب مخاطبا الشخصين) : الحاج ده طلعوهو ليا هناك لو سمحتو (مشيرا إلى مكان الكشف)
بعد أن يضع الرجلين (حاج مبارك) على منضده الكشف يحاولان الإبتعاد إلى أن الدكتور يطلب منهما أن يمسكا برجلى ورأس حاج مبارك ريثما (يكشف) عليه ..
- (يخرج من حجرة الكشف ويجلس على كرسيه وهو يضع السماعه جانباً ويخاطب التومة التى يبدو عليها الإنهاك والحزن) :
- الحاج ده الظاهر تعرض لى صدمة عصبية ونفسية شديده – مواصلاً- الحالة دى أول مرة تجيهو؟
- والله يا ولدى دى قصة طويلة
قصة حاج مبارك :
كأى مواطن بسيط عاش حاج مبارك .. فى بداية ثمانينات القرن الماضى كان حاج مبارك فى الثلاثينيات من العمر شابا يمتلئ بالحيوية ومثالاً للميكانيكى (العارف شغلو) .. يقوم بإصلاح (العربات) المتعطلة تحت شجرة (النيم) الوارفه التى أمام المنزل يساعده فى ذلك صديقه وجارة (صديق) شقيق (التومة) الأكبر والذى جاءة عقد عمل بإحدى دول الخليج ليعمل سائقاً بالنقل العام هنالك .. ما لبث أن قام (صديق) بإرسال (فيزاء) لصديقه (مبارك) الذى سافر للحاق به والعمل بذات الشركة .. عشرة سنوات قضاها (مبارك) كانت كفيلة بأن يقوم في بداياتها بتحقيق حلمه من الزواج من (التومة) شقيقه (صديق) والعوده نهائياً فى بداية (التسعينات) بعد أن قام بشحن (حافلة) روزا (30 راكب) قام بشرائها بكل ما إدخرة فى سنين الغربة الطويلة .
كان مبارك معجب إيما إعجاب (بحافلته) وخاصة بالمسجل والراديو الإستريو ذو السماعات العديده الموزعه فى مختلف أرجاء الحافلة .. كان مبارك ممن يعشقون سماع (الراديو) على عكس (مأمون) شقيق (التومة) الأصغر والذى ألحقه مبارك للعمل معه (ككمسارى) والذى كان بين الفينة والأخرى يقوم بوضع أشرطة (الأغانى الشبابية) .. كان (مبارك) تستفز مشاعرة (أغانى الحماسة والجهاد) التى يبثها الإعلام فى ذلك الوقت أوائل التسعينات وخاصة تلك التى تقول (النار ولعت بى قلبى بطفيها) فما أن يتم بث تلك الاغنية الحماسية حتى يقوم مبارك (بتعليت) صوت المسجل الإستريو للآخر على الرغم من إعتراض بعض الركاب ومطالبتهم بتخفيض الصوت !
فى صباح ذلك اليوم وكعادته قام (مبارك) مبكراً لتدوير (الحافلة) والأنطلاق (للموقف) بعد أن قام (مأمون) بغسلها وتلميعها ولكن وما أن إنطلق بها صوب الموقف حتى تعطلت ..
- (الكربريتور) ده ما كويس (العربية) دى بتشرق الظاهر عاوز ليهو صمامات !!
هكذا وفى سرعه شديده قام (مبارك) مستخدما خبرته فى (الميكانيكا) فى تشخيص الحالة ومن ثم الإتجاه بالعربة نحو (المنطقة الصناعية) لإصلاح الخلل .. بعد أن قام مبارك (بتغيير صمامات الكربريتور) لإيقاف (البنزين المتسرب) جلس على كرسى السائق إذ كان عليه أن يقوم بتشغيل الحافلة لمده دقائق حتى يتأكد من أن تسرب البنزين قد توقف .. وإمتدت يده نحو راديو العربه ليجد (أغنيته الحماسية) :
- هى النار هى النار ... هى النار ولعت .. بى قلبى بطفيها
- هى النار هى النار
وأدار مستوى الصوت كعادتة للآخر ...
- النار ولعت .. النار ولعت ...
هذه المرة لم يكن الراديو .. كان (مأمون) وهو يشير إلى (مبارك) الذى كان مندمجاً مع (الأغنية) لدرجة أنسته أن (مأمون) والميكانيكية الذين كانو معه الذين كانو يتصايحون إنما كانو يشيرون إليه أن يقوم بإبطال (المكنة) لأن النار قد إشتعلت فى الحافلة نتيجه لتسرب بعض الوقود .. فهم (مبارك) ذلك متأخرأ وأفاق من الحالة (الحماسية) التى كان يعيشها بعد أن نزل من الحافلة ورأى الجميع يحاولون أن (يهيلو التراب) على ألسنة اللهب المتصاعدة والتى إشتدت وتيرتها لدرجة أن إبتعد الجميع عنها لتصبح فى لحظات مجرد بقايا حديد !!
منذ ذلك الحادث الذى إحترقت فيه أمال وأحلام (مبارك) وهذة الصدمة العصبية تصيبه متى ما إستمع إلى أى مفردة من مفردات تلك (الأغنية الحماسية) أو مشتقاتها .. فيرقى ويزبد ويهجم على أى مأسورة أو مصدر مياه
محاولا إطفاء تلك النار المتوهمة التى ما أن يبحث عنها ولا يجدها حتى يبدأ فى بكاء مرير يعقبه تشنج وإغماء
- يعنى يا دكتور بس لو سمع ساااكت أى كلمة من كلمات الأغنية دى النار أو ولعت أو بى قلبى أو بطفيها ... الحالة دى تقوم عليهو !!
- راجلك ده يا حاجه كان عندو ميول سياسية !!
- يعنى شنو؟
- يعنى مع (الجماعة)؟
- الجماعه ياتم يا دكتور هسع ما فى مليون جماعه
- لا أنا بقصد ليك كان مبسوط من أغنيت (النار ولعت) ليه ؟...
لم يكمل (الطبيب) حديثه إذ إنطلق صوت (مبارك) من كنبة الكشف وهو (يلاوى ) مأمون وجارهم (كامل) وهو يصيح :
- النار وين ... النار وين !!
قام الطبيب بعد عناء شديد بإعطاء (حاج مبارك) حقنة مهدئة جعلته (يدوخ شويتين) وقام بكتابة عدد من الأدوية فى الروشته التى سلمها (للتومة) قائلاً لها :
- شوفى يا حاجة الحبوب الكان بياخدا الحاج دى من زمان بقت ما بتعمل ليهو حاجة لأنو الحاج ده الظاهر الصدمة دى كانت شديده عليهو وأثرت فيهو تأثير كبير لأنو هسع الكلام ده ليهو أكتر من خمسطاشر سنه ومرحلت (النار ولعت) دى ذاتا (إنتهت) والأغنية الكانو (قادننا بيها) دى هسع بقت فى خبر (كان) لكن مع ده (الحاج) ده ما قادر ينسى – مواصلاً- عموما إنتو واصلو ليهو فى المهدئات دى وإتحاشو (كلمات) الأغنية دى ذى ما الحكومة (إتحاشتا) !
من العيادة للبيت :
من أمام مبنى العياده إستقل الجميع (أمجاد) عائدين للمنزل .. قام (مأمون وكامل) بتسجية (حاج مبارك) وهو فى حالت (الدروخة) تلك على (الكنبة الخلفية) بينما جلسا فى الكنبة التى تليها وهما يثبتانه بإيديهما .. على المقعد الأمامى مع السائق جلست (التومة) التى بعد أن قامت بقفل الباب حتى بادرت السائق الذى كان يستمع إلى إحدى محطات الأف إم FM :
- يا ولدى عمك ده عيان وادينو البيت لكن بس تغشينا أى (صيدلية) عشان نصرف ليهو الأدوية الفى الروشته دى
- حاضر يا حاجه
أمام أحدى الصيدليات توقفت (الأمجاد) نزلت (التومة) لشراء الأدوية بينما السكون يلف العربة إلا من صوت المذيعة :
- آلو ناخد مكالمة معاى منو؟
- معاك (نوسة) من (الصافية)
- أهلا بيك يا نوسة فى (سباق الاغانى)
- يا هلا بيكى يا (رندا) والله برنامجكم رهيييب
- شكراً ليكى يا (نوسة) أها إنتى بترشحى الليلة ياتو أغنية
- والله يا (رندا) أنا برشح أغنيت (نار الشوق) لهيفاء وهبى !!
لم يشعر سائق (الأمجاد) إلا و(عم مبارك) وهو يحاول الوقوف فى عصبية بينما (مأمون وكامل) يمسكان به
- النار ولعت ؟.. النار ولعت؟
- (سائق الحافلة وهو يخرج منها بسرعه) : يا جماعة النار وين؟
- يا حاج قول بسم الله (قالتها التومة) وهى قد شاهدت المشهد بينما كانت (تحاسب) فى الصيدلية ذات الباب الزجاجى
- النار وين ؟ النار وييييين !!
عادت (التومة) للصيدلية لأخذ (الأدوية) بعد أن شرحت (للصيدلى) ما يمر به (الحاج) من أزمة طالبة منه أن يقوم بإعطائة حقنة مهدئة من التى تم صرفها لتناولها عند اللزوم .. ما لبث أن هدأ (الحاج) حتى وصل إلى سريرة ونام !!
لازم شفرة :
منذ أن جاءت تلك الحالة العصبية للحاج مبارك كان على (زوجتة) التومة وأبنائه تحاشى إستخدام تلك المفردات التى وردت فى تلك الأغنية فمجرد ذكر أحدى تلك الكلمات .. (النار .. ولعت .. قلبى .. بطفيها) كان كفيلا بأن يجعل (حاج مبارك) فى حالة (دفاع مدنى) وهياج وصياح وبحث عن مصدر ماء لإطفاء تلك النار المتوهمة .
لذا فكانو يستخدمون كلمات بديلة :
- عليكى الله يا (سمية) وقفى معاكى (الهناية) دى !!
هذه هى (التومة تخاطب إبنتها (سمية) أن تطفئ النار عشان الحلة ما تحرق !!
- والله الماتش كان (مشعلل جنس شعاللة) !!
هذا (منتصر) إبن (حاج مبارك) وهو يوصف حال ماتش (الهلال والأهلى) لصديقه الذى لم يراه على الهاتف متحاشيا أن يقول له بأن الماتش كان (مولع نار) !!
كما كان عليهم أيضاً تحاشى إستخدام (الراديو أو التلفزيون) ليس خوفا من أن يستمع إلى أغنية (النار ولعت) فهم يعلمون كما يعلم (الشعب الفضل) بأن تلك الاغنية قد أضحت فى (ذمة التاريخ) ولكنهم كانو يخافون من أغان مثل
(النار يا ظالم ) أو يا (نارى قيدى) أو (قلبى مالو اليوم) !!
المقادير :
إستيقظ (حاج مبارك) متأخرا من النوم من أثر تلك المهدئات التى تناولها بالامس .. كانت حالته مستقرة تماما .. بعد أن تناول إفطارة جلس فى البرنده كعادتة فى هدؤ لم يقطعه إلا صوت (جرس الباب) الذى قامت بفتحه (التومة) لتجدها جارتها (عزيزة) :
- عليكى الله يا التومة ما بلاقى ليا عندك شويت سمن
- عاوزة تسوى بيهو شنو؟
- والله عاوزة أسوى بيهو خبيز (بيتى فور) عندى شوية بس عاوزة أزيدو عشان (المقادير) نقصت ليا
- المقادير ياتا؟
- هو أنا ما كلمتك ؟ ما شفت أمبارح (أسامة السيد) فى التلفزيون ورانا بيعملوهو كيف
- والله يا عزيزة أنا نفسى أعملا عليكى الله إنتظرينى أجيب ليا قلم وورقه عشان أكتب طريقتا
-(بعد أن أحضرت القلم والورقه) : أها المقادير شنو؟
- شفتى قال ليكى تجيبى 13 فنجان دقيق و6 فناجين سمن سائح, و3 فناجين سكر ناعم و4 بيضات وشويت فانيليا
- والطريقه كيف؟
- تقومى تخلطى السكر الناعم والسمن السائح مع بعض وبعدين تختى البيض والفانيليا وتخطيهم برضو وبعد داك تخلطيهم كلهم مع الدقيق وتعجينيهم كويس وتقطعيهم بالمكنة وتختيهم فى الصينية وبعد داك تدخليهم الفرن .. لكن بس
- بس شنو؟
- النار ما تكون شديدة
هب (حاج مبارك) كمن لسعته عقرب :
-النار ولعت ؟ وين النار ؟ وين النار؟
-يا حاج قول بسم الله .. النار ياتا ؟ ما فى نار ...
إلا أن (حاج مبارك) كان فى تلك الاثناء قد حمل (جردل الغسيل) ووضعه فى عصبية تحت (الماسورة) التى فتحها (على الآخر) بينما كان يهرول بحثاً عن (ماعون) آخر وهو يصيح (النار ولعت) وسط ذهول (عزيزة) التى إحتمت خلف (التومة) وهى تسالها :
- الحاج ده لى هسع حالتو دى ما إتصلحت ؟
- إتصلحت شنو يا (عزيزة) أمس القريبة دى وديناهو الدكتور
- وما أداهو حاجه
- أداهو مهدئات .. كدى أمشى نادى ليا إتنين من أولادك ديل يمسكوهو يدوهو المهدئ ده
بعد أن قام (حاج مبارك) بأخذ المهدئ و(إتدروخ) ورقد على السرير لا يألو على شئ عادت التومة وعزيزة للجلوس أمامه فى البرنده :
- (وهى تهمس للتومة) : واللة والله (إحسان) جارتنا دى قالت ليا أكتشفت ليها جنس (فكى) شديد شده .. حقو تودى ليهو (الحاج) ده !!
- وده وين ؟
- هنا قريب قالت فى (أمبده بالسبيل)
- والله يا (عزيزة) الدكاترة ديل ما قدرو يعملو ليهو اى حاجه كل واحد فيهم يدينا كلام براهو .. وكل واحد فيهم يدينا أدوية شكل والعجب أجرة (الكشف) بتاعم (من مية ولى فوق) والله ختوإيدينافى الواطا(سطاشر سنة) وأنحنا من ده لى ده ومافى نتيجه
- كدى يا (التومة) ياختى خلينى (حار حار) كده أمشى لى (إحسان) دى اشوف رأئها واكلمها عشان كان وافقت توصف لينا محلو وين وإلا كمان تمشى معانا
لم تمض دقائق معدودات حتى عادت (عزيزة) وهى متهللة الوجه حيث أخبرت (التومة) بأن (إحسان) قد وافقت أن تذهب معهم غدا (للفكى) وذلك بعد أن يذهب زوجها للعمل ولكن هنالك مشكلة بسيطه وهى أنها لم تذهب له من قبل ولا تعرف مكانه بالضبط وإن عليها أن تقوم بسؤال قريبتها (نعمات) التى كانت قد أخبرتها عنه وأن تأخذ منها (الوصف)!!
المشوار طرشق :
فى صباح اليوم التالى قامت (التومة) بالذهاب إلى المحطة والإتفاق مع صاحب عربة (أمجاد) ليقوم بتوصيلهم إلى حيث يسكن (الفكى) .. توقفت الأمجاد أما منزل (حاج مبارك) الذى صعد إليها وجلس على المقعد الأمامى بينما جلست التومة وعزيزة فى المقعد الخلفى فى إنتظار وصول (إحسان) التى من المفترض أن تدلهم على منزل (الفكى) بعد دقائق قصيرة جاءت (إحسان) وقامت بركوب العربه وقفل الباب :
- يلاكم يا جماعه
- أها عرفتى محلو وين بالضبط؟
- أيوه إتصلت أنا فى (نعمات) ووصفت ليا داك يا الوصف
- أها قالت ليك وين بالضبط فى (أم بده بالسبيل)
- قالت ليا بيتو بفتح فى محطت (أب نيران) !!
أخذ (حاج مبارك) يرفس محاولاً فتح باب العربة المتحركة محاولاً النزول وهو يردد :
- وينا .. وينا .. فى المكنة .. فى المكنة؟؟ النار وينا
وسط ذهول سائق (الامجاد) الذى توقف يمين الشارع وأخذ يهدئ فى (حاج مبارك) ويتساءل :
- الحاج ده مالو؟ الحاج ده مالو
الدكتور تاااانى :
كان المرضى يجلسون ينتظرون دورهم فى الدخول لمقابلته وإن شئت كان مرافقيهم هم الذين ينتظرون فمعظم المرضى كانو (فى حالة تانية) بعضهم كان فى مرحلة (الحديث الخافت مع النفس) والبعض الآخر (ساهم يحدق فى المجهول) حينما تم إدخال (حاج مبارك) كحالة إستثنائية بعد أن قامت (التومة) بالإتصال بإبنه (منتصر) فى الشركة لموافاتها عند عيادة الطبيب بعد أن أخبرته بما حدث لوالده ..
- شنو الحكاية؟؟ الحاج ده أمبارح ما كان هنا وأديناهو المهدئات والحبوب
- والله يا دكتور من أمبارح لليلة الحالة دى جاتو مرتين
- جاتو مرتبن متين؟
- المقادير وأب نيران
- ما فاهم
- لا بس جات (سيرة للكلام) البجيب ليهو الحاجة دى
- شوفو يا جماعة الحاج ده فى (الطاشر سنة) القاعده تجيها فيهو (الصدمة) دى أعصابو تعبت كتير شديد وأنا غايتو بحذركم تانى لو جاتو (الصدمة) دى إحتمال ما يطلع منها فحاولو (سيرة النار) دى تانى ما تجيبوها فى خشمكم ... أمشوا إستمرو ليهو فى نفس الأدوية الكان أديتا ليهو لكن ما تنسوا لو الحالة دى جاتو تانى ح يروح فيها !!
أبكر صاجات :
إتفقت (التومة) مع عزيزة وإحسان على الذهاب (الفكى) فى صباح اليوم التالى بعد أن أضحت حالة (حاج مبارك) لا تسمح له بالذهاب فى نفس اليوم إذ تم إعطائه الأدوية المهدئة ، وبالفعل فى صباح اليوم التالى كانت العربة تنهب الارض فى طريقها نحو (أم بده بالسبيل) بعد أن طلبت (التومة) من السائق بقفل (الراديو) تحسباً
لأى (مفاجآت) قد تحدث .
كان الوصف دقيقا فمنزل الفكى (أبكر أب صاجات) يفتح تماما فى (محطة أب نيران) حيث كانت تشير غلى ذلك (اللافتة الحديدية) الضخمة المسنوده إلى (حائط الجالوص) المتهالك أمام المنزل
- بسم اللاهى ما شاء اللاهو .. الهاج ده مالو؟
- والله يا سيدنا الفكى (الحاج) ده (وهنا قبل أن تسترسل التومة) قامت عزيزة (بلكزها) حتى تسكت وهمست لها فى أذنها قائلة :
- إنتى غبيانه ؟ إنتى عاوزة الحالة تجيهو تانى ؟ يعنى عاوزة تجيبى (سيرة النار) دى للفكى قدامو
- كلامك صحى والله قربت اغلط (ثم مخاطبة الفكى) :
- يا سيدنا موضوع الحاج ده إلا أكلمك بيهو براك ...
وبالفعل قامت (التومة) بقص الحكاية من الألف إلى الياء للفكى (أب صاجات) بعيداً عن مكان (حاج مبارك) ثم عاد (أب صاجات) وجلس على (الفروة) من جديد لمعاينة المريض ..
- (وهو يمسك بالسبحة) : الهاج إسمو منو
- مبارك
- أمو إسمو منو
- نفيسة
- (وهو يسبح ويتمتم بكلمات غير مفهومة لدقائق ثم يتوقف فجأة) : الهاج ده إندو أمل
- أها و(العمل) ده بتطلعو يا سيدنا؟؟ ويبقى كويس زى زمان
- ايوة نتلأو
قالها وهو يقوم بالكتابه بحبر اسود على قطع من الورق الابيض الناصع ثم يدخل يده فى إناء قديم ليخرج بعض (الاعشاب) الصغيرة ينثرها فوق قطع الورق التى تمت الكتابه عليها ثم يقوم (بتطبيقها) فى شكل بخرات ثم يناولها للتومة قائلاً بينما (حاج مبارك) يجلس فى هدؤ :
- بخرات ده .. بخرة السباه .. بخرة الأصر .. بخرة بالليل .. لاكين لمن تجى (تأملو) لازم فى (هاجه) تسويهو
- حاجت شنو؟
- لازم تولأو (نار) شديد
كسرة :
وأطفأ (حاج مبارك) النار بقلبه الذى (توقف) بعد 16 عام من العذاب !!
فى عيادة أحد أطباء (الأمراض النفسية والعصبية) كان المرضى يجلسون بعد غروب الشمس بقليل ينتظرون دورهم فى الدخول لمقابلة الطبيب وإن شئت كان مرافقيهم هم الذين ينتظرون فمعظم المرضى كانو (فى حالة تانية) بعضهم كان فى مرحلة (الحديث الخافت مع النفس) والبعض الآخر (ساهم يحدق فى المجهول) .
يدخل فجأة الى باحة العيادة شخص يبدو أنه فى غيبوبة يحمله شخصان تتبعهما إمرأة فى أوائل خريف العمر
..الشخص الذى كان محمولاً نحيل أشيب الرأس فى أواخر الخمسينات من العمر ويبدو أنه كان يعانى من حالات تشنج إذ ان هنالك بعض بقايا من (الزبد الأبيض) حول فمة كما أن وجهه شاحب منقبض
- ياولدى الحاج ده تعبان بالحيل ممكن بس تدخلو لينا طوالى
قالتها (التومة) زوجة عم (مبارك) فى رجاء للشخص الذى يجلس على التربيزة الحديدة ويقوم بإدخال المرضى
- يا حاجه الناس الشايفاهم ديل كلهم متضايقين
- لكن ما ذى عمك ده يا ولدى .. عمك ده متضايق شديد
فى هذه الأثناء تدخل أحد الأشخاص يبدو أنه مرافق لأحد المرضى وهو ينظر إلى بقية الموجودين وينظر إلى (حاج مبارك) وهو محمول على ساعدى الرجلين :
- ياجماعة عندكم إعتراض ؟ الحاج ده يدخل بعد الزول الجوه ده ؟
لم يعترض أحد .. قامت (التومة) بدفع قيمة (الكشف) وإستلام (كرت الدخول) فى ذات اللحظة التى خرج فيها (كمية) من الناس من حجرة (الطبيب) كانو يحملون (شابة) ربما تعرضت لصدمة من نوع ما !!
- (الطبيب مخاطبا الشخصين) : الحاج ده طلعوهو ليا هناك لو سمحتو (مشيرا إلى مكان الكشف)
بعد أن يضع الرجلين (حاج مبارك) على منضده الكشف يحاولان الإبتعاد إلى أن الدكتور يطلب منهما أن يمسكا برجلى ورأس حاج مبارك ريثما (يكشف) عليه ..
- (يخرج من حجرة الكشف ويجلس على كرسيه وهو يضع السماعه جانباً ويخاطب التومة التى يبدو عليها الإنهاك والحزن) :
- الحاج ده الظاهر تعرض لى صدمة عصبية ونفسية شديده – مواصلاً- الحالة دى أول مرة تجيهو؟
- والله يا ولدى دى قصة طويلة
قصة حاج مبارك :
كأى مواطن بسيط عاش حاج مبارك .. فى بداية ثمانينات القرن الماضى كان حاج مبارك فى الثلاثينيات من العمر شابا يمتلئ بالحيوية ومثالاً للميكانيكى (العارف شغلو) .. يقوم بإصلاح (العربات) المتعطلة تحت شجرة (النيم) الوارفه التى أمام المنزل يساعده فى ذلك صديقه وجارة (صديق) شقيق (التومة) الأكبر والذى جاءة عقد عمل بإحدى دول الخليج ليعمل سائقاً بالنقل العام هنالك .. ما لبث أن قام (صديق) بإرسال (فيزاء) لصديقه (مبارك) الذى سافر للحاق به والعمل بذات الشركة .. عشرة سنوات قضاها (مبارك) كانت كفيلة بأن يقوم في بداياتها بتحقيق حلمه من الزواج من (التومة) شقيقه (صديق) والعوده نهائياً فى بداية (التسعينات) بعد أن قام بشحن (حافلة) روزا (30 راكب) قام بشرائها بكل ما إدخرة فى سنين الغربة الطويلة .
كان مبارك معجب إيما إعجاب (بحافلته) وخاصة بالمسجل والراديو الإستريو ذو السماعات العديده الموزعه فى مختلف أرجاء الحافلة .. كان مبارك ممن يعشقون سماع (الراديو) على عكس (مأمون) شقيق (التومة) الأصغر والذى ألحقه مبارك للعمل معه (ككمسارى) والذى كان بين الفينة والأخرى يقوم بوضع أشرطة (الأغانى الشبابية) .. كان (مبارك) تستفز مشاعرة (أغانى الحماسة والجهاد) التى يبثها الإعلام فى ذلك الوقت أوائل التسعينات وخاصة تلك التى تقول (النار ولعت بى قلبى بطفيها) فما أن يتم بث تلك الاغنية الحماسية حتى يقوم مبارك (بتعليت) صوت المسجل الإستريو للآخر على الرغم من إعتراض بعض الركاب ومطالبتهم بتخفيض الصوت !
فى صباح ذلك اليوم وكعادته قام (مبارك) مبكراً لتدوير (الحافلة) والأنطلاق (للموقف) بعد أن قام (مأمون) بغسلها وتلميعها ولكن وما أن إنطلق بها صوب الموقف حتى تعطلت ..
- (الكربريتور) ده ما كويس (العربية) دى بتشرق الظاهر عاوز ليهو صمامات !!
هكذا وفى سرعه شديده قام (مبارك) مستخدما خبرته فى (الميكانيكا) فى تشخيص الحالة ومن ثم الإتجاه بالعربة نحو (المنطقة الصناعية) لإصلاح الخلل .. بعد أن قام مبارك (بتغيير صمامات الكربريتور) لإيقاف (البنزين المتسرب) جلس على كرسى السائق إذ كان عليه أن يقوم بتشغيل الحافلة لمده دقائق حتى يتأكد من أن تسرب البنزين قد توقف .. وإمتدت يده نحو راديو العربه ليجد (أغنيته الحماسية) :
- هى النار هى النار ... هى النار ولعت .. بى قلبى بطفيها
- هى النار هى النار
وأدار مستوى الصوت كعادتة للآخر ...
- النار ولعت .. النار ولعت ...
هذه المرة لم يكن الراديو .. كان (مأمون) وهو يشير إلى (مبارك) الذى كان مندمجاً مع (الأغنية) لدرجة أنسته أن (مأمون) والميكانيكية الذين كانو معه الذين كانو يتصايحون إنما كانو يشيرون إليه أن يقوم بإبطال (المكنة) لأن النار قد إشتعلت فى الحافلة نتيجه لتسرب بعض الوقود .. فهم (مبارك) ذلك متأخرأ وأفاق من الحالة (الحماسية) التى كان يعيشها بعد أن نزل من الحافلة ورأى الجميع يحاولون أن (يهيلو التراب) على ألسنة اللهب المتصاعدة والتى إشتدت وتيرتها لدرجة أن إبتعد الجميع عنها لتصبح فى لحظات مجرد بقايا حديد !!
منذ ذلك الحادث الذى إحترقت فيه أمال وأحلام (مبارك) وهذة الصدمة العصبية تصيبه متى ما إستمع إلى أى مفردة من مفردات تلك (الأغنية الحماسية) أو مشتقاتها .. فيرقى ويزبد ويهجم على أى مأسورة أو مصدر مياه
محاولا إطفاء تلك النار المتوهمة التى ما أن يبحث عنها ولا يجدها حتى يبدأ فى بكاء مرير يعقبه تشنج وإغماء
- يعنى يا دكتور بس لو سمع ساااكت أى كلمة من كلمات الأغنية دى النار أو ولعت أو بى قلبى أو بطفيها ... الحالة دى تقوم عليهو !!
- راجلك ده يا حاجه كان عندو ميول سياسية !!
- يعنى شنو؟
- يعنى مع (الجماعة)؟
- الجماعه ياتم يا دكتور هسع ما فى مليون جماعه
- لا أنا بقصد ليك كان مبسوط من أغنيت (النار ولعت) ليه ؟...
لم يكمل (الطبيب) حديثه إذ إنطلق صوت (مبارك) من كنبة الكشف وهو (يلاوى ) مأمون وجارهم (كامل) وهو يصيح :
- النار وين ... النار وين !!
قام الطبيب بعد عناء شديد بإعطاء (حاج مبارك) حقنة مهدئة جعلته (يدوخ شويتين) وقام بكتابة عدد من الأدوية فى الروشته التى سلمها (للتومة) قائلاً لها :
- شوفى يا حاجة الحبوب الكان بياخدا الحاج دى من زمان بقت ما بتعمل ليهو حاجة لأنو الحاج ده الظاهر الصدمة دى كانت شديده عليهو وأثرت فيهو تأثير كبير لأنو هسع الكلام ده ليهو أكتر من خمسطاشر سنه ومرحلت (النار ولعت) دى ذاتا (إنتهت) والأغنية الكانو (قادننا بيها) دى هسع بقت فى خبر (كان) لكن مع ده (الحاج) ده ما قادر ينسى – مواصلاً- عموما إنتو واصلو ليهو فى المهدئات دى وإتحاشو (كلمات) الأغنية دى ذى ما الحكومة (إتحاشتا) !
من العيادة للبيت :
من أمام مبنى العياده إستقل الجميع (أمجاد) عائدين للمنزل .. قام (مأمون وكامل) بتسجية (حاج مبارك) وهو فى حالت (الدروخة) تلك على (الكنبة الخلفية) بينما جلسا فى الكنبة التى تليها وهما يثبتانه بإيديهما .. على المقعد الأمامى مع السائق جلست (التومة) التى بعد أن قامت بقفل الباب حتى بادرت السائق الذى كان يستمع إلى إحدى محطات الأف إم FM :
- يا ولدى عمك ده عيان وادينو البيت لكن بس تغشينا أى (صيدلية) عشان نصرف ليهو الأدوية الفى الروشته دى
- حاضر يا حاجه
أمام أحدى الصيدليات توقفت (الأمجاد) نزلت (التومة) لشراء الأدوية بينما السكون يلف العربة إلا من صوت المذيعة :
- آلو ناخد مكالمة معاى منو؟
- معاك (نوسة) من (الصافية)
- أهلا بيك يا نوسة فى (سباق الاغانى)
- يا هلا بيكى يا (رندا) والله برنامجكم رهيييب
- شكراً ليكى يا (نوسة) أها إنتى بترشحى الليلة ياتو أغنية
- والله يا (رندا) أنا برشح أغنيت (نار الشوق) لهيفاء وهبى !!
لم يشعر سائق (الأمجاد) إلا و(عم مبارك) وهو يحاول الوقوف فى عصبية بينما (مأمون وكامل) يمسكان به
- النار ولعت ؟.. النار ولعت؟
- (سائق الحافلة وهو يخرج منها بسرعه) : يا جماعة النار وين؟
- يا حاج قول بسم الله (قالتها التومة) وهى قد شاهدت المشهد بينما كانت (تحاسب) فى الصيدلية ذات الباب الزجاجى
- النار وين ؟ النار وييييين !!
عادت (التومة) للصيدلية لأخذ (الأدوية) بعد أن شرحت (للصيدلى) ما يمر به (الحاج) من أزمة طالبة منه أن يقوم بإعطائة حقنة مهدئة من التى تم صرفها لتناولها عند اللزوم .. ما لبث أن هدأ (الحاج) حتى وصل إلى سريرة ونام !!
لازم شفرة :
منذ أن جاءت تلك الحالة العصبية للحاج مبارك كان على (زوجتة) التومة وأبنائه تحاشى إستخدام تلك المفردات التى وردت فى تلك الأغنية فمجرد ذكر أحدى تلك الكلمات .. (النار .. ولعت .. قلبى .. بطفيها) كان كفيلا بأن يجعل (حاج مبارك) فى حالة (دفاع مدنى) وهياج وصياح وبحث عن مصدر ماء لإطفاء تلك النار المتوهمة .
لذا فكانو يستخدمون كلمات بديلة :
- عليكى الله يا (سمية) وقفى معاكى (الهناية) دى !!
هذه هى (التومة تخاطب إبنتها (سمية) أن تطفئ النار عشان الحلة ما تحرق !!
- والله الماتش كان (مشعلل جنس شعاللة) !!
هذا (منتصر) إبن (حاج مبارك) وهو يوصف حال ماتش (الهلال والأهلى) لصديقه الذى لم يراه على الهاتف متحاشيا أن يقول له بأن الماتش كان (مولع نار) !!
كما كان عليهم أيضاً تحاشى إستخدام (الراديو أو التلفزيون) ليس خوفا من أن يستمع إلى أغنية (النار ولعت) فهم يعلمون كما يعلم (الشعب الفضل) بأن تلك الاغنية قد أضحت فى (ذمة التاريخ) ولكنهم كانو يخافون من أغان مثل
(النار يا ظالم ) أو يا (نارى قيدى) أو (قلبى مالو اليوم) !!
المقادير :
إستيقظ (حاج مبارك) متأخرا من النوم من أثر تلك المهدئات التى تناولها بالامس .. كانت حالته مستقرة تماما .. بعد أن تناول إفطارة جلس فى البرنده كعادتة فى هدؤ لم يقطعه إلا صوت (جرس الباب) الذى قامت بفتحه (التومة) لتجدها جارتها (عزيزة) :
- عليكى الله يا التومة ما بلاقى ليا عندك شويت سمن
- عاوزة تسوى بيهو شنو؟
- والله عاوزة أسوى بيهو خبيز (بيتى فور) عندى شوية بس عاوزة أزيدو عشان (المقادير) نقصت ليا
- المقادير ياتا؟
- هو أنا ما كلمتك ؟ ما شفت أمبارح (أسامة السيد) فى التلفزيون ورانا بيعملوهو كيف
- والله يا عزيزة أنا نفسى أعملا عليكى الله إنتظرينى أجيب ليا قلم وورقه عشان أكتب طريقتا
-(بعد أن أحضرت القلم والورقه) : أها المقادير شنو؟
- شفتى قال ليكى تجيبى 13 فنجان دقيق و6 فناجين سمن سائح, و3 فناجين سكر ناعم و4 بيضات وشويت فانيليا
- والطريقه كيف؟
- تقومى تخلطى السكر الناعم والسمن السائح مع بعض وبعدين تختى البيض والفانيليا وتخطيهم برضو وبعد داك تخلطيهم كلهم مع الدقيق وتعجينيهم كويس وتقطعيهم بالمكنة وتختيهم فى الصينية وبعد داك تدخليهم الفرن .. لكن بس
- بس شنو؟
- النار ما تكون شديدة
هب (حاج مبارك) كمن لسعته عقرب :
-النار ولعت ؟ وين النار ؟ وين النار؟
-يا حاج قول بسم الله .. النار ياتا ؟ ما فى نار ...
إلا أن (حاج مبارك) كان فى تلك الاثناء قد حمل (جردل الغسيل) ووضعه فى عصبية تحت (الماسورة) التى فتحها (على الآخر) بينما كان يهرول بحثاً عن (ماعون) آخر وهو يصيح (النار ولعت) وسط ذهول (عزيزة) التى إحتمت خلف (التومة) وهى تسالها :
- الحاج ده لى هسع حالتو دى ما إتصلحت ؟
- إتصلحت شنو يا (عزيزة) أمس القريبة دى وديناهو الدكتور
- وما أداهو حاجه
- أداهو مهدئات .. كدى أمشى نادى ليا إتنين من أولادك ديل يمسكوهو يدوهو المهدئ ده
بعد أن قام (حاج مبارك) بأخذ المهدئ و(إتدروخ) ورقد على السرير لا يألو على شئ عادت التومة وعزيزة للجلوس أمامه فى البرنده :
- (وهى تهمس للتومة) : واللة والله (إحسان) جارتنا دى قالت ليا أكتشفت ليها جنس (فكى) شديد شده .. حقو تودى ليهو (الحاج) ده !!
- وده وين ؟
- هنا قريب قالت فى (أمبده بالسبيل)
- والله يا (عزيزة) الدكاترة ديل ما قدرو يعملو ليهو اى حاجه كل واحد فيهم يدينا كلام براهو .. وكل واحد فيهم يدينا أدوية شكل والعجب أجرة (الكشف) بتاعم (من مية ولى فوق) والله ختوإيدينافى الواطا(سطاشر سنة) وأنحنا من ده لى ده ومافى نتيجه
- كدى يا (التومة) ياختى خلينى (حار حار) كده أمشى لى (إحسان) دى اشوف رأئها واكلمها عشان كان وافقت توصف لينا محلو وين وإلا كمان تمشى معانا
لم تمض دقائق معدودات حتى عادت (عزيزة) وهى متهللة الوجه حيث أخبرت (التومة) بأن (إحسان) قد وافقت أن تذهب معهم غدا (للفكى) وذلك بعد أن يذهب زوجها للعمل ولكن هنالك مشكلة بسيطه وهى أنها لم تذهب له من قبل ولا تعرف مكانه بالضبط وإن عليها أن تقوم بسؤال قريبتها (نعمات) التى كانت قد أخبرتها عنه وأن تأخذ منها (الوصف)!!
المشوار طرشق :
فى صباح اليوم التالى قامت (التومة) بالذهاب إلى المحطة والإتفاق مع صاحب عربة (أمجاد) ليقوم بتوصيلهم إلى حيث يسكن (الفكى) .. توقفت الأمجاد أما منزل (حاج مبارك) الذى صعد إليها وجلس على المقعد الأمامى بينما جلست التومة وعزيزة فى المقعد الخلفى فى إنتظار وصول (إحسان) التى من المفترض أن تدلهم على منزل (الفكى) بعد دقائق قصيرة جاءت (إحسان) وقامت بركوب العربه وقفل الباب :
- يلاكم يا جماعه
- أها عرفتى محلو وين بالضبط؟
- أيوه إتصلت أنا فى (نعمات) ووصفت ليا داك يا الوصف
- أها قالت ليك وين بالضبط فى (أم بده بالسبيل)
- قالت ليا بيتو بفتح فى محطت (أب نيران) !!
أخذ (حاج مبارك) يرفس محاولاً فتح باب العربة المتحركة محاولاً النزول وهو يردد :
- وينا .. وينا .. فى المكنة .. فى المكنة؟؟ النار وينا
وسط ذهول سائق (الامجاد) الذى توقف يمين الشارع وأخذ يهدئ فى (حاج مبارك) ويتساءل :
- الحاج ده مالو؟ الحاج ده مالو
الدكتور تاااانى :
كان المرضى يجلسون ينتظرون دورهم فى الدخول لمقابلته وإن شئت كان مرافقيهم هم الذين ينتظرون فمعظم المرضى كانو (فى حالة تانية) بعضهم كان فى مرحلة (الحديث الخافت مع النفس) والبعض الآخر (ساهم يحدق فى المجهول) حينما تم إدخال (حاج مبارك) كحالة إستثنائية بعد أن قامت (التومة) بالإتصال بإبنه (منتصر) فى الشركة لموافاتها عند عيادة الطبيب بعد أن أخبرته بما حدث لوالده ..
- شنو الحكاية؟؟ الحاج ده أمبارح ما كان هنا وأديناهو المهدئات والحبوب
- والله يا دكتور من أمبارح لليلة الحالة دى جاتو مرتين
- جاتو مرتبن متين؟
- المقادير وأب نيران
- ما فاهم
- لا بس جات (سيرة للكلام) البجيب ليهو الحاجة دى
- شوفو يا جماعة الحاج ده فى (الطاشر سنة) القاعده تجيها فيهو (الصدمة) دى أعصابو تعبت كتير شديد وأنا غايتو بحذركم تانى لو جاتو (الصدمة) دى إحتمال ما يطلع منها فحاولو (سيرة النار) دى تانى ما تجيبوها فى خشمكم ... أمشوا إستمرو ليهو فى نفس الأدوية الكان أديتا ليهو لكن ما تنسوا لو الحالة دى جاتو تانى ح يروح فيها !!
أبكر صاجات :
إتفقت (التومة) مع عزيزة وإحسان على الذهاب (الفكى) فى صباح اليوم التالى بعد أن أضحت حالة (حاج مبارك) لا تسمح له بالذهاب فى نفس اليوم إذ تم إعطائه الأدوية المهدئة ، وبالفعل فى صباح اليوم التالى كانت العربة تنهب الارض فى طريقها نحو (أم بده بالسبيل) بعد أن طلبت (التومة) من السائق بقفل (الراديو) تحسباً
لأى (مفاجآت) قد تحدث .
كان الوصف دقيقا فمنزل الفكى (أبكر أب صاجات) يفتح تماما فى (محطة أب نيران) حيث كانت تشير غلى ذلك (اللافتة الحديدية) الضخمة المسنوده إلى (حائط الجالوص) المتهالك أمام المنزل
- بسم اللاهى ما شاء اللاهو .. الهاج ده مالو؟
- والله يا سيدنا الفكى (الحاج) ده (وهنا قبل أن تسترسل التومة) قامت عزيزة (بلكزها) حتى تسكت وهمست لها فى أذنها قائلة :
- إنتى غبيانه ؟ إنتى عاوزة الحالة تجيهو تانى ؟ يعنى عاوزة تجيبى (سيرة النار) دى للفكى قدامو
- كلامك صحى والله قربت اغلط (ثم مخاطبة الفكى) :
- يا سيدنا موضوع الحاج ده إلا أكلمك بيهو براك ...
وبالفعل قامت (التومة) بقص الحكاية من الألف إلى الياء للفكى (أب صاجات) بعيداً عن مكان (حاج مبارك) ثم عاد (أب صاجات) وجلس على (الفروة) من جديد لمعاينة المريض ..
- (وهو يمسك بالسبحة) : الهاج إسمو منو
- مبارك
- أمو إسمو منو
- نفيسة
- (وهو يسبح ويتمتم بكلمات غير مفهومة لدقائق ثم يتوقف فجأة) : الهاج ده إندو أمل
- أها و(العمل) ده بتطلعو يا سيدنا؟؟ ويبقى كويس زى زمان
- ايوة نتلأو
قالها وهو يقوم بالكتابه بحبر اسود على قطع من الورق الابيض الناصع ثم يدخل يده فى إناء قديم ليخرج بعض (الاعشاب) الصغيرة ينثرها فوق قطع الورق التى تمت الكتابه عليها ثم يقوم (بتطبيقها) فى شكل بخرات ثم يناولها للتومة قائلاً بينما (حاج مبارك) يجلس فى هدؤ :
- بخرات ده .. بخرة السباه .. بخرة الأصر .. بخرة بالليل .. لاكين لمن تجى (تأملو) لازم فى (هاجه) تسويهو
- حاجت شنو؟
- لازم تولأو (نار) شديد
كسرة :
وأطفأ (حاج مبارك) النار بقلبه الذى (توقف) بعد 16 عام من العذاب !!
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
[b]مشروع محاربة فار[/b]
البداية :
إستيقظ سكان العاصمة على غزو غريب من نوعه .. أعدادا هائلة من الفئران تجتاح (العاصمة) .. الشوارع .. الأرصفة.. تحت الأشجار .. داخل البيوت (عجزت ) كل القطط الموجوده بالعاصمة عن ملاحقة هذه الفئران وحتى حملات الإباده اليدوية التى نظمها (الشباب) فى الأحياء لم تفلح فى القضاء على هذه الآفة التى بدأت فى (قرض) كل ما تجده أمامها ..
بدأ المواطنون فى مناشدة المسئولين التدخل السريع للقضاء على هذه الآفه لا سيما أن هنالك عددا من حالات (العض) التى تعرض لها بعض المواطنين والتى ابرزتها الصحف الإجتماعية (بالصورة والقلم) .
- هسع نشترى دواء (السعر) بتاع (الفيران) ولا نشترى (مصل السحائى)
- أجى يا بت أمى ؟ هى (الحكومة) كمان بقت تبيع (مصل السحائى)
- والله يا (نفيسه) وما طالبانى حليفه بيبيعوهو كمان بى 30 ألف مع إنو جاييهم
(مجانى)
- والماعندو 30 ألف يعمل شنو؟
- يطقو (أب فرار) يجيب خبرو
- ولو عثرت بغله فى (العراق) ؟
- عراق شنو؟ والله لو ما عندها حق (المصل) زول يلحقا مافى
- سجم أمى هسع أنا والأولاد (السته) ديل وأبوهم يعنى عايزين لينا كم ؟
- والله إلا تدخلى ليكى صندوق يا نفيسه .. وكان واحد فيكم كمان (عضاهو فار) من
(الفيران) الحايمه دى إلا تبيعو بيتكم ده !!
أرتفعت وتيرة تزايد (الفئران) التى لم يعرف لها أحد مصدراً لها فبينما يقول البعض أنها قد أتت (جوعا) من المناطق التى على تخوم العاصمة والتى تعانى من (التهميش) ونقص (الغذاء) وندرته يعزى البعض هذه الهجمة إلى (الغرب) الذى ما فتئ يقوم بتدبير المؤامرات لإجهاض المشاريع الحضارية الى يسمع بها المواطنون دون أن يروها على أرض الواقع وهكذا يعزى بعض (كتاب النظام) الأمر إلى بعض (الطائرات) الغريبه التى قامت بعملية (إنزال) لحمولاتها من (الفئران) فى مناطق (فتاشه) وما جاورها من أجل زعزعت الأمن والإستقرار .
المسئولون يجتمعون :
فى إجتماع طارئ دعا له (المسئولون بالولاية) للتشاور حول كيفية القضاء على هذه الآفة التى تزداد يوميا تفاوتت الآراء حول كيفية القضاء على هذا الغزو :
- واللة أنا بفتكر حقو نفتح فيهم (الغاز المسيل للدموع) وبعدين لمن يدوخو نلمهم
- ده إقتراح ما كويس ..عاوز تكمل لينا (الغاز) ده ساكت هسع تقوم (مظاهرة) ما
نعرف (نفرتقا) كيف ؟
- أنا بفتكر نطلع قرار إنو كل مواطن يجيب ليهو 20 (فأر) نعفيهو من رسوم النفايات
لمده شهر .. أيه رايكم فى (الحل) ده ؟
- حل شنو؟ ومجانى شنو؟ إنتو عاوزين تخربو بيتى ؟ إنتو ما عارفين الشركه دى أنا
دفعت فيها دم قلبى !!
- والله يا جماعه المسأله دى حلها بسيط جداً
- (الجميع فى تحفز) : أها حلها شنو؟
- حلها إنو نستورد لينا 20 ألف 30 ألف (كديس) من بره !! إنتو بس خلونى أختف
كراعى أمشى (هولندا) أجيبهم وأجى ؟ والله القطط (الهولنديه) دى قالو (خطيرة)
جنس خطورة وبتشم الفيران على بعد ألف متر !!
- إنت عايز الشعب ده يقول علينا شنو؟ هسع دى جبنا ليهم 20 ألف (قوات أممية)
كمان نجيب ليهو 20 ألف كديس؟؟ أها ديك قلنا عليهم (هجين) ديل نقول عليهم
شنو؟
- مش كده وبس وبعدين إنت لو مشيت جبتهم هسع الناس تقول ليك دى (كدايس)
عاملين ليها (عمرة) ودى كدايس reconditioned وشنو ما بعرف داك !
- خلاص بلاش (هولندا) .. والله يا جماعه (جنوب أفريقيا) دى قالو فيها (كدايس)
تديكم العجب
- لا .. لا.. خلينا كدى من حكايت السفر و(التعاقدات) دى !! كدى النشوف لينا حل
تانى
- أها يا جماعه طيب الحل شنو؟؟ الناس دى ضاقت من مسألة )الفيران( دى ضيق
شديد !!
- والله أنا بفتكر إنو الحل بسيط .. كل مواطن يقوم بالقبض على عدد من (الفيران)
الحكومة تحفزو وتشتريهم منو .. مثلا الفار بى (ألف جنيه) وعلى كده يوم يومين
المواطنين ديل ما ح يخلو ليهم فار حايم ما تقولو المعايش (زانقاهم)؟
- يعنى عاوز تقول نعمل (حملة قومية لمحاربة الفأر) ؟ ذى العملناها زماانك
(لمحاربه الفقر) ؟
- أيواا ده القاصدو بالظبط
- والله دى فكرة كويسة لكن التمويل من وين؟ الكلام ده عاوز ليهو مليارات ؟
- إنتو بس (مسكونى) الشغلانه دى و(زحو) منها بعيد أنا ح (أظبطا) ليكم تمام !!
تأسيس المشروع :
عقد مسئول (الحملة القومية لمحاربة الفأر) عدد من (الإجتماعات) مع (اللجنه العليا) للحملة القومية لمحاربة الفأر بمكاتب (الأمانه العامة) للجنه العليا (للحملة القومية لمحاربة الفأر)وقد تم تحديد (إدارات) متخصصه حسب (الإستراتيجية) التى تم وضعها :
- إدارة الإعلام : وهى الإدارة المسئولة عن (إعلام الحملة) المرئي والمقرؤ
والمسموع
- الإدارة الهندسية : للبدء فى تشييد مبانى المكتب الرئيسي والمكاتب الفرعية
لمشروع (الحملة القومية لمحاربة الفأر) والتعاقد مع شركات الإنشاءآت(الصينية) و
(الماليزية) و(التركية)
- إدارة المشتروات : لمتابعه عملية شراء المعدات والأجهزة والمواد الخاصة بتشييد
مبانى المكتب الرئيسي والمكاتب الفرعية لمشروع (الحملة القومية لمحاربة
الفأر)
- الإدارة الصحية : للإشراف الصحى على العاملين فى (الحمله)
- إدارة الأمن والسلامه : لطبط الأمن بمواقع نقاط (التسليم) ومكاتب المسئولين
- الإدارة المالية : للإشراف والمتابعه فيما يخص الجانب المالى (وقد قام برئاستها
المسئول بنفسه)
وبدأت الحملة :
إنتشرت إعلانات (اللجنة العليا لمحاربة الفأر) وملأت إعلاناتها وملصقاتها جميع أماكن التجمعات وكل أجهزة الإعلام علاوة على (البكاسى) والعربات التى بدأت تجوب الأحياء مردده شعار (الفئران قد دنا عذابها) :
- عزيزى المواطننن … عزيزتى المواطنننننه .. أصطاد أكبر عدد من (الفيران) وتوجه
لأقرب نقطه تسليم .. (خمسة فيران) بى خمسة ألف جنيه .. (عشرة فيران) بى
عشرين ألف جنيه .. (ميت فار) بى ميت ألف جنيه … يعنى عزيزى المواطن (الفار
بى ألف) بس خلى بالك الفأر (لازم يكون حى) !!
- يا ربى الفيران دى عاوزنها (حيه يعملو بيها شنو؟)
- أنحنا مالنا إن شاء الله (يخللوها ) مش بيدفعو لينا ؟
بالفعل ما أن يقوم المواطن بتسليم الموظف (الكيس) الذى قام فيه بوضع
(حصيلته) من (الفيران) حتى يقوم (الموظف) بإحصائهم ثم تسليمه المبلغ
حسب (التسعيره) المعلنه .. توقفت الحياه فى كل مفاصل الدولة والمجتمع خرج
الجميع إلى الشوارع والساحات والمزارع والمبانى المهجورة من أجل (إصطياد
الفئران) .
لقد كانت تلك بالفعل فكرة باهرة بدليل أن جميع موظفى الدوله قد قاموا بطلب إجازاتهم السنوية للتفرغ لصيد الفار بينما إستقال كثير من أصحاب الوظائف الهامشية الذين قامو بتضريب المساله ووجدوا أن (صيد الفأر) هو أجدى وأنفع مما يتقاضونه من مرتبات لا تكفى لسد الرمق وحتى الذين تم (قفل بيوتهم) والإستغناء عنهم بدعوى (الصالح العام) قد نسوا وتناسوا قضيتهم (التى اصبحت كحجوة أم ضبيبينه) بعد أن وجدوا وسيله لكسب العيش وشراء اللبن للأطفال والإحتياجات اليومية بعد أن ظلوا سنينا يعانون الفقر و(المسغبة) وإنقطاع الرزق :
- شوف هسع لمن الواحد فينا يصيد ليهو 50 فار فى اليوم ..يعنى دخلو ح يكون
مليون ونص فى الشهر !!
- عليك أمان الله أنا مشغل معاى (الأولاد بى أمهم) آخر اليوم بنعمل المية
والميتين !! لكن مرات بتكون بالخسارة
- كيف؟
- لو بس (فأر) واحد (عض) ليهو واحد (المصل) بتاع (السعر) براهو الحكومة قاعده
تبيعو بى (ميتين) ألف !!
لم يقتصر الأمر على (موظفى الدوله) بل كانت المفاجأة أن نظار المدارس والتى كانت تشكو من تكدس التلاميذ فى الفصول بواقع أربعه تلاميذ على الكرسى الواحد قد فوجئوا بأنها قد أضحت فارغه وعند إستقصاء الأمر إكتشفوا ان التلاميذ قد آثروا (صيد الفئران) على الدراسة !! ليس المدارس وحدها بل أن معظم طلاب (الجامعات العشوائية) قد تركوا الذهاب (فى الفاضى) لها وإتجهوا (لعملية صيد الفأر) !!
لم يقتصر الأمر على ساكنى (العاصمة) بل شهدت (القرى والمدن) نزوحا شديدا حيث إمتلأت العاصمة بالزوار من المدن والحلالات الأخرى الذين جاءوا من أجل (جمع الفيران) وتحسين دخلهممما دعى أحد كبار المسئولين فى خطاب له أن يخاطب المواطنين قائلا ً :
- أها حلينا ليكم مشكلة البطاله ومشكلة تكدس التلاميذ فى المدارس ومشكلة
الفائض التربوى ومشكلة فائض العمالة أها تانى عندم (كلام) ؟
الفار رقم مليون :
لم يمض شهر واحد حتى تم الإعلان عن قيام إحتفال تنظمه (الحملة القومية لمحاربة الفأر) بمناسبة (القبض) على الفار رقم (مليون) وقد تم الإحتفال رسميا بذلك وقد حضره كبار المسئولين بالدولة تم فيه توزيع الجوائز وشهادات التقدير على (الأسر المنتجه) والتى قامت بإصطياد أكبر عدد من (الفئران) كما قامت بتقديم (الفأر الذهبى) للمواطن صاحب (الفأر رقم مليون) بينما كانت تنطلق من مكبرات الصوت التى إنتشرت فى المكان الأغنية الحماسية التى قام بكتابة كلماتها وصياغه لحنها وأدائها الفنان (عبدو الجاهز) والتى تقول :
- يا أخوانى البنات (الألف) ده ما حاجه
ورونى (الفار) هنــاك وأقعدو (فراجه)
وقد خاطب المسئول الأول فى الحمله القومية للقضاء على الفأر المواطنين حاثا أياهم على بذل مزيد من الجهد (مدفوع القيمة) – كما قال- للتخلص من هذه الآفه الخطيرة وقد تخللت الإحتفال الأناشيد (الحماسية) التى تدعو إلى قطع (دابر) الفئران و(تصفيتهم) حتى يكونو عبرة لمن يعتبروقد تم فى نهاية الحفل تقليد المسئول عن (الحملة القومية لمحاربة الفأر) نوط (الإباده) من الدرجه الأولى تقديرا لما قام به من جهد لدرء هذه الكارثه .
التقرير الخطير :
فى تقرير خطير أعدته أحدى الصحف الإجتماعية قالت الصحيفه بأنه قد تم إكتشاف عدد من (مزارع) الفئران والتى تمارس نشاطها سراً فى تربيه الفئران وتوليدها ومن ثم تسليمها وقبض المكافأة وقد شنت الصحيفة حربا شعواء على ما أسمته (بفئران المزارع) حيث إتضح لبعض مصادرها أنه نسبة ً للمكاسب الهائلة التي يجنيها صيادو الفئران .. فقد قام بعض أصحاب مزارع الدجاج والماشية في (الولاية) بتحويل نشاطها سراً إلى (تربية الفئران) باعتبارها ذات إرباح مضمونه ولا تتكلف تربيتها شيئاً .. وقد طالبت الصحيفة (المسئولين) فى (الولاية) بإصدار الأوامر بعدم شراء (فئران المزارع) .. والتمييز بينها وبين الفئران (الضالة) التى تستهدفها (الحملة) والتى صارت مصدرا أساسيا لدخل كثير من (الأسر الفقيرة) !!ولم تنس الصحيفة أن تشير إلى أن هنالك أحاديث يتداولها المواطنون تفيد بأن بعض كبار (المسئولين) الذين يمارسون (البزنس) يشاركون سراً في رأسمال تلك (المزارع الفئرانية) !!
كما أوضح التقرير بأنه نسبة للقاعدة الإقتصادية الخاصة (بالعرض والطلب) فقد بدأت تروج فى (الولايات) المتاخمة (تجارة الفئران) حيث تم إنشاء بعض (الشركات الصغيرة) التى تقوم بجمع (الفئران) وشحنها بحساب (الفأر 500 جنيه تسليم الخرطوم) وقد أهابت الصحيفة بالمسئولين إغلاق الحدود (الولائية) مع كافة الولايات المتاخمة منعا لدخول (الفئران الغريبة) !!
صدى التقرير :
أصدرت (اللجنه العليا) للحملة القومية لمحاربة الفأر بناء على ما جاء فى التقرير الذى قامت به تلك الصحيفة البيان التالى :
يا جماهير (الشعب الفضل) :
لقد إتضح لنا أن هنالك أياد خفية تعمل على إجهاض (مشروعنا الفئرانى) وذلك بزعزعة هذا المشروع وأفراغه من مقاصده النبيله التى تهدف إضافه على القضاء على (الفأر) القضاء على (الفقر) أيضاً !!
أخوتنا الأفاضل :
لقد ظللنا فى اللجنه العليا (للحملة القومية لمحاربة الفأر) نتابع فى ترقب وحذر ما يقوم به (الطابور الخامس) من عملاء ومندسين فى ضرب وإجهاض (مشروعكم العملاق) فقد تأكد لنا مما لا يدعو مجالا للشك أن هؤلاء (الخونه والمارقين) يقومون بتهريب (الفئران) من (الولايات الأخرى) مستخدمين فى ذلك كل الوسائل ومنتهزين فرصة عدم وجود نقاط تفتيش بين هذه (الولاية) والولايات المتاخمة الأخرى .
لذلك أيها الإخوة والأخوات ومنعا لمثل هذه الممارسات فقد تقرر إبتداء من اليوم أن يكون (سعر الفأر) هو خمسميت جنيه فقط بدلا عن (ألف جنيه) أى ما يوازى تكلفت ترحيلة من أى ولاية متاخمة وهذا منعا (لتهريبه إلى الداخل) أضافة إلى فرض ضريبه تسمى (ضريبه الفأر) مقدارها 10% تتحصل عند نقاط التسليم !!
إحتجاجات :
ما أن تمت إذاعه ذلك البيان حتى عم الصخب والهياج كل مراكز (تسليم) الفأر والتى بدأت التعامل مع المواطنين الذين يقفون لإستلام (العائد) بواقع (خمسميت جنيه للفأر زائداً الضريب) كما جاء فى ذلك البيان :
- ياحاجه جيبى (فيرانك) دى النحاسبك؟
- والله والله فيرانى ديل كان (أعفصم) ما بديكم ليهم الواحد بى (خمسمية) وكمان
معاها (ضريبه) !!
- (يفتح الكيس ويريه للموظف) : عليك الله شوفهم ديل عليك الله (فيران) خمسمية ؟ الواحد سمين ومبغبغ كيف؟؟ والله جريت وراهم لمن نفسى إنقطع تقول لياخمسمية !!
- لا يعنى هم يبيعو لينا (المصل) بتاع (السعر) الجرعة بى ميتين ألف ويجو (ينزلو)
لينا السعر؟ قال أيه (طابور خامس) وشنو ما بعرف ؟؟ بس مما تغلبهم حاجه
(يدرعوها) فى (الطابور) والمندسين والعملاء والمارقين والشنو ما بعرفو داك
لم تمض دقائق معدوده حتى إحتشد الجميع وتنظموا كل يحمل (كيسه) بيده وقد وقف أحدهم معتليا حجرا ضخما يخاطب الجمع :
- يا جماعه كل واحد يخلى بالو من (كيسو) .. يا جماعه كل واحد يخلى بالو من
(كيسو) ..
إخوتى وأخواتى :
ها هى الحكومة تمارس تنصلها من إلتزاماتها تجاه (المواطنين) … قالو (الفار) بى ألف قلنا ما بطال أهو الواحد منها (ينظف المدينه) ومنها يطلع ليهو بى قرش قرشين يأكل بيها الأولاد ويعالجهم أها بعد ما خلينا الورانا والقدامنا يجو يقولو لينا (الفار بى خمسمية) وكمان 10% ضريبه؟ على بالحرام كان قبضتو (كديسة) ما ترضى بالخمسمية دى؟
هتافات :
- بدون (لف) الفار بى (ألف)
- مافى هظار (أملنا) الفا ر
- بدون (لف) الفار بى (ألف)
- مافى هظار (أملنا) الفا ر
الإخوة والأخوات :
بعض (المسئولين) ربو (الفيران) فى (المزارع) بتاعتم و(داقرونا) فى رزقنا (سكتنا) .. وبعضهم جاب (الفيران) بالكونتينرات من (الولايات التانية) سكتنا .. لكن فى تعديل (سعرالحافز) ده ما بنسكت .. ما بنسكت لازم يرجعوهو لينا (ألف جنيه) ويعدلوهو
- (هتافات) : لا مزارع ولا فيران .. التعديل الآن الآن
الإخوة والأخوات :
- إن من مسئولية (الدولة) القضاء على الآفات والأمراض والعمل على صحة المواطن
غير أن الدوله تبيع لنا (الأمصال) فهذا هو مصل (السحائى) يباع فى مستشفيات
الدوله لا بألف جنيه ولا بألفين بل بثلاثين ألف جنيه … – يلتفت مبتسما – يعنى
تلاتين فأر !! وها هو مصل (السعر) تباع (جرعتو) بميتين ألف جنيه – يعنى ميتين
فأر- أها هسع لمن نجى نساعد الدوله فى (الآفه) دى وده واجبا عاوزانا كمان
(نشتغل ليها مجانى) !! هى الحكومة دى ما تشتغل بالمواطن شغله لكن مما
تجيها (مصيبه) عاوزة المواطن يقيف معاها !!
- (هتاف) : يا حكومة يا (سعرانه) … بطلى جشع وأقيفى معانا
- (هتاف) : لا لبيع مصل السحائى
- (هتاف) : لا لبيع مصل الســــعر
(ثم يكسرها) : - بدون (لف) الفار بى (ألف) … مافى هظار (أملنا) الفا ر
الإخوة والأخوات :
إن أرادت (الحكومة) تخفيض (سعر الصرف) إلى خمسميت جنيه للفأر الواحد وإذا أرادت فرض ضريبه على هذه الخمسمية فنحنا ده طرفنا من الشغلانيه دى بس الحكومة التشوف لينا ولى أولادنا ديل شغل … يعنى هم عاوزين الزول يكون (عاطل) ويمشى يشترى (الأمصال) دى بالقروش؟ كيف دى تجى يعنى؟
مع إنسجام الجميع مع الخطاب الذى ظل يلقيه (المتظاهر) لم ينتبه أحد إلى أن الحشد قد بدأ فى الكبر بعد إنضمام عدد من المواطنين الذين كانوا فى طريق العوده (نقاط البيع) القريبه كما لم ينتبه أحد لوجود (شرطه محاربة الشغب) التى طوقت المكان ..
أتجه شخص يرتدى بدله سفارى غامقه ونظارات شمسية ويحمل فى فى يده (عصا غليظة) نحو (المتظاهر الذى يخطب) :
- أنزل يا زول تعال هنا
- فى شنو؟
- الكيس الماسكو فى أيدك ده فيهو شنو؟
- ح يكون شنو يعنى (بنقو) ما فيران؟
- (فى إستفزاز) : وراجل كبير ذيك كده وشايل ليهو (فيران)؟
- (فى إستفزازين) : وإنت ما راجل كبير كده وشايل ليكا (عصايه)
- بلاش لماضة أنزل تعال معاى
ما أن شاهدت الجماهير الغفيرة (قائد التظاهرة) وهو قد تم إقتياده حتى حدث هرج ومرج وإختلط الحابل بالنابل مما إستدعى القوات التى تحيط بالمكان لإستخدام الغازات الحارقه المسيلة للدموع التى ملأت أركان المكان … ران الصمت لبضع دقائق وما أن إنقشعت سحب الدخان حتى إتضح المنظر المأساوى .. جميع المواطنين يرقدون غائبون عن الوعى .. كل يمسك بكيسه وقد تسللت الفئران خارجه تحبو دائخه … لم تمض دقائق حتى توقف عدد هائل من عربات الإسعاف التى بدأت فى نقل …………. (الفئران)
كسرة :إتضح لاحقا أن الفئران يتم تصديرها للخارج لإستخدامها كفئران تجارب بواقع الفأر 5 دولارات !!
29-06-2007, 07:54 م
الفاتح يوسف جبرا
.
ت
البداية :
إستيقظ سكان العاصمة على غزو غريب من نوعه .. أعدادا هائلة من الفئران تجتاح (العاصمة) .. الشوارع .. الأرصفة.. تحت الأشجار .. داخل البيوت (عجزت ) كل القطط الموجوده بالعاصمة عن ملاحقة هذه الفئران وحتى حملات الإباده اليدوية التى نظمها (الشباب) فى الأحياء لم تفلح فى القضاء على هذه الآفة التى بدأت فى (قرض) كل ما تجده أمامها ..
بدأ المواطنون فى مناشدة المسئولين التدخل السريع للقضاء على هذه الآفه لا سيما أن هنالك عددا من حالات (العض) التى تعرض لها بعض المواطنين والتى ابرزتها الصحف الإجتماعية (بالصورة والقلم) .
- هسع نشترى دواء (السعر) بتاع (الفيران) ولا نشترى (مصل السحائى)
- أجى يا بت أمى ؟ هى (الحكومة) كمان بقت تبيع (مصل السحائى)
- والله يا (نفيسه) وما طالبانى حليفه بيبيعوهو كمان بى 30 ألف مع إنو جاييهم
(مجانى)
- والماعندو 30 ألف يعمل شنو؟
- يطقو (أب فرار) يجيب خبرو
- ولو عثرت بغله فى (العراق) ؟
- عراق شنو؟ والله لو ما عندها حق (المصل) زول يلحقا مافى
- سجم أمى هسع أنا والأولاد (السته) ديل وأبوهم يعنى عايزين لينا كم ؟
- والله إلا تدخلى ليكى صندوق يا نفيسه .. وكان واحد فيكم كمان (عضاهو فار) من
(الفيران) الحايمه دى إلا تبيعو بيتكم ده !!
أرتفعت وتيرة تزايد (الفئران) التى لم يعرف لها أحد مصدراً لها فبينما يقول البعض أنها قد أتت (جوعا) من المناطق التى على تخوم العاصمة والتى تعانى من (التهميش) ونقص (الغذاء) وندرته يعزى البعض هذه الهجمة إلى (الغرب) الذى ما فتئ يقوم بتدبير المؤامرات لإجهاض المشاريع الحضارية الى يسمع بها المواطنون دون أن يروها على أرض الواقع وهكذا يعزى بعض (كتاب النظام) الأمر إلى بعض (الطائرات) الغريبه التى قامت بعملية (إنزال) لحمولاتها من (الفئران) فى مناطق (فتاشه) وما جاورها من أجل زعزعت الأمن والإستقرار .
المسئولون يجتمعون :
فى إجتماع طارئ دعا له (المسئولون بالولاية) للتشاور حول كيفية القضاء على هذه الآفة التى تزداد يوميا تفاوتت الآراء حول كيفية القضاء على هذا الغزو :
- واللة أنا بفتكر حقو نفتح فيهم (الغاز المسيل للدموع) وبعدين لمن يدوخو نلمهم
- ده إقتراح ما كويس ..عاوز تكمل لينا (الغاز) ده ساكت هسع تقوم (مظاهرة) ما
نعرف (نفرتقا) كيف ؟
- أنا بفتكر نطلع قرار إنو كل مواطن يجيب ليهو 20 (فأر) نعفيهو من رسوم النفايات
لمده شهر .. أيه رايكم فى (الحل) ده ؟
- حل شنو؟ ومجانى شنو؟ إنتو عاوزين تخربو بيتى ؟ إنتو ما عارفين الشركه دى أنا
دفعت فيها دم قلبى !!
- والله يا جماعه المسأله دى حلها بسيط جداً
- (الجميع فى تحفز) : أها حلها شنو؟
- حلها إنو نستورد لينا 20 ألف 30 ألف (كديس) من بره !! إنتو بس خلونى أختف
كراعى أمشى (هولندا) أجيبهم وأجى ؟ والله القطط (الهولنديه) دى قالو (خطيرة)
جنس خطورة وبتشم الفيران على بعد ألف متر !!
- إنت عايز الشعب ده يقول علينا شنو؟ هسع دى جبنا ليهم 20 ألف (قوات أممية)
كمان نجيب ليهو 20 ألف كديس؟؟ أها ديك قلنا عليهم (هجين) ديل نقول عليهم
شنو؟
- مش كده وبس وبعدين إنت لو مشيت جبتهم هسع الناس تقول ليك دى (كدايس)
عاملين ليها (عمرة) ودى كدايس reconditioned وشنو ما بعرف داك !
- خلاص بلاش (هولندا) .. والله يا جماعه (جنوب أفريقيا) دى قالو فيها (كدايس)
تديكم العجب
- لا .. لا.. خلينا كدى من حكايت السفر و(التعاقدات) دى !! كدى النشوف لينا حل
تانى
- أها يا جماعه طيب الحل شنو؟؟ الناس دى ضاقت من مسألة )الفيران( دى ضيق
شديد !!
- والله أنا بفتكر إنو الحل بسيط .. كل مواطن يقوم بالقبض على عدد من (الفيران)
الحكومة تحفزو وتشتريهم منو .. مثلا الفار بى (ألف جنيه) وعلى كده يوم يومين
المواطنين ديل ما ح يخلو ليهم فار حايم ما تقولو المعايش (زانقاهم)؟
- يعنى عاوز تقول نعمل (حملة قومية لمحاربة الفأر) ؟ ذى العملناها زماانك
(لمحاربه الفقر) ؟
- أيواا ده القاصدو بالظبط
- والله دى فكرة كويسة لكن التمويل من وين؟ الكلام ده عاوز ليهو مليارات ؟
- إنتو بس (مسكونى) الشغلانه دى و(زحو) منها بعيد أنا ح (أظبطا) ليكم تمام !!
تأسيس المشروع :
عقد مسئول (الحملة القومية لمحاربة الفأر) عدد من (الإجتماعات) مع (اللجنه العليا) للحملة القومية لمحاربة الفأر بمكاتب (الأمانه العامة) للجنه العليا (للحملة القومية لمحاربة الفأر)وقد تم تحديد (إدارات) متخصصه حسب (الإستراتيجية) التى تم وضعها :
- إدارة الإعلام : وهى الإدارة المسئولة عن (إعلام الحملة) المرئي والمقرؤ
والمسموع
- الإدارة الهندسية : للبدء فى تشييد مبانى المكتب الرئيسي والمكاتب الفرعية
لمشروع (الحملة القومية لمحاربة الفأر) والتعاقد مع شركات الإنشاءآت(الصينية) و
(الماليزية) و(التركية)
- إدارة المشتروات : لمتابعه عملية شراء المعدات والأجهزة والمواد الخاصة بتشييد
مبانى المكتب الرئيسي والمكاتب الفرعية لمشروع (الحملة القومية لمحاربة
الفأر)
- الإدارة الصحية : للإشراف الصحى على العاملين فى (الحمله)
- إدارة الأمن والسلامه : لطبط الأمن بمواقع نقاط (التسليم) ومكاتب المسئولين
- الإدارة المالية : للإشراف والمتابعه فيما يخص الجانب المالى (وقد قام برئاستها
المسئول بنفسه)
وبدأت الحملة :
إنتشرت إعلانات (اللجنة العليا لمحاربة الفأر) وملأت إعلاناتها وملصقاتها جميع أماكن التجمعات وكل أجهزة الإعلام علاوة على (البكاسى) والعربات التى بدأت تجوب الأحياء مردده شعار (الفئران قد دنا عذابها) :
- عزيزى المواطننن … عزيزتى المواطنننننه .. أصطاد أكبر عدد من (الفيران) وتوجه
لأقرب نقطه تسليم .. (خمسة فيران) بى خمسة ألف جنيه .. (عشرة فيران) بى
عشرين ألف جنيه .. (ميت فار) بى ميت ألف جنيه … يعنى عزيزى المواطن (الفار
بى ألف) بس خلى بالك الفأر (لازم يكون حى) !!
- يا ربى الفيران دى عاوزنها (حيه يعملو بيها شنو؟)
- أنحنا مالنا إن شاء الله (يخللوها ) مش بيدفعو لينا ؟
بالفعل ما أن يقوم المواطن بتسليم الموظف (الكيس) الذى قام فيه بوضع
(حصيلته) من (الفيران) حتى يقوم (الموظف) بإحصائهم ثم تسليمه المبلغ
حسب (التسعيره) المعلنه .. توقفت الحياه فى كل مفاصل الدولة والمجتمع خرج
الجميع إلى الشوارع والساحات والمزارع والمبانى المهجورة من أجل (إصطياد
الفئران) .
لقد كانت تلك بالفعل فكرة باهرة بدليل أن جميع موظفى الدوله قد قاموا بطلب إجازاتهم السنوية للتفرغ لصيد الفار بينما إستقال كثير من أصحاب الوظائف الهامشية الذين قامو بتضريب المساله ووجدوا أن (صيد الفأر) هو أجدى وأنفع مما يتقاضونه من مرتبات لا تكفى لسد الرمق وحتى الذين تم (قفل بيوتهم) والإستغناء عنهم بدعوى (الصالح العام) قد نسوا وتناسوا قضيتهم (التى اصبحت كحجوة أم ضبيبينه) بعد أن وجدوا وسيله لكسب العيش وشراء اللبن للأطفال والإحتياجات اليومية بعد أن ظلوا سنينا يعانون الفقر و(المسغبة) وإنقطاع الرزق :
- شوف هسع لمن الواحد فينا يصيد ليهو 50 فار فى اليوم ..يعنى دخلو ح يكون
مليون ونص فى الشهر !!
- عليك أمان الله أنا مشغل معاى (الأولاد بى أمهم) آخر اليوم بنعمل المية
والميتين !! لكن مرات بتكون بالخسارة
- كيف؟
- لو بس (فأر) واحد (عض) ليهو واحد (المصل) بتاع (السعر) براهو الحكومة قاعده
تبيعو بى (ميتين) ألف !!
لم يقتصر الأمر على (موظفى الدوله) بل كانت المفاجأة أن نظار المدارس والتى كانت تشكو من تكدس التلاميذ فى الفصول بواقع أربعه تلاميذ على الكرسى الواحد قد فوجئوا بأنها قد أضحت فارغه وعند إستقصاء الأمر إكتشفوا ان التلاميذ قد آثروا (صيد الفئران) على الدراسة !! ليس المدارس وحدها بل أن معظم طلاب (الجامعات العشوائية) قد تركوا الذهاب (فى الفاضى) لها وإتجهوا (لعملية صيد الفأر) !!
لم يقتصر الأمر على ساكنى (العاصمة) بل شهدت (القرى والمدن) نزوحا شديدا حيث إمتلأت العاصمة بالزوار من المدن والحلالات الأخرى الذين جاءوا من أجل (جمع الفيران) وتحسين دخلهممما دعى أحد كبار المسئولين فى خطاب له أن يخاطب المواطنين قائلا ً :
- أها حلينا ليكم مشكلة البطاله ومشكلة تكدس التلاميذ فى المدارس ومشكلة
الفائض التربوى ومشكلة فائض العمالة أها تانى عندم (كلام) ؟
الفار رقم مليون :
لم يمض شهر واحد حتى تم الإعلان عن قيام إحتفال تنظمه (الحملة القومية لمحاربة الفأر) بمناسبة (القبض) على الفار رقم (مليون) وقد تم الإحتفال رسميا بذلك وقد حضره كبار المسئولين بالدولة تم فيه توزيع الجوائز وشهادات التقدير على (الأسر المنتجه) والتى قامت بإصطياد أكبر عدد من (الفئران) كما قامت بتقديم (الفأر الذهبى) للمواطن صاحب (الفأر رقم مليون) بينما كانت تنطلق من مكبرات الصوت التى إنتشرت فى المكان الأغنية الحماسية التى قام بكتابة كلماتها وصياغه لحنها وأدائها الفنان (عبدو الجاهز) والتى تقول :
- يا أخوانى البنات (الألف) ده ما حاجه
ورونى (الفار) هنــاك وأقعدو (فراجه)
وقد خاطب المسئول الأول فى الحمله القومية للقضاء على الفأر المواطنين حاثا أياهم على بذل مزيد من الجهد (مدفوع القيمة) – كما قال- للتخلص من هذه الآفه الخطيرة وقد تخللت الإحتفال الأناشيد (الحماسية) التى تدعو إلى قطع (دابر) الفئران و(تصفيتهم) حتى يكونو عبرة لمن يعتبروقد تم فى نهاية الحفل تقليد المسئول عن (الحملة القومية لمحاربة الفأر) نوط (الإباده) من الدرجه الأولى تقديرا لما قام به من جهد لدرء هذه الكارثه .
التقرير الخطير :
فى تقرير خطير أعدته أحدى الصحف الإجتماعية قالت الصحيفه بأنه قد تم إكتشاف عدد من (مزارع) الفئران والتى تمارس نشاطها سراً فى تربيه الفئران وتوليدها ومن ثم تسليمها وقبض المكافأة وقد شنت الصحيفة حربا شعواء على ما أسمته (بفئران المزارع) حيث إتضح لبعض مصادرها أنه نسبة ً للمكاسب الهائلة التي يجنيها صيادو الفئران .. فقد قام بعض أصحاب مزارع الدجاج والماشية في (الولاية) بتحويل نشاطها سراً إلى (تربية الفئران) باعتبارها ذات إرباح مضمونه ولا تتكلف تربيتها شيئاً .. وقد طالبت الصحيفة (المسئولين) فى (الولاية) بإصدار الأوامر بعدم شراء (فئران المزارع) .. والتمييز بينها وبين الفئران (الضالة) التى تستهدفها (الحملة) والتى صارت مصدرا أساسيا لدخل كثير من (الأسر الفقيرة) !!ولم تنس الصحيفة أن تشير إلى أن هنالك أحاديث يتداولها المواطنون تفيد بأن بعض كبار (المسئولين) الذين يمارسون (البزنس) يشاركون سراً في رأسمال تلك (المزارع الفئرانية) !!
كما أوضح التقرير بأنه نسبة للقاعدة الإقتصادية الخاصة (بالعرض والطلب) فقد بدأت تروج فى (الولايات) المتاخمة (تجارة الفئران) حيث تم إنشاء بعض (الشركات الصغيرة) التى تقوم بجمع (الفئران) وشحنها بحساب (الفأر 500 جنيه تسليم الخرطوم) وقد أهابت الصحيفة بالمسئولين إغلاق الحدود (الولائية) مع كافة الولايات المتاخمة منعا لدخول (الفئران الغريبة) !!
صدى التقرير :
أصدرت (اللجنه العليا) للحملة القومية لمحاربة الفأر بناء على ما جاء فى التقرير الذى قامت به تلك الصحيفة البيان التالى :
يا جماهير (الشعب الفضل) :
لقد إتضح لنا أن هنالك أياد خفية تعمل على إجهاض (مشروعنا الفئرانى) وذلك بزعزعة هذا المشروع وأفراغه من مقاصده النبيله التى تهدف إضافه على القضاء على (الفأر) القضاء على (الفقر) أيضاً !!
أخوتنا الأفاضل :
لقد ظللنا فى اللجنه العليا (للحملة القومية لمحاربة الفأر) نتابع فى ترقب وحذر ما يقوم به (الطابور الخامس) من عملاء ومندسين فى ضرب وإجهاض (مشروعكم العملاق) فقد تأكد لنا مما لا يدعو مجالا للشك أن هؤلاء (الخونه والمارقين) يقومون بتهريب (الفئران) من (الولايات الأخرى) مستخدمين فى ذلك كل الوسائل ومنتهزين فرصة عدم وجود نقاط تفتيش بين هذه (الولاية) والولايات المتاخمة الأخرى .
لذلك أيها الإخوة والأخوات ومنعا لمثل هذه الممارسات فقد تقرر إبتداء من اليوم أن يكون (سعر الفأر) هو خمسميت جنيه فقط بدلا عن (ألف جنيه) أى ما يوازى تكلفت ترحيلة من أى ولاية متاخمة وهذا منعا (لتهريبه إلى الداخل) أضافة إلى فرض ضريبه تسمى (ضريبه الفأر) مقدارها 10% تتحصل عند نقاط التسليم !!
إحتجاجات :
ما أن تمت إذاعه ذلك البيان حتى عم الصخب والهياج كل مراكز (تسليم) الفأر والتى بدأت التعامل مع المواطنين الذين يقفون لإستلام (العائد) بواقع (خمسميت جنيه للفأر زائداً الضريب) كما جاء فى ذلك البيان :
- ياحاجه جيبى (فيرانك) دى النحاسبك؟
- والله والله فيرانى ديل كان (أعفصم) ما بديكم ليهم الواحد بى (خمسمية) وكمان
معاها (ضريبه) !!
- (يفتح الكيس ويريه للموظف) : عليك الله شوفهم ديل عليك الله (فيران) خمسمية ؟ الواحد سمين ومبغبغ كيف؟؟ والله جريت وراهم لمن نفسى إنقطع تقول لياخمسمية !!
- لا يعنى هم يبيعو لينا (المصل) بتاع (السعر) الجرعة بى ميتين ألف ويجو (ينزلو)
لينا السعر؟ قال أيه (طابور خامس) وشنو ما بعرف ؟؟ بس مما تغلبهم حاجه
(يدرعوها) فى (الطابور) والمندسين والعملاء والمارقين والشنو ما بعرفو داك
لم تمض دقائق معدوده حتى إحتشد الجميع وتنظموا كل يحمل (كيسه) بيده وقد وقف أحدهم معتليا حجرا ضخما يخاطب الجمع :
- يا جماعه كل واحد يخلى بالو من (كيسو) .. يا جماعه كل واحد يخلى بالو من
(كيسو) ..
إخوتى وأخواتى :
ها هى الحكومة تمارس تنصلها من إلتزاماتها تجاه (المواطنين) … قالو (الفار) بى ألف قلنا ما بطال أهو الواحد منها (ينظف المدينه) ومنها يطلع ليهو بى قرش قرشين يأكل بيها الأولاد ويعالجهم أها بعد ما خلينا الورانا والقدامنا يجو يقولو لينا (الفار بى خمسمية) وكمان 10% ضريبه؟ على بالحرام كان قبضتو (كديسة) ما ترضى بالخمسمية دى؟
هتافات :
- بدون (لف) الفار بى (ألف)
- مافى هظار (أملنا) الفا ر
- بدون (لف) الفار بى (ألف)
- مافى هظار (أملنا) الفا ر
الإخوة والأخوات :
بعض (المسئولين) ربو (الفيران) فى (المزارع) بتاعتم و(داقرونا) فى رزقنا (سكتنا) .. وبعضهم جاب (الفيران) بالكونتينرات من (الولايات التانية) سكتنا .. لكن فى تعديل (سعرالحافز) ده ما بنسكت .. ما بنسكت لازم يرجعوهو لينا (ألف جنيه) ويعدلوهو
- (هتافات) : لا مزارع ولا فيران .. التعديل الآن الآن
الإخوة والأخوات :
- إن من مسئولية (الدولة) القضاء على الآفات والأمراض والعمل على صحة المواطن
غير أن الدوله تبيع لنا (الأمصال) فهذا هو مصل (السحائى) يباع فى مستشفيات
الدوله لا بألف جنيه ولا بألفين بل بثلاثين ألف جنيه … – يلتفت مبتسما – يعنى
تلاتين فأر !! وها هو مصل (السعر) تباع (جرعتو) بميتين ألف جنيه – يعنى ميتين
فأر- أها هسع لمن نجى نساعد الدوله فى (الآفه) دى وده واجبا عاوزانا كمان
(نشتغل ليها مجانى) !! هى الحكومة دى ما تشتغل بالمواطن شغله لكن مما
تجيها (مصيبه) عاوزة المواطن يقيف معاها !!
- (هتاف) : يا حكومة يا (سعرانه) … بطلى جشع وأقيفى معانا
- (هتاف) : لا لبيع مصل السحائى
- (هتاف) : لا لبيع مصل الســــعر
(ثم يكسرها) : - بدون (لف) الفار بى (ألف) … مافى هظار (أملنا) الفا ر
الإخوة والأخوات :
إن أرادت (الحكومة) تخفيض (سعر الصرف) إلى خمسميت جنيه للفأر الواحد وإذا أرادت فرض ضريبه على هذه الخمسمية فنحنا ده طرفنا من الشغلانيه دى بس الحكومة التشوف لينا ولى أولادنا ديل شغل … يعنى هم عاوزين الزول يكون (عاطل) ويمشى يشترى (الأمصال) دى بالقروش؟ كيف دى تجى يعنى؟
مع إنسجام الجميع مع الخطاب الذى ظل يلقيه (المتظاهر) لم ينتبه أحد إلى أن الحشد قد بدأ فى الكبر بعد إنضمام عدد من المواطنين الذين كانوا فى طريق العوده (نقاط البيع) القريبه كما لم ينتبه أحد لوجود (شرطه محاربة الشغب) التى طوقت المكان ..
أتجه شخص يرتدى بدله سفارى غامقه ونظارات شمسية ويحمل فى فى يده (عصا غليظة) نحو (المتظاهر الذى يخطب) :
- أنزل يا زول تعال هنا
- فى شنو؟
- الكيس الماسكو فى أيدك ده فيهو شنو؟
- ح يكون شنو يعنى (بنقو) ما فيران؟
- (فى إستفزاز) : وراجل كبير ذيك كده وشايل ليهو (فيران)؟
- (فى إستفزازين) : وإنت ما راجل كبير كده وشايل ليكا (عصايه)
- بلاش لماضة أنزل تعال معاى
ما أن شاهدت الجماهير الغفيرة (قائد التظاهرة) وهو قد تم إقتياده حتى حدث هرج ومرج وإختلط الحابل بالنابل مما إستدعى القوات التى تحيط بالمكان لإستخدام الغازات الحارقه المسيلة للدموع التى ملأت أركان المكان … ران الصمت لبضع دقائق وما أن إنقشعت سحب الدخان حتى إتضح المنظر المأساوى .. جميع المواطنين يرقدون غائبون عن الوعى .. كل يمسك بكيسه وقد تسللت الفئران خارجه تحبو دائخه … لم تمض دقائق حتى توقف عدد هائل من عربات الإسعاف التى بدأت فى نقل …………. (الفئران)
كسرة :إتضح لاحقا أن الفئران يتم تصديرها للخارج لإستخدامها كفئران تجارب بواقع الفأر 5 دولارات !!
29-06-2007, 07:54 م
الفاتح يوسف جبرا
.
ت
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
ع[u]يون كديس[/u]
(شرفى) مواطن بسيط يستأجر منزلا بأحد الأحياء الشعبية وهو يعمل سائقاً للحافلات يتنقل بين واحدة وأخرى حتى تم مؤخراً إتفاقه مع (منصور الجلابى) ليسوق له حافلته من أجل إعالة أفراد أسرته المكونه من زوجته (عزيزة) وإبنه مهندس الكمبيوتر (وليد) وإبنته الموظفه (مها) .
كان اليوم (جمعه) ... شرفى كعادته أيام الجمع يستيقظ من النوم متأخرا إذ أن هذا اليوم مخصص لصيانه الحافلة من تغيير (زيوت وفلاتر) وخلافه .. إستيقظت (عزيزة) زوجته مبكرا كعاتها لعمل شاى الصباح عندما سمعت طرقا على الباب فقالت فى نفسها (وهى تلبس توب البيت الذى كان موضوعا على أحد الكراسى) :
- سيد البيت الجعان ده ؟ هسع ما يا دوبو يوم واحد فى الشهر جاى ناطى لينا صباحات الله بى خير
تفاجأت (عزيزة) بان الطارق لم يكن (سيد البيت) إنما شخص أسمر السحنة ذو لحية خفيفة يرتدى جلابية بيضاء وطاقية خضراء ويضع حول رقبته مسبحة لالوب ضخمة
- (فى لكنة غريبة) : السلام عليكم
- وعليكم السلام
- ده مش بيت بتاع الشيخ شرفى
- آآى لكن بس هو ما شيخ
- لا لا إن شاء اللاهو شيخ
- هو إن شاء اللاهو موجود ؟
- موجود لكن نائم النصحيهو ليك
قامت عزيزة بإيقاظ (شرفى) الذى قام متثاقلا نحو (الحمام) حيث قام بغسل وجهه ثم إتجه لباب الشارع :
- أهلا مرحب
- وعليكم السلام شيخ شرفى
- أهلا وسهلا (فى تعجب) ما عرفت الشيخ من وين؟
- والله نحنا ناس سائحين فى الدنيا ده ساااكت
- أيواا وعرفت إسمى ده من وين طيب؟
- واللاهى ده حكاية عجيبه (مواصلا) أنا ما بعرفكم لكن جيت ماشى بالشارع ده و أول ما جيت قصاد بيتكم ده جانى (هاتف) و..
- جاج (هاتف) مس كول يعنى؟
- لا لا ما ( إس كول) ديل (الخدام) بتاعينى طوالى كلمونى قالو ليا بيت ده فوقو( كنز سليمان) ولازم تمشى تطلعو للناس ديل هسع عشان ناس ديل مساكين – مواصلا- قمت قلت لى (خدام) طيب بيت ده بتاع منو قامو قالو ليا ساكن فيهو زول إسمو (شرفى)
- (فى إستياء) : يعنى هسع إنت من الصبح كده مصحينا عشان تطلع لينا كنز ؟
- (فى ثقة) : خدام ده ما يكضب إنت عينك تشوف
(عزيزة تتدخل) : إنت ما تخليهو يطلعو خسران شنو؟ أحتمال الله ده يكون رضى علينا وعاوز يبسطنا !!
- (الزائر وقد دعم موقفه كلام عزيزة) : إنت ما تخسر حاجه كلام خدام ده تمام هسع تشوف بى عينك
- طيب المطلوب هسع مننا شنو ؟
- (يقوم بإفراغ الكيس الذى يحمله على الأرض ... كتاب قديم صغير الحجم منزوع الغلاف على صفحته الأولى رسومات غريبه .. عدد من ريش الحيوانات الملون .. قطع صغيرة من الأوراق البيضاء .. عدد من الأكياس البلاستيكية المتسخة فى حجم قبضة اليد) بينما يقوم بترتيب هذه الأشياء ويختار جزءا منها للمهمة يرفع رأسه مخاطبا شرفى :
- بس جيبو لينا (كرتونه) كبير نخت فيهو الكنز ومعاهو مبخر فيهو (جمر) نارو شديد
بينما إتجهت (عزيزة) إلى المطبخ لتجهيز(المبخر والنار) قام (شرفى) متوجها إلى حيث كان إبنه (وليد) لا زال نائما :
- قوم يا وليد .. أصحى قوم جيب لينا كرتونه من الدكان
- (وهو يتمطى ويدعك عينية) : كرتونة بسكويت
- بسكويت شنو جنك أكل .. كرتونه فاضية
- طيب قدر شنو؟
- جيب أكبر كرتونة تلقاها
خرج وليد بعد أن قام بغسل وجهه على عجل فى ذات الوقت الذى قامت فيه (عزيزة) بإحضار المبخر ثم وهى تخاطب (الزائر) بينما تمسك (بالهبابة) :
- أريتو جمر السرور والله ولع ليك جنس وليعة يا سيدنا الشيخ
يمسك (الزائر) بالمبخر ويضعه أمامه وهو يتمتم ببعض التعاويذ الغير مفهومة ويضع عليه بعضا من (البخور) ذو الرائحة النفاذة :
- جيبو كمان (صحن كبير) فيهو موية نضيف
تذهب (عزيزة لإحضار (الصحن ) بينما (شرفى) يتابع ما يقوم به (الزائر) فى تركيز
- أهو ده يا سيدنا الصحن مليان موية نضيفة بس عكرانه شوية ... مويت الأيام دى أصلها كده
يضع (الزائر) الصحن أمامه .. يرمى عليه عددا من الحصى الصغيرة ثم يبدأ فى قراءة بعض التعاويذ مرة أخرى وهو ينظر فى الماء بتركيز ... ثم فجأة يلتفت إلى شرفى قائلا :
- خدام بيقولو (كنز) فى أوضه ده (وهو يشير إلى صالون المنزل)
فى هذه اللحظة يدخل (وليد) وهو يحمل (كرتونة كبيرة) مخاطبا والده :
- لفيت الدكاكين دى كلها ما لقيت أكبر من الكرتونه دى ... هو إنتو عاوزين بيها شنو؟
تشير إليه (عزيزة) بيدها بما معناهو أدخل جوة أنا ح أشرح ليك الموضوع .. يدخلان معا ثم بعد دقائق يعودان حيث ينتصب الزائر واقفا وهو يحمل (الكرتونه) بيد والمبخر باليد الاخرى :
- أنا ح أدخل أوضه ده عشان أطلع (الكنز) وكرتونه ده عشان نختو فيهو بس ح أقفل أوضه ده عشان إنتو ما تقدرو تشوفو خدام عشان خدام (شكلو فظيع) ما تقدر تتحملوهو
يدخل (الزائر) ويقفل خلفه (باب الصالون) ويجلس (الثلاثة) ينتظرون فى (البرنده ) التى أمام الصالون وتنضم إليهم (مها) شقيقة (وليد) والتى تقف أمامهم وهى تتثائب قائلة :
- مالكم الليلة من الصباح قاعدين برة (مصنقرين) كده ؟ فى شنو؟
تقوم والدتها بشرح الأمر لها ثم تواصل فى همس :
- وهسع قاعد يطلع لينا فيهو؟ - مواصلة- والله من زمانك (بت المنى) الوداعية ما حصل كشحت ليا ودع إلا قالت ليا (الدهب) المدفون في بيتكم ده شنو؟
- أوع يكون زول مستهبل ساكت يا أمى؟
- ونحنا خسرانين شنو؟
الأصوات التى كانت تنطلق من (الحجرة) تختفى شيئا فشيئا .. يفتح الزائر باب الصالون والعرق يملأ ثيابه ويشير للجميع بالدخول .. الكرتونه تتوسط الصالون وهى ممتلئه عن آخرها بالسبائك والسلاسل والقطع الذهبية .. الجميع فى ذهول تام لم يقطعه إلا صوت (شرفى) وهو يخاطب الزائر :
- ده هسع دهب؟
- (فى ثقه) : أيوا ( دهب) ولو عاوز تتأكد ممكن هسع تشيل منو قطعه صغير تمشى بيهو السوق تشوفو !!
- (عزيزة وهى تنظر للدهب فى إنبهار) لا خلا ص مافى داعى مصدقنك يا الشيخ
- (وليد وهو يخاطب الشيخ) : خلاص شيل نصيبك وأدينا نصيبنا
- لا لا دهب ده عشان تقدرو تشيلو لازم نضبح ليهو (تلاته بقرات) عيون كديس
- كيف يعنى (عيون كديس) ؟
- ده بقر عندنا هناك فى البلد عيونو ذى (عيون كديس) ومافى زول بيعرف مكانو إلا ناس البلد فى (الجبل)
- والبقرة (عيون كديس) دى بى كم؟؟
- والله غالى عشان ما موجود كتير .. الواحد يكون بى إتنين مليون .. يعنى التلاته بى سته مليون –مواصلا- (دهب) ده لازم ندخلوهو هسه (دولاب فاضى) ونقفلوهو وما ينفتح إلا بعد بقر (عيون كديس) ينضبح ونرشو بى دم وأسمعو كلام ده كان (دولاب) ده إنفتح خدام بيشيلو دهب ده كلو ويختو بدلو (حجار) !!
- وهسع طيب الخدام عايزين شنو؟
- خدام عايزين بقر (عيون كديس) إنتو تدونى قروش أمشى بلد إشترى بقر مسافه بتاع إسبوع وأجى نضبحو هنا ونرش دهب بالدم عشان تقدرو تتصرفو فيهو
- لكن هسع ما معانا المبلغ ده
- لو ما جمعتو قروش ده هسع خدام كل شوية بيشيل من دهب ده لحدت ما يكمل لازم قروش بى سرعة عشان لازم بقر (عيون كديس) بى سرعه !!
عقدت الأسرة إجتماعا صغيراً بعد أن إنتحت جانباً .. قررت (عزيز)ة أن تقوم بنزع (الغويشتين) اللابساهم فى إيدا أضافة إلى (كرسى جابر) الذى كانت تضعه فى علبه فى الدولاب كما قامت مها بنزع (السلسل) الذى أهداه لها والدها عند دخولها للجامعه
- شوف يا الشيخ نحنا ناس (فقرانين) وقروش ما عندنا لكن شيل ( الدهب ) ده بيعو وإشترى بيهو البقر (عيون الكديس) القلتو ده
- (يمسك بالدهب ويقلبه بين يديه ) : دهب دا ما بجيب خمسة مليون قروش بقر .. لازم تزيدوهو
- ( مها تخرج الشريحه من موبايلا ثم تقدمه له ) : شوف يا (حاج) موبايلى ده 90N تمنو مليون ومية وكان جدعتو ساكت بجيب سبعمية ثم (تخلع من أصبعها الدبله) :
- وكمان شيل الدبله دى معاهم
يمسك بالموبايل ينظر إليه :
(وهو يعيده لها بينما يحتفظ بالدبله) : كلام بتاع تلفونات ده ما نعرفو
- إنت بس شيلو ووديهو السوق (محلات الموبايلات) وهم بشتروهو منك
(وهو يعيد الموبايل ويضعه داخل الكيس) : قروش ده يكون ناقص مليونين كده .. نحنا لازم نجيب بقر (عيون كديس) بى سرعة عشان خدام ده ما يشيلو الدهب
- (شرفى) يهمس فى إذن عزيزة) : قومى أمشى شوفى صاحباتك الفى الحلة ديل لو عندهم قروش
محاولات إستلاف :
- عليكى الله يا (أمونه) ما بلقى ليا عندك شوية (قريشات) كده لحدت يوم يومين؟
- ذى كم كده؟
- يعنى ذى مليون مليونين
- إنتى جنيتى يا عزيزة ملايين شنو العندنا أنا قايلاكى تقولى ليا عايزة ليكى عشره خمسطاشر ألف قلت أديكىالقروش الخاتاها (للجمرة) دى - مواصلة- لكن مسئوله من الخير يا بت أمى الملايين دى عاوزين بيها شنو؟
- (وهى تتلعثم غير متوقعه للسؤال) : والله .. فى الحقيقه .. أصلو إسمنا طلع فى الخطة الأسكانية وقالو بكرة السحب والزول لازم يجيب معاهو (الرسوم)
- شوفى راسك عديل تمشى لى عواطف زوجت (مولانا) جارنا ده وحات عيونى ديل القروش عندهم ربط ربط
خرجت (عزيزة) من منزل أمونه وهى تقول لنفسها :
- هو كان ما ساى غبا منى الجابنى أسألك شنو؟ هو معقول يكون عندكم ملايين ؟ ما كحيانين ذى حلاتنا
ضغطت (عزيزة) على جرس الباب الذى سرعان ما قامت (الشغالة) بفتحه حيث وجدت نفسها أما (عواطف) التى كانت تجلس على (سرير) فى ضل المطبخ
- إتفضلى يا عزيزة
- أذيك يا عواطف ... والله بس مستعجلة شوية وجيتك مغروضة فيكى وعاوزه ليا (قريشات) كده عشان إسمنا طلع فى الخطة الإسكانية وما محضرين روحنا وكده
- عاوزة ليك ذى كم يعنى؟
- مليون مليونين كده
- والله يا (عزيزة) أنا هسع ما عندى غير مليون كنت خاتاهو عاوزة إشترى ليا بيهو تياب لكن ما مشكلة بديكى ليهو حلى بيهو مشكلتك
حملت عزيزة (المليون) وعادت بسرعة البرق إلى البيت حيث كان (الزائر) ينتظر
- شوف يا سيدنا الشيخ أها ده مليون وعندك هناك غويشتين وسلسل وكرسى جابر والموبايل والدبلة أمشى (أصرفم) وكان نقصت القروش تمها ولمن تجى راجع تلقانا حضرنا ليك الباقى
يأخذ (الزائر) المبلغ ويضعه داخل الكيس ويطلب منهم أن يساعدوه على حمل (الكرتونة) الممتلئة بالذهب ليدخلها إلى داخل (الدولاب) ثم يقوم بقفلة وهو يخاطبهم فى جدية :
- لو فتحتو دولاب ده قبل ما نضبح بقر(عيون كديس) الخدام ح يرجعو (الدهب) ده كلو ويقلبوهو (حجار)
- لا يا شيخنا بننتظرك بس إنت ما تتأخر علينا
ما أن خرج (الزائر) حتى جلست الأسرة وكل فرد من أفرادها قد سرح بخياله بعيدا يمنى نفسه بحياة جديده
- شفت يا حاج أول حاجه بس تشترى ليكا بيت عشان نرتاح من (سيد أحمد) النضام ده
- آآى يا بوى ولازم يكون فى حنه راقيه كده عشان نفارق الأحياء الشعبية دى حاجه كده ذى (المنشية) قاردن سيتى !!
- أنا غايتو عاوزة ليا عربية 2007 ذى عربية نهلة صاحبتى وكم دسته (لبسات خطيرة) وتدونى أوضه فيها بلكونه فى البيت الجديد !!
- أنا غايتو بس غير الدهب والتياب ما عايزة حاجه .. أملأ ليك يدينى الإتنين ديل و(أعنكش) ليك رقبتى دى لمن تتملى – مواصلة- ما تقول عرس بت (فوزيه بت العازه) قرب !!
- إنتى يا أمى عاوزة تجيبى لينا (الأمن الإقتصادى) ؟
- كمان أمن شنو؟ وإقتصاد شنو؟ أصلى أنا (هربتا) ولا (إتهربتا) ولا كمان (نطيت الجمارك) ما الله وأدانا
فى هذه الأثناء يسمعون طرق على الباب :
- منو فى الباب
- سيد أحمد
- (يفتح له شرفى الباب) : إتفضل
- لا ماشى بس عاوز الإيجار
- لكن يا سيد أحمد تجينا يوم (واحد) فى الشهر ما تصبر شوية؟
- وعاوزنى أجيك يوم (صفر) ؟
- (فى زهج) : صفر ... سين تكعيب .. خلاص بيتك ده ذاتو طالعين ليك منو؟ وخالنو ليك من أول الشهر الجاى .. هو ذاتو لو ما ساكت ده بيت نسكن فيهو؟
- مالو ؟؟
- مالو شنو كان صبت (شكشاكه) تلقى السقف قعد ينقط ... وكل يوم والتانى عاوز (يزبلوهو)
- (فى تهكم) خلاص أمشى أسكن فى (قاردن سيتى) بس أدينا إجارنا
- خلاص بجهزو أجيبو ليك
سيد الحافلة :
لما لم يقم (شرفى) بتسليم (منصورالجلابى) – صاحب الحافلة - توريده (يوم الخميس) نسبة لأنه تصرف فيها فقد قرر أن يقوم بعمل (فردتين تلاته) للحصول على مبلغ يساعده فى إكمال التوريده على الرغم من أن اليوم جمعة ومن المفترض أن يكون يوما لصيانه الحافلة وتغيير ( الفلاتر والزيوت) إلا أن حظ (شرفى العاثر) وفى أول (فرده) له وهو يقف فى (الموقف) وجد نفسه وجها لوجه أمام (منصور) ..
- ما عاوز تجيب توريدت أمبارح وكمان شغال ليا بيها يوم الجمعة؟
- وما إشتغل بيها أنت قايل حافلتك دى حافلة؟ مش كويس إنى شغال ليك بيها
- كيف يعنى؟
- أمبارح ضربت (كويل) و(قماشات الفرامل) عملت صوت غيرتهم ليها واللديتر (إتقدا) مشيت (لحمتو)
- إنت وكت ما عاجباك سايقا ليه
- ما قلنا (نقزقز) بيها لحدت حافلتنا تجى من (السعودية)
- (فى تعجب) : إنت جاياك حافلة؟
- وكمان (روزا) 30 راكب (عديله) وما (معدله) ذى عربيتك التعبانه دى
- لا يعنى جبت القروش من وين؟
- هو إنتو براكم العندكم قروش .. طلعت لينا ميت كم مليون كده ورثه بتاعت (جدنا) فى الشمالية
- والله حكاية ؟ إنت زمان ما حنستنى حنيس عشان أسلمك الحافلة دى ووسطت ليا الدنيا كلها ..خلاص وكت ما عاجباك أنزل لينا منها خلينا نديها لى زول تانى !!
ما أن عاد (شرفى) إلى المنزل حتى بادرته (عزيزة) :
- مالك يا راجل جاى بى كرعينك؟ الحافلة وينا؟
- سلمتها سيدا
- وناكل من وين؟
- كيفن ناكل من وين ؟ نائمة فوق (كنز سليمان) وتقولى ليا ناكل من وين؟ ما كلها يومين تلاته والأمور تكون آخر حلاوة - متسائلاً- والأولاد ديل وين؟
- والله مما الشيخ مشى خاتين كراسيهم و(مصاقرين) الدولاب قاعدين يعاينو ليهو
- أوع كمان (يفتحوهو) يطيرو علينا الدهب ده
- لا أنا حذرتهم وهم عارفين
( وليد) فى الشغل :
كان الرئيس المباشر لوليد فى العمل كثيرا ما يوبخه على حضورة متأخرا وفى أحيان كثيرة يقوم بإستيضاحه
لما كان وليد قد قضى الليل كله مساهرا مستغرقا فى التفكير والخيال والآمال فقد حضر للعمل متأخرا زهاء الساعة ونصف .
- إنت مش ميت مره أنا قلت ليك تجى فى مواعيدك
- والله بس (المواصلات) وكده
- طواااالى شماعت المواصلات دى ؟ يوم واحد قول ليك (حاجه تانى)
- حاجه تانى
- كمان يعنى بتستهزأ؟
- يعنى عاوزنى أقول ليك شنو يا سيد (بشير) ؟ ما إتأخرت وخلاص وبعدين أصلى أنا (مؤجر عجله) ما شغل وقاعدين نجيهو من الصباح؟
- (تفاجأ سيد بشير بردود وليد التى لم يعهدها) : إنت الليلة يا موظف مالك؟
- أقول ليك حاجه؟ أنا كنت موظف لكين عشان (حركاتك) دى خليت التوظيف
- يعنى شنو؟
- يعنى مستقيل وشغل ذاتو ما عايزو أيه رأئك؟
تفاجأ جميع الموظفين الذين كانو يستمعون لذلك الحوار بما قام به ( وليد) حيث قام بعض زملائه باللحاق به مستفسرين :
- شنو يا (وليد) إنت جنيت ؟
- جنيت شنو؟ هو يعنى عشان الواحد إتنازل وإشتغل فى الشركة المهببه دى ؟؟ والله أنا ممكن أعمل واحده أحسن منها !!!
عاد (وليد) أدراجه لمنزلهم بينما تأكد للجميع أنه لم يكن بكامل قواه العقلية !!
- مالك جاى من الشغل بدرى كده؟
- شغل شنو مش (الأربعميت ألف) دى خلاص ما دايرنها كلها أسبوع أسبوعين والواحد يعمل ليهو (بيزينس) بتاعو
مها وخطيبها :
(مأمون) شاب فى بداية الطريق تعرفت عليه (مها) قبل أشهر قليلة عندما تم توظيفه فى الشركة التى تعمل بها وسرعان ما توطدت العلاقه بينهما وتقدم لطلب يدها .. يمتاز (مامون) بكافه الصفات الحميده إلا أنه حاد المزاج ... تعودا أن يتناولا وجبة الفطور سويا بمكتبها وبينما كانا يفطران :
- إنتى (الدبله) وديتيها وين ما شايفا فى إيدك
- (فى إنزعاج وهى تلمس مكانها) : الله !! والله صحى مافيشا
- مشت وين يعنى؟
- ما عارفا والله ؟ تكون وقعت ولا نسيتا فى حته
- كيف يعنى تنسيها فى حته ولا تكون وقعت؟
- (فى تبرم) : يعنى عاوزنى أعمل شنو؟ ما قلت ليك ما عارفاها مشت وين؟
- والله وكت إنتى ما أمينه على (الدبله) دى أفتكر إنو ...
- إنو شنو؟ عاوز تقول شنو؟
- إفتكر إنو ما ح تكونى أمينه على (مستقبلنا)
- (فى زهج) : هو مستقبل ذاتو مع حركاتك دى أنا ما عايزاهو
- (وهى تقول لنفسها مبتعده عنه) : بالله شوف كمان رضينا بالهم والهم ما رضى بينا !!!
بعد أن مر الاسبوع لم يتصل (الشيخ) ولم (يحضر) بدأ الجميع يحاولون إيجاد الأعذار:
- يكون ما لم فى البقر عيون كديس القالو ده
- إحتمال يكون الأمطار قفلت الطريق
- يكون نسى البيت
- كدى نصبر شوية
القرار الصعب :
بعد شهر قضاه أفراد الأسرة فى الإنتظار قرروا جميعا أن يقوموا بفتح الدولاب فقد ساءت أحوال الأسرة بعد أن ترك (شرفى) العمل فى الحافلة وإستقال (وليد) من وظيفته وساءت حاله (مها) النفسية بعد أن تركت خطيبتها والملاحقات المتواصلة لعواطف التى إستدانت منها (عزيزة) المايون جنية.
تجمعت الاسرة أما الدولاب .. قام (شرفى) بعد أن (توضأ) وبسمل وتحوقل وقرأ المعوذتين بفتح الدولاب حيث وجد أن الكرتونه تشع منها فى الظلام الذى يكتنف (الدولاب) (نقاط نور) تهلل وجهه وهتف :
- الدهب الدهب
قام بإخرج الكرتونة من الدولاب لتنطلق القطه وأولادها الصغار ..فقد كانت الأنوار التى تتلألأ فى الظلام (عيون كديس) !!
(شرفى) مواطن بسيط يستأجر منزلا بأحد الأحياء الشعبية وهو يعمل سائقاً للحافلات يتنقل بين واحدة وأخرى حتى تم مؤخراً إتفاقه مع (منصور الجلابى) ليسوق له حافلته من أجل إعالة أفراد أسرته المكونه من زوجته (عزيزة) وإبنه مهندس الكمبيوتر (وليد) وإبنته الموظفه (مها) .
كان اليوم (جمعه) ... شرفى كعادته أيام الجمع يستيقظ من النوم متأخرا إذ أن هذا اليوم مخصص لصيانه الحافلة من تغيير (زيوت وفلاتر) وخلافه .. إستيقظت (عزيزة) زوجته مبكرا كعاتها لعمل شاى الصباح عندما سمعت طرقا على الباب فقالت فى نفسها (وهى تلبس توب البيت الذى كان موضوعا على أحد الكراسى) :
- سيد البيت الجعان ده ؟ هسع ما يا دوبو يوم واحد فى الشهر جاى ناطى لينا صباحات الله بى خير
تفاجأت (عزيزة) بان الطارق لم يكن (سيد البيت) إنما شخص أسمر السحنة ذو لحية خفيفة يرتدى جلابية بيضاء وطاقية خضراء ويضع حول رقبته مسبحة لالوب ضخمة
- (فى لكنة غريبة) : السلام عليكم
- وعليكم السلام
- ده مش بيت بتاع الشيخ شرفى
- آآى لكن بس هو ما شيخ
- لا لا إن شاء اللاهو شيخ
- هو إن شاء اللاهو موجود ؟
- موجود لكن نائم النصحيهو ليك
قامت عزيزة بإيقاظ (شرفى) الذى قام متثاقلا نحو (الحمام) حيث قام بغسل وجهه ثم إتجه لباب الشارع :
- أهلا مرحب
- وعليكم السلام شيخ شرفى
- أهلا وسهلا (فى تعجب) ما عرفت الشيخ من وين؟
- والله نحنا ناس سائحين فى الدنيا ده ساااكت
- أيواا وعرفت إسمى ده من وين طيب؟
- واللاهى ده حكاية عجيبه (مواصلا) أنا ما بعرفكم لكن جيت ماشى بالشارع ده و أول ما جيت قصاد بيتكم ده جانى (هاتف) و..
- جاج (هاتف) مس كول يعنى؟
- لا لا ما ( إس كول) ديل (الخدام) بتاعينى طوالى كلمونى قالو ليا بيت ده فوقو( كنز سليمان) ولازم تمشى تطلعو للناس ديل هسع عشان ناس ديل مساكين – مواصلا- قمت قلت لى (خدام) طيب بيت ده بتاع منو قامو قالو ليا ساكن فيهو زول إسمو (شرفى)
- (فى إستياء) : يعنى هسع إنت من الصبح كده مصحينا عشان تطلع لينا كنز ؟
- (فى ثقة) : خدام ده ما يكضب إنت عينك تشوف
(عزيزة تتدخل) : إنت ما تخليهو يطلعو خسران شنو؟ أحتمال الله ده يكون رضى علينا وعاوز يبسطنا !!
- (الزائر وقد دعم موقفه كلام عزيزة) : إنت ما تخسر حاجه كلام خدام ده تمام هسع تشوف بى عينك
- طيب المطلوب هسع مننا شنو ؟
- (يقوم بإفراغ الكيس الذى يحمله على الأرض ... كتاب قديم صغير الحجم منزوع الغلاف على صفحته الأولى رسومات غريبه .. عدد من ريش الحيوانات الملون .. قطع صغيرة من الأوراق البيضاء .. عدد من الأكياس البلاستيكية المتسخة فى حجم قبضة اليد) بينما يقوم بترتيب هذه الأشياء ويختار جزءا منها للمهمة يرفع رأسه مخاطبا شرفى :
- بس جيبو لينا (كرتونه) كبير نخت فيهو الكنز ومعاهو مبخر فيهو (جمر) نارو شديد
بينما إتجهت (عزيزة) إلى المطبخ لتجهيز(المبخر والنار) قام (شرفى) متوجها إلى حيث كان إبنه (وليد) لا زال نائما :
- قوم يا وليد .. أصحى قوم جيب لينا كرتونه من الدكان
- (وهو يتمطى ويدعك عينية) : كرتونة بسكويت
- بسكويت شنو جنك أكل .. كرتونه فاضية
- طيب قدر شنو؟
- جيب أكبر كرتونة تلقاها
خرج وليد بعد أن قام بغسل وجهه على عجل فى ذات الوقت الذى قامت فيه (عزيزة) بإحضار المبخر ثم وهى تخاطب (الزائر) بينما تمسك (بالهبابة) :
- أريتو جمر السرور والله ولع ليك جنس وليعة يا سيدنا الشيخ
يمسك (الزائر) بالمبخر ويضعه أمامه وهو يتمتم ببعض التعاويذ الغير مفهومة ويضع عليه بعضا من (البخور) ذو الرائحة النفاذة :
- جيبو كمان (صحن كبير) فيهو موية نضيف
تذهب (عزيزة لإحضار (الصحن ) بينما (شرفى) يتابع ما يقوم به (الزائر) فى تركيز
- أهو ده يا سيدنا الصحن مليان موية نضيفة بس عكرانه شوية ... مويت الأيام دى أصلها كده
يضع (الزائر) الصحن أمامه .. يرمى عليه عددا من الحصى الصغيرة ثم يبدأ فى قراءة بعض التعاويذ مرة أخرى وهو ينظر فى الماء بتركيز ... ثم فجأة يلتفت إلى شرفى قائلا :
- خدام بيقولو (كنز) فى أوضه ده (وهو يشير إلى صالون المنزل)
فى هذه اللحظة يدخل (وليد) وهو يحمل (كرتونة كبيرة) مخاطبا والده :
- لفيت الدكاكين دى كلها ما لقيت أكبر من الكرتونه دى ... هو إنتو عاوزين بيها شنو؟
تشير إليه (عزيزة) بيدها بما معناهو أدخل جوة أنا ح أشرح ليك الموضوع .. يدخلان معا ثم بعد دقائق يعودان حيث ينتصب الزائر واقفا وهو يحمل (الكرتونه) بيد والمبخر باليد الاخرى :
- أنا ح أدخل أوضه ده عشان أطلع (الكنز) وكرتونه ده عشان نختو فيهو بس ح أقفل أوضه ده عشان إنتو ما تقدرو تشوفو خدام عشان خدام (شكلو فظيع) ما تقدر تتحملوهو
يدخل (الزائر) ويقفل خلفه (باب الصالون) ويجلس (الثلاثة) ينتظرون فى (البرنده ) التى أمام الصالون وتنضم إليهم (مها) شقيقة (وليد) والتى تقف أمامهم وهى تتثائب قائلة :
- مالكم الليلة من الصباح قاعدين برة (مصنقرين) كده ؟ فى شنو؟
تقوم والدتها بشرح الأمر لها ثم تواصل فى همس :
- وهسع قاعد يطلع لينا فيهو؟ - مواصلة- والله من زمانك (بت المنى) الوداعية ما حصل كشحت ليا ودع إلا قالت ليا (الدهب) المدفون في بيتكم ده شنو؟
- أوع يكون زول مستهبل ساكت يا أمى؟
- ونحنا خسرانين شنو؟
الأصوات التى كانت تنطلق من (الحجرة) تختفى شيئا فشيئا .. يفتح الزائر باب الصالون والعرق يملأ ثيابه ويشير للجميع بالدخول .. الكرتونه تتوسط الصالون وهى ممتلئه عن آخرها بالسبائك والسلاسل والقطع الذهبية .. الجميع فى ذهول تام لم يقطعه إلا صوت (شرفى) وهو يخاطب الزائر :
- ده هسع دهب؟
- (فى ثقه) : أيوا ( دهب) ولو عاوز تتأكد ممكن هسع تشيل منو قطعه صغير تمشى بيهو السوق تشوفو !!
- (عزيزة وهى تنظر للدهب فى إنبهار) لا خلا ص مافى داعى مصدقنك يا الشيخ
- (وليد وهو يخاطب الشيخ) : خلاص شيل نصيبك وأدينا نصيبنا
- لا لا دهب ده عشان تقدرو تشيلو لازم نضبح ليهو (تلاته بقرات) عيون كديس
- كيف يعنى (عيون كديس) ؟
- ده بقر عندنا هناك فى البلد عيونو ذى (عيون كديس) ومافى زول بيعرف مكانو إلا ناس البلد فى (الجبل)
- والبقرة (عيون كديس) دى بى كم؟؟
- والله غالى عشان ما موجود كتير .. الواحد يكون بى إتنين مليون .. يعنى التلاته بى سته مليون –مواصلا- (دهب) ده لازم ندخلوهو هسه (دولاب فاضى) ونقفلوهو وما ينفتح إلا بعد بقر (عيون كديس) ينضبح ونرشو بى دم وأسمعو كلام ده كان (دولاب) ده إنفتح خدام بيشيلو دهب ده كلو ويختو بدلو (حجار) !!
- وهسع طيب الخدام عايزين شنو؟
- خدام عايزين بقر (عيون كديس) إنتو تدونى قروش أمشى بلد إشترى بقر مسافه بتاع إسبوع وأجى نضبحو هنا ونرش دهب بالدم عشان تقدرو تتصرفو فيهو
- لكن هسع ما معانا المبلغ ده
- لو ما جمعتو قروش ده هسع خدام كل شوية بيشيل من دهب ده لحدت ما يكمل لازم قروش بى سرعة عشان لازم بقر (عيون كديس) بى سرعه !!
عقدت الأسرة إجتماعا صغيراً بعد أن إنتحت جانباً .. قررت (عزيز)ة أن تقوم بنزع (الغويشتين) اللابساهم فى إيدا أضافة إلى (كرسى جابر) الذى كانت تضعه فى علبه فى الدولاب كما قامت مها بنزع (السلسل) الذى أهداه لها والدها عند دخولها للجامعه
- شوف يا الشيخ نحنا ناس (فقرانين) وقروش ما عندنا لكن شيل ( الدهب ) ده بيعو وإشترى بيهو البقر (عيون الكديس) القلتو ده
- (يمسك بالدهب ويقلبه بين يديه ) : دهب دا ما بجيب خمسة مليون قروش بقر .. لازم تزيدوهو
- ( مها تخرج الشريحه من موبايلا ثم تقدمه له ) : شوف يا (حاج) موبايلى ده 90N تمنو مليون ومية وكان جدعتو ساكت بجيب سبعمية ثم (تخلع من أصبعها الدبله) :
- وكمان شيل الدبله دى معاهم
يمسك بالموبايل ينظر إليه :
(وهو يعيده لها بينما يحتفظ بالدبله) : كلام بتاع تلفونات ده ما نعرفو
- إنت بس شيلو ووديهو السوق (محلات الموبايلات) وهم بشتروهو منك
(وهو يعيد الموبايل ويضعه داخل الكيس) : قروش ده يكون ناقص مليونين كده .. نحنا لازم نجيب بقر (عيون كديس) بى سرعة عشان خدام ده ما يشيلو الدهب
- (شرفى) يهمس فى إذن عزيزة) : قومى أمشى شوفى صاحباتك الفى الحلة ديل لو عندهم قروش
محاولات إستلاف :
- عليكى الله يا (أمونه) ما بلقى ليا عندك شوية (قريشات) كده لحدت يوم يومين؟
- ذى كم كده؟
- يعنى ذى مليون مليونين
- إنتى جنيتى يا عزيزة ملايين شنو العندنا أنا قايلاكى تقولى ليا عايزة ليكى عشره خمسطاشر ألف قلت أديكىالقروش الخاتاها (للجمرة) دى - مواصلة- لكن مسئوله من الخير يا بت أمى الملايين دى عاوزين بيها شنو؟
- (وهى تتلعثم غير متوقعه للسؤال) : والله .. فى الحقيقه .. أصلو إسمنا طلع فى الخطة الأسكانية وقالو بكرة السحب والزول لازم يجيب معاهو (الرسوم)
- شوفى راسك عديل تمشى لى عواطف زوجت (مولانا) جارنا ده وحات عيونى ديل القروش عندهم ربط ربط
خرجت (عزيزة) من منزل أمونه وهى تقول لنفسها :
- هو كان ما ساى غبا منى الجابنى أسألك شنو؟ هو معقول يكون عندكم ملايين ؟ ما كحيانين ذى حلاتنا
ضغطت (عزيزة) على جرس الباب الذى سرعان ما قامت (الشغالة) بفتحه حيث وجدت نفسها أما (عواطف) التى كانت تجلس على (سرير) فى ضل المطبخ
- إتفضلى يا عزيزة
- أذيك يا عواطف ... والله بس مستعجلة شوية وجيتك مغروضة فيكى وعاوزه ليا (قريشات) كده عشان إسمنا طلع فى الخطة الإسكانية وما محضرين روحنا وكده
- عاوزة ليك ذى كم يعنى؟
- مليون مليونين كده
- والله يا (عزيزة) أنا هسع ما عندى غير مليون كنت خاتاهو عاوزة إشترى ليا بيهو تياب لكن ما مشكلة بديكى ليهو حلى بيهو مشكلتك
حملت عزيزة (المليون) وعادت بسرعة البرق إلى البيت حيث كان (الزائر) ينتظر
- شوف يا سيدنا الشيخ أها ده مليون وعندك هناك غويشتين وسلسل وكرسى جابر والموبايل والدبلة أمشى (أصرفم) وكان نقصت القروش تمها ولمن تجى راجع تلقانا حضرنا ليك الباقى
يأخذ (الزائر) المبلغ ويضعه داخل الكيس ويطلب منهم أن يساعدوه على حمل (الكرتونة) الممتلئة بالذهب ليدخلها إلى داخل (الدولاب) ثم يقوم بقفلة وهو يخاطبهم فى جدية :
- لو فتحتو دولاب ده قبل ما نضبح بقر(عيون كديس) الخدام ح يرجعو (الدهب) ده كلو ويقلبوهو (حجار)
- لا يا شيخنا بننتظرك بس إنت ما تتأخر علينا
ما أن خرج (الزائر) حتى جلست الأسرة وكل فرد من أفرادها قد سرح بخياله بعيدا يمنى نفسه بحياة جديده
- شفت يا حاج أول حاجه بس تشترى ليكا بيت عشان نرتاح من (سيد أحمد) النضام ده
- آآى يا بوى ولازم يكون فى حنه راقيه كده عشان نفارق الأحياء الشعبية دى حاجه كده ذى (المنشية) قاردن سيتى !!
- أنا غايتو عاوزة ليا عربية 2007 ذى عربية نهلة صاحبتى وكم دسته (لبسات خطيرة) وتدونى أوضه فيها بلكونه فى البيت الجديد !!
- أنا غايتو بس غير الدهب والتياب ما عايزة حاجه .. أملأ ليك يدينى الإتنين ديل و(أعنكش) ليك رقبتى دى لمن تتملى – مواصلة- ما تقول عرس بت (فوزيه بت العازه) قرب !!
- إنتى يا أمى عاوزة تجيبى لينا (الأمن الإقتصادى) ؟
- كمان أمن شنو؟ وإقتصاد شنو؟ أصلى أنا (هربتا) ولا (إتهربتا) ولا كمان (نطيت الجمارك) ما الله وأدانا
فى هذه الأثناء يسمعون طرق على الباب :
- منو فى الباب
- سيد أحمد
- (يفتح له شرفى الباب) : إتفضل
- لا ماشى بس عاوز الإيجار
- لكن يا سيد أحمد تجينا يوم (واحد) فى الشهر ما تصبر شوية؟
- وعاوزنى أجيك يوم (صفر) ؟
- (فى زهج) : صفر ... سين تكعيب .. خلاص بيتك ده ذاتو طالعين ليك منو؟ وخالنو ليك من أول الشهر الجاى .. هو ذاتو لو ما ساكت ده بيت نسكن فيهو؟
- مالو ؟؟
- مالو شنو كان صبت (شكشاكه) تلقى السقف قعد ينقط ... وكل يوم والتانى عاوز (يزبلوهو)
- (فى تهكم) خلاص أمشى أسكن فى (قاردن سيتى) بس أدينا إجارنا
- خلاص بجهزو أجيبو ليك
سيد الحافلة :
لما لم يقم (شرفى) بتسليم (منصورالجلابى) – صاحب الحافلة - توريده (يوم الخميس) نسبة لأنه تصرف فيها فقد قرر أن يقوم بعمل (فردتين تلاته) للحصول على مبلغ يساعده فى إكمال التوريده على الرغم من أن اليوم جمعة ومن المفترض أن يكون يوما لصيانه الحافلة وتغيير ( الفلاتر والزيوت) إلا أن حظ (شرفى العاثر) وفى أول (فرده) له وهو يقف فى (الموقف) وجد نفسه وجها لوجه أمام (منصور) ..
- ما عاوز تجيب توريدت أمبارح وكمان شغال ليا بيها يوم الجمعة؟
- وما إشتغل بيها أنت قايل حافلتك دى حافلة؟ مش كويس إنى شغال ليك بيها
- كيف يعنى؟
- أمبارح ضربت (كويل) و(قماشات الفرامل) عملت صوت غيرتهم ليها واللديتر (إتقدا) مشيت (لحمتو)
- إنت وكت ما عاجباك سايقا ليه
- ما قلنا (نقزقز) بيها لحدت حافلتنا تجى من (السعودية)
- (فى تعجب) : إنت جاياك حافلة؟
- وكمان (روزا) 30 راكب (عديله) وما (معدله) ذى عربيتك التعبانه دى
- لا يعنى جبت القروش من وين؟
- هو إنتو براكم العندكم قروش .. طلعت لينا ميت كم مليون كده ورثه بتاعت (جدنا) فى الشمالية
- والله حكاية ؟ إنت زمان ما حنستنى حنيس عشان أسلمك الحافلة دى ووسطت ليا الدنيا كلها ..خلاص وكت ما عاجباك أنزل لينا منها خلينا نديها لى زول تانى !!
ما أن عاد (شرفى) إلى المنزل حتى بادرته (عزيزة) :
- مالك يا راجل جاى بى كرعينك؟ الحافلة وينا؟
- سلمتها سيدا
- وناكل من وين؟
- كيفن ناكل من وين ؟ نائمة فوق (كنز سليمان) وتقولى ليا ناكل من وين؟ ما كلها يومين تلاته والأمور تكون آخر حلاوة - متسائلاً- والأولاد ديل وين؟
- والله مما الشيخ مشى خاتين كراسيهم و(مصاقرين) الدولاب قاعدين يعاينو ليهو
- أوع كمان (يفتحوهو) يطيرو علينا الدهب ده
- لا أنا حذرتهم وهم عارفين
( وليد) فى الشغل :
كان الرئيس المباشر لوليد فى العمل كثيرا ما يوبخه على حضورة متأخرا وفى أحيان كثيرة يقوم بإستيضاحه
لما كان وليد قد قضى الليل كله مساهرا مستغرقا فى التفكير والخيال والآمال فقد حضر للعمل متأخرا زهاء الساعة ونصف .
- إنت مش ميت مره أنا قلت ليك تجى فى مواعيدك
- والله بس (المواصلات) وكده
- طواااالى شماعت المواصلات دى ؟ يوم واحد قول ليك (حاجه تانى)
- حاجه تانى
- كمان يعنى بتستهزأ؟
- يعنى عاوزنى أقول ليك شنو يا سيد (بشير) ؟ ما إتأخرت وخلاص وبعدين أصلى أنا (مؤجر عجله) ما شغل وقاعدين نجيهو من الصباح؟
- (تفاجأ سيد بشير بردود وليد التى لم يعهدها) : إنت الليلة يا موظف مالك؟
- أقول ليك حاجه؟ أنا كنت موظف لكين عشان (حركاتك) دى خليت التوظيف
- يعنى شنو؟
- يعنى مستقيل وشغل ذاتو ما عايزو أيه رأئك؟
تفاجأ جميع الموظفين الذين كانو يستمعون لذلك الحوار بما قام به ( وليد) حيث قام بعض زملائه باللحاق به مستفسرين :
- شنو يا (وليد) إنت جنيت ؟
- جنيت شنو؟ هو يعنى عشان الواحد إتنازل وإشتغل فى الشركة المهببه دى ؟؟ والله أنا ممكن أعمل واحده أحسن منها !!!
عاد (وليد) أدراجه لمنزلهم بينما تأكد للجميع أنه لم يكن بكامل قواه العقلية !!
- مالك جاى من الشغل بدرى كده؟
- شغل شنو مش (الأربعميت ألف) دى خلاص ما دايرنها كلها أسبوع أسبوعين والواحد يعمل ليهو (بيزينس) بتاعو
مها وخطيبها :
(مأمون) شاب فى بداية الطريق تعرفت عليه (مها) قبل أشهر قليلة عندما تم توظيفه فى الشركة التى تعمل بها وسرعان ما توطدت العلاقه بينهما وتقدم لطلب يدها .. يمتاز (مامون) بكافه الصفات الحميده إلا أنه حاد المزاج ... تعودا أن يتناولا وجبة الفطور سويا بمكتبها وبينما كانا يفطران :
- إنتى (الدبله) وديتيها وين ما شايفا فى إيدك
- (فى إنزعاج وهى تلمس مكانها) : الله !! والله صحى مافيشا
- مشت وين يعنى؟
- ما عارفا والله ؟ تكون وقعت ولا نسيتا فى حته
- كيف يعنى تنسيها فى حته ولا تكون وقعت؟
- (فى تبرم) : يعنى عاوزنى أعمل شنو؟ ما قلت ليك ما عارفاها مشت وين؟
- والله وكت إنتى ما أمينه على (الدبله) دى أفتكر إنو ...
- إنو شنو؟ عاوز تقول شنو؟
- إفتكر إنو ما ح تكونى أمينه على (مستقبلنا)
- (فى زهج) : هو مستقبل ذاتو مع حركاتك دى أنا ما عايزاهو
- (وهى تقول لنفسها مبتعده عنه) : بالله شوف كمان رضينا بالهم والهم ما رضى بينا !!!
بعد أن مر الاسبوع لم يتصل (الشيخ) ولم (يحضر) بدأ الجميع يحاولون إيجاد الأعذار:
- يكون ما لم فى البقر عيون كديس القالو ده
- إحتمال يكون الأمطار قفلت الطريق
- يكون نسى البيت
- كدى نصبر شوية
القرار الصعب :
بعد شهر قضاه أفراد الأسرة فى الإنتظار قرروا جميعا أن يقوموا بفتح الدولاب فقد ساءت أحوال الأسرة بعد أن ترك (شرفى) العمل فى الحافلة وإستقال (وليد) من وظيفته وساءت حاله (مها) النفسية بعد أن تركت خطيبتها والملاحقات المتواصلة لعواطف التى إستدانت منها (عزيزة) المايون جنية.
تجمعت الاسرة أما الدولاب .. قام (شرفى) بعد أن (توضأ) وبسمل وتحوقل وقرأ المعوذتين بفتح الدولاب حيث وجد أن الكرتونه تشع منها فى الظلام الذى يكتنف (الدولاب) (نقاط نور) تهلل وجهه وهتف :
- الدهب الدهب
قام بإخرج الكرتونة من الدولاب لتنطلق القطه وأولادها الصغار ..فقد كانت الأنوار التى تتلألأ فى الظلام (عيون كديس) !!
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
سيناريوهات - (زولنا ذاتو!!)
بينما كانت العربه المرسديس السوداء المظلله تنطلق فى شارع المطار وهى تقل (سعادتو) المتوجه للحاق الطائره المغادره الى (لندن )فى مهمة رسميه تحركت عربة (النفايات) التى كانت على جانب الشارع الشئ الذى جعل سائق عربة (سعادتو) يفقد السيطره على قيادة العربه وينحرف ليصطدم باحد اعمدة الكهرباء .
هرع من كانوا متواجدين حول المكان من الجمهور وقاموا بكسر زجاج السياره و اخراج السائق و(سعادتو) الذين الذى كان فى حالة اغماء كامله.
ثم نقل (سعادتو) الى المستوصف القريب من شارع المطار فى سرعة تم إدخاله إلى المستوصف ثم وضعه على الطاوله الوحيده فى غرفة العمليات حيث تمت اضاءة انوار الغرفة الكاشفه.. فتح (سعادتو) عينيه فى صعوبة بالغة فرأى شخص يقف عند راسه مباشرة يرتدى بالطو ابيض وطاقيه بيضاء ثم نظر ناحية رجليه فرأى آخر بنفس الملامح يرتدى ذات الزى .
- ياجماعه انتو منو؟ دكاترة
- لا.. الدكاتره ماقدروا يعملوا ليك حاجه.
- طيب وانتو منو ؟؟ مستشارين طبيين؟
- لا ..انت الطب ما قدر يعمل ليك حاجه ..وايامك فى الحياة انتهت وجيتنا هنا
- (فى استغراب) طيب انتو منو ؟
أجابه الذى يقف عند رأسه انا (ملك الحسنات)والهناك داك (ملك السيئات)
- (وعينيه متسعتان من الخوف الدهشة) : وانا هسع يعنى مت وكده ؟
- وشبعت موت كمان
- إنتو بى صحكم ؟؟ يعنى هسع فارقنا (نعيم الدنيا) داك كلو والكندشة والمواتر والأطايب ؟؟
- (فى حزم) نعم .. أنت فارقت الدنيا
- اها وانا هسع طيب هنا ليه؟
- هنا الحساب
- حساب شنو والله انا(الحساب) دا من أيام المدرسة ما شاطر فيهو وما بدورو كلو كلو
- ما بتدورو شنو هو انحنا قالوا ليك عاوزين نديك (مسائل) .
- امال ماشين تدونى شنو ؟
- ماشين نحاسبك ..
- (فى تهكم) تحاسبوني .. والله حكاية انا اشغلت وزير .. ووالي .. ورئيس مجلس ادارة لاربعمية شركة زول حاسبنى مافى.. تجوا انتو ديل (يؤ شر عليهم فى إستهزاء) تحاسبونى ؟
- وزير ... والى ... مدير ... رئيس مجلس إدارة ... ده كلو كان هناك فى الدنيا .. هنا فى اعمالك وبس..
تسطع فى المكان اضاءه شديده ... سعادتو (مسجى) على مسطبه على شكل قبر عليها شواهد يلبس (كفنا ) ابيض ناصع وعلى راسه (ملك الحسنات)وعلى رجليه (ملك السيئات) .. فى اتجاه نظر (سعادتو) هناك شاشه عرض كبيره تحتها ميزان ضخم .
- شايف الميزان دا ..... دا ميزان اعمالك..
- (يعاين وهو يضع يده على جبهته من شده الاضاءه ) : ده كلوا ميزان ؟
- نعم ... وهو ميزان اعمالك العملتها كلها فى الدنيا خيرها وشرها
- والكف المايله لى تحت شديد ديك شنو؟؟ الكفة المردومه فيها الكتب الكثيره ديك..
- للاسف دى كفه سيئاتك...
- (فى اندهاش) : ودى كلها سيئات...(ثم مواصلاً) طيب واصلى انا فى الدنيا دى ما عملت أيتها حسنه؟
- عملت حسنات
- (فى فرح ) أها طيب وينا؟؟ كاتبنها وين؟؟
يذهب (ملك الحسنات) فى خطوات منتظمه الى حيث الميزان ويدخل يده فى كفة (الحسنات) حيث يجد نوته صغيره كنوته الجيب التى تستخدم لحفظ أرقام التلفونات.. يقوم باحضارها ثم يخاطب (سعادتو) قائلا:
-النوته دى فيها حسناتك؟
- (فى إستنكار) حسناتى فى الدنيا كلها فى النوته الصغيره دى؟؟
- نعم
- (فى ثقه متناهيه وحزم) : لا...لا اكيد انتو تكونوا غلطانين
- (فى جدية) هنا مافيش غلط
- ما فيش غلط كيف يا جماعه...سبحان من لا يخطئ..
- عشان جرستكم دى نحنا جبنا الشاشه الكبيره ديك...ممكن نعرض ليك فيها حياتك مما ابوك اتزوج امك ..ولحدت ما مت ..كل ثانيه فى حياتك مسجله عندنا
- (مخاطباً نفسه فى خوف) : لاحولتن ولا قوتن الا بالله ..دى هسع الزول يطلع منها كيف ؟؟
- (فى صوت آمر) : عاوز تعرف هسع حسناتك فى الاول والا سيئاتك؟؟
- لا.. ادونى حسناتى اول.. أنا عاوز حسناتى
- (ملك الحسنات يفتح النوته الصغيره ينظر فيها ثم يخاطبه :
- والله إنتو حيرتونا ذاتنا ؟
- (فى خوف وتوجس) : حيرناكم فى شنو كمان يا جماعة ؟؟
- تعرف إنت أول زول يجينا هنا عندو (حسنه) مكتوبه لكن فى شكل سيئة !!
- (متسائلاً فى شوية لماضة) : ودى كيف افهمها ؟ بس دى تكون كيف (حسنه) فى شكل (سيئة) دى ؟؟
- عاوز تفهمها ؟.. طيب نشغل ليك الشريط تشوفها بى عينيك
إنطفأت أنوار المكان .. عم الظلام .. الشاشة تضئ ... الدنيا صبيحة احد الايام ..(سعادتو ) جالس فى مكتبه ...على جهاز( الانتركوم ) تخاطبه السكرتيره:-
- يا سعادتك فى واحد قريبك اسمو (التجانى )قال عاوز يقابلك
- خليهو يدخل
بعد السلام والتحيه خاطب ( التجانى ) سعادتو قائلا :
- تعرف ياسعادتو والله انا جاييك وواقع ليك فوق كرعينك ومزنوق زنقه شديده وذى ما انت عارف الاولاد والجامعات والمدارس والمصاريف وايجار البيت وشنو وشنو. ... وقبل أن ينتهى (التجانى) من عرضحاله وعلى جهاز الانتركوم كانت السكرتيره تخاطب سعادتو:
- يا سعادتو الناس المقدمين لعطاء(الهنايات) قالوا عاوزين يقابلوك
- خليهم يدخلو
- السلام عليكم .
- وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته
- اها يا (سعادتو) العطاء وقع لمنو؟
لدهشة (التجانى) فقد قام ســعادتو وفى حـزم وجدية وعلى طول مشيراً إليه وهو يقول لهم:
- العطاء وقع للزول دا ..اطلعوا بره اتفاهموا معاهو وادوهو الفيها النصيب عشان يتنازل ليكم
يخرج (التجانى) ومعهة الجماعه ثم يعودون بعد دقائق وهو يحمل فى يده كيس به مبالغ نقدية وأحد (الجماعة) يخاطب سعادتو :
- اها اديناهو خمسين مليون واتنازل ... نجى نمضى العقد متين؟؟
- أمشوا خلاص بكرة الشئون القانونية بتلقوهو جاهز
وبعد ان خرجوا (الجماعه) وضع (التجانى) القروش على مكتب سعادتو ... قام سعاتو بسحب (القروش) لدرج مكتبه المفتوح وقام باعطاء (التجانى ) مليونين قائلا :-
- دى مش بتحل ليك المشكله بتاعتك ؟؟
- كيف ما تحلها بتحل ابوها ..شكرا.. شكرا سعادتك ... جزاك الله كل خير.......
قام( ملك الحسنات)بايقاف الشريط وهو يخاطب (سعاتو)قائلا:-
- ده انت والا ما انت ...
- (فى صوت خائف مرتعش) : الله لا كسبكم دى صورتوها كيف....
ثم واصل (ملك الحسنات) حديثه لسعادتو : هسه دي حسبناها ليك حسنة .. مع انها جاية من سيئة ..
- طيب كان كده أنا ذى دى ما عندى كتير .. ذى الحسنات الجاية من سيئات دى .. كلها حسبتوها ليا؟ هسع كان حسبتوها ليا كان كان حسناتى بتكون شوية كده ..(ثم فى هيجان وجدية) انا اعترض .. انا عاوز اقدم استجواب ..
- استجواب ده هناك فى( البرلمان) هنا تسمع وتتحاسب وتشوف وبس .
-(سعادتو فى إستسلام ) طيب خلاص يا جماعه ورونى باقى حسناتى .
- نقولا ليك ولا نوريك ليها على الشاشه
-لا..لا... خلاص ما عاوزين شاشه ... ما عاوزين شاشه ..انا اعصابى بايظه وما قادر اشوف
- (ملك الحسنات مواصلاً) طيب من حسناتك انك ما كنت بترد على الناس القاعدين يتهموك فى الجرايد بانك (حرامى) ومرتشى وفاسد....
- ارد عليهم كيف ديل مارقين وماجورين وطابور خامس(وكمن اكتشف شيئا) وكمان اقول ليكم حاجه .. ديل( اعداء الدين) ...وحقو تجيبوهم تحاسبوهم ..
- الدين ده خليهوا هسع ح نجيهوا بعدين لكن عدم ردك على الاتهامات ده نحن ختيناهوا ليك فى ميزان الحسنات باعتبار انك لم تواجه السيئه بمثلها مع انوا نحن عارفين انك ما كان فى امكانك ترد عليهم عشان ما تورط نفسك وتدخلا فى متاهات
- اها باقى حسناتى وين ..صلاتى وين وصيامى وين .. وحجيت سبعتاشر حجه مشو وين ؟
- اول حاجه السبعتاشر حجه الحجيتم ديل ما حسبناهم لانو انت حجيتم( بقروش الحكومه) يعنى بقروش (المواطنين) تانى حاجه فى رمضان كنت بتتعمد تسافر تمشى (الدول) البارده المرطبه وتهرب من( الحر والسخانه)... (ثم منتهرا) انت عاوز تشوف بتصوم وين وكيف
تنطفئ أنوار المكان .. يعم الظلام .. الشاشة تضئ .....على (الشاشه) سعادتو يجلس على كرسى خيزران على أحد الشواطئ (الشتويه) وهو يرتدى (بالطو) ويضع (شالاً) حول رقبته مرتدياً نظارة سوداء وقطع الجليد اليضاء تتناثر هنا وهنالك وحوله أفراد عائلته
- آآى دا أنا لكن ما كان رمضان .. هسع البورى إنو دا كان فى رمضان شنو ؟؟
- هنا مافى كذب وغش الكذب والغش والتزوير والتلفيق ده عندكم هناك ... فى الدنيا
- (فلى تحدى مصطنع) أها وصلاتى كمان دى فيها شك .. أنتو ماشايفين (الغره) الفى جبهتى دى ؟
- إن إن صلاتك لم تنهاك عن الفحشاء والمنكر لذلك فهى ليس لك فيها حسنات
- أها طيب (والغره) دى (البدعك) فيها كم سنه دى لمن جبهتى ورمت دى راحت ساكت ؟ ما عليها درجات !! و كده!!
- هنا يقوم (ملك الحسنات) بقفل (نوته الحسنات) ويخاطب (سعادتو) قائلاً :
- كده حسناتك إنتهت ...
_ (فى ضعف وإستجداء) إنتهت كيف ؟؟ معقول ياجماعه؟؟ أكيد غلطانين
- (فى حسم) : ماقلنا ليك هنا مافى غلط
يخطو (ملك الحسنات) نحو الميزان مره أخرى ويضع (نوته الحسنات) فى كفتها مره أخرى ويعود .. حيث يتحرك (ملك السيئات) نحو الميزان بنفس الإيقاع المنتظم .. يقوم يحمل أحد (المجلدات) الضخمه ويعود الى مكانه .. ويخاطب سعادتو:
- كل مجلد من مجلدات السيئات الستة ديل فيهو سيئات عشرة سنين .. وده (مجلد) سيئاتك للعشرة سنين الأخيرة
(فى إستعلاء) : وهسع عاوزين (تقروهن) ليا كلهن ؟ قالو ليكم أنا فاضى ليكم أنا عندى إجتماع ...وكمان محصل ليا سفرية .. أنا ..
- أجتماع وسفريات دا هناك فى الدنيا .. هنا حساب .. ميزان
(سعادتو يتحسس جسده .. يقرص خده .. يقوم بعض أصابع يده ثم يقول) :
- ياربى أنا فى حلم ولا فى علم
- فى علم ... وعشان تتأكد نوريك طفولتك
إنطفأت أنوار المكان .. عم الظلام .. الشاشة تضئ .... منزل جالوص متهالك مكون من غرفتين و(تكل) و(أدبخانه) .. .. (كر جداد) خشب متصدع به (جداتين وديك) ... أطفال صغار يرتدون سراويل (دموريه) متسخة يلعبون بكرة (شراب) أكثر إتساخاً
_- يااولاد ماتمشو المدرسه وتخلوا لعب (الكوره) دى ... (الطفل سعاتو) يمسح (ريالتو) و(يقش) (مخاخيتو ) بطرف قميصه المتسخ المكرفس ثم يتناول شنطة الدبلان (يعلقها على كتفه) ويخرج صوب المدرسه ...
- المعلم يوقف (الطفل سعاتو) ويساله :
- إنت يوم واحد يا مبهدل ما تحضر الطابور ؟؟ (ثم والشرر يتطاير من عينيه) إتنين فى إتنين بيساووا كم ؟؟
- يصمت الطفل (سعادتو) ويحدق فى وجه المعلم فى (بلاهه) بينما المعلم ينهال عليه بسوط يحمله .. وهو يقول معقول في سنه رابعه وما عارف ليا إتنين فى إتنين بيساووا كم ؟؟
يضئ المكان وتتوقف شاشة العرض ثم يخاطب (ملك السيئات) سعادتو :
- كفايه ولانواصل
- أنتو كدى ياجماعه ما تباركوها شويه .. ونتفاهم .. يدخل يدو فى جيبه ويخرج (حزمة دولارات) -ثم مواصلا- والله أنا عارفا شويه لكن دى النثريه الكنت ماشى بيها السفرية قبل الحادث !!
- (فى صرامة) أساليبك دى الكنتا بتعملا فى الدنيا دى هنا ما بتمش هنا دار محاسبه وليست دار (مفاهمات) أو رشوات .. لم قروشك عليك
_ طيب هسع أنتو جبتونى فى المدرسه وجبتو ليا بيتنا المكسر دا .. يعنى شنو ؟
سكوت تم إنطفأت أنوار المكان .. عم الظلام .. الشاشة تضئ ... سعادتو يدخل من عربته (الرسميه الفاخره) ...فى أحدى شوارع الخرطوم الجديده .. يقف (سعادتو) أمام إحدى العمارات الفارهات ذات الست طوابق .. ثم يخاطب المهندسين المنهمكين فى العمل :
- نزلتو ( السراميك ) من الكونتينرات؟ (ثم مواصلاً) وحاجات التكييف المركزى طلعتوها من (الكراتين)؟
- نزلناهم ... بالمناسبة جاء المقاول وما لقاك وقال ليك خلى ليهو الشيك أبو ثلثمائه مليون نقدم المبلغ المتفق عليه للتشطيب .
(الشاشه تنطفئ)..
- (سعادتو فى زعل) ياجماعة انتو قاصدنى ولآ شنو ؟
- هنا مافى زول بتقصدو .. هنا (اعمالك ) هى الفيصل ..
- طيب وفيها شنو لمن ابنى ليا بيت بى مليارين ثلاثه؟
- بيتك دا مكلف 2مليار و900 مليون واربعمائة ألف وثلثمائة وعشرون جنيه (ثم مواصلاً) إنت ما اشتغلت غير موظف دولة تقدر تورينا جبت القروش دى من وين؟
- ورثتها .. ورثتها..(ثم يتذكر شريط بيت الجالوص) لا.. لا (ما ورثتها .. ما ورثتها دى من مرتبى ..أيوه من مرتبى
- تعرف لو مرتبك دا ما بتصرف منو ولا مليم انت عاوز ليك عشرة ألف وميتين واحد وخمسين سنة عشان تعمل القروش دى!
- خلاص طيب شيلوا البيت دا ما دايرو
- لكن المشكلة ما البيت
- المشكلة طيب شنو ياجماعة حيرتونى ؟
- المشكلة انو المليارات دى كانت ممكن (الدولة ) تشترى بيها أدوية تنقذ بيها مئات الأرواح الماتت من غير ما تجد علاج ..
- (فى هلع وخوف) وديل كلهم روحهم فى رقبتى .
- طبعا... طبعاً.. (ثم مواصلاً) أنا اقول ليك حاجة .. الناس الماتت بى سببك ديل كلهم ماتو قبل يومهم .. لينا (سبعتاشر سنه) كل يوم يجونا مية ميتين نفر نفتش اسماميهم فى قائمة الجايين عندنا نلقاهم مافى ، نعرف انهم ماتو (قبل يومهم) .
- لا .. لا ياجماعة أنا قلت (مرتبى) ساكت كنت اقصد إنى اقول ليكم البيت دا عملتو من (البيزنس) انتو ما عارفين انى بحب (البيزنس) ؟؟ والله انا من عمرى سبعة سنين كنت قاعد اعمل ليا (طبلية) وامشى (الطوخى) اجيب (شختك بختك) والحلاوة والبلى .. واقوم اشترى (البيض) الفى الحلة كلو (احتكرو) وبعدين ابيعو بالزيادة..
- (البيض) دا جاينو ما تستعجل ..
- بيض شنو الجايين ليهو هسع؟ (البيض) دا ما قلت ليكم كان زمان ،
- مزارع الدواجن الفى (يحرى) دى مش بتاعتك ..؟
- والله يا جماعة النصيحة .. النصيحة أنا مشارك فيها ..أصلى بحب المشاركة مما كنت صغير..
- إنت مشارك فيها بمليار وثلاثمئة اربعه وعشرين مليون ودى كانت ممكن تنقذ ليها خمسمية أربعة وثلاثين ألف وستمئة شخص..
- (فى إستنكار) ليه أصلو عندهم شنو؟؟ نزله؟؟ عايزين تكترو ليا الكوم ليه؟ ما ممكن يكونوا خمسين زول عاوزين (زراعة كلى)..
- شطارتك دى خليها فى الدنيا ..دا الواقع هناك كان كده ... فى الوقت داك القروش دى كانت بتنقذ العدد ده .
- (فى خوف) لكن هسع الناس الارواحهم فى رقبتى ديل ما بقو كتار !!
- (فى تهديد) ممكن هسع تورينا تانى مشارك وين وفى شنو والا نشغل ليك (الشاشة) ؟
- لا ما تشغلوا ليا الشاشة ..ح اقول ليكم .. مشارك ليا فى كم مصنع كده وشوية شركات وحبت مزارع وحاجات ذى دى..
- (ينظر الملك فى مجلد السيئات) هنا عندك سيئات وزنها أخف شويه.
- طيب يا جماعة وكت فى حاجات (خفيفة) ليه (كاربنى) بالحاجات الثقبلة دى؟ طيب خفيفه ذى شنو يعنى؟
- انت قمت بتعيين وايجاد وظائف لميتين واحد وعشرين شخص
- ودى فيها شنو ياجماعة ما قاعد أساعد فى حل مشكلة البطاله..
- البطالة دى ما تحلها الا باهلك واقاربك؟؟ انت كده منعت عائلات كثيرة من الوظائف دى لأنو هم كانوا أحق بيها وأهلك ديل ما مؤهلين وما دخلو فى منافسات عشان يفوزوا بيها
- هسع يا جماعة ورونى كدى وزن السيئات بتاعتى قدر شنو ؟
- ح تشوفها فى الميزان
- شنو يا جماعة لسع ما أنتهيتو من حسابى؟؟
- دى بس تسعة ورقات من (المجلد)الاول وفضل ليك باقى (المجلد) دا وخمسة مجلدات ثانى.
- لكن ياجماعة أنا كده ما بتعطل ؟؟
_احسن ليك تتعطل من (الراجيك)
- والراجينى شنو؟
تنطفئ الأنوار ... تنخفض الإضاءة... أصوات جهيرة ... الحساب الحساب يا ثواب ياعقاب ... الحساب الحساب يا ثواب ياعقاب... الحساب الحساب يا ثواب ياعقاب تنفتح ستارة تشتعل من خلفها نار حامية ذات لهب احال المكان إلى جحيم .. فى منتصفها عمود حديدى (عشره بوصة) محمر من من شدة النار.. يقوم ملك السيئات بحمله ثم يوجهه إلى (قفا) سعادتو الذى يحاول ان يبعده العمود من (قفاه) بيده وهويصرخ صرخه مدوية ارتجفت لها ارجاء (المستوصف) الخاص وهو يقول لا..لا..لا
قيل أنه أن (سعادتو) ومنذ تلك اللحظة وهو مرة مرة لا شعورياً تجده وهو(ينش) بيده على (قفاه) فى (خلعة) وهو يقول ..لا..لا..
عزيزى القارئ : إذا رأيت مسئولاً ما وهو يهش على (قفاه) بهذه الكيفية فأعلم إنو دا هو (زولنا ذاتو)
بينما كانت العربه المرسديس السوداء المظلله تنطلق فى شارع المطار وهى تقل (سعادتو) المتوجه للحاق الطائره المغادره الى (لندن )فى مهمة رسميه تحركت عربة (النفايات) التى كانت على جانب الشارع الشئ الذى جعل سائق عربة (سعادتو) يفقد السيطره على قيادة العربه وينحرف ليصطدم باحد اعمدة الكهرباء .
هرع من كانوا متواجدين حول المكان من الجمهور وقاموا بكسر زجاج السياره و اخراج السائق و(سعادتو) الذين الذى كان فى حالة اغماء كامله.
ثم نقل (سعادتو) الى المستوصف القريب من شارع المطار فى سرعة تم إدخاله إلى المستوصف ثم وضعه على الطاوله الوحيده فى غرفة العمليات حيث تمت اضاءة انوار الغرفة الكاشفه.. فتح (سعادتو) عينيه فى صعوبة بالغة فرأى شخص يقف عند راسه مباشرة يرتدى بالطو ابيض وطاقيه بيضاء ثم نظر ناحية رجليه فرأى آخر بنفس الملامح يرتدى ذات الزى .
- ياجماعه انتو منو؟ دكاترة
- لا.. الدكاتره ماقدروا يعملوا ليك حاجه.
- طيب وانتو منو ؟؟ مستشارين طبيين؟
- لا ..انت الطب ما قدر يعمل ليك حاجه ..وايامك فى الحياة انتهت وجيتنا هنا
- (فى استغراب) طيب انتو منو ؟
أجابه الذى يقف عند رأسه انا (ملك الحسنات)والهناك داك (ملك السيئات)
- (وعينيه متسعتان من الخوف الدهشة) : وانا هسع يعنى مت وكده ؟
- وشبعت موت كمان
- إنتو بى صحكم ؟؟ يعنى هسع فارقنا (نعيم الدنيا) داك كلو والكندشة والمواتر والأطايب ؟؟
- (فى حزم) نعم .. أنت فارقت الدنيا
- اها وانا هسع طيب هنا ليه؟
- هنا الحساب
- حساب شنو والله انا(الحساب) دا من أيام المدرسة ما شاطر فيهو وما بدورو كلو كلو
- ما بتدورو شنو هو انحنا قالوا ليك عاوزين نديك (مسائل) .
- امال ماشين تدونى شنو ؟
- ماشين نحاسبك ..
- (فى تهكم) تحاسبوني .. والله حكاية انا اشغلت وزير .. ووالي .. ورئيس مجلس ادارة لاربعمية شركة زول حاسبنى مافى.. تجوا انتو ديل (يؤ شر عليهم فى إستهزاء) تحاسبونى ؟
- وزير ... والى ... مدير ... رئيس مجلس إدارة ... ده كلو كان هناك فى الدنيا .. هنا فى اعمالك وبس..
تسطع فى المكان اضاءه شديده ... سعادتو (مسجى) على مسطبه على شكل قبر عليها شواهد يلبس (كفنا ) ابيض ناصع وعلى راسه (ملك الحسنات)وعلى رجليه (ملك السيئات) .. فى اتجاه نظر (سعادتو) هناك شاشه عرض كبيره تحتها ميزان ضخم .
- شايف الميزان دا ..... دا ميزان اعمالك..
- (يعاين وهو يضع يده على جبهته من شده الاضاءه ) : ده كلوا ميزان ؟
- نعم ... وهو ميزان اعمالك العملتها كلها فى الدنيا خيرها وشرها
- والكف المايله لى تحت شديد ديك شنو؟؟ الكفة المردومه فيها الكتب الكثيره ديك..
- للاسف دى كفه سيئاتك...
- (فى اندهاش) : ودى كلها سيئات...(ثم مواصلاً) طيب واصلى انا فى الدنيا دى ما عملت أيتها حسنه؟
- عملت حسنات
- (فى فرح ) أها طيب وينا؟؟ كاتبنها وين؟؟
يذهب (ملك الحسنات) فى خطوات منتظمه الى حيث الميزان ويدخل يده فى كفة (الحسنات) حيث يجد نوته صغيره كنوته الجيب التى تستخدم لحفظ أرقام التلفونات.. يقوم باحضارها ثم يخاطب (سعادتو) قائلا:
-النوته دى فيها حسناتك؟
- (فى إستنكار) حسناتى فى الدنيا كلها فى النوته الصغيره دى؟؟
- نعم
- (فى ثقه متناهيه وحزم) : لا...لا اكيد انتو تكونوا غلطانين
- (فى جدية) هنا مافيش غلط
- ما فيش غلط كيف يا جماعه...سبحان من لا يخطئ..
- عشان جرستكم دى نحنا جبنا الشاشه الكبيره ديك...ممكن نعرض ليك فيها حياتك مما ابوك اتزوج امك ..ولحدت ما مت ..كل ثانيه فى حياتك مسجله عندنا
- (مخاطباً نفسه فى خوف) : لاحولتن ولا قوتن الا بالله ..دى هسع الزول يطلع منها كيف ؟؟
- (فى صوت آمر) : عاوز تعرف هسع حسناتك فى الاول والا سيئاتك؟؟
- لا.. ادونى حسناتى اول.. أنا عاوز حسناتى
- (ملك الحسنات يفتح النوته الصغيره ينظر فيها ثم يخاطبه :
- والله إنتو حيرتونا ذاتنا ؟
- (فى خوف وتوجس) : حيرناكم فى شنو كمان يا جماعة ؟؟
- تعرف إنت أول زول يجينا هنا عندو (حسنه) مكتوبه لكن فى شكل سيئة !!
- (متسائلاً فى شوية لماضة) : ودى كيف افهمها ؟ بس دى تكون كيف (حسنه) فى شكل (سيئة) دى ؟؟
- عاوز تفهمها ؟.. طيب نشغل ليك الشريط تشوفها بى عينيك
إنطفأت أنوار المكان .. عم الظلام .. الشاشة تضئ ... الدنيا صبيحة احد الايام ..(سعادتو ) جالس فى مكتبه ...على جهاز( الانتركوم ) تخاطبه السكرتيره:-
- يا سعادتك فى واحد قريبك اسمو (التجانى )قال عاوز يقابلك
- خليهو يدخل
بعد السلام والتحيه خاطب ( التجانى ) سعادتو قائلا :
- تعرف ياسعادتو والله انا جاييك وواقع ليك فوق كرعينك ومزنوق زنقه شديده وذى ما انت عارف الاولاد والجامعات والمدارس والمصاريف وايجار البيت وشنو وشنو. ... وقبل أن ينتهى (التجانى) من عرضحاله وعلى جهاز الانتركوم كانت السكرتيره تخاطب سعادتو:
- يا سعادتو الناس المقدمين لعطاء(الهنايات) قالوا عاوزين يقابلوك
- خليهم يدخلو
- السلام عليكم .
- وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته
- اها يا (سعادتو) العطاء وقع لمنو؟
لدهشة (التجانى) فقد قام ســعادتو وفى حـزم وجدية وعلى طول مشيراً إليه وهو يقول لهم:
- العطاء وقع للزول دا ..اطلعوا بره اتفاهموا معاهو وادوهو الفيها النصيب عشان يتنازل ليكم
يخرج (التجانى) ومعهة الجماعه ثم يعودون بعد دقائق وهو يحمل فى يده كيس به مبالغ نقدية وأحد (الجماعة) يخاطب سعادتو :
- اها اديناهو خمسين مليون واتنازل ... نجى نمضى العقد متين؟؟
- أمشوا خلاص بكرة الشئون القانونية بتلقوهو جاهز
وبعد ان خرجوا (الجماعه) وضع (التجانى) القروش على مكتب سعادتو ... قام سعاتو بسحب (القروش) لدرج مكتبه المفتوح وقام باعطاء (التجانى ) مليونين قائلا :-
- دى مش بتحل ليك المشكله بتاعتك ؟؟
- كيف ما تحلها بتحل ابوها ..شكرا.. شكرا سعادتك ... جزاك الله كل خير.......
قام( ملك الحسنات)بايقاف الشريط وهو يخاطب (سعاتو)قائلا:-
- ده انت والا ما انت ...
- (فى صوت خائف مرتعش) : الله لا كسبكم دى صورتوها كيف....
ثم واصل (ملك الحسنات) حديثه لسعادتو : هسه دي حسبناها ليك حسنة .. مع انها جاية من سيئة ..
- طيب كان كده أنا ذى دى ما عندى كتير .. ذى الحسنات الجاية من سيئات دى .. كلها حسبتوها ليا؟ هسع كان حسبتوها ليا كان كان حسناتى بتكون شوية كده ..(ثم فى هيجان وجدية) انا اعترض .. انا عاوز اقدم استجواب ..
- استجواب ده هناك فى( البرلمان) هنا تسمع وتتحاسب وتشوف وبس .
-(سعادتو فى إستسلام ) طيب خلاص يا جماعه ورونى باقى حسناتى .
- نقولا ليك ولا نوريك ليها على الشاشه
-لا..لا... خلاص ما عاوزين شاشه ... ما عاوزين شاشه ..انا اعصابى بايظه وما قادر اشوف
- (ملك الحسنات مواصلاً) طيب من حسناتك انك ما كنت بترد على الناس القاعدين يتهموك فى الجرايد بانك (حرامى) ومرتشى وفاسد....
- ارد عليهم كيف ديل مارقين وماجورين وطابور خامس(وكمن اكتشف شيئا) وكمان اقول ليكم حاجه .. ديل( اعداء الدين) ...وحقو تجيبوهم تحاسبوهم ..
- الدين ده خليهوا هسع ح نجيهوا بعدين لكن عدم ردك على الاتهامات ده نحن ختيناهوا ليك فى ميزان الحسنات باعتبار انك لم تواجه السيئه بمثلها مع انوا نحن عارفين انك ما كان فى امكانك ترد عليهم عشان ما تورط نفسك وتدخلا فى متاهات
- اها باقى حسناتى وين ..صلاتى وين وصيامى وين .. وحجيت سبعتاشر حجه مشو وين ؟
- اول حاجه السبعتاشر حجه الحجيتم ديل ما حسبناهم لانو انت حجيتم( بقروش الحكومه) يعنى بقروش (المواطنين) تانى حاجه فى رمضان كنت بتتعمد تسافر تمشى (الدول) البارده المرطبه وتهرب من( الحر والسخانه)... (ثم منتهرا) انت عاوز تشوف بتصوم وين وكيف
تنطفئ أنوار المكان .. يعم الظلام .. الشاشة تضئ .....على (الشاشه) سعادتو يجلس على كرسى خيزران على أحد الشواطئ (الشتويه) وهو يرتدى (بالطو) ويضع (شالاً) حول رقبته مرتدياً نظارة سوداء وقطع الجليد اليضاء تتناثر هنا وهنالك وحوله أفراد عائلته
- آآى دا أنا لكن ما كان رمضان .. هسع البورى إنو دا كان فى رمضان شنو ؟؟
- هنا مافى كذب وغش الكذب والغش والتزوير والتلفيق ده عندكم هناك ... فى الدنيا
- (فلى تحدى مصطنع) أها وصلاتى كمان دى فيها شك .. أنتو ماشايفين (الغره) الفى جبهتى دى ؟
- إن إن صلاتك لم تنهاك عن الفحشاء والمنكر لذلك فهى ليس لك فيها حسنات
- أها طيب (والغره) دى (البدعك) فيها كم سنه دى لمن جبهتى ورمت دى راحت ساكت ؟ ما عليها درجات !! و كده!!
- هنا يقوم (ملك الحسنات) بقفل (نوته الحسنات) ويخاطب (سعادتو) قائلاً :
- كده حسناتك إنتهت ...
_ (فى ضعف وإستجداء) إنتهت كيف ؟؟ معقول ياجماعه؟؟ أكيد غلطانين
- (فى حسم) : ماقلنا ليك هنا مافى غلط
يخطو (ملك الحسنات) نحو الميزان مره أخرى ويضع (نوته الحسنات) فى كفتها مره أخرى ويعود .. حيث يتحرك (ملك السيئات) نحو الميزان بنفس الإيقاع المنتظم .. يقوم يحمل أحد (المجلدات) الضخمه ويعود الى مكانه .. ويخاطب سعادتو:
- كل مجلد من مجلدات السيئات الستة ديل فيهو سيئات عشرة سنين .. وده (مجلد) سيئاتك للعشرة سنين الأخيرة
(فى إستعلاء) : وهسع عاوزين (تقروهن) ليا كلهن ؟ قالو ليكم أنا فاضى ليكم أنا عندى إجتماع ...وكمان محصل ليا سفرية .. أنا ..
- أجتماع وسفريات دا هناك فى الدنيا .. هنا حساب .. ميزان
(سعادتو يتحسس جسده .. يقرص خده .. يقوم بعض أصابع يده ثم يقول) :
- ياربى أنا فى حلم ولا فى علم
- فى علم ... وعشان تتأكد نوريك طفولتك
إنطفأت أنوار المكان .. عم الظلام .. الشاشة تضئ .... منزل جالوص متهالك مكون من غرفتين و(تكل) و(أدبخانه) .. .. (كر جداد) خشب متصدع به (جداتين وديك) ... أطفال صغار يرتدون سراويل (دموريه) متسخة يلعبون بكرة (شراب) أكثر إتساخاً
_- يااولاد ماتمشو المدرسه وتخلوا لعب (الكوره) دى ... (الطفل سعاتو) يمسح (ريالتو) و(يقش) (مخاخيتو ) بطرف قميصه المتسخ المكرفس ثم يتناول شنطة الدبلان (يعلقها على كتفه) ويخرج صوب المدرسه ...
- المعلم يوقف (الطفل سعاتو) ويساله :
- إنت يوم واحد يا مبهدل ما تحضر الطابور ؟؟ (ثم والشرر يتطاير من عينيه) إتنين فى إتنين بيساووا كم ؟؟
- يصمت الطفل (سعادتو) ويحدق فى وجه المعلم فى (بلاهه) بينما المعلم ينهال عليه بسوط يحمله .. وهو يقول معقول في سنه رابعه وما عارف ليا إتنين فى إتنين بيساووا كم ؟؟
يضئ المكان وتتوقف شاشة العرض ثم يخاطب (ملك السيئات) سعادتو :
- كفايه ولانواصل
- أنتو كدى ياجماعه ما تباركوها شويه .. ونتفاهم .. يدخل يدو فى جيبه ويخرج (حزمة دولارات) -ثم مواصلا- والله أنا عارفا شويه لكن دى النثريه الكنت ماشى بيها السفرية قبل الحادث !!
- (فى صرامة) أساليبك دى الكنتا بتعملا فى الدنيا دى هنا ما بتمش هنا دار محاسبه وليست دار (مفاهمات) أو رشوات .. لم قروشك عليك
_ طيب هسع أنتو جبتونى فى المدرسه وجبتو ليا بيتنا المكسر دا .. يعنى شنو ؟
سكوت تم إنطفأت أنوار المكان .. عم الظلام .. الشاشة تضئ ... سعادتو يدخل من عربته (الرسميه الفاخره) ...فى أحدى شوارع الخرطوم الجديده .. يقف (سعادتو) أمام إحدى العمارات الفارهات ذات الست طوابق .. ثم يخاطب المهندسين المنهمكين فى العمل :
- نزلتو ( السراميك ) من الكونتينرات؟ (ثم مواصلاً) وحاجات التكييف المركزى طلعتوها من (الكراتين)؟
- نزلناهم ... بالمناسبة جاء المقاول وما لقاك وقال ليك خلى ليهو الشيك أبو ثلثمائه مليون نقدم المبلغ المتفق عليه للتشطيب .
(الشاشه تنطفئ)..
- (سعادتو فى زعل) ياجماعة انتو قاصدنى ولآ شنو ؟
- هنا مافى زول بتقصدو .. هنا (اعمالك ) هى الفيصل ..
- طيب وفيها شنو لمن ابنى ليا بيت بى مليارين ثلاثه؟
- بيتك دا مكلف 2مليار و900 مليون واربعمائة ألف وثلثمائة وعشرون جنيه (ثم مواصلاً) إنت ما اشتغلت غير موظف دولة تقدر تورينا جبت القروش دى من وين؟
- ورثتها .. ورثتها..(ثم يتذكر شريط بيت الجالوص) لا.. لا (ما ورثتها .. ما ورثتها دى من مرتبى ..أيوه من مرتبى
- تعرف لو مرتبك دا ما بتصرف منو ولا مليم انت عاوز ليك عشرة ألف وميتين واحد وخمسين سنة عشان تعمل القروش دى!
- خلاص طيب شيلوا البيت دا ما دايرو
- لكن المشكلة ما البيت
- المشكلة طيب شنو ياجماعة حيرتونى ؟
- المشكلة انو المليارات دى كانت ممكن (الدولة ) تشترى بيها أدوية تنقذ بيها مئات الأرواح الماتت من غير ما تجد علاج ..
- (فى هلع وخوف) وديل كلهم روحهم فى رقبتى .
- طبعا... طبعاً.. (ثم مواصلاً) أنا اقول ليك حاجة .. الناس الماتت بى سببك ديل كلهم ماتو قبل يومهم .. لينا (سبعتاشر سنه) كل يوم يجونا مية ميتين نفر نفتش اسماميهم فى قائمة الجايين عندنا نلقاهم مافى ، نعرف انهم ماتو (قبل يومهم) .
- لا .. لا ياجماعة أنا قلت (مرتبى) ساكت كنت اقصد إنى اقول ليكم البيت دا عملتو من (البيزنس) انتو ما عارفين انى بحب (البيزنس) ؟؟ والله انا من عمرى سبعة سنين كنت قاعد اعمل ليا (طبلية) وامشى (الطوخى) اجيب (شختك بختك) والحلاوة والبلى .. واقوم اشترى (البيض) الفى الحلة كلو (احتكرو) وبعدين ابيعو بالزيادة..
- (البيض) دا جاينو ما تستعجل ..
- بيض شنو الجايين ليهو هسع؟ (البيض) دا ما قلت ليكم كان زمان ،
- مزارع الدواجن الفى (يحرى) دى مش بتاعتك ..؟
- والله يا جماعة النصيحة .. النصيحة أنا مشارك فيها ..أصلى بحب المشاركة مما كنت صغير..
- إنت مشارك فيها بمليار وثلاثمئة اربعه وعشرين مليون ودى كانت ممكن تنقذ ليها خمسمية أربعة وثلاثين ألف وستمئة شخص..
- (فى إستنكار) ليه أصلو عندهم شنو؟؟ نزله؟؟ عايزين تكترو ليا الكوم ليه؟ ما ممكن يكونوا خمسين زول عاوزين (زراعة كلى)..
- شطارتك دى خليها فى الدنيا ..دا الواقع هناك كان كده ... فى الوقت داك القروش دى كانت بتنقذ العدد ده .
- (فى خوف) لكن هسع الناس الارواحهم فى رقبتى ديل ما بقو كتار !!
- (فى تهديد) ممكن هسع تورينا تانى مشارك وين وفى شنو والا نشغل ليك (الشاشة) ؟
- لا ما تشغلوا ليا الشاشة ..ح اقول ليكم .. مشارك ليا فى كم مصنع كده وشوية شركات وحبت مزارع وحاجات ذى دى..
- (ينظر الملك فى مجلد السيئات) هنا عندك سيئات وزنها أخف شويه.
- طيب يا جماعة وكت فى حاجات (خفيفة) ليه (كاربنى) بالحاجات الثقبلة دى؟ طيب خفيفه ذى شنو يعنى؟
- انت قمت بتعيين وايجاد وظائف لميتين واحد وعشرين شخص
- ودى فيها شنو ياجماعة ما قاعد أساعد فى حل مشكلة البطاله..
- البطالة دى ما تحلها الا باهلك واقاربك؟؟ انت كده منعت عائلات كثيرة من الوظائف دى لأنو هم كانوا أحق بيها وأهلك ديل ما مؤهلين وما دخلو فى منافسات عشان يفوزوا بيها
- هسع يا جماعة ورونى كدى وزن السيئات بتاعتى قدر شنو ؟
- ح تشوفها فى الميزان
- شنو يا جماعة لسع ما أنتهيتو من حسابى؟؟
- دى بس تسعة ورقات من (المجلد)الاول وفضل ليك باقى (المجلد) دا وخمسة مجلدات ثانى.
- لكن ياجماعة أنا كده ما بتعطل ؟؟
_احسن ليك تتعطل من (الراجيك)
- والراجينى شنو؟
تنطفئ الأنوار ... تنخفض الإضاءة... أصوات جهيرة ... الحساب الحساب يا ثواب ياعقاب ... الحساب الحساب يا ثواب ياعقاب... الحساب الحساب يا ثواب ياعقاب تنفتح ستارة تشتعل من خلفها نار حامية ذات لهب احال المكان إلى جحيم .. فى منتصفها عمود حديدى (عشره بوصة) محمر من من شدة النار.. يقوم ملك السيئات بحمله ثم يوجهه إلى (قفا) سعادتو الذى يحاول ان يبعده العمود من (قفاه) بيده وهويصرخ صرخه مدوية ارتجفت لها ارجاء (المستوصف) الخاص وهو يقول لا..لا..لا
قيل أنه أن (سعادتو) ومنذ تلك اللحظة وهو مرة مرة لا شعورياً تجده وهو(ينش) بيده على (قفاه) فى (خلعة) وهو يقول ..لا..لا..
عزيزى القارئ : إذا رأيت مسئولاً ما وهو يهش على (قفاه) بهذه الكيفية فأعلم إنو دا هو (زولنا ذاتو)
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
[u]دمغة غريق[/u]ق
دق مندوب شركة تحصيل فواتير ( التلفونات) باب منزل جارنا (حاج الطاهر)
- ده منزل الطاهر فضل الله
- نعم
- نحنا فواتير التلفونات ( وناوله فاتورة التلفون)
أخرج (حاج الطاهر) نظارة القراءة من جيب جلابيته وبدأ يقرأ في تفاصيل الفاتورة .. محادثات عالمية محادثات محلية .. هاتف جوال ... ضريبة.. دمغة غريق
-(حاج الطاهر) في استغراب وهو يضع أصبع سبابته أمام ( دمغة غريق) مخاطبا المتحصل :
- كدى اقرا ليا دى شنو ؟ دمعة شنو؟
- دى يا حاج ما دمعة ... دمغة ... بالغين مش بالعين.. دمغة غريق .. ألف جنية بس
- مش في ألف جنية بس.. هي ذاتا شنو؟
- والله يا أستاذ أنحنا بنحصل بس القروش لو عندك أي أسئلة أمشي (شركة التلفونات) هناك ح يشرحوا ليك الموضوع
في الشركة :
-عاوز أقابل الزول المسئول عن التحصيل
- شفت الممر داك.. أمشي عديل تأني لف شمال تأني لف يمين أول مكتب يقابلك دا مكتب مديرالتحصيل
وبالفعل بعد أن قام (حاج الطاهر) بمتابعة (الوصف) وجد نفسه وجها لوجه امام مكتب (مدير التحصيل)
- السلام عليكم
- وعليكم السلام.
- والله في الحقيقة أنا بس عندي استفسار..
- (مبتسماً) إتفضل
- الحقيقة جاتني فاتورة التلفون وفيها ألف جنية مكتوب قداما دمغة غريق.. أول حاجة الشئ الأنحنا عارفنو إنو الدمغة دى (طابعة) بلصقوها لمن الزول يجى يقدم طلب ... والحاجة التانية غريق شنو ؟ وأنا مالي ومال المسألة دي .. محادثاتى وبدفعها ليكم .. تأني ما عندكم معاي حاجة – مواصلاً- إنتو يعنى لازم تاكلو اموال الناس (بالباطل)؟
- (بعد ان إستعدل المدير فى جلسته) يا أستاذ ما ( تهيج) ساكت.. أول حاجة أنحنا ما قاعدين ناكل مال زول بالباطل لأنو المسألة دي أجيزت من المجلس التشريعي للولاية..والنواب الأجازوها ديل إنتو الإنتخبتوهم .. يعنى هم بمثلوكم .. يعنى هم موافقين نيابة عنكم .. يعنى بالعربى إنتو موكلنهم .. وهم أصدرو القرار دا ونحنا ما علينا إلا التنفيذ.. والحاجة التانية (الحكومة) ما شغالة بالتسميات شغالة بالجوهر.. بالمضمون ..الدمغة بلصقوها .. يدبسوها .. ما مهم المهم تندفع .. هسع لو المسائل تسميات كان تكون فى حاجة إسمها (المساهمة الإلزامية) هو فى (مساهمة) وكمان (إلزامية)!!!
- أها وهسع حكاية (دمغة الغريق) دى شنو ...؟
- والله أنا ما بقدر (أفتيك) فى المسألة دى لكن لو عاوز تعرف أكثر.. لحسن حظك ( منظمة الغريق) ذاتا المبنى بتاعا أهو داك.. العمارة الصفراء ديك ممكن تمشي تأخذ منهم معلومات وتعرف الحاصل شنو.
في المنظمة :
مبنى المنظمة عبارة عن ( فيلا) فخمة ذات سياج معدني أنيق معلقه عليه بعض اللوحات الإعلانية التي تحض المواطن على تقديم الدعم والمساعدة للمنظمة من أجل القيام بدورها الإجتماعي فتلك لوحه تقول :
( أيها المواطن الكريم تبرع بكفن غريق تكسب ثواب ) وأخرى تقول : ( من كفن غريقا فكأنما أطعم عشرين مسكيناً) وثالثة تقول : ( الغرقى أخوانكم فتبرعوا لهم) ورابعة تقول : (الغرقان فى ذمة العايش) !!
بعد أن قام (حاج الطاهر) بقراءة كل تلك اللوحات .. ومتع ناظريه بذلك (القطيع) من السيارات البيضاء الفارهه موديل العام (المرصوصة) فى المكان (المسقوف) المعد لها ... قام بدخول المبنى حيث طلب من موظف الإستقبال مقابلة المدير العام للمنظمة .
مع المدير :
دلف (حاج الطاهر) الى مكتب المدير العام .. المكتب فسيح .. التكييف مركزى .. تتدلى من حيطانة ستائر ايطالية بينما غطيت أرضيته بالسجاد الإيرانى .. به طقم جلوس (أمريكى) فاخر وقاعة إجتماعات أنيقة من الخشب (المصقول اللامع) .. أمامها مكتب نصف دائرى يجلس عليه السيد المدير بوجه لامع تبدو عليه أثار النعمة و(الراحات) و(التكييف طويل المدى)
- السلام عليكم
- وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته (إتفضل- مشيراً الى أحد كراسى الجلوس الوثيرة)
وجلس(حاج الطاهر) ثم قال مخاطبا السيد المدير :
- والله فى الحقيقة أنا جاتني في فاتورة التلفون دمغتكم دي وقلت أجي أقابلكم أعرف الحاصل شنو ؟ وما مدى ( مشروعية) دفع الدمغة دي.
- والله يا أخي نحنا (بنثمن) فيك الروح الطيبة دي وتجشمكم مشاق الحضور لي دارنا المتواضعة عشان تتعرف على ما تقوم به هذه المنظمة من عمل خيري يهم المسلمين جميعا ... في الحقيقة المنظمة دي جات نتيجة لتزايد حالات الغرق..كل يوم والثاني يقولوا ليك ثلاثة أصحاب مشوا البحر غرقوا...ناس مشوا رحلة ما رجعوا .. وحافلة وقعت من الكبري الركاب ما إتلقو.. وجثه طافية في النيل.. الناس ديل كلهم ( الحكومة) تجيب ليهم ( غطاسين) من وين ؟؟؟ وتجيب ليهم ( بكاسي) تشيل جثثتهم من وين ؟؟؟ .. وتجيب ليهم ثلاجات تحفظ جثتهم لحدت ما أهلهم يتعرفوا عليهم من وين ؟؟؟... الإجراءات.. حمل الجثمان للمشرحة.. وضعة في الثلاجة.. تشريحه.. تصويره وعمل إعلان في الجرائد عشان أهلو يتعرفوا عليهو.. وفي حالات (عدم التعرف) عملية تكفينو ودفنو.. من وين ؟؟؟ وما تنسى مرات بيكون الزول الغرقان دا ذاتو ( مكتول) وفي الحالة دي نحنا في المنظمة بنتابع مع (الشرطة) – مواصلاً- الصرف دا كلو الحكومة تصرفوا من وين ؟؟ - ثم متسائلاً- في (ميزانية الدولة) في بند ذى دا ؟؟ ما لازم( منظمات المجتمع المدنى) والمواطن يساهم في المسألة دي.. أنت هسع ذاتك ما ممكن بكره تقع بيك عربية وإلا (حافلة) في النيل( يجيبو ليك غطاسين من وين )؟ بإختصار نحنا مسئولين من (الغريق) من لحظة (دخولو المويه) الى لحظة دخولو (القبر)
- دا كلو كلام جميل لكن أنا ذنبي شنو؟
- ذنبك شنو كيف يا أستاذ ؟؟.. مش أنت زول (مسلم) والبغرقوا ديل كلهم إخوانك فى (الإسلام) ؟
- (حاج الطاهر فى إستنكار) لا .. البغرقو ديل كلهم (مواطنين) وبس وممكن يكونو ما (مسلمين) وكلامك دا ضد (الدستور) وإتفاقية ...
- (المدير مقاطعاً) لا أنحنا الناس الما (مسلمين) ديل عندنا ليهم (إدارة) براها فى المنظمة إسمها (إدارة غير الناطقين بها) .. (بالشهادة) يعنى !!
- لكن هسع ( السودان) كلوا يدفع ( للغريق) دا؟ مسلم على غير مسلم ..يعنى لو التلفونات دى فيها مليون مشترك وانتو قاعدين تاخدو (الف جنيه) من كل واحد يبقى بتجمعو ليكم (مليار جنيه) فى الشهر .. دا غير العاوز يطلع او يجدد جواز او بطاقة او رخصة قيادة أو عاوز يطلع شهادة بحث دى كمان مليارات – ثم متسائلاً- إنتو بتودو القروش دى وين؟ أصلو القاعدين (يغرقو) ليكم فى الشهر كم؟
- يعني أنت بس دي ( بالذات) عاوز تعرف أنها ماشة وين انت هسع ( الباقين) عارفم بمشوا وين ؟ عندك هسع دمغة ( الطريح) ودمغة ( الشليق) ودمغة (الحابل) ودمغة ( النابل) زائد كنانه والرهد ... ديل كلهم عارفهم بمشوا وين؟
- (حاج الطاهر محتداً) هو نحنا (تطير عيشتنا) ما نعرف ولا حاجة .. يا أخى انا بس عاوز أعرف دى .. أيوه دمغة الغريق دى .. الباقى دا بيجى يوم نعرفو !!
- (المدير فى برود) : أكيد تكون يا استاذ افتكرت انو القروش دى كتيرة .. أول حاجة يا أستاذ لازم تعرف انو مسألة انتشال الجثث دى مسألة مكلفة .. لنشات وغطاسين وجازولين وخلافه .. عندك مثلاً الراجل الوقع من كبرى (الإنقاذ) وانتحر الاسبوع الفات عشان ما قدر يدفع مليون جنيه رسوم ولدو الدراسية .. دا نحنا بس عشان نلقى الجثمان بتاعو المسألة كلفتنا تلاتة مليون ..
- طيب لو كان أديتو التلاته مليون ما كان حل مشكلتو وما إنتحر !!
- يا أستاذ انا بكرر ليك دى ما مسئوليتنا .. دى مسئولية ديوان الزكاة .. صندوق التكافل .. الرعاية الاجتماعية .. طلاب دعم الصندوق ..نحنا مسئوليتنا (محدده) و تبدأ من لحظة موت الغريق داخل الموية وحتى ندفنو !!
- (فى استنكار) يعنى القروش دى كلها .. يعنى كم مليار جنيه فى الشهر كلها ماشه غطاسين ولنشات وجازولين .. معقول بس؟؟
- طبعا لا يا استاذ .. القروش البتفضل قاعدين نوظفها .. قاعدين نعاين للمستقبل .. هسع لما يجى يوم الناس دى كلها تغلبها المعايش تكابس البحر وتنتحر والله ما تلقى الا المنظمة دى تسترها .. نحنا – يا أستاذ- مستعدين للغرق (الجماعى) ال ح يحصل وعاملين حسابنا .. ومش كدا وبس نحنا عملنا مشروعات استثمارية نوظف فيها القروش دى عشان تنمو وتعمل رصيد كويس نقدر نجابه بيهو اى (غرق) .
- ذى شنو؟؟
- طيب تعال اتفرج على الصور (وفتح السيد المدير البوم كبير ملئ بالصور الملونة) شفت دى الشايفها دا .. المبانى أم اربعين طابق دى .. دى (أبراج الغريق التجارية) فى قلب الخرطوم وبتنفذ فيها شركة (صينية) و ح نبيعها شقق ومكاتب .. - يقلب الصفحة- والبصات السفرية السياحية الفاخرة دى شفتها ؟.. دى مية وخمسين بص أسسنا بيهم شركة (سفريات الغريق) الخرطوم/مدنى/بورتسودان/دنقلا ... -يقلب الصفحة - وكل صيدليات (الغريق) الفى العاصمة دى بتاعتنا .. ولسع عندنا مشروعات كتيرة .. دا كلو يا أستاذ (إستثمار) عشان (الغريق )....يعني السودان دا كلو لو ( غرق) أنحنا ممكن بي امكاناتنا دي( نحصلو) ونشيلو ندفنو!! .. أها بعد دا فى زول يقول نحنا قاعدين نهمل الغريق؟؟ زول يقول إنو البلد ما فيها (آليات) لدرء الكوارث ؟؟!!
- طيب انتو وكت القروش دى كتيرة كدا وعملتوها (عمارات) وشركات و(إستثمارات) ما تفكرو تساعدو المواطنين (الغرقانين) فى (الديون) و الفقر والمرض ودا ذاتو يكون شئ وقائى عشان ما يمشوا و(يغرقو ليكم) ؟
- والله يا استاذ حسب (النظام الأساسى لمنظمة الغريق) نحنا بنعنى بمساعدة الغريق (البحرى والنيلى) وحتى البغرق فى (ترعة) .. لكن الغريق (البرى) دا ما معانا !! – مواصلاً- ده مسئولية (الرعاية الاجتماعبة) .. نحنا المواطن الغرقان دا همنا الاول والأخير ولازم يلقى عناية تليق بيهو مش هنا وبس حتى لو (بره السودان) .. نحنا الأسبوع الجاى ح نفتتح مكاتب (جهاز شئون الغرقانين بالخارج) عشان نكون مسئولين من البغرق برة السودان كمان !!
- ودى طبعا ح تكون دمغتها بالدولار والريال والاسترلينى؟؟؟؟
- أكيد .. نحنا عملنا المنظمة دى عشان نحفظ للمواطن السودانى (الغريق) حقو فى إنو يغرق غرقة (لائقة) .. يعنى مش معقول يعيش (ممرمط) و(مشلهت) ولما تتسدا الأبواب فى وشو ويقوم ينتحر ويغرق كمان تانى (يتبهدل)
تعليق لكاتب المقال : وانتو ما (بتغرقو) مالكم ؟؟ غواصات ؟؟ الله لا كسبكم ولا آجركم !!
دق مندوب شركة تحصيل فواتير ( التلفونات) باب منزل جارنا (حاج الطاهر)
- ده منزل الطاهر فضل الله
- نعم
- نحنا فواتير التلفونات ( وناوله فاتورة التلفون)
أخرج (حاج الطاهر) نظارة القراءة من جيب جلابيته وبدأ يقرأ في تفاصيل الفاتورة .. محادثات عالمية محادثات محلية .. هاتف جوال ... ضريبة.. دمغة غريق
-(حاج الطاهر) في استغراب وهو يضع أصبع سبابته أمام ( دمغة غريق) مخاطبا المتحصل :
- كدى اقرا ليا دى شنو ؟ دمعة شنو؟
- دى يا حاج ما دمعة ... دمغة ... بالغين مش بالعين.. دمغة غريق .. ألف جنية بس
- مش في ألف جنية بس.. هي ذاتا شنو؟
- والله يا أستاذ أنحنا بنحصل بس القروش لو عندك أي أسئلة أمشي (شركة التلفونات) هناك ح يشرحوا ليك الموضوع
في الشركة :
-عاوز أقابل الزول المسئول عن التحصيل
- شفت الممر داك.. أمشي عديل تأني لف شمال تأني لف يمين أول مكتب يقابلك دا مكتب مديرالتحصيل
وبالفعل بعد أن قام (حاج الطاهر) بمتابعة (الوصف) وجد نفسه وجها لوجه امام مكتب (مدير التحصيل)
- السلام عليكم
- وعليكم السلام.
- والله في الحقيقة أنا بس عندي استفسار..
- (مبتسماً) إتفضل
- الحقيقة جاتني فاتورة التلفون وفيها ألف جنية مكتوب قداما دمغة غريق.. أول حاجة الشئ الأنحنا عارفنو إنو الدمغة دى (طابعة) بلصقوها لمن الزول يجى يقدم طلب ... والحاجة التانية غريق شنو ؟ وأنا مالي ومال المسألة دي .. محادثاتى وبدفعها ليكم .. تأني ما عندكم معاي حاجة – مواصلاً- إنتو يعنى لازم تاكلو اموال الناس (بالباطل)؟
- (بعد ان إستعدل المدير فى جلسته) يا أستاذ ما ( تهيج) ساكت.. أول حاجة أنحنا ما قاعدين ناكل مال زول بالباطل لأنو المسألة دي أجيزت من المجلس التشريعي للولاية..والنواب الأجازوها ديل إنتو الإنتخبتوهم .. يعنى هم بمثلوكم .. يعنى هم موافقين نيابة عنكم .. يعنى بالعربى إنتو موكلنهم .. وهم أصدرو القرار دا ونحنا ما علينا إلا التنفيذ.. والحاجة التانية (الحكومة) ما شغالة بالتسميات شغالة بالجوهر.. بالمضمون ..الدمغة بلصقوها .. يدبسوها .. ما مهم المهم تندفع .. هسع لو المسائل تسميات كان تكون فى حاجة إسمها (المساهمة الإلزامية) هو فى (مساهمة) وكمان (إلزامية)!!!
- أها وهسع حكاية (دمغة الغريق) دى شنو ...؟
- والله أنا ما بقدر (أفتيك) فى المسألة دى لكن لو عاوز تعرف أكثر.. لحسن حظك ( منظمة الغريق) ذاتا المبنى بتاعا أهو داك.. العمارة الصفراء ديك ممكن تمشي تأخذ منهم معلومات وتعرف الحاصل شنو.
في المنظمة :
مبنى المنظمة عبارة عن ( فيلا) فخمة ذات سياج معدني أنيق معلقه عليه بعض اللوحات الإعلانية التي تحض المواطن على تقديم الدعم والمساعدة للمنظمة من أجل القيام بدورها الإجتماعي فتلك لوحه تقول :
( أيها المواطن الكريم تبرع بكفن غريق تكسب ثواب ) وأخرى تقول : ( من كفن غريقا فكأنما أطعم عشرين مسكيناً) وثالثة تقول : ( الغرقى أخوانكم فتبرعوا لهم) ورابعة تقول : (الغرقان فى ذمة العايش) !!
بعد أن قام (حاج الطاهر) بقراءة كل تلك اللوحات .. ومتع ناظريه بذلك (القطيع) من السيارات البيضاء الفارهه موديل العام (المرصوصة) فى المكان (المسقوف) المعد لها ... قام بدخول المبنى حيث طلب من موظف الإستقبال مقابلة المدير العام للمنظمة .
مع المدير :
دلف (حاج الطاهر) الى مكتب المدير العام .. المكتب فسيح .. التكييف مركزى .. تتدلى من حيطانة ستائر ايطالية بينما غطيت أرضيته بالسجاد الإيرانى .. به طقم جلوس (أمريكى) فاخر وقاعة إجتماعات أنيقة من الخشب (المصقول اللامع) .. أمامها مكتب نصف دائرى يجلس عليه السيد المدير بوجه لامع تبدو عليه أثار النعمة و(الراحات) و(التكييف طويل المدى)
- السلام عليكم
- وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته (إتفضل- مشيراً الى أحد كراسى الجلوس الوثيرة)
وجلس(حاج الطاهر) ثم قال مخاطبا السيد المدير :
- والله فى الحقيقة أنا جاتني في فاتورة التلفون دمغتكم دي وقلت أجي أقابلكم أعرف الحاصل شنو ؟ وما مدى ( مشروعية) دفع الدمغة دي.
- والله يا أخي نحنا (بنثمن) فيك الروح الطيبة دي وتجشمكم مشاق الحضور لي دارنا المتواضعة عشان تتعرف على ما تقوم به هذه المنظمة من عمل خيري يهم المسلمين جميعا ... في الحقيقة المنظمة دي جات نتيجة لتزايد حالات الغرق..كل يوم والثاني يقولوا ليك ثلاثة أصحاب مشوا البحر غرقوا...ناس مشوا رحلة ما رجعوا .. وحافلة وقعت من الكبري الركاب ما إتلقو.. وجثه طافية في النيل.. الناس ديل كلهم ( الحكومة) تجيب ليهم ( غطاسين) من وين ؟؟؟ وتجيب ليهم ( بكاسي) تشيل جثثتهم من وين ؟؟؟ .. وتجيب ليهم ثلاجات تحفظ جثتهم لحدت ما أهلهم يتعرفوا عليهم من وين ؟؟؟... الإجراءات.. حمل الجثمان للمشرحة.. وضعة في الثلاجة.. تشريحه.. تصويره وعمل إعلان في الجرائد عشان أهلو يتعرفوا عليهو.. وفي حالات (عدم التعرف) عملية تكفينو ودفنو.. من وين ؟؟؟ وما تنسى مرات بيكون الزول الغرقان دا ذاتو ( مكتول) وفي الحالة دي نحنا في المنظمة بنتابع مع (الشرطة) – مواصلاً- الصرف دا كلو الحكومة تصرفوا من وين ؟؟ - ثم متسائلاً- في (ميزانية الدولة) في بند ذى دا ؟؟ ما لازم( منظمات المجتمع المدنى) والمواطن يساهم في المسألة دي.. أنت هسع ذاتك ما ممكن بكره تقع بيك عربية وإلا (حافلة) في النيل( يجيبو ليك غطاسين من وين )؟ بإختصار نحنا مسئولين من (الغريق) من لحظة (دخولو المويه) الى لحظة دخولو (القبر)
- دا كلو كلام جميل لكن أنا ذنبي شنو؟
- ذنبك شنو كيف يا أستاذ ؟؟.. مش أنت زول (مسلم) والبغرقوا ديل كلهم إخوانك فى (الإسلام) ؟
- (حاج الطاهر فى إستنكار) لا .. البغرقو ديل كلهم (مواطنين) وبس وممكن يكونو ما (مسلمين) وكلامك دا ضد (الدستور) وإتفاقية ...
- (المدير مقاطعاً) لا أنحنا الناس الما (مسلمين) ديل عندنا ليهم (إدارة) براها فى المنظمة إسمها (إدارة غير الناطقين بها) .. (بالشهادة) يعنى !!
- لكن هسع ( السودان) كلوا يدفع ( للغريق) دا؟ مسلم على غير مسلم ..يعنى لو التلفونات دى فيها مليون مشترك وانتو قاعدين تاخدو (الف جنيه) من كل واحد يبقى بتجمعو ليكم (مليار جنيه) فى الشهر .. دا غير العاوز يطلع او يجدد جواز او بطاقة او رخصة قيادة أو عاوز يطلع شهادة بحث دى كمان مليارات – ثم متسائلاً- إنتو بتودو القروش دى وين؟ أصلو القاعدين (يغرقو) ليكم فى الشهر كم؟
- يعني أنت بس دي ( بالذات) عاوز تعرف أنها ماشة وين انت هسع ( الباقين) عارفم بمشوا وين ؟ عندك هسع دمغة ( الطريح) ودمغة ( الشليق) ودمغة (الحابل) ودمغة ( النابل) زائد كنانه والرهد ... ديل كلهم عارفهم بمشوا وين؟
- (حاج الطاهر محتداً) هو نحنا (تطير عيشتنا) ما نعرف ولا حاجة .. يا أخى انا بس عاوز أعرف دى .. أيوه دمغة الغريق دى .. الباقى دا بيجى يوم نعرفو !!
- (المدير فى برود) : أكيد تكون يا استاذ افتكرت انو القروش دى كتيرة .. أول حاجة يا أستاذ لازم تعرف انو مسألة انتشال الجثث دى مسألة مكلفة .. لنشات وغطاسين وجازولين وخلافه .. عندك مثلاً الراجل الوقع من كبرى (الإنقاذ) وانتحر الاسبوع الفات عشان ما قدر يدفع مليون جنيه رسوم ولدو الدراسية .. دا نحنا بس عشان نلقى الجثمان بتاعو المسألة كلفتنا تلاتة مليون ..
- طيب لو كان أديتو التلاته مليون ما كان حل مشكلتو وما إنتحر !!
- يا أستاذ انا بكرر ليك دى ما مسئوليتنا .. دى مسئولية ديوان الزكاة .. صندوق التكافل .. الرعاية الاجتماعية .. طلاب دعم الصندوق ..نحنا مسئوليتنا (محدده) و تبدأ من لحظة موت الغريق داخل الموية وحتى ندفنو !!
- (فى استنكار) يعنى القروش دى كلها .. يعنى كم مليار جنيه فى الشهر كلها ماشه غطاسين ولنشات وجازولين .. معقول بس؟؟
- طبعا لا يا استاذ .. القروش البتفضل قاعدين نوظفها .. قاعدين نعاين للمستقبل .. هسع لما يجى يوم الناس دى كلها تغلبها المعايش تكابس البحر وتنتحر والله ما تلقى الا المنظمة دى تسترها .. نحنا – يا أستاذ- مستعدين للغرق (الجماعى) ال ح يحصل وعاملين حسابنا .. ومش كدا وبس نحنا عملنا مشروعات استثمارية نوظف فيها القروش دى عشان تنمو وتعمل رصيد كويس نقدر نجابه بيهو اى (غرق) .
- ذى شنو؟؟
- طيب تعال اتفرج على الصور (وفتح السيد المدير البوم كبير ملئ بالصور الملونة) شفت دى الشايفها دا .. المبانى أم اربعين طابق دى .. دى (أبراج الغريق التجارية) فى قلب الخرطوم وبتنفذ فيها شركة (صينية) و ح نبيعها شقق ومكاتب .. - يقلب الصفحة- والبصات السفرية السياحية الفاخرة دى شفتها ؟.. دى مية وخمسين بص أسسنا بيهم شركة (سفريات الغريق) الخرطوم/مدنى/بورتسودان/دنقلا ... -يقلب الصفحة - وكل صيدليات (الغريق) الفى العاصمة دى بتاعتنا .. ولسع عندنا مشروعات كتيرة .. دا كلو يا أستاذ (إستثمار) عشان (الغريق )....يعني السودان دا كلو لو ( غرق) أنحنا ممكن بي امكاناتنا دي( نحصلو) ونشيلو ندفنو!! .. أها بعد دا فى زول يقول نحنا قاعدين نهمل الغريق؟؟ زول يقول إنو البلد ما فيها (آليات) لدرء الكوارث ؟؟!!
- طيب انتو وكت القروش دى كتيرة كدا وعملتوها (عمارات) وشركات و(إستثمارات) ما تفكرو تساعدو المواطنين (الغرقانين) فى (الديون) و الفقر والمرض ودا ذاتو يكون شئ وقائى عشان ما يمشوا و(يغرقو ليكم) ؟
- والله يا استاذ حسب (النظام الأساسى لمنظمة الغريق) نحنا بنعنى بمساعدة الغريق (البحرى والنيلى) وحتى البغرق فى (ترعة) .. لكن الغريق (البرى) دا ما معانا !! – مواصلاً- ده مسئولية (الرعاية الاجتماعبة) .. نحنا المواطن الغرقان دا همنا الاول والأخير ولازم يلقى عناية تليق بيهو مش هنا وبس حتى لو (بره السودان) .. نحنا الأسبوع الجاى ح نفتتح مكاتب (جهاز شئون الغرقانين بالخارج) عشان نكون مسئولين من البغرق برة السودان كمان !!
- ودى طبعا ح تكون دمغتها بالدولار والريال والاسترلينى؟؟؟؟
- أكيد .. نحنا عملنا المنظمة دى عشان نحفظ للمواطن السودانى (الغريق) حقو فى إنو يغرق غرقة (لائقة) .. يعنى مش معقول يعيش (ممرمط) و(مشلهت) ولما تتسدا الأبواب فى وشو ويقوم ينتحر ويغرق كمان تانى (يتبهدل)
تعليق لكاتب المقال : وانتو ما (بتغرقو) مالكم ؟؟ غواصات ؟؟ الله لا كسبكم ولا آجركم !!
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
(ســـيناريوهات) : عم ســيد أحمـد (صـول)
عدد الجمعة الأسبوعى
صحيفة السودانى
5 يناير 2007
فى بداية الثمانينات قام عم (سيد أحمد) والذى كان يعمل (فنى كهرباء) بالإدارة المركزية حينها بشراء (عربة كورلا 80) من عربات (الإدارة) التى تم (تلجينها) وذلك بمبلغ (ألف ومائة جنيه) حيث قام بإصلاحها واصبحت هذه العربة فيما بعد هى (عربة الأسرة) التى يقضون بها (الحوائج) ويقومون بواسطتها بالذهاب الى المناسبات ويستخدمها هو (للفاتحات) و(العقودات) ولزيارة المرضى من أهلة واقاربه وأصدقائه فى المستشفيات .
بعد أن خرج (عم سيد أحمد) على المعاش قل إهتمامه بالعربة (نسبة لضيق ذات اليد) فتدهورت حالتها العامة ... أصبحت تحتاج إلى (صيانة متواصلة) بسبب (خف الماكينة) كما أن (الفرش) قد تآكل معظمة واصبح يحتاج إلى (تنجيد) غير (الصدمات) العديده (بالجنبات) التى تتعرض له بصفة يومية إثناء الخروج بها من باب (القراش) .. ولكن مع كل ذلك فهى لم تخذله أثناء هذه الخدمة الطويلة .
فى صباح أحد الأيام تفاجأ (عم سيد أحمد) بعد خروجه من أحد ( المستوصفات الخاصة ) بعد زيارته لأحد أقاربه بعدم وجود العربة فى مكانها الذى تركه فيها .... إعتقد بأن أحدهم قد قام (بدفرها) لفتح (الطريق) أو شئ من هذا القبيل لكنه لم يجد لها أثرا فكان لابد من التبليغ !!
فى القسم :
- عاوز أفتح بلاغ سرقة ... عربيتى إتسرقت !!
- تمشى (النيابة) يا حاج وبعدين تجينا نتحرى معاك
فى النيابة :
- عاوز أفتح بلاغ سرقة ... عربيتى إتسرقت !!
- شفت الزول (العرضحالجى) القاعد فى (التربيزة) داك ! أمشى شيل منو (فورم) بتاع (عريضة) أملاهو
- بالله لو سمحت أدينا (فورم) بتاع (عريضة)
- خمسة ألف
- بتاعت شنو؟؟
- بتاعت (فورم العريضة) الشلتو ده
- وخمسة ألف ليه؟ ما ورقة (مصورة ساكت)
- (ياخد الفورم من يد عم سيد أحمد) : طيب جيبو هنا !! وأمشى صور واحد ذيو!!
ترك عم (سيد أحمد) العرضحالجى وتلفت داخل (مبنى النيابة) عله يجد (عرضحالجى) غيره لكن هيهات إذ يبدو أن (رفع سعر الفورم) كان نتيجة (للإحتكار) !! لذلك كان لابد له من العودة مجددا :
- جيب الفورم القبيلك ده
- (وهو يتشاغل بترتيب ورق امامه) : بى (عشرة ألف)
- إنت يعنى بتأدب فينى ... قبيل ما قلت (خمسة ألف)
- ده قبيل ... هسع يا حاج (الفورم) بقى بى (عشرة)
- يعنى (الدولار) إرتفع ؟ ما تجيب يا إبنى (الفورم) بى (خمستك) القلتها دى وتخلينا نمشى
بعد أن لاحظ علامات الغضب على وجه عم سيد أحمد يناوله الفورم ولسان حاله يقول (ما عامل فيها ما بتدفع!!!)
عاد عم سيد أحمد مرة أخرى لمكتب (الموظفين) وقام بمخاطبة (الموظفة) التى سبق وطالبته بإحضار (الفورم) :
- بالله يا أستاذه عاوز أفتح بلاغ سرقة .. وأهو ده الفورم القلتو جيبوهو
- مليتو؟
- لا
- طيب أملاهو
- (بعد أن سلمها له) : سته ألف
- بتاعت شنو؟؟
- ( الدمغة) بتاعت الفورم ده
قام عم سيد أحمد بدفع رسوم (الدمغة) التى على (الفورم) الذى أعطته (الموظفة) رقما وقامت (بتدبيس) إيصال الرسوم معه وطلبت منه مقابلة (وكيل النيابة) :
- بعد (الحليفة) : الحاصل شنو؟؟
- والله يا مولانا أنا بس دخلت (المستوصف) أزور قريبن ليا .. ما أخدت ليا معاهو خمسة دقايق ولمن رجعت لقيت العربية مافيشا !! وبعد إعطاء بيانات العربة ... الموديل ... اللون ... رقم اللوحة ... طالبه
(وكيل النيابة) بالرجوع مرة أخرى لتسجيل (العريضة) ...
فى القسم :
- عاوز أفتح بلاغ سرقة ... عربيتى إتسرقت !! وأهو ده (البلاغ) بتاع (النيابة)
- مش كويس يا حاج الما سرقو (صندوق البنسون) الكبير الفى جيبك ده ...
من منطلق أن اللبيب بالإشارة يفهم قام عم (سيد أحمد) بإخراج (صندوق البنسون) وإعطاء (المتحرى) سجارة ثم مد لزميله الذى يجلس معه على نفس (الكاونتر) سجارة أخرى :
- والله يا حاج السجائر ده قبل (الفطور) قالو ما (كويس)
من منطلق أن اللبيب بالإشارة يفهم (تانى) علم (عم سيد أحمد) بأن (المسألة) جابت ليها (فطور) غير أنه (عمل نايم) وقام بمد (ورق النيابة) للمتحرى قائلا :
- يا أولادى بالله أفتحو ليا البلاغ ده طوالى عشان أنا زول (سكرى) والوقفة الطويله دى ملا بقدر عليها
- طيب يا حاج شفت الزول القاعد فى (التربيزة) داك ! أمشى جيب منو (فلسكاب) عشان نعمل ليكا (التحرى) فيهو
ما أن وصل عم (سيد أحمد) للرجل الذى يجلس على التربيزة وشاهده حتى :
- بسم الله الرحمن الرحيم ... يا زول إنت هسع ما كنت فى (النيابة) وإشتريت منك الفورم بتاع العريضة (المصور) بى خمسة ألف؟؟
- ومالو ؟؟ فى شنو ؟؟
- لا يعنى إنت عندك (تربيزه) هنا وتربيزه هناك وإلا الحاصل شنو؟؟
- (فى برود) يا حاج ما تأخرنا عاوز شنو ؟؟
- عاوز فلسكاب بتاع (تحرى)
- (وهو يمد له بخمسة ألواح (فلسكاب) : خمسة ألف !!
- (يعدهم ثم فى أستغراب) : يعنى (الفرخ) بتاع (الفلسكاب) بى ألف جنيه !! أصلو فرخ (حمام)
- يا حاج (حمام) (جداد) سعرو كده !! ولو مشيت وجيت بعد شوية ح تلاقيهو بى تلاته ألف !!
- عليك الله هو لو ما (ساكت) الزول (يتعالج) بى قروشو (ويعلم) أولادو بى (قروشو)ويشيل (نفاياتو) بى قروشو وكمان يفتح (بلاغو) بى قروشو ؟؟
- يا حاج والله دى ما مشكلتى كان (عجبك) شياهم بى خمسة ألف !!
لم يكن فى وسع (عم سيد أحمد) إلا أن يشترى(ويخارج نفسو) فتجربته مع نفس الرجل فى مسألة (فورم العريضة) لم تمض عليها سوى دقائق !!
وإكتمل التحرى :
- خلاص يا حاج كده انتهينا من التحرى
- طيب أها وعربيتى دى أفتشا وين
- شوف يا حاج أنحنا هنا فى القسم ده عندنا شعبة مباحث كامله متخصصة فى سرقة العربات
- أها وبعدين إنتو بتحولو ليهم البلاغ
- نحولو ليهم ده شنو .. أهم ديك فى المكتب داك إنت بس أمشى ليهم وهم ح (يجيهوك)
للوهلة الأولى إعتقد (عم سيد أحمد) بأنه سوف يقوم بمقابلة (رئيس شعبة مكافحة سرقة السيارات بالقسم) والذى هو بلا شك فى رتبة (عميد) او (عقيد) وأنه سوف يحيلة إلى (مقدم) أو (رائد) يتولى ميدانيا مهمة (البحث) عن عربته المسروقة مستعينا بفريق من (أفراد المباحث) لكن إعتقاد عم (سيد أحمد) يبدو أنه لم يكن فى محله بعد أن وجد أن المكتب المعنى هو مكتب (صغير) تتوسطه (تربيزة) حديدية صغيرة متسخة .. إمتلأ حائط المكتب بصور بحجم (الباسبورت) لأشخاص لم يجتهد (عم سيد أحمد) كثيرا ليتوصل إلى أنها صور لعتاة المجرمين .. على الرغم من ضيق مساحة المكتب فقد إمتلا برجال المباحث الذين (يتشابهون) فى كل شئ تقريبا .. فقد كانو جميعهم من (الشباب) ... يرتدون (تى شيرتات ملونه) ... يحملون (موبايلات) فى أيديهم ...
- يا حاج عندك شنو؟؟
- ح يكون يعنى عندى شنو؟؟ ملاريا ؟؟؟ ما عندى سرقة؟؟
- سرقو منك شنو؟
- عربيتى ... وأهو البلاغ رقم البلاغ
- (عندك يا حاج) عربية؟؟
- ما قلت ليك كانت عندى وإتسرقت
- لا يا حاج أنا بقصد عندك عربية عشان (نفتش) بيها (عربيتك) ؟؟
- ما عندى طبعا .. هى السرقوها دى قادرين نعمل ليها (عمرة) كمان يكون عندنا واحده تانية؟؟
- طيب يا حاج لو ما وفرت لينا (عربية) نفتش بيها (عربيتك) دى ما ح نقدر نتحرك عشان (عربات) ما عندنا
- عربات ما عندكم كيف ؟؟ واليوم كلو (طووط ...طوووط ) وكل ما تتلفت تلاقى ليك عربية (شرطة)؟؟
- دى يا حاج عربات (إرتكاز) و(دوريات) عشان تحفظ أمن وممتلكات المواطن
- وعربيتى دى ما (ممتلكات) !!!
- شوف يا حاج ما تكتر كلامك كان دايرنا نلقى ليك (عربيتك) دى وفر لينا (عربيه) نفتش بيها وإلا وفر لينا (بنزين) والا (أدينا) نحنا بنتصرف برانا !!
كانت الساعة قد تجاوزت الثانية بعد الظهر بقليل وقد تمت سرقة العربة حوالى التاسعة صباحا .. الزمن بالنسبة لعم (سيد أحمد) يمضى وهو لا يريد لسارقى العربة أن يبتعدو بها كثيرا لذا لم يكن هنالك بد من الإذعان لما قاله (رجل المباحث)
- أها هسه المطلوب شنو يعنى ؟
- (أحد الأفراد متداخلا) : هو إنت يا حاج قلت إتسرقت وين؟؟
- هنا فى الخرطوم ... قدام (مستوصف تتعالجون)
- طيب الحته دى يا حاج مسؤول منها زميلنا (ود الصينى) بعرف (حرامية العربات) البسرقو هناك كلهم .. خليهو يجى وح يورينا عربيتك دى بكونو ودوها وين !!!
بعد دقائق من الإنتظار حضر (ودالصينى) الذى بعد أن تم شرح الأمر له قال مخاطبا عم (سيد أحمد) :
- شوف يا حاج عربيتك دى يا فى (السلمة) يا فى (أبو آدم) يا فى (السامراب) !!!
- ويعنى ح تفتشو المناطق دى كلها ؟؟
- طبعا يا حاج لازم نفتشها كان ما فتشناها ح نلاقيها كيف؟؟
- ودى ح تفتشوها بى Google Earth ?
- قلت شنو؟؟
- لا قلت المسأله عاوزه ليها (فتيش)
- طبعا يا حاج عاوزة ليها فتيش
- قبل (الفتيش) ما ح تعملو بيها (نشرة) توزعوها ؟؟
- أيوه ح نوزع بيها نشرة لكن لازم ندور عليها !! عشان ما (يشلعوها ليك )!!
- أها و(التدوير) ده بيآخد زمن ؟؟
- والله يا حاج حسب (سرعة) التدوير
- و(سرعة ) التدوير دى بتتناسا )طرد يا( مع شنو؟؟
- قلت شنو يا حاج؟
- لا ما قلت حاجة .. بقول المطلوب منى شنو؟؟
- (أحد الأفراد) : خلاص وكت إنت يا حاج ما عندك (عربية) نفتش بيها .. أدينا نأجر لينا عربية !!
- يعنى ذى كم ؟؟
- حاجة معقولة وكده!!
- (وهو يقوم بفتح محفظته والجميع ينظر فى ترقب) : أنا ما جاى مستعد وكده ... غايتو شيلو باقى قروش المصروف دى – ثم مواصلا- دى نمرت (الموبايل) بتاعى كان وصلتو لى حاجة إتصلو فينى وأنا ح أجيكم بكرة !!!
بكرة :
لما لم يتصل أحد بعم (سيد أحمد) فقد قام مبكرا بالذهاب للقسم لإستطلاع الأمر ومعرفة ماذا تم فى مسألة البحث عن (عربته) المسروقة
- يا جماعة (ودالصينى) بتاع المباحث وين ؟؟؟
- والله الزول ده كان (بايت) هنا وما ح يجى إلا بكرة !!
- طيب فى زول فيكم عارف الحصل فى موضوع (عربيتى) شنو؟؟
- مش يا حاج عربيتك (كورلا 80 بيضاء) ؟؟
- (فى ترقب) : أيوه لقيتوها ؟؟
- لا لكن فى واحد زميلنا قال لقو ليهم عربية مسروقه بالمواصفات دى واقفه فى اللفه بتاعت (شارع مدنى)
- ما قال (نمرتا) كم ؟؟
- قال ما فيها نمرة !!
- وزميلك ده نلقاهو وين ؟؟
- والله يا حاج أنا كنت عاوز أضرب ليهو هسع بالموبايل بتاعى ده عشان أقول ليهو جيب ليا معاك (فطور) لكن لقيت ما عندى (رصيد) !!
- طيب خد أضرب ليهو من موبايلى ده
- (يتصل برقم ) : شنو وين يا فرده !!
- ..........................................
- شنو أمبارح تنومو (بالكنجالات) كلها وتدقسونا
- .........................................
- (تمساح) ده عارفو غتيت لكن ما بخليهو
- ...............................................................................
- بالله ما تنسى تجيب ليا معاك (شريط) الحفلة …. بنتظرك الليلة فى البيت
-................................................................................
- لا أنا الليلة ما بايت فى (القسم)
- ...............................................................................
- (عم سيدأحمد متضايقا) : يا إبنى خلينا من كلامكم ده و أسالو من رقم العربية اللقوها
- قلت ليا يا (فرده) العربية (الكورلا)ا اللقيتوها فى (لفة مدنى) لقيتو سيدا ؟؟
- ........................................................................
- قلت شنو؟؟ كرونا ؟ ما كوريلا ؟؟
-..........................................................................
أصيب عم سيد أحمد بإحباط شديد بعد أن علم أن (العربية) ماركة (كرونا) ولو أنه فى قرارة نفسه أن المحادثة لم تكن لذات الغرض !!!
اليوم البعدو :
لما لم يتصل أحد بعم (سيد أحمد) فى اليوم السابق أيضا فقد قام مبكرا بالذهاب للقسم لإستطلاع الأمر ومعرفة ماذا تم فى مسألة البحث عن (عربته) المسروقة خاصة وانه سوف يجد (ود الصينى) الذى أوكلت له مهمة البحث عن العربة إذ أنه اليوم لابد وأن يكون مداوماً :
- يا جماعة (ودالصينى) الليلة جا
- أيوة (مداوم) ... كان هسع هنا لكن الظاهر مشى (الفطور)
فى هذه الأثنا يدخل (ودالصينى) :
- إنت وين يا حاج أنا قاعد أتصل فيك من أول أمبارح وموبايلك ما قاعد يرد
- أها لقيتوها؟
- لا ما لقيناها ... فتشنا (السلمة) كلها حته حتة ... فضل لينا بس (ود آدم) و(السمراب)
- وما فتشتوهم ليه؟
- نفتشهم بى شنو؟؟ القروش الأديتنا ليها يا دوبك أجرنا بيها عربية فتشنا بيها (السلمة) وكمان تمينا عليها (عشرين ألف) !!!
تمتم عم (سيد أحمد) فى سره (يعنى هسع الزول لو خلى موضوع العربية ده مفروض يدفع عشرين ألف) ثم مخاطبا (ودالصينى) :
- وهسع ح تفتشو فى (ودآدم) و(السامراب) مع بعض وإلا (ودآدم) بس؟
- والله يا حاج شوف التأخير ما من المصلحة عشان عربيتك دى والله (يشلعوها) يخلوها ليك على (الحديدة) !
- والله الظاهر أنا ال ح أكون على الحديده !!
- قلت شنو يا حاج؟
- لا مافى حاجة (ثم بعد تفكير يقوم بفتح محفظته بينما يتظاهر ودالصينى بعدم النظر تجاهه ) : طيب دى (ميت ألف) ... شيلو (العشرين ألف) التميتوها أمبارح من (جيبكم) والتمانين أجرو ليكم بيها عربية فتشو بيها (ودأدم والسامراب) وكان لقيتو حاجة (أضربو) ليا !!
وتوالت الأيام :
أصبح عم (سيد أحمد) يتردد يوميا وبإستمرار على (القسم) وتحديدا على (شعبة المباحث) ولأن (مكتب المباحث) الصغير لم يكن به إلا كرسى واحد فقد كان (عم سيد أحمد) عندما يأتى مبكرا يجلس على ذلك الكرسى
يقرأ فى (الصحف) التى يحضرها معه وذلك فى إنتظار (ودالصينى) لمعرفة آخر أخبار البحث عن عربته .. توثقت الصلة بين (عم سيد أحمد) والعاملين فى (القسم) وصاروا يوكلون له بعض المهام كمساعدتهم فى تسطير دفتر (اليومية) وترتيب ملفات (القضايا) و(البلاغات) كما وإزدادو حبا له بسبب أريحينه (وتوزيعه) للبنسون كما كان كثيرا ما يقوم بطلب (الفطور) وكذلك القهوة والشاى .من (البوفيه) الذى فتح به حسابا (جرورة).
فى خضم (التنقلات) التى تشهدها (أقسام) الشرطة من وقت لآخر فقد تم خلال وقت وجيز نقل جميع أفراد القسم – بما فيهم ودالصينى- وإحلال آخرين مكانهم ولم يتبق بالقسم (بالطبع) إلا (عم سيد أحمد) والذى أصبح (حجة) فى بلاغات (سرقة العربات) من أثر تردده على القسم .
- شوفو (العربية) دى كان (إتسرقت) من (شارع الجمهورية) ح تلقوها فى (لفة الكلاكلة)
- شوفو (العربية) دى كان (إتسرقت) من قدام (عفراء) ح تلقوها وراء (السوق المركزى)
- العربات (اللانكروزر) دى لو ما إتقبضت طوالى بمشو بيها (كسلا) ومن هناك (الحبشة)
تناهت شهرة (الصول سيد أحمد) كما أصبح ينادونه فى مجال سرقة العربات فأصبح مستشارا لمن تسرق عرباتهم
- شوف عربيتك الإتسرقت دى بس إنت كلم بيها (صول سيد أحمد) الفى القسم داك والله يوريك بتلقاها وين!!!
بعد سنه :
بعد عام ونيف وبينما (عم سيد أحمد) يقوم بقراءة الصحف الصباحية فى ذلك المكتب الصغير وأمامه فنجان القهوة الذى طلبه من (البوفيه) إذ دخل عليه شخص لم يتعب كثيرا فى معرفته إنه (ود الصينى) :
- إذيك يا حاج .. إنت لسه ما لقيت العربية!!
- والعربيه يلقوها كيف ؟؟ - ثم فى صرامة- أنا ما كلفتك تفتشها ؟
- لكن يا حاج ...
- لكن شنو ؟ إنت مش شايل ليك ميتين ألف عشان تأجربيهم عربية تدور بيها
- لكن يا حاج
- (فى صرامة): حاج شنو يا عسكرى خليك منضبط ... – ثم ينده – يا شاويش .. يا شاويش تعال سوق (ودالصينى) ده دخلو (كركون)!!!!
عدد الجمعة الأسبوعى
صحيفة السودانى
5 يناير 2007
فى بداية الثمانينات قام عم (سيد أحمد) والذى كان يعمل (فنى كهرباء) بالإدارة المركزية حينها بشراء (عربة كورلا 80) من عربات (الإدارة) التى تم (تلجينها) وذلك بمبلغ (ألف ومائة جنيه) حيث قام بإصلاحها واصبحت هذه العربة فيما بعد هى (عربة الأسرة) التى يقضون بها (الحوائج) ويقومون بواسطتها بالذهاب الى المناسبات ويستخدمها هو (للفاتحات) و(العقودات) ولزيارة المرضى من أهلة واقاربه وأصدقائه فى المستشفيات .
بعد أن خرج (عم سيد أحمد) على المعاش قل إهتمامه بالعربة (نسبة لضيق ذات اليد) فتدهورت حالتها العامة ... أصبحت تحتاج إلى (صيانة متواصلة) بسبب (خف الماكينة) كما أن (الفرش) قد تآكل معظمة واصبح يحتاج إلى (تنجيد) غير (الصدمات) العديده (بالجنبات) التى تتعرض له بصفة يومية إثناء الخروج بها من باب (القراش) .. ولكن مع كل ذلك فهى لم تخذله أثناء هذه الخدمة الطويلة .
فى صباح أحد الأيام تفاجأ (عم سيد أحمد) بعد خروجه من أحد ( المستوصفات الخاصة ) بعد زيارته لأحد أقاربه بعدم وجود العربة فى مكانها الذى تركه فيها .... إعتقد بأن أحدهم قد قام (بدفرها) لفتح (الطريق) أو شئ من هذا القبيل لكنه لم يجد لها أثرا فكان لابد من التبليغ !!
فى القسم :
- عاوز أفتح بلاغ سرقة ... عربيتى إتسرقت !!
- تمشى (النيابة) يا حاج وبعدين تجينا نتحرى معاك
فى النيابة :
- عاوز أفتح بلاغ سرقة ... عربيتى إتسرقت !!
- شفت الزول (العرضحالجى) القاعد فى (التربيزة) داك ! أمشى شيل منو (فورم) بتاع (عريضة) أملاهو
- بالله لو سمحت أدينا (فورم) بتاع (عريضة)
- خمسة ألف
- بتاعت شنو؟؟
- بتاعت (فورم العريضة) الشلتو ده
- وخمسة ألف ليه؟ ما ورقة (مصورة ساكت)
- (ياخد الفورم من يد عم سيد أحمد) : طيب جيبو هنا !! وأمشى صور واحد ذيو!!
ترك عم (سيد أحمد) العرضحالجى وتلفت داخل (مبنى النيابة) عله يجد (عرضحالجى) غيره لكن هيهات إذ يبدو أن (رفع سعر الفورم) كان نتيجة (للإحتكار) !! لذلك كان لابد له من العودة مجددا :
- جيب الفورم القبيلك ده
- (وهو يتشاغل بترتيب ورق امامه) : بى (عشرة ألف)
- إنت يعنى بتأدب فينى ... قبيل ما قلت (خمسة ألف)
- ده قبيل ... هسع يا حاج (الفورم) بقى بى (عشرة)
- يعنى (الدولار) إرتفع ؟ ما تجيب يا إبنى (الفورم) بى (خمستك) القلتها دى وتخلينا نمشى
بعد أن لاحظ علامات الغضب على وجه عم سيد أحمد يناوله الفورم ولسان حاله يقول (ما عامل فيها ما بتدفع!!!)
عاد عم سيد أحمد مرة أخرى لمكتب (الموظفين) وقام بمخاطبة (الموظفة) التى سبق وطالبته بإحضار (الفورم) :
- بالله يا أستاذه عاوز أفتح بلاغ سرقة .. وأهو ده الفورم القلتو جيبوهو
- مليتو؟
- لا
- طيب أملاهو
- (بعد أن سلمها له) : سته ألف
- بتاعت شنو؟؟
- ( الدمغة) بتاعت الفورم ده
قام عم سيد أحمد بدفع رسوم (الدمغة) التى على (الفورم) الذى أعطته (الموظفة) رقما وقامت (بتدبيس) إيصال الرسوم معه وطلبت منه مقابلة (وكيل النيابة) :
- بعد (الحليفة) : الحاصل شنو؟؟
- والله يا مولانا أنا بس دخلت (المستوصف) أزور قريبن ليا .. ما أخدت ليا معاهو خمسة دقايق ولمن رجعت لقيت العربية مافيشا !! وبعد إعطاء بيانات العربة ... الموديل ... اللون ... رقم اللوحة ... طالبه
(وكيل النيابة) بالرجوع مرة أخرى لتسجيل (العريضة) ...
فى القسم :
- عاوز أفتح بلاغ سرقة ... عربيتى إتسرقت !! وأهو ده (البلاغ) بتاع (النيابة)
- مش كويس يا حاج الما سرقو (صندوق البنسون) الكبير الفى جيبك ده ...
من منطلق أن اللبيب بالإشارة يفهم قام عم (سيد أحمد) بإخراج (صندوق البنسون) وإعطاء (المتحرى) سجارة ثم مد لزميله الذى يجلس معه على نفس (الكاونتر) سجارة أخرى :
- والله يا حاج السجائر ده قبل (الفطور) قالو ما (كويس)
من منطلق أن اللبيب بالإشارة يفهم (تانى) علم (عم سيد أحمد) بأن (المسألة) جابت ليها (فطور) غير أنه (عمل نايم) وقام بمد (ورق النيابة) للمتحرى قائلا :
- يا أولادى بالله أفتحو ليا البلاغ ده طوالى عشان أنا زول (سكرى) والوقفة الطويله دى ملا بقدر عليها
- طيب يا حاج شفت الزول القاعد فى (التربيزة) داك ! أمشى جيب منو (فلسكاب) عشان نعمل ليكا (التحرى) فيهو
ما أن وصل عم (سيد أحمد) للرجل الذى يجلس على التربيزة وشاهده حتى :
- بسم الله الرحمن الرحيم ... يا زول إنت هسع ما كنت فى (النيابة) وإشتريت منك الفورم بتاع العريضة (المصور) بى خمسة ألف؟؟
- ومالو ؟؟ فى شنو ؟؟
- لا يعنى إنت عندك (تربيزه) هنا وتربيزه هناك وإلا الحاصل شنو؟؟
- (فى برود) يا حاج ما تأخرنا عاوز شنو ؟؟
- عاوز فلسكاب بتاع (تحرى)
- (وهو يمد له بخمسة ألواح (فلسكاب) : خمسة ألف !!
- (يعدهم ثم فى أستغراب) : يعنى (الفرخ) بتاع (الفلسكاب) بى ألف جنيه !! أصلو فرخ (حمام)
- يا حاج (حمام) (جداد) سعرو كده !! ولو مشيت وجيت بعد شوية ح تلاقيهو بى تلاته ألف !!
- عليك الله هو لو ما (ساكت) الزول (يتعالج) بى قروشو (ويعلم) أولادو بى (قروشو)ويشيل (نفاياتو) بى قروشو وكمان يفتح (بلاغو) بى قروشو ؟؟
- يا حاج والله دى ما مشكلتى كان (عجبك) شياهم بى خمسة ألف !!
لم يكن فى وسع (عم سيد أحمد) إلا أن يشترى(ويخارج نفسو) فتجربته مع نفس الرجل فى مسألة (فورم العريضة) لم تمض عليها سوى دقائق !!
وإكتمل التحرى :
- خلاص يا حاج كده انتهينا من التحرى
- طيب أها وعربيتى دى أفتشا وين
- شوف يا حاج أنحنا هنا فى القسم ده عندنا شعبة مباحث كامله متخصصة فى سرقة العربات
- أها وبعدين إنتو بتحولو ليهم البلاغ
- نحولو ليهم ده شنو .. أهم ديك فى المكتب داك إنت بس أمشى ليهم وهم ح (يجيهوك)
للوهلة الأولى إعتقد (عم سيد أحمد) بأنه سوف يقوم بمقابلة (رئيس شعبة مكافحة سرقة السيارات بالقسم) والذى هو بلا شك فى رتبة (عميد) او (عقيد) وأنه سوف يحيلة إلى (مقدم) أو (رائد) يتولى ميدانيا مهمة (البحث) عن عربته المسروقة مستعينا بفريق من (أفراد المباحث) لكن إعتقاد عم (سيد أحمد) يبدو أنه لم يكن فى محله بعد أن وجد أن المكتب المعنى هو مكتب (صغير) تتوسطه (تربيزة) حديدية صغيرة متسخة .. إمتلأ حائط المكتب بصور بحجم (الباسبورت) لأشخاص لم يجتهد (عم سيد أحمد) كثيرا ليتوصل إلى أنها صور لعتاة المجرمين .. على الرغم من ضيق مساحة المكتب فقد إمتلا برجال المباحث الذين (يتشابهون) فى كل شئ تقريبا .. فقد كانو جميعهم من (الشباب) ... يرتدون (تى شيرتات ملونه) ... يحملون (موبايلات) فى أيديهم ...
- يا حاج عندك شنو؟؟
- ح يكون يعنى عندى شنو؟؟ ملاريا ؟؟؟ ما عندى سرقة؟؟
- سرقو منك شنو؟
- عربيتى ... وأهو البلاغ رقم البلاغ
- (عندك يا حاج) عربية؟؟
- ما قلت ليك كانت عندى وإتسرقت
- لا يا حاج أنا بقصد عندك عربية عشان (نفتش) بيها (عربيتك) ؟؟
- ما عندى طبعا .. هى السرقوها دى قادرين نعمل ليها (عمرة) كمان يكون عندنا واحده تانية؟؟
- طيب يا حاج لو ما وفرت لينا (عربية) نفتش بيها (عربيتك) دى ما ح نقدر نتحرك عشان (عربات) ما عندنا
- عربات ما عندكم كيف ؟؟ واليوم كلو (طووط ...طوووط ) وكل ما تتلفت تلاقى ليك عربية (شرطة)؟؟
- دى يا حاج عربات (إرتكاز) و(دوريات) عشان تحفظ أمن وممتلكات المواطن
- وعربيتى دى ما (ممتلكات) !!!
- شوف يا حاج ما تكتر كلامك كان دايرنا نلقى ليك (عربيتك) دى وفر لينا (عربيه) نفتش بيها وإلا وفر لينا (بنزين) والا (أدينا) نحنا بنتصرف برانا !!
كانت الساعة قد تجاوزت الثانية بعد الظهر بقليل وقد تمت سرقة العربة حوالى التاسعة صباحا .. الزمن بالنسبة لعم (سيد أحمد) يمضى وهو لا يريد لسارقى العربة أن يبتعدو بها كثيرا لذا لم يكن هنالك بد من الإذعان لما قاله (رجل المباحث)
- أها هسه المطلوب شنو يعنى ؟
- (أحد الأفراد متداخلا) : هو إنت يا حاج قلت إتسرقت وين؟؟
- هنا فى الخرطوم ... قدام (مستوصف تتعالجون)
- طيب الحته دى يا حاج مسؤول منها زميلنا (ود الصينى) بعرف (حرامية العربات) البسرقو هناك كلهم .. خليهو يجى وح يورينا عربيتك دى بكونو ودوها وين !!!
بعد دقائق من الإنتظار حضر (ودالصينى) الذى بعد أن تم شرح الأمر له قال مخاطبا عم (سيد أحمد) :
- شوف يا حاج عربيتك دى يا فى (السلمة) يا فى (أبو آدم) يا فى (السامراب) !!!
- ويعنى ح تفتشو المناطق دى كلها ؟؟
- طبعا يا حاج لازم نفتشها كان ما فتشناها ح نلاقيها كيف؟؟
- ودى ح تفتشوها بى Google Earth ?
- قلت شنو؟؟
- لا قلت المسأله عاوزه ليها (فتيش)
- طبعا يا حاج عاوزة ليها فتيش
- قبل (الفتيش) ما ح تعملو بيها (نشرة) توزعوها ؟؟
- أيوه ح نوزع بيها نشرة لكن لازم ندور عليها !! عشان ما (يشلعوها ليك )!!
- أها و(التدوير) ده بيآخد زمن ؟؟
- والله يا حاج حسب (سرعة) التدوير
- و(سرعة ) التدوير دى بتتناسا )طرد يا( مع شنو؟؟
- قلت شنو يا حاج؟
- لا ما قلت حاجة .. بقول المطلوب منى شنو؟؟
- (أحد الأفراد) : خلاص وكت إنت يا حاج ما عندك (عربية) نفتش بيها .. أدينا نأجر لينا عربية !!
- يعنى ذى كم ؟؟
- حاجة معقولة وكده!!
- (وهو يقوم بفتح محفظته والجميع ينظر فى ترقب) : أنا ما جاى مستعد وكده ... غايتو شيلو باقى قروش المصروف دى – ثم مواصلا- دى نمرت (الموبايل) بتاعى كان وصلتو لى حاجة إتصلو فينى وأنا ح أجيكم بكرة !!!
بكرة :
لما لم يتصل أحد بعم (سيد أحمد) فقد قام مبكرا بالذهاب للقسم لإستطلاع الأمر ومعرفة ماذا تم فى مسألة البحث عن (عربته) المسروقة
- يا جماعة (ودالصينى) بتاع المباحث وين ؟؟؟
- والله الزول ده كان (بايت) هنا وما ح يجى إلا بكرة !!
- طيب فى زول فيكم عارف الحصل فى موضوع (عربيتى) شنو؟؟
- مش يا حاج عربيتك (كورلا 80 بيضاء) ؟؟
- (فى ترقب) : أيوه لقيتوها ؟؟
- لا لكن فى واحد زميلنا قال لقو ليهم عربية مسروقه بالمواصفات دى واقفه فى اللفه بتاعت (شارع مدنى)
- ما قال (نمرتا) كم ؟؟
- قال ما فيها نمرة !!
- وزميلك ده نلقاهو وين ؟؟
- والله يا حاج أنا كنت عاوز أضرب ليهو هسع بالموبايل بتاعى ده عشان أقول ليهو جيب ليا معاك (فطور) لكن لقيت ما عندى (رصيد) !!
- طيب خد أضرب ليهو من موبايلى ده
- (يتصل برقم ) : شنو وين يا فرده !!
- ..........................................
- شنو أمبارح تنومو (بالكنجالات) كلها وتدقسونا
- .........................................
- (تمساح) ده عارفو غتيت لكن ما بخليهو
- ...............................................................................
- بالله ما تنسى تجيب ليا معاك (شريط) الحفلة …. بنتظرك الليلة فى البيت
-................................................................................
- لا أنا الليلة ما بايت فى (القسم)
- ...............................................................................
- (عم سيدأحمد متضايقا) : يا إبنى خلينا من كلامكم ده و أسالو من رقم العربية اللقوها
- قلت ليا يا (فرده) العربية (الكورلا)ا اللقيتوها فى (لفة مدنى) لقيتو سيدا ؟؟
- ........................................................................
- قلت شنو؟؟ كرونا ؟ ما كوريلا ؟؟
-..........................................................................
أصيب عم سيد أحمد بإحباط شديد بعد أن علم أن (العربية) ماركة (كرونا) ولو أنه فى قرارة نفسه أن المحادثة لم تكن لذات الغرض !!!
اليوم البعدو :
لما لم يتصل أحد بعم (سيد أحمد) فى اليوم السابق أيضا فقد قام مبكرا بالذهاب للقسم لإستطلاع الأمر ومعرفة ماذا تم فى مسألة البحث عن (عربته) المسروقة خاصة وانه سوف يجد (ود الصينى) الذى أوكلت له مهمة البحث عن العربة إذ أنه اليوم لابد وأن يكون مداوماً :
- يا جماعة (ودالصينى) الليلة جا
- أيوة (مداوم) ... كان هسع هنا لكن الظاهر مشى (الفطور)
فى هذه الأثنا يدخل (ودالصينى) :
- إنت وين يا حاج أنا قاعد أتصل فيك من أول أمبارح وموبايلك ما قاعد يرد
- أها لقيتوها؟
- لا ما لقيناها ... فتشنا (السلمة) كلها حته حتة ... فضل لينا بس (ود آدم) و(السمراب)
- وما فتشتوهم ليه؟
- نفتشهم بى شنو؟؟ القروش الأديتنا ليها يا دوبك أجرنا بيها عربية فتشنا بيها (السلمة) وكمان تمينا عليها (عشرين ألف) !!!
تمتم عم (سيد أحمد) فى سره (يعنى هسع الزول لو خلى موضوع العربية ده مفروض يدفع عشرين ألف) ثم مخاطبا (ودالصينى) :
- وهسع ح تفتشو فى (ودآدم) و(السامراب) مع بعض وإلا (ودآدم) بس؟
- والله يا حاج شوف التأخير ما من المصلحة عشان عربيتك دى والله (يشلعوها) يخلوها ليك على (الحديدة) !
- والله الظاهر أنا ال ح أكون على الحديده !!
- قلت شنو يا حاج؟
- لا مافى حاجة (ثم بعد تفكير يقوم بفتح محفظته بينما يتظاهر ودالصينى بعدم النظر تجاهه ) : طيب دى (ميت ألف) ... شيلو (العشرين ألف) التميتوها أمبارح من (جيبكم) والتمانين أجرو ليكم بيها عربية فتشو بيها (ودأدم والسامراب) وكان لقيتو حاجة (أضربو) ليا !!
وتوالت الأيام :
أصبح عم (سيد أحمد) يتردد يوميا وبإستمرار على (القسم) وتحديدا على (شعبة المباحث) ولأن (مكتب المباحث) الصغير لم يكن به إلا كرسى واحد فقد كان (عم سيد أحمد) عندما يأتى مبكرا يجلس على ذلك الكرسى
يقرأ فى (الصحف) التى يحضرها معه وذلك فى إنتظار (ودالصينى) لمعرفة آخر أخبار البحث عن عربته .. توثقت الصلة بين (عم سيد أحمد) والعاملين فى (القسم) وصاروا يوكلون له بعض المهام كمساعدتهم فى تسطير دفتر (اليومية) وترتيب ملفات (القضايا) و(البلاغات) كما وإزدادو حبا له بسبب أريحينه (وتوزيعه) للبنسون كما كان كثيرا ما يقوم بطلب (الفطور) وكذلك القهوة والشاى .من (البوفيه) الذى فتح به حسابا (جرورة).
فى خضم (التنقلات) التى تشهدها (أقسام) الشرطة من وقت لآخر فقد تم خلال وقت وجيز نقل جميع أفراد القسم – بما فيهم ودالصينى- وإحلال آخرين مكانهم ولم يتبق بالقسم (بالطبع) إلا (عم سيد أحمد) والذى أصبح (حجة) فى بلاغات (سرقة العربات) من أثر تردده على القسم .
- شوفو (العربية) دى كان (إتسرقت) من (شارع الجمهورية) ح تلقوها فى (لفة الكلاكلة)
- شوفو (العربية) دى كان (إتسرقت) من قدام (عفراء) ح تلقوها وراء (السوق المركزى)
- العربات (اللانكروزر) دى لو ما إتقبضت طوالى بمشو بيها (كسلا) ومن هناك (الحبشة)
تناهت شهرة (الصول سيد أحمد) كما أصبح ينادونه فى مجال سرقة العربات فأصبح مستشارا لمن تسرق عرباتهم
- شوف عربيتك الإتسرقت دى بس إنت كلم بيها (صول سيد أحمد) الفى القسم داك والله يوريك بتلقاها وين!!!
بعد سنه :
بعد عام ونيف وبينما (عم سيد أحمد) يقوم بقراءة الصحف الصباحية فى ذلك المكتب الصغير وأمامه فنجان القهوة الذى طلبه من (البوفيه) إذ دخل عليه شخص لم يتعب كثيرا فى معرفته إنه (ود الصينى) :
- إذيك يا حاج .. إنت لسه ما لقيت العربية!!
- والعربيه يلقوها كيف ؟؟ - ثم فى صرامة- أنا ما كلفتك تفتشها ؟
- لكن يا حاج ...
- لكن شنو ؟ إنت مش شايل ليك ميتين ألف عشان تأجربيهم عربية تدور بيها
- لكن يا حاج
- (فى صرامة): حاج شنو يا عسكرى خليك منضبط ... – ثم ينده – يا شاويش .. يا شاويش تعال سوق (ودالصينى) ده دخلو (كركون)!!!!
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
الفكى ابوجبل
العدد الأسبوعى - صحيفة السودانى
الجمعة الموافق 12 يناير 2007
(محمد عثمان) ولقبه (ابوجبل) كان يعمل (باشكاتبا) فى إحدى المصالح الحكومية قبل أن تطاله يد (الصالح العام) ويتم الإستغناء عن خدماته مع عدد كبير من زملائه الموظفين الذين ورد إسمهم فى (كشف) الإحالة (للصالح العام) الذى قامت بوضعه لجنه يرأسها السيد (حسين خشم الحوت) والذى أصبح بقدرة قادر (مديرا للتنمية البشرية) بالمصلحة بعد أن كان رئيساً (للسواقين) .
لم يكن (أبو جبل) ينتمى لأى من ألوان الطيف السياسية بل ليست لديه أى علاقه بالسياسة لذلك فقد إستغرب الكثيرون عند إحالته للصالح العام ما عدا بعض الذين كانو يعلمون بواطن الأمور من زملائه فى المصلحة والذين يؤكدون بأن سبب إحالة (أبوجبل) هو أنه كان قد ترأس عددا من لجان (المحاسبة) التى إنعقدت لمحاسبة (حسين خشم الحوت) عندما كان رئيسا (للسواقين) بتهمة (سرقة بنزين) سيارات (المصلحة) وبيعه فى السوق الأسود .
حفيت قدما (أبوجبل) وهو يذهب يوميا من منزله فى (أمبده بالسبيل) إلى )شارع البلدية بالخرطوم) حيث يقع مقر (نقابه) العاملين بالمصلحة والتى (تزعم) أنها تتولى أمر المطالبه بحقوق الذين تم الإستغناء عن خدمتهم ..
لما لم يكن هنالك مصدر رزق آخر لأبى جبل للإنفاق على أسرته المكونة من خمسة أبناء فى مختلف المراحل الدراسية إضافة إلى والدتهم فقد نفذ وفى وقت وجيز كل ما كانت تدخرة الأسرة التى كانت تعتقد بأن (ورع) القائمين على الأمر لن يجعل هنالك مجالا للمماطلة فى إعطاء (أبوجبل) حقوقة مقابل (ربع قرن) قضاه موظفا بالمصلحة ولكن تبدد ذلك الإعتقاد بعد أن تجاوزت (المسألة) السبعة اعوام ولا يزال (أبوجبل) يوميا (يركب) الحافلة المتجهه (للخرطوم) من (محطة السبيل) متجهاً إلى (شارع البلدية) حيث مقر (النقابة) .
- ليكا سبعة سنين هسع كل يوم يا راجل داير ليكا تلاته تالاف جنيه (مواصلات) يجيبوها
ليك من وين؟ حق الأكل بقى ما عندنا والأولاد بطلو يمشوا المدارس
- يا وليه قولى خير على باليمين بكره (يقبضونا) حقوقنا وتاكلو (باسطه) ساااكت
- والله كان راجى (الجماعه) ديل يأكلوكا (باسطه) واطاتك أصبحت هم فاضيين من أكل
(كلامهم) ؟
- هسع آخرتا شنو؟ يعنى أدق المشوار ده من (أمبده) لحدت شارع (البلديه) كدارى يعنى؟
- والله تدقو (كدارى) ما كدارى والله الليله حق (الملاح) ما عندنا
خرج (أبوجبل) من المنزل وهو يفكر فى كيفية الحصول على (حق) المواصلات الذى يمكنه للذهاب إلى دار (النقابه) لمعرفة ما تم بخصوص (إستحقاقات ما بعد الخدمة) والتى مضت عليها سنوات لم يكن بإستطاعته (الإستدانه) من (حامد الغرباوى) سيد الدكان ففى ذمته له أكثر من (تسعين ألف) كما لم يكن بإستطاعته ايضاً الإستدانه من (خضر الجزار) أو (عباس بتاع الخضار) أو حتى (نفيسه ست الكسره) فكل هؤلاء قد (إستلف) منهم ولم يستطع التسديد لهم منذ وقت طويل ... فجأه تذكر (أبوجبل) صديقة وزميله السابق فى المصلحة (رضوان) والذى بعد أن تمت إحالته للصالح العام قام بفتح (كشك) لبيع الكتب القديمة أمام مبنى (بوسته أم درمان) فقرر الذهاب إليه (كدارى)
- شنو يا أبوجبل جاى شايل (نفسك) طالع ونازل ؟
- والله يا (رضوان) يا خوى أنا جاييك من البيت (كدارى)
- بقيت (تتريض) كمان !!
- إتريض شنو؟؟ والله ده (الفلس) على باليمين حق المواصلات مافى و(الجماعة) كل يوم نمشى
يقولو لينا خلاص القرار طلع و(المحكمة) حكمت لينا والقروش قربت تمرق
- والله يا (ابوجبل) ياخوى أنا خلاص المسأله دى قنعت منها .. (الدولة) مما تلقى ليها
(قرار) فى مصلحة (المواطن) تعمل نايمة – ثم مواصلاً- تشرب شنو ؟ قهوة ولا شاى ؟
أثناء غياب (رضوان) عن الكشك لإحضار (البارد) كان ابوجبل يقوم بقراءة عناوين بعض (الكتب القديمة) التى على (الرف) الذى امامه ، تناول أحد الكتب نفضه من الغبار العالق علية ، كان عنوان الكتاب مثيرا (الجواهر اللماعة فى إستحضار الجن فى الوقت والساعة) وبينما بدأ (أبوجبل) فى تصفح محتويات (فهرس) الكتاب كان (رضوان) قد أحضر (القهوة)
- شنو قعدت تقرأ ليا فى كتاب (الجن) دى ؟؟ عاوز تبقى (فكى) ؟؟
- ومالو ؟؟ عليك الله الحاله الوصلونا ليها (الجماعة) ديل مش تخلى الزول يشتغل
(حاوى) !!
- لكن هسع (الجن) ده بتقدر عليهو؟؟
- والله وكت نحنا قدرنا على (الفلس والمسغبة) دى (الجن) هين !! – مستدركاً- بى مناسبة
الفلس دى تعرف أنا جاييك من البيت قاصدك قلت أشيل منك قروش مواصلات أصل بيها
(النقابه) أسأل من (القريشات) ؟؟
- (وهو يدخل يده فى جيب القميص) : غايتو خلى معاك (الخمسة الف) دى .. والله لو ما
الظروف كعبه كان عملتها ليك (عشرة) – مستدركا- وكمان ما تنسى شيل معاك الكتاب بتاع
(الجن) ده إحتمال (تضرب) معاك)
فكى تحت التمرين :
أحس (أبوجبل) بعدم رغبة فى الذهاب (للخرطوم) للسؤال عن مستحقاته حيث آثر العودة للمنزل غير أنه لم يكن فى إستطاعتة العودة للمنزل (كدارى) فهو من جهه قد أصابه إجهاد شديد نتيجة للمشوار الأول ومن جهه أخرى فهو الآن لديه (خمسة آالاف) يستطيع أن (يدفع) منها (للحافلة) ويشترى منها كمان (كيساً للسعوط) من (سلطان الكيف) .. لذلك فقد قرر دون تردد الصعود ألى أحدى الحافلات المتجهه إلى (أمبده بالسبيل ) بعد أن (دردم) من كيس السعوط (سفه) وضعها على زاوية شفته (العليا) .
ما أن جلس (أبوجبل) على كرسى الحافلة الذى بجانب (الشباك) حتى قام بفتح (الكتاب) الذى أخذه من كشك صديقة (رضوان) ..وأخذ فى قراءة مقدمة الكتاب والتى جاء فيها :
جمع هذا المصنف المختصر الصغير الحجم الكبير الفائدة الكثير مما ألفه أئمة التأليف في علم الحروف، وهو العلم الذي يطّلع ممارسه على أسرار العوالم العلوية والسفلية، ويشاهد الأرواح الروحانية، ويقدر على تحصيل ما يريده من الأمور من تحضير ملوك الجان ومعالجة الأمراض الصعبة البرء التي يعجز الأطباء عنها كالفالج والجذام والعشق والجنون، وكذلك إنقاذ المظلومين من أيدي الجبابرة، ورؤية الأشياء المتباعدة، وجلب البعيد، وإبعاد القريب، والجمع بين المتنافرين، وإظهار الخفيات، وجلب المسرات، ودفع المضرات، وغير ذلك من الأغراض.
تهلل وجه (أبوجبل) وهو يقرأ بأن واحدة من مهام هذا الكتاب هو (إنقاذ) المظلومين من أيدى (الجبابرة) فأبو جبل يرى بانه مظلوم ظلم الحسن والحسين وأن هذه فرصة للإستعانة(بالجن) بعد أن فشل جميع (البشر) المسئولين فى إنصافه بعد أن تم فصله عن العمل دون إبداء أى أسباب ودون أن يستلم حقوقه مما جعله يواجه صعوبات الحياة (صفر اليدين) فأخذ يردد فى سره :
- والله يا (حسين خشم الحوت) اليلة تعبت معاى جنس تعب
دخل (أبوجبل) إلى (صالون) المنزل والذى يستخدمه كغرفة خاصة به وإستلقى على السرير ثم أخرج نظارته الطبية وبدأ فى قراءة محتويات الكتاب فى شغف وما لبث أن توقف فى صفحة 16 والتى يقول عنوانها (تحضير ملك الجان شمهريرة وتسخيره فى الإنتقام من الظالمين والجبابرة )
- أهو ده الأنا عاوزو ذاتو .. على باليمين (الجماعة) تعبوا معاى
هنا دخلت إلى الصالون حاجة (صفية) زوجة أبوجبل تساله :
- ( أحضر) ليك حاجه تاكلها ؟
- لا أنا عاوز أحضر (شمهريره)
- قلت أحضر ليك شنو؟ - مواصلة- عندنا (عدس) وفى كمان (رشوشة)
- (متضايقا) حضرى أى حاجه والسلام
بعد أن تناول (أبوجبل) الغداء عاد من جديد لصفحة 16 وأخذ يقرأ :
خطوات التحضير :
1- أبدأ بالدخول إلى مكان مظلم لا تدخله الشمس
- دى بسيطة
2- قم بالصوم عن أكل (اللحوم) بأنواعها و(البيض) وكل ما هو حى لمده سبعة أيام وأفطر
على (الخبز) وزيت النبات
- دى برضو بسيطة هو أنحنا قادرين ناكل (لحوم) !!
3- إشعل خمسة من أعواد (الند) ووقية من بخور اللبان والمستكه فى (مجمرة) ثم أتلو
(الأسماء السيريالية) التاليه 4444 مرة والأسماء هى : برهتيه – كرير – طوران –
مزجل – بزجل – أنغليط – برقش – براقش – مهراقش
- ما مشكلة إن شاء الله نقراها مليون ألف مرة يعنى شنو؟
4- ثم بعد قراءة الأسماء كل مأئة مرة اطلب من ملك الجان (شمهريرة) أن ينزل بقولك :
(يا شمهريرة ملك الجان أنزل وبان عليك الأمان وقد جهزت لك القربان)
5- بعد نزول ملك الجان (شمهريرة) أطلب منه ما تريد من (إهلاك ظالم) أو (إستعادة حقوق)
- ده الكلام ... والله (شمهريرة) ده زولى ذاتو !!
قبل أن يقوم (أبوجبل) بقفل الصفحة 16 نظر إلى (حاشية) الكتاب حيث وجد سطراًُ يقول : يجب أن تقوم قبل الشروع فى عملية إستنزال ملك الجان (شمهريرة) بتجهيز (القربان) له والمكون من (ضب) و(عنكبوت) و(سحلية خاتفت لونين) !! يوضعان فى زجاجة وتتم عملية قراءة الأسماء عليهما .
القرابين مشكلة :
كل ما جاء فى صفحة 16 بخصوص إستنزال ملك الجان (شمهريرة) كان مقدوراً عليه بالنسبة لأبى جبل ما عدا مسألة (القرابين) .. نعم .. الضب والسحلية والعنكبوت موجودون على (حوائط) منزله (الجالوص) وكثيراً ما كان يراهم وهم يقومون بإصطياد (الباعوض) والحشرات الصغيرة أمام (اللمبات) ولكن المشكلة كانت تكمن فى كيفية (إصطيادهما) .
ما أن غابت الشمس فى ذلك اليوم حتى وضع (أبوجبل) كرسيا وجلس ينظر فى مواجهه (لمبة) الحوش معطيا ظهرة لأفراد أسرته الذين جلسوا كعادتهم يتسامرون
- يا راجل إنت جنيت ؟ المقعدك تعاين للمبه دى الوكت ده كلو شنو ؟؟
- أنا راجى (الضببه) و(السحالى) الكرهونا العيشه ديل
- هسع عليك الله الكرهوك العيشه ناس (خشم الحوت) وإلا الضببه والسحالى – ثم مواصلة-
عليك الله قوم شوف ليكا شغله
تيقن أبوجبل بأن مسألة إصطياده للضب والسحلية لن تتم بالسهولة التى إعتقدها وإنه إذا ما أراد أن يقوم بذلك دون أن يسترعة الإنتباه فعليه أن يقوم بقص الحكاية لزوجته الحاجه (صفية) من الألف إلى الياء علها تتفهم الأمر فإنتحى بها جانباً فى (الصالون) وقص عليها الحكاية وأطلعها على كتاب (الجواهر اللماعة)
- يعنى خلاص إنت قنعت من (الحكومة) قلت أحسن تشوف (أولاد ماما) ؟؟
- أولاد (ماما) أولاد (بابا) أنا ح (أجرب) ما خسرانين حاجه !!
- أها هسع كان لقيت (الضب) .. السحلية الخاتفت لونين دى تجيبا من وين؟؟ والله إلا من
(المتحف الطبيعى) !!
- إنتى يا وليه غبيانه (السحالى) كلها (خاتفت) لونين – مواصلاً- هسع دى ما المشكلة
- طيب المشكله شنو؟؟
- المشكله نجيب (الضب) والسحلية) والعنكبوت ديل من وين ؟؟
- أنا بوريك تجيبهم من وين لكن زولك (شمهريرة) ده كان نزل ليك بس تخليهو يسوى ليا
(حجاب) العمل أصلو ما يمشى فينى !!
- حاضر أها حلك شنو؟؟
كان حل الحاجه (صفية) فى غاية السهولة حيث أن (الثلاث كائنات) المطلوبه كانت تقبع داخل ثلاث (زجاجات) أمام (أبوجبل) بعد أيام ثلاثه فقط وذلك بعد أن ندهت لشافع الجيران (أب قنبور) وأحضرته قائله له :
- شوف يا أب قنبور كان قدرت تجيب ليا (ضب وسحليه وعنكبوت) أنا ح أديك (جوزين حمام)
من البرج ده
وبدأت المهمة :
توكل (أبو جبل) على الله وأوصد عليه الصالون (الخلوة) بعد أن قام بترتيب كافة الأشياء المطلوبه ممنياً نفسه إستنزال ملك الجان (شمهريرة) ليوكله بإنزال كافة أنواع العذاب على (حسين خشم الحوت) الذى كان سببا فى
فى فصله للصالح العام وكذلك ليطلب منه أن تقوم الجهات المسئوله بتسليمه لحقوقه التى فشلت كل (المحاكم) و(القوانين) فى إعطائها له حتى تلك اللحظة .
كان أبوجبل ينام نهارا وهو صائم ثم ما أن تنتهى (صلاة المغرب) حتى تدخل له الحاجة (صفية) رغيفتين وكوبا من زيت السمسم وشئ من الملح ليفطر بهما حسب تعليمات (الكتاب) بعدها يبدأ أبوجبل فى إشعال النار على أعواد الند (الخمسة) ووضع (البخور) على (المجمرة) ثم قراءة (الأسماء) التى جاءت فى صفحة 16 عدد 4444 مرة وقسم الإستنزال الذى ورد معها كما جاء بالكتاب .
جاء اليوم (السابع) .. بدا أبو جبل يقرأ فى الأسماء ويتصبب (عرقاً) وهو ينظر فى أرجاء الغرفة المظلمة منتظرا رؤية (شمهريرة) .. إنتهى من قراءة الأسماء .. لم يحدث شيئاً .. إنتظر ساعة .. ساعتين .. غلب عليه (النوم) دون أن يحضر (شمهريرة) حتى أصبح الصبح !
- أها إن شاء الله أولاد (ماما) يكونو نزلو (أمبارح)
- (لم يشأ ان يقول لها الحقيقة) : كيف نزلوا وقالو ح يمشو يطلعو ليك عين (خشم الحوت)
ويخلو (المسؤلين) يدونا حقوقنا فى الشهر ده
- ما كلمتهم يعملوا ليا الحجاب؟
- كيف قالو ح يجيبوهو ليا الليله المساء
فى مساء ذات اليوم كان (أبو جبل ) قد قام بتصفح كتاب (الجواهر اللماعة) مرة أخرى وقام بنقل (حجاب الحفظ) الموجود بصفحة 21 فى ورقه باليه صفراء وإعطائه لصفية والتى ما أن تسلمته ووضعته داخل (صدرها) حتى قالت تخاطبه :
- والله والله من أمبارح أنا يا دوبك شميت العافية ... يلحقونى (اولاد ماما)
الفكى أبوجبل :
لم تتمالك (صفيه) نفسها وتكتم (السر) حيث قامت فى أول زيارة لها لأختها (خديجه) بإخراج (الحجاب) من صدرها بعد أن قامت بتجليده بقطعه (ساتان) حمراء
- يخسى عليكى يا (صفية) عرفتى ليكى (فكى) جديد ؟؟
- جديد شنو وقديم شنو ده عملو ليا (أبوجبل) عليكى أمان الله مما شلتو ختيتو فى صدرى ده
روحى (إتجمت)
- (أبو جبل) كمان بقى (فكى) ؟؟
- والله بس عندو واحد صاحبو (شيخ) أداهو (الأسرار) دى
لم يلبث أن ذاع صيت (أبوجبل) بفضل (إذاعة) صفية للخبر :
- والله وحاتك إنتى وما طالبانى حليفه قالو ليكى الفكى (أبوجبل) ده خلى ليكى (جبل
كررى) الحى وموجود ده يتحرك كم متر ويرجع فى محلو ناتى .. إنتى ما قالو ليكى سموهو
أبوجبل ليه !!!
- والله قالو ليكى الفكى ابوجبل ده شديد جنس شدة .. المرة مشت ليهو عشان تتطلق من راجلا
أداها محاية شربتا مشت البيت لقت ورقتا منتظراها !!!
- عليكى أمان الله ذى شدت الفكى أبوجبل دى ما لاقتنى .. (عوضية) الشينه وقبيحة وتشبه
روحا دى .. الكرعينا (معصعصة) وذى (قلم الرصاص) وسنونا مفرقات ذى (سوسته الشنطة)
دى حلفو قالوا ليكى مشت ليهو قالت ليهو عاوزة أعرس أداها ليكى تلاته بخرات بس ..
طلقت (البخرة الأولى) بس العرسان ديل وقفو ليك صف لحدت ما عرست الرجل المغترب
العندو (الكريسيدا) الجديدة ده !!
- يا أخى (أبوجبل) ده مجرب مشيتا ليهو فى لعبتنا (الفاينال) مع فريق (الصقور) قلنا
ليهو أنحنا (درون نكسب) وغالبين نكسب بس عاوزنك تعمل لينا حاجة ما ننغلب عليك أمان
الله قام أدى (حارس المرمى) بتاعنا (ورقه) قال ليهو (أدفنا) فى (خط 18) بتاعك .. بعد
(حارس المرمى) بتاعنا قام دفنا قال بقيت أشوف الكورة كبييييرة قدر (صينية الاكل)
وبعد داك أى كورة جاتو صداها .. والكورة طلعت درون وشلنا (الكاس)!!
على الرغم من أنه لا يخلو يوم إلا وتتوقف فيه (عربه) أو (أمجاد) أو (ركشة) أمام منزل
(أبو جبل) تسأل عن منزل (الفكى أبوجبل) إلا أن الأخير قد رفض رفضا باتا (إنتهاز
الفرصة) والإدعاء بان لديه أى مقدرات (علاجية روحانية) وطلب من جميع من بالمنزل أن
يقولوا لكل من يسأل عن (الفكى أبو جبل) بأنه (مسافر خارج البلد) !!
أين شمهريرة :
كان كل ما يشغل بال (أبوجبل) فى تلك الأثناء هو سؤال لم يجد الإجابة عليه وهو : لماذا لم تنجح تجربه إستنزال ملك الجان (شمهريرة) على الرغم من أنه – أى أبوجبل- قد قام بتتبع وعمل كل الخطوات فى دقة ؟؟ وإحضار (القرابين) المطلوبه من (ضب) وسحلية (خاتفت لونين) و(عنكبوت) ؟؟؟ كان هذا السؤال يشغل بال (أبو جبل) حتى ذلك اليوم الذى كان يقلب فيه فى كتاب (الجواهر اللماعة) حيث وجد على الصفحة 45 الإجابه على فشل تلك التجربه حيث جاء فى أسفل الصفحة :
يجب أن تكون كل القرابين (حية) فى الليلة الأخيرة ساعة إستنزال أى من ملوك الجان
- أيوااا (العنكبوت) أنا شفتو كان فى آخر يوم (ميت) عشان كده العملية (فشلت) !!!
ما لبث أن نده على (صفية) حيث أخبرها بأن (اولاد ماما) يريدون (عنكبوتا) حياً ليضاف إلى (الضب والسحلية) اللذان هما على قيد الحياة وطلب منها أن تحدث (أب قنبور) والذى لم تمض ساعة زمن حتى قام بإحضارة حيث قام (أبو جبل) بدخول الخلوة (الصالون) مرة أخرى لإعادة (التجربه) بعد أن قام بتوفير كل العوامل اللازمة التى تساعد على بقاء (العنكبوت) حياً حتى نهاية (الأسبوع) :
مرت الليلة الأولى ... الثانيه... السادسة .. فى الليلة السابعة وعندما قاربت ( الأسماء) التى يتلوها على الإنتهاء بدأ ت دقات قلب (أبوجبل) فى الإزدياد وشلالات من (العرق) تنهمر من جسده بعد أن (تكهرب) جو الغرفة المظلمة وبدأت خيوط دخان (البخور) التى تمتلئ بها الغرفة تتشكل ... ثم تتشكل .. ثم تتشكل حتى صارت ذات أبعاداً (ثلاثية)
- منو؟؟ ملك الجان (شمهريرة) ؟؟
- كدى عاين يا (مغفل) كويس .... أنا (حسين خشم الحوت) !!! [b]
العدد الأسبوعى - صحيفة السودانى
الجمعة الموافق 12 يناير 2007
(محمد عثمان) ولقبه (ابوجبل) كان يعمل (باشكاتبا) فى إحدى المصالح الحكومية قبل أن تطاله يد (الصالح العام) ويتم الإستغناء عن خدماته مع عدد كبير من زملائه الموظفين الذين ورد إسمهم فى (كشف) الإحالة (للصالح العام) الذى قامت بوضعه لجنه يرأسها السيد (حسين خشم الحوت) والذى أصبح بقدرة قادر (مديرا للتنمية البشرية) بالمصلحة بعد أن كان رئيساً (للسواقين) .
لم يكن (أبو جبل) ينتمى لأى من ألوان الطيف السياسية بل ليست لديه أى علاقه بالسياسة لذلك فقد إستغرب الكثيرون عند إحالته للصالح العام ما عدا بعض الذين كانو يعلمون بواطن الأمور من زملائه فى المصلحة والذين يؤكدون بأن سبب إحالة (أبوجبل) هو أنه كان قد ترأس عددا من لجان (المحاسبة) التى إنعقدت لمحاسبة (حسين خشم الحوت) عندما كان رئيسا (للسواقين) بتهمة (سرقة بنزين) سيارات (المصلحة) وبيعه فى السوق الأسود .
حفيت قدما (أبوجبل) وهو يذهب يوميا من منزله فى (أمبده بالسبيل) إلى )شارع البلدية بالخرطوم) حيث يقع مقر (نقابه) العاملين بالمصلحة والتى (تزعم) أنها تتولى أمر المطالبه بحقوق الذين تم الإستغناء عن خدمتهم ..
لما لم يكن هنالك مصدر رزق آخر لأبى جبل للإنفاق على أسرته المكونة من خمسة أبناء فى مختلف المراحل الدراسية إضافة إلى والدتهم فقد نفذ وفى وقت وجيز كل ما كانت تدخرة الأسرة التى كانت تعتقد بأن (ورع) القائمين على الأمر لن يجعل هنالك مجالا للمماطلة فى إعطاء (أبوجبل) حقوقة مقابل (ربع قرن) قضاه موظفا بالمصلحة ولكن تبدد ذلك الإعتقاد بعد أن تجاوزت (المسألة) السبعة اعوام ولا يزال (أبوجبل) يوميا (يركب) الحافلة المتجهه (للخرطوم) من (محطة السبيل) متجهاً إلى (شارع البلدية) حيث مقر (النقابة) .
- ليكا سبعة سنين هسع كل يوم يا راجل داير ليكا تلاته تالاف جنيه (مواصلات) يجيبوها
ليك من وين؟ حق الأكل بقى ما عندنا والأولاد بطلو يمشوا المدارس
- يا وليه قولى خير على باليمين بكره (يقبضونا) حقوقنا وتاكلو (باسطه) ساااكت
- والله كان راجى (الجماعه) ديل يأكلوكا (باسطه) واطاتك أصبحت هم فاضيين من أكل
(كلامهم) ؟
- هسع آخرتا شنو؟ يعنى أدق المشوار ده من (أمبده) لحدت شارع (البلديه) كدارى يعنى؟
- والله تدقو (كدارى) ما كدارى والله الليله حق (الملاح) ما عندنا
خرج (أبوجبل) من المنزل وهو يفكر فى كيفية الحصول على (حق) المواصلات الذى يمكنه للذهاب إلى دار (النقابه) لمعرفة ما تم بخصوص (إستحقاقات ما بعد الخدمة) والتى مضت عليها سنوات لم يكن بإستطاعته (الإستدانه) من (حامد الغرباوى) سيد الدكان ففى ذمته له أكثر من (تسعين ألف) كما لم يكن بإستطاعته ايضاً الإستدانه من (خضر الجزار) أو (عباس بتاع الخضار) أو حتى (نفيسه ست الكسره) فكل هؤلاء قد (إستلف) منهم ولم يستطع التسديد لهم منذ وقت طويل ... فجأه تذكر (أبوجبل) صديقة وزميله السابق فى المصلحة (رضوان) والذى بعد أن تمت إحالته للصالح العام قام بفتح (كشك) لبيع الكتب القديمة أمام مبنى (بوسته أم درمان) فقرر الذهاب إليه (كدارى)
- شنو يا أبوجبل جاى شايل (نفسك) طالع ونازل ؟
- والله يا (رضوان) يا خوى أنا جاييك من البيت (كدارى)
- بقيت (تتريض) كمان !!
- إتريض شنو؟؟ والله ده (الفلس) على باليمين حق المواصلات مافى و(الجماعة) كل يوم نمشى
يقولو لينا خلاص القرار طلع و(المحكمة) حكمت لينا والقروش قربت تمرق
- والله يا (ابوجبل) ياخوى أنا خلاص المسأله دى قنعت منها .. (الدولة) مما تلقى ليها
(قرار) فى مصلحة (المواطن) تعمل نايمة – ثم مواصلاً- تشرب شنو ؟ قهوة ولا شاى ؟
أثناء غياب (رضوان) عن الكشك لإحضار (البارد) كان ابوجبل يقوم بقراءة عناوين بعض (الكتب القديمة) التى على (الرف) الذى امامه ، تناول أحد الكتب نفضه من الغبار العالق علية ، كان عنوان الكتاب مثيرا (الجواهر اللماعة فى إستحضار الجن فى الوقت والساعة) وبينما بدأ (أبوجبل) فى تصفح محتويات (فهرس) الكتاب كان (رضوان) قد أحضر (القهوة)
- شنو قعدت تقرأ ليا فى كتاب (الجن) دى ؟؟ عاوز تبقى (فكى) ؟؟
- ومالو ؟؟ عليك الله الحاله الوصلونا ليها (الجماعة) ديل مش تخلى الزول يشتغل
(حاوى) !!
- لكن هسع (الجن) ده بتقدر عليهو؟؟
- والله وكت نحنا قدرنا على (الفلس والمسغبة) دى (الجن) هين !! – مستدركاً- بى مناسبة
الفلس دى تعرف أنا جاييك من البيت قاصدك قلت أشيل منك قروش مواصلات أصل بيها
(النقابه) أسأل من (القريشات) ؟؟
- (وهو يدخل يده فى جيب القميص) : غايتو خلى معاك (الخمسة الف) دى .. والله لو ما
الظروف كعبه كان عملتها ليك (عشرة) – مستدركا- وكمان ما تنسى شيل معاك الكتاب بتاع
(الجن) ده إحتمال (تضرب) معاك)
فكى تحت التمرين :
أحس (أبوجبل) بعدم رغبة فى الذهاب (للخرطوم) للسؤال عن مستحقاته حيث آثر العودة للمنزل غير أنه لم يكن فى إستطاعتة العودة للمنزل (كدارى) فهو من جهه قد أصابه إجهاد شديد نتيجة للمشوار الأول ومن جهه أخرى فهو الآن لديه (خمسة آالاف) يستطيع أن (يدفع) منها (للحافلة) ويشترى منها كمان (كيساً للسعوط) من (سلطان الكيف) .. لذلك فقد قرر دون تردد الصعود ألى أحدى الحافلات المتجهه إلى (أمبده بالسبيل ) بعد أن (دردم) من كيس السعوط (سفه) وضعها على زاوية شفته (العليا) .
ما أن جلس (أبوجبل) على كرسى الحافلة الذى بجانب (الشباك) حتى قام بفتح (الكتاب) الذى أخذه من كشك صديقة (رضوان) ..وأخذ فى قراءة مقدمة الكتاب والتى جاء فيها :
جمع هذا المصنف المختصر الصغير الحجم الكبير الفائدة الكثير مما ألفه أئمة التأليف في علم الحروف، وهو العلم الذي يطّلع ممارسه على أسرار العوالم العلوية والسفلية، ويشاهد الأرواح الروحانية، ويقدر على تحصيل ما يريده من الأمور من تحضير ملوك الجان ومعالجة الأمراض الصعبة البرء التي يعجز الأطباء عنها كالفالج والجذام والعشق والجنون، وكذلك إنقاذ المظلومين من أيدي الجبابرة، ورؤية الأشياء المتباعدة، وجلب البعيد، وإبعاد القريب، والجمع بين المتنافرين، وإظهار الخفيات، وجلب المسرات، ودفع المضرات، وغير ذلك من الأغراض.
تهلل وجه (أبوجبل) وهو يقرأ بأن واحدة من مهام هذا الكتاب هو (إنقاذ) المظلومين من أيدى (الجبابرة) فأبو جبل يرى بانه مظلوم ظلم الحسن والحسين وأن هذه فرصة للإستعانة(بالجن) بعد أن فشل جميع (البشر) المسئولين فى إنصافه بعد أن تم فصله عن العمل دون إبداء أى أسباب ودون أن يستلم حقوقه مما جعله يواجه صعوبات الحياة (صفر اليدين) فأخذ يردد فى سره :
- والله يا (حسين خشم الحوت) اليلة تعبت معاى جنس تعب
دخل (أبوجبل) إلى (صالون) المنزل والذى يستخدمه كغرفة خاصة به وإستلقى على السرير ثم أخرج نظارته الطبية وبدأ فى قراءة محتويات الكتاب فى شغف وما لبث أن توقف فى صفحة 16 والتى يقول عنوانها (تحضير ملك الجان شمهريرة وتسخيره فى الإنتقام من الظالمين والجبابرة )
- أهو ده الأنا عاوزو ذاتو .. على باليمين (الجماعة) تعبوا معاى
هنا دخلت إلى الصالون حاجة (صفية) زوجة أبوجبل تساله :
- ( أحضر) ليك حاجه تاكلها ؟
- لا أنا عاوز أحضر (شمهريره)
- قلت أحضر ليك شنو؟ - مواصلة- عندنا (عدس) وفى كمان (رشوشة)
- (متضايقا) حضرى أى حاجه والسلام
بعد أن تناول (أبوجبل) الغداء عاد من جديد لصفحة 16 وأخذ يقرأ :
خطوات التحضير :
1- أبدأ بالدخول إلى مكان مظلم لا تدخله الشمس
- دى بسيطة
2- قم بالصوم عن أكل (اللحوم) بأنواعها و(البيض) وكل ما هو حى لمده سبعة أيام وأفطر
على (الخبز) وزيت النبات
- دى برضو بسيطة هو أنحنا قادرين ناكل (لحوم) !!
3- إشعل خمسة من أعواد (الند) ووقية من بخور اللبان والمستكه فى (مجمرة) ثم أتلو
(الأسماء السيريالية) التاليه 4444 مرة والأسماء هى : برهتيه – كرير – طوران –
مزجل – بزجل – أنغليط – برقش – براقش – مهراقش
- ما مشكلة إن شاء الله نقراها مليون ألف مرة يعنى شنو؟
4- ثم بعد قراءة الأسماء كل مأئة مرة اطلب من ملك الجان (شمهريرة) أن ينزل بقولك :
(يا شمهريرة ملك الجان أنزل وبان عليك الأمان وقد جهزت لك القربان)
5- بعد نزول ملك الجان (شمهريرة) أطلب منه ما تريد من (إهلاك ظالم) أو (إستعادة حقوق)
- ده الكلام ... والله (شمهريرة) ده زولى ذاتو !!
قبل أن يقوم (أبوجبل) بقفل الصفحة 16 نظر إلى (حاشية) الكتاب حيث وجد سطراًُ يقول : يجب أن تقوم قبل الشروع فى عملية إستنزال ملك الجان (شمهريرة) بتجهيز (القربان) له والمكون من (ضب) و(عنكبوت) و(سحلية خاتفت لونين) !! يوضعان فى زجاجة وتتم عملية قراءة الأسماء عليهما .
القرابين مشكلة :
كل ما جاء فى صفحة 16 بخصوص إستنزال ملك الجان (شمهريرة) كان مقدوراً عليه بالنسبة لأبى جبل ما عدا مسألة (القرابين) .. نعم .. الضب والسحلية والعنكبوت موجودون على (حوائط) منزله (الجالوص) وكثيراً ما كان يراهم وهم يقومون بإصطياد (الباعوض) والحشرات الصغيرة أمام (اللمبات) ولكن المشكلة كانت تكمن فى كيفية (إصطيادهما) .
ما أن غابت الشمس فى ذلك اليوم حتى وضع (أبوجبل) كرسيا وجلس ينظر فى مواجهه (لمبة) الحوش معطيا ظهرة لأفراد أسرته الذين جلسوا كعادتهم يتسامرون
- يا راجل إنت جنيت ؟ المقعدك تعاين للمبه دى الوكت ده كلو شنو ؟؟
- أنا راجى (الضببه) و(السحالى) الكرهونا العيشه ديل
- هسع عليك الله الكرهوك العيشه ناس (خشم الحوت) وإلا الضببه والسحالى – ثم مواصلة-
عليك الله قوم شوف ليكا شغله
تيقن أبوجبل بأن مسألة إصطياده للضب والسحلية لن تتم بالسهولة التى إعتقدها وإنه إذا ما أراد أن يقوم بذلك دون أن يسترعة الإنتباه فعليه أن يقوم بقص الحكاية لزوجته الحاجه (صفية) من الألف إلى الياء علها تتفهم الأمر فإنتحى بها جانباً فى (الصالون) وقص عليها الحكاية وأطلعها على كتاب (الجواهر اللماعة)
- يعنى خلاص إنت قنعت من (الحكومة) قلت أحسن تشوف (أولاد ماما) ؟؟
- أولاد (ماما) أولاد (بابا) أنا ح (أجرب) ما خسرانين حاجه !!
- أها هسع كان لقيت (الضب) .. السحلية الخاتفت لونين دى تجيبا من وين؟؟ والله إلا من
(المتحف الطبيعى) !!
- إنتى يا وليه غبيانه (السحالى) كلها (خاتفت) لونين – مواصلاً- هسع دى ما المشكلة
- طيب المشكله شنو؟؟
- المشكله نجيب (الضب) والسحلية) والعنكبوت ديل من وين ؟؟
- أنا بوريك تجيبهم من وين لكن زولك (شمهريرة) ده كان نزل ليك بس تخليهو يسوى ليا
(حجاب) العمل أصلو ما يمشى فينى !!
- حاضر أها حلك شنو؟؟
كان حل الحاجه (صفية) فى غاية السهولة حيث أن (الثلاث كائنات) المطلوبه كانت تقبع داخل ثلاث (زجاجات) أمام (أبوجبل) بعد أيام ثلاثه فقط وذلك بعد أن ندهت لشافع الجيران (أب قنبور) وأحضرته قائله له :
- شوف يا أب قنبور كان قدرت تجيب ليا (ضب وسحليه وعنكبوت) أنا ح أديك (جوزين حمام)
من البرج ده
وبدأت المهمة :
توكل (أبو جبل) على الله وأوصد عليه الصالون (الخلوة) بعد أن قام بترتيب كافة الأشياء المطلوبه ممنياً نفسه إستنزال ملك الجان (شمهريرة) ليوكله بإنزال كافة أنواع العذاب على (حسين خشم الحوت) الذى كان سببا فى
فى فصله للصالح العام وكذلك ليطلب منه أن تقوم الجهات المسئوله بتسليمه لحقوقه التى فشلت كل (المحاكم) و(القوانين) فى إعطائها له حتى تلك اللحظة .
كان أبوجبل ينام نهارا وهو صائم ثم ما أن تنتهى (صلاة المغرب) حتى تدخل له الحاجة (صفية) رغيفتين وكوبا من زيت السمسم وشئ من الملح ليفطر بهما حسب تعليمات (الكتاب) بعدها يبدأ أبوجبل فى إشعال النار على أعواد الند (الخمسة) ووضع (البخور) على (المجمرة) ثم قراءة (الأسماء) التى جاءت فى صفحة 16 عدد 4444 مرة وقسم الإستنزال الذى ورد معها كما جاء بالكتاب .
جاء اليوم (السابع) .. بدا أبو جبل يقرأ فى الأسماء ويتصبب (عرقاً) وهو ينظر فى أرجاء الغرفة المظلمة منتظرا رؤية (شمهريرة) .. إنتهى من قراءة الأسماء .. لم يحدث شيئاً .. إنتظر ساعة .. ساعتين .. غلب عليه (النوم) دون أن يحضر (شمهريرة) حتى أصبح الصبح !
- أها إن شاء الله أولاد (ماما) يكونو نزلو (أمبارح)
- (لم يشأ ان يقول لها الحقيقة) : كيف نزلوا وقالو ح يمشو يطلعو ليك عين (خشم الحوت)
ويخلو (المسؤلين) يدونا حقوقنا فى الشهر ده
- ما كلمتهم يعملوا ليا الحجاب؟
- كيف قالو ح يجيبوهو ليا الليله المساء
فى مساء ذات اليوم كان (أبو جبل ) قد قام بتصفح كتاب (الجواهر اللماعة) مرة أخرى وقام بنقل (حجاب الحفظ) الموجود بصفحة 21 فى ورقه باليه صفراء وإعطائه لصفية والتى ما أن تسلمته ووضعته داخل (صدرها) حتى قالت تخاطبه :
- والله والله من أمبارح أنا يا دوبك شميت العافية ... يلحقونى (اولاد ماما)
الفكى أبوجبل :
لم تتمالك (صفيه) نفسها وتكتم (السر) حيث قامت فى أول زيارة لها لأختها (خديجه) بإخراج (الحجاب) من صدرها بعد أن قامت بتجليده بقطعه (ساتان) حمراء
- يخسى عليكى يا (صفية) عرفتى ليكى (فكى) جديد ؟؟
- جديد شنو وقديم شنو ده عملو ليا (أبوجبل) عليكى أمان الله مما شلتو ختيتو فى صدرى ده
روحى (إتجمت)
- (أبو جبل) كمان بقى (فكى) ؟؟
- والله بس عندو واحد صاحبو (شيخ) أداهو (الأسرار) دى
لم يلبث أن ذاع صيت (أبوجبل) بفضل (إذاعة) صفية للخبر :
- والله وحاتك إنتى وما طالبانى حليفه قالو ليكى الفكى (أبوجبل) ده خلى ليكى (جبل
كررى) الحى وموجود ده يتحرك كم متر ويرجع فى محلو ناتى .. إنتى ما قالو ليكى سموهو
أبوجبل ليه !!!
- والله قالو ليكى الفكى ابوجبل ده شديد جنس شدة .. المرة مشت ليهو عشان تتطلق من راجلا
أداها محاية شربتا مشت البيت لقت ورقتا منتظراها !!!
- عليكى أمان الله ذى شدت الفكى أبوجبل دى ما لاقتنى .. (عوضية) الشينه وقبيحة وتشبه
روحا دى .. الكرعينا (معصعصة) وذى (قلم الرصاص) وسنونا مفرقات ذى (سوسته الشنطة)
دى حلفو قالوا ليكى مشت ليهو قالت ليهو عاوزة أعرس أداها ليكى تلاته بخرات بس ..
طلقت (البخرة الأولى) بس العرسان ديل وقفو ليك صف لحدت ما عرست الرجل المغترب
العندو (الكريسيدا) الجديدة ده !!
- يا أخى (أبوجبل) ده مجرب مشيتا ليهو فى لعبتنا (الفاينال) مع فريق (الصقور) قلنا
ليهو أنحنا (درون نكسب) وغالبين نكسب بس عاوزنك تعمل لينا حاجة ما ننغلب عليك أمان
الله قام أدى (حارس المرمى) بتاعنا (ورقه) قال ليهو (أدفنا) فى (خط 18) بتاعك .. بعد
(حارس المرمى) بتاعنا قام دفنا قال بقيت أشوف الكورة كبييييرة قدر (صينية الاكل)
وبعد داك أى كورة جاتو صداها .. والكورة طلعت درون وشلنا (الكاس)!!
على الرغم من أنه لا يخلو يوم إلا وتتوقف فيه (عربه) أو (أمجاد) أو (ركشة) أمام منزل
(أبو جبل) تسأل عن منزل (الفكى أبوجبل) إلا أن الأخير قد رفض رفضا باتا (إنتهاز
الفرصة) والإدعاء بان لديه أى مقدرات (علاجية روحانية) وطلب من جميع من بالمنزل أن
يقولوا لكل من يسأل عن (الفكى أبو جبل) بأنه (مسافر خارج البلد) !!
أين شمهريرة :
كان كل ما يشغل بال (أبوجبل) فى تلك الأثناء هو سؤال لم يجد الإجابة عليه وهو : لماذا لم تنجح تجربه إستنزال ملك الجان (شمهريرة) على الرغم من أنه – أى أبوجبل- قد قام بتتبع وعمل كل الخطوات فى دقة ؟؟ وإحضار (القرابين) المطلوبه من (ضب) وسحلية (خاتفت لونين) و(عنكبوت) ؟؟؟ كان هذا السؤال يشغل بال (أبو جبل) حتى ذلك اليوم الذى كان يقلب فيه فى كتاب (الجواهر اللماعة) حيث وجد على الصفحة 45 الإجابه على فشل تلك التجربه حيث جاء فى أسفل الصفحة :
يجب أن تكون كل القرابين (حية) فى الليلة الأخيرة ساعة إستنزال أى من ملوك الجان
- أيوااا (العنكبوت) أنا شفتو كان فى آخر يوم (ميت) عشان كده العملية (فشلت) !!!
ما لبث أن نده على (صفية) حيث أخبرها بأن (اولاد ماما) يريدون (عنكبوتا) حياً ليضاف إلى (الضب والسحلية) اللذان هما على قيد الحياة وطلب منها أن تحدث (أب قنبور) والذى لم تمض ساعة زمن حتى قام بإحضارة حيث قام (أبو جبل) بدخول الخلوة (الصالون) مرة أخرى لإعادة (التجربه) بعد أن قام بتوفير كل العوامل اللازمة التى تساعد على بقاء (العنكبوت) حياً حتى نهاية (الأسبوع) :
مرت الليلة الأولى ... الثانيه... السادسة .. فى الليلة السابعة وعندما قاربت ( الأسماء) التى يتلوها على الإنتهاء بدأ ت دقات قلب (أبوجبل) فى الإزدياد وشلالات من (العرق) تنهمر من جسده بعد أن (تكهرب) جو الغرفة المظلمة وبدأت خيوط دخان (البخور) التى تمتلئ بها الغرفة تتشكل ... ثم تتشكل .. ثم تتشكل حتى صارت ذات أبعاداً (ثلاثية)
- منو؟؟ ملك الجان (شمهريرة) ؟؟
- كدى عاين يا (مغفل) كويس .... أنا (حسين خشم الحوت) !!! [b]
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
ضل حيطة.......ولا ضل راجل
صحيفة السودانى _ العدد الأسبوعى
الجمعة الموافق 16 مارس 2007م
بعد أن عدت إلى البلاد بعد قضاء شهر خارجها فى مهمة عمل دعتنى الضرورة إلى الذهاب لشراء بعض الاغراض (للأولاد) من سوق أم درمان وقد كان ذلك فى منتصف النهار حيث شمس الصيف تلقى بأشعتها الناريه على شوارع السوق المزدحمة بالبضائع والبشر وبعض (الحيوانات) .
فى خضم إنشغالى بعملية البحث والشراء لفتت إنتباهى عده ظواهر غريبة فبينما تكدس الناس وإزدحموا يستريحون من ضربة الشمس فى فى ظلال بعض (العمارات) والمحال التجارية كانت بعض (ظلال العمارات) والمحال الأخرى (فاضية تماماً) من جنس (إنسان) كما أن هنالك عدد من (مظلات القماش الضخمة) نصبت خارج السوق لا يتناسب عدد (الناس) الذين (يستظلون) تحتها مع عدد الناس الذين يقفون ينتظرون (المواصلات) بجانبها تحت حرارة الشمس هذا إلى جانب (ظاهرة غريبه) وهى وجود بعض الناس فى المحطه وهم يقفون تحت (اشعة الشمس) الحارقة إتنين إتنين ... إتنين إتنين
إذا عرف السبب :
ما إن عدت إلى المنزل حتى قمت بسؤال إبنى (ناجى) عن هذه الظواهر الغريبه التى رأيتها .. ضحك (ناجى) كثيراً وهو يقول لى :
- يا بوى إنت عشان سافرت اليومين الفاتو ديل وما عارف الحصل ؟
- والحصل شنو؟؟
- (الحكومة) طلعت قرار تبيع للناس (الضل) ؟
- هى (الحكومة) دى ما باعت أى حاجه بس فضلت على (الضل)
- والله يا بوى (الجماعة) قالو الشمس دى بتاعت (ربنا) وهم ناس (بتوع ربنا) وبالتالى
(الشمس) البتعمل (الضل) لمن ينعكس على الحاجات دى (بتاعتهم) والضل البجى منها دا
بالتالى (بتاعهم) !!
- أها وبعدين؟
- وبعدين أى ضل ..ضل عربيتك .. ضل بيتك .. ضل عمارتك ده ضل (بتاع الحكومة) تستثمرو
ذى ما عاوزه وأى زول تلقاهو (قاعد فيهو) تدفعو (رسوم ضل) لكن فى حاجه ؟
- اللى هى شنو؟
- لو (الزول) سيد (العماره) أو (البيت) أو (المحل) دفع للحكومة (ضريبه ضل) خلاص
(الضل) بيكون بتاعو لو عاوز يأجرو أو يستثمرو أو لو عاوز يخليهو مجانى سااكت (وقف
ساكت) للمسلمين !!
- أيواا عشان كده أنا فى السوق لقيت (عمارات) الناس قاعده تستريح فى ضلها و(عمارات) ما فيها جنس إنسان قاعد
- آآى يا بوى هسع (النسوان) ذاتم بقو يقولو (ضل حيطه ولا ضل راجل) عشان (ضل الحيطه)
بقى يجيب قروش أكتر !!
- أها والناس الواقفين إتنين إتنين ديل شنو؟؟
- (يضحك) إنت ما عارف يابوى إنو (ضل الزول ذاتو) يا يدفع عليهو (ضريبه) ويكون حقو
يأجرو و يعمل فيهو العاوزو وإلا ببقى حق (الحكومة) وكان وقف فيهو أى زول تشيل منو
رسوم ؟
- وهسع الزول لو عاوز يدفع رسوم (الضل) دى و(يترخص) يدفع كم ؟
- خمسين ألف غير رسوم (الفحص الآلى) عشان (الفحص الآلى) ده بيوضح إنو الزول صحتو
بتتحمل الشغلانه دى ولا ما بتتحمل
- والشغل ده كلو .. ترخيص وفحص آلى وجمع رسوم والحاجات دى كلها البيقوم بيها منو؟؟
- إنت ما قالو ليك؟؟ دى شركه إسمها (يستظلون) – مواصلا- إنت يا بوى فاضى ولا عندك حاجه
- لا فاضى ..
- خلاص خلينى أحكى ليك (السيناريوهات) الحصلت بعد ما سافرت دى
نشالين الضلله :
وهم أؤلئك الأشخاص الذين يمتازون (ببسطة) وضخامة فى الجسم ثم ينتشرون حيث يقومون بإختيار أكثر الأماكن (سخونه) ومواجهه لأشعة الشمس اللاسعة فى منتصف الظهيرة حيث يغريك ضلهم (الواسع الممتد) بالوقوف عليه ثم ما أن تقف حتى يبرز لك (إثنين) من رجال (مباحث الظل) الذين كانا يختبئان خلف الشخص فيقف خلفك أحدهم حتى لا تنصرف وتغادر قبل (الدفع) ثم يقف الآخر موجهاً حديثه لنشال (الضل) :
- إنت بتوقف الناس فى ضلك أصلك (مرخص) ؟؟؟
- لا ما مرخص
- طيب لو إنت ما مرخص معناها ضلك ده ضل (حكومى)
- أيوه
- (ثم يلتفت لك) : إنتو (الحكومة) دى طوالى (ماكلين) حقها ؟؟
- (زميله الذى كان يقف خلفك) : يعنى عاوز تقعد وترطب فى ضل الحكومة (البااارد) ده
(ملح ساااكت)
- (فى توسل) : يا جماعة والله أنا وقفت هنا صدفه سااكت
- ده علينا نحنا ؟؟ .. طيب ما كنت تمشى تقيف فى الشمس الحارة ديك (صدفه) ساكت ؟؟–
ثم موجها حديثه لنشال الظل :
- الزول ده واقف فى ضلك أقصد (ضل الحكومة) ده من بتين ؟؟
- (يسرح كمن يتذكر) : واللله كان ساعه كان ساعتين
- ياااخى حرام عليك أنا و(قفت فيهو هسع) .. والله دقيقة ما أخدتها
- (كمن عثر على شئ) : شوف شوف بتقول وقفت فيهو هسع .. كده إنت إتقبضت (بالثابته) !!
- يا جماعه (ثابتت) شنو؟؟ أنا واقف فى (بنقو)
- بنقو .. كمنقه .. أدفع لينا بس رسوم الساعتين ديل
- يا جماعه والله ما ساعتين ديل دقيقتين فى زول بقعد فى الشمش الحارة دى ساعتين؟
- (يا زول) أدفع وما تخلينا نتخذ معاك إجراءآت !!
وتنهمك وأنت (مغبون) فى إدخال يدك فى جيبك لإخراج محفظتك لدفع (رسوم ضل ساعتين)
لتكتشف أن الشخص الذى كان يقف خلفك وأنت تتحدث مع (نشال الضل)ما هو إلا (نشال) وأن
(محفظتك) قد ضاعت مع (الضل) !!
حاجه أمونه:-
- يعنى هسع لزومو شنو نرجع السوق تانى فى الشمس الحارة دى عشان نرجع (الجزمه)
بتاعتك دى ؟
- لكن يا أمى طلعت (ضيقه) وأنا ماشه بيها عرس ناس (نهله) الليله المساء
- ما تلبسى ليكى أى واحده تانيه .. بس إلا هى يعنى؟؟
- ألبس أى واحده كيف يا أمى؟ دى أنا إخترتها لون (الفستان)
فى ذلك النهار الحار والشمس تتوسط كبد السماء ركبت حاجه أمونه وبنتها (سعاد)
ركشه إلى السوق حيث وقفتا أمام (طبلية) بائع الأحذيه وبينما كانت (حاجه أمونه)
تشرح للبائع كيف أنهم قد وجدوا أن (الجزمه) ضيقه وإنهم عاوزين نفس اللون بس (مقاس
أكبر) وقف أمامها أحد الأشخاص مخاطباً :
- إنتى يا حاجه (البت) الواقفه فى (ضلك) دى مأجره ليها ولا إنتى (عندك رخصة)
- (فى إستغراب) : مأجرة ليها شنو كمان؟
- لا يعنى ما فيها حاجه لو مأجرا ليها لأنو القانون بيسمح (للنسوان) يأجرو لى بعض
- يا ولدى قانون شنو ونسوان شنو؟؟ دى بتى أقيف فى ضلها تقيف فى ضلى دى ما شغلتكم
- يا حاجة شوفى بتك ..أختك ..أبوك .. أمك .. دى ما مشكلتنا .. إنتى لو (مرخصة ضل)
وعندك ما يثبت تكونى إنتى حرة فى (ضلك) وما بنسألك إن شاء الله أى زول يقيف (يرطب)
فيهو.. لكن كان ما (مرخصة ضل) الضل ده بيكون بتاعنا .. حقنا نحنا .. يعنى
بالعربى كده (ضل الحكومة) مش لو وقفت فيهو (بتك) كان قعدتى إنتى ذاتك فيهو
بندفعك (رسوم ضل) !!!
- (وهى تفتح محفظتها لتعطيه الرسوم) : شاحده ربى الكريم (تقعدو فيهو) الجمر الحار
داك يوم القيامه أكان ما خليتو لينا صفحه نرقد عليها !!!
تستظلون :
بعد أن أصبح وجود (الظل) فى الأماكن ذات الشمس المحرقه حكراً بل (حصرياً) على شركة (تستظلون) قامت الشركة بإختيار (أسخن) المواقع وبخاصة أماكن التجمعات ومواقف المواصلات العامة لتنشر فيها أعداداً مهولة من (المظلات القماشية) الضخمة ليقف عليها (المستظلون) بعد دفع الرسوم المقررة علاوة على بيع الماء البااارد لهم .
- بالله شوف بالله (فلس) الزول الواقفه معاهو البت داك .. ليهو ساعتين موقفها فى الشمس لحارة دى بدل ما يدخل يقيف بيها فى واحده من (المظلات) دى!!
- يكون ياخى (مفلس) وما عندو قروش
- طيب لزوم (الجكيس) فى الشمس الحارة مع (الفلس) شنو؟؟
- هم ديل كويسين عليك الله شوف الراجل ( أب صلعه) ونضارة الماسك (الجريده) داك ..
العرق نازل منو ذى المويه كيفن؟؟ مستخسر فى (روحو) ألف جنيه يدخل بيها جوه
(تستظلون) !!
حكاية عبدالسميع :
عبد السميع يسكن (أمبده بالردمية) ويعمل (باشكاتب) بإحدى الوزارات عاد إلى المنزل من العمل فى نهار ذلك اليوم القائظ الحر ليجد أن طفلته تعانى من (النزلات الحايمة اليومين ديل)
- (البت) من الصباح (تطرش) وجسما مولع نار وحلقها مسدود
-أها ونعمل شنو يعنى؟؟
- كيفن نعمل شنو يلاكا نوديها هسع (المستشفى) عاين ليها بقت كيفن وشها (مختوف) ؟
دون أن يستريح (عبدالسميع) دقيقه واحده و(يآخد نفسو) أخذ طفلته ومعه زوجته وخرجا إلى محطة المواصلات التى خلت تماماً من الحافلات المتجهه إلى ( أم درمان) حيث المستشفى العام وذلك بسبب تهرب السائقين من العمل فى ذاك الجو المشمس الحار.
بينما كانت زوجه عبدالسميع تقف على (ظل) زوجها إتقاء الشمس وهى تضع طفلتها على كتفها إقترب منها أحد رجال (مباحث الظل) :
- بالله لو سمحتو بطاقاتكم
-(عبدالسميع فى إستغراب وزهج ) : الله ؟؟ وعاوز بيها شنو؟؟
- كيف عاوز بيها شنو؟؟ - فى صرامه- إنتو بتبقو لى بعض؟
-(عبد السميع فى لماضة ) : ودى تخصك فى شنو؟؟
-(فى حزم وجديه) : إتكلم عدل وجاوبنى ( يخرج له كارنيه مباحث ظل)
- طيب ما تقول كده من زمان ... دى زوجتى
- وهل لديكا ما يثبت ذلك؟؟ إنت مش عارف ممنوع تأجير ضل الراجل لى (مرا) إلا يكون
(محرم) ؟
- أيوه لديا (مشيراً إلى الطفله) : الشافعه الشايلاها دى
- أقول ليك ما يثبت تقول ليا (شافعه) يعنى (مكتوب) فيها (تاريخ إصدار) وإلا
(إنتهاء صلاحية)؟؟
- يعنى إنت عاوز شنو هسع ؟؟
- قسيمه طبعاً
- (وهو يكفكف فى أكمام القميص والشرر ينطلق من عينيه) : يازول البت عيانه والفلس مطلع عينا والشمس حارة وجايين من الشغل هسع ما إسترحنا دقيقه و...
- (خائفاً) : المره دى أنا ح أسيبك عشان (الطفلة العيانه) المعاكم دى – بعد أن بتعد – لكن تانى أعمل حسابك والله ألقاك موقف ليكا مرا فى (ضلك) إلا أوقفك بين يدى (الرحمن) .. !!
ضل متحرك :
- يا خى والله أنا منتظر ليا تاكسى والشمس دى ضاربانا فى نص راسنا .. أها تأجر ليا
ضلك ده نص ساعه بى كم ؟؟
- بى تلاته ألف
- تلاته ألف كتيره ..ليه إنت مرخص؟؟
-(يلف ويعطيه ظهره) : طبعا مرخص إنت ما شايف (الرخصه المدورة) دى ؟؟
- طيب خلاص وكت مرخص نديك ألفين ونص
- عليك الله هسع دى شمس ألفين ونص والله ألفين ونصك دى (مويه) بارده ما تروينا –
مواصلاً – بعدين عليك الله هسع شوف (الضل بتاعى) ده واسع ووهيط كيفن عليك الله ما ذى
ضل (عمارة) ؟
- (فى إقتناع) : خلاص يا زول تلاته تلاته
وقف عابدين) فى (ضل الراجل) وأخرج (جريده) أخذ يقرأ فيها بعد أن قام بمسح (نضارة القراية) بكفة قميصه فى ذات الوقت الذى أشتدت فيه أشعة الشمس عل صاحبنا فبدأ فى تكسير الوقت بالغناء حيث أخذ يغنى ويتمايل يساراً ويمينا الشئ الذى جعل عابدين يجد نفسه تارة فى (الشمس) واخرى فى (الضل) :
- شوف يا زول والله أنا ما بقدر على (القميز) بتاعك ده .. أنا مأجرك (ضل ثابت) ما
(ضل متحرك) عشان تقعد تتجارى ليا بى جاى وبى جاى
- يعنى شنو؟؟ ما نغنى ونكسر زمن فى الشمس الحارة دى؟؟ - متهكماً- طبعا يا أبوها
إنت قاعد فى ضلى الكبير ده ومرطب وما عارف الشمس الحارة دى مديانا فى (صنقورنا)
كيف؟؟
- ياخى لا (صنقورك) لا ما (صنقورك) – وهو يطبق الجريده ويبتعد- أنا ما ضلك ده ؟ ما
عايزو
- (يتبعه ويمسك به من ياقه قميصه) : تعال .. تعال ماشى وين قاعد فى (ضلى) ربع
ساعه وعاوز تمشى كده ساااكت؟
- يا زول ربع ساعة شنو؟؟ والله بى (قميزك) وحركتك الكتيرة دى ما أكون قعدت فى
(الضل) دقيقتين
- يعنى شنو ما ح تدفع إيجار (الضل) ده؟
- (وهو يلتفت إلى الجمهور الذى بدأ يلتف حولهما) : يا جماعه بس معقول الزول يدفع
ليهو إيجار (ضل) ما قعد فيهو ؟؟
بدأ صاحبنا متشنجا وهو يمسك بتلابيب (عابدين) وهنا فج أحدهم أفراد الجمهور الذى شكل حلقة حولهما :
- (وهو يخرج الكارنيه ويكشفه لهما) : معاكم (مباحث الضلله) – ثم موجها سؤاله
لعابدين :
- إنت الزول ده كان مأجر ليك (الضل) بتاعو مش كده؟؟
- أيوه صاح وكمان سألتو قلت ليهو (مرخص) قال ليا أيوه وورانى (الرخصة المدورة)
الملصقه فى (ضهرو) دى
- (رجل المباحث ينظر فى ظهر صاحبنا وينهره قائلاً) : تأجر فى (ضلك) وكمان معلق ليك
رخصه (مفوته)
- (يحاول التملص) : ضل شنو الأنا مأجرو ؟؟ أنا واقف فى وقفتى دى الزول ده جاء وقف
فى (ضلى) قمت
أبيت أقول ليهو زح .. قلت شنو يعنى برضو؟؟ (فضل ظل) وربنا ح يدينا عليهو شويت
حسنات
ضل راجل :
- هسع يا راجل بدل ما اليوم كلو (تترقد) من سرير لى سرير قاعد لا شغله لا مشغله
(طويل وعريض) كده أكان مشيت موقف المواصلات فى الشمس الحارة دى أجرت (ضلك) ده ما
كان جبتا لينا (قرش قرشين)
- إنتى وليه مجنونة ؟؟ أأجرو كيف وأنا ما (مرخص) عاوزةه ناس (مباحث الضل)
يكشونى؟ هسع كان كشونى ألقى ليهم قروش (غرامه) من وين؟؟
- هو ترخيص الضل ده كمان بى قروش ما كلها (خمسين ألف) فى السنة؟؟
- وخمسين دى يجيبوها ليهم من وين؟؟
- طيب وكت إنت عارف ما عندك (خمسين الترخيص) ما تمشى تشتغل فى شركة (الضل
الجماعى) العملا جارنا (عباس) راجل (التومه) دى
- وإشتغل معاهم شنو؟؟
- (فى سخرية) : يعنى ح تشتغل (جراح) ما ح تشتغل (ضل راجل)
- كيف يعنى؟
- ناس (ود أب دقن) ديل أدوهم (إمتياز) يعملو شركه سموها شركة( الضل الجماعى)
قاعدين يشغلو فيها الناس (الطوال وعراض) ذيك كده وكل عشرة عشرين نفر يطلعوهم
يمشوا يقيفو مع بعض ذى (حيطة الكورة) عشان يعملو (ضل جماعى) يأجروهو
(للعوائل) والناس الفى مجموعات فى حتات السخانه (الما فيها ضل) !!
- يعنى هسع (ود أب دقن) رأسمالو شنو فى الشركه دى؟؟
- إنت عوير؟؟ هو (أبان دقون) ديل عاوزين ليهم (رأسمال) ما كلو قايم من
(مافيش) !! ومن (دقنو) وفتتلو – مواصلة- عليك أمان الله عشان شركة (الضل) دى
سايق ليهو عربيه (إستثمار) آخر موديل!!
يخاف من ضلو :
ما أن جلس (عثمان) على مكتبه فى (المصلحه) فى صباح ذلك اليوم حتى أخذ يردد (معقوله بس) معقوله بس ... معقوله بس .. الشئ الذى جعل زميله (مصطفى) يسأله فى إستغراب :
- شنو مما جيت شابكنا معقوله يس .. معقوله بس ؟؟ هو شنو الما معقول؟؟
- (يفتح يديه علامة الإستغراب) : معقوله بس ؟؟
- يا (عثمان) ياخى إستهدى بالله وورينا الحاصل
- والله البلد دى وصلت مرحله خطيره خلاص؟
- كيف؟؟
- إتصور ياخى الواحد بقى يخاف من ضلو ؟
- ما فاهم
- يا خى دى عاوزه ليها فهم .؟؟ تكون واقف فى أمانت الله و(ضلك قدامك) بس كان جا
زول (بالغلط) وقف فيهو سااكت يجووك ناس (مباحث الضل) وهاك يا أسئله .. إنت
الزول ده بتعرفو؟؟ إنت مأجر ليهو؟ إنت عندك (رخصة) ؟؟
- وهسع الواحد لو ما إتكلم معاهم وقال ليهم أعملو العاوزين تعملوهو؟؟
- إنت بتلعب يا زول؟؟ دى مبااااحث تعرف شنو مباحث ؟؟ والله يودوك (النيابه) بتاعت
شركة (يستظلون) تانى تفتش (للبظلك) ما تلقاهو !!
- هو الشركات عندها (نيابات) براها
- يا بوى البلد دى بقت أى حاجه فيها كل شئ فيها براهو ما شايفا بقت ذى (السلطه)
كيف؟؟
- والله كلامك صاح يومداك لقينا لينا واحد لابس (مبرقع) إتغالطنا يكون شغال فى ياتو
(سلاح) القال ليك يكون فى (المظلات) والقال ليك يكون فى (المدفعية) والقال ليك
يكون (سجون) والقال ليك يكون (إستخبارات) والقال ليك (حركة شعبية) والقال ليك
شنو ما بعرف وفى الأخير طلع (طالب) فى الثانوى العالى !!!
- والله فعلاً الواحد بقى يخاف من (ضلو) !!
العريس مالو؟
بثينه تجلس فى (البرنده) أمام (المطبخ) تورق فى (خدرا) وعلى السرير المقابل لها تجلس إبنتها (صفاء) :
- يا بتى هسع العريس ده مالو ؟؟عيبيهو ايا؟ والله ضلو (ماهل ووسيع) ولا ضل (حيطه)
عليكى أمان الله يقعدو فيهو (نفرين)
- لكن يا يمه دى شغلانه دى؟؟
- مالا والله شغلانة السرور – تلتفت إلى إبنتها – هو إنتى قايلاهو واقف على ( إيجار
ضلو) بس؟
- يعنى نان قاعد يعمل شنو؟؟
- لا لا ده ود (كسيب) وطور شغلو .. أولن بالتبادى رابط ليهو فى ضهرو (بنبرين)
للزباين وتانى حاجه مالى ليك جيوبو (كروت شحن) وسجائر و..
- (فى ضيق) وشنو كمان يمه؟؟
- وشايل ليهو حفاظة مويه بااارده – مواصله – والله وبالله قالو ليكى البدخلو فى
اليوم (هايس) ما بدخلو !!
- يا أمى ما عايزاهو .. ما عايزاهو مش كان (هايس) كان (حافله روزا) ما دايراهو
- مالو هو الشغل يا بتى حرام؟؟
- يا أمى ما حرام لكن هسع قولى عاوزين نسافر بره فى (الباسبورت) بتاعو فى حتت
(المهنه) يكتبو شنو؟
- ما يكتبو اليكتبوهو إن شاء الله يكتبو (مستثمر) !!
أكل عيش :
بينما كان حاج (سليمان) يحمل (خرطوش) المويه خارجاً من منزله ليقوم برش (ضل البيت) فى صباح ذلك اليوم إستوقفته (زوجته) قائله :
- اليوم كلو يا راجل شايل خرطوشك فى الشمس الحارة دى وترشرش .. وبعدين (المويه
دى ذاااتا ما بى قروش إنت ما شايف (جمرة المويه) الركبوها دى؟؟
- ما إحتمال (إيجار الضل) يغطى !!
- يغطى شنو؟؟ من (زباينك ) يعنى وإلا من(زباينك) ؟؟ هسع كان فى لزوم (ترخص) ضل
بيتك ده وتخسر ليكا قروش فى الفاضى؟
- ما قلنا نأجروا كان نزيد (ميه) المعاش دى شويه؟
- أها الزبائن وينهم .. كل يوم من صباحت الله بالخير خاتى كرسيك بره فى الشمس
الحاره دى وقاعد ؟
- ده كلو من جارنا (مختار) ده ؟؟
- مالو كمان (مختار) عمل ليكا شنو؟
- إتصورى شافنى قاعد أأجر (الساعه) بى (ألفين) قام عمل (الساعه) بى ألف .. ومش
كده كمان عمل معاها خدمات
- خدمات ذى شنو يعنى؟
- جاب ليهو (كراسى) و(بنابر) ومويه بارده وكمان قام (طول) حيطت البيت عشان
(الضل) يكون (ماهل)
- وإنت مالك ما تعمل ذيو ؟
- أعمل ذيو من وين أنا عندى قروش؟ ده عندو (ولدو) مغترب قاعد يرسل ليهو
- أقول ليك (خت) المسجل بتاعك ده فى (الضل) وشغل ليك (أغانى) كان الزبائن يخلوهو
ويجوك
- حليلك يا حاجه – يكلم نفسو- (قالت أيه أغانى) !!
- شنو مالو ما فكره كويسه؟
- يا (حاجه) أغانى شنو وكويسة شنو؟؟ (مختار) ده جاب ليهم (دش) ربطو ليهم فى
(الضل) !!!
صحيفة السودانى _ العدد الأسبوعى
الجمعة الموافق 16 مارس 2007م
بعد أن عدت إلى البلاد بعد قضاء شهر خارجها فى مهمة عمل دعتنى الضرورة إلى الذهاب لشراء بعض الاغراض (للأولاد) من سوق أم درمان وقد كان ذلك فى منتصف النهار حيث شمس الصيف تلقى بأشعتها الناريه على شوارع السوق المزدحمة بالبضائع والبشر وبعض (الحيوانات) .
فى خضم إنشغالى بعملية البحث والشراء لفتت إنتباهى عده ظواهر غريبة فبينما تكدس الناس وإزدحموا يستريحون من ضربة الشمس فى فى ظلال بعض (العمارات) والمحال التجارية كانت بعض (ظلال العمارات) والمحال الأخرى (فاضية تماماً) من جنس (إنسان) كما أن هنالك عدد من (مظلات القماش الضخمة) نصبت خارج السوق لا يتناسب عدد (الناس) الذين (يستظلون) تحتها مع عدد الناس الذين يقفون ينتظرون (المواصلات) بجانبها تحت حرارة الشمس هذا إلى جانب (ظاهرة غريبه) وهى وجود بعض الناس فى المحطه وهم يقفون تحت (اشعة الشمس) الحارقة إتنين إتنين ... إتنين إتنين
إذا عرف السبب :
ما إن عدت إلى المنزل حتى قمت بسؤال إبنى (ناجى) عن هذه الظواهر الغريبه التى رأيتها .. ضحك (ناجى) كثيراً وهو يقول لى :
- يا بوى إنت عشان سافرت اليومين الفاتو ديل وما عارف الحصل ؟
- والحصل شنو؟؟
- (الحكومة) طلعت قرار تبيع للناس (الضل) ؟
- هى (الحكومة) دى ما باعت أى حاجه بس فضلت على (الضل)
- والله يا بوى (الجماعة) قالو الشمس دى بتاعت (ربنا) وهم ناس (بتوع ربنا) وبالتالى
(الشمس) البتعمل (الضل) لمن ينعكس على الحاجات دى (بتاعتهم) والضل البجى منها دا
بالتالى (بتاعهم) !!
- أها وبعدين؟
- وبعدين أى ضل ..ضل عربيتك .. ضل بيتك .. ضل عمارتك ده ضل (بتاع الحكومة) تستثمرو
ذى ما عاوزه وأى زول تلقاهو (قاعد فيهو) تدفعو (رسوم ضل) لكن فى حاجه ؟
- اللى هى شنو؟
- لو (الزول) سيد (العماره) أو (البيت) أو (المحل) دفع للحكومة (ضريبه ضل) خلاص
(الضل) بيكون بتاعو لو عاوز يأجرو أو يستثمرو أو لو عاوز يخليهو مجانى سااكت (وقف
ساكت) للمسلمين !!
- أيواا عشان كده أنا فى السوق لقيت (عمارات) الناس قاعده تستريح فى ضلها و(عمارات) ما فيها جنس إنسان قاعد
- آآى يا بوى هسع (النسوان) ذاتم بقو يقولو (ضل حيطه ولا ضل راجل) عشان (ضل الحيطه)
بقى يجيب قروش أكتر !!
- أها والناس الواقفين إتنين إتنين ديل شنو؟؟
- (يضحك) إنت ما عارف يابوى إنو (ضل الزول ذاتو) يا يدفع عليهو (ضريبه) ويكون حقو
يأجرو و يعمل فيهو العاوزو وإلا ببقى حق (الحكومة) وكان وقف فيهو أى زول تشيل منو
رسوم ؟
- وهسع الزول لو عاوز يدفع رسوم (الضل) دى و(يترخص) يدفع كم ؟
- خمسين ألف غير رسوم (الفحص الآلى) عشان (الفحص الآلى) ده بيوضح إنو الزول صحتو
بتتحمل الشغلانه دى ولا ما بتتحمل
- والشغل ده كلو .. ترخيص وفحص آلى وجمع رسوم والحاجات دى كلها البيقوم بيها منو؟؟
- إنت ما قالو ليك؟؟ دى شركه إسمها (يستظلون) – مواصلا- إنت يا بوى فاضى ولا عندك حاجه
- لا فاضى ..
- خلاص خلينى أحكى ليك (السيناريوهات) الحصلت بعد ما سافرت دى
نشالين الضلله :
وهم أؤلئك الأشخاص الذين يمتازون (ببسطة) وضخامة فى الجسم ثم ينتشرون حيث يقومون بإختيار أكثر الأماكن (سخونه) ومواجهه لأشعة الشمس اللاسعة فى منتصف الظهيرة حيث يغريك ضلهم (الواسع الممتد) بالوقوف عليه ثم ما أن تقف حتى يبرز لك (إثنين) من رجال (مباحث الظل) الذين كانا يختبئان خلف الشخص فيقف خلفك أحدهم حتى لا تنصرف وتغادر قبل (الدفع) ثم يقف الآخر موجهاً حديثه لنشال (الضل) :
- إنت بتوقف الناس فى ضلك أصلك (مرخص) ؟؟؟
- لا ما مرخص
- طيب لو إنت ما مرخص معناها ضلك ده ضل (حكومى)
- أيوه
- (ثم يلتفت لك) : إنتو (الحكومة) دى طوالى (ماكلين) حقها ؟؟
- (زميله الذى كان يقف خلفك) : يعنى عاوز تقعد وترطب فى ضل الحكومة (البااارد) ده
(ملح ساااكت)
- (فى توسل) : يا جماعة والله أنا وقفت هنا صدفه سااكت
- ده علينا نحنا ؟؟ .. طيب ما كنت تمشى تقيف فى الشمس الحارة ديك (صدفه) ساكت ؟؟–
ثم موجها حديثه لنشال الظل :
- الزول ده واقف فى ضلك أقصد (ضل الحكومة) ده من بتين ؟؟
- (يسرح كمن يتذكر) : واللله كان ساعه كان ساعتين
- ياااخى حرام عليك أنا و(قفت فيهو هسع) .. والله دقيقة ما أخدتها
- (كمن عثر على شئ) : شوف شوف بتقول وقفت فيهو هسع .. كده إنت إتقبضت (بالثابته) !!
- يا جماعه (ثابتت) شنو؟؟ أنا واقف فى (بنقو)
- بنقو .. كمنقه .. أدفع لينا بس رسوم الساعتين ديل
- يا جماعه والله ما ساعتين ديل دقيقتين فى زول بقعد فى الشمش الحارة دى ساعتين؟
- (يا زول) أدفع وما تخلينا نتخذ معاك إجراءآت !!
وتنهمك وأنت (مغبون) فى إدخال يدك فى جيبك لإخراج محفظتك لدفع (رسوم ضل ساعتين)
لتكتشف أن الشخص الذى كان يقف خلفك وأنت تتحدث مع (نشال الضل)ما هو إلا (نشال) وأن
(محفظتك) قد ضاعت مع (الضل) !!
حاجه أمونه:-
- يعنى هسع لزومو شنو نرجع السوق تانى فى الشمس الحارة دى عشان نرجع (الجزمه)
بتاعتك دى ؟
- لكن يا أمى طلعت (ضيقه) وأنا ماشه بيها عرس ناس (نهله) الليله المساء
- ما تلبسى ليكى أى واحده تانيه .. بس إلا هى يعنى؟؟
- ألبس أى واحده كيف يا أمى؟ دى أنا إخترتها لون (الفستان)
فى ذلك النهار الحار والشمس تتوسط كبد السماء ركبت حاجه أمونه وبنتها (سعاد)
ركشه إلى السوق حيث وقفتا أمام (طبلية) بائع الأحذيه وبينما كانت (حاجه أمونه)
تشرح للبائع كيف أنهم قد وجدوا أن (الجزمه) ضيقه وإنهم عاوزين نفس اللون بس (مقاس
أكبر) وقف أمامها أحد الأشخاص مخاطباً :
- إنتى يا حاجه (البت) الواقفه فى (ضلك) دى مأجره ليها ولا إنتى (عندك رخصة)
- (فى إستغراب) : مأجرة ليها شنو كمان؟
- لا يعنى ما فيها حاجه لو مأجرا ليها لأنو القانون بيسمح (للنسوان) يأجرو لى بعض
- يا ولدى قانون شنو ونسوان شنو؟؟ دى بتى أقيف فى ضلها تقيف فى ضلى دى ما شغلتكم
- يا حاجة شوفى بتك ..أختك ..أبوك .. أمك .. دى ما مشكلتنا .. إنتى لو (مرخصة ضل)
وعندك ما يثبت تكونى إنتى حرة فى (ضلك) وما بنسألك إن شاء الله أى زول يقيف (يرطب)
فيهو.. لكن كان ما (مرخصة ضل) الضل ده بيكون بتاعنا .. حقنا نحنا .. يعنى
بالعربى كده (ضل الحكومة) مش لو وقفت فيهو (بتك) كان قعدتى إنتى ذاتك فيهو
بندفعك (رسوم ضل) !!!
- (وهى تفتح محفظتها لتعطيه الرسوم) : شاحده ربى الكريم (تقعدو فيهو) الجمر الحار
داك يوم القيامه أكان ما خليتو لينا صفحه نرقد عليها !!!
تستظلون :
بعد أن أصبح وجود (الظل) فى الأماكن ذات الشمس المحرقه حكراً بل (حصرياً) على شركة (تستظلون) قامت الشركة بإختيار (أسخن) المواقع وبخاصة أماكن التجمعات ومواقف المواصلات العامة لتنشر فيها أعداداً مهولة من (المظلات القماشية) الضخمة ليقف عليها (المستظلون) بعد دفع الرسوم المقررة علاوة على بيع الماء البااارد لهم .
- بالله شوف بالله (فلس) الزول الواقفه معاهو البت داك .. ليهو ساعتين موقفها فى الشمس لحارة دى بدل ما يدخل يقيف بيها فى واحده من (المظلات) دى!!
- يكون ياخى (مفلس) وما عندو قروش
- طيب لزوم (الجكيس) فى الشمس الحارة مع (الفلس) شنو؟؟
- هم ديل كويسين عليك الله شوف الراجل ( أب صلعه) ونضارة الماسك (الجريده) داك ..
العرق نازل منو ذى المويه كيفن؟؟ مستخسر فى (روحو) ألف جنيه يدخل بيها جوه
(تستظلون) !!
حكاية عبدالسميع :
عبد السميع يسكن (أمبده بالردمية) ويعمل (باشكاتب) بإحدى الوزارات عاد إلى المنزل من العمل فى نهار ذلك اليوم القائظ الحر ليجد أن طفلته تعانى من (النزلات الحايمة اليومين ديل)
- (البت) من الصباح (تطرش) وجسما مولع نار وحلقها مسدود
-أها ونعمل شنو يعنى؟؟
- كيفن نعمل شنو يلاكا نوديها هسع (المستشفى) عاين ليها بقت كيفن وشها (مختوف) ؟
دون أن يستريح (عبدالسميع) دقيقه واحده و(يآخد نفسو) أخذ طفلته ومعه زوجته وخرجا إلى محطة المواصلات التى خلت تماماً من الحافلات المتجهه إلى ( أم درمان) حيث المستشفى العام وذلك بسبب تهرب السائقين من العمل فى ذاك الجو المشمس الحار.
بينما كانت زوجه عبدالسميع تقف على (ظل) زوجها إتقاء الشمس وهى تضع طفلتها على كتفها إقترب منها أحد رجال (مباحث الظل) :
- بالله لو سمحتو بطاقاتكم
-(عبدالسميع فى إستغراب وزهج ) : الله ؟؟ وعاوز بيها شنو؟؟
- كيف عاوز بيها شنو؟؟ - فى صرامه- إنتو بتبقو لى بعض؟
-(عبد السميع فى لماضة ) : ودى تخصك فى شنو؟؟
-(فى حزم وجديه) : إتكلم عدل وجاوبنى ( يخرج له كارنيه مباحث ظل)
- طيب ما تقول كده من زمان ... دى زوجتى
- وهل لديكا ما يثبت ذلك؟؟ إنت مش عارف ممنوع تأجير ضل الراجل لى (مرا) إلا يكون
(محرم) ؟
- أيوه لديا (مشيراً إلى الطفله) : الشافعه الشايلاها دى
- أقول ليك ما يثبت تقول ليا (شافعه) يعنى (مكتوب) فيها (تاريخ إصدار) وإلا
(إنتهاء صلاحية)؟؟
- يعنى إنت عاوز شنو هسع ؟؟
- قسيمه طبعاً
- (وهو يكفكف فى أكمام القميص والشرر ينطلق من عينيه) : يازول البت عيانه والفلس مطلع عينا والشمس حارة وجايين من الشغل هسع ما إسترحنا دقيقه و...
- (خائفاً) : المره دى أنا ح أسيبك عشان (الطفلة العيانه) المعاكم دى – بعد أن بتعد – لكن تانى أعمل حسابك والله ألقاك موقف ليكا مرا فى (ضلك) إلا أوقفك بين يدى (الرحمن) .. !!
ضل متحرك :
- يا خى والله أنا منتظر ليا تاكسى والشمس دى ضاربانا فى نص راسنا .. أها تأجر ليا
ضلك ده نص ساعه بى كم ؟؟
- بى تلاته ألف
- تلاته ألف كتيره ..ليه إنت مرخص؟؟
-(يلف ويعطيه ظهره) : طبعا مرخص إنت ما شايف (الرخصه المدورة) دى ؟؟
- طيب خلاص وكت مرخص نديك ألفين ونص
- عليك الله هسع دى شمس ألفين ونص والله ألفين ونصك دى (مويه) بارده ما تروينا –
مواصلاً – بعدين عليك الله هسع شوف (الضل بتاعى) ده واسع ووهيط كيفن عليك الله ما ذى
ضل (عمارة) ؟
- (فى إقتناع) : خلاص يا زول تلاته تلاته
وقف عابدين) فى (ضل الراجل) وأخرج (جريده) أخذ يقرأ فيها بعد أن قام بمسح (نضارة القراية) بكفة قميصه فى ذات الوقت الذى أشتدت فيه أشعة الشمس عل صاحبنا فبدأ فى تكسير الوقت بالغناء حيث أخذ يغنى ويتمايل يساراً ويمينا الشئ الذى جعل عابدين يجد نفسه تارة فى (الشمس) واخرى فى (الضل) :
- شوف يا زول والله أنا ما بقدر على (القميز) بتاعك ده .. أنا مأجرك (ضل ثابت) ما
(ضل متحرك) عشان تقعد تتجارى ليا بى جاى وبى جاى
- يعنى شنو؟؟ ما نغنى ونكسر زمن فى الشمس الحارة دى؟؟ - متهكماً- طبعا يا أبوها
إنت قاعد فى ضلى الكبير ده ومرطب وما عارف الشمس الحارة دى مديانا فى (صنقورنا)
كيف؟؟
- ياخى لا (صنقورك) لا ما (صنقورك) – وهو يطبق الجريده ويبتعد- أنا ما ضلك ده ؟ ما
عايزو
- (يتبعه ويمسك به من ياقه قميصه) : تعال .. تعال ماشى وين قاعد فى (ضلى) ربع
ساعه وعاوز تمشى كده ساااكت؟
- يا زول ربع ساعة شنو؟؟ والله بى (قميزك) وحركتك الكتيرة دى ما أكون قعدت فى
(الضل) دقيقتين
- يعنى شنو ما ح تدفع إيجار (الضل) ده؟
- (وهو يلتفت إلى الجمهور الذى بدأ يلتف حولهما) : يا جماعه بس معقول الزول يدفع
ليهو إيجار (ضل) ما قعد فيهو ؟؟
بدأ صاحبنا متشنجا وهو يمسك بتلابيب (عابدين) وهنا فج أحدهم أفراد الجمهور الذى شكل حلقة حولهما :
- (وهو يخرج الكارنيه ويكشفه لهما) : معاكم (مباحث الضلله) – ثم موجها سؤاله
لعابدين :
- إنت الزول ده كان مأجر ليك (الضل) بتاعو مش كده؟؟
- أيوه صاح وكمان سألتو قلت ليهو (مرخص) قال ليا أيوه وورانى (الرخصة المدورة)
الملصقه فى (ضهرو) دى
- (رجل المباحث ينظر فى ظهر صاحبنا وينهره قائلاً) : تأجر فى (ضلك) وكمان معلق ليك
رخصه (مفوته)
- (يحاول التملص) : ضل شنو الأنا مأجرو ؟؟ أنا واقف فى وقفتى دى الزول ده جاء وقف
فى (ضلى) قمت
أبيت أقول ليهو زح .. قلت شنو يعنى برضو؟؟ (فضل ظل) وربنا ح يدينا عليهو شويت
حسنات
ضل راجل :
- هسع يا راجل بدل ما اليوم كلو (تترقد) من سرير لى سرير قاعد لا شغله لا مشغله
(طويل وعريض) كده أكان مشيت موقف المواصلات فى الشمس الحارة دى أجرت (ضلك) ده ما
كان جبتا لينا (قرش قرشين)
- إنتى وليه مجنونة ؟؟ أأجرو كيف وأنا ما (مرخص) عاوزةه ناس (مباحث الضل)
يكشونى؟ هسع كان كشونى ألقى ليهم قروش (غرامه) من وين؟؟
- هو ترخيص الضل ده كمان بى قروش ما كلها (خمسين ألف) فى السنة؟؟
- وخمسين دى يجيبوها ليهم من وين؟؟
- طيب وكت إنت عارف ما عندك (خمسين الترخيص) ما تمشى تشتغل فى شركة (الضل
الجماعى) العملا جارنا (عباس) راجل (التومه) دى
- وإشتغل معاهم شنو؟؟
- (فى سخرية) : يعنى ح تشتغل (جراح) ما ح تشتغل (ضل راجل)
- كيف يعنى؟
- ناس (ود أب دقن) ديل أدوهم (إمتياز) يعملو شركه سموها شركة( الضل الجماعى)
قاعدين يشغلو فيها الناس (الطوال وعراض) ذيك كده وكل عشرة عشرين نفر يطلعوهم
يمشوا يقيفو مع بعض ذى (حيطة الكورة) عشان يعملو (ضل جماعى) يأجروهو
(للعوائل) والناس الفى مجموعات فى حتات السخانه (الما فيها ضل) !!
- يعنى هسع (ود أب دقن) رأسمالو شنو فى الشركه دى؟؟
- إنت عوير؟؟ هو (أبان دقون) ديل عاوزين ليهم (رأسمال) ما كلو قايم من
(مافيش) !! ومن (دقنو) وفتتلو – مواصلة- عليك أمان الله عشان شركة (الضل) دى
سايق ليهو عربيه (إستثمار) آخر موديل!!
يخاف من ضلو :
ما أن جلس (عثمان) على مكتبه فى (المصلحه) فى صباح ذلك اليوم حتى أخذ يردد (معقوله بس) معقوله بس ... معقوله بس .. الشئ الذى جعل زميله (مصطفى) يسأله فى إستغراب :
- شنو مما جيت شابكنا معقوله يس .. معقوله بس ؟؟ هو شنو الما معقول؟؟
- (يفتح يديه علامة الإستغراب) : معقوله بس ؟؟
- يا (عثمان) ياخى إستهدى بالله وورينا الحاصل
- والله البلد دى وصلت مرحله خطيره خلاص؟
- كيف؟؟
- إتصور ياخى الواحد بقى يخاف من ضلو ؟
- ما فاهم
- يا خى دى عاوزه ليها فهم .؟؟ تكون واقف فى أمانت الله و(ضلك قدامك) بس كان جا
زول (بالغلط) وقف فيهو سااكت يجووك ناس (مباحث الضل) وهاك يا أسئله .. إنت
الزول ده بتعرفو؟؟ إنت مأجر ليهو؟ إنت عندك (رخصة) ؟؟
- وهسع الواحد لو ما إتكلم معاهم وقال ليهم أعملو العاوزين تعملوهو؟؟
- إنت بتلعب يا زول؟؟ دى مبااااحث تعرف شنو مباحث ؟؟ والله يودوك (النيابه) بتاعت
شركة (يستظلون) تانى تفتش (للبظلك) ما تلقاهو !!
- هو الشركات عندها (نيابات) براها
- يا بوى البلد دى بقت أى حاجه فيها كل شئ فيها براهو ما شايفا بقت ذى (السلطه)
كيف؟؟
- والله كلامك صاح يومداك لقينا لينا واحد لابس (مبرقع) إتغالطنا يكون شغال فى ياتو
(سلاح) القال ليك يكون فى (المظلات) والقال ليك يكون فى (المدفعية) والقال ليك
يكون (سجون) والقال ليك يكون (إستخبارات) والقال ليك (حركة شعبية) والقال ليك
شنو ما بعرف وفى الأخير طلع (طالب) فى الثانوى العالى !!!
- والله فعلاً الواحد بقى يخاف من (ضلو) !!
العريس مالو؟
بثينه تجلس فى (البرنده) أمام (المطبخ) تورق فى (خدرا) وعلى السرير المقابل لها تجلس إبنتها (صفاء) :
- يا بتى هسع العريس ده مالو ؟؟عيبيهو ايا؟ والله ضلو (ماهل ووسيع) ولا ضل (حيطه)
عليكى أمان الله يقعدو فيهو (نفرين)
- لكن يا يمه دى شغلانه دى؟؟
- مالا والله شغلانة السرور – تلتفت إلى إبنتها – هو إنتى قايلاهو واقف على ( إيجار
ضلو) بس؟
- يعنى نان قاعد يعمل شنو؟؟
- لا لا ده ود (كسيب) وطور شغلو .. أولن بالتبادى رابط ليهو فى ضهرو (بنبرين)
للزباين وتانى حاجه مالى ليك جيوبو (كروت شحن) وسجائر و..
- (فى ضيق) وشنو كمان يمه؟؟
- وشايل ليهو حفاظة مويه بااارده – مواصله – والله وبالله قالو ليكى البدخلو فى
اليوم (هايس) ما بدخلو !!
- يا أمى ما عايزاهو .. ما عايزاهو مش كان (هايس) كان (حافله روزا) ما دايراهو
- مالو هو الشغل يا بتى حرام؟؟
- يا أمى ما حرام لكن هسع قولى عاوزين نسافر بره فى (الباسبورت) بتاعو فى حتت
(المهنه) يكتبو شنو؟
- ما يكتبو اليكتبوهو إن شاء الله يكتبو (مستثمر) !!
أكل عيش :
بينما كان حاج (سليمان) يحمل (خرطوش) المويه خارجاً من منزله ليقوم برش (ضل البيت) فى صباح ذلك اليوم إستوقفته (زوجته) قائله :
- اليوم كلو يا راجل شايل خرطوشك فى الشمس الحارة دى وترشرش .. وبعدين (المويه
دى ذاااتا ما بى قروش إنت ما شايف (جمرة المويه) الركبوها دى؟؟
- ما إحتمال (إيجار الضل) يغطى !!
- يغطى شنو؟؟ من (زباينك ) يعنى وإلا من(زباينك) ؟؟ هسع كان فى لزوم (ترخص) ضل
بيتك ده وتخسر ليكا قروش فى الفاضى؟
- ما قلنا نأجروا كان نزيد (ميه) المعاش دى شويه؟
- أها الزبائن وينهم .. كل يوم من صباحت الله بالخير خاتى كرسيك بره فى الشمس
الحاره دى وقاعد ؟
- ده كلو من جارنا (مختار) ده ؟؟
- مالو كمان (مختار) عمل ليكا شنو؟
- إتصورى شافنى قاعد أأجر (الساعه) بى (ألفين) قام عمل (الساعه) بى ألف .. ومش
كده كمان عمل معاها خدمات
- خدمات ذى شنو يعنى؟
- جاب ليهو (كراسى) و(بنابر) ومويه بارده وكمان قام (طول) حيطت البيت عشان
(الضل) يكون (ماهل)
- وإنت مالك ما تعمل ذيو ؟
- أعمل ذيو من وين أنا عندى قروش؟ ده عندو (ولدو) مغترب قاعد يرسل ليهو
- أقول ليك (خت) المسجل بتاعك ده فى (الضل) وشغل ليك (أغانى) كان الزبائن يخلوهو
ويجوك
- حليلك يا حاجه – يكلم نفسو- (قالت أيه أغانى) !!
- شنو مالو ما فكره كويسه؟
- يا (حاجه) أغانى شنو وكويسة شنو؟؟ (مختار) ده جاب ليهم (دش) ربطو ليهم فى
(الضل) !!!
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
[b] الحاوى..........وفك التسجيلات[/b]
العدد الأسبوعى - صحيفة السودانى
الجمعة 9 فبراير 2007
أصابت الدهشة كل (العالم ) وهو يستمع إلى هذا الخبر الذى تناقلته وكالات الأنباء العالمية وبثته (الفضائيات) :
فى (الخرطوم) وبعد أن تم تبادل الأدوار (سلمياً) وصار (المسؤولون) هم (الرعية) وأصبحوا خداماً (للشعب) الذى أصبح بدوره (مسؤولاً) عنهم وبعد أن أصدر (الشعب) بعض القرارات الخاصة بترشيد (السفريات) الخارجية للمسؤولين وتخفيض (بدل السفرية) لهم من (خمسميت دولار فى اليوم) إلى (خمسين دولار فقط) تجمع عدد من المسؤولين فى الميدان المسمى بـ(ميدان أبوجنزير) وقامو بتسيير (تظاهرة) وهم يحملون اللافتات التى كتبت عليها شعارات تندد بقرارات (الشعب) الأخيرة هذا وقد تصدت (شرطة الشعب) للتظاهرة حيث قامت بفضها مستخدمة الهراوات والغاز المسيل للدموع مما جعل (المسؤولون) يهربون مستخدمين (الأزقة) ويحتمون ببعض (المحلات التجارية ) هذا وقد وقعت بعض الإصابات فى صفوف (المسئولين) حيث تم نقلهم لتلقى العلاج بالمستشفيات كما تم القبض على بعضهم هذا وفى تصريح أدلى به (الشعب) أفاد بأن المقبوض عليهم سوف يقدمون لمحاكمات عادلة فى الأيام القليلة القادمة .
- إتخيل قالوا (المسؤولين) مشو (للشعب) عشان يديهم (تصريح) بتسيير المظاهرة قام رفض وما أداهم !!
- والله الشعب عمل كويس .. هم زمان قاعدين يدو زول تصريح ؟
- هم مشكلتهم إتعودوا على (الترطيب) والراحات عشان كده (التخفيضات) دى بقت ليهم
حاره
- لكن هم بثبتو ؟؟ ما مما هبشوهم (الجرسه) ما تديك الدرب
- عليك الله شفتا نحنا زمانك (ثبتنا) ليهم كيف؟؟ على باليمين قبل الجماعه ديل ما يجو
كنت عايش أولادى (التسعه) ومعاهم (أمهم) هسع نزلت المعاش اولادى التسعه ما قادرين
(يعيشونى) أنا براى !!
- آآى والله (هلكونا) شئ جبايات وشئ أتاوات وشئ رسوم وكل يوم يطلعوا لينا فى(القرارات)
- بى مناسبة (القرارات) دى قالو )الشعب) الليلة الساعة 8 فى المساء عندو(بيان)
للمسؤولين ح يطلع فيهو (قرارات) وح يكون (مذاع) و(متلفز) !!
بيان من (الشعب) للمسؤولين :
فى تمام الساعة الثامنة مساء تماما توقفت الحياة تماما فى كل المدن والأحياء وخلت (الشوارع) من المارة و(تسمر) الجميع أمام شاشات التلفاز وأجهزة الراديو للإستماع (للبيان) الذى سوف يحتوى على (القرارات) التى سوف يتخذها (الشعب) تجاه (المسؤولين) :
الإخوة المسؤولون الأعزاء:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته :
إن الحياة كما تعلمون لا تسير بوتيرة واحدة وكما تقول الحكمة المأثورة ( فيوم لك ويوم عليك ) وبعد أن صار (الشعب) هو (الحاكم) وأنتم (الرعية) فقد جاء اليوم (العليكم) فأحسن تثبتوا وتبطلوا (الجرسة) ذى ما (الشعب) زماتك (ثبت) وربط (الحزام) ..
الإخوة المسؤولون :
الحقيقه نحنا فى (البيان) ده عاوزين نوريكم (سياستنا) الجايه بالواضح كدا عشان بعد ما (المسائل) إتقلبت والأوضاع (إتغيرت) تعرفوا البيكم والعليكم ..
الأخوة المسئولون الأعزاء :
أولن بالتبادى عاوزين نقول ليكم حضروا (حزماتكم) من هسع والما عندو (حزام) يمشى يشترى ليهو (حزام) ليهو ولى (عيالوا) وناس بيتو عشان خلاص البذخ و(الفشخرة) والقروش السايبه و(العربات) واللاندكروزرات و(الضبائح) والعوازيم والعطلات الخارجية والسفر والطيارات والنسوان (المثنى وثلاث ورباع) ده كلو (الشعب) ح يضع ليهو (حل) وكان بتفتكرو إنو كلما (الشعب) يطلع ليهو (قرار) إنتو ح (تقوموا) مظاهرات تكونوا (غبيانين) لأنو (شرطة الشعب) ح تتصدى ليها بقوة وحزم شديدين وبراكم شفتو الحصل ليكم فى (مظاهرات أمبارح).. إنتو مشكلتكم إنكم كنتوا بتفتكرو إنو الشعب ده (خدامكم) وجاء الوكت الإنتو تعرفو فيهو إنو إنتو (خدامين للشعب) وإنو (الشعب الفضل) ده هو القاعد يدفع ليكم مرتباتكم (المليونية) وبدل سفرياتكم (الدولاريه) وبنزين عرباتكم (الفارهة) والحاجات التانية الأحسن (نخليها مسنورة) !! – ثم فى حزم وجدية - أيها (المسئولون) لقد قرر (الشعب) إنفاذ القرارات التالية :
قرار رقم 1: زوجة واحده لكل مسؤول :
بهذا فقد قرر (الشعب) أن تكون فى عصمة كل (مسئول) زوجة (واحدة) ما لم يثبت (المسئول) أن زوجته (عاقر) أو (مصابه بمرض) تستحيل معه الحياة الزوجيه .. القرار ده يعنى بالعربى كده (عرس) بتاع متعه و(عدم موضوع) تانى مافى ... يعنى تانى حكاية الواحد فيكم جاب ليهو (سكرتيرة) عجبتو وقام (متنى) ده خلاص إنتهى .. أو شاف ليهو (واحده) فى (مؤتمر) قام (متلت) .. دى تانى (تلقوها فى الغافل) .. إنتو طبعا عملتو لينا (الزواج الجماعى) أها نحنا ح نعمل ليكم (الطلاق الجماعى) ... القرار ده بيقول من بداية الشهر الجاى إنو أى (مسئول) فيكم (يحتفظ) بى (مرا) واحده بس و(يسرح) الباقيات ..- مواصلا- عليكم الله هو بس لو كان عندكم إنتو شوية (خجل وإستحاء) أنحنا (أفراد الشعب) ده الواحد (مرا) واحده ما قادر عليها يعنى (بيت واحد) ما قادر عليهو بس معقول إنتو الواحد عندو فى ذمتو (تلاته وأربعه )؟؟؟؟ الناس دى بتأكلوها من وين ؟؟ وبتشربوها من وين؟؟ وبتسكنوها أفخر السكن وين؟؟ وبتعلموها أرقى التعليم بى شنو؟؟ وبتركبوها أحدث (العربات) من وين؟؟ وبتمشوا بيهم (لندن) و(باريس) بى ياتو تذاكر وياتو (نثريات)؟؟ - مواصلا فى حزم - شوفو يا أيها (المسئولين) قدامكم أسبوع ( فك تسجيلات ) كل مسئول فيكم يقعد فى الواطه ويحدد (عاوز يسجل منو) ويقوم يشطب الباقيين !! نعم بعد ده إنتهى عهد (التثليث والتربيع) :
(الكاميرا) تركز على شخص يقف خلف (المتحدث) الذى يتلو البيان مباشرة (وهو يرفع عصا أبنوس) ويهتف صائحا :
- تطليق
- (أصوات) : لا إله إلأ الله
- تسريح
- (أصوات) : الله أكبر
شخص آخريقف يمين الشخص (السابق) ذو حنجرة (مايكروفونية ) :
- لا تثليث ولا تربيع يا مسؤول خليكا مطيع
- (أصوات تردد خلفه) : لا تثليث ولا تربيع يا مسؤول خليكا مطيع
قرار رقم 2 : صالح شعبى عام :
بموجب هذا القرار سوف يتم تخفيض (جماهير) المسؤولين وإحالة 99% منهم (للصالح الشعبى العام) بعد أن ثبت أن (نصف) عدد (السكان) هم مسؤولون فى الدولة .. شئ وزراء (ساكت) ... وشئ وزراء (دولة)
.. شئ إتحاديين... وشئ ولائيين... وكل وزير عندو (مدير مكتب) و(سكرتير) وسواق (للمدام) وسواق(للأولاد) وسواق (ليهو) وبعد ده كمان نجى للمستشارين وعددهم حتى الساعة العاشرة والنصف من صباح الأمس كان 31124 مستشار وكل مستشار عندو (سواق ليهو) وواحد (للمدام والأولاد) بعد داك نجى للجبانه الهايصة الإسمها (المحليات) و( المحافظات) و(المعتمديات) شوفو البلد دى فيها قريب التلاتين ولايه وكل ولايه فيها قريب الكم وكمين محافظة أها يعنى يكون فى كم محافظ ؟؟ ونائب محافظ ؟؟وكم معتمد؟؟ وكم نائب معتمد؟؟ وكم رئيس محلية؟؟ وكم نائب رئيس محلية؟؟ وكل واحد فى ديل عندو (مدير مكتب) وسكرتير وسواق (ليهو) وسواق (تانى) وكل واحد من ديل عندو قال أيه (مستشار إعلامى) ومستشار (شنو داك) - مواصلا وهو يرفع رأسه من الورقة –-ثم مواصلاً – عليكم الله يا (مسؤولين) إنتو هسع عارفين (ربع البصل) بى كم ؟؟ ولا عارفين (ملوة الفيتاريتا) بى كم ؟؟ - وهو يرفع رأسه عن الورقة مواجهاً الكاميرا - وحكمت الله يوم واحد ما شفنا لينا واحد من (جيش المسؤولين) ده إشتكى قال (مرتباتنا إتأخرت) أو ما صرفت (ماهيتى) ؟؟
قرار رقم 3 : ركشة لكل مسؤول :
الأخوة المسؤولون :
(الشعب) قرر بعد دراسة مستفيضه (سحب) جميع (الركشات) من (الشوارع) وتعويض أصحابها تعويضاً مجزيا ومن ثم منح هذه (الركشات) للمسؤولين وإعطاء كل مسؤول (ركشة) من أجل تنقلاته بدلاً عن (الليلى علويات) و(التاتشرات) و(المرسيدسات) و(الـ BM دبليوهات) الفارهة والتى يكفى ثم الواحده منها لإطعام خمسيت مليون (جائع) من غالب (قوت) أهل البلد – مواصلا متهكما- إذا كان رئيس وزراء (اليابان) قاعد يستخدم (عجلة) فى تنقلاتو ولمن يكون متأخر قاعد يقوم (سدارى) يعنى إنتو يا (مسؤولينا) أحسن منو؟؟ وإلا بلدنا أغنى من (اليابان) ؟؟ أها تانى بس (ركشات) نشوفكم تانى ح (تظللوا) شنو ؟؟ قزاز مافى !!!
قرار رقم 4 : الحساب ولد :
الشعب بفتكر إنو فى (مسؤولين) بفتكرو إنو (الشعب) ده (عوير) وريالتو (سايله) .. يعنى (المسؤول) أول ما يتعين يكون ساكن ليهو فى بيت (جالوص) وباب الشارع بتاعو (زنكى) وضلفه بتقفل والتانية مسنوده بى (حجر) وعفش البيت كلو (دولاب هدوم) وخمسة سراير و(بنبرين) وتربيزة و(الشفع) كل يوم طاردنهم من (الدرس) عشان ما دفعوا (الرسوم) يقوم (المسؤول) بعد كم سنه من تعيينو تلاقى (الشفع) كبرو وقاعدين يقروا (طب) فى جامعات (خاصة)
وساكنين فى عمارة (المنشية) ومأجرين عمارة (قاردن سيتى) وخالين (الفيلا) بتاعت (كافورى) فاضية !!
- مواصلاً فى حزم- الشعب قرر إنو يدى (المسؤولين) ديل فرصة (أسبوع) عشان يجيبوا (الحاوى) العمل ليهم (الشغل ده) !! وأى مسؤول يفشل فى ذلك فسوف تنزع منو هذه (الحيازات) لصالح (الشعب) ..
الإخوة المسؤولين الأعزاء :
إن (الشعب) كله أمل فى أنكم سوف تلتزمون الهدوء وضبط النفس والتعامل مع هذه القرارات (بمسؤولية) ولتعلموا بأن أى محاولات إحتجاج من تظاهرات وخلافه سوف يتم التعامل معها بحزم وقوة كما حدث لتظاهرة الأمس
والتى قام بها بعض (المسؤولين) الرافضين لقرارات (الشعب) الخاصة بـ(تخفيض) بدل السفرية وتقليص (الرحلات الخارجية) !!
الإخوة المسؤولين :
لا يخفى على أحد منكم أن (الشعب) قد صبر على (مهازلكم) طويلاً ينظر إليكم وأنتم فى (أبراجكم العاجية) تأخذون أضعاف أضعاف ما تعطون تلبسون (حرير) الثياب وتأكلون (لذيذ) الطعام وتمتطون فاره (الجياد) وتحجون إلى بيت الله الحرام (ملح) ومن أموال هذا الشعب (الغلبان) وتتطاولون فى بنيان (الفلل والعمائر) وتنكحون ما لذ لكم وطاب مثنى وثلاث ورباع غير عابئين بهذا (الشعب) الذى أذله الفقر وهدته (المسغبه) وأضناه (المرض) فأصبح أفراده كالأيتام على موائد (اللئام) !!
أيها المسؤولون :
لقد حان الوقت أن تمشوا على العجين وما تلخبطوهو .. والقرارات دى أول (الغيث) ويا نحنا يا إنتو ووراكم والزمن طويل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته !!
تداعيات القرارات :
فى حديقة إحدى (الفلل) الفاخرة بأحد الأحياء الراقية جلس المسؤول ومعه جاره (المسؤول الآخر) يرتشفان (القهوة التركية) وأمامهم (سبائط) من العنب و(الخوخ) والتمر (الشفاف) يستمعان إلى (القرارات) :
- الشعب ده جن ولا شنو؟؟ طيب إذا هو (مسؤول مننا) نحن نكون (مسؤولين) من منو؟؟
- شوف والله بعد (الضرب) الإنضربناهو فى (المظاهرة) أمبارح ده الظاهر (الشعب) ده جاد فى الموضوع
- يا خوى كان كده أحسن الواحد (يبيع) ويتخارج
- يا حبيب بيع شنو؟؟ إنت ما سمعت فى (البيان) هسع قالوا أدونا (إسبوع) نجيب (الحاوى) ؟؟
-إنت (الحاوى) ده سيبو هسع (فك التسجيلات) ده نعمل معاهو شنو؟؟ (النسوان) ديل نوديهم وين؟؟
-(يبتسم فى خبث) : والله أنا (حمتى خفيفه) ح أطلق (واحده) وأخلى (واحده) ذى ما الشعب قال فى قرارو ؟؟
- طبعا يا أبوها ح تفك (القديمه) عكس الهواء !!
- يعنى إنت فاكرنى ح أفك (النوبيرا تو) وأخلى (الهيلمان) !!
-(وهو ساهم) : والله المشكلة مشكلتى أنا هسع (الأربعه) ديل يفكوا منهم ياتو (تلاته) !!!
بينما كان هذا الحديث يدور فى الحديقة بين المسؤول وجاره كانت (ست البيت) زوجة المسؤول (الرابعه) تجلس مع زوجة (المسؤول الجار) الأولى على إحدى البلكونات وهن يناقشن القرارات :
- والله ووالله يلحق (يفك تسجيلى) ألا أفك ليهو رقبتو!! كمان أنا بلعب والا بلعب
- والله يا (ست النفر) ياختى الرجال ديل ما عندهم ضمان وقالوا (الجديد شديد) !!
- بتقصدى شنو يعنى يا (شيراز) ؟؟ عشان إنتى يعنى جديده و(نمرة أربعه) ؟؟
- لا ما كدى والله لكن (الرجال) ديل أنا عارفاهم كان فى (فنيش) بفنشو ناس (الخدمة الطويلة) !!
- خدمة طويلة خدمة قصيرة .. وحاتك إنتى دى يلحق يفنشنى إلا (إفنشو ليكى من الدنيا) –مواصلة- وهو ذاتو بينى وبينك قالو ليكى بعد ما يشيلو منو (العمارة) دى و(العربات المكندشة) دى ويركبوهو (ركشه) ويحرموهو (السفر) أنا عايزه بيهو شنو؟؟؟
فى (فيلا) أخرى لا تبعد كثيرا عن (الفيلا) الأولى كان مسئول آخر وزوجته يديران حوارا من نوع آخر :
- أنا يانى العارفاها .. من زمان أنبح ليك يا (سعادتو) سجل العمارات دى للأولاد ..
أنبح ليك يا (سعادتو) سجل العمارات دى للأولاد !! أها هسع نعمل شنو؟؟ تجيب ليهم
(حاوى من وين) ؟؟
- والله صدقتى السودان كلو فيهو حاوى واحد .. (خضر الحاوى) ومات !!
- إنت صدقت حكاية الحاوى دى ؟؟؟؟ والله حاوى ما يعمل العملتو ده!! الناس كلها عارفاك (موظف دوله) مما قمت معقولة بس (ماهيتك) تعمل العملتو ده !! والله (عماراتك) دى ياها الشايلنها شايلنها !!! – مواصلة فى شماته- هسع كان كان سمعت كلامى وسجلتهم ليا ولى وليداتك ديل ما كان أحسن ليك؟؟
- أنا عارفك زعلانه عشان سجلت (بيت كافورى) للمرا التانيه !!
- والله (الشعب) يقلعو منها ذى العجب .. إنت قايل فى حاجه على (الشعب) ده بتندسا ؟؟
فهم (سعادتو) من كلمات (زوجته) الأخيرة بأنها سوف تقوم بالوشايه به وتفضح مسألة تسجيل (بيت كافورى) لزوجته (الثانية) وأن ما قالته ليس إلا (تهديد مغلف) فقام بتصعيد الحوار معها حتى درجة (الغليان) وما لبث أن رمى عليها (يمين الطلاق) وهو يقول فى نفسه:
- أهو الواحد يرتاح منها وكمان (يفك تسجيلات) !!!!
تظاهرات :
لأن (الشعب) ضايق (الشغلانه) فى نفسو وعارف إنو (قرارات التخفيض) بالنسبة (للمسئولين) هى كما (قرارات الزياده) التى كان يفرضها عليه المسئولون وأنه لا يوجد فرق بينهما سوى (علامة سالب بره القوس) فقد وضع (الشعب) كل قواته على أهبة الإستعداد تحسباً لأى تظاهرات أو (أعمال شغب) يقوم يها (المتضررون) من هذه القرارات وقد كان حدس (الشعب) سليماً وفى (محلو) إذ سرعان ما إنتظمت فى اليوم التالى مباشرة المظاهرات التالية :
الإتحاد العام لزوجات المسؤولين :
نظم الإتحاد العام لزوجات المسؤولين تظاهرة سلمية تحركت من أمام (مول عفراء) مشياً على الأقدام متجهه لمبنى ( الأمم المتحدة) لتسليم (المندوب السامى لحقوق المسؤول) مذكرة مندده بقرارات الشعب الأخيرة ..
المتظاهرات رفعن (لافتات الإحتجاج) الملونه وسرن فى خطوط متناسقة .. التظاهرة تعبق بمختلف (الروائح الباريسية) .. (الحنن) المنقوشة مرسومة (بعناية) .. الثياب (شيفون) و(توتال) أصليه .. الجزمة لون (شنطة اليد الجلدية Genuine Leather) وشنطة اليد لون (التايير) و(دهب الخليج) يزبن (الأيادى) الناعمة التى لم تذق (غسيل العده) يوما ً والتى تمسك بلافتات صغيرة كتب عليها :
(عين الحسود فيها عود ) .... (بس معقول نركب ركشات) .. (الـ الله بيديهو منو البحميهو ) (لا تخفيض للسفريات )
بينما كن يرددن بعض الهتافات :
- مافى طلاق مافى طلاق ... موتو موتكم يا عولاق !!
- بى (بنوكنا) وبى (شــركاتنا) ما بنخاف من الجاتنا
الهيئة العليا لأولاد وبنات المسئولين :
فى تزامن ينم عن تخطيط محكم للفت أنظار (العالم) لهول المأساة التى تحدق بهم وبمصائرهم إنطلقت من أمام (شارع المشتل) وفى ذات الوقت الذى إنطلقت فيه نظاهرة (زوجات المسؤولين) تظاهرة أخرى نظمتها
(الهيئة العليا لأولاد وبنات المسئولين) مستخدمة فيها (العربات) التى جلس بداخلها (أولاد) و(بنات) المسئولين من كافة الأعمار وبعضهم قد قام بإخرج (رأسه) من خلال (الزجاج) حاملاً بعض (اللافتات)
وها هو (هيثم) و(لينا) يقومان بتنظيم المسيرة قبل إنطلاقها :
- ياجماعه .. يا جماعة ... ناس (الفستو) الصفراء يجو الصف القدام ده .. وبعدهم العربات (الأتوس) الحمراء .. يا جماعه أى زول سائق BM أو مارسيدس يكون بالجنبات ... يا ....
- يا هيثم كلمتهم إنو (البارد والسندوتشات) فى اللاندكروزر بتاع (شيرين) و(حماده)؟؟
- يا وليد .. ياوليد كلم السواق يجينا بعد نهاية (المظاهرة) طوالى وما يتأخر!!
وإنطلقت التظاهرة بعد أن تم (تنظيم ألوان صفوف العربات) وبدأ ترديد الهتافات عبر (مايكرفون) مثبت فى عربه (لاندكروزر 2008 ) بيضاء (مظللة) وتعالت الهتافات :
- بيرقر بيرقر ماكنتوش ... ليه عاوزننا ناكل بوش
ثم فى (نبرة) أكثر جدية وتشنجاً :
- شعب جبان عايز كشـه .. ليه عاوزنا نركب ركشــة
لم تمر دقائق حتى توقف (الركب) لتتم إذاعة (رسالة عبر الموبايل) من (أولاد المسئولين) الذين يدرسون بالجامعات (البريطانية)
- إخواننا أبناء المسؤولين (بالداخل) نحييى فيكم روح الصمود .. ونرجو منكم التصدى بكل قوة وحزم لهذه القرارات (الجائرة) .. إخواننا .. سيروا وعين (الله) ترعاكم .. وما تشتغلوا بالشعب (المسكين) ده - دى قرارات (فشنك) ساكت !!!
وما أن إنتهى (مذيع التظاهرة) من (إذاعة المحادثة) على (المتظاهرين) حتى دوى ( تصفيق حاد) وهتاف متقطع حفزه لقراءة (البرقية) التالية :
- وهذه برقية من إخواننا أبناء (المسئولين) الذين يدرسون بالجامعات (الإسكندنافية) تقول :
ولا يهمكم دى حساده ساكت .. قف .. لو حصلت ليكم أى حتاجه تعالوا لينا هنا .. قف .. الـ (الله بيديهو منو البحميهو ؟؟)
تلاقت المظاهرتان (أبناء المسؤولين وأمهاتهم) عند تقاطع (سانت جيمس) وإزدادت حده الهتافات :
- يا شعب يا شعــب يا جبان .. إنت حاســـد ولا (بقران)
- بيرقر بيرقر ماكـــنتوش .. ما بتجبرنا ناكل البوش
بينما كانت (شرطة الشعب) تراقب (المظاهرتبن) فى حذر ... إتجهت المظاهرتان نحو مكاتب ( الأمم المتحدة) بشارع الجامعة لمقابلة (المندوب السامى لحقوق المسؤول) بعد أن قامت (زوجات المسئولين) بالركوب مع أبنائهن فى (العربات) وهن يمسكن بزجاجات (المياه المعدنية البارده) ويصلحن من مكياجهن الذى أفسدته (حرارة الشمس) .
عند وصول (المظاهرتان) لمكتب المندوب السامى تفاجأ الجميع بوجود (تظاهرة) صغيرة (غاضبة) يقودها عدد من الأشخاص ذوى (الملابس المزركشة الغريبه) والعمائم (الملونه) .. أحد المتظاهرين كان يمسك بثعبان ضخم من فصيلة (الأصلة) يلفه حول عنقه بينما آخر يقوم بإبتلاع (سلسلة من الأمواس) وعدد آخر يقوم بإخراج بالونات (لهب) من فمه بينما إنهمكت مجموعة أخرى منهم بالمشى على (النار) وهم جميعا يحملون (لافتات إحتجاج ) غاضبة .
إتجهت زوجة أحد المسئولين (قائدة التظاهرة) غاضبة نحو أحدهم :
- شنو يعنى؟؟ ما تشيلو (دبايبكم) وحاجاتكم دى من هنا .. يعنى عاوزين تبوظوا لينا (مظاهراتنا) دى؟؟
- ما تبوظ كان باظت .. إنتو (رجالكم) ديل ما بوظو (سمعتنا) وفضحونا (فضيحة).. هسع ( أكبر حاوى) معانا هنا من الشايفاهم ديل بيقدر يبنى ليهو (عمارتين) بى عشرين (مليار) من ماهيتو ؟؟؟
العدد الأسبوعى - صحيفة السودانى
الجمعة 9 فبراير 2007
أصابت الدهشة كل (العالم ) وهو يستمع إلى هذا الخبر الذى تناقلته وكالات الأنباء العالمية وبثته (الفضائيات) :
فى (الخرطوم) وبعد أن تم تبادل الأدوار (سلمياً) وصار (المسؤولون) هم (الرعية) وأصبحوا خداماً (للشعب) الذى أصبح بدوره (مسؤولاً) عنهم وبعد أن أصدر (الشعب) بعض القرارات الخاصة بترشيد (السفريات) الخارجية للمسؤولين وتخفيض (بدل السفرية) لهم من (خمسميت دولار فى اليوم) إلى (خمسين دولار فقط) تجمع عدد من المسؤولين فى الميدان المسمى بـ(ميدان أبوجنزير) وقامو بتسيير (تظاهرة) وهم يحملون اللافتات التى كتبت عليها شعارات تندد بقرارات (الشعب) الأخيرة هذا وقد تصدت (شرطة الشعب) للتظاهرة حيث قامت بفضها مستخدمة الهراوات والغاز المسيل للدموع مما جعل (المسؤولون) يهربون مستخدمين (الأزقة) ويحتمون ببعض (المحلات التجارية ) هذا وقد وقعت بعض الإصابات فى صفوف (المسئولين) حيث تم نقلهم لتلقى العلاج بالمستشفيات كما تم القبض على بعضهم هذا وفى تصريح أدلى به (الشعب) أفاد بأن المقبوض عليهم سوف يقدمون لمحاكمات عادلة فى الأيام القليلة القادمة .
- إتخيل قالوا (المسؤولين) مشو (للشعب) عشان يديهم (تصريح) بتسيير المظاهرة قام رفض وما أداهم !!
- والله الشعب عمل كويس .. هم زمان قاعدين يدو زول تصريح ؟
- هم مشكلتهم إتعودوا على (الترطيب) والراحات عشان كده (التخفيضات) دى بقت ليهم
حاره
- لكن هم بثبتو ؟؟ ما مما هبشوهم (الجرسه) ما تديك الدرب
- عليك الله شفتا نحنا زمانك (ثبتنا) ليهم كيف؟؟ على باليمين قبل الجماعه ديل ما يجو
كنت عايش أولادى (التسعه) ومعاهم (أمهم) هسع نزلت المعاش اولادى التسعه ما قادرين
(يعيشونى) أنا براى !!
- آآى والله (هلكونا) شئ جبايات وشئ أتاوات وشئ رسوم وكل يوم يطلعوا لينا فى(القرارات)
- بى مناسبة (القرارات) دى قالو )الشعب) الليلة الساعة 8 فى المساء عندو(بيان)
للمسؤولين ح يطلع فيهو (قرارات) وح يكون (مذاع) و(متلفز) !!
بيان من (الشعب) للمسؤولين :
فى تمام الساعة الثامنة مساء تماما توقفت الحياة تماما فى كل المدن والأحياء وخلت (الشوارع) من المارة و(تسمر) الجميع أمام شاشات التلفاز وأجهزة الراديو للإستماع (للبيان) الذى سوف يحتوى على (القرارات) التى سوف يتخذها (الشعب) تجاه (المسؤولين) :
الإخوة المسؤولون الأعزاء:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته :
إن الحياة كما تعلمون لا تسير بوتيرة واحدة وكما تقول الحكمة المأثورة ( فيوم لك ويوم عليك ) وبعد أن صار (الشعب) هو (الحاكم) وأنتم (الرعية) فقد جاء اليوم (العليكم) فأحسن تثبتوا وتبطلوا (الجرسة) ذى ما (الشعب) زماتك (ثبت) وربط (الحزام) ..
الإخوة المسؤولون :
الحقيقه نحنا فى (البيان) ده عاوزين نوريكم (سياستنا) الجايه بالواضح كدا عشان بعد ما (المسائل) إتقلبت والأوضاع (إتغيرت) تعرفوا البيكم والعليكم ..
الأخوة المسئولون الأعزاء :
أولن بالتبادى عاوزين نقول ليكم حضروا (حزماتكم) من هسع والما عندو (حزام) يمشى يشترى ليهو (حزام) ليهو ولى (عيالوا) وناس بيتو عشان خلاص البذخ و(الفشخرة) والقروش السايبه و(العربات) واللاندكروزرات و(الضبائح) والعوازيم والعطلات الخارجية والسفر والطيارات والنسوان (المثنى وثلاث ورباع) ده كلو (الشعب) ح يضع ليهو (حل) وكان بتفتكرو إنو كلما (الشعب) يطلع ليهو (قرار) إنتو ح (تقوموا) مظاهرات تكونوا (غبيانين) لأنو (شرطة الشعب) ح تتصدى ليها بقوة وحزم شديدين وبراكم شفتو الحصل ليكم فى (مظاهرات أمبارح).. إنتو مشكلتكم إنكم كنتوا بتفتكرو إنو الشعب ده (خدامكم) وجاء الوكت الإنتو تعرفو فيهو إنو إنتو (خدامين للشعب) وإنو (الشعب الفضل) ده هو القاعد يدفع ليكم مرتباتكم (المليونية) وبدل سفرياتكم (الدولاريه) وبنزين عرباتكم (الفارهة) والحاجات التانية الأحسن (نخليها مسنورة) !! – ثم فى حزم وجدية - أيها (المسئولون) لقد قرر (الشعب) إنفاذ القرارات التالية :
قرار رقم 1: زوجة واحده لكل مسؤول :
بهذا فقد قرر (الشعب) أن تكون فى عصمة كل (مسئول) زوجة (واحدة) ما لم يثبت (المسئول) أن زوجته (عاقر) أو (مصابه بمرض) تستحيل معه الحياة الزوجيه .. القرار ده يعنى بالعربى كده (عرس) بتاع متعه و(عدم موضوع) تانى مافى ... يعنى تانى حكاية الواحد فيكم جاب ليهو (سكرتيرة) عجبتو وقام (متنى) ده خلاص إنتهى .. أو شاف ليهو (واحده) فى (مؤتمر) قام (متلت) .. دى تانى (تلقوها فى الغافل) .. إنتو طبعا عملتو لينا (الزواج الجماعى) أها نحنا ح نعمل ليكم (الطلاق الجماعى) ... القرار ده بيقول من بداية الشهر الجاى إنو أى (مسئول) فيكم (يحتفظ) بى (مرا) واحده بس و(يسرح) الباقيات ..- مواصلا- عليكم الله هو بس لو كان عندكم إنتو شوية (خجل وإستحاء) أنحنا (أفراد الشعب) ده الواحد (مرا) واحده ما قادر عليها يعنى (بيت واحد) ما قادر عليهو بس معقول إنتو الواحد عندو فى ذمتو (تلاته وأربعه )؟؟؟؟ الناس دى بتأكلوها من وين ؟؟ وبتشربوها من وين؟؟ وبتسكنوها أفخر السكن وين؟؟ وبتعلموها أرقى التعليم بى شنو؟؟ وبتركبوها أحدث (العربات) من وين؟؟ وبتمشوا بيهم (لندن) و(باريس) بى ياتو تذاكر وياتو (نثريات)؟؟ - مواصلا فى حزم - شوفو يا أيها (المسئولين) قدامكم أسبوع ( فك تسجيلات ) كل مسئول فيكم يقعد فى الواطه ويحدد (عاوز يسجل منو) ويقوم يشطب الباقيين !! نعم بعد ده إنتهى عهد (التثليث والتربيع) :
(الكاميرا) تركز على شخص يقف خلف (المتحدث) الذى يتلو البيان مباشرة (وهو يرفع عصا أبنوس) ويهتف صائحا :
- تطليق
- (أصوات) : لا إله إلأ الله
- تسريح
- (أصوات) : الله أكبر
شخص آخريقف يمين الشخص (السابق) ذو حنجرة (مايكروفونية ) :
- لا تثليث ولا تربيع يا مسؤول خليكا مطيع
- (أصوات تردد خلفه) : لا تثليث ولا تربيع يا مسؤول خليكا مطيع
قرار رقم 2 : صالح شعبى عام :
بموجب هذا القرار سوف يتم تخفيض (جماهير) المسؤولين وإحالة 99% منهم (للصالح الشعبى العام) بعد أن ثبت أن (نصف) عدد (السكان) هم مسؤولون فى الدولة .. شئ وزراء (ساكت) ... وشئ وزراء (دولة)
.. شئ إتحاديين... وشئ ولائيين... وكل وزير عندو (مدير مكتب) و(سكرتير) وسواق (للمدام) وسواق(للأولاد) وسواق (ليهو) وبعد ده كمان نجى للمستشارين وعددهم حتى الساعة العاشرة والنصف من صباح الأمس كان 31124 مستشار وكل مستشار عندو (سواق ليهو) وواحد (للمدام والأولاد) بعد داك نجى للجبانه الهايصة الإسمها (المحليات) و( المحافظات) و(المعتمديات) شوفو البلد دى فيها قريب التلاتين ولايه وكل ولايه فيها قريب الكم وكمين محافظة أها يعنى يكون فى كم محافظ ؟؟ ونائب محافظ ؟؟وكم معتمد؟؟ وكم نائب معتمد؟؟ وكم رئيس محلية؟؟ وكم نائب رئيس محلية؟؟ وكل واحد فى ديل عندو (مدير مكتب) وسكرتير وسواق (ليهو) وسواق (تانى) وكل واحد من ديل عندو قال أيه (مستشار إعلامى) ومستشار (شنو داك) - مواصلا وهو يرفع رأسه من الورقة –-ثم مواصلاً – عليكم الله يا (مسؤولين) إنتو هسع عارفين (ربع البصل) بى كم ؟؟ ولا عارفين (ملوة الفيتاريتا) بى كم ؟؟ - وهو يرفع رأسه عن الورقة مواجهاً الكاميرا - وحكمت الله يوم واحد ما شفنا لينا واحد من (جيش المسؤولين) ده إشتكى قال (مرتباتنا إتأخرت) أو ما صرفت (ماهيتى) ؟؟
قرار رقم 3 : ركشة لكل مسؤول :
الأخوة المسؤولون :
(الشعب) قرر بعد دراسة مستفيضه (سحب) جميع (الركشات) من (الشوارع) وتعويض أصحابها تعويضاً مجزيا ومن ثم منح هذه (الركشات) للمسؤولين وإعطاء كل مسؤول (ركشة) من أجل تنقلاته بدلاً عن (الليلى علويات) و(التاتشرات) و(المرسيدسات) و(الـ BM دبليوهات) الفارهة والتى يكفى ثم الواحده منها لإطعام خمسيت مليون (جائع) من غالب (قوت) أهل البلد – مواصلا متهكما- إذا كان رئيس وزراء (اليابان) قاعد يستخدم (عجلة) فى تنقلاتو ولمن يكون متأخر قاعد يقوم (سدارى) يعنى إنتو يا (مسؤولينا) أحسن منو؟؟ وإلا بلدنا أغنى من (اليابان) ؟؟ أها تانى بس (ركشات) نشوفكم تانى ح (تظللوا) شنو ؟؟ قزاز مافى !!!
قرار رقم 4 : الحساب ولد :
الشعب بفتكر إنو فى (مسؤولين) بفتكرو إنو (الشعب) ده (عوير) وريالتو (سايله) .. يعنى (المسؤول) أول ما يتعين يكون ساكن ليهو فى بيت (جالوص) وباب الشارع بتاعو (زنكى) وضلفه بتقفل والتانية مسنوده بى (حجر) وعفش البيت كلو (دولاب هدوم) وخمسة سراير و(بنبرين) وتربيزة و(الشفع) كل يوم طاردنهم من (الدرس) عشان ما دفعوا (الرسوم) يقوم (المسؤول) بعد كم سنه من تعيينو تلاقى (الشفع) كبرو وقاعدين يقروا (طب) فى جامعات (خاصة)
وساكنين فى عمارة (المنشية) ومأجرين عمارة (قاردن سيتى) وخالين (الفيلا) بتاعت (كافورى) فاضية !!
- مواصلاً فى حزم- الشعب قرر إنو يدى (المسؤولين) ديل فرصة (أسبوع) عشان يجيبوا (الحاوى) العمل ليهم (الشغل ده) !! وأى مسؤول يفشل فى ذلك فسوف تنزع منو هذه (الحيازات) لصالح (الشعب) ..
الإخوة المسؤولين الأعزاء :
إن (الشعب) كله أمل فى أنكم سوف تلتزمون الهدوء وضبط النفس والتعامل مع هذه القرارات (بمسؤولية) ولتعلموا بأن أى محاولات إحتجاج من تظاهرات وخلافه سوف يتم التعامل معها بحزم وقوة كما حدث لتظاهرة الأمس
والتى قام بها بعض (المسؤولين) الرافضين لقرارات (الشعب) الخاصة بـ(تخفيض) بدل السفرية وتقليص (الرحلات الخارجية) !!
الإخوة المسؤولين :
لا يخفى على أحد منكم أن (الشعب) قد صبر على (مهازلكم) طويلاً ينظر إليكم وأنتم فى (أبراجكم العاجية) تأخذون أضعاف أضعاف ما تعطون تلبسون (حرير) الثياب وتأكلون (لذيذ) الطعام وتمتطون فاره (الجياد) وتحجون إلى بيت الله الحرام (ملح) ومن أموال هذا الشعب (الغلبان) وتتطاولون فى بنيان (الفلل والعمائر) وتنكحون ما لذ لكم وطاب مثنى وثلاث ورباع غير عابئين بهذا (الشعب) الذى أذله الفقر وهدته (المسغبه) وأضناه (المرض) فأصبح أفراده كالأيتام على موائد (اللئام) !!
أيها المسؤولون :
لقد حان الوقت أن تمشوا على العجين وما تلخبطوهو .. والقرارات دى أول (الغيث) ويا نحنا يا إنتو ووراكم والزمن طويل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته !!
تداعيات القرارات :
فى حديقة إحدى (الفلل) الفاخرة بأحد الأحياء الراقية جلس المسؤول ومعه جاره (المسؤول الآخر) يرتشفان (القهوة التركية) وأمامهم (سبائط) من العنب و(الخوخ) والتمر (الشفاف) يستمعان إلى (القرارات) :
- الشعب ده جن ولا شنو؟؟ طيب إذا هو (مسؤول مننا) نحن نكون (مسؤولين) من منو؟؟
- شوف والله بعد (الضرب) الإنضربناهو فى (المظاهرة) أمبارح ده الظاهر (الشعب) ده جاد فى الموضوع
- يا خوى كان كده أحسن الواحد (يبيع) ويتخارج
- يا حبيب بيع شنو؟؟ إنت ما سمعت فى (البيان) هسع قالوا أدونا (إسبوع) نجيب (الحاوى) ؟؟
-إنت (الحاوى) ده سيبو هسع (فك التسجيلات) ده نعمل معاهو شنو؟؟ (النسوان) ديل نوديهم وين؟؟
-(يبتسم فى خبث) : والله أنا (حمتى خفيفه) ح أطلق (واحده) وأخلى (واحده) ذى ما الشعب قال فى قرارو ؟؟
- طبعا يا أبوها ح تفك (القديمه) عكس الهواء !!
- يعنى إنت فاكرنى ح أفك (النوبيرا تو) وأخلى (الهيلمان) !!
-(وهو ساهم) : والله المشكلة مشكلتى أنا هسع (الأربعه) ديل يفكوا منهم ياتو (تلاته) !!!
بينما كان هذا الحديث يدور فى الحديقة بين المسؤول وجاره كانت (ست البيت) زوجة المسؤول (الرابعه) تجلس مع زوجة (المسؤول الجار) الأولى على إحدى البلكونات وهن يناقشن القرارات :
- والله ووالله يلحق (يفك تسجيلى) ألا أفك ليهو رقبتو!! كمان أنا بلعب والا بلعب
- والله يا (ست النفر) ياختى الرجال ديل ما عندهم ضمان وقالوا (الجديد شديد) !!
- بتقصدى شنو يعنى يا (شيراز) ؟؟ عشان إنتى يعنى جديده و(نمرة أربعه) ؟؟
- لا ما كدى والله لكن (الرجال) ديل أنا عارفاهم كان فى (فنيش) بفنشو ناس (الخدمة الطويلة) !!
- خدمة طويلة خدمة قصيرة .. وحاتك إنتى دى يلحق يفنشنى إلا (إفنشو ليكى من الدنيا) –مواصلة- وهو ذاتو بينى وبينك قالو ليكى بعد ما يشيلو منو (العمارة) دى و(العربات المكندشة) دى ويركبوهو (ركشه) ويحرموهو (السفر) أنا عايزه بيهو شنو؟؟؟
فى (فيلا) أخرى لا تبعد كثيرا عن (الفيلا) الأولى كان مسئول آخر وزوجته يديران حوارا من نوع آخر :
- أنا يانى العارفاها .. من زمان أنبح ليك يا (سعادتو) سجل العمارات دى للأولاد ..
أنبح ليك يا (سعادتو) سجل العمارات دى للأولاد !! أها هسع نعمل شنو؟؟ تجيب ليهم
(حاوى من وين) ؟؟
- والله صدقتى السودان كلو فيهو حاوى واحد .. (خضر الحاوى) ومات !!
- إنت صدقت حكاية الحاوى دى ؟؟؟؟ والله حاوى ما يعمل العملتو ده!! الناس كلها عارفاك (موظف دوله) مما قمت معقولة بس (ماهيتك) تعمل العملتو ده !! والله (عماراتك) دى ياها الشايلنها شايلنها !!! – مواصلة فى شماته- هسع كان كان سمعت كلامى وسجلتهم ليا ولى وليداتك ديل ما كان أحسن ليك؟؟
- أنا عارفك زعلانه عشان سجلت (بيت كافورى) للمرا التانيه !!
- والله (الشعب) يقلعو منها ذى العجب .. إنت قايل فى حاجه على (الشعب) ده بتندسا ؟؟
فهم (سعادتو) من كلمات (زوجته) الأخيرة بأنها سوف تقوم بالوشايه به وتفضح مسألة تسجيل (بيت كافورى) لزوجته (الثانية) وأن ما قالته ليس إلا (تهديد مغلف) فقام بتصعيد الحوار معها حتى درجة (الغليان) وما لبث أن رمى عليها (يمين الطلاق) وهو يقول فى نفسه:
- أهو الواحد يرتاح منها وكمان (يفك تسجيلات) !!!!
تظاهرات :
لأن (الشعب) ضايق (الشغلانه) فى نفسو وعارف إنو (قرارات التخفيض) بالنسبة (للمسئولين) هى كما (قرارات الزياده) التى كان يفرضها عليه المسئولون وأنه لا يوجد فرق بينهما سوى (علامة سالب بره القوس) فقد وضع (الشعب) كل قواته على أهبة الإستعداد تحسباً لأى تظاهرات أو (أعمال شغب) يقوم يها (المتضررون) من هذه القرارات وقد كان حدس (الشعب) سليماً وفى (محلو) إذ سرعان ما إنتظمت فى اليوم التالى مباشرة المظاهرات التالية :
الإتحاد العام لزوجات المسؤولين :
نظم الإتحاد العام لزوجات المسؤولين تظاهرة سلمية تحركت من أمام (مول عفراء) مشياً على الأقدام متجهه لمبنى ( الأمم المتحدة) لتسليم (المندوب السامى لحقوق المسؤول) مذكرة مندده بقرارات الشعب الأخيرة ..
المتظاهرات رفعن (لافتات الإحتجاج) الملونه وسرن فى خطوط متناسقة .. التظاهرة تعبق بمختلف (الروائح الباريسية) .. (الحنن) المنقوشة مرسومة (بعناية) .. الثياب (شيفون) و(توتال) أصليه .. الجزمة لون (شنطة اليد الجلدية Genuine Leather) وشنطة اليد لون (التايير) و(دهب الخليج) يزبن (الأيادى) الناعمة التى لم تذق (غسيل العده) يوما ً والتى تمسك بلافتات صغيرة كتب عليها :
(عين الحسود فيها عود ) .... (بس معقول نركب ركشات) .. (الـ الله بيديهو منو البحميهو ) (لا تخفيض للسفريات )
بينما كن يرددن بعض الهتافات :
- مافى طلاق مافى طلاق ... موتو موتكم يا عولاق !!
- بى (بنوكنا) وبى (شــركاتنا) ما بنخاف من الجاتنا
الهيئة العليا لأولاد وبنات المسئولين :
فى تزامن ينم عن تخطيط محكم للفت أنظار (العالم) لهول المأساة التى تحدق بهم وبمصائرهم إنطلقت من أمام (شارع المشتل) وفى ذات الوقت الذى إنطلقت فيه نظاهرة (زوجات المسؤولين) تظاهرة أخرى نظمتها
(الهيئة العليا لأولاد وبنات المسئولين) مستخدمة فيها (العربات) التى جلس بداخلها (أولاد) و(بنات) المسئولين من كافة الأعمار وبعضهم قد قام بإخرج (رأسه) من خلال (الزجاج) حاملاً بعض (اللافتات)
وها هو (هيثم) و(لينا) يقومان بتنظيم المسيرة قبل إنطلاقها :
- ياجماعه .. يا جماعة ... ناس (الفستو) الصفراء يجو الصف القدام ده .. وبعدهم العربات (الأتوس) الحمراء .. يا جماعه أى زول سائق BM أو مارسيدس يكون بالجنبات ... يا ....
- يا هيثم كلمتهم إنو (البارد والسندوتشات) فى اللاندكروزر بتاع (شيرين) و(حماده)؟؟
- يا وليد .. ياوليد كلم السواق يجينا بعد نهاية (المظاهرة) طوالى وما يتأخر!!
وإنطلقت التظاهرة بعد أن تم (تنظيم ألوان صفوف العربات) وبدأ ترديد الهتافات عبر (مايكرفون) مثبت فى عربه (لاندكروزر 2008 ) بيضاء (مظللة) وتعالت الهتافات :
- بيرقر بيرقر ماكنتوش ... ليه عاوزننا ناكل بوش
ثم فى (نبرة) أكثر جدية وتشنجاً :
- شعب جبان عايز كشـه .. ليه عاوزنا نركب ركشــة
لم تمر دقائق حتى توقف (الركب) لتتم إذاعة (رسالة عبر الموبايل) من (أولاد المسئولين) الذين يدرسون بالجامعات (البريطانية)
- إخواننا أبناء المسؤولين (بالداخل) نحييى فيكم روح الصمود .. ونرجو منكم التصدى بكل قوة وحزم لهذه القرارات (الجائرة) .. إخواننا .. سيروا وعين (الله) ترعاكم .. وما تشتغلوا بالشعب (المسكين) ده - دى قرارات (فشنك) ساكت !!!
وما أن إنتهى (مذيع التظاهرة) من (إذاعة المحادثة) على (المتظاهرين) حتى دوى ( تصفيق حاد) وهتاف متقطع حفزه لقراءة (البرقية) التالية :
- وهذه برقية من إخواننا أبناء (المسئولين) الذين يدرسون بالجامعات (الإسكندنافية) تقول :
ولا يهمكم دى حساده ساكت .. قف .. لو حصلت ليكم أى حتاجه تعالوا لينا هنا .. قف .. الـ (الله بيديهو منو البحميهو ؟؟)
تلاقت المظاهرتان (أبناء المسؤولين وأمهاتهم) عند تقاطع (سانت جيمس) وإزدادت حده الهتافات :
- يا شعب يا شعــب يا جبان .. إنت حاســـد ولا (بقران)
- بيرقر بيرقر ماكـــنتوش .. ما بتجبرنا ناكل البوش
بينما كانت (شرطة الشعب) تراقب (المظاهرتبن) فى حذر ... إتجهت المظاهرتان نحو مكاتب ( الأمم المتحدة) بشارع الجامعة لمقابلة (المندوب السامى لحقوق المسؤول) بعد أن قامت (زوجات المسئولين) بالركوب مع أبنائهن فى (العربات) وهن يمسكن بزجاجات (المياه المعدنية البارده) ويصلحن من مكياجهن الذى أفسدته (حرارة الشمس) .
عند وصول (المظاهرتان) لمكتب المندوب السامى تفاجأ الجميع بوجود (تظاهرة) صغيرة (غاضبة) يقودها عدد من الأشخاص ذوى (الملابس المزركشة الغريبه) والعمائم (الملونه) .. أحد المتظاهرين كان يمسك بثعبان ضخم من فصيلة (الأصلة) يلفه حول عنقه بينما آخر يقوم بإبتلاع (سلسلة من الأمواس) وعدد آخر يقوم بإخراج بالونات (لهب) من فمه بينما إنهمكت مجموعة أخرى منهم بالمشى على (النار) وهم جميعا يحملون (لافتات إحتجاج ) غاضبة .
إتجهت زوجة أحد المسئولين (قائدة التظاهرة) غاضبة نحو أحدهم :
- شنو يعنى؟؟ ما تشيلو (دبايبكم) وحاجاتكم دى من هنا .. يعنى عاوزين تبوظوا لينا (مظاهراتنا) دى؟؟
- ما تبوظ كان باظت .. إنتو (رجالكم) ديل ما بوظو (سمعتنا) وفضحونا (فضيحة).. هسع ( أكبر حاوى) معانا هنا من الشايفاهم ديل بيقدر يبنى ليهو (عمارتين) بى عشرين (مليار) من ماهيتو ؟؟؟
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
رحلة الانو فليس
صحيفة السودانى - العدد الأسبوعى
الجمعه - الموافق 2 مارس 2007
داخل إحدى (علب السجائر) المتسخة التى لفظها (النيل) وقف (الزوج) يوبخ زوجته على غيابها المتكرر :
- معقوله بس اليوم كلو طافشة من البيت وحايمه ما تجى إلا آخر الليل
- (وهى تضم جناحا وتفرد آخر) : يعنى كمان عاوزنى إتكسر وأقعد أقابلك؟؟ وبعدين هسع كان طفشت وين ما طفشت يعنى ح أبعد ليا أكتر من خمسين متر؟
- (فى حزم) : خمسين متر .. عشرين متر إنتى (زوجه) وعندك إلتزامات زوجيه و..
- (تقاطعه) : إلتزامات أسرية بتاعت شنو؟؟ أكتر من إنى أولد ليك قبل يومين (خمسمية وستين) من ولد لى بت تانى أعمل ليك شنو؟؟
- (يجر واطى) : أها قولى ما عاوز منك حاجة .. أها بتمشى وين؟؟
- كمان جابت ليها شكوك؟؟ والله حكاية عجيبة ..إنت ما شايف براك (المعيشة) بقت صعبة كيف؟؟ دم (مغذى) نمصو مافى .. البشر الشايفم (ساكنين) هنا ديل كلهم (بولوتاريا) وعندهم (أنيميا) ودمهم (تعبان) وملان (فيروسات) شئ (ملاريا) وشئ (تايفويد) وشئ ما بعرفو شنو؟؟
- وقاعده تمشى (تاكلى) وين طيب؟
- ما قاعدة (أشرك) لى نسوان (المسؤولين) والتجار (الكبار) القاعدين يجو يشتروا (الشاف) و(الطلح) من (حاج رمضان) القاعد داك .. القاعدة تجى من (المنشية) والبتجى من (قاردن سيتى) ومن (كافورى) عليك أمان الله لو ما كل يوم بلقى ليا (مصة مصتين) دم من ديل كان رقدت سلطه من زماااانك !!
- يخسى عليكى وما وريتينى (البشر) ديل من زمانك ليه عشان (نمص) لينا دم (نقى) ذى ده ؟؟
- أوريك شنو هو إنت فاضى ليا ؟ ما اليوم كلو نائم و(مركلس) !!
فجأة قطعت حديثها وهى تشير له نحو العربة الفارهه التى توقفت أمام محل (حاج رمضان) الذى كان يفترش أكوام (الشاف) و(الطلح):
- (وهى تطير) : أها لو عاوز تمص ليك (دم) مظبط تعال معاى (للنسوان) المرتاحات الجو بالعربية ديل !!
فى تلك اللحظة كان الباب الخلفى للعربة الكامرى البيضاء الفارهه يفتح وتنزل منه (سيدتان) فى مقتبل العمر تبدو عليهن علامات الدعة و(الترطيب) مما لا يدع مجالا للشك بأنهن ينتمين إلى إحدى شرائح المجتمع الموسرة (الجديده) من مسؤولين ، أثرياء غفلة ، سماسرة يخوت ، أو تجار (إغاثات) ... الثياب (اللندنية) المشجرة التى إنحسرت عن (شعر) أسود مصفف حالك تتخلله (خيوطا) من (الميج) الذهبى التى تنسجم مع (الأقراط) الذهبية المتدلية من (الأذنين) ، البشرة (الرايقه) البيضاء التى زادها (الدخان) إحمرارا مصفر مائل إلى اللون النحاسى تجعل من (الحنة) السوداء الداكنة المنقوشة بعناية على القدمين والراحتين شيئا خرافياً .
بينما كان (السائق) الذى يرتدى (بدلة سفارى) بنية اللون ويضع نظارة شمسية (على الرغم من أن الشمس على وشك مفارقة السماء) يقوم بوضع (شريط كاسيت) هابط وهو يثبت (سماعة) الموبايل على أذنيه كانت إحدى السيدتين تخاطب (حاج رمضان) بائع الطلح بينما وقفت الأخرى بجانبها وهى تمسك بالموبايل بيدها :
- أدينا يا حاج (طلح) بى عشرة ألف بس يكون كويس
بينما كان (الحاج) يقوم بوضع (الطلح) على (الكيس) كانت (أنثى البعوض) قد إتخذت لها موقعاً إستراتيجيا متقدما محدده هدفها بدقة وهو (رقبة) إحدى السيدتين فى ذات المكان الذى يتدلى منه (كرسى جابر) :
- (وهى تنتفض وتهرش على مكان العضة) : واااى يا (ثريا) قرصتنى حاجه .. (مواصلة) إنت يا (حاج) الشاطئ بتاعكم ده مالو كده ؟؟
- ده يا بتى (البعوض)
- لكن يا حاج (باعوضكم) ده ما ببالغ عديا كده .. والله (قرصتا) ذى النار !!
لم يكد (حاج رمضان) ينتهى من ربط (كيس الطلح) وتجهيزه حتى صاحت (السيدة الأخرى) وهى تهرش مكان (إستيك الساعة) الغاطس على معصمها المتورد :
- أحييييا .. والله كلامك صاح يا (نعمات) .. والله يا حاج عندكم هنا حاجات فظيعه !!
فى تلك الأثناء كان (ذكر البعوض) قد جلس أمام (زوجته) على حافة (كيس الطلح) وهو يمسح فمه بعد تلك (المصة) لتلك (الفصيلة العسلية) من الدم التى لم يسبق له أن إرتشف مثلها !!
قامت (ثريا) بنقد الحاج عشرة ألاف جنية جديدة (من العملة الجديدة !!) فى ذات اللحظة التى قام فيها (السائق) بالنزول من العربة وحمل الكيس لوضعه داخل (الضهرية) غير أن (ثريا) لسبب أو لآخر قد أشارت إليه بأن يضعه فى المقعد الخلفى الذى جلستا عليه بينما إنطلقت العربة من (شاطئ أب روف) بشارع النيل فى إتجاه (كبرى النيل الأزرق) .
أطلت (انثى العوض)من (كيس الطلح) المستلقى على أرضية العربه فوجدت أمامها (أشهى وجبة) يمكن أن تحلم بها .. (جوزين) من (الأقدام) البضة ذات البشرة الملساء الناعمة التى تعبق بأرقى العطور الباريسية النفاذة
- قوم يا راجل أطلع برة الكيس ده مد راسك شم (العطور) بتاعت (النسوان) ديل .. وشيل ليك (مصة) مصتين بى مزاج عشان تعمل ليكا لياقه ... إنت قايل ده دم (بوش) والا سلطة (دكوة) !!
- أحييييا يا (نعمات) كرعينى ما إتهردن .. وهى تنحنى وتهرش على (قدمها) – مواصلة- دى مصيبة شنو (البتعضعض) فينا دى !!
- وااااى يا (ثريا) أنا ذاتى ما قطعت (كرعينيى)
إلتفتت إنثى (العوض) وهى تلتصق على (مرآة) العربة تهذب من شكلها وتمسح بقية (الوجبة) من فمها مخاطبة زوجها :
- تقول ليا أنا بمشى وين؟؟ هسع عرفت أنا بمشى وين؟؟ هسع حصل مصيت ليكا دم ذى ده ما بس قاعد قدام الشاطئ (تنشن) للناس البجو من (غرب الحارات) و(شرق الحارات) يستحموا فى (النيل) الدمهم كلو (ويكه) و(فول) وبوش !!
- عليكى الله بطلى (النقه) وخلينى بعد (الاكلة) دى أخد ليا فى (الكيس) ده نومة شوية !!
فى قاردن سيتى :
توقفت العربة أمام (الفيلا الفارهة) نزلت (السيدتان) ثم قام (السائق) بالترجل من العربة وحمل (كيس الطلح) وهو يتبعهم إلى داخل الفيلا حيث أشارت إليه (نعمات) بأن يضعه على أحد كراسى (النجيلة) بينما أخرجت (أنثى البعوض) رأسها من الكيس وهو تخاطب زوجها بعد أن جالت ببصرها فى أرجاء الحديقة الوارفة :
- قوم أصحى شوية وعاين (للعز) ده ..
- (وهو يتمطى متثائباً ) : هو أنحنا وصلنا ؟؟
- آآى وصلنا .. قوم خلينا نآخد لينا (جولة إستكشافية) فى المحل الجديد ده وخرجت (إنثى البعوض) وزوجها يحلقان بين أشجار الحديقة الوارفة وأزهارها الملونة ثم عادا إلى داخل كيس الطلح فى ذات الوقت الذى عادت فيه (نعمات) لأخذه إلى داخل مبنى الفيلا .
ما أن جلست (نعمات) على (الكرسى الوثير) حتى مدت يدها وكشفت عن (عنقها) وقالت وهى تخاطب (ثريا) :
- عليكى الله شوف (الحاجة القرصتنا) دى عملت فينى شنو ؟؟ - وهى تكشف لها عن أماكن اللسع- الحتت دى كلها ورمت وتحرق فينى ذى النار
- والله أنا نفس الشئ يا (نعمات) جسمى كلو (إنهرد) .. أها شوفى
بمجرد أن كشفت (السيدتان) عن (أماكن اللسع) حتى هتفت (أنثى البعوض) وزوجها فى فرح وإنتشاء(بطنين) مسموع جعل (السيدتان) تصيحان فى وقت واحد وهن (تهرشان) :
- وووب علينا (البطنطن) ده ما (باعوض) .. الظاهر جاء مع (الطلح)
- عليكى الله يا (نعمات) رسلى ولدكم ده خليهو يجيب ليهو (مبيد) بى سرعة من (السوبرماركت) الباعوض ده قطع جلدنا !!
- خلاص إنتى فى المسافة دى أمشى حضرى (حفرة الدخان) عشان نقوم (نتدخن) ونمشى نحصل عرس ناس (إخلاص) ده !!
ما أن إستمعت (إنثى البعوض) لما قالته (ثريا) جارة (نعمات) وصديقتها عن إحضار (المبيد) حتى قالت مخاطبة زوجها :
- يلاك نتخارج الموضوع جاب ليهو مبيدات
- ونمشى وين يعنى؟
- شنو نمشى وين ما نقعد(نعسكر) ليهم برة قدام الباب لمن يجو طالعين .. إنت ما شايف المسألة فيها أعراس و(حفلات) – مواصلة- يعنى الليلة نمص فى (الدم العسل) ده لامن نفتر !!
وتخارجت أنثى البعوض وزوجها وقبعا داخل (قفل الباب) الخارجى فى إنتظار خروج السيدتين من الفيلا لحضور (الحفل) بينما بدات (السيدتان) فى تحضير مراسم عملية (الدخان) فى مكان منزو (خلف الحديقة).
كانت فجوة (قفل الباب) دافئة تشجع على الإسترخاء مما جعل (أنثى البعوض) وزوجها ينعمان (بتعسيلة) إستمرت لساعة زمن لم تقطعها إلا حركة (أكرة القفل) وهى تدار وصوت (عزام) – سيد البيت- وزوج (نعمات) يخاطب جارهم (مالك) زوج (بثينه) :
- النسوان ديل ح يأخرونا من عرس (الجماعة) ديل .. عاوزين (يتدخنو) وعاوزين يمشو (الكوافير) وعاوزين شنو وعاوزين شنو
- أفتكر إنو مشوا الكوافير (الصباح) بس فضلت حكاية (الدخان) دى
- هو بنامج (الدخان) ده فى ليهو لازم ما أول أمس (عملوهو) !!
ما أن قام (عزام) بالإمساك (بأكرة الباب) وفتحه داخلا إلى صالون الفيلا إلا كانت(إنثى البعوض) وزوجها قد (هبطا) على (كم) الجلابية الناصعة ، جلس عزام وجاره مالك فى (الصالون) الوثير يتناولان عصيرا باردا ينتظران ريثما تجهز زوجتيهما ثم ما لبثا أن بدأا (الهرش) :
- والله حكاية عجيبة .. البيت ده أصلو ما فيهو (باعوض) لأنى كل يوم (جمعه) قاعد أجيب شركةالنظافة (ترشو) الليلة البعوض الإنطلق فينا ده شنو؟؟
- (وهو يهرش) : والله شركات (النظافة الخاصة) دى إشاعة ساكت يجو يرشو (الفيلا) والحديقة رشة رشتين ويمشو !!
لم يمض وقت طويل حتى أطلت (نعمات وبثينة) فى كامل هندامهما :
- أها نحنا جاهزين نمشى؟
- إنتو فى نمشى ولا فى الباعوض القطع جلدنا ده !!
- كدى خليك من الباعوض ده أنا رسلت الولد يجيب ليهو مبيد – ثم متسائلاً- البنات ديل ما جو من (الكوافير) لى هسع ؟
- لا ما ح يجو بى جاى إتصلت فينى (نوسه) وقالت ح يمشوا (العرس) طوالى ..
فى طريقهم إلى العربة قالت (إنثى البعوض) وهى تخاطب زوجها الذى كان يجلس بجانبها فى (طرف) توب (نعمات) :
- شوف ما تمشى (الحفلة) دى وتقع (مص) من طرف فى حاجه إسمها (أيدز) والله يجيب خبرك أسرع من (المبيد)
- ويعنى أعمل شنو ؟
- تعاين (للبشر) ديل كويس وأى زول ( معصعص) وناشف ما تقرب ناحيتو .. شوف بس الناس (المبغبغين) ونايرين
فى الحفلة :
لما كانت (الحفلة) داخل إحدى صالات (الأفراح) المغلقه (المعقمة) فلم يكن هنالك غير أنثى البعوض وزوجها اللذين جلسا فى هدؤ فى إنتظار (العشاء) على ذات (الطاولة) التى جلست عليها (نعمات وبثينه) وزوجيهما .. وقد كان العشاء (الدموى) دسماً وفى متناولهما تماما فكل (الجنس اللطيف) كان يرتدى فساتين تكشف عن بعض من (الصدر) وبعض من (الظهر) مع فتحات بين الأرجل تتفاوت فى القصر والطول
- عليك الله هسع الواحد (يمص) وين ولا (يمص) وين .. والله ده مولد ساكت .. هسع كان جبنا معانا (الأولاد) ما كان هيصو !!
- كدى إنت هيص لى روحك دى وأشبع الظروف ما معروفه بكرة (الحكومة) تمص باقى دم الناس دى وتخلينا (لايصين) ما عارفين (نمص) شنو
بدأت مراسم (الزفة الليزرية) وعلى نغمات أغنية (إتبخترى يا حلوة يا زينه) دخل (العريس) إلى القاعة وهو يمسك بيد (عروسه) ويمشيان فى خطوات بطيئة وهم يواجهان الإضاءة وعدسات كاميرات التصوير :
- العريس ده مالو يختى (بتقمز) كده ؟
- والله مش أولاد الزمن ديل هسع يكون (شامى) ليهو وإلا شارب ليهو (مصيبة)
- عليك الله شوفيهو (بنطط) كيفن ؟
- هى إنتى فى ده كدى عاينى للعروس شوفيها بتنكرش كيفن ؟
والآن سيداتى سادتى يبدأ حفلنا .. سيداتى وسادتى يسرنا أن يكون نجم هذا الحفل فنان الشباب الفنان ذو الصوت الساحر الشجى (عادل أبوجضوم) :
- أنا خلاص شبعت (مص) لكن وحاتك (جضوم الفنان) ده إلا آخد ليا فيهن (مصة) (مصتين)
- والله أنا ذاتى شبعت .. خلاص ناخد لينا (مصة) ونمشى ننوم
فى هذه الأثناء كان (عادل أبو جضوم) يمسك بالمايك وهو يقوم يتلميع (جضومه) بمنديل (أصفر) جعل منه (هدفاً) واضحاً تتجه إليه (أنثى البعوض) وزوجها .
- ويييى مقدرة (يهرش) راجل المرة ده (يهرش) حلو (يهرش) حلا
وإستمر الفنان (عادل أبوجضوم) يهرش فى (جضومه) تارة باليمين وأخرى بالشمال وهو يغنى مما دعى (الشباب) الذين كانو فى حلقة (الرقص) يحاكون (حركاته الأنكراشية) بإعتبارها نوعا من (الرقص) الجديد !!
إنتهى (الحفل) وغادر المدعوون قام الفنان (أبوجضوم) و(شلته) بوضع (الأورغ) وبقية أدوات (الشغل) على (حافلة) المعلم (سيد) التى إتجهت نحو (أم درمان) حيث بعد الفراغ من توصيلهم إلى أماكنهم إتجه صوب (أب روف) حيث يسكن فى مواجهه (حاج رمضان) بائع الطلح .
كانت الساعة تقترب من منتصف الليل حينما قام (المعلم سيد ) بإيقاف (الحافلة) أمام أكوام (الطلح) ، تأكد من قفل (الزجاج الجانبى) وزجاج (السواق) حمل صحن (الكوكتيل) الذى أحضرة كعادته من مكان (المناسبه) ثم (نزل) من الحافلة وقام بقفل (الباب) كعادته بقوة .
كان الصوت الذى أحدثه (المعلم سيد) وهو يقوم بقفل باب الحافلة كافيا لإيقاظ (إنثى البعوض) التى كانت تقبع نائمة داخل علبة السجائر المتسخة والتى (لكزت) زوجها وهى تقول له :
- عليك الله (الزول ده) مش ببالغ عديل كده ؟ كل يوم يجى ذى المواعيد المتأخرة دى ويصحينا من النوم !! والله كنت بحلم ليا فى جنس حلم ... خليهو ساااكت
صحيفة السودانى - العدد الأسبوعى
الجمعه - الموافق 2 مارس 2007
داخل إحدى (علب السجائر) المتسخة التى لفظها (النيل) وقف (الزوج) يوبخ زوجته على غيابها المتكرر :
- معقوله بس اليوم كلو طافشة من البيت وحايمه ما تجى إلا آخر الليل
- (وهى تضم جناحا وتفرد آخر) : يعنى كمان عاوزنى إتكسر وأقعد أقابلك؟؟ وبعدين هسع كان طفشت وين ما طفشت يعنى ح أبعد ليا أكتر من خمسين متر؟
- (فى حزم) : خمسين متر .. عشرين متر إنتى (زوجه) وعندك إلتزامات زوجيه و..
- (تقاطعه) : إلتزامات أسرية بتاعت شنو؟؟ أكتر من إنى أولد ليك قبل يومين (خمسمية وستين) من ولد لى بت تانى أعمل ليك شنو؟؟
- (يجر واطى) : أها قولى ما عاوز منك حاجة .. أها بتمشى وين؟؟
- كمان جابت ليها شكوك؟؟ والله حكاية عجيبة ..إنت ما شايف براك (المعيشة) بقت صعبة كيف؟؟ دم (مغذى) نمصو مافى .. البشر الشايفم (ساكنين) هنا ديل كلهم (بولوتاريا) وعندهم (أنيميا) ودمهم (تعبان) وملان (فيروسات) شئ (ملاريا) وشئ (تايفويد) وشئ ما بعرفو شنو؟؟
- وقاعده تمشى (تاكلى) وين طيب؟
- ما قاعدة (أشرك) لى نسوان (المسؤولين) والتجار (الكبار) القاعدين يجو يشتروا (الشاف) و(الطلح) من (حاج رمضان) القاعد داك .. القاعدة تجى من (المنشية) والبتجى من (قاردن سيتى) ومن (كافورى) عليك أمان الله لو ما كل يوم بلقى ليا (مصة مصتين) دم من ديل كان رقدت سلطه من زماااانك !!
- يخسى عليكى وما وريتينى (البشر) ديل من زمانك ليه عشان (نمص) لينا دم (نقى) ذى ده ؟؟
- أوريك شنو هو إنت فاضى ليا ؟ ما اليوم كلو نائم و(مركلس) !!
فجأة قطعت حديثها وهى تشير له نحو العربة الفارهه التى توقفت أمام محل (حاج رمضان) الذى كان يفترش أكوام (الشاف) و(الطلح):
- (وهى تطير) : أها لو عاوز تمص ليك (دم) مظبط تعال معاى (للنسوان) المرتاحات الجو بالعربية ديل !!
فى تلك اللحظة كان الباب الخلفى للعربة الكامرى البيضاء الفارهه يفتح وتنزل منه (سيدتان) فى مقتبل العمر تبدو عليهن علامات الدعة و(الترطيب) مما لا يدع مجالا للشك بأنهن ينتمين إلى إحدى شرائح المجتمع الموسرة (الجديده) من مسؤولين ، أثرياء غفلة ، سماسرة يخوت ، أو تجار (إغاثات) ... الثياب (اللندنية) المشجرة التى إنحسرت عن (شعر) أسود مصفف حالك تتخلله (خيوطا) من (الميج) الذهبى التى تنسجم مع (الأقراط) الذهبية المتدلية من (الأذنين) ، البشرة (الرايقه) البيضاء التى زادها (الدخان) إحمرارا مصفر مائل إلى اللون النحاسى تجعل من (الحنة) السوداء الداكنة المنقوشة بعناية على القدمين والراحتين شيئا خرافياً .
بينما كان (السائق) الذى يرتدى (بدلة سفارى) بنية اللون ويضع نظارة شمسية (على الرغم من أن الشمس على وشك مفارقة السماء) يقوم بوضع (شريط كاسيت) هابط وهو يثبت (سماعة) الموبايل على أذنيه كانت إحدى السيدتين تخاطب (حاج رمضان) بائع الطلح بينما وقفت الأخرى بجانبها وهى تمسك بالموبايل بيدها :
- أدينا يا حاج (طلح) بى عشرة ألف بس يكون كويس
بينما كان (الحاج) يقوم بوضع (الطلح) على (الكيس) كانت (أنثى البعوض) قد إتخذت لها موقعاً إستراتيجيا متقدما محدده هدفها بدقة وهو (رقبة) إحدى السيدتين فى ذات المكان الذى يتدلى منه (كرسى جابر) :
- (وهى تنتفض وتهرش على مكان العضة) : واااى يا (ثريا) قرصتنى حاجه .. (مواصلة) إنت يا (حاج) الشاطئ بتاعكم ده مالو كده ؟؟
- ده يا بتى (البعوض)
- لكن يا حاج (باعوضكم) ده ما ببالغ عديا كده .. والله (قرصتا) ذى النار !!
لم يكد (حاج رمضان) ينتهى من ربط (كيس الطلح) وتجهيزه حتى صاحت (السيدة الأخرى) وهى تهرش مكان (إستيك الساعة) الغاطس على معصمها المتورد :
- أحييييا .. والله كلامك صاح يا (نعمات) .. والله يا حاج عندكم هنا حاجات فظيعه !!
فى تلك الأثناء كان (ذكر البعوض) قد جلس أمام (زوجته) على حافة (كيس الطلح) وهو يمسح فمه بعد تلك (المصة) لتلك (الفصيلة العسلية) من الدم التى لم يسبق له أن إرتشف مثلها !!
قامت (ثريا) بنقد الحاج عشرة ألاف جنية جديدة (من العملة الجديدة !!) فى ذات اللحظة التى قام فيها (السائق) بالنزول من العربة وحمل الكيس لوضعه داخل (الضهرية) غير أن (ثريا) لسبب أو لآخر قد أشارت إليه بأن يضعه فى المقعد الخلفى الذى جلستا عليه بينما إنطلقت العربة من (شاطئ أب روف) بشارع النيل فى إتجاه (كبرى النيل الأزرق) .
أطلت (انثى العوض)من (كيس الطلح) المستلقى على أرضية العربه فوجدت أمامها (أشهى وجبة) يمكن أن تحلم بها .. (جوزين) من (الأقدام) البضة ذات البشرة الملساء الناعمة التى تعبق بأرقى العطور الباريسية النفاذة
- قوم يا راجل أطلع برة الكيس ده مد راسك شم (العطور) بتاعت (النسوان) ديل .. وشيل ليك (مصة) مصتين بى مزاج عشان تعمل ليكا لياقه ... إنت قايل ده دم (بوش) والا سلطة (دكوة) !!
- أحييييا يا (نعمات) كرعينى ما إتهردن .. وهى تنحنى وتهرش على (قدمها) – مواصلة- دى مصيبة شنو (البتعضعض) فينا دى !!
- وااااى يا (ثريا) أنا ذاتى ما قطعت (كرعينيى)
إلتفتت إنثى (العوض) وهى تلتصق على (مرآة) العربة تهذب من شكلها وتمسح بقية (الوجبة) من فمها مخاطبة زوجها :
- تقول ليا أنا بمشى وين؟؟ هسع عرفت أنا بمشى وين؟؟ هسع حصل مصيت ليكا دم ذى ده ما بس قاعد قدام الشاطئ (تنشن) للناس البجو من (غرب الحارات) و(شرق الحارات) يستحموا فى (النيل) الدمهم كلو (ويكه) و(فول) وبوش !!
- عليكى الله بطلى (النقه) وخلينى بعد (الاكلة) دى أخد ليا فى (الكيس) ده نومة شوية !!
فى قاردن سيتى :
توقفت العربة أمام (الفيلا الفارهة) نزلت (السيدتان) ثم قام (السائق) بالترجل من العربة وحمل (كيس الطلح) وهو يتبعهم إلى داخل الفيلا حيث أشارت إليه (نعمات) بأن يضعه على أحد كراسى (النجيلة) بينما أخرجت (أنثى البعوض) رأسها من الكيس وهو تخاطب زوجها بعد أن جالت ببصرها فى أرجاء الحديقة الوارفة :
- قوم أصحى شوية وعاين (للعز) ده ..
- (وهو يتمطى متثائباً ) : هو أنحنا وصلنا ؟؟
- آآى وصلنا .. قوم خلينا نآخد لينا (جولة إستكشافية) فى المحل الجديد ده وخرجت (إنثى البعوض) وزوجها يحلقان بين أشجار الحديقة الوارفة وأزهارها الملونة ثم عادا إلى داخل كيس الطلح فى ذات الوقت الذى عادت فيه (نعمات) لأخذه إلى داخل مبنى الفيلا .
ما أن جلست (نعمات) على (الكرسى الوثير) حتى مدت يدها وكشفت عن (عنقها) وقالت وهى تخاطب (ثريا) :
- عليكى الله شوف (الحاجة القرصتنا) دى عملت فينى شنو ؟؟ - وهى تكشف لها عن أماكن اللسع- الحتت دى كلها ورمت وتحرق فينى ذى النار
- والله أنا نفس الشئ يا (نعمات) جسمى كلو (إنهرد) .. أها شوفى
بمجرد أن كشفت (السيدتان) عن (أماكن اللسع) حتى هتفت (أنثى البعوض) وزوجها فى فرح وإنتشاء(بطنين) مسموع جعل (السيدتان) تصيحان فى وقت واحد وهن (تهرشان) :
- وووب علينا (البطنطن) ده ما (باعوض) .. الظاهر جاء مع (الطلح)
- عليكى الله يا (نعمات) رسلى ولدكم ده خليهو يجيب ليهو (مبيد) بى سرعة من (السوبرماركت) الباعوض ده قطع جلدنا !!
- خلاص إنتى فى المسافة دى أمشى حضرى (حفرة الدخان) عشان نقوم (نتدخن) ونمشى نحصل عرس ناس (إخلاص) ده !!
ما أن إستمعت (إنثى البعوض) لما قالته (ثريا) جارة (نعمات) وصديقتها عن إحضار (المبيد) حتى قالت مخاطبة زوجها :
- يلاك نتخارج الموضوع جاب ليهو مبيدات
- ونمشى وين يعنى؟
- شنو نمشى وين ما نقعد(نعسكر) ليهم برة قدام الباب لمن يجو طالعين .. إنت ما شايف المسألة فيها أعراس و(حفلات) – مواصلة- يعنى الليلة نمص فى (الدم العسل) ده لامن نفتر !!
وتخارجت أنثى البعوض وزوجها وقبعا داخل (قفل الباب) الخارجى فى إنتظار خروج السيدتين من الفيلا لحضور (الحفل) بينما بدات (السيدتان) فى تحضير مراسم عملية (الدخان) فى مكان منزو (خلف الحديقة).
كانت فجوة (قفل الباب) دافئة تشجع على الإسترخاء مما جعل (أنثى البعوض) وزوجها ينعمان (بتعسيلة) إستمرت لساعة زمن لم تقطعها إلا حركة (أكرة القفل) وهى تدار وصوت (عزام) – سيد البيت- وزوج (نعمات) يخاطب جارهم (مالك) زوج (بثينه) :
- النسوان ديل ح يأخرونا من عرس (الجماعة) ديل .. عاوزين (يتدخنو) وعاوزين يمشو (الكوافير) وعاوزين شنو وعاوزين شنو
- أفتكر إنو مشوا الكوافير (الصباح) بس فضلت حكاية (الدخان) دى
- هو بنامج (الدخان) ده فى ليهو لازم ما أول أمس (عملوهو) !!
ما أن قام (عزام) بالإمساك (بأكرة الباب) وفتحه داخلا إلى صالون الفيلا إلا كانت(إنثى البعوض) وزوجها قد (هبطا) على (كم) الجلابية الناصعة ، جلس عزام وجاره مالك فى (الصالون) الوثير يتناولان عصيرا باردا ينتظران ريثما تجهز زوجتيهما ثم ما لبثا أن بدأا (الهرش) :
- والله حكاية عجيبة .. البيت ده أصلو ما فيهو (باعوض) لأنى كل يوم (جمعه) قاعد أجيب شركةالنظافة (ترشو) الليلة البعوض الإنطلق فينا ده شنو؟؟
- (وهو يهرش) : والله شركات (النظافة الخاصة) دى إشاعة ساكت يجو يرشو (الفيلا) والحديقة رشة رشتين ويمشو !!
لم يمض وقت طويل حتى أطلت (نعمات وبثينة) فى كامل هندامهما :
- أها نحنا جاهزين نمشى؟
- إنتو فى نمشى ولا فى الباعوض القطع جلدنا ده !!
- كدى خليك من الباعوض ده أنا رسلت الولد يجيب ليهو مبيد – ثم متسائلاً- البنات ديل ما جو من (الكوافير) لى هسع ؟
- لا ما ح يجو بى جاى إتصلت فينى (نوسه) وقالت ح يمشوا (العرس) طوالى ..
فى طريقهم إلى العربة قالت (إنثى البعوض) وهى تخاطب زوجها الذى كان يجلس بجانبها فى (طرف) توب (نعمات) :
- شوف ما تمشى (الحفلة) دى وتقع (مص) من طرف فى حاجه إسمها (أيدز) والله يجيب خبرك أسرع من (المبيد)
- ويعنى أعمل شنو ؟
- تعاين (للبشر) ديل كويس وأى زول ( معصعص) وناشف ما تقرب ناحيتو .. شوف بس الناس (المبغبغين) ونايرين
فى الحفلة :
لما كانت (الحفلة) داخل إحدى صالات (الأفراح) المغلقه (المعقمة) فلم يكن هنالك غير أنثى البعوض وزوجها اللذين جلسا فى هدؤ فى إنتظار (العشاء) على ذات (الطاولة) التى جلست عليها (نعمات وبثينه) وزوجيهما .. وقد كان العشاء (الدموى) دسماً وفى متناولهما تماما فكل (الجنس اللطيف) كان يرتدى فساتين تكشف عن بعض من (الصدر) وبعض من (الظهر) مع فتحات بين الأرجل تتفاوت فى القصر والطول
- عليك الله هسع الواحد (يمص) وين ولا (يمص) وين .. والله ده مولد ساكت .. هسع كان جبنا معانا (الأولاد) ما كان هيصو !!
- كدى إنت هيص لى روحك دى وأشبع الظروف ما معروفه بكرة (الحكومة) تمص باقى دم الناس دى وتخلينا (لايصين) ما عارفين (نمص) شنو
بدأت مراسم (الزفة الليزرية) وعلى نغمات أغنية (إتبخترى يا حلوة يا زينه) دخل (العريس) إلى القاعة وهو يمسك بيد (عروسه) ويمشيان فى خطوات بطيئة وهم يواجهان الإضاءة وعدسات كاميرات التصوير :
- العريس ده مالو يختى (بتقمز) كده ؟
- والله مش أولاد الزمن ديل هسع يكون (شامى) ليهو وإلا شارب ليهو (مصيبة)
- عليك الله شوفيهو (بنطط) كيفن ؟
- هى إنتى فى ده كدى عاينى للعروس شوفيها بتنكرش كيفن ؟
والآن سيداتى سادتى يبدأ حفلنا .. سيداتى وسادتى يسرنا أن يكون نجم هذا الحفل فنان الشباب الفنان ذو الصوت الساحر الشجى (عادل أبوجضوم) :
- أنا خلاص شبعت (مص) لكن وحاتك (جضوم الفنان) ده إلا آخد ليا فيهن (مصة) (مصتين)
- والله أنا ذاتى شبعت .. خلاص ناخد لينا (مصة) ونمشى ننوم
فى هذه الأثناء كان (عادل أبو جضوم) يمسك بالمايك وهو يقوم يتلميع (جضومه) بمنديل (أصفر) جعل منه (هدفاً) واضحاً تتجه إليه (أنثى البعوض) وزوجها .
- ويييى مقدرة (يهرش) راجل المرة ده (يهرش) حلو (يهرش) حلا
وإستمر الفنان (عادل أبوجضوم) يهرش فى (جضومه) تارة باليمين وأخرى بالشمال وهو يغنى مما دعى (الشباب) الذين كانو فى حلقة (الرقص) يحاكون (حركاته الأنكراشية) بإعتبارها نوعا من (الرقص) الجديد !!
إنتهى (الحفل) وغادر المدعوون قام الفنان (أبوجضوم) و(شلته) بوضع (الأورغ) وبقية أدوات (الشغل) على (حافلة) المعلم (سيد) التى إتجهت نحو (أم درمان) حيث بعد الفراغ من توصيلهم إلى أماكنهم إتجه صوب (أب روف) حيث يسكن فى مواجهه (حاج رمضان) بائع الطلح .
كانت الساعة تقترب من منتصف الليل حينما قام (المعلم سيد ) بإيقاف (الحافلة) أمام أكوام (الطلح) ، تأكد من قفل (الزجاج الجانبى) وزجاج (السواق) حمل صحن (الكوكتيل) الذى أحضرة كعادته من مكان (المناسبه) ثم (نزل) من الحافلة وقام بقفل (الباب) كعادته بقوة .
كان الصوت الذى أحدثه (المعلم سيد) وهو يقوم بقفل باب الحافلة كافيا لإيقاظ (إنثى البعوض) التى كانت تقبع نائمة داخل علبة السجائر المتسخة والتى (لكزت) زوجها وهى تقول له :
- عليك الله (الزول ده) مش ببالغ عديل كده ؟ كل يوم يجى ذى المواعيد المتأخرة دى ويصحينا من النوم !! والله كنت بحلم ليا فى جنس حلم ... خليهو ساااكت
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
[b]لعدم كفاية الادلة[/b]
صحيفة الراى العام
عدد الجمعه الموافق 3 أغسطس 2007م
موقع الكاتب www.alfatihgabra.com
تحت شجرة النيم الوارفه ذات الظل الممتد التى تقع أمام منزل (حاج مختار) إنعقد المجلس اليومى لشلة (الضمنه) والذى يضم اللاعبين الاساسيين (حاج سليمان النجار) والذى يقع منزلة ملاصقاً لمنزل (حاج مختار) من الجهه اليمنى و(أبو زيد الحلاق) وهو الجار الملاصق لحاج مختار من اليسار و(عم سيدأحمد) المعلم بالمعاش والذى يواجه منزله منزل (حاج مختار) ... على الرغم من أن (حاج مختار) كان يدعى انه (أحرف) من لعب (الضمنه) غير أنه فى ذلك اليوم كان كثير الأخطاء مما جعل زميله فى اللعب (أبوزيد الحلاق) يهاجمه بعد أن مات (الدش) فى يده قائلاً :
- والله (يا حاج مختار) على بالحرام إنت خرفت وبقيت ما بتركز !!
- أركز كيفن عاد وأنا الليل كلو ما نايم !!
- (أب زيد فى تريقه) : بتحب وإلا شنو؟
- احب شنو والله يا جماعه أنا ليا كم يوم (حبوب النوم) القاعد أخدن ديل قطعوا منى
و...
- (حاج سليمان مقاطعاً وهو يقوم بإمساك قطع الضمنه بكلتا يديه) : وما تمشى تشتريهن من
لأجزخانه؟
- (حبوب النوم دى يا (حاج سايمان) ناس الجزخانه ما بصرفوهن لى بدون روشته من الدكتور
- (أستاذ سيد أحمد وهو يضرب بقطعه الضمنه على التربيزة) : وما تمشى للدكتور يكتبا ليك
- (حاج مختار يضع قطع الضمنه على التربيزه كمن يوقف اللعب) : ده ما الموضوع يا جماعه !!
- (الجميع فى إستغراب) : طيب أها والموضوع شنو؟
- (يقوم حاج مختار بجر كرسيه أإلى الأمام قليلا كمن يود أن يذيع سراً) : أصلو الحكايه انا
مما (حبوب النوم) ديل قطعن منى بقيت ما بجينى نوم إلا مع آذان الصبح
- (الجميع بصوت واحد) : أها وبعدين
- بعدين يا جماعه كل يوم الساعه إتنين بالليل أسمع ليك صوت عربية (تربط) قدام بيت جارنا
الجديد (حاج رمضان) ده !!
- عربيت شنو؟
- (بوكس هايلوكس) ليهو اسبوع يجى الساعه إتنين ويقيف قدام بيت (حاج رمضان) الأجرو ده
ويطلع ليهو (حاج رمضان) ويبدأ يطلع فى (طباقت البيض) والسواق سيد البوكسى (يرص) والله
أكان قلت ليكم كل يوم قاعد يمرق ليهو ميت طبق شويه !! يستف ليك البوكسى ده لى عينو
ويقوم فى النهاية ( سيد البوكسى) يدور ويمشى و(حاج رمضان) يدخل بيتو ويسدو عليهو !!
- ما إحتمال يكون وادينو لى مناسبه وإلا كده
- مناسبت شنو بقول ليك الكلام ده مستمر كل يوم ليهو يجى أسبوعين
- والبيض ده بجيبو من وين عندو مزرعه ؟ وإلا مربى ليهو جداد فى البيت
- جداد شنو؟ وبيت شنو؟ البيض ده (كتير خلاص) ما بيضن بتاع (جداد بيت)
- أها يعنى كل يوم بجيبو من وين؟
- (حاج مختار مخاطبا الشله) : والله يا جماعه ده المحيرنى ذاتو - ثم يلتفت نحو (حاج
سليمان) – كدى بالله يا سليمان لاحظو للحاجه دى !!
إتفقت شلة الضمنة التى تجلس أمام منزل (حاج مختار) على مراقبة (حاج رمضان) لمعرفة سر (أطباق البيض) التى تخرج من المنزل ليلاً وعلى مشارف الصباح وفى ذات الوقت المحدد وعند الساعة الثانية بعد منتصف الليل تماما كان الجميع يواربون أبواب منازلهم وينظرون من فتحات (الشبابيك) إلى (حاج رمضان) وهو يقوم بملئ (ضهرية البوكس) بأطباق البيض !!
- أها شفتو كلامى صاح وإلا ما صاح ؟
قالها (حاج مختار) وهو يقوم بتعديل وضع البنبر ليواجه زميله فى اللعب (أب زيد الحلاق) بينما تتوسطهما (تربيزة الضمنه)
- والله فعلا الكلام القلتو طلع صاح أنا أمبارح ساهرت لمن البوكسى جا
- أنا ذاتى شفت المنظر ده أمبارح (قالها الطاهر) جار (حاج رمضان) من الناحية الأخرى
- (الطاهر مواصلاً) : شوفو أنا بعد شوية ح أجيب ليكم خبر القصة دى
- أعمل حسابك الزول ده ما قاعد يتكلم ليهو مع زول مما جاء سكن فى الحى ده
- لا أنا عندى ليهو خطه بت لذينا
- خطت شنو؟
- أنا ح أمشى أعمل ليهو إنى عاوز ليا (طبق بيض) وفتشت الدكاكين كلها ما لقيت !!
قام (الطاهر) فورا من مقعده متجها نحو (باب) حاج رمضان وبعد طرقات بسيطه فتح الباب بينما كان أفراد (الشله) ينظرون بطرف أعينهم لما يحدث .. لم يطل إنتظارهم حتى خرج (الطاهر) من منزل (حاج رمضان) متجها نحوهم وهو خالى الوفاض لا يحمل فلى يده شيئا بينما كان الجميع فى إنتظاره لمعرفة ما أسفرت عنه زيارته لحاج رمضان
- أها حصل شنو؟
- (وهو يجلس على البنبر من جديد) : والله الراجل رحب بيا وقعدنى فى الصالون بتاعو .. قلت ليهو أنا مستعجل وعاوز ليا (طبق طبقين بيض ) لأنى ما لقيت فى الدكاكين .. قام قال ليا (لكن أنا ما عندى جداد) قمت سكتا وما قدرت أقول ليهو (البيض القاعد تطلعو بالليل ده شنو؟)
لما كان (الطاهر) يقص ما حدث كان (أزهرى) والذى يعمل سائقا بأحد الجهات (الأمنية) قد إنضم (للشلة) فى الفترة التى ذهب فيها (الطاهر لزيارة حاج رمضان) وعرف بموضوع (أطباق البيض)
- أنا الموضوع ده ح أجيب ليكم خبرو بس إنتو روقو شويه !
قالها (ازهرى) فى نبرة (رجل الأمن الواثق من نفسه) ... لم يضع (أزهرى) أى وقت ففى صبيحه اليوم التالى قام بإخطار الشخص المسئول أمنيا عن المنطقة التى يسكنها (حاج رمضان) بأمر (البيض) وفى سرعه تم تكوين تيم لمراقبة المنزل حيث جاء التقرير بعد ثلاثة أيام يفيد بأن هنالك كميات من (البيض) الموضوع على (أطباق) تخرج فى تمام الساعة الثانية من بعد منتصف اللبل كل يوم من منزل المدعو (حاج رمضان) كما إنه قد إتضح من خلال و-(المراقبه والتنصت) بأن المنزل لا يحتوى على أى نوع من أنواع (الطيور) أو الحيوانات .
ليله القبض على رمضان :أ
قلقت تلك الظاهرة الغريبة مضجع المسئول الأمنى الذى أقسم على نفسه أن يقوم بإماطة اللثام عنها فى أقرب فرصةوصمم على أن يقوم بإستدعاء (حاج رمضان) والتحقيق معه حيث تم عمل (كمين محكم) إلقى فيه القبض عليه بينما كان يقوم بتحميل البوكس بأطباق البيض حيث تم التحفظ على (كمية البيض) المقبوض وإنزالها فى القسم (كمعروضات ) إضافة (لعربه البوكس) التى تم الإفراج عنها وعن صاحبها بعد أن تم أخذ عنوانه كاملاً :
- البيض ده فواتيرو وين يا حاج؟
- فواتير شنو كمان هو فى بيض بعملو ليهو فواتير
- نحنا راقبناك لقيناك كل يوم قاعد تطلع ليك 500 بيضه من بيتك – إنت ساعى ليكا جداد فى
البيت؟
- لا
- عندك مزرعه ؟
- لا
- طيب بتجيبو من وين ؟
- قاعدين يدونى ليهو هدية؟
- منو القاعد يديك ليهو هدية؟
- جماعه كده !!
- شووووف يا حاج الكلام بتاع الألغاز ده هنا ما بنفع خليك واضح وجاوب على الأسئله دى عشان ما
نغلط معاك
- إنتو كمان بتغلطو مع الزول فى (حقو)؟
- بلاش (لماضه) معاك وجاوب
- أها أقول ليكم حاجه وكت جابت ليها (كلام فاضى) أنا ما ح أتكلم وعاوز محامى !!!
الخبر فى الصحف :
قام (الحاج رمضان) بالإتصال بإبن شقيقه التاجر بسوق (ليبيا) والذى قام بتوكيل محامى للدفاع عن عمه (الحاج رمضان) والذى كان يجهل تماما حتى تلك اللحظة التهمة التى بموجبها تم القبض عليه ، فى اليوم التالى كان الأستاذ (حسن عطرون المحامى) قد تقدم بعريضة للإطلاع على محضر البلاغ وقد تم له ذلك علاوة على سماح السلطات له بمقابلة موكله (الحاج رمضان) وقد أكد الأستاذ (حسن عطرون) للحاج رمضان أن إعتقاله بهذه الصورة ومكوثه طوال هذه الفترة رهن الإعتقال يعد إنتهاكا للدستور وأنه – أى الأستاذ عطرون- لن يسكت على هذا الأمر وسوف يقوم بتصعيده إلى أعلى المستويات حتى وإن أدى ذلك إلى مخاطبة (المحكمة الدستوريه) .
بعد أسبوع من إلقاء القبض على (حاج رمضان) تناقلت بعض الصحف خبر إعتقاله والذى قام بتسريبه الأستاذ (عطرون) المحامى وقد جاء فى الخبر :
تم القبض على أحد المواطنين بواسطة الأجهزة الأمنية وهو يقوم بتحميل أطباق من البيض من منزله دون أوراق صحية بصورة مشيوهه وقد تم إرسال عينات من (البيض) إلى الجهات المختصة لفحصه والتـاكد من صلاحيته للإستهلاك الآدمى وقد أوردت ذات الصحف أن المواطن (حاج رمضان) لا يزال قيد الإعتقال .
لم تمض أيام قلائل حتى سارعت (منظمات المجتمع المدنى) و(حقوق الإنسان) بالمطالبه بإطلاق سراح المواطن (الحاج رمضان ) كما أصدرت بعض التنظيمات والأحزاب السياسية بيانات تدعو فيها الحكومة بإطلاق سراح (الحاج رمضان) أو تقديمه لمحاكمة عادلة وذلك بحجة أن إعتقالة طوال هذه الفترة التى تجاوزت الأسبوع دون تقديمه لمحاكمة يعد إنتهاكا لدستور البلاد. وقد أفرد كتاب بعض الصحف اليوميه عددا من الأعمده للمطالبه بإطلاق سراح (حاج رمضان) مشيرين كعادتهم إلى أن ذلك يتعارض تعارضا واضحا مع (دستور البلاد) كما زاد البعض إلى تحميل الطرف الثانى (الشريك فى الحكم) مسئولية السكوت عن مثل هذه الإنتهاكات حتى أن أحد كتاب الاعمده قد وضح ذلك ضاربا مثلا قديما يقول (جبناك يا أب زيد تعين لقيناك عاوز تتعان) !!
كعادة بعض الكتاب الموالين جاء الحديث عن خبر إعتقال (الحاج رمضان) رصينا هادئا ناظراً للمسالة من زاوية (الحفاظ على الأمن ) ففى عموده الشهير تناول الكاتب الذى لا يفتأ يعدد حسنات (الحكومة) بأن مثل هذه الإعتقالات إنما توضح أن عين الأمن ساهرة وأن الايام ستثبت بأن (بيض الحاج رمضان) لابد وأن يكون له صله بالإنفجارات التى تمت مؤخراً فى (بوركينا فاسو) والحاوله الإنقلابية التى شهدتها (جزر القمر) ولم ينس الكاتب كعادته إالصاق التهمة بإحدى الدول التى قال عنها بإنها تسعى لتقويض النظام وزعزعة الأمن .
شمارات فى الحى :
بعد أن أوردت الصحف خبر إعتقال الحاج رمضان إنتشر الخبر فى الحى الذى يسكنه ولم يكن مصدر الإنتشار هو فقط ورود الخبر فى الصحف إذ أن شله الضمنة بقيادة (حاج مختار) و(عم سليمان) قد ساهموا أيضا فى نشر الخبر بل أنهم كانو يرددون فى مناسبة وبلا مناسبة أن الفضل يرجع إليهم فى القبض على (حاج رمضان) بفضل حسهم الأمنى العالى حيث يؤكد (حاج مختار) بان المسالة ما مسالة (بيض) وأن حاج رمضان ضالع فى احدى الأنشطه المشبوهه لإحدى الجهات السياسية المعروفه لمعارضتها الحكومة كما يؤكد (حاج أبوزيد) بانه قد عثر فى أحد الأيام على (بيضه) ملقية أمام (باب شارع) حاج رمضان – ربما سقطت من البوكس إثناء عملية التحميل- وقد ختم على تلك البيضه بشعار (جمهورية البطريق) والتى تعد من الدول المختلفة سياسيا مع (الحكومة) .
- والله ووالله أنا حاج رمضان ده مما سكن قدامنا هنا قلت ليهم الزول ده إلا يكون جاسوس ؟
قالتها (حاجه سعديه) وهى تقف أمام (جزارة فوزى) تنتظر دورها لشراء اللحم رداً على سؤال
(زينب بت الحاج) التى ردت قائله وهى تضع (اللحم فوق الكيس) :
- وصحى مسكوهو ناس (البوليس)؟
هنا تطوعت (الشفه) زوجه (حاج سليمان) قائلة :
- والله ووالله وما طالباتنى حليفه شوف عينى (المنشورات) دى شالوها بالكراتين !!
- (حاجه سعاد فى إستغراب): يعنى طلع ما جاسوس ؟
- شن عرفنى (جاسوس) وإلا (معارض)؟
- هو يعنى يا الشفه باختى الزول المعارض والجاسوس ما واحد ؟
- برى بلاى ياختى جنس الكلام ده قالو بيودى فى (داهيه) أنا شن عرفنى بالكلام الكبار كبار
ده !!
- (هنا تتطوع سكينه الدايه) : والله وبالله جاركم (حاج رمضان) ده الكلام السمعتو قالو إنو
(جاسوس)
- وكيفن عرفتى الكلام ده يا (سكينه) ؟
- هو الكلام ده يا (حاجه سعاد) عاوز ليهو عرفه؟ الزول ده مما يمشى يجيب جرايدو ويدخل بيتو
تانى ما بيطلع .. وكمان فى الشارع ده لا بيتكلم مع زول لا بيسلم على زول لا بمشى ليهو
مناسبه بس ماسك خشمو عندو ما ياهو يكون (جاسوس) – ثم تلتفت إلى (نفيسه) متحدثه فى صيغة
توكيد - :
- أها دى ما عما يل ناس جواسيس !!
تفاوتت مشاعر أهل الحى فى مسألة إعتقال (حاج رمضان) فبينما رأى عدد كبير منهم أن الحاج ( يستاهل اللى جرالو) ويستحق الحصل ليهو لغموضه وعدم وضوحه وإنطوائيته وأن عليه إثبات الجهه التى تموله بهذا (البيض) غير أن غالبية أهل الحى – خاصة شلة الضمنة التى قادها حب الإستطلاع لما حدث- كانت وكأنها تستشعر الذنب فها هو (حاج مختار) يتساءل وهو يقوم بإحضار (جردل الماء البارد) من داخل المنزل مخاطبا أفراد الشله التى تجمع عدد منهم :
- الزول ده ما فكوهو؟
- والله يا (حاج مختار) يا خوى الظاهر ما فكوهو عشان بيتو لسه مقفول !
- قالها (أبوزيد) وهو يقوم بغمس (كوز الماء) داخل (الجردل) فيما يتداخل (عم سليمان) وهو
ينفض يديه من بقابا (السفه) التى وضعها على فمه :
- والله يا أب زيد أنا ما كنت قايل حكايت الزول دى معقده كدة !!
فى هذه الأثناء يحضر (أزهرى) وما يراه الجميع حتى يوجهون أنظارهم عليه فبحكم وجوده كسائق فى تلك الجهه الأمنيه وبصفته من أدلى بتلك المعلومات التى ادت للقبض على (حاج رمضان) فالجميع يعتقد بأنه يعلم أكثر من غيره بتطور القضيه :
- الزول ده ما فكوهو يا أزهرى؟
- إنتو فى فكوهو والله الزول ده حكايتو إتعقدت بالحيل
- كيفن !!
- مش (كميت البيض) القببضوها منو فى القسم (إختفت) ؟
- كيفن الكلام ده ؟ إختفت كيف؟
- مش هى وبس كمان (البيض ) الودوهو عشان يفحصوهو ذاتو إختفى!!
- عادى يكون عندو ناس عايزين (يتكتكو) ليهو الموضوع ويخلو (المعروضات) تختفى !!
- يتكتكو شنو؟ المعروضات دى كانت محروسه حراسه مشدده حسب التعليمات
- يكون (الأمريكان) داخلين فى الموضوع ده ؟
- أمريكان شنو هو الأمريكان فاضيين لينا؟
- أها وطيب البيض ده يكون إختفلى كيف يعنى ؟
أختفاء (البيض الفضل) :
لم يكن يعلمم أفراد شلة الضمنه وهم يناقشون موضوع ( إختفاء البيض) بالأمس المفاجأة التى سوف تفجرها لهم الصحف فى اليوم التالى فها هى أحدى الصحف الإجتماعية ذائعه الصيت تحمل مانشيتا عريضا يقول : (بلاغات إختفاء بيض فى ظروف غامضة) وتورد بعض محاضر البلاغات :
بلاغ (1) :
عبده صالح عمر
27 سنه
سائق ركشه
السكن الفتيحاب مربع 6
الأقوال :
والله يا جنابو الليله الصباح ذى الساعه حداشر كده كنت شايل ليا مشوار من (المورده) وديتو (السوق) قمت حسيت إنى جعان قلت أمشى مطعم (الطيبات) القدام (السينما) ده .. مشيت قعدت وطلبت ليا واحد (كبده) وإتنين (بيض بالطوه) قام (الجرسون) جاب ليا الطلبات .. بس مشيت أغسل ايدى جيت لقيت الصحن بتاع البيض (فاضى)عاينت يمين شمال قلت يكون واحد من الأولاد (الشماسه) البدخلو المطاعم ديل يكون ختفو لكن لقيت مافى زول قاعد قدام التربيزة الأنا قاعد فيها !! بعد شويه لقيت ليك كم زول تانى حصلت ليهم نفس الحاجه طلبو( بيض ) وقبل ما ياكلوهو لقوهو إختفى .... ودى كل أقوالى !!
بلاغ (2)
فوزيه على محمد
مديرة روضه
ا
صحيفة الراى العام
عدد الجمعه الموافق 3 أغسطس 2007م
موقع الكاتب www.alfatihgabra.com
تحت شجرة النيم الوارفه ذات الظل الممتد التى تقع أمام منزل (حاج مختار) إنعقد المجلس اليومى لشلة (الضمنه) والذى يضم اللاعبين الاساسيين (حاج سليمان النجار) والذى يقع منزلة ملاصقاً لمنزل (حاج مختار) من الجهه اليمنى و(أبو زيد الحلاق) وهو الجار الملاصق لحاج مختار من اليسار و(عم سيدأحمد) المعلم بالمعاش والذى يواجه منزله منزل (حاج مختار) ... على الرغم من أن (حاج مختار) كان يدعى انه (أحرف) من لعب (الضمنه) غير أنه فى ذلك اليوم كان كثير الأخطاء مما جعل زميله فى اللعب (أبوزيد الحلاق) يهاجمه بعد أن مات (الدش) فى يده قائلاً :
- والله (يا حاج مختار) على بالحرام إنت خرفت وبقيت ما بتركز !!
- أركز كيفن عاد وأنا الليل كلو ما نايم !!
- (أب زيد فى تريقه) : بتحب وإلا شنو؟
- احب شنو والله يا جماعه أنا ليا كم يوم (حبوب النوم) القاعد أخدن ديل قطعوا منى
و...
- (حاج سليمان مقاطعاً وهو يقوم بإمساك قطع الضمنه بكلتا يديه) : وما تمشى تشتريهن من
لأجزخانه؟
- (حبوب النوم دى يا (حاج سايمان) ناس الجزخانه ما بصرفوهن لى بدون روشته من الدكتور
- (أستاذ سيد أحمد وهو يضرب بقطعه الضمنه على التربيزة) : وما تمشى للدكتور يكتبا ليك
- (حاج مختار يضع قطع الضمنه على التربيزه كمن يوقف اللعب) : ده ما الموضوع يا جماعه !!
- (الجميع فى إستغراب) : طيب أها والموضوع شنو؟
- (يقوم حاج مختار بجر كرسيه أإلى الأمام قليلا كمن يود أن يذيع سراً) : أصلو الحكايه انا
مما (حبوب النوم) ديل قطعن منى بقيت ما بجينى نوم إلا مع آذان الصبح
- (الجميع بصوت واحد) : أها وبعدين
- بعدين يا جماعه كل يوم الساعه إتنين بالليل أسمع ليك صوت عربية (تربط) قدام بيت جارنا
الجديد (حاج رمضان) ده !!
- عربيت شنو؟
- (بوكس هايلوكس) ليهو اسبوع يجى الساعه إتنين ويقيف قدام بيت (حاج رمضان) الأجرو ده
ويطلع ليهو (حاج رمضان) ويبدأ يطلع فى (طباقت البيض) والسواق سيد البوكسى (يرص) والله
أكان قلت ليكم كل يوم قاعد يمرق ليهو ميت طبق شويه !! يستف ليك البوكسى ده لى عينو
ويقوم فى النهاية ( سيد البوكسى) يدور ويمشى و(حاج رمضان) يدخل بيتو ويسدو عليهو !!
- ما إحتمال يكون وادينو لى مناسبه وإلا كده
- مناسبت شنو بقول ليك الكلام ده مستمر كل يوم ليهو يجى أسبوعين
- والبيض ده بجيبو من وين عندو مزرعه ؟ وإلا مربى ليهو جداد فى البيت
- جداد شنو؟ وبيت شنو؟ البيض ده (كتير خلاص) ما بيضن بتاع (جداد بيت)
- أها يعنى كل يوم بجيبو من وين؟
- (حاج مختار مخاطبا الشله) : والله يا جماعه ده المحيرنى ذاتو - ثم يلتفت نحو (حاج
سليمان) – كدى بالله يا سليمان لاحظو للحاجه دى !!
إتفقت شلة الضمنة التى تجلس أمام منزل (حاج مختار) على مراقبة (حاج رمضان) لمعرفة سر (أطباق البيض) التى تخرج من المنزل ليلاً وعلى مشارف الصباح وفى ذات الوقت المحدد وعند الساعة الثانية بعد منتصف الليل تماما كان الجميع يواربون أبواب منازلهم وينظرون من فتحات (الشبابيك) إلى (حاج رمضان) وهو يقوم بملئ (ضهرية البوكس) بأطباق البيض !!
- أها شفتو كلامى صاح وإلا ما صاح ؟
قالها (حاج مختار) وهو يقوم بتعديل وضع البنبر ليواجه زميله فى اللعب (أب زيد الحلاق) بينما تتوسطهما (تربيزة الضمنه)
- والله فعلا الكلام القلتو طلع صاح أنا أمبارح ساهرت لمن البوكسى جا
- أنا ذاتى شفت المنظر ده أمبارح (قالها الطاهر) جار (حاج رمضان) من الناحية الأخرى
- (الطاهر مواصلاً) : شوفو أنا بعد شوية ح أجيب ليكم خبر القصة دى
- أعمل حسابك الزول ده ما قاعد يتكلم ليهو مع زول مما جاء سكن فى الحى ده
- لا أنا عندى ليهو خطه بت لذينا
- خطت شنو؟
- أنا ح أمشى أعمل ليهو إنى عاوز ليا (طبق بيض) وفتشت الدكاكين كلها ما لقيت !!
قام (الطاهر) فورا من مقعده متجها نحو (باب) حاج رمضان وبعد طرقات بسيطه فتح الباب بينما كان أفراد (الشله) ينظرون بطرف أعينهم لما يحدث .. لم يطل إنتظارهم حتى خرج (الطاهر) من منزل (حاج رمضان) متجها نحوهم وهو خالى الوفاض لا يحمل فلى يده شيئا بينما كان الجميع فى إنتظاره لمعرفة ما أسفرت عنه زيارته لحاج رمضان
- أها حصل شنو؟
- (وهو يجلس على البنبر من جديد) : والله الراجل رحب بيا وقعدنى فى الصالون بتاعو .. قلت ليهو أنا مستعجل وعاوز ليا (طبق طبقين بيض ) لأنى ما لقيت فى الدكاكين .. قام قال ليا (لكن أنا ما عندى جداد) قمت سكتا وما قدرت أقول ليهو (البيض القاعد تطلعو بالليل ده شنو؟)
لما كان (الطاهر) يقص ما حدث كان (أزهرى) والذى يعمل سائقا بأحد الجهات (الأمنية) قد إنضم (للشلة) فى الفترة التى ذهب فيها (الطاهر لزيارة حاج رمضان) وعرف بموضوع (أطباق البيض)
- أنا الموضوع ده ح أجيب ليكم خبرو بس إنتو روقو شويه !
قالها (ازهرى) فى نبرة (رجل الأمن الواثق من نفسه) ... لم يضع (أزهرى) أى وقت ففى صبيحه اليوم التالى قام بإخطار الشخص المسئول أمنيا عن المنطقة التى يسكنها (حاج رمضان) بأمر (البيض) وفى سرعه تم تكوين تيم لمراقبة المنزل حيث جاء التقرير بعد ثلاثة أيام يفيد بأن هنالك كميات من (البيض) الموضوع على (أطباق) تخرج فى تمام الساعة الثانية من بعد منتصف اللبل كل يوم من منزل المدعو (حاج رمضان) كما إنه قد إتضح من خلال و-(المراقبه والتنصت) بأن المنزل لا يحتوى على أى نوع من أنواع (الطيور) أو الحيوانات .
ليله القبض على رمضان :أ
قلقت تلك الظاهرة الغريبة مضجع المسئول الأمنى الذى أقسم على نفسه أن يقوم بإماطة اللثام عنها فى أقرب فرصةوصمم على أن يقوم بإستدعاء (حاج رمضان) والتحقيق معه حيث تم عمل (كمين محكم) إلقى فيه القبض عليه بينما كان يقوم بتحميل البوكس بأطباق البيض حيث تم التحفظ على (كمية البيض) المقبوض وإنزالها فى القسم (كمعروضات ) إضافة (لعربه البوكس) التى تم الإفراج عنها وعن صاحبها بعد أن تم أخذ عنوانه كاملاً :
- البيض ده فواتيرو وين يا حاج؟
- فواتير شنو كمان هو فى بيض بعملو ليهو فواتير
- نحنا راقبناك لقيناك كل يوم قاعد تطلع ليك 500 بيضه من بيتك – إنت ساعى ليكا جداد فى
البيت؟
- لا
- عندك مزرعه ؟
- لا
- طيب بتجيبو من وين ؟
- قاعدين يدونى ليهو هدية؟
- منو القاعد يديك ليهو هدية؟
- جماعه كده !!
- شووووف يا حاج الكلام بتاع الألغاز ده هنا ما بنفع خليك واضح وجاوب على الأسئله دى عشان ما
نغلط معاك
- إنتو كمان بتغلطو مع الزول فى (حقو)؟
- بلاش (لماضه) معاك وجاوب
- أها أقول ليكم حاجه وكت جابت ليها (كلام فاضى) أنا ما ح أتكلم وعاوز محامى !!!
الخبر فى الصحف :
قام (الحاج رمضان) بالإتصال بإبن شقيقه التاجر بسوق (ليبيا) والذى قام بتوكيل محامى للدفاع عن عمه (الحاج رمضان) والذى كان يجهل تماما حتى تلك اللحظة التهمة التى بموجبها تم القبض عليه ، فى اليوم التالى كان الأستاذ (حسن عطرون المحامى) قد تقدم بعريضة للإطلاع على محضر البلاغ وقد تم له ذلك علاوة على سماح السلطات له بمقابلة موكله (الحاج رمضان) وقد أكد الأستاذ (حسن عطرون) للحاج رمضان أن إعتقاله بهذه الصورة ومكوثه طوال هذه الفترة رهن الإعتقال يعد إنتهاكا للدستور وأنه – أى الأستاذ عطرون- لن يسكت على هذا الأمر وسوف يقوم بتصعيده إلى أعلى المستويات حتى وإن أدى ذلك إلى مخاطبة (المحكمة الدستوريه) .
بعد أسبوع من إلقاء القبض على (حاج رمضان) تناقلت بعض الصحف خبر إعتقاله والذى قام بتسريبه الأستاذ (عطرون) المحامى وقد جاء فى الخبر :
تم القبض على أحد المواطنين بواسطة الأجهزة الأمنية وهو يقوم بتحميل أطباق من البيض من منزله دون أوراق صحية بصورة مشيوهه وقد تم إرسال عينات من (البيض) إلى الجهات المختصة لفحصه والتـاكد من صلاحيته للإستهلاك الآدمى وقد أوردت ذات الصحف أن المواطن (حاج رمضان) لا يزال قيد الإعتقال .
لم تمض أيام قلائل حتى سارعت (منظمات المجتمع المدنى) و(حقوق الإنسان) بالمطالبه بإطلاق سراح المواطن (الحاج رمضان ) كما أصدرت بعض التنظيمات والأحزاب السياسية بيانات تدعو فيها الحكومة بإطلاق سراح (الحاج رمضان) أو تقديمه لمحاكمة عادلة وذلك بحجة أن إعتقالة طوال هذه الفترة التى تجاوزت الأسبوع دون تقديمه لمحاكمة يعد إنتهاكا لدستور البلاد. وقد أفرد كتاب بعض الصحف اليوميه عددا من الأعمده للمطالبه بإطلاق سراح (حاج رمضان) مشيرين كعادتهم إلى أن ذلك يتعارض تعارضا واضحا مع (دستور البلاد) كما زاد البعض إلى تحميل الطرف الثانى (الشريك فى الحكم) مسئولية السكوت عن مثل هذه الإنتهاكات حتى أن أحد كتاب الاعمده قد وضح ذلك ضاربا مثلا قديما يقول (جبناك يا أب زيد تعين لقيناك عاوز تتعان) !!
كعادة بعض الكتاب الموالين جاء الحديث عن خبر إعتقال (الحاج رمضان) رصينا هادئا ناظراً للمسالة من زاوية (الحفاظ على الأمن ) ففى عموده الشهير تناول الكاتب الذى لا يفتأ يعدد حسنات (الحكومة) بأن مثل هذه الإعتقالات إنما توضح أن عين الأمن ساهرة وأن الايام ستثبت بأن (بيض الحاج رمضان) لابد وأن يكون له صله بالإنفجارات التى تمت مؤخراً فى (بوركينا فاسو) والحاوله الإنقلابية التى شهدتها (جزر القمر) ولم ينس الكاتب كعادته إالصاق التهمة بإحدى الدول التى قال عنها بإنها تسعى لتقويض النظام وزعزعة الأمن .
شمارات فى الحى :
بعد أن أوردت الصحف خبر إعتقال الحاج رمضان إنتشر الخبر فى الحى الذى يسكنه ولم يكن مصدر الإنتشار هو فقط ورود الخبر فى الصحف إذ أن شله الضمنة بقيادة (حاج مختار) و(عم سليمان) قد ساهموا أيضا فى نشر الخبر بل أنهم كانو يرددون فى مناسبة وبلا مناسبة أن الفضل يرجع إليهم فى القبض على (حاج رمضان) بفضل حسهم الأمنى العالى حيث يؤكد (حاج مختار) بان المسالة ما مسالة (بيض) وأن حاج رمضان ضالع فى احدى الأنشطه المشبوهه لإحدى الجهات السياسية المعروفه لمعارضتها الحكومة كما يؤكد (حاج أبوزيد) بانه قد عثر فى أحد الأيام على (بيضه) ملقية أمام (باب شارع) حاج رمضان – ربما سقطت من البوكس إثناء عملية التحميل- وقد ختم على تلك البيضه بشعار (جمهورية البطريق) والتى تعد من الدول المختلفة سياسيا مع (الحكومة) .
- والله ووالله أنا حاج رمضان ده مما سكن قدامنا هنا قلت ليهم الزول ده إلا يكون جاسوس ؟
قالتها (حاجه سعديه) وهى تقف أمام (جزارة فوزى) تنتظر دورها لشراء اللحم رداً على سؤال
(زينب بت الحاج) التى ردت قائله وهى تضع (اللحم فوق الكيس) :
- وصحى مسكوهو ناس (البوليس)؟
هنا تطوعت (الشفه) زوجه (حاج سليمان) قائلة :
- والله ووالله وما طالباتنى حليفه شوف عينى (المنشورات) دى شالوها بالكراتين !!
- (حاجه سعاد فى إستغراب): يعنى طلع ما جاسوس ؟
- شن عرفنى (جاسوس) وإلا (معارض)؟
- هو يعنى يا الشفه باختى الزول المعارض والجاسوس ما واحد ؟
- برى بلاى ياختى جنس الكلام ده قالو بيودى فى (داهيه) أنا شن عرفنى بالكلام الكبار كبار
ده !!
- (هنا تتطوع سكينه الدايه) : والله وبالله جاركم (حاج رمضان) ده الكلام السمعتو قالو إنو
(جاسوس)
- وكيفن عرفتى الكلام ده يا (سكينه) ؟
- هو الكلام ده يا (حاجه سعاد) عاوز ليهو عرفه؟ الزول ده مما يمشى يجيب جرايدو ويدخل بيتو
تانى ما بيطلع .. وكمان فى الشارع ده لا بيتكلم مع زول لا بيسلم على زول لا بمشى ليهو
مناسبه بس ماسك خشمو عندو ما ياهو يكون (جاسوس) – ثم تلتفت إلى (نفيسه) متحدثه فى صيغة
توكيد - :
- أها دى ما عما يل ناس جواسيس !!
تفاوتت مشاعر أهل الحى فى مسألة إعتقال (حاج رمضان) فبينما رأى عدد كبير منهم أن الحاج ( يستاهل اللى جرالو) ويستحق الحصل ليهو لغموضه وعدم وضوحه وإنطوائيته وأن عليه إثبات الجهه التى تموله بهذا (البيض) غير أن غالبية أهل الحى – خاصة شلة الضمنة التى قادها حب الإستطلاع لما حدث- كانت وكأنها تستشعر الذنب فها هو (حاج مختار) يتساءل وهو يقوم بإحضار (جردل الماء البارد) من داخل المنزل مخاطبا أفراد الشله التى تجمع عدد منهم :
- الزول ده ما فكوهو؟
- والله يا (حاج مختار) يا خوى الظاهر ما فكوهو عشان بيتو لسه مقفول !
- قالها (أبوزيد) وهو يقوم بغمس (كوز الماء) داخل (الجردل) فيما يتداخل (عم سليمان) وهو
ينفض يديه من بقابا (السفه) التى وضعها على فمه :
- والله يا أب زيد أنا ما كنت قايل حكايت الزول دى معقده كدة !!
فى هذه الأثناء يحضر (أزهرى) وما يراه الجميع حتى يوجهون أنظارهم عليه فبحكم وجوده كسائق فى تلك الجهه الأمنيه وبصفته من أدلى بتلك المعلومات التى ادت للقبض على (حاج رمضان) فالجميع يعتقد بأنه يعلم أكثر من غيره بتطور القضيه :
- الزول ده ما فكوهو يا أزهرى؟
- إنتو فى فكوهو والله الزول ده حكايتو إتعقدت بالحيل
- كيفن !!
- مش (كميت البيض) القببضوها منو فى القسم (إختفت) ؟
- كيفن الكلام ده ؟ إختفت كيف؟
- مش هى وبس كمان (البيض ) الودوهو عشان يفحصوهو ذاتو إختفى!!
- عادى يكون عندو ناس عايزين (يتكتكو) ليهو الموضوع ويخلو (المعروضات) تختفى !!
- يتكتكو شنو؟ المعروضات دى كانت محروسه حراسه مشدده حسب التعليمات
- يكون (الأمريكان) داخلين فى الموضوع ده ؟
- أمريكان شنو هو الأمريكان فاضيين لينا؟
- أها وطيب البيض ده يكون إختفلى كيف يعنى ؟
أختفاء (البيض الفضل) :
لم يكن يعلمم أفراد شلة الضمنه وهم يناقشون موضوع ( إختفاء البيض) بالأمس المفاجأة التى سوف تفجرها لهم الصحف فى اليوم التالى فها هى أحدى الصحف الإجتماعية ذائعه الصيت تحمل مانشيتا عريضا يقول : (بلاغات إختفاء بيض فى ظروف غامضة) وتورد بعض محاضر البلاغات :
بلاغ (1) :
عبده صالح عمر
27 سنه
سائق ركشه
السكن الفتيحاب مربع 6
الأقوال :
والله يا جنابو الليله الصباح ذى الساعه حداشر كده كنت شايل ليا مشوار من (المورده) وديتو (السوق) قمت حسيت إنى جعان قلت أمشى مطعم (الطيبات) القدام (السينما) ده .. مشيت قعدت وطلبت ليا واحد (كبده) وإتنين (بيض بالطوه) قام (الجرسون) جاب ليا الطلبات .. بس مشيت أغسل ايدى جيت لقيت الصحن بتاع البيض (فاضى)عاينت يمين شمال قلت يكون واحد من الأولاد (الشماسه) البدخلو المطاعم ديل يكون ختفو لكن لقيت مافى زول قاعد قدام التربيزة الأنا قاعد فيها !! بعد شويه لقيت ليك كم زول تانى حصلت ليهم نفس الحاجه طلبو( بيض ) وقبل ما ياكلوهو لقوهو إختفى .... ودى كل أقوالى !!
بلاغ (2)
فوزيه على محمد
مديرة روضه
ا
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
البقية : لعدم كفاية الادلةة
لمورده شارع الفيل
والله يا سعادت الضابط دى حاجه غريبه وكده .. الأطفال ديل أهلهم قاعدين يحشو ليهم (سندوتشات) من بيوتهم .. الليله لمن جات حصة الفطور هيثم ونشوى ورانيه وعلا ديل قعدو يبكوا قمت سالتهم مالكم قامو قالو ليا سندوتشاتنا لقيناها مافى ... أنا أول حاجه إفتكرت إنو فى أطفال شالوها منهم قمت فتشت الأولاد كلهم أها يا سعاده الضابط سالت كل واحد فيهم إنت ماما حشت ليك سندوتش شنو كلهم قالو (بيض) عرفت طوالى (الحكايه فيها إن) عشان أنا أمبارح قريت فى الجرايد عن (بيض عم رمضان) الإختفى ده وقلت إحتمال يكون فى علاقه بين الإتنين ... ودى أقوالى العاوزة أقولا !!
بلاغ (3)
عادل جلال أخمد
55 سنة
صاحب كافتيريا النورس
المهندسين أم درمان
يا سعادتك أنا من كم يوم جانى زول قال ليا عندى (بيض فريش) وحاجه تمام قلت ليهو بتدينا (الطبق) بى كم قام قال ليا بديكم ليهو بى(عشرة ألف) والطبق قاعدين نحنا نشتريهو بى (إتناشر الف) وكمان (بيض تعبان) ما ذى البيض الورانى ليهو الزول ده أها قمت قلت ليهو نزل ليا (خمسين طبق) قام نزلهم ليا من البوكس بتاعو وختاهم ليا قدام باب الكافتيريا بعد ما سلمتو القروش ... أها بس دخلت أكلم العمال يجو يدخلوهو قمت لقيت أترو مافى !! لكن المجننى إنو المسافة الدخلت أنادى فيها العمال دى بس (ثوانى) وما ممكن تسمح للزول ده أو أى مخلوق إنو يشيل كمية البيض دى
أها هسع لمن قريت فى الجرائد عن موضوع إختفاء (بيض حاج رمضان) قلت أجى أفتح البلاغ ده ... ليس لدى أى أقوال اخرى !!
لم تكن هذه البلاغات التى إستقبلتها الاقسام المختلفه هى الحالات الوحيده النى تم فيها إختفاء للبيض فقد تداول الناس قصصا عن حالات عده لإختفاء (البيض) من داخل الثلاجات فى المنازل وأرفف المطابخ كما سرت شائعات عديده بان هنالك من شاهد البيض وهو (يسير) بل أن أحدهم أجزم بانه رأى بيضه وهى تهتز طربا وهى تستمع لإحدى الأغانى الهابطه قبل ان تختفى بين يديه وهو يحاول إعدادها لطعام الإفطار.... وصارت مساله (البيض) وحكاوى (البيض) هى شغل المدينة الشاغل !! مما حدا بالمغنيه (حنان مس كول) أن تقوم ( بنجر) أغنيه لتوثيق الظاهرة يقول مطلعها :
بيض رمضان
آآى آآى
خاتنو فى الدكان
آآى آآى
طش ليهو زمان
آآى آآى
أكلو الحبان
آآى آآى
وإلا شالو الجان
آآى آآى
فى ظل إحجام (المواطنين) عن شراء البيض خوفا من ظاهرة الإختفاء فقد سارعت شركات بيع منتجات الدواجن بنشر إعلانات مدفوعة القيمة بالصحف اليومية يقول احدها (أوع يغشوك ... بيض رمضان ما عندو أمان) .. كما جاء فى إعلان آخر لأحدى الشركات (بيضنا ضمان عامين .. أحذرو البيض الهجين) !!
فك اللغز :
بينما كان الجميع منشغلون كانت هنالك جهه واحده تعمل فى صمت وتأنى تسعى نحو تمليك المواطنين الحقيقه .. تم التحقيق مع عدد كبير ممن لهم صله بالمتهم (الحاج رمضان) كما تم جمع كثير من المعلومات عنه كما تمت إعاده القبض على (صاحب العربه البوكس) التى كانت تقوم بتحميل البيض والذى سبق أن تم الإفراج عنه فى بداية التحقيقات حيث تعرف عليه المبلغين من اصحاب الكافتيريات والمطاعم والبقالات وأفادو بانه ذات الشخص الذى قام ببيعهم كميات البيض (المختفية) وقد قام (صاحب البوكس) بإماطة الثام عن هذه القضيه حيث إعترف بانه قد قام بتسليم (الحاج رمضان) عدد 100 ألف (بيضه) سليمة ليضاعفها له إلى (مليون وميتين) بيضه عن طريق (التنزيل) !!
كسرة :
تمت محاكمة (الحاج رمضان) تحت طائلة طائلة المواد 22/3 من قانون (غسيل البيض) والمادة «7» من قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه وقد أطلق سراحة لكفاية (البيض) وعدم كفاية (الأدله) !!
لمورده شارع الفيل
والله يا سعادت الضابط دى حاجه غريبه وكده .. الأطفال ديل أهلهم قاعدين يحشو ليهم (سندوتشات) من بيوتهم .. الليله لمن جات حصة الفطور هيثم ونشوى ورانيه وعلا ديل قعدو يبكوا قمت سالتهم مالكم قامو قالو ليا سندوتشاتنا لقيناها مافى ... أنا أول حاجه إفتكرت إنو فى أطفال شالوها منهم قمت فتشت الأولاد كلهم أها يا سعاده الضابط سالت كل واحد فيهم إنت ماما حشت ليك سندوتش شنو كلهم قالو (بيض) عرفت طوالى (الحكايه فيها إن) عشان أنا أمبارح قريت فى الجرايد عن (بيض عم رمضان) الإختفى ده وقلت إحتمال يكون فى علاقه بين الإتنين ... ودى أقوالى العاوزة أقولا !!
بلاغ (3)
عادل جلال أخمد
55 سنة
صاحب كافتيريا النورس
المهندسين أم درمان
يا سعادتك أنا من كم يوم جانى زول قال ليا عندى (بيض فريش) وحاجه تمام قلت ليهو بتدينا (الطبق) بى كم قام قال ليا بديكم ليهو بى(عشرة ألف) والطبق قاعدين نحنا نشتريهو بى (إتناشر الف) وكمان (بيض تعبان) ما ذى البيض الورانى ليهو الزول ده أها قمت قلت ليهو نزل ليا (خمسين طبق) قام نزلهم ليا من البوكس بتاعو وختاهم ليا قدام باب الكافتيريا بعد ما سلمتو القروش ... أها بس دخلت أكلم العمال يجو يدخلوهو قمت لقيت أترو مافى !! لكن المجننى إنو المسافة الدخلت أنادى فيها العمال دى بس (ثوانى) وما ممكن تسمح للزول ده أو أى مخلوق إنو يشيل كمية البيض دى
أها هسع لمن قريت فى الجرائد عن موضوع إختفاء (بيض حاج رمضان) قلت أجى أفتح البلاغ ده ... ليس لدى أى أقوال اخرى !!
لم تكن هذه البلاغات التى إستقبلتها الاقسام المختلفه هى الحالات الوحيده النى تم فيها إختفاء للبيض فقد تداول الناس قصصا عن حالات عده لإختفاء (البيض) من داخل الثلاجات فى المنازل وأرفف المطابخ كما سرت شائعات عديده بان هنالك من شاهد البيض وهو (يسير) بل أن أحدهم أجزم بانه رأى بيضه وهى تهتز طربا وهى تستمع لإحدى الأغانى الهابطه قبل ان تختفى بين يديه وهو يحاول إعدادها لطعام الإفطار.... وصارت مساله (البيض) وحكاوى (البيض) هى شغل المدينة الشاغل !! مما حدا بالمغنيه (حنان مس كول) أن تقوم ( بنجر) أغنيه لتوثيق الظاهرة يقول مطلعها :
بيض رمضان
آآى آآى
خاتنو فى الدكان
آآى آآى
طش ليهو زمان
آآى آآى
أكلو الحبان
آآى آآى
وإلا شالو الجان
آآى آآى
فى ظل إحجام (المواطنين) عن شراء البيض خوفا من ظاهرة الإختفاء فقد سارعت شركات بيع منتجات الدواجن بنشر إعلانات مدفوعة القيمة بالصحف اليومية يقول احدها (أوع يغشوك ... بيض رمضان ما عندو أمان) .. كما جاء فى إعلان آخر لأحدى الشركات (بيضنا ضمان عامين .. أحذرو البيض الهجين) !!
فك اللغز :
بينما كان الجميع منشغلون كانت هنالك جهه واحده تعمل فى صمت وتأنى تسعى نحو تمليك المواطنين الحقيقه .. تم التحقيق مع عدد كبير ممن لهم صله بالمتهم (الحاج رمضان) كما تم جمع كثير من المعلومات عنه كما تمت إعاده القبض على (صاحب العربه البوكس) التى كانت تقوم بتحميل البيض والذى سبق أن تم الإفراج عنه فى بداية التحقيقات حيث تعرف عليه المبلغين من اصحاب الكافتيريات والمطاعم والبقالات وأفادو بانه ذات الشخص الذى قام ببيعهم كميات البيض (المختفية) وقد قام (صاحب البوكس) بإماطة الثام عن هذه القضيه حيث إعترف بانه قد قام بتسليم (الحاج رمضان) عدد 100 ألف (بيضه) سليمة ليضاعفها له إلى (مليون وميتين) بيضه عن طريق (التنزيل) !!
كسرة :
تمت محاكمة (الحاج رمضان) تحت طائلة طائلة المواد 22/3 من قانون (غسيل البيض) والمادة «7» من قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه وقد أطلق سراحة لكفاية (البيض) وعدم كفاية (الأدله) !!
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
هذه ثورة التعليم العالى
فى سيناريوهات الجمعة الماضية(دكاترة وكده)!! كنت قد تحدثت عن تدهور (التعليم الطبى) الذى هو ليس بمعزل عن تدهور (التعليم) عموما ... بل والتدهور الذى يشمل كل المرافق والخدمات وقد جاء هذا التحقيق الذى أجرته الصحفية (سلمى معروف) مثالا حياً لما آل إليه الحال :
صحيفى السودانى
العدد رقم: 571 2007-06-20
ضوابط التعليم حبر علي ورق !! حصاد الهشيم .. تزروه الرياح !!
فوضى عارمه ..كم من الجامعات والكليات الخاصة هنا وهناك ..ضوابط يكتنفها الغموض ..لامبالاة في التعامل معها من قبل الجهات المسؤولة عن التعليم بالبلاد ضحية واحدة هي الطالب المغلوب علي أمره والتلاعب بمستقبله الذي يتأرجح بين مطرقة البحث عن وضع أكاديمي مستقر وسندان ملاك الكليات حيث تبدا رحلة البحث عن الربح والخسارة ..كيف يكلل الطالب جهوده بالنجاح في ظل كم العقبات المتمثلة في الأوضاع الأكاديمية المتردية داخل الكليات ناهيك عن إيقافها عن الإستمرارفي الدراسة أصلا..كليات مدرجة ضمن دليل قبول الطلاب بالجامعات.. واقع مختلف جامعات وكليات خاصة تنام علي منازل في أزقة الاحياء السكنية يفقد معظمها مقومات ومؤهلات البيئة الأكاديمية ..تضارب في الحقائق لاغلاق الكليات والإعتصامات المتكررة بين مصالح الجهات المالكة لتلك الكليات ..
*الطلاب بين الاوضاع الاكاديمية السيئة بالكليات والمصير المجهول..
تضحية بالطالب في كل الأحوال الذى (كمل فهمه) للخروج من منعطف الأزمة ..تهديد لمستقبل الطلاب نفسياً ومعنوياً وضرراً مادياً جسيماً ..حقائق غائبة لاأحد يعلم أين الحقيقة ؟؟ونحاول من خلال هذا التحقيق أن نضع ترياقاً لهذا الداء وتوجي سؤال واضح للجهات القائمة علي أمر التعليم بالبلاد هل تلتزم تلك الجهات بمتابعة كل الجامعات والكليات الخاصة التي تمنحها تصديقاً بانشاء مؤسسة جامعية وإن كان الأمر كذلك فما هذا التوتر والشدَ والجذب الذي تشهده بعض الجامعات والكليات الخاصة من إغلاق لأبوابها وإعتصامات متكررة للطلاب أم أن مؤسسات التعليم العالي في طريقها لتفقد قدسيتها في نظر الناس مثلما فُقدت أشياء أَُخرى!؟
فرحة منقوصة !!
(120) من الطلاب الجامعيين وعقب التحاقهم بركب إحدى الكليات الخاصة وهي كلية الشمال للعلوم والتكنولوجيا بمدينة دنقلا أصبحوا يواجهون مصيرا مجهولاً بعد أن أمضوا مايزيد عن العام ونصف العام في الدراسة بالكلية ولكن( يافرحة ماتمت) .
(سماح) الطالبة بكلية الهندسة بكلية الشمال للعلوم والتكنولوجيا بدنقلا كان أملها كبيراً في أن يتحقق حلمها في الحياة بعد التخرج ولكن حطمت كل آمالها بعد أن عجزت الكلية التي أمضت فيها مايقارب العام ونصف العام عن توفير المنهج المتكامل والدراسة المثمرة حيث ذكرت أنها إلتحقت بكلية تفتقر لكل مقومات البيئة الاكاديميه المستقرة فالكلية عبارة عن منزل مستأجر تنقصة الكثير من المؤهلات .وليس من مقرر محدد يدرسه الطلاب حتي االدراسة لم تكن مستمرة بالصورة الموضوعة من قبل أصحاب الكلية باعوا وعودهم الفارغة للطلاب بعد أن تحصلوا من كل طالب ما يتراوح بين(600 ألف جنيه كحد أدني للقبول بقسم المحاسبة ومايربو عن المليون جنيه كحد للقبول بكلية الهندسة)..الكلية التي تشوبها وحسب إجماع الطلاب -الكثير من المساوئ أكثر من الميزات التي تتمتع بها منذ التحاقهم بها .حتي تناول الوجبات الاساسية داخل الكلية يواجه الطلاب صعوبات في الحصول عليها في ظل عدم وجود كافتريا داخل الحرم الجامعي .أما السكن فهو الآخر يمثل قضية لبعض الطالبات والطلاب الذين يقيمون بالداخليات التي تفتقر لابسط مقومات الحياة بها إذ تعاني من عدم وجود مياه متوفرة ولا كهرباء تنير الطريق للحصول علي العلم الذي شاكت سبل الوصول إليه مع العراقيل المتكررة .لسان حال سماح الذي يقول يارب ماذا نفعل ؟؟ والي من نشتكي ليس هو مشتكاها وحدها بل هو حال المئات من زملاء دربها الذين يكابدون المشاق للحصول علي التعليم فى ظل ظروف قاهرة بين أصحاب وملاك الكليات الخاص والجهات المسؤولة عنها والتشريد الذي يطال مستقبل هؤلاء الطلاب والاوضاع النفسية السيئة التي يعايشونها دونما بصيص أمل تلوح بارقته داخل هذا النفق المظلم.
الحلو المر !!
المهندس إيهاب محمد عثمان النور نائب عميد كلية الشمال للعلوم والتكنولوجيا بعد أن تلقى توكيلات شرعية من قبل اخوته الثلاثة بإنشاء كلية جديدة توجه صوب وزارة التعليم العالي لتمنحه إدارة التعليم الأهلي والاجنبي بالوزارة وفي 9 يناير2004 ترخيصا لانشاء الكلية وادرجت بذلك ضمن دليل القبول في العام 2005-2006 بتخصصات ثلاثة هي هندسة الحاسوب وتقنية المعلومات والمحاسبة في نظام الدبلوم لثلاث سنوات وتم القبول في الكلية لمايزد عن 120 طالباً وطالبة في التخصصات الثلاثة وأستمرت الدراسة لما يزيد عن العام الدراسى الي ان جاءت ساعة الصفر.
بيع الوهم ودفع الثمن ..
الطلاب الذين يدرسون بكلية الشمال بعد أن دفعوا (دم قلبهم) للدراسة بالكلية الي أن بدأت ملامح السيناريو المؤلم واضحة من خلال التقرير الذي لعبت فيه إدارة التعليم العالي متمثلة في لجنة تنظيم مؤسسات التعليم العالي الأهلي والأجنبي دور (القاضى والجلاد) فبعد أن أعطت الضوء الأخضر والموافقة النهائية لقيام الكلية حسب المستندات التي توفرت للصحيفة عادت لتسحب الترخيص لتجعل مصير ومستقبل هؤلاء الطلاب في مهب الريح بعد التوقف الذي أسهمت فيه إدارة الكلية مع وزارة التعليم العالي حتي إستمر توقف الطلاب عن الدراسة حتي الان لمايقارب السبعة أشهر بعد أن شكلت لجنة من قبل التعليم الاهلي والاجنبي لدراسة الاوضاع الاكاديمية والادارية والمالية بالكلية بموجب القرار الإدارى رقم (23) وبعضوية بروفسير قسم السيد إبراهيم محمد وبروفسير أبوبكر علي أبجوخ والدكتور عبد العظيم سليمان المهل وجمال محمد عبد الله الحاج الذى أدلي بإفادته للصحيفة قائلا ًوجدت اللجنة أن البرامج الدراسية المنفذة بالكلية مختلفة عن المصدق به أما إدارة الكلية فهي غير مؤهلة إذ لايوجد عميد كفء ومتفرغ لتصريف الاعباء الأكاديمية والادارية والمالية بالكلية كما أنه لايوجد أمين للشؤون العلمية ولايوجد رؤساء أقسام أومنسقو برامج مع عدم وجود مجلس وأمناء فاعلين الي أن قالت اللجنة كلمتها الفصل في تقريرها الممهور بتوقيع نائب المدير العام المقرر للجنة تنظيم مؤسسات التعليم العالي الاهلي والاجنبى أبوبكر علي أبوجوخ الذي قضى بسحب الترخيص الممنوح للكلية لعدم توفر مقومات الكلية من بنيات أساسية وأساتذة وإدارة مؤهلة ووصلت القضية زروتها حينما تضمن التقرير قراراً بتجميد الدراسة بالكلية وتوفيق أوضاع الطلاب المسجلين فيها حالياً بل تعدى الأمر الي أبعد من ذلك بإيقاف القبول بالكلية للعام الدراسي الحالى 2006- 2007 ورغم أن وكيل المؤسسين ونائب العميد بكلية الشمال إيهاب عثمان قدم دفوعاته المستميتة عن شرعية الكلية وإكتمالها من حيث المبني والمعدات والأجهزة والاثاثات والجو الاكاديمى المناسب للطلاب جاءت إتهامات لجنة تنظيم مؤسسات التعليم الأهلي والأجنبى على لسان عضو اللجنة المكلفة بزيارة الكلية والتي أعدت التقرير جمال عبدالله بإتهام إدارة الكلية بإستعارة الأجهزة والمعدات وأضاف أن اللجنة الفنية الثانية التى ذهبت لمعاينة الكلية لم تجد الأشياء التي منحت بموجبها الموافقة النهائية لقيام الكلية.
تواصل مسلسل الإتهامات ..
جمال عثمان عضو اللجنة المكلفة بإعداد تقرير عن كلية الشمال للعلوم والتكنولوجيا واصل مسلسل الاتهامات علي القائمين على أمر الكلية قائلاً(ربما تكون هناك مشكلة جعلت الكلية تتصرف في الأجهزة أو هي مستعارة أصلاً.وشن هجوماً عنيفاً علي عدم تعاونهم مع إدارة التعليم العالي في إعطاء ملفات الطلاب الموجودين بالكلية والبالغ عددهم 102 طالباً وطالبة لتوفيق أوضاعهم وإلحاقهم بالكليات الأخري بمدينة دنقلا .بل أنه صب الزيت علي النار حينما قال (أن 22 طالباً فقط هم من لديهم ارقام جامعية لذلك تصبح مهمة تحويل البقية صعبة) ثم مضي جمال ليقول :حتي المعامل التي تتحدث عنها إدارة كلية الشمال هي عبارة عن 9 أجهزة حاسوب قديمة موضوعه في مقر عبارة عن( دكان) يفتح علي الشارع بينما ورد في تقرير اللجنة الفنية السابقة 18 جهازp3) )كما أنه لايوجد مكان يستغل كمكتبة ومعمل قياسات كهرباء وتوجد(5 ارفف)لايتجاوز عدد الكتب بها الخمسين كتابا ًوبعضها يخص المستوي الثانوي من التعليم العام وهو ما أكد عليه عدد من الطلاب الذين وقفت السودانى على أوضاع الكلية من خلالهم بعد إكتشافهم للخلل داخل الكلية في منتصف العام الثاني حيث تحججت لهم إدارة الكلية بسوء الاوضاع المالية وجاءت إفاداتهم مساندة لماذهب إليه تقرير لجنة التعليم العالي. وتبقى القضية قائمة من قبل الطلاب وعدم إتخاذ الجهات المسؤولة عن ضياع مستقبلهم حتي الآن لقرار بتوفيق أوضاعهم .
ضوابط حبر علي ورق ..
حتي ضوابط إنشاء مؤسسات التعليم العالي التي تتحدث عنها الوزارة وأن وجدت تبدو وفي ظل الغموض واللبس الذي يعتري سير التعليم الجامعي بالبلاد هل تصبح هذه الضوابط حبراً علي ورق رغم أن وزارة التعليم العالي حددت شروطاً لإنشاء أية مؤسسة تعليم أهلي وأجنبى إذ بالضرورة توفر هيئة مؤسسين من( مستثمرين) علي أن يكون هناك مجلس أمناء من أشخاص أكفاء وأن يكون للجامعة رئيس أو مدير وعميد للكلية من حملة الدكتوراة وذوي الخبرة في مجال التعليم العالي وأن يكون أعضاء التدريس متفرغين لأداء المحاضرات في أوقاتها وأن تقدم إدارة الكلية مقترحاً للدراسات التي تنوى تقديمها وتفاصيل المناهج النظرية والعملية ولوائح الإمتحانات.
ومع أن وزارة التعليم العالي إشترطت علي مالك المؤسسة التعليمية إمتلاك منشآت تجعلها مهيأة لأغراض التعليم العالي إلا أن كثيراً من المؤسسات التعليمية بالبلاد للأسف تفتقر لأبسط هذه المؤهلات التي تحافظ علي الإستمرار في بيئة أكاديمية مستقرة.
سؤال واضح يطفو علي السطح مع كل هذا اللغط والجدل بين مؤسسي الجامعات والكليات الخاصة ووزارة التعليم العالي أين هي الإجراءات في إحكام السيطرة علي مؤسسات التعليم العالي الأهلي والأجنبي أم أن منح التصديق للجامعات والكليات الخاصة تجارة سايبة يطرق أبوابها كل من يمتلك فهلوة جمع المال من الطلاب الباحثين عن شهادة جامعية تقيه شر الزمن؟.
فى سيناريوهات الجمعة الماضية(دكاترة وكده)!! كنت قد تحدثت عن تدهور (التعليم الطبى) الذى هو ليس بمعزل عن تدهور (التعليم) عموما ... بل والتدهور الذى يشمل كل المرافق والخدمات وقد جاء هذا التحقيق الذى أجرته الصحفية (سلمى معروف) مثالا حياً لما آل إليه الحال :
صحيفى السودانى
العدد رقم: 571 2007-06-20
ضوابط التعليم حبر علي ورق !! حصاد الهشيم .. تزروه الرياح !!
فوضى عارمه ..كم من الجامعات والكليات الخاصة هنا وهناك ..ضوابط يكتنفها الغموض ..لامبالاة في التعامل معها من قبل الجهات المسؤولة عن التعليم بالبلاد ضحية واحدة هي الطالب المغلوب علي أمره والتلاعب بمستقبله الذي يتأرجح بين مطرقة البحث عن وضع أكاديمي مستقر وسندان ملاك الكليات حيث تبدا رحلة البحث عن الربح والخسارة ..كيف يكلل الطالب جهوده بالنجاح في ظل كم العقبات المتمثلة في الأوضاع الأكاديمية المتردية داخل الكليات ناهيك عن إيقافها عن الإستمرارفي الدراسة أصلا..كليات مدرجة ضمن دليل قبول الطلاب بالجامعات.. واقع مختلف جامعات وكليات خاصة تنام علي منازل في أزقة الاحياء السكنية يفقد معظمها مقومات ومؤهلات البيئة الأكاديمية ..تضارب في الحقائق لاغلاق الكليات والإعتصامات المتكررة بين مصالح الجهات المالكة لتلك الكليات ..
*الطلاب بين الاوضاع الاكاديمية السيئة بالكليات والمصير المجهول..
تضحية بالطالب في كل الأحوال الذى (كمل فهمه) للخروج من منعطف الأزمة ..تهديد لمستقبل الطلاب نفسياً ومعنوياً وضرراً مادياً جسيماً ..حقائق غائبة لاأحد يعلم أين الحقيقة ؟؟ونحاول من خلال هذا التحقيق أن نضع ترياقاً لهذا الداء وتوجي سؤال واضح للجهات القائمة علي أمر التعليم بالبلاد هل تلتزم تلك الجهات بمتابعة كل الجامعات والكليات الخاصة التي تمنحها تصديقاً بانشاء مؤسسة جامعية وإن كان الأمر كذلك فما هذا التوتر والشدَ والجذب الذي تشهده بعض الجامعات والكليات الخاصة من إغلاق لأبوابها وإعتصامات متكررة للطلاب أم أن مؤسسات التعليم العالي في طريقها لتفقد قدسيتها في نظر الناس مثلما فُقدت أشياء أَُخرى!؟
فرحة منقوصة !!
(120) من الطلاب الجامعيين وعقب التحاقهم بركب إحدى الكليات الخاصة وهي كلية الشمال للعلوم والتكنولوجيا بمدينة دنقلا أصبحوا يواجهون مصيرا مجهولاً بعد أن أمضوا مايزيد عن العام ونصف العام في الدراسة بالكلية ولكن( يافرحة ماتمت) .
(سماح) الطالبة بكلية الهندسة بكلية الشمال للعلوم والتكنولوجيا بدنقلا كان أملها كبيراً في أن يتحقق حلمها في الحياة بعد التخرج ولكن حطمت كل آمالها بعد أن عجزت الكلية التي أمضت فيها مايقارب العام ونصف العام عن توفير المنهج المتكامل والدراسة المثمرة حيث ذكرت أنها إلتحقت بكلية تفتقر لكل مقومات البيئة الاكاديميه المستقرة فالكلية عبارة عن منزل مستأجر تنقصة الكثير من المؤهلات .وليس من مقرر محدد يدرسه الطلاب حتي االدراسة لم تكن مستمرة بالصورة الموضوعة من قبل أصحاب الكلية باعوا وعودهم الفارغة للطلاب بعد أن تحصلوا من كل طالب ما يتراوح بين(600 ألف جنيه كحد أدني للقبول بقسم المحاسبة ومايربو عن المليون جنيه كحد للقبول بكلية الهندسة)..الكلية التي تشوبها وحسب إجماع الطلاب -الكثير من المساوئ أكثر من الميزات التي تتمتع بها منذ التحاقهم بها .حتي تناول الوجبات الاساسية داخل الكلية يواجه الطلاب صعوبات في الحصول عليها في ظل عدم وجود كافتريا داخل الحرم الجامعي .أما السكن فهو الآخر يمثل قضية لبعض الطالبات والطلاب الذين يقيمون بالداخليات التي تفتقر لابسط مقومات الحياة بها إذ تعاني من عدم وجود مياه متوفرة ولا كهرباء تنير الطريق للحصول علي العلم الذي شاكت سبل الوصول إليه مع العراقيل المتكررة .لسان حال سماح الذي يقول يارب ماذا نفعل ؟؟ والي من نشتكي ليس هو مشتكاها وحدها بل هو حال المئات من زملاء دربها الذين يكابدون المشاق للحصول علي التعليم فى ظل ظروف قاهرة بين أصحاب وملاك الكليات الخاص والجهات المسؤولة عنها والتشريد الذي يطال مستقبل هؤلاء الطلاب والاوضاع النفسية السيئة التي يعايشونها دونما بصيص أمل تلوح بارقته داخل هذا النفق المظلم.
الحلو المر !!
المهندس إيهاب محمد عثمان النور نائب عميد كلية الشمال للعلوم والتكنولوجيا بعد أن تلقى توكيلات شرعية من قبل اخوته الثلاثة بإنشاء كلية جديدة توجه صوب وزارة التعليم العالي لتمنحه إدارة التعليم الأهلي والاجنبي بالوزارة وفي 9 يناير2004 ترخيصا لانشاء الكلية وادرجت بذلك ضمن دليل القبول في العام 2005-2006 بتخصصات ثلاثة هي هندسة الحاسوب وتقنية المعلومات والمحاسبة في نظام الدبلوم لثلاث سنوات وتم القبول في الكلية لمايزد عن 120 طالباً وطالبة في التخصصات الثلاثة وأستمرت الدراسة لما يزيد عن العام الدراسى الي ان جاءت ساعة الصفر.
بيع الوهم ودفع الثمن ..
الطلاب الذين يدرسون بكلية الشمال بعد أن دفعوا (دم قلبهم) للدراسة بالكلية الي أن بدأت ملامح السيناريو المؤلم واضحة من خلال التقرير الذي لعبت فيه إدارة التعليم العالي متمثلة في لجنة تنظيم مؤسسات التعليم العالي الأهلي والأجنبي دور (القاضى والجلاد) فبعد أن أعطت الضوء الأخضر والموافقة النهائية لقيام الكلية حسب المستندات التي توفرت للصحيفة عادت لتسحب الترخيص لتجعل مصير ومستقبل هؤلاء الطلاب في مهب الريح بعد التوقف الذي أسهمت فيه إدارة الكلية مع وزارة التعليم العالي حتي إستمر توقف الطلاب عن الدراسة حتي الان لمايقارب السبعة أشهر بعد أن شكلت لجنة من قبل التعليم الاهلي والاجنبي لدراسة الاوضاع الاكاديمية والادارية والمالية بالكلية بموجب القرار الإدارى رقم (23) وبعضوية بروفسير قسم السيد إبراهيم محمد وبروفسير أبوبكر علي أبجوخ والدكتور عبد العظيم سليمان المهل وجمال محمد عبد الله الحاج الذى أدلي بإفادته للصحيفة قائلا ًوجدت اللجنة أن البرامج الدراسية المنفذة بالكلية مختلفة عن المصدق به أما إدارة الكلية فهي غير مؤهلة إذ لايوجد عميد كفء ومتفرغ لتصريف الاعباء الأكاديمية والادارية والمالية بالكلية كما أنه لايوجد أمين للشؤون العلمية ولايوجد رؤساء أقسام أومنسقو برامج مع عدم وجود مجلس وأمناء فاعلين الي أن قالت اللجنة كلمتها الفصل في تقريرها الممهور بتوقيع نائب المدير العام المقرر للجنة تنظيم مؤسسات التعليم العالي الاهلي والاجنبى أبوبكر علي أبوجوخ الذي قضى بسحب الترخيص الممنوح للكلية لعدم توفر مقومات الكلية من بنيات أساسية وأساتذة وإدارة مؤهلة ووصلت القضية زروتها حينما تضمن التقرير قراراً بتجميد الدراسة بالكلية وتوفيق أوضاع الطلاب المسجلين فيها حالياً بل تعدى الأمر الي أبعد من ذلك بإيقاف القبول بالكلية للعام الدراسي الحالى 2006- 2007 ورغم أن وكيل المؤسسين ونائب العميد بكلية الشمال إيهاب عثمان قدم دفوعاته المستميتة عن شرعية الكلية وإكتمالها من حيث المبني والمعدات والأجهزة والاثاثات والجو الاكاديمى المناسب للطلاب جاءت إتهامات لجنة تنظيم مؤسسات التعليم الأهلي والأجنبى على لسان عضو اللجنة المكلفة بزيارة الكلية والتي أعدت التقرير جمال عبدالله بإتهام إدارة الكلية بإستعارة الأجهزة والمعدات وأضاف أن اللجنة الفنية الثانية التى ذهبت لمعاينة الكلية لم تجد الأشياء التي منحت بموجبها الموافقة النهائية لقيام الكلية.
تواصل مسلسل الإتهامات ..
جمال عثمان عضو اللجنة المكلفة بإعداد تقرير عن كلية الشمال للعلوم والتكنولوجيا واصل مسلسل الاتهامات علي القائمين على أمر الكلية قائلاً(ربما تكون هناك مشكلة جعلت الكلية تتصرف في الأجهزة أو هي مستعارة أصلاً.وشن هجوماً عنيفاً علي عدم تعاونهم مع إدارة التعليم العالي في إعطاء ملفات الطلاب الموجودين بالكلية والبالغ عددهم 102 طالباً وطالبة لتوفيق أوضاعهم وإلحاقهم بالكليات الأخري بمدينة دنقلا .بل أنه صب الزيت علي النار حينما قال (أن 22 طالباً فقط هم من لديهم ارقام جامعية لذلك تصبح مهمة تحويل البقية صعبة) ثم مضي جمال ليقول :حتي المعامل التي تتحدث عنها إدارة كلية الشمال هي عبارة عن 9 أجهزة حاسوب قديمة موضوعه في مقر عبارة عن( دكان) يفتح علي الشارع بينما ورد في تقرير اللجنة الفنية السابقة 18 جهازp3) )كما أنه لايوجد مكان يستغل كمكتبة ومعمل قياسات كهرباء وتوجد(5 ارفف)لايتجاوز عدد الكتب بها الخمسين كتابا ًوبعضها يخص المستوي الثانوي من التعليم العام وهو ما أكد عليه عدد من الطلاب الذين وقفت السودانى على أوضاع الكلية من خلالهم بعد إكتشافهم للخلل داخل الكلية في منتصف العام الثاني حيث تحججت لهم إدارة الكلية بسوء الاوضاع المالية وجاءت إفاداتهم مساندة لماذهب إليه تقرير لجنة التعليم العالي. وتبقى القضية قائمة من قبل الطلاب وعدم إتخاذ الجهات المسؤولة عن ضياع مستقبلهم حتي الآن لقرار بتوفيق أوضاعهم .
ضوابط حبر علي ورق ..
حتي ضوابط إنشاء مؤسسات التعليم العالي التي تتحدث عنها الوزارة وأن وجدت تبدو وفي ظل الغموض واللبس الذي يعتري سير التعليم الجامعي بالبلاد هل تصبح هذه الضوابط حبراً علي ورق رغم أن وزارة التعليم العالي حددت شروطاً لإنشاء أية مؤسسة تعليم أهلي وأجنبى إذ بالضرورة توفر هيئة مؤسسين من( مستثمرين) علي أن يكون هناك مجلس أمناء من أشخاص أكفاء وأن يكون للجامعة رئيس أو مدير وعميد للكلية من حملة الدكتوراة وذوي الخبرة في مجال التعليم العالي وأن يكون أعضاء التدريس متفرغين لأداء المحاضرات في أوقاتها وأن تقدم إدارة الكلية مقترحاً للدراسات التي تنوى تقديمها وتفاصيل المناهج النظرية والعملية ولوائح الإمتحانات.
ومع أن وزارة التعليم العالي إشترطت علي مالك المؤسسة التعليمية إمتلاك منشآت تجعلها مهيأة لأغراض التعليم العالي إلا أن كثيراً من المؤسسات التعليمية بالبلاد للأسف تفتقر لأبسط هذه المؤهلات التي تحافظ علي الإستمرار في بيئة أكاديمية مستقرة.
سؤال واضح يطفو علي السطح مع كل هذا اللغط والجدل بين مؤسسي الجامعات والكليات الخاصة ووزارة التعليم العالي أين هي الإجراءات في إحكام السيطرة علي مؤسسات التعليم العالي الأهلي والأجنبي أم أن منح التصديق للجامعات والكليات الخاصة تجارة سايبة يطرق أبوابها كل من يمتلك فهلوة جمع المال من الطلاب الباحثين عن شهادة جامعية تقيه شر الزمن؟.
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
[b]قال ايه يااستاذ :[/b]
صحيفة الراى العام
الجمعة 6 يوليو 29000م
موقع الكاتب www.alfatihgabra.com
مضت أجازة (الأستاذ أمين ) بوطنه سريعاً وكان لزاما عليه أن يعود إلى مقر عمله ( بالرياض) في ظرف أسبوع وقد كانت هذه هي أول إجازة يقضيها (الأستاذ أمين) بالسودان حيث أن الله قد من عليه منذ عام سبق بتعاقد كمدرس تعليم ابتدائي بعد أن نزل للمعاش بعد خدمة طويلة قضاها معلماً جاب خلالها أقاليم السودان المختلفة.
لما كان (الأستاذ أمين) لا يدري كيف تتم إجراءات منحه تأشيرة الخروج بصفته مغتربا من إجراءات رسوم وجبايات من ضرائب وزكاة ورسوم قدوم ورسوم تأشيرة ودمغة جريح ودمغة غريق ودمغة كنانه ودمغة الرهد ودمغة شنو ما بعرف داك من أجل ذك فقد استعان (الأستاذ أمين) بأحد جيرانهم في الحي والذي كان مغتربا من قبله بعدة أعوام فأشار عليه الأخير بأن المسالة أصبحت سهلة وبسيطة إذ ما عليه إلا أن يتجه إلى مجمع المغتربين حيث تجري هنالك كل المعاملات تسهيلا على جمهور المغتربين.
حمل (الأستاذ أمين) كل أوراقة الثبوتية وغير الثبوتية وعددا من الصور الشمسية بحجم الباسبورت تحوطا واستقل تأكسيا إلى مجمع المغتربين.
- يا أخي الصف دا بتاع التأشيرة.
- أيوه.. اقيف
ووقف (الأستاذ أمين) في الصف الذي كان يتناقص شيئا فشيئا حتى وجد نفسه وجها لوجه امام الموظف فمد له (الأستاذ أمين) بجوازه الذي أمسك به الموظف في اندهاش قائلاً له:
- وين الإعفاء الضريبي ؟ أنت دفعت الضريبة؟
- والضريبة بيدفعوها وين؟
- أمشي شباك 1653
وخرج (الأستاذ أمين) من الصف يسأل عن شباك 1653 حتى وجده بعد إعياء فوقف غير مصدق في الصف الذي كان يسير في سرعة ودقه ونظام حتى حان دورة فقام بسؤال الموظف:
- يا أخي أنا عاوز أدفع الضريبة
- وين جوازك ؟ ( وسلمه الأستاذ أمين جوازه)
- أنت أول مره تجي راجع بعدما اغتربت ؟
- أيوه .. أول أجازه
- يعني قعدت سنه واحدة ؟
- أيوه
- ألفين وخمستاشر دولار
- ( وفتح الأستاذ أمين فمه في دهشة ) قلت شنو ؟ ميتين وخمستاشر دولار
- لا. ألفين وخمستاشر دولار
- ليه يا أخوي قالوا ليك أنا شغال هناك شنو
- يا دكتور حسب المنشور ض د م و /ج /106 لسنة 2004 أنتو الشريحة بتاعتكم دي هي كده.
- يا أخي منو القال ليك أنا دكتور – يا أخي أنا مش دكتور ،انا لا دكتور ولا حاجة.
- مش أستاذ جامعي يبقى دي شريحتك
- يااخ أنا ما ..
- يا أستاذ أهو الجواز بتاعك مكتوب أنك بتشتغل (أستاذ) وخلاص.. أستاذ جراحة .. أستاذ مهندس بروفسور زراعة.. ديل كلهم شريحة وأحده.
- يا خوي أنا معلم .. أستاذ ابتدائي .. أستاذ (كتاب) يعني.
- يا سيد أستاذ يعني دكتور يعني بروفسور وبالله ما تأخر لينا الشغل الناس دي واقفة من الصباح
- طيب والحل شنو؟
- الحل هو أنك تجيب لينا ما يفيد أنك ما (بروفسور)؟
- (فى إندهاش) أجيب ليك شنو قلت ؟
- يا أخي ما تأخرنا ساكت شيل جوازك وأوراقك دي
- ولم تفيد كل محاولات الأستاذ أمين التي بذلها لإقناع الموظف بأنه ليس ( بروفسور) وزاد من عدم تصديق الموظف للأستاذ أمين كون أن (الأستاذ أمين) كان يستعمل نظارة طبية مقعرة ( 6 ملم) كما أن ( صلعته) التي زادتها مكيفات الاغتراب صقلاً ولمعاناً قد زادت من هيبة الشيب الأبيض الذي كان يعشش بالجنبات فبدأ وكأنه أستاذ وأستاذ كبير.
ما أن خرج (الأستاذ أمين) من الصف حتى تقدم نحوه شاب في مقتبل العمر يحمل سيجارة في فمه فقال مخاطبا الأستاذ أمين:
- بالله يا أستاذ ممكن ولعه ؟
فرد (الأستاذ أمين) في عصبية :
- يا أخي أنا ما أستاذ .. ما أستاذ .. ما أستااااااااااذ
فوجئ الشاب بهذا الرد (الزهجان) ولكن سرعان ما أستدرك (الأستاذ أمين) الأمر فقال معتذرا للشاب:
- يا أخي معليش الواحد متوتر شوية.. هاك الولاعة..
محاولات :
عاد الأستاذ أمين إلى منزله وتهاوي إلى أقرب كرسي وهو يردد على رأس كل دقيقة عبارة وأحدة هي ( قال أيه.. أستاذ)
- خاطبته زوجته:
- أخت ليك الأكل يا أمين ؟
- قال أيه أستاذ ..
- قلت شنو ؟
- بعد شوية... تعبان شوية.. قال أيه أستاذ
أشعل سيجارة أخذ منها نفسا عميقا.. وبدأ يفكر في كيفية الحصول على شهادة تفيد بأنه ليس ( بروفسور) وفي هذه الأثناء كانت ( نفيسة) قد أحضرت صينية الغداء ووضعتها أمامه.
- أنتي يا نفسية أنا (بروفسور) ؟
- ( في اندهاش) أنت شنو ؟ بروفسيا
- يا ولية يا غبيانة (بروفيسا) دي ريحه أنا بقول ليك (بروفيسور) يعني دكتور .. يعني أستاذ في الجامعة .. فهمتي؟
- سجمي يا راجل أنت أكيد جاتك ملاريا.. كدي النشوف جسمك مسخن ولا شنو.. هنالك كنا مرتاحين لا ملاريا لا سجم رماد ..
وبدأ (الأستاذ أمين) يتناول غداءه وبين كل لقمة والثانية لم ينس أن يردد عبارته :
- قال أيه أستاذ!!
وبعد أن أنهي غداءه وأشعل سيجارة وأخذ نفسا عميقا منها ثم أخر أخذ يفكر في مشكلته العويصة وسرعان ما هتف.. وجدتها.. وجدتها..
كانت فكرة (الأستاذ أمين) التي وجدها غاية في البساطة والعقل إذا أنه قرر أن يقوم بجمع عدد من توقيعات أهل الحي الذي يسكن فيه منذ نعومة أظفاره على أن يشهد كل واحد منهم بأن (الأستاذ أمين) لا بروفسور ولا حاجة ولم يقم في تاريخ حياته الطويل بإلقاء أي محاضرة واحدة بأي جامعة في العالم وانه ( أي الأستاذ أمين) خريج معهد تدريب المعلمين ببخت الرضاء.
راقت الفكرة تماما للأستاذ أمين ووجد فيها ضالته فأخذ ورقه وقلما وبدأ يكتب الأشخاص الذين وقع عليهم اختياره وهم:
* أدم الغرباوي سيد الدكان
* محمد ود الشيخ بتاع اللبن
* عبد الله الجزار
* حاجة حوه بتاعة التسالي
* خضر العجلاتي
فهؤلاء جميعا يشكلون معلما من معالم الحي العريق الذي يسكنه (الأستاذ أمين) ويعرفون أي شيء عن كل شخص فيه واستنادا على المقولة التي تقول أن خير البر عاجلة قام (الأستاذ أمين) قاصداً دكان (أدم الغرباوي) في ذلك النهار غائط الحر ولم ينس أن يحمل معه صورة من إفادة الشهادة المطلوبة التي قام بكتابتها مسبقاً
- يا أدم يا أخي ممكن تمضي ليا الورقة دي؟
- ورقة بتاأت شنو ؟ أنت دخلت اللجان ( الشأبية) يا أستاذ أمين ؟
- لا يا أدم يا أخي لا لجان شعبية ولا حاجة يا أدم يا أخ أنا عندي مشكلة بسيطة بس عاوز أسالك سؤال وتجاوبني عليهو..
- " تيب" أسال يا أستاذ
- يا أدم يا أخي أنا شغال شنو ؟
- أفو ..أفو كيف يا أستاذ أمين إنت شغال شنو ؟؟ إنت شغال أستاذ
- ( قال أيه أستاذ) .. يا أدم يا أخ أستاذ بتاع شنو ؟
وهنا أستغرب أدم غاية الاستغراب والاندهاش ورد مواصلا :
- انت أستاذ بتاع ( تلبه)
وهنا أيقن الأستاذ أمين أن (أدم سيد الدكان) لن يقوى على فهم المقصود.. فتركه وترك كافة الأشخاص الذين سبق وأن فكر في جمع توقيعاتهم لأنهم ليسوا أكثر فهما من (أدم) .
مقارنة حالة :
عندما عاد (الأستاذ أمين) إلى منزله كان الوقت عصرا فأخذ الراديو الترانزستور وكرسي وجلس أمام باب منزله وهو يردد عبارته:
- قال أيه أستاذ
وحينما أدار مؤشر الراديو:
- سيداتي آنساتي سادتي يسرني في هذه الحلقة من برنامج ( عباقرة في طريق الفن) أن يكون معي من داخل – أستوديو البث المباشر – ( الأستاذ الفنان عادل أبو كراع)
- ( يا أستاذ ) عادل ممكن تورينا أخر إبداعاتك ؟
- والله في الحقيقة أخر أغنياتي صاغ كلماتها ( الأستاذ) الشاعر محجوب الكلاكلة ويقول مطلعها:
لا من كراعي جات قدام بيتكم
يا ريتني كان ما ناديتكم
بس انتو كنتو يا ريتكم
طوالى فتحتو ليا الباب
وهنا انتفض الأستاذ أمين انتفاضة ( هرطقية) كمن مسه جن وانتصب واقفا وهو يهتف :
- أهو بس خلاص ... أهو بس خلاص
وحمل الراديو والكرسي داخلا إلى المنزل وهو يردد:
- أهو.. ديل أساتذة ؟؟ ديل بروفسورات ؟؟؟ أشمعنى أنا ؟؟؟
- يا راجل كدي قول بسم الله أجيب ليك (بندول) أنت الليلة مالك؟؟
- خلاص إذا ديل ما أساتذة وما (بروفيسورات) أنا أكون ذاتي ما أستاذ وما بروفيسور ( وواصل مخاطبا زوجته) أنا يا نفيسة عاوز ( مقارنة حالة) أيوة ( مقارنه حالة) ..
إلا أن (نفيسة) كانت قد خرجت من المنزل بعد أن تيقنت تماماً أن (الأستاذ أمين) ليس في كامل قواه العقلية .
وبعد أن وضع (الأستاذ أمين) هذه المعادلة كان لابد عليه في سبيل إقناع المسئولين بأن كلمة أستاذ كلمة ( هايفة) وتطلق على كل من هب ودب ولا تعني على الإطلاق أي مستوى من العلم والمعرفة كان على (الأستاذ أمين) أن يحصل على نسخة من شريط الحلقة إياها مع التركيز على ( حتة) مقدم البرنامج وهو يقدم الفنان بأنه ( الأستاذ ) عادل أبو كراع وكذلك ( الحتة) التي قال فيها الفنان أبو كراع أن الأغنية صاغ كلماتها ( الأستاذ ) محجوب الكلاكلة.
نام (الأستاذ أمين) ليل ذلك اليوم وهو في غاية التفاؤل في أن ( مقارنة الحالة) هذه سوف تأتي بنتيجة وعزم على أن يذهب صباح اليوم التالي لمبني الإذاعة لمقابلة ( الأستاذ ) عبد المجيد النخناخ مقدم البرنامج .
فى مبنى الإذاعة :
فى صباح اليوم التالى وأمام مبنى الإذاعة ترجل الأستاذ أمين من (الركشة) التى كانت تقله وخطا داخل (حجرة الإستقبال) حيث سأله موظف الإستقبال عن وجهته فأجابه :
- والله ياخى عاوز أقابل الأستاذ (عبدالمجيد النخناخ) مقدم برنامج ( عباقرة في طريق الفن)
- دايرو في شنو ؟
- والله بس ( مقارنه حالة)
- قلت شنو ؟
- (مستدركاً) : لا بس عاوزو في موضوع شخصي.
- أنت عارف مكتبو وين ؟.. تخش يمين .. وتأني شمال وتاني يمين وح تلاقي مكتبو طوالي على شمالك
ودخل الأستاذ أمين إلى ( حوش الإذاعة) مستخدماً نفس الوصف حيث وجد فى المكتب المعنى شخصاً يرتدي رغم حرارة الصيف (بدله صفراء) وقميصا (أخضر) وكارفته (حمراء) ونظارة (شمس) بنية
- الأخ برضو مش الأستاذ المذيع (عبد المجيد النخناخ) ؟
- أخلا وسخلاً أتفضل
- الحقيقة والله أنا عاوزك في خدمة بسيطة .. ( مقارنه حاله ) بس
- مقارنه خاله ؟ خاله شنو ؟
- يا أخي أصلوا الموضوع أنو أنا سمعت حلقة أمس من برنامجكم الرائع الكان مع الفنان المبدع ( الأستاذ) عادل أبو كراع وأعجبتني جدا وعاوز أسجل الشريط بتاعا.
- واللاخي يا أخي شكرا على الإعجاب ( والاختمام) دا.. لكن الشريط دا وثائقي وما بنقدر نديك ليخو!
وهنا أسقط في يد (الأستاذ أمين) ولكن داهمته فكرة جديدة وهي لماذا لا يذهب لمنزل الفنان (عادل أبو كراع) بصفته معجبا من معجبيه (المجنونين بيهو) ويطلب منو نسخة من الشريط الذى لابد أنه قد قام بتسجيلها
- طيب يا ( أستاذ) عبد المجيد ممكن توصف ليا بيت الأستاذ (عادل أبو كراع)؟
- أنا مكن أوصفوا ليك لكن بس الفنان (عادل أبو كراع) ده سافر ( أمبارخ) النمسا عشان يشارك في ( مخرجان ) الأغنية العالمي وح يرجع بعد أسبوعين.
وتمتم (الأستاذ أمين) في سره ( أسبوعين) كيف ؟ وأنا يفترض أسافر بعد أسبوع وهنا أيقن الأستاذ أمين أن ( مقارنة حالة) اصبحت غير ذات فائدة فخرج من مبني الإذاعة وهو لا يلوى على شيء.
انتحال شخصية:
انتابت الأستاذ أمين حالة من ( الدبرسة) و ( الأنهيار) الفظيع وهداه تفكيره إلى أن يقوم بجمع وحشد جميع أهله ومعارفه وأصدقائه في مظاهرة ( تبدأ) من ( ميدان) الشهداء مرورا بميدان أبو جنزير وتنتهى عند مكتب المندوب السامي للأمم المتحدة وصولا إلى جهاز المغتربين وهم يحملون لوحات كتب عليها.
- أعطوا الأستاذ أمين التاشيرة
- الأستاذ أمين مظلوم والله
ويرددون الهتافات المدوية من نوع:
- التاشيرة التاشيرة للأستاذ أبو طبشيرة
- معلم ساكت ما أستاذ ... يعرف بس قلم كراس
- كاد المعلم أن يكون ( رسولا) .. تهليل .. تكبير
وبينما الأستاذ أمين أخذ ( يخمر) هذه الفكرة في راسه إذ جاءه ( سامي) أبن أخته وهو طالب ( برلوم) قانون فى إحدى الجامعات (العشوائية) ..
- يا خال مالك ( مدبرس) كده ؟
فقام الأستاذ أمين وحكى القصة كاملة عليه لكنه رد عليه في بساطة متناهية :
- بسيطة يا خال.. ولا يهمك أنا أقول ليك فكرة ( بت كلب) .. تعرف يا خال دي مسالة ممكن تتحل بصورة قانونية ( بحته)
- كيف؟
- بسيطة يا خال بس بلاغ بتاع (انتحال شخصية) يحلك من الموضوع دا !!
- يا سامي يا أبني أنا مش فاهم حاجة
- طيب اشرح ليك
وبدأ ( مشروع المحامي) ( سامي) يشرح لخالة في فكرته الجهنمية والتي محورها الخطوات التالية :
(1) يذهب ( سامي) للبوليس ويفتح بلاغا في مواجهه (الأستاذ أمين) تقول حيثياته بأن الأستاذ أمين أنتحل صفة ( بروفسور) في أحدى الجامعات وأخبره بأنه يستطيع أن ينقله لتلك الجامعة
(2) بعدها سوف يتضح للمحكمة أن (الأستاذ أمين) لا بروفسور ولا حاجة.
(3) بعد ذلك يأخذ (الأستاذ أمين) صورة من (الحكم القضائي) الذي سوف تكتب في حيثياته أن (الأستاذ أمين) لا بروفسور ولا حاجة
وبذلك يكون (الأستاذ أمين) قد تحصل على شهادة ( وكمان من محكمة) تثبت أنه لا بروفسور ولا حاجة وأنه أستاذ أبتدائي ( غلبان) ، راقت الفكرة للأستاذ أمين تماما وهتف وهو يربت على كتف أبن أخته :
- والله أنت ود (عفريت) وح يكون ليك مستقبل باهر فى (القانون)
ثم وأصل مخاطبا ( سامي) :
- خلاص أنت قوم هسع أفتح البلاغ عشان يا أبني أنا فضل ليا أقل من خمسه أيام لانتهاء الأجازة.
بعد يومين :
- ده بيت (أمين محمد على)
- أيوه أنا ذاتي .. فى شنو؟
- أنا المعلن بتاع المحكمة .. طيب أمضاء لينا في طلب الحضور ده ( وتهلل وجه الأستاذ أمين وهو يرى أن الأمور تسير على ما يرام)
- (فى تشوق) : متين أجي القسم
- بكره
في القسم :
- أنت شغال شنو ؟
- (وهو يريد توريط نفسه) : بروفسور..
- بروفسور ؟؟ طيب وين في ياتو جامعة ؟؟ وهنا أسقط في يد الأستاذ أمين الذي لم يكن قد وضع هذا السؤال في الحسبان لذا قرر وحتى تكون المسالة مكشوفة والانتحال ظاهراً والقضية تخلص بسرعة أن يذكر لهم جامعة وهمية.
- أنا بروفسور في جامعة (أم جلافيط)
- ياتا عندنا (أم جلافيط) للعلوم والتكنولوجيا و(أم جلافيط) للدراسات الإسلامية
و(أم جلافيط) لعلوم الفضاء !!
وهنا أسقط أيضا في يد (الأستاذ أمين) الذي لم يكن يعلم أن (ثورة التعليم العالي) في خلال هذا العام الذي ترك فيه البلاد قد قامت بإنشاء 42342 جامعة كان نصيب منطقة (أم جلافيط) منها بضع وأربعون جامعة
فأجاب متلعثما حتى لا ينكشف أمره :
- في العلوم والتكنولوجيا
- عندك بطاقة تثبت الكلام ده؟
- ما عندي أصلوا نشلوا البطاقة والأوراق بتاعتي في بص (الثورة بالنص)
- أنت راجل (بروفيسور) تركب بصات ؟
- هو غير (البروفيسورات) البركب بصات منو
- يا زول بطل كلام فارغ واتكلم تمام ! يا عسكري تعال دخل الزول دا الحراسة..
ووقع الأستاذ أمين مغشيا عليه ولم يفق إلا وهو في الحراسة واحد المتهمين يسأله:
- أنت يا زول الجابك يوم الخميس شنو؟؟ في زول يدخل الحراسة يوم (الخميس) عشان يقعد (الجمعة) كمان !!
فوقع الأستاذ أمين مغشيا عليه للمرة الثانية حيث أنه لم يكن قد قام ( بتضريب) مسألة الجمعة هذه تماماً
في المحكمة:
- أمين محمد على.. أمين محمد على ..
- ايوه
- أدخل
وبعد أن أستمع القاضي للشاكي (الود سامى).. ولم يقم (بالطبع) الأستاذ أمين بإثبات أنه بروفيسور في جامعة (أم جلافيط) للعلوم والتكنولوجيا أو أى جامعة أخرى قام القاضي بالكتابة على الأوراق التي أمامه لفترة من الوقت ثم رفع راسه ليقرأ حيثيات الحكم التي جاء فيها:
وجدتك المحكمة مذنبا تحت المادة 168 وحيث أنه أتضح للمحكمة انك معلم ابتدائي وليس ( بروفيسور) ( وهنا تهلل وجه الأستاذ أمين) – ثم وأصل القاضي – وحيث انه من المفترض وأنت (المعلم) والمربى أن تكون قدوه يحتذى بها وإلا تقوم بمثل هذا الفعل الشائن فقد حكمت المحكمة عليك بالأتى :
- السجن لمدة شهر والجلد ستين جلده
وهنا سقط الأستاذ أمين فاقدا ( كاضم) وأصبح المارة يرونه بعد ذلك وهو يسير هائما على وجهه وهو يقول : قال أيه أستاذ .. قال أيه أستاذ !!!
06-07-2007, 09:50 ص
soma
.
تاريخ التسجيل: 14-09-2002
مجموع المشاركات: 2593
Re: ســـيناريوهات : قال أيه أستاذ !! (Re: الفاتح يوسف جبرا)
سلااااااااااام استاذ جبرة بنكهة اللمه
يدهشنى دوما اسلوبك السلس وتعبيرك المرح وعفوية سردك
ياخ ما تعمل لينا مسلسلات بدل الوهم البنشوف فيه ده
مع احترامى لكتاب المسلسلات المافى فى الساحه زاتو
كر على لكن من الاستاذ الله يكون فى عون الغلابه
عارف يا جبرا يا خوى المعاناة البتحصل للمغترب لما يكون راجع بلده
فى سفارة بلدو اكتر من معناة استاذ امين دى فى جهاز الموجعين وصابرين
الله يكون فى العون بس.. غربه ووجع بره وجوه البلد ..
لكن ضحكتنى بى الدمغات ..ما عندك دمغة سكر الجنيد هههههههههه
عندنا قصب سكر محروق وغير محروق المحروق لانه لذيذ دمغتو بتكون اغلا
يديك العافيه يا جبرا الجميل
وربى يسعدك فى كل لحظه بركة الجمعه الجامعه والدعوة العند الله سامعه
( لقيتنى حبوبه ولا ..لا )
الله يسعدك قدر احساسك بى معناة الغير
شكراااا جبرا شكرا بلا دمغات
صحيفة الراى العام
الجمعة 6 يوليو 29000م
موقع الكاتب www.alfatihgabra.com
مضت أجازة (الأستاذ أمين ) بوطنه سريعاً وكان لزاما عليه أن يعود إلى مقر عمله ( بالرياض) في ظرف أسبوع وقد كانت هذه هي أول إجازة يقضيها (الأستاذ أمين) بالسودان حيث أن الله قد من عليه منذ عام سبق بتعاقد كمدرس تعليم ابتدائي بعد أن نزل للمعاش بعد خدمة طويلة قضاها معلماً جاب خلالها أقاليم السودان المختلفة.
لما كان (الأستاذ أمين) لا يدري كيف تتم إجراءات منحه تأشيرة الخروج بصفته مغتربا من إجراءات رسوم وجبايات من ضرائب وزكاة ورسوم قدوم ورسوم تأشيرة ودمغة جريح ودمغة غريق ودمغة كنانه ودمغة الرهد ودمغة شنو ما بعرف داك من أجل ذك فقد استعان (الأستاذ أمين) بأحد جيرانهم في الحي والذي كان مغتربا من قبله بعدة أعوام فأشار عليه الأخير بأن المسالة أصبحت سهلة وبسيطة إذ ما عليه إلا أن يتجه إلى مجمع المغتربين حيث تجري هنالك كل المعاملات تسهيلا على جمهور المغتربين.
حمل (الأستاذ أمين) كل أوراقة الثبوتية وغير الثبوتية وعددا من الصور الشمسية بحجم الباسبورت تحوطا واستقل تأكسيا إلى مجمع المغتربين.
- يا أخي الصف دا بتاع التأشيرة.
- أيوه.. اقيف
ووقف (الأستاذ أمين) في الصف الذي كان يتناقص شيئا فشيئا حتى وجد نفسه وجها لوجه امام الموظف فمد له (الأستاذ أمين) بجوازه الذي أمسك به الموظف في اندهاش قائلاً له:
- وين الإعفاء الضريبي ؟ أنت دفعت الضريبة؟
- والضريبة بيدفعوها وين؟
- أمشي شباك 1653
وخرج (الأستاذ أمين) من الصف يسأل عن شباك 1653 حتى وجده بعد إعياء فوقف غير مصدق في الصف الذي كان يسير في سرعة ودقه ونظام حتى حان دورة فقام بسؤال الموظف:
- يا أخي أنا عاوز أدفع الضريبة
- وين جوازك ؟ ( وسلمه الأستاذ أمين جوازه)
- أنت أول مره تجي راجع بعدما اغتربت ؟
- أيوه .. أول أجازه
- يعني قعدت سنه واحدة ؟
- أيوه
- ألفين وخمستاشر دولار
- ( وفتح الأستاذ أمين فمه في دهشة ) قلت شنو ؟ ميتين وخمستاشر دولار
- لا. ألفين وخمستاشر دولار
- ليه يا أخوي قالوا ليك أنا شغال هناك شنو
- يا دكتور حسب المنشور ض د م و /ج /106 لسنة 2004 أنتو الشريحة بتاعتكم دي هي كده.
- يا أخي منو القال ليك أنا دكتور – يا أخي أنا مش دكتور ،انا لا دكتور ولا حاجة.
- مش أستاذ جامعي يبقى دي شريحتك
- يااخ أنا ما ..
- يا أستاذ أهو الجواز بتاعك مكتوب أنك بتشتغل (أستاذ) وخلاص.. أستاذ جراحة .. أستاذ مهندس بروفسور زراعة.. ديل كلهم شريحة وأحده.
- يا خوي أنا معلم .. أستاذ ابتدائي .. أستاذ (كتاب) يعني.
- يا سيد أستاذ يعني دكتور يعني بروفسور وبالله ما تأخر لينا الشغل الناس دي واقفة من الصباح
- طيب والحل شنو؟
- الحل هو أنك تجيب لينا ما يفيد أنك ما (بروفسور)؟
- (فى إندهاش) أجيب ليك شنو قلت ؟
- يا أخي ما تأخرنا ساكت شيل جوازك وأوراقك دي
- ولم تفيد كل محاولات الأستاذ أمين التي بذلها لإقناع الموظف بأنه ليس ( بروفسور) وزاد من عدم تصديق الموظف للأستاذ أمين كون أن (الأستاذ أمين) كان يستعمل نظارة طبية مقعرة ( 6 ملم) كما أن ( صلعته) التي زادتها مكيفات الاغتراب صقلاً ولمعاناً قد زادت من هيبة الشيب الأبيض الذي كان يعشش بالجنبات فبدأ وكأنه أستاذ وأستاذ كبير.
ما أن خرج (الأستاذ أمين) من الصف حتى تقدم نحوه شاب في مقتبل العمر يحمل سيجارة في فمه فقال مخاطبا الأستاذ أمين:
- بالله يا أستاذ ممكن ولعه ؟
فرد (الأستاذ أمين) في عصبية :
- يا أخي أنا ما أستاذ .. ما أستاذ .. ما أستااااااااااذ
فوجئ الشاب بهذا الرد (الزهجان) ولكن سرعان ما أستدرك (الأستاذ أمين) الأمر فقال معتذرا للشاب:
- يا أخي معليش الواحد متوتر شوية.. هاك الولاعة..
محاولات :
عاد الأستاذ أمين إلى منزله وتهاوي إلى أقرب كرسي وهو يردد على رأس كل دقيقة عبارة وأحدة هي ( قال أيه.. أستاذ)
- خاطبته زوجته:
- أخت ليك الأكل يا أمين ؟
- قال أيه أستاذ ..
- قلت شنو ؟
- بعد شوية... تعبان شوية.. قال أيه أستاذ
أشعل سيجارة أخذ منها نفسا عميقا.. وبدأ يفكر في كيفية الحصول على شهادة تفيد بأنه ليس ( بروفسور) وفي هذه الأثناء كانت ( نفيسة) قد أحضرت صينية الغداء ووضعتها أمامه.
- أنتي يا نفسية أنا (بروفسور) ؟
- ( في اندهاش) أنت شنو ؟ بروفسيا
- يا ولية يا غبيانة (بروفيسا) دي ريحه أنا بقول ليك (بروفيسور) يعني دكتور .. يعني أستاذ في الجامعة .. فهمتي؟
- سجمي يا راجل أنت أكيد جاتك ملاريا.. كدي النشوف جسمك مسخن ولا شنو.. هنالك كنا مرتاحين لا ملاريا لا سجم رماد ..
وبدأ (الأستاذ أمين) يتناول غداءه وبين كل لقمة والثانية لم ينس أن يردد عبارته :
- قال أيه أستاذ!!
وبعد أن أنهي غداءه وأشعل سيجارة وأخذ نفسا عميقا منها ثم أخر أخذ يفكر في مشكلته العويصة وسرعان ما هتف.. وجدتها.. وجدتها..
كانت فكرة (الأستاذ أمين) التي وجدها غاية في البساطة والعقل إذا أنه قرر أن يقوم بجمع عدد من توقيعات أهل الحي الذي يسكن فيه منذ نعومة أظفاره على أن يشهد كل واحد منهم بأن (الأستاذ أمين) لا بروفسور ولا حاجة ولم يقم في تاريخ حياته الطويل بإلقاء أي محاضرة واحدة بأي جامعة في العالم وانه ( أي الأستاذ أمين) خريج معهد تدريب المعلمين ببخت الرضاء.
راقت الفكرة تماما للأستاذ أمين ووجد فيها ضالته فأخذ ورقه وقلما وبدأ يكتب الأشخاص الذين وقع عليهم اختياره وهم:
* أدم الغرباوي سيد الدكان
* محمد ود الشيخ بتاع اللبن
* عبد الله الجزار
* حاجة حوه بتاعة التسالي
* خضر العجلاتي
فهؤلاء جميعا يشكلون معلما من معالم الحي العريق الذي يسكنه (الأستاذ أمين) ويعرفون أي شيء عن كل شخص فيه واستنادا على المقولة التي تقول أن خير البر عاجلة قام (الأستاذ أمين) قاصداً دكان (أدم الغرباوي) في ذلك النهار غائط الحر ولم ينس أن يحمل معه صورة من إفادة الشهادة المطلوبة التي قام بكتابتها مسبقاً
- يا أدم يا أخي ممكن تمضي ليا الورقة دي؟
- ورقة بتاأت شنو ؟ أنت دخلت اللجان ( الشأبية) يا أستاذ أمين ؟
- لا يا أدم يا أخي لا لجان شعبية ولا حاجة يا أدم يا أخ أنا عندي مشكلة بسيطة بس عاوز أسالك سؤال وتجاوبني عليهو..
- " تيب" أسال يا أستاذ
- يا أدم يا أخي أنا شغال شنو ؟
- أفو ..أفو كيف يا أستاذ أمين إنت شغال شنو ؟؟ إنت شغال أستاذ
- ( قال أيه أستاذ) .. يا أدم يا أخ أستاذ بتاع شنو ؟
وهنا أستغرب أدم غاية الاستغراب والاندهاش ورد مواصلا :
- انت أستاذ بتاع ( تلبه)
وهنا أيقن الأستاذ أمين أن (أدم سيد الدكان) لن يقوى على فهم المقصود.. فتركه وترك كافة الأشخاص الذين سبق وأن فكر في جمع توقيعاتهم لأنهم ليسوا أكثر فهما من (أدم) .
مقارنة حالة :
عندما عاد (الأستاذ أمين) إلى منزله كان الوقت عصرا فأخذ الراديو الترانزستور وكرسي وجلس أمام باب منزله وهو يردد عبارته:
- قال أيه أستاذ
وحينما أدار مؤشر الراديو:
- سيداتي آنساتي سادتي يسرني في هذه الحلقة من برنامج ( عباقرة في طريق الفن) أن يكون معي من داخل – أستوديو البث المباشر – ( الأستاذ الفنان عادل أبو كراع)
- ( يا أستاذ ) عادل ممكن تورينا أخر إبداعاتك ؟
- والله في الحقيقة أخر أغنياتي صاغ كلماتها ( الأستاذ) الشاعر محجوب الكلاكلة ويقول مطلعها:
لا من كراعي جات قدام بيتكم
يا ريتني كان ما ناديتكم
بس انتو كنتو يا ريتكم
طوالى فتحتو ليا الباب
وهنا انتفض الأستاذ أمين انتفاضة ( هرطقية) كمن مسه جن وانتصب واقفا وهو يهتف :
- أهو بس خلاص ... أهو بس خلاص
وحمل الراديو والكرسي داخلا إلى المنزل وهو يردد:
- أهو.. ديل أساتذة ؟؟ ديل بروفسورات ؟؟؟ أشمعنى أنا ؟؟؟
- يا راجل كدي قول بسم الله أجيب ليك (بندول) أنت الليلة مالك؟؟
- خلاص إذا ديل ما أساتذة وما (بروفيسورات) أنا أكون ذاتي ما أستاذ وما بروفيسور ( وواصل مخاطبا زوجته) أنا يا نفيسة عاوز ( مقارنة حالة) أيوة ( مقارنه حالة) ..
إلا أن (نفيسة) كانت قد خرجت من المنزل بعد أن تيقنت تماماً أن (الأستاذ أمين) ليس في كامل قواه العقلية .
وبعد أن وضع (الأستاذ أمين) هذه المعادلة كان لابد عليه في سبيل إقناع المسئولين بأن كلمة أستاذ كلمة ( هايفة) وتطلق على كل من هب ودب ولا تعني على الإطلاق أي مستوى من العلم والمعرفة كان على (الأستاذ أمين) أن يحصل على نسخة من شريط الحلقة إياها مع التركيز على ( حتة) مقدم البرنامج وهو يقدم الفنان بأنه ( الأستاذ ) عادل أبو كراع وكذلك ( الحتة) التي قال فيها الفنان أبو كراع أن الأغنية صاغ كلماتها ( الأستاذ ) محجوب الكلاكلة.
نام (الأستاذ أمين) ليل ذلك اليوم وهو في غاية التفاؤل في أن ( مقارنة الحالة) هذه سوف تأتي بنتيجة وعزم على أن يذهب صباح اليوم التالي لمبني الإذاعة لمقابلة ( الأستاذ ) عبد المجيد النخناخ مقدم البرنامج .
فى مبنى الإذاعة :
فى صباح اليوم التالى وأمام مبنى الإذاعة ترجل الأستاذ أمين من (الركشة) التى كانت تقله وخطا داخل (حجرة الإستقبال) حيث سأله موظف الإستقبال عن وجهته فأجابه :
- والله ياخى عاوز أقابل الأستاذ (عبدالمجيد النخناخ) مقدم برنامج ( عباقرة في طريق الفن)
- دايرو في شنو ؟
- والله بس ( مقارنه حالة)
- قلت شنو ؟
- (مستدركاً) : لا بس عاوزو في موضوع شخصي.
- أنت عارف مكتبو وين ؟.. تخش يمين .. وتأني شمال وتاني يمين وح تلاقي مكتبو طوالي على شمالك
ودخل الأستاذ أمين إلى ( حوش الإذاعة) مستخدماً نفس الوصف حيث وجد فى المكتب المعنى شخصاً يرتدي رغم حرارة الصيف (بدله صفراء) وقميصا (أخضر) وكارفته (حمراء) ونظارة (شمس) بنية
- الأخ برضو مش الأستاذ المذيع (عبد المجيد النخناخ) ؟
- أخلا وسخلاً أتفضل
- الحقيقة والله أنا عاوزك في خدمة بسيطة .. ( مقارنه حاله ) بس
- مقارنه خاله ؟ خاله شنو ؟
- يا أخي أصلوا الموضوع أنو أنا سمعت حلقة أمس من برنامجكم الرائع الكان مع الفنان المبدع ( الأستاذ) عادل أبو كراع وأعجبتني جدا وعاوز أسجل الشريط بتاعا.
- واللاخي يا أخي شكرا على الإعجاب ( والاختمام) دا.. لكن الشريط دا وثائقي وما بنقدر نديك ليخو!
وهنا أسقط في يد (الأستاذ أمين) ولكن داهمته فكرة جديدة وهي لماذا لا يذهب لمنزل الفنان (عادل أبو كراع) بصفته معجبا من معجبيه (المجنونين بيهو) ويطلب منو نسخة من الشريط الذى لابد أنه قد قام بتسجيلها
- طيب يا ( أستاذ) عبد المجيد ممكن توصف ليا بيت الأستاذ (عادل أبو كراع)؟
- أنا مكن أوصفوا ليك لكن بس الفنان (عادل أبو كراع) ده سافر ( أمبارخ) النمسا عشان يشارك في ( مخرجان ) الأغنية العالمي وح يرجع بعد أسبوعين.
وتمتم (الأستاذ أمين) في سره ( أسبوعين) كيف ؟ وأنا يفترض أسافر بعد أسبوع وهنا أيقن الأستاذ أمين أن ( مقارنة حالة) اصبحت غير ذات فائدة فخرج من مبني الإذاعة وهو لا يلوى على شيء.
انتحال شخصية:
انتابت الأستاذ أمين حالة من ( الدبرسة) و ( الأنهيار) الفظيع وهداه تفكيره إلى أن يقوم بجمع وحشد جميع أهله ومعارفه وأصدقائه في مظاهرة ( تبدأ) من ( ميدان) الشهداء مرورا بميدان أبو جنزير وتنتهى عند مكتب المندوب السامي للأمم المتحدة وصولا إلى جهاز المغتربين وهم يحملون لوحات كتب عليها.
- أعطوا الأستاذ أمين التاشيرة
- الأستاذ أمين مظلوم والله
ويرددون الهتافات المدوية من نوع:
- التاشيرة التاشيرة للأستاذ أبو طبشيرة
- معلم ساكت ما أستاذ ... يعرف بس قلم كراس
- كاد المعلم أن يكون ( رسولا) .. تهليل .. تكبير
وبينما الأستاذ أمين أخذ ( يخمر) هذه الفكرة في راسه إذ جاءه ( سامي) أبن أخته وهو طالب ( برلوم) قانون فى إحدى الجامعات (العشوائية) ..
- يا خال مالك ( مدبرس) كده ؟
فقام الأستاذ أمين وحكى القصة كاملة عليه لكنه رد عليه في بساطة متناهية :
- بسيطة يا خال.. ولا يهمك أنا أقول ليك فكرة ( بت كلب) .. تعرف يا خال دي مسالة ممكن تتحل بصورة قانونية ( بحته)
- كيف؟
- بسيطة يا خال بس بلاغ بتاع (انتحال شخصية) يحلك من الموضوع دا !!
- يا سامي يا أبني أنا مش فاهم حاجة
- طيب اشرح ليك
وبدأ ( مشروع المحامي) ( سامي) يشرح لخالة في فكرته الجهنمية والتي محورها الخطوات التالية :
(1) يذهب ( سامي) للبوليس ويفتح بلاغا في مواجهه (الأستاذ أمين) تقول حيثياته بأن الأستاذ أمين أنتحل صفة ( بروفسور) في أحدى الجامعات وأخبره بأنه يستطيع أن ينقله لتلك الجامعة
(2) بعدها سوف يتضح للمحكمة أن (الأستاذ أمين) لا بروفسور ولا حاجة.
(3) بعد ذلك يأخذ (الأستاذ أمين) صورة من (الحكم القضائي) الذي سوف تكتب في حيثياته أن (الأستاذ أمين) لا بروفسور ولا حاجة
وبذلك يكون (الأستاذ أمين) قد تحصل على شهادة ( وكمان من محكمة) تثبت أنه لا بروفسور ولا حاجة وأنه أستاذ أبتدائي ( غلبان) ، راقت الفكرة للأستاذ أمين تماما وهتف وهو يربت على كتف أبن أخته :
- والله أنت ود (عفريت) وح يكون ليك مستقبل باهر فى (القانون)
ثم وأصل مخاطبا ( سامي) :
- خلاص أنت قوم هسع أفتح البلاغ عشان يا أبني أنا فضل ليا أقل من خمسه أيام لانتهاء الأجازة.
بعد يومين :
- ده بيت (أمين محمد على)
- أيوه أنا ذاتي .. فى شنو؟
- أنا المعلن بتاع المحكمة .. طيب أمضاء لينا في طلب الحضور ده ( وتهلل وجه الأستاذ أمين وهو يرى أن الأمور تسير على ما يرام)
- (فى تشوق) : متين أجي القسم
- بكره
في القسم :
- أنت شغال شنو ؟
- (وهو يريد توريط نفسه) : بروفسور..
- بروفسور ؟؟ طيب وين في ياتو جامعة ؟؟ وهنا أسقط في يد الأستاذ أمين الذي لم يكن قد وضع هذا السؤال في الحسبان لذا قرر وحتى تكون المسالة مكشوفة والانتحال ظاهراً والقضية تخلص بسرعة أن يذكر لهم جامعة وهمية.
- أنا بروفسور في جامعة (أم جلافيط)
- ياتا عندنا (أم جلافيط) للعلوم والتكنولوجيا و(أم جلافيط) للدراسات الإسلامية
و(أم جلافيط) لعلوم الفضاء !!
وهنا أسقط أيضا في يد (الأستاذ أمين) الذي لم يكن يعلم أن (ثورة التعليم العالي) في خلال هذا العام الذي ترك فيه البلاد قد قامت بإنشاء 42342 جامعة كان نصيب منطقة (أم جلافيط) منها بضع وأربعون جامعة
فأجاب متلعثما حتى لا ينكشف أمره :
- في العلوم والتكنولوجيا
- عندك بطاقة تثبت الكلام ده؟
- ما عندي أصلوا نشلوا البطاقة والأوراق بتاعتي في بص (الثورة بالنص)
- أنت راجل (بروفيسور) تركب بصات ؟
- هو غير (البروفيسورات) البركب بصات منو
- يا زول بطل كلام فارغ واتكلم تمام ! يا عسكري تعال دخل الزول دا الحراسة..
ووقع الأستاذ أمين مغشيا عليه ولم يفق إلا وهو في الحراسة واحد المتهمين يسأله:
- أنت يا زول الجابك يوم الخميس شنو؟؟ في زول يدخل الحراسة يوم (الخميس) عشان يقعد (الجمعة) كمان !!
فوقع الأستاذ أمين مغشيا عليه للمرة الثانية حيث أنه لم يكن قد قام ( بتضريب) مسألة الجمعة هذه تماماً
في المحكمة:
- أمين محمد على.. أمين محمد على ..
- ايوه
- أدخل
وبعد أن أستمع القاضي للشاكي (الود سامى).. ولم يقم (بالطبع) الأستاذ أمين بإثبات أنه بروفيسور في جامعة (أم جلافيط) للعلوم والتكنولوجيا أو أى جامعة أخرى قام القاضي بالكتابة على الأوراق التي أمامه لفترة من الوقت ثم رفع راسه ليقرأ حيثيات الحكم التي جاء فيها:
وجدتك المحكمة مذنبا تحت المادة 168 وحيث أنه أتضح للمحكمة انك معلم ابتدائي وليس ( بروفيسور) ( وهنا تهلل وجه الأستاذ أمين) – ثم وأصل القاضي – وحيث انه من المفترض وأنت (المعلم) والمربى أن تكون قدوه يحتذى بها وإلا تقوم بمثل هذا الفعل الشائن فقد حكمت المحكمة عليك بالأتى :
- السجن لمدة شهر والجلد ستين جلده
وهنا سقط الأستاذ أمين فاقدا ( كاضم) وأصبح المارة يرونه بعد ذلك وهو يسير هائما على وجهه وهو يقول : قال أيه أستاذ .. قال أيه أستاذ !!!
06-07-2007, 09:50 ص
soma
.
تاريخ التسجيل: 14-09-2002
مجموع المشاركات: 2593
Re: ســـيناريوهات : قال أيه أستاذ !! (Re: الفاتح يوسف جبرا)
سلااااااااااام استاذ جبرة بنكهة اللمه
يدهشنى دوما اسلوبك السلس وتعبيرك المرح وعفوية سردك
ياخ ما تعمل لينا مسلسلات بدل الوهم البنشوف فيه ده
مع احترامى لكتاب المسلسلات المافى فى الساحه زاتو
كر على لكن من الاستاذ الله يكون فى عون الغلابه
عارف يا جبرا يا خوى المعاناة البتحصل للمغترب لما يكون راجع بلده
فى سفارة بلدو اكتر من معناة استاذ امين دى فى جهاز الموجعين وصابرين
الله يكون فى العون بس.. غربه ووجع بره وجوه البلد ..
لكن ضحكتنى بى الدمغات ..ما عندك دمغة سكر الجنيد هههههههههه
عندنا قصب سكر محروق وغير محروق المحروق لانه لذيذ دمغتو بتكون اغلا
يديك العافيه يا جبرا الجميل
وربى يسعدك فى كل لحظه بركة الجمعه الجامعه والدعوة العند الله سامعه
( لقيتنى حبوبه ولا ..لا )
الله يسعدك قدر احساسك بى معناة الغير
شكراااا جبرا شكرا بلا دمغات
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
[b]
عادى بالزبادى[/b]
صحيفة الراى العام
الأحد 6 مايو 2007
ًً
قرأت فى أحدى الصحف قبل عدة أيام بأن (بعضهم) فى طريقه لتحريك إجراءآت (قال إنها قانونية) ضد أحد (كبار الأساتذة الجامعيين) بحسبانه قد كان أحد المنادين (بتعريب) التدريس فى (الجامعات) بل ترأس إحدى اللجان التى أشرفت على مسأله التعريب – إلى هنا والأمر عادى لا تشوبه أى شائبة ً - ولكن (الشائبه) جاياكم وهى أن هذا (الأستاذ المبجل) عندما أقام (جامعته الخاصة) قد إعتمد اللغة (الإنجليزية) لغة للتدريس!!! (يعنى كان بيعمل بالمثل بتاع جلدن ما جلدك) !!
أنا شخصياً حاولت أن أبحث لأجد كلمات أصف بها موقف هذا (الرجل) غير أنى تركت مسألة البحث هذه فقد أصبح كل شئ جائزاً فى (وطن) أصبح كل واحد فيه (يلعب صالح ورقو) إبتداء من (الوزير) وإنتهاء بالخفير .
لا أعتقد بأن هنالك شخص (عاقل) يمكن أن يدعو لتعريب (العلوم الإنسانية) ما دام أساس ومنشأ ومكتشف ومخترع هذه العلوم (غير عربى) فما جدوى إيجاد أسماء ومصطلحات عربية بديله للمصطلحات (الغربية) ؟ إنه فعلاً شئ يدعو للضحك بل للرثاء ، تخيلو معى أن أحد (الكفار) قد إخترع (جهازاً) ما أن يضعه (جابى) الضرائب على رأس (صاحب المحل) حتى يظهر له على الشاشة موقف سيد (المحل) وإنو ح يدفع وإلا مش ح يدفع ؟ وقام هذا (الخواجه) بتسمية الجهاز بتاعو ده (TAX 3) نقوم أنحنا (نعرب) إسم الجهاز ونسميهو (ضريبه 4) لانو 3 ده (وتر) وعدد فردى مبغوض !!
كيف يمكننا أن ننفق هذه الكمية من (الزمن) فى مجاراة إيجاد بدائل للمصطلحات العلمية التى تنهمر علينا كل يوم بل كل ساعة ودقيقة وثانية من معامل (الأبحاث الغربية) فى شتى صنوف المعرفة ... وإذا تجاوزنا ذلك كله كيف يمكننا أن نتفق (كعرب) لم نتفق حتى على (دين واحد) أن نتفق على (مصطلح معرب) واحد؟
أوليس من المضحك المبكى أن نلهث وراء تعريب ما إجتهد وتعب غيرنا فى إيجاده بدلا عن أن نجتهد ونشغل أنفسنا فى صناعة ما نحتاج ومن ثم نسميه كما نريد !!.
ولعل المضحك المبكى يتجاوز ذلك إلى كثير من أمثلة (التعريب) التى تمت إجازتها من مجمعات اللغة العربية ولعل معظم القراء يعلم قصة (الشاطر والمشطور وبينهما طازج) هذه الجملة الطويلة التى تعنى ذلك الشئ الصغير (الساندوتش) تخيل معى أنك تقف أمام (كافتيريا الكوثر) التى تقع فى شارع (عياض بن الأرط) المتفرع من شارع (خنزم بن خزامة) وأنت تخاطب (النادل) قائلاً :
- بالله عليك يا أخى أعطنى واحد شاطر ومشطور وبينهما طازج
- وبماذا تريده
- أريده بالمفلضمة المهلبسة بالبطاطس (يعنى اللحمة المفرومة بالبطاطس)
- هل أضع لك فيه مكلبسة شافحة؟ (أخت ليك فيهو شطه حارة)
- لا وربك فأنا أعانى من إلتهاب مزمن فى الحراشف (الإمعاء)
ولعلة من المضحك تماما عندما قررت تلك المجامع تعريب tele-vision أى (تلفزيون)
وعلى الرغم من أن الإسم ذو مدلول يدل عليه المقطعان (يعنى ما إسم قاطعنو ساكت من راسهم) إلا أن ذلك لم يقنع عباقرة مجامع اللغة وقالو أن الكلمة الأنسب هي تلفاز !! (فاز بأيه أنا مش عارف؟(- وإذا المسألة هى مسألة (فاز) وما (فاز) فأنا أتساءل ليه (التلفون) tele-phone ما سموهو (تلفان) ؟ وفى كل (تل) !!
أيها السادة الأفاضل (البروفات) الذين عكفتم وتعكفون على (تعريب) العلوم ما ذنب (اللغة) العربية إن كنا نحن متخلفون تنفق (حكوماتنا العربية) آلاف المرات على (أمنها) وكل ما من شأنه إطالة (أعمارها) مقارنة بما يرصد (للبحث العلمى) ؟؟ نعم يا سادتى ليس من واجبات اللغة أن تعالج التخلف بل إن تلك هي مشكلتنا نحن !!
ويا أيها (البروف) الذى إعتمدت اللغة الإنجليزية لغه التدريس الرسمية فى (جامعتك الخاصة) بعد أن كنت مسئولا عن لجان (التعريب) فى جامعات (ناس قريحتى راحت) لا تثريب عليك فهذا هو حال مسئولينا (العرب) حيث يسافر (وزير الصحة) فيهم للعلاج بالخارج !! ويرسل فيهم (وزير التعليم العالى) أبناءه للإلتحاق بالجامعات (الأوروبية) !! فالموضوع يا بروف عادى باللبن الداثر المخنثر .. يعنى بالدارجى كده () !![B/]
عادى بالزبادى[/b]
صحيفة الراى العام
الأحد 6 مايو 2007
ًً
قرأت فى أحدى الصحف قبل عدة أيام بأن (بعضهم) فى طريقه لتحريك إجراءآت (قال إنها قانونية) ضد أحد (كبار الأساتذة الجامعيين) بحسبانه قد كان أحد المنادين (بتعريب) التدريس فى (الجامعات) بل ترأس إحدى اللجان التى أشرفت على مسأله التعريب – إلى هنا والأمر عادى لا تشوبه أى شائبة ً - ولكن (الشائبه) جاياكم وهى أن هذا (الأستاذ المبجل) عندما أقام (جامعته الخاصة) قد إعتمد اللغة (الإنجليزية) لغة للتدريس!!! (يعنى كان بيعمل بالمثل بتاع جلدن ما جلدك) !!
أنا شخصياً حاولت أن أبحث لأجد كلمات أصف بها موقف هذا (الرجل) غير أنى تركت مسألة البحث هذه فقد أصبح كل شئ جائزاً فى (وطن) أصبح كل واحد فيه (يلعب صالح ورقو) إبتداء من (الوزير) وإنتهاء بالخفير .
لا أعتقد بأن هنالك شخص (عاقل) يمكن أن يدعو لتعريب (العلوم الإنسانية) ما دام أساس ومنشأ ومكتشف ومخترع هذه العلوم (غير عربى) فما جدوى إيجاد أسماء ومصطلحات عربية بديله للمصطلحات (الغربية) ؟ إنه فعلاً شئ يدعو للضحك بل للرثاء ، تخيلو معى أن أحد (الكفار) قد إخترع (جهازاً) ما أن يضعه (جابى) الضرائب على رأس (صاحب المحل) حتى يظهر له على الشاشة موقف سيد (المحل) وإنو ح يدفع وإلا مش ح يدفع ؟ وقام هذا (الخواجه) بتسمية الجهاز بتاعو ده (TAX 3) نقوم أنحنا (نعرب) إسم الجهاز ونسميهو (ضريبه 4) لانو 3 ده (وتر) وعدد فردى مبغوض !!
كيف يمكننا أن ننفق هذه الكمية من (الزمن) فى مجاراة إيجاد بدائل للمصطلحات العلمية التى تنهمر علينا كل يوم بل كل ساعة ودقيقة وثانية من معامل (الأبحاث الغربية) فى شتى صنوف المعرفة ... وإذا تجاوزنا ذلك كله كيف يمكننا أن نتفق (كعرب) لم نتفق حتى على (دين واحد) أن نتفق على (مصطلح معرب) واحد؟
أوليس من المضحك المبكى أن نلهث وراء تعريب ما إجتهد وتعب غيرنا فى إيجاده بدلا عن أن نجتهد ونشغل أنفسنا فى صناعة ما نحتاج ومن ثم نسميه كما نريد !!.
ولعل المضحك المبكى يتجاوز ذلك إلى كثير من أمثلة (التعريب) التى تمت إجازتها من مجمعات اللغة العربية ولعل معظم القراء يعلم قصة (الشاطر والمشطور وبينهما طازج) هذه الجملة الطويلة التى تعنى ذلك الشئ الصغير (الساندوتش) تخيل معى أنك تقف أمام (كافتيريا الكوثر) التى تقع فى شارع (عياض بن الأرط) المتفرع من شارع (خنزم بن خزامة) وأنت تخاطب (النادل) قائلاً :
- بالله عليك يا أخى أعطنى واحد شاطر ومشطور وبينهما طازج
- وبماذا تريده
- أريده بالمفلضمة المهلبسة بالبطاطس (يعنى اللحمة المفرومة بالبطاطس)
- هل أضع لك فيه مكلبسة شافحة؟ (أخت ليك فيهو شطه حارة)
- لا وربك فأنا أعانى من إلتهاب مزمن فى الحراشف (الإمعاء)
ولعلة من المضحك تماما عندما قررت تلك المجامع تعريب tele-vision أى (تلفزيون)
وعلى الرغم من أن الإسم ذو مدلول يدل عليه المقطعان (يعنى ما إسم قاطعنو ساكت من راسهم) إلا أن ذلك لم يقنع عباقرة مجامع اللغة وقالو أن الكلمة الأنسب هي تلفاز !! (فاز بأيه أنا مش عارف؟(- وإذا المسألة هى مسألة (فاز) وما (فاز) فأنا أتساءل ليه (التلفون) tele-phone ما سموهو (تلفان) ؟ وفى كل (تل) !!
أيها السادة الأفاضل (البروفات) الذين عكفتم وتعكفون على (تعريب) العلوم ما ذنب (اللغة) العربية إن كنا نحن متخلفون تنفق (حكوماتنا العربية) آلاف المرات على (أمنها) وكل ما من شأنه إطالة (أعمارها) مقارنة بما يرصد (للبحث العلمى) ؟؟ نعم يا سادتى ليس من واجبات اللغة أن تعالج التخلف بل إن تلك هي مشكلتنا نحن !!
ويا أيها (البروف) الذى إعتمدت اللغة الإنجليزية لغه التدريس الرسمية فى (جامعتك الخاصة) بعد أن كنت مسئولا عن لجان (التعريب) فى جامعات (ناس قريحتى راحت) لا تثريب عليك فهذا هو حال مسئولينا (العرب) حيث يسافر (وزير الصحة) فيهم للعلاج بالخارج !! ويرسل فيهم (وزير التعليم العالى) أبناءه للإلتحاق بالجامعات (الأوروبية) !! فالموضوع يا بروف عادى باللبن الداثر المخنثر .. يعنى بالدارجى كده () !![B/]
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
[b]
ممنوع الزيارة !![/b]
عدد الجمعة الموافق 8 يونيو 2007م
صحيفة الرأى العام
موقع الكاتب www.alfatihgabra.com
الأستاذ (عباس ) كان يعمل نائباً لمدير إحدى المصالح الحكومية وقد كان مثالاً لطهارة اليد حتى إذا ما بلغ السن القانونية للمعاش تمت إحالته ليجد نفسه وجها لوجه أمام (إقتصاد السوق الحر) مما جعلة يفكر فى (إستبدال) جزء من معاشه لإقامة مشروع صغير يدر علية بعض المال يساعده فى الإنفاق على أسرته الصغيرة . بعد تحانيس
تم الإستبدال و(قبض) عباس حفنة من الملايين بدأن تتقلص شيئاً فشئاً من أثر الصرف منها على مستلزمات الحياة لا سيما وانه لم يستطع إقامة أى مشروع كان بسبب تخوفه مما يجلبه عليه من أتاوات وجبايات وضرائب ونفايات وغيرة إلا أنه أخيراً وبعد أن لاحظ أن ما تبقى معه قد قارب على النفاذ بدأ فى التفكير فى مشروع قبا أن يصبح (أباطو والنجم) !!
- طيب لوقلنا (عشرين) وإلا أقول ليك (عشرة بس) ستات شاى .. الواحده بتبيع ليها فى اليوم ستين وإلا قول خمسين (كباية شاى بى لبن) وميت كباية شاى (ساده) وستين (فنجان قهوة) طيب خمسين فى ألف بى خمسين ألف زائد ميه فى تلتنيت جنية بى تلتين ألف زائد ستين فى خمسمية بى تلاتين ألف ... نجى نجمع خمسين وتلاتين وتلاتين يساووا ميه وعشرة ألف ... يبقى الدخل اليومى ميه وعشرة ألف نجى نطرح منهم المنصرفات ... قول فحم بى خمسة ألف وشاى بى ....
- سجمى يا راجل قاعد تتكلم براك وتأشر فى الهواء مالك ؟ جنيت !!
- جنيت شنو يا ولية ؟ والله أنا عندى ليكى مشروع .. مش يطلعنا من الفقر الأنحنا فيهو ده .. يخلينا طالعين فى الكفر !!
- كفر شنو ووتر شنو تلاقيهو مشروع مهبب عاوز تكمل بيهو باقى قروش (الإستبدال) دى !!
- لا لا ده مشروع إبن ستين كلب .. مشروع غير (العبد لله) مافيش زول فكر فيهو
وجلس (عباس) يشرح لزوجته الخطوط العامة للمشروع والتى تنبنى على توفير رأس المال وتجهيز (العدة) لعشر (بنات) تقوم بإختيارهم له (عوضية) التى كانت تبيع لهم الشاى فى المصلحة وذلك للعمل كستات شاى على أن يقمن نظير تلك التجهيزات بإعطائة (نصف الربح) بعد إستقطاع (المنصرفات) من فحم وشاى ولبن وبن وخلافه !!
- عليك الله ليك ساعة ترفع فى إيدينك وتأشر فى الهواء وتجمع وتتطرح وتتكلم براك عشان تقول ليا (ستات شاى) – مواصلة – أنا هسع قايلاك عاوز تفتح ليك (محل إتصالات) وإلا (سوبرماركت)
- يا وليه إنتى جنيتى .. محل إتصالات شنو ؟ وسوبرماركت شنو؟ هو القروش الفضلت من (الإستبدال) دى بتفتح ليها حاجات ذى دى ؟ ما أكلناها كلها !!
- لكن بس معقوله موظف ذيك قدر الدنيا تعمل ليك (شركة ستات شاى) ؟ هسع لو ولدك ده الأستاذ سألو قال ليهو أبوك شغال شنو يقول ليهو شنو؟
- اليقول ليهو (مستثمر) يعنى القاعدين يستثمرو فى (الشاورمة) والطعمية وراكبين عربات (إستثمار) ديل شنو؟ ثم يعنى إنتى عاوزانى أعمل شنو ؟؟
- خلاص وكت بقيت للحاجات الزى دى إشترى ليك ركشة؟
- ركشة شنو يا وليه؟ إنتى ما شايفا ناس الركشات قاعدين (يزازو) فى الشوارع كيف ؟ والحكومة ساكاهم؟ وتقطع فيهم فى الإيصالات ؟
- (فى سخرية) : هى يعنى الحكومة دى ما قاعده تسك (ستات الشاى) !؟
- لا بتسكهم لكن قاعدات يخارجن روحن !! – مواصلا- وبعدين إنتى ما عارفه ( الجدوى الإقتصادية) للمشروع ده ... ما تتكلمى ساكت!!
- (فى تهكم) : خلاص يعنى (مشروع النفرة الكبرى) !!
- شوفى (مشروع النفرة الكبرى) ده ما عملو ليهو دراسة جدوى (إقتصادية) ذى (مشروعى) ده !! وكمان ما تنسى أنا ح أوفر (عشرة فرص وظيفية) !!
- عليك الله خلينا من كلامك المقدد ده هى الحكومة الإسمها حكومة ما قادرة توفر ليها (عشرة فرص وظيفية) تقوم توفرها إنت بى مشروعك ده !!
- (فى إستنكار) : ليه (البنات) الأنا ح أجيبهم يعملو الشاى ديل ما ح أكون وفرت ليهم وظائف !!
- (فى سخرية) : خلاااص يا لجنه الإختيار للخدمة العامة !!
- (وهى تشير إليه محذرة) : هوووى هوووى يا عباس والله تلحق تعمل مشروعك المهبب ده إلا تستعوض اله فى قريشاتك ديل
لم يهتم (عباس) بحديث حرمه المصون والذى وصفه بأنه (مثبط للهمة) فهو يعتقد جازماً بأن المشروع ناجح تماما وأن أحداً من قبله لم يفكر فيه وأنه سوف يكون ذو عائد مجز فلو أن كل (ست شاى) أعطته فقط (عشرة ألف يومياً) - وذلك أقل بكثير مما توصلت إليه دراسة الجدوى الإقتصادية - لتحصل على دخل يومى يقدر بمية ألف جنيه وهو دخل من شأنه أن يوفر له حياة كريمة !!
خطوط عامة :
عكف عباس على وضع الخطوط العامة للمشروع والتى تمثلت فى الآتى :
1- تحديد الأماكن الإستراتيجية للبيع :
من أجل تحديد الأماكن ذات المبيعات العالية فقد قام (عباس) بعمل جولات (ماكوكية) شملت كل العاصمة كانت حصيلتها أن تيقن تماما بأن الأماكن ذات المبيعات العاليه تنحصر فى الآنى :
- أمام المستشفيات والمستوصفات الخاصة
- المناطق الصناعية
- برندات السوق
- أقسام الشرطة والجوازات والبطاقة
- الجامعات وأماكن الدراسة
- الكافتيريات
2- العنصر البشرى (العمالة) :
لم يتحير (عباس) فى مسألة إيجاد (العنصر البشرى) أى (الفتيات) اللواتى سوف يقمن بعمل الشاى فقد هداه تفكيره أن يقوم بالإستعانه بعوضية والتى هى (زبونته) الدائمة أمام المصلحة التى كان يعمل فيها ا فهى علاوة على أنه كان زبونا دائما لها فهو قد كان يحاسبها (أول بأول) ويحرص على تسديد (حسابها) دون تأخير ليس كما كان يفعل بقية الموظفين الذين كانو قد برعو فى مماطلتها .
3- مستلزمات المشروع :
قام عباس بتقسيم مستلزمات المشروع إلى قسمين أولهما (الأدوات) من (بنابر) و(كوانين) و(كبايات) وكفتيرات وخلافه والقسم الآخر هو (مدخلات الإنتاج) من سكر وشاى وبن ولبن وهبهان ومستكة وفحم وخلافه !! ولم يعر عباس مسألة (مدخلات الإنتاج) هذه أى إهتمام إذ أنه يعلم أن صديقه وزميل دراسته (بله) والذى يمتلك (دكانا) بسوق الإجمالى يمكنه أن يتعامل معه بالآجل !!
(الخبيرة) عوضية :
فوجئت (عوضية) بعباس وهو يجر أحد البنابر ويجلس قبالتها فى ذلك الصباح بينما كانت تقوم بتعبئة (كبابى) الشاى لزبائنها :
- ويييينك إنت يا (عباس) ؟ خلاص نسيتونا وبقيتو ناس (راحات)
- راحات وين يا (عوضية) هو فى زول يخلى (الشغل) وينزل (المعاش) فى البلد دى يرتاح !!
- إن شاء الله تكون لفيت ليك شغل تانى؟
- وييين يا (عوضيه) الناس الشايفاها لافه دى كلها ما لاقيا ليها شغل !!
- (وهى تسوط كباية القهوة وتقدمها له) :طيب ما تشغل قروش (المكافأة) الأدوكم ليها دى وتعمل ليك مشروع بيهم !!
- هم إنتى قايلاهم كم يا عوضية ؟ ما شويت ملاليم قعدنا ناكل فيهم لحدت ما قربو يكملو!!
- (فى إندهاش) : كملتهم يا عباس يا خوى ؟
- (وهو يرتشف من كباية القهوة ) : يعنى فضلت فيهم حاجه بسيطة !!
- خلاص أعمل ليك بيهم حاجه تجيب ليك قروش قبل ما تقرضهم !!
- (فى تردد) : والله أنا هسع جاييك فى الموضوع ده !!
وقام عباس بشرح الموضوع لعوضية والتى أبدت تجاوباً مع فكرته وإلتزمت له بتوفير عدد من (الفتيات) للعمل بالمشروع بعد أن قامت بإبداء وجهه نظرها (كخبيرة) فى بعض النقاط الهامة كالمواقع ونوع الخدمات وفى هذه الأخيرة فقد أوصته بأن يقوم بإضافة (خط إنتاج) آخر (للقيمات) حيث أنة مرغوب مع (شاى الصباح) علاوة على أن فيه (مكسب كبير) وقد تركها عباس بعد أن أخبرته بأنها سوف تقوم فور عودتها (للحلة) بتجنيد عدد من (الفتيات) وتجهيزهن للعمل تحت (إدارته) !!
بداية التنفيذ :
فى طريق عودته للمنزل قام عباس بالمرور على (عرقله) الحداد والذى يمتلك و(رشة حداده) فى الحى لصناعة كراسى الحديد والأبواب والشبابيك وخلافه :
- شنو يعنى يا استاذ (عباس) لا يوم جيتنا قلت عاوز ليك شباك ولا باب ولا دولاب وإلا إن شاء الله (كرسى) ساكت؟
- يا (عرقلة) شبابيك شنو وأبواب شنو ودواليب شنو؟ أمورنا كلها (معرقله) !!
- ودى يعنى زيارة للتحية والمجاملة يعنى؟
- والله قلنا تسلم عليك وبعدين عندى حاجات عاوز أسويها عندك !!
- سرائر؟
- لا لا ما سراير
- دواليب
- لا ما دواليب
- أصلو الموضوع إنى عاوز ليا
- (مقاطعا) : لا خلاص عرفت .. تكون عجبتك الشبابيك الخاتينها برة دى !!
- بالله يا (عرقلة) كدى أقيف دقيقه أشرح ليك – مواصلا- أنا عاوز ليا 100 بنبر
- (فى إندهاش) : ميت شنو؟
- ميت بنبر يا (عرقله)
- وتسوى بيهم شنو الميت بنبر ديل !!
- (وهو يفكر هنيهه ثم يجيب) : لا لا أصلو المدام عاوزة تعمل ليها (روضه) !!
- لكن (البنابر) دى (قعدتا) ما حارة على (الشفع) ديل ؟
- (فى إمتعاض) : يا عرقلة إنت (وزير التربية) ؟ حارة حارة مالك؟ كدى ورينى بتعملا بي كم
- إنت عاوزهم شكلهم كيف طيب؟
- (فى زهج) : ياخى هى (كيمياء) ما أى شكل يا عرقله!!
- لا يعنى عاوزهم كلهم يكونو شكل (قلب) وإلا (مربعات) وإلا (مدورات) !!
- ياخى أى حاجه الله يخليك إن شاء الله (متوازى أضلاع)!!
- أها حجمهم كيف .. طبعا كلهم (صغار) مش كده ؟
- لا ماكده خليهم (كبار) وكمان متينين –مواصلا- يعنى ممكن الزول الكبير يقعد فيهم !!
- ليه الخسارة دى ؟ ح يكلفوك كده يا أستاذ أكتر؟ - مواصلا- هم مش لى شفع روضه؟
- يا خى هم لى شفع روضة لكن إحتمال نقوم نقلبا بعد شوية (جامعة) !!
مع (بله) فى دكان (الجمله) :
دخل (عباس) دكان (بله) الممتلئ بالبضائع عن آخرة إلا مساحة صغيرة وضع عليها بلة مكتباً خشبياً صغيرا تلتصق بينه وبين الحائط (خزنه) حديدية ضخمة .. كان (بله) قد درس (الأولية) مع (عباس) إلا أنه قد فضل دخول السوق بينما واصل (عباس) دراسته ووصل إلى ما هو عليه .
- يا ولد جيب ليك (جبنه) لى عمك (عباس) ده
بعد أن إرتشف عباس (القهوة) ودردش قليلا مع (بله) وتذكرو عددا غير قليل من (أولاد الدفعة) تنحنح (عباس) وهو يحاول فتح الموضوع :
- تعرف يا بله أنا جاييك فى موضوع كده
- إن شاء الله خير
- لا خير .. أصلو ياخى إنت عارف الزمن العلينا ده الناس بقت (مفلسه) وعدمانه المليم والواحد لامن يموت ليهو زول راسو بينفتح وما يغرف يسوى شنو لأنو البكاء بقى عاوز ليهو (ملايين) عشان كده يا (بله) ياخوى ناس الحى عملو ليهم (جمعية) وعملونى الرئيس بتاعا .. يعنى يشيلو إشتراكات من (الأعضاء) ويشترو بيها (بنابر) أقصد (كراسى) وترابيز و(صيوانات) عشان المناسبات وخاصة (البكيات)
- لا والله كويس بالحيل
- أها فى البكيات البتجى بالغفلة دى الناس بتحتاج للشاى وللسكر وللبن و
- (بله متداخلاً) : والزيت والجبنه ..
- (فى غفلة وهو يواصل) : لا الزيت والجبنه ديل ما بحتاج ليهم
- كيف يا عباس ديل أهم حاجه فى (المناسبات) ؟
- (مستدركا) : لا أنا بقول إنو السكر والشاى واللبن والهبهان والجنزبيل والحاجات دى أهم !! – مواصلا- وكان إحتجنا للجبنة والزيت – (يتذكر عوضية وإقتراح اللقيمات) لا لا الزيت كمان مهم شديد يا بله !!
إنتهى لقاء عباس مع (بله) بتوقيع الأحرف الأولى من إتفاقية تموين مشروع (عباس) والتى نصت على أخذ كل ما تحتاجه (الجمعية) ممثلة فى (عباس) على أن يتم الدفع بعد إستلام قروش (الكشف) و إنتهاء (المناسبة) بأسبوع !!
عاد (عباس) منهكاً خائر القوى بعد تلك المشاوير المكوكية (عوضية – عرقلة – بله – سوق العدة) لكنه كان سعيدا بما حققه من خطوات عملية فى سبيل نجاح مشروعه الوليد .. بعد أن قام عباس بإنزال (الكوانين) والكفتيرات والملاعق وكراتين الكبابى وبقية (العدة) إلى داخل المنزل ومحاسبة (صاحب البوكس) إتجه داخلا حيث قابلته زوجته :
- شنو الكراتين الجايبا لينا دى ؟
- دى ما حاجات المشروع؟
- ومالك جاى مهدود كده التقول مشيت تتطلع ليك باسبورت !!
- والله مشيت الليلة عملت (إتصالاتى) كلها وظبطت ليك أى حاجه
- إتصالات شنوكمان ؟ بتعمل أصلك فى (مفاوضات)؟
- لا أنا بقصد ليكى الإتصالات الخاصة بالمشروع بتاع (الشاى)
- وستات الشاى ديل عاوزين ليهم إتصالات؟
- لا ما مشيت لى عوضية ست الشاى على اساس إنها (خبيرة) وكده
- (فى تهكم) : يعنى خبيرة فى (اليونسكو) ما الحاجه العارفاها دى أى زول بيكون عارفا
- ومشيت كمان لى (عرقلة الحداد) عشان يعمل لينا (البنابر) .. وبالمناسبة لو فى زول شاف (البنابر) دى وسألك قولى ليهو إنك عاوزه تعملى ليكى (روضه أطفال) !!
- والله إنت مسكين إنت من زمن الروضات بتاعت البنابر ؟ هسه الروضات كل شافع خاتين ليهو (الكمبيوتر) قدامو !!
- وكمان مشيت لى (بله) بتاع الجمله عشان مسألة الشاى و...
- (مقاطعة) أها بى مناسبة الشاى (أنبوبة الغاز) دى قطعت قوم أملاها لينا !!!
وبدأ المشروع :
بعد أن إكتملت كل عناصر ومعينات المشروع وتم تجهيزها قام (عباس) بالإتصال بموبايل (عوضية) حيث أوضح لها بأن كل شئ جاهز وما عليها إلا أن تقوم بتحديد (نقاط البيع) وتعيين (البائعات) وتحديد مكان كل واحده وقد تم الإتفاق على أن يقوم أن تقوم عوضية بإحضار (البنات) إلى مكان عملها فى اليوم التالى على أن يقوم عباس بإحضار كل المستلزمات فى (دفار) حتى يتم توزيعهن على نقاط البيع .
وبالفعل فقد قام (عباس) فى اليوم التالى وقبل أن شروق الشمس بإحضار (دفار) وضع عليه كل الأشياء من (بنابر) و(مناقد) وكراتين عده وكراتين شاى وأكياس سكر وأكياس بن وعلب هبهان وجنزبيل ونعناع وتوجه إلى حيث كانت عوضية بإنتظارة ومعها (الفتيات) اللواتى تم توزيعهن على نقاط البيع التى تم تحديدها بدقة بواسطة (الخبيرة) عوضية. ولم تنس عوضية وهى فى طريق عودتها مع عباس والمشروع فى بدايته أن توضح له وأن تثبت النقاط المهمة فى العقد الشفاهى المبرم مع (العمالة) التى قامت بإستقدامها :
- شوف يا أستاذ أنا البنات ديل إتفقت معاهن إنو يشتغلو ويطلعوا المنصرفات وبعدين يقسموا معاك بالنص والخاين الله يخونو
- ما بطال يا عوضية أنا ذاتى ما عاوز أكتر من كده
- وبعدين فى حاجة
- اللهيا شنو يا عوضية؟
- طبعا إنت موظف كبير وفى حقك ما كويس إنو تمشى تشيل منهم القروش هناك أو يجوك فى البيت يدوك ليها عشان ناس الحلة وكده !!
- كلامك صاح الناس تقول شنو؟
- عشان كده كلمتهن كل يوم خميس كل واحده تجيب ليا القروش بتاعتك هنا وأنا أديك ليها
إنت بس تعمل ليكا كراس لى كل واحده فيهم وتسجل الحساب بتاعا
-والله ما قصرتى يا عوضية .. والله أبدا ما نسيتى العشرة !!
- البنسى العشرة ده عاد ما (ما ود حلال) !!
سعدية جكس :
كان المشروع ناجحا بكل المقاييس .. يذهب (عباس) نهاية كل أسبوع إلى (عوضية) .. وبعد أن (يشرب قهوتو) تقوم عوضية بتسليمة ما أحضرته كل (بت) من (العشرة (بنات) .. يخرج الكراسة من جيبه .. يقوم بتسجيل المبلغ الذى قامت بتوريده كل (بنت) أمام إسمها ثم يودع (عوضية) عائدأ إلى منزله ولا ينسى أن يقوم بالدخول إلى السوق لملئ بعض الأكياس الخاصة بإحتياجات المنزل .
مرت عده أسابيع كانت فيهم (التوريده) ثابته تقريبا لكل (نقاط البيع) ما عدا تلك (النقاط) التى تتعرض للقفل لمدة يوم يومين بسبب الخوف من (الكشات) أو وقوعها فعلياً ثم تعود (التوريده) إلى سابق عهدها ، غير أن (عباس) قد لاحظ بأن أحدى نقاط البيع والتى تتولاها (سعديه جكس) تسجل إنخفاضا كبيرا فى المبيعات أسبوعا بعد آخر على الرغم من أن موقعها كما يتذكر حينما قام بعملية التوزيع يعد موقعا متفردا إذ أنه يقع بجانب (المستشفى) و(قسم الشرطه)
- يا عوضية تكونى لاحظتى البت (سعدية جكس) دى التوريده بتاعتا ليها كم أسبوع ماشة ناقصة
- والله يا عباس أنا القاعدين يدونى ليهو بجى بسلمو ليك فى إيدك
- أها يعنى فى الحاله دى أنا أعمل ليها شنو؟
- أمشى شوفا شغاله وإلا ما شغاله .. هى أنا سألتها قالت ليا اليومين دى الشغل كعب!!
من فوره ركب عباس إحدى (الركشات) وقام بالذهاب إلى الموقع حيث كانت (سعدية جكس) تجلس وأمامها عدة الشاى .. وقف بعيدا لمراقبة الموقف .. وبعد أكثر من ساعة مراقبة تأكد له تماما ان المشكلة تكمن فى ذلك (الشاب) مفتول العضلات الى يجلس منذ ساعة فى مواجهتها تماما دون أن يطلب طلبا واحداً ...
- ده شنو المقعداهو قدامك ده ؟ (وهو يشير للشخص الذى ما سمع ذلك حتى هب واقفا)
- مالك يا (هاج) ده يأنى (نزام) بتاأ (هركات) وإلا شنو
- هركات وإلا ما هركات شنو قاعد (متفن) قدام البت حاميها الشغل ؟
- وإنت مالك؟ مهلية ولا يأنى مباهث
- شوف بلا محلية بلا مباحث بلا قلت أدب قوم فج من هنا
كسرة :
يرقد الآن عباس بالحجرة رقم 212 بالمستشفى الإسلامى بالأردن الخاصة بإصابات الدماغ وقد كتب ممنوع الزيارة !!عليها : ممنوع الزيارة !![b/]
ممنوع الزيارة !![/b]
عدد الجمعة الموافق 8 يونيو 2007م
صحيفة الرأى العام
موقع الكاتب www.alfatihgabra.com
الأستاذ (عباس ) كان يعمل نائباً لمدير إحدى المصالح الحكومية وقد كان مثالاً لطهارة اليد حتى إذا ما بلغ السن القانونية للمعاش تمت إحالته ليجد نفسه وجها لوجه أمام (إقتصاد السوق الحر) مما جعلة يفكر فى (إستبدال) جزء من معاشه لإقامة مشروع صغير يدر علية بعض المال يساعده فى الإنفاق على أسرته الصغيرة . بعد تحانيس
تم الإستبدال و(قبض) عباس حفنة من الملايين بدأن تتقلص شيئاً فشئاً من أثر الصرف منها على مستلزمات الحياة لا سيما وانه لم يستطع إقامة أى مشروع كان بسبب تخوفه مما يجلبه عليه من أتاوات وجبايات وضرائب ونفايات وغيرة إلا أنه أخيراً وبعد أن لاحظ أن ما تبقى معه قد قارب على النفاذ بدأ فى التفكير فى مشروع قبا أن يصبح (أباطو والنجم) !!
- طيب لوقلنا (عشرين) وإلا أقول ليك (عشرة بس) ستات شاى .. الواحده بتبيع ليها فى اليوم ستين وإلا قول خمسين (كباية شاى بى لبن) وميت كباية شاى (ساده) وستين (فنجان قهوة) طيب خمسين فى ألف بى خمسين ألف زائد ميه فى تلتنيت جنية بى تلتين ألف زائد ستين فى خمسمية بى تلاتين ألف ... نجى نجمع خمسين وتلاتين وتلاتين يساووا ميه وعشرة ألف ... يبقى الدخل اليومى ميه وعشرة ألف نجى نطرح منهم المنصرفات ... قول فحم بى خمسة ألف وشاى بى ....
- سجمى يا راجل قاعد تتكلم براك وتأشر فى الهواء مالك ؟ جنيت !!
- جنيت شنو يا ولية ؟ والله أنا عندى ليكى مشروع .. مش يطلعنا من الفقر الأنحنا فيهو ده .. يخلينا طالعين فى الكفر !!
- كفر شنو ووتر شنو تلاقيهو مشروع مهبب عاوز تكمل بيهو باقى قروش (الإستبدال) دى !!
- لا لا ده مشروع إبن ستين كلب .. مشروع غير (العبد لله) مافيش زول فكر فيهو
وجلس (عباس) يشرح لزوجته الخطوط العامة للمشروع والتى تنبنى على توفير رأس المال وتجهيز (العدة) لعشر (بنات) تقوم بإختيارهم له (عوضية) التى كانت تبيع لهم الشاى فى المصلحة وذلك للعمل كستات شاى على أن يقمن نظير تلك التجهيزات بإعطائة (نصف الربح) بعد إستقطاع (المنصرفات) من فحم وشاى ولبن وبن وخلافه !!
- عليك الله ليك ساعة ترفع فى إيدينك وتأشر فى الهواء وتجمع وتتطرح وتتكلم براك عشان تقول ليا (ستات شاى) – مواصلة – أنا هسع قايلاك عاوز تفتح ليك (محل إتصالات) وإلا (سوبرماركت)
- يا وليه إنتى جنيتى .. محل إتصالات شنو ؟ وسوبرماركت شنو؟ هو القروش الفضلت من (الإستبدال) دى بتفتح ليها حاجات ذى دى ؟ ما أكلناها كلها !!
- لكن بس معقوله موظف ذيك قدر الدنيا تعمل ليك (شركة ستات شاى) ؟ هسع لو ولدك ده الأستاذ سألو قال ليهو أبوك شغال شنو يقول ليهو شنو؟
- اليقول ليهو (مستثمر) يعنى القاعدين يستثمرو فى (الشاورمة) والطعمية وراكبين عربات (إستثمار) ديل شنو؟ ثم يعنى إنتى عاوزانى أعمل شنو ؟؟
- خلاص وكت بقيت للحاجات الزى دى إشترى ليك ركشة؟
- ركشة شنو يا وليه؟ إنتى ما شايفا ناس الركشات قاعدين (يزازو) فى الشوارع كيف ؟ والحكومة ساكاهم؟ وتقطع فيهم فى الإيصالات ؟
- (فى سخرية) : هى يعنى الحكومة دى ما قاعده تسك (ستات الشاى) !؟
- لا بتسكهم لكن قاعدات يخارجن روحن !! – مواصلا- وبعدين إنتى ما عارفه ( الجدوى الإقتصادية) للمشروع ده ... ما تتكلمى ساكت!!
- (فى تهكم) : خلاص يعنى (مشروع النفرة الكبرى) !!
- شوفى (مشروع النفرة الكبرى) ده ما عملو ليهو دراسة جدوى (إقتصادية) ذى (مشروعى) ده !! وكمان ما تنسى أنا ح أوفر (عشرة فرص وظيفية) !!
- عليك الله خلينا من كلامك المقدد ده هى الحكومة الإسمها حكومة ما قادرة توفر ليها (عشرة فرص وظيفية) تقوم توفرها إنت بى مشروعك ده !!
- (فى إستنكار) : ليه (البنات) الأنا ح أجيبهم يعملو الشاى ديل ما ح أكون وفرت ليهم وظائف !!
- (فى سخرية) : خلاااص يا لجنه الإختيار للخدمة العامة !!
- (وهى تشير إليه محذرة) : هوووى هوووى يا عباس والله تلحق تعمل مشروعك المهبب ده إلا تستعوض اله فى قريشاتك ديل
لم يهتم (عباس) بحديث حرمه المصون والذى وصفه بأنه (مثبط للهمة) فهو يعتقد جازماً بأن المشروع ناجح تماما وأن أحداً من قبله لم يفكر فيه وأنه سوف يكون ذو عائد مجز فلو أن كل (ست شاى) أعطته فقط (عشرة ألف يومياً) - وذلك أقل بكثير مما توصلت إليه دراسة الجدوى الإقتصادية - لتحصل على دخل يومى يقدر بمية ألف جنيه وهو دخل من شأنه أن يوفر له حياة كريمة !!
خطوط عامة :
عكف عباس على وضع الخطوط العامة للمشروع والتى تمثلت فى الآتى :
1- تحديد الأماكن الإستراتيجية للبيع :
من أجل تحديد الأماكن ذات المبيعات العالية فقد قام (عباس) بعمل جولات (ماكوكية) شملت كل العاصمة كانت حصيلتها أن تيقن تماما بأن الأماكن ذات المبيعات العاليه تنحصر فى الآنى :
- أمام المستشفيات والمستوصفات الخاصة
- المناطق الصناعية
- برندات السوق
- أقسام الشرطة والجوازات والبطاقة
- الجامعات وأماكن الدراسة
- الكافتيريات
2- العنصر البشرى (العمالة) :
لم يتحير (عباس) فى مسألة إيجاد (العنصر البشرى) أى (الفتيات) اللواتى سوف يقمن بعمل الشاى فقد هداه تفكيره أن يقوم بالإستعانه بعوضية والتى هى (زبونته) الدائمة أمام المصلحة التى كان يعمل فيها ا فهى علاوة على أنه كان زبونا دائما لها فهو قد كان يحاسبها (أول بأول) ويحرص على تسديد (حسابها) دون تأخير ليس كما كان يفعل بقية الموظفين الذين كانو قد برعو فى مماطلتها .
3- مستلزمات المشروع :
قام عباس بتقسيم مستلزمات المشروع إلى قسمين أولهما (الأدوات) من (بنابر) و(كوانين) و(كبايات) وكفتيرات وخلافه والقسم الآخر هو (مدخلات الإنتاج) من سكر وشاى وبن ولبن وهبهان ومستكة وفحم وخلافه !! ولم يعر عباس مسألة (مدخلات الإنتاج) هذه أى إهتمام إذ أنه يعلم أن صديقه وزميل دراسته (بله) والذى يمتلك (دكانا) بسوق الإجمالى يمكنه أن يتعامل معه بالآجل !!
(الخبيرة) عوضية :
فوجئت (عوضية) بعباس وهو يجر أحد البنابر ويجلس قبالتها فى ذلك الصباح بينما كانت تقوم بتعبئة (كبابى) الشاى لزبائنها :
- ويييينك إنت يا (عباس) ؟ خلاص نسيتونا وبقيتو ناس (راحات)
- راحات وين يا (عوضية) هو فى زول يخلى (الشغل) وينزل (المعاش) فى البلد دى يرتاح !!
- إن شاء الله تكون لفيت ليك شغل تانى؟
- وييين يا (عوضيه) الناس الشايفاها لافه دى كلها ما لاقيا ليها شغل !!
- (وهى تسوط كباية القهوة وتقدمها له) :طيب ما تشغل قروش (المكافأة) الأدوكم ليها دى وتعمل ليك مشروع بيهم !!
- هم إنتى قايلاهم كم يا عوضية ؟ ما شويت ملاليم قعدنا ناكل فيهم لحدت ما قربو يكملو!!
- (فى إندهاش) : كملتهم يا عباس يا خوى ؟
- (وهو يرتشف من كباية القهوة ) : يعنى فضلت فيهم حاجه بسيطة !!
- خلاص أعمل ليك بيهم حاجه تجيب ليك قروش قبل ما تقرضهم !!
- (فى تردد) : والله أنا هسع جاييك فى الموضوع ده !!
وقام عباس بشرح الموضوع لعوضية والتى أبدت تجاوباً مع فكرته وإلتزمت له بتوفير عدد من (الفتيات) للعمل بالمشروع بعد أن قامت بإبداء وجهه نظرها (كخبيرة) فى بعض النقاط الهامة كالمواقع ونوع الخدمات وفى هذه الأخيرة فقد أوصته بأن يقوم بإضافة (خط إنتاج) آخر (للقيمات) حيث أنة مرغوب مع (شاى الصباح) علاوة على أن فيه (مكسب كبير) وقد تركها عباس بعد أن أخبرته بأنها سوف تقوم فور عودتها (للحلة) بتجنيد عدد من (الفتيات) وتجهيزهن للعمل تحت (إدارته) !!
بداية التنفيذ :
فى طريق عودته للمنزل قام عباس بالمرور على (عرقله) الحداد والذى يمتلك و(رشة حداده) فى الحى لصناعة كراسى الحديد والأبواب والشبابيك وخلافه :
- شنو يعنى يا استاذ (عباس) لا يوم جيتنا قلت عاوز ليك شباك ولا باب ولا دولاب وإلا إن شاء الله (كرسى) ساكت؟
- يا (عرقلة) شبابيك شنو وأبواب شنو ودواليب شنو؟ أمورنا كلها (معرقله) !!
- ودى يعنى زيارة للتحية والمجاملة يعنى؟
- والله قلنا تسلم عليك وبعدين عندى حاجات عاوز أسويها عندك !!
- سرائر؟
- لا لا ما سراير
- دواليب
- لا ما دواليب
- أصلو الموضوع إنى عاوز ليا
- (مقاطعا) : لا خلاص عرفت .. تكون عجبتك الشبابيك الخاتينها برة دى !!
- بالله يا (عرقلة) كدى أقيف دقيقه أشرح ليك – مواصلا- أنا عاوز ليا 100 بنبر
- (فى إندهاش) : ميت شنو؟
- ميت بنبر يا (عرقله)
- وتسوى بيهم شنو الميت بنبر ديل !!
- (وهو يفكر هنيهه ثم يجيب) : لا لا أصلو المدام عاوزة تعمل ليها (روضه) !!
- لكن (البنابر) دى (قعدتا) ما حارة على (الشفع) ديل ؟
- (فى إمتعاض) : يا عرقلة إنت (وزير التربية) ؟ حارة حارة مالك؟ كدى ورينى بتعملا بي كم
- إنت عاوزهم شكلهم كيف طيب؟
- (فى زهج) : ياخى هى (كيمياء) ما أى شكل يا عرقله!!
- لا يعنى عاوزهم كلهم يكونو شكل (قلب) وإلا (مربعات) وإلا (مدورات) !!
- ياخى أى حاجه الله يخليك إن شاء الله (متوازى أضلاع)!!
- أها حجمهم كيف .. طبعا كلهم (صغار) مش كده ؟
- لا ماكده خليهم (كبار) وكمان متينين –مواصلا- يعنى ممكن الزول الكبير يقعد فيهم !!
- ليه الخسارة دى ؟ ح يكلفوك كده يا أستاذ أكتر؟ - مواصلا- هم مش لى شفع روضه؟
- يا خى هم لى شفع روضة لكن إحتمال نقوم نقلبا بعد شوية (جامعة) !!
مع (بله) فى دكان (الجمله) :
دخل (عباس) دكان (بله) الممتلئ بالبضائع عن آخرة إلا مساحة صغيرة وضع عليها بلة مكتباً خشبياً صغيرا تلتصق بينه وبين الحائط (خزنه) حديدية ضخمة .. كان (بله) قد درس (الأولية) مع (عباس) إلا أنه قد فضل دخول السوق بينما واصل (عباس) دراسته ووصل إلى ما هو عليه .
- يا ولد جيب ليك (جبنه) لى عمك (عباس) ده
بعد أن إرتشف عباس (القهوة) ودردش قليلا مع (بله) وتذكرو عددا غير قليل من (أولاد الدفعة) تنحنح (عباس) وهو يحاول فتح الموضوع :
- تعرف يا بله أنا جاييك فى موضوع كده
- إن شاء الله خير
- لا خير .. أصلو ياخى إنت عارف الزمن العلينا ده الناس بقت (مفلسه) وعدمانه المليم والواحد لامن يموت ليهو زول راسو بينفتح وما يغرف يسوى شنو لأنو البكاء بقى عاوز ليهو (ملايين) عشان كده يا (بله) ياخوى ناس الحى عملو ليهم (جمعية) وعملونى الرئيس بتاعا .. يعنى يشيلو إشتراكات من (الأعضاء) ويشترو بيها (بنابر) أقصد (كراسى) وترابيز و(صيوانات) عشان المناسبات وخاصة (البكيات)
- لا والله كويس بالحيل
- أها فى البكيات البتجى بالغفلة دى الناس بتحتاج للشاى وللسكر وللبن و
- (بله متداخلاً) : والزيت والجبنه ..
- (فى غفلة وهو يواصل) : لا الزيت والجبنه ديل ما بحتاج ليهم
- كيف يا عباس ديل أهم حاجه فى (المناسبات) ؟
- (مستدركا) : لا أنا بقول إنو السكر والشاى واللبن والهبهان والجنزبيل والحاجات دى أهم !! – مواصلا- وكان إحتجنا للجبنة والزيت – (يتذكر عوضية وإقتراح اللقيمات) لا لا الزيت كمان مهم شديد يا بله !!
إنتهى لقاء عباس مع (بله) بتوقيع الأحرف الأولى من إتفاقية تموين مشروع (عباس) والتى نصت على أخذ كل ما تحتاجه (الجمعية) ممثلة فى (عباس) على أن يتم الدفع بعد إستلام قروش (الكشف) و إنتهاء (المناسبة) بأسبوع !!
عاد (عباس) منهكاً خائر القوى بعد تلك المشاوير المكوكية (عوضية – عرقلة – بله – سوق العدة) لكنه كان سعيدا بما حققه من خطوات عملية فى سبيل نجاح مشروعه الوليد .. بعد أن قام عباس بإنزال (الكوانين) والكفتيرات والملاعق وكراتين الكبابى وبقية (العدة) إلى داخل المنزل ومحاسبة (صاحب البوكس) إتجه داخلا حيث قابلته زوجته :
- شنو الكراتين الجايبا لينا دى ؟
- دى ما حاجات المشروع؟
- ومالك جاى مهدود كده التقول مشيت تتطلع ليك باسبورت !!
- والله مشيت الليلة عملت (إتصالاتى) كلها وظبطت ليك أى حاجه
- إتصالات شنوكمان ؟ بتعمل أصلك فى (مفاوضات)؟
- لا أنا بقصد ليكى الإتصالات الخاصة بالمشروع بتاع (الشاى)
- وستات الشاى ديل عاوزين ليهم إتصالات؟
- لا ما مشيت لى عوضية ست الشاى على اساس إنها (خبيرة) وكده
- (فى تهكم) : يعنى خبيرة فى (اليونسكو) ما الحاجه العارفاها دى أى زول بيكون عارفا
- ومشيت كمان لى (عرقلة الحداد) عشان يعمل لينا (البنابر) .. وبالمناسبة لو فى زول شاف (البنابر) دى وسألك قولى ليهو إنك عاوزه تعملى ليكى (روضه أطفال) !!
- والله إنت مسكين إنت من زمن الروضات بتاعت البنابر ؟ هسه الروضات كل شافع خاتين ليهو (الكمبيوتر) قدامو !!
- وكمان مشيت لى (بله) بتاع الجمله عشان مسألة الشاى و...
- (مقاطعة) أها بى مناسبة الشاى (أنبوبة الغاز) دى قطعت قوم أملاها لينا !!!
وبدأ المشروع :
بعد أن إكتملت كل عناصر ومعينات المشروع وتم تجهيزها قام (عباس) بالإتصال بموبايل (عوضية) حيث أوضح لها بأن كل شئ جاهز وما عليها إلا أن تقوم بتحديد (نقاط البيع) وتعيين (البائعات) وتحديد مكان كل واحده وقد تم الإتفاق على أن يقوم أن تقوم عوضية بإحضار (البنات) إلى مكان عملها فى اليوم التالى على أن يقوم عباس بإحضار كل المستلزمات فى (دفار) حتى يتم توزيعهن على نقاط البيع .
وبالفعل فقد قام (عباس) فى اليوم التالى وقبل أن شروق الشمس بإحضار (دفار) وضع عليه كل الأشياء من (بنابر) و(مناقد) وكراتين عده وكراتين شاى وأكياس سكر وأكياس بن وعلب هبهان وجنزبيل ونعناع وتوجه إلى حيث كانت عوضية بإنتظارة ومعها (الفتيات) اللواتى تم توزيعهن على نقاط البيع التى تم تحديدها بدقة بواسطة (الخبيرة) عوضية. ولم تنس عوضية وهى فى طريق عودتها مع عباس والمشروع فى بدايته أن توضح له وأن تثبت النقاط المهمة فى العقد الشفاهى المبرم مع (العمالة) التى قامت بإستقدامها :
- شوف يا أستاذ أنا البنات ديل إتفقت معاهن إنو يشتغلو ويطلعوا المنصرفات وبعدين يقسموا معاك بالنص والخاين الله يخونو
- ما بطال يا عوضية أنا ذاتى ما عاوز أكتر من كده
- وبعدين فى حاجة
- اللهيا شنو يا عوضية؟
- طبعا إنت موظف كبير وفى حقك ما كويس إنو تمشى تشيل منهم القروش هناك أو يجوك فى البيت يدوك ليها عشان ناس الحلة وكده !!
- كلامك صاح الناس تقول شنو؟
- عشان كده كلمتهن كل يوم خميس كل واحده تجيب ليا القروش بتاعتك هنا وأنا أديك ليها
إنت بس تعمل ليكا كراس لى كل واحده فيهم وتسجل الحساب بتاعا
-والله ما قصرتى يا عوضية .. والله أبدا ما نسيتى العشرة !!
- البنسى العشرة ده عاد ما (ما ود حلال) !!
سعدية جكس :
كان المشروع ناجحا بكل المقاييس .. يذهب (عباس) نهاية كل أسبوع إلى (عوضية) .. وبعد أن (يشرب قهوتو) تقوم عوضية بتسليمة ما أحضرته كل (بت) من (العشرة (بنات) .. يخرج الكراسة من جيبه .. يقوم بتسجيل المبلغ الذى قامت بتوريده كل (بنت) أمام إسمها ثم يودع (عوضية) عائدأ إلى منزله ولا ينسى أن يقوم بالدخول إلى السوق لملئ بعض الأكياس الخاصة بإحتياجات المنزل .
مرت عده أسابيع كانت فيهم (التوريده) ثابته تقريبا لكل (نقاط البيع) ما عدا تلك (النقاط) التى تتعرض للقفل لمدة يوم يومين بسبب الخوف من (الكشات) أو وقوعها فعلياً ثم تعود (التوريده) إلى سابق عهدها ، غير أن (عباس) قد لاحظ بأن أحدى نقاط البيع والتى تتولاها (سعديه جكس) تسجل إنخفاضا كبيرا فى المبيعات أسبوعا بعد آخر على الرغم من أن موقعها كما يتذكر حينما قام بعملية التوزيع يعد موقعا متفردا إذ أنه يقع بجانب (المستشفى) و(قسم الشرطه)
- يا عوضية تكونى لاحظتى البت (سعدية جكس) دى التوريده بتاعتا ليها كم أسبوع ماشة ناقصة
- والله يا عباس أنا القاعدين يدونى ليهو بجى بسلمو ليك فى إيدك
- أها يعنى فى الحاله دى أنا أعمل ليها شنو؟
- أمشى شوفا شغاله وإلا ما شغاله .. هى أنا سألتها قالت ليا اليومين دى الشغل كعب!!
من فوره ركب عباس إحدى (الركشات) وقام بالذهاب إلى الموقع حيث كانت (سعدية جكس) تجلس وأمامها عدة الشاى .. وقف بعيدا لمراقبة الموقف .. وبعد أكثر من ساعة مراقبة تأكد له تماما ان المشكلة تكمن فى ذلك (الشاب) مفتول العضلات الى يجلس منذ ساعة فى مواجهتها تماما دون أن يطلب طلبا واحداً ...
- ده شنو المقعداهو قدامك ده ؟ (وهو يشير للشخص الذى ما سمع ذلك حتى هب واقفا)
- مالك يا (هاج) ده يأنى (نزام) بتاأ (هركات) وإلا شنو
- هركات وإلا ما هركات شنو قاعد (متفن) قدام البت حاميها الشغل ؟
- وإنت مالك؟ مهلية ولا يأنى مباهث
- شوف بلا محلية بلا مباحث بلا قلت أدب قوم فج من هنا
كسرة :
يرقد الآن عباس بالحجرة رقم 212 بالمستشفى الإسلامى بالأردن الخاصة بإصابات الدماغ وقد كتب ممنوع الزيارة !!عليها : ممنوع الزيارة !![b/]
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
[b]دكاتره ...كده [/b]::
صحيفة الرأى العام
الجمعة الموافق 15 يونيو 2007
موقع الكاتب : www.alfatihgabra.com
المكان : غرفة قسم الحوادث بأحدى المستشفيات (الحكومية) بجمهورية (الأمازون) وتحديدا فى العاصمة (أمازونيا)
الزمان : الساعة 12 منتصف ليل الخميس ( أى خميس)
الكادر : 4 أطباء حديثى التخرج يعملون فى (نبطشية) الليل ( هيثم ، تامر ، رندا ، هاله)
على الرغم من أن (الدنيا آخر ليل) إلا أن المستشفى وخاصة قسم (الحوادث) يعج بالمرضى والمرافقين والذين إصيبو فى حوادث مختلفة ، يدخل مجموعة من (الناس) يبدو أنهم من عائلة واحدة وهم يضعون شاباً على (نقاله) قالت إحدى السيدات وهى تمسح الدمع من عينها تخاطب (دكتور هيثم) :
- والله (عماد) أخوى ده عندو (نفسيات) ليهو مده عشان إتخرج ليهو (عشرة سنين) وما لاقى ليهو شغل .. والليلة دخلنا أوضتو لقيناهو حاول ينتحر !!
- حاول ينتحر بى شنو؟
- والله ما عارفنو بس لقيناهو كاضم جنس (الكضمة) دى !!
- طيب بس لو سمحتو تطلعوهو معانا فى (الكنبة) بتاعت الكشف دى عشان نكشف عليهو ؟
- (بعد أن تم وضع المريض) : خلاص بالله لوسمحتو بس زحوا لينا شويه من هنا
ثم بعد أن زح أهل المريض وقفت (مجموعة الأطباء) حوله :
- هسع (الشاب) ده نفوقو كيف؟ مفروض نعمل ليهو طبعا أول حاجه resuscitation (يعنى إعادتو لوضعو الطبيعى) !!
- يعنى كيف نرشو بى موية بارده ولا نشممو بصلة؟
- دقيقة النتذكر .. فى حاجه كده بسووها فى الحالات دى أدونا ليها فى سميستر 8 ... و
- أنا ذاتى كنت متذكراها والله !!
- أنا بفتكر إنو نكسب الزمن ونتصل بى دكتور (كمال) الإستشارى
يمسك (هيثم) بالموبايل ويتصل :
- آلو دكتور كمال ... إن شاء الله كويس يا دكتور
- الحمد لله ..(منزعجاً) معاى منو؟ فى شنو؟
- لا مافى حاجه يا دكتور .. معاك دكتور هيثم (الطبيب المناوب) فى قسم الحوادث
- إن شاء خير فى شنو عندكم؟
- والله يا دكتور عندنا حاله كده ما قدرنا نتعامل معاها
- حالت شنو يعنى؟
- والله يا دكتور عندنا مريض جابوهو لينا (كاضم) .. قالو كان عاوز ينتحر !!
- عاوز ينتحر بى شنو؟ صبغة؟ حبوب؟ شنو؟
- والله أهلو قالو بس كان عندو (نفسيات)
- ما طبعا عاوز ينتحر أكيد عندو (مشاكل ونفسيات) أنا بسأل عن طريقه محاولت الإنتحار كانت شنو؟
- والله يا دكتور مافى زول عارف!
- طيب ما تعملو ليهو (ريسسيتإيشن) resuscitation
- يا دكتور نحنا (الريسسيتإيشن) ده عارفنو لاكين بسووهو كيف؟
- معقولة إنتو ما عارفين تعملو للمريض (resuscitation) ؟ إنتو درستو فى الكلية شنو؟
- لكن يا دكتورالكلام ده درسناهو قبل 4 سنين عاوزنا نتذكرو هسع ؟
- طيب خلاص اعملو ليهو CPR ولا كمان ما عارفنها برضو؟
- هو أنخنا عرفنا ديك يا دكتور عشان نعرف دى ؟ كدى دقيقه يا دكتور
يلتفت إلى (هاله) هامسا :
- إنتى يا دكتورة (هالة) بتعرفى تعملى CPR
- دى مش بتاعت الزول (يضغطو) ليهو (صدرو) ويعملو ليهو (تنفس) ديك !!؟
- هو يعنى أنا عارف ؟؟ كدى نسأل ونتأكد من دكتور (كمال)
يمسك بالموبايل مجددا :
- يا دكتور والله ذى الإتذكرتها ، الـ CPR دى مش بتاعت الزول (يضغطو) ليهو (صدرو) ويعملو ليهو (تنفس) ديك !!؟
- أيوااا عليك نور
- طيب يا دكتور خلاص شكرن ليك كتير !!
(هيثم) يلتفت نحو البقية :
- يلا خلاص نعمل للشاب ده الـ CPR القالا دكتور (كمال) دى !!
- إنتى يا دكتورة (رندا) أمسكى (الضغط) وإنتى يا دكتورة (هاله) أضغطى على (الصدر) وإنت يا دكتور (تامر) دخل ليهو الأنبوبة
- وإنت سعادتك ح تقعد متفرج مش كده ؟
- لا أنا ح أمشى أجيب ليا ليهو مهدئ !!
(تامر) يحاول إدخال الانبوب فى فم المريض وينفخ وفى كل مرة يكتشف أنه ينفخ فى (المعده) وليس (القصبة الهوائية) فيخاطب (رندا) :
- كدى بالله أمسكى ليا حنك الزول ده كلما أمسكو (يتزلق) منى - ثم فى ضجر- هو بالله ما لقى يحاول ينتحر إلا فى (نبطشيتنا) دى !!
- أها كده يا (رندا) الأنبوبة دخلت .. كدى يا (هاله) أمسكى ليهو (النبض) شوفيهو ح يطلع كم؟
- لكن يا (تامر) أنا ما بتذكر الطريقه البيقيسو بيها (النبض) .. غايتو بتذكر إنو فى طريقه كده الزول بيعرف بيها إنو (الدقيقه) أنتهت .. حاجه كده ذى.. ون.. تو .. ون .. تو .. ون .. تو
-(فى تبرم) : إنتى قايله نفسك فى إختبار ما تعملى أى حاجه وتخلصينا !!
- عليكى الله يا (رندا) بتتذكرى زمان قالو لينا لمن نجى ناخد (النبض) بنقول شنو؟ - أفتكر إنو مفروض (تدقى) التربيزه كده (وهى تشرح لها عملياً) : .. ون ..طق .. إتنين ... طق ... تلاته .. طق لحدتما تحصلى (60 طق) تكون الدقيقه كملت !!
- (فى تبرم شديد) : طق .. بق ... بس خلصونا !!! - ثم فى زهج- هو بالله الزول ده ما لقى يحاول ينتحر إلا فى (نبطشيتنا) دى !!
فى هذه الأثناء يدخل (هيثم) يحمل فى يده (حقنه) :
- زحو زحو يا شباب .. أنا ح (اصحيهو ليكم) أنا جبت ليهو حقنت بيثيديين pethedine ..
-(الممرضه تلحق به) : لا.. لا .. يا دكتور
- مالك فى شنو؟
- (البيثيديين) ده يا دكتور )مسكن للألم( وهو يا دكتور ما عندو ألم هو عندو (كوما) دلوقتى
- يعنى شنو؟
- يعنى الزول ده كده ما محتاج هسع لى (البيثيديين) ده وإحتمال يعمل ليهو (مضاعفات) عشان هو فاقد الوعى !
- والله الممرضه دى شكلها كده فاهمة ِأكتر مننا حقو نخلى ليها الكيس case ده يا (هيثم)
ونخارج روحنا من الموضوع
- على كيفكم خلوهو ليها
- (يلتفت للممرضه) : خلاص أنا ما ح أديهو حقنت (البيثيديين) إنتى شوفى تديهو شنو؟
- خلاص يا دكتور أكتب ليهو أدميشن (تنويم) عشان نوديهو نرقدو فى العنبر بعدين
(فى هذه الأثناء يدخل شرطى وهو يمسك فى يده ببعض الأوراق) :
- الزول العاوز ينتحر ده جاكم هنا !!
- يجينا كيف يعنى وهو كان عاوز ينتحر؟
- لا أنا بقصد جابوهو ليكم هنا
- أيوه
- طيب ليه ما حولتوهو لينا عشان نعمل ليهو أورنيك 8
- نحول ليهو شنو ؟ هو كاضم وفى غيبوبة !!
- خلاص لمن يصحى نحنا عاوزنو عشان نفتح ليهو (بلاغ إنتحار) !!
الساعه الواحدة والنصف :
يدخل شاب فى العشرين من العمر وهو يتكئ على رفيقه وما أن يصل إلى حيث يجلس دكتور (هيثم) حتى يبادره :
- لو سمحت يا دكتور أنا عندى جرح فى رجلى وجيت أمبارح هنا لقيت الدكتور الكان (مناوب) أمبارح وقام طهر لي الجرح وأدانى حقنة ولف ليا الجرح بى قطن وشاش وقال ليا تعال لينا بكرة عشان نغير ليك ونديك حقنة تانى
- طيب أنادخلني شنو؟ انا قلت ليك تعال يعني
- لا ما هو أصلو الـ
- عارف عارف عاوز تقول ليا الدكتور الأمبارح وشنو وشنو مش كده ؟ بس أنا بفتكر بدل التلتلة دى والتعب ده كان تمشى أى مستوصف من المستوصفات الكتيرة المالية الدنيا دى يغيرو ليك ويدوك الحقنه !!
- لا أنا جيت هنا عشان عندكم قسم للسكرى!!
- والسكرى دخلو شنو؟
- ما لأنو أنا عندى سكرى !!
(هيثم ينادى البقية .. يقفون حوله فى شكل دائرة يتهامسون ثم يتجه هيثم للشاب مرة أخرى ) :
- كدى ورينا الجرح ده (يفك الشاب الأربضة والشاش ويريه الجرح)
- عندك (سكرى) ومجروح قدر ده ؟ ما بالغت عاد لكن؟
- هسع يعنى نعمل ليك شنو؟
- حقو نتصل فى دكتور (كمال) الإستشارى
- ح يكون نائم يا (هيثم) ح تزعجو ساكت !!
- طيب نسوى شنو؟ ما لازم نتصرف ؟
- قول ليهو تعال لينا باكر !!
- (يلتفت إلى المريض آخذاً بنصيحة رندا) : لو ممكن بس تجينا بكرة ؟
- أجيكم بكرة دى شنو أنا عاوز (أفصل بنطلون)؟ ما تغيرو ليا وتدونى (الحقنة) هسع وتخلونى أمشى
- لكن ..
- لكن شنو هى عمليت (قلب مفتوح) ما نضافة وحقنة !
- طيب بس ممكن دقيقه ؟ - ثم يلتفت نحو البقية - :
- شوفو يا شباب أنا أول مره أشوف ليا مريض سكرى عندو جرح وما إتعاملت مع case ذى ده قبل كده و
- والله أنا ذاتى !! لكن بفتكر مفروض نعمل ليهو CPR
- أنا بفتكر قبلما نعمل ليهو CPR حقو نتصل بى دكتور (كمال) الأستشارى
( يمسك بالموبايل ويتصل ) : معاك دكتور هيثم يا دكتور
-أهلا
- والله يادكتور اولا اسفين على الازعاج
- لا مافى ازعاج دى الساعة لسه (بدرى) بعد (نص الليل)
- يادكتور والله الحقيقة جانا مريض بيقول انجرح امبارح وجا هنا وعملو ليهو نضافة وأدوهو حقنه مع ملاحظة إنو عندو سكرى !
- وإنتو عملتو ليهو شنو؟
- والله يا دكتور لسه ما عملنا ليهو حاجه لكن قلنا نشوف رائك عشان عاوزين نعمل ليهو CPR ؟؟
-(يهتاج) : معقوله بس ؟؟ الراجل جاييكم بى كرعينو لحدت عندكم تعملو ليهو CPR ؟؟
- يعنى ما نعملا ؟
- أكيد !!
- (هيثم يضع الموبايل فى جيبه ويخاطب تامر) :
- هسع يا (تمورى) -إسم الدلع- نعمل للزول ده شنو؟
- (تامر يلتفت للمريض) :
- إنت يا أبو الشباب امس كنت (واعى) لمن جيت للحوادث هنا؟
- أيوه (واعى) يعنى جيت (سكران) ؟
- لا ما اقصد كده؟ يعني شفتهم وسمعتهم وهم بيعالجو فيك ؟؟
- أيوه طبعاً
- حلو .. حلو جداً
- (فى إستغراب): هو شنو الحلو؟
- حلو لأنو أكيد تكون سمعت الدكتور قال ليك عندك شنو؟
- كيف يعنى ؟
- لا.. لا خلاص إتذكرت (مخاطباً هيثم):
- إنت يا (هيثومى) شنو إسم المرض البجى مع الجروح لمن تكون (وسخانه) وما نضيفة وكده ؟ - مواصلا- تتذكر أدانا ليهو (بروفيسور سعيد) فى سميستر 6 !!
- أيوه بتذكر إسمو إسمو ... أيواا لقيتو !! إسمو (الكزاز) !!
- نو .. نو.. نو.. أنا عاوزو (إن إنجلش) - يعنى بالإنجليزى- !!
- دقيقه إتذكرو ليك ... حاجه كده ذى (تايتانيك) !! أيواا إفتكر حاجه كده آخراها (أوس) أتيااتيتوس تيانييييكوس ... تيتانيسيس ... أيواا ... عرفتو ... إسمو (تيتانوس)
- طيب بتتذكر علاجو شنو ؟
- شنو البعرفنى؟؟ يعنى عاوزنى أعلرف إسمو وكمان أعرف ليك علاجو ؟
- أكيد غايتو يكون مضاد حيوى .. بس ما متأكد
- أها يعنى هسع نعمل شنو؟
(هيثم وهويلتفت للمريض) :
- شوف يا أبو الشباب إنت امس شفتهم وهم بيدو فيك الحقنه ... صاح؟؟
- صاح
- جميل .. طيب تعال معايا (ياخذه لدولاب الادويه) : مابتتذكر أدوك ياتو نوع من الحقن دى؟؟ كدى حاول تتذكر على مهلك نحنا ما ورانا حاجه
- (فى زهج) : لكن انا الوراى حاجه .. هو ده طب ولا (شختك بختك) .. خلونا بالله دكاترة آخر زمن .. مع السلامه !!
الساعه 2 وربع :
الممرضة تجرى داخلة يا دكتور حصل دكتورة (منال) بتاعت (النساء والولاده) على التلفون .. يذهب (هيثم) ليكلمها على (التلفون الثابت) ثم يعود بعد دقائق :
- يا شباب دكتورة (منال) بتقول عندها حاله مريضة انخفض ضغطها الى 50/120 وعاوزة واحد مننا يمشى ليها فى العنبر الراقده فيهو عشان يكشف عليها لأنها هى مشت البيت الليلة بدرى عشان عندها ظرف - متسائلاً - أها منو اليمشى يشوف المريضة دى؟
-(كلهم بصوت واحد) : أمشى إنت!!
-أنا شنو ؟ والله أنا ما بكره ألا قسم (الجاينا) - يعنى النساء والولاده- !! - مواصلا- أمشى إنت يا (تامر) !!
- والله أنا (الجاينا) دى نجحت فيها يا الله يا الله !! بعد ما روحى طلعت !! شوفو ليكم زول تانى !! -مواصلاً - أنا بفتكر طالما القصة قصة (جاينا ونسوان) وكده حقو تمشى ليها (هاله أو رندا)!!
- انا امشى وكمان عند (دكتورة منال) ؟؟ إنتو ناسين إنها سقطتنى تلاته مرات فى إمتحان (الجاينا) والله أنا (مكجناها) ولا بمش لا حاجه !! شوفو (رندا) !!
- والله يا جماعة أنا ما ناقشة أى حاجه فى (الجاينا) لو بس كنت أعرف أى حاجه ما بتفرق معاى كان مشيت ليكم عادى كده والله!!
- شوفو يا جماعة (دكتورة منال) عاوزة زول يساعدا ... صاح؟
- (الجميع) : صاح
- والزول المفروض يساعدا مفروض يكون أكتر زول فاهم فينا ...صاح؟
- (الجميع) : صاح
- خلاص أنا بفتكر نرسل ليها (عشة الممرضه) !!
- (كلهم بصوت واحد) : عشة الممرضة ؟؟؟؟؟؟؟!
الساعه 3 صباحاً :
يدخل إلى غرفة الحوادث أشخاص يحملون شخص يسيل الدم من رأسه بغزارة وهو يتأوه بصوت عال يبدو أنه مصاب فى حادث ، تشير إليهم (الممرضة) ليضعونه على (كنبة) الكشف ، ينظر (هيثم) للبقية كيما ينهضوا لمباشرة الحاله :
- يلا يا جماعة نشوف الزول ده الحاصل ليهو شنو باين عليهو (حالتو صعبة) !! - مواصلاً - لازم نسوي لينا خطة عمل نوزع فيهاالادوار علشان ننقذو باسرع مايمكن ....
- خلاص انا مهمتي اسجل البيانات بتاعتو وانتو عليكم الباقى
- لا بالله يا شيخ ... شلت أسهل حاجه !!
- خلاص واحد يسجل البيانات وواحد يعمل ليهو CPRوواحد يوصل له IV line(درب تغذية) وواحد يجهز ليهوالادويه وواحد يسوي ليهو فحص سريري!
- خلاص بس أنا بعمل ليهو الفحص السريرى !!
- لا .. (أنا ورندا) النعمل ليهو (الفحص السريرى)
- شوفو يا شباب وكت كلنا عاوزين (الفحص السريرى) ده أيه رايكم نعملا بالقرعة ؟ - يبدأ بتقطيع الورقه التى فى يده إلى قطهع صغيرة يكتب عليها ثم يرمى بها على الطاوله ثم يأخذ كل فرد ورقه)
- (رنده وهى تنطط) : وووى ...ووووى أنا ال ح أعمل الفحص السريرى) ثم تتجه نحو المريض الذى يئن بصوت عال
- (الممرضة):المريض ده لازم تدوهو (محلول) حالا لأنو نزف دم كتير
- محلول شنو ؟ محلول الجفاف ؟
- والله ما عارف ؟ حقو نتصل على دكتور( كمال ) نسألو !!
- يا جماعه دكتور (كمال) ده ما جنناهو جن حقو نشوف لينا دكتور تانى نتصل عليهو؟
- هو مش رئيس الوحده بتاعتنا ؟ خلاص يستحملنا !! وبعدين هو زول كويس وما بزعل مننا
- خلاص كان كده إتصل أسألو
- (هيثم يمسك بالموبايل ثم بعد عدة دقائق يرد) :
- عندكم شنو كمان تانى ؟ كرهتونا الطب ذاتو!!
- معليش يا دكتور
- معليش شنو؟ أنا هسع ما ذى الشغال سادى خدمه معاكم !!
- معليش .. يا دكتور بس آخر مرة !!
- طيب فى شنو؟
- والله يا دكتور (كمال) جابو لينا مريض عامل ليهو حادث حركة ومدشدش كلو ونازف دم كتير .. عملنا ليهو اللازم لكن بس ما عارفين نديهو ياتو محلول؟
- كمية الدم النزفها قدر شنو؟ ليتر ولا ليترين ولا كم يعنى؟
- بتبالغ يا دكتور لكن يعنى ؟؟ نعرفو كيف بس ؟ - بعد تفكير- قول كده 4 لترات !!
- إنتو يا إبنى إتخرجتو كيف؟ كان نزف 4 لترات كان مات زماان !!
- والله يا دكتور لى هسع بيكون فات الأربعه لتر
- ليه ؟ ما وقفتو ليهو النزيف؟
- (وهو يبتعد عن صراخ النساء الذين يبكون على المريض الذى أخرج الروح) : لا ما قلنا قبلما نتصرف برانا أول حاجه نسألك يا دكتورنديهو ياتو محلول ؟ .
الساعه 4 وربع صباحا :
يدخل رجل يحمل بين يديه طفل صغير يمدده على التربيزة التى يجلس عليها (الدكاترة) :
- لا بأس عليه يا حاج عندو شنو؟ مالو؟
- كان نائم قام وقع من (العنقريب)
- (رندا وهى تلتفت نحو هاله) : (العنجريب) ده مش الحاجه البتشبه السرير دى ؟
- أيوه بس ما عندو راسين بالجنبات
- (هيثم يرفع الطفل ويلاحظ أن أحدى رجليه بها إنثناء) : طيب يا شباب لما نشتبه إنو فى زول رجلو مكسورة شنو الخطوات البنعملا ؟
- والله غايتو بتذكر إنو أول حاجه لازم نعمل ليهو صورة بالاشعه
- أها وبعدين؟
- نقوم نديهو مسكن للألم
- وبعدين؟
- نشوف تاريخو المرضى يعنى الـ History بتاعو
- (هيثم وهو يخاطب والد الطفل) طيب على كده خلاص يا حاج شيل الورقه دى وأمشى أعمل لينا صورة بالأشعه لى كراع الود ده !!
- (يخرج والد الطفل لعمل الأشعه بينما يخاطب هيثم البقية) : كدى قبل الراجل ده ما يجيب أشعت ولدو منو البعرف يعمل (جبيره) فيكم ؟
- والله النصيحة أنا قبل كده ما عملتها والكسور دى فى الرياضيات ما بدورا ولا بحبها !!
- والله أنا لمن الدكتور شرحا لينا أنا كنت (داكه) المحاضرة العملى ديك لأنى كنت فى (عرس) ناس (نانسى) صاحبتى
- وإنت يا (تامر) ما بتعرف تعملا ؟
- والله أنا الجبس ده ما بدورو لأنو بيعمل ليا حساسية فى الجيوب الأنفية وغير كده أنا ذاتى ما بعرف أعمل (الجزيرة) ولا الإسمها شنو دى !!
- طيب هسع وكت نحنا كلنا ما عارفين نعمل شنو؟ الراجل ده هسع بجينا !!
- دى عاوزة ليها نعمل شنو؟ ما تتصل بى دكتور (كمال) هو فى غيرو ؟
-(هيثم يمسك بالموبايل ويتصل) : معليش يا دكتور والله بس آخر مرة
- (فى تبرم وزهج) : يا إبنى إنتو طلعتو (عين أهلى) معقول بس كده ؟؟
- معليش يا دكتور والله ما عندنا غيرك !!
- أها مالكم ؟
- والله يا دكتور عندنا طفل شاكين إنو كراعو فيها كسر وحولناهو الأشعة عشان يعملو ليهو صورة وقلنا قبل أهلو ما يجيبو النتيجه نتصل بيك عشان نعرف كان طلع كسر نعمل ليهو (الجبيرة) بتاعت الجبس كيف؟ وبعدين نحنا ذاتو ما عارفين نعملا ليهو immediately ولا نصبر شويه؟
- إنت يا إبنى منو القال ليك أنا دكتور (عظام)؟ إنت ما عارف إنى (باطنية)؟ إتصل فى دكتور (عبود) بتاع العظام الله لا عظم أجرك !! الواحد ما قادر يرتاح معاكم !!
الساعة 5 صباحا :
تدخل إلى غرفة الحوادث إمرأة تحمل في يديها طفلة لا تتجاوز التسعة أعوام يبدو عليها علامات الأعياء .
- والله يا دكتور البت ما خلتنا ننوم من (الحمى) .. جسمها ده ذى (الصاج)-
- طيب يا حاجه هسع نكشف عليها ونوريك الحاصل
يضعها الجميع على (طاولة الكشف) .. قام (هيثم) بقياس (الحرارة) طلب منها (تامر) أن تفتح (فمها) .. قامت (رندا) بالكشف على بطنها وصدرها بالسماعة .. قامت (هالة) بقياس (النبض) .. ثم بدأوا يتحدثون تارة بالعربية وأخرى بالإنجليزيه وهم يشخصون الحالة ثم يتفقون على نتيجه يبلغها لها دكتور (هيثم) :
والله يا حاجه بتك دى (اللوز) بتاعتا (ملتهبه) ولازم نشيلا ليها
- لكن يا أولادى (اللوز) دى ما شيلناها ليها زمان .. نشيلا ليها تااااانى
كسرة :
حكايت (اللوز) دى حقيقية
صحيفة الرأى العام
الجمعة الموافق 15 يونيو 2007
موقع الكاتب : www.alfatihgabra.com
المكان : غرفة قسم الحوادث بأحدى المستشفيات (الحكومية) بجمهورية (الأمازون) وتحديدا فى العاصمة (أمازونيا)
الزمان : الساعة 12 منتصف ليل الخميس ( أى خميس)
الكادر : 4 أطباء حديثى التخرج يعملون فى (نبطشية) الليل ( هيثم ، تامر ، رندا ، هاله)
على الرغم من أن (الدنيا آخر ليل) إلا أن المستشفى وخاصة قسم (الحوادث) يعج بالمرضى والمرافقين والذين إصيبو فى حوادث مختلفة ، يدخل مجموعة من (الناس) يبدو أنهم من عائلة واحدة وهم يضعون شاباً على (نقاله) قالت إحدى السيدات وهى تمسح الدمع من عينها تخاطب (دكتور هيثم) :
- والله (عماد) أخوى ده عندو (نفسيات) ليهو مده عشان إتخرج ليهو (عشرة سنين) وما لاقى ليهو شغل .. والليلة دخلنا أوضتو لقيناهو حاول ينتحر !!
- حاول ينتحر بى شنو؟
- والله ما عارفنو بس لقيناهو كاضم جنس (الكضمة) دى !!
- طيب بس لو سمحتو تطلعوهو معانا فى (الكنبة) بتاعت الكشف دى عشان نكشف عليهو ؟
- (بعد أن تم وضع المريض) : خلاص بالله لوسمحتو بس زحوا لينا شويه من هنا
ثم بعد أن زح أهل المريض وقفت (مجموعة الأطباء) حوله :
- هسع (الشاب) ده نفوقو كيف؟ مفروض نعمل ليهو طبعا أول حاجه resuscitation (يعنى إعادتو لوضعو الطبيعى) !!
- يعنى كيف نرشو بى موية بارده ولا نشممو بصلة؟
- دقيقة النتذكر .. فى حاجه كده بسووها فى الحالات دى أدونا ليها فى سميستر 8 ... و
- أنا ذاتى كنت متذكراها والله !!
- أنا بفتكر إنو نكسب الزمن ونتصل بى دكتور (كمال) الإستشارى
يمسك (هيثم) بالموبايل ويتصل :
- آلو دكتور كمال ... إن شاء الله كويس يا دكتور
- الحمد لله ..(منزعجاً) معاى منو؟ فى شنو؟
- لا مافى حاجه يا دكتور .. معاك دكتور هيثم (الطبيب المناوب) فى قسم الحوادث
- إن شاء خير فى شنو عندكم؟
- والله يا دكتور عندنا حاله كده ما قدرنا نتعامل معاها
- حالت شنو يعنى؟
- والله يا دكتور عندنا مريض جابوهو لينا (كاضم) .. قالو كان عاوز ينتحر !!
- عاوز ينتحر بى شنو؟ صبغة؟ حبوب؟ شنو؟
- والله أهلو قالو بس كان عندو (نفسيات)
- ما طبعا عاوز ينتحر أكيد عندو (مشاكل ونفسيات) أنا بسأل عن طريقه محاولت الإنتحار كانت شنو؟
- والله يا دكتور مافى زول عارف!
- طيب ما تعملو ليهو (ريسسيتإيشن) resuscitation
- يا دكتور نحنا (الريسسيتإيشن) ده عارفنو لاكين بسووهو كيف؟
- معقولة إنتو ما عارفين تعملو للمريض (resuscitation) ؟ إنتو درستو فى الكلية شنو؟
- لكن يا دكتورالكلام ده درسناهو قبل 4 سنين عاوزنا نتذكرو هسع ؟
- طيب خلاص اعملو ليهو CPR ولا كمان ما عارفنها برضو؟
- هو أنخنا عرفنا ديك يا دكتور عشان نعرف دى ؟ كدى دقيقه يا دكتور
يلتفت إلى (هاله) هامسا :
- إنتى يا دكتورة (هالة) بتعرفى تعملى CPR
- دى مش بتاعت الزول (يضغطو) ليهو (صدرو) ويعملو ليهو (تنفس) ديك !!؟
- هو يعنى أنا عارف ؟؟ كدى نسأل ونتأكد من دكتور (كمال)
يمسك بالموبايل مجددا :
- يا دكتور والله ذى الإتذكرتها ، الـ CPR دى مش بتاعت الزول (يضغطو) ليهو (صدرو) ويعملو ليهو (تنفس) ديك !!؟
- أيوااا عليك نور
- طيب يا دكتور خلاص شكرن ليك كتير !!
(هيثم) يلتفت نحو البقية :
- يلا خلاص نعمل للشاب ده الـ CPR القالا دكتور (كمال) دى !!
- إنتى يا دكتورة (رندا) أمسكى (الضغط) وإنتى يا دكتورة (هاله) أضغطى على (الصدر) وإنت يا دكتور (تامر) دخل ليهو الأنبوبة
- وإنت سعادتك ح تقعد متفرج مش كده ؟
- لا أنا ح أمشى أجيب ليا ليهو مهدئ !!
(تامر) يحاول إدخال الانبوب فى فم المريض وينفخ وفى كل مرة يكتشف أنه ينفخ فى (المعده) وليس (القصبة الهوائية) فيخاطب (رندا) :
- كدى بالله أمسكى ليا حنك الزول ده كلما أمسكو (يتزلق) منى - ثم فى ضجر- هو بالله ما لقى يحاول ينتحر إلا فى (نبطشيتنا) دى !!
- أها كده يا (رندا) الأنبوبة دخلت .. كدى يا (هاله) أمسكى ليهو (النبض) شوفيهو ح يطلع كم؟
- لكن يا (تامر) أنا ما بتذكر الطريقه البيقيسو بيها (النبض) .. غايتو بتذكر إنو فى طريقه كده الزول بيعرف بيها إنو (الدقيقه) أنتهت .. حاجه كده ذى.. ون.. تو .. ون .. تو .. ون .. تو
-(فى تبرم) : إنتى قايله نفسك فى إختبار ما تعملى أى حاجه وتخلصينا !!
- عليكى الله يا (رندا) بتتذكرى زمان قالو لينا لمن نجى ناخد (النبض) بنقول شنو؟ - أفتكر إنو مفروض (تدقى) التربيزه كده (وهى تشرح لها عملياً) : .. ون ..طق .. إتنين ... طق ... تلاته .. طق لحدتما تحصلى (60 طق) تكون الدقيقه كملت !!
- (فى تبرم شديد) : طق .. بق ... بس خلصونا !!! - ثم فى زهج- هو بالله الزول ده ما لقى يحاول ينتحر إلا فى (نبطشيتنا) دى !!
فى هذه الأثناء يدخل (هيثم) يحمل فى يده (حقنه) :
- زحو زحو يا شباب .. أنا ح (اصحيهو ليكم) أنا جبت ليهو حقنت بيثيديين pethedine ..
-(الممرضه تلحق به) : لا.. لا .. يا دكتور
- مالك فى شنو؟
- (البيثيديين) ده يا دكتور )مسكن للألم( وهو يا دكتور ما عندو ألم هو عندو (كوما) دلوقتى
- يعنى شنو؟
- يعنى الزول ده كده ما محتاج هسع لى (البيثيديين) ده وإحتمال يعمل ليهو (مضاعفات) عشان هو فاقد الوعى !
- والله الممرضه دى شكلها كده فاهمة ِأكتر مننا حقو نخلى ليها الكيس case ده يا (هيثم)
ونخارج روحنا من الموضوع
- على كيفكم خلوهو ليها
- (يلتفت للممرضه) : خلاص أنا ما ح أديهو حقنت (البيثيديين) إنتى شوفى تديهو شنو؟
- خلاص يا دكتور أكتب ليهو أدميشن (تنويم) عشان نوديهو نرقدو فى العنبر بعدين
(فى هذه الأثناء يدخل شرطى وهو يمسك فى يده ببعض الأوراق) :
- الزول العاوز ينتحر ده جاكم هنا !!
- يجينا كيف يعنى وهو كان عاوز ينتحر؟
- لا أنا بقصد جابوهو ليكم هنا
- أيوه
- طيب ليه ما حولتوهو لينا عشان نعمل ليهو أورنيك 8
- نحول ليهو شنو ؟ هو كاضم وفى غيبوبة !!
- خلاص لمن يصحى نحنا عاوزنو عشان نفتح ليهو (بلاغ إنتحار) !!
الساعه الواحدة والنصف :
يدخل شاب فى العشرين من العمر وهو يتكئ على رفيقه وما أن يصل إلى حيث يجلس دكتور (هيثم) حتى يبادره :
- لو سمحت يا دكتور أنا عندى جرح فى رجلى وجيت أمبارح هنا لقيت الدكتور الكان (مناوب) أمبارح وقام طهر لي الجرح وأدانى حقنة ولف ليا الجرح بى قطن وشاش وقال ليا تعال لينا بكرة عشان نغير ليك ونديك حقنة تانى
- طيب أنادخلني شنو؟ انا قلت ليك تعال يعني
- لا ما هو أصلو الـ
- عارف عارف عاوز تقول ليا الدكتور الأمبارح وشنو وشنو مش كده ؟ بس أنا بفتكر بدل التلتلة دى والتعب ده كان تمشى أى مستوصف من المستوصفات الكتيرة المالية الدنيا دى يغيرو ليك ويدوك الحقنه !!
- لا أنا جيت هنا عشان عندكم قسم للسكرى!!
- والسكرى دخلو شنو؟
- ما لأنو أنا عندى سكرى !!
(هيثم ينادى البقية .. يقفون حوله فى شكل دائرة يتهامسون ثم يتجه هيثم للشاب مرة أخرى ) :
- كدى ورينا الجرح ده (يفك الشاب الأربضة والشاش ويريه الجرح)
- عندك (سكرى) ومجروح قدر ده ؟ ما بالغت عاد لكن؟
- هسع يعنى نعمل ليك شنو؟
- حقو نتصل فى دكتور (كمال) الإستشارى
- ح يكون نائم يا (هيثم) ح تزعجو ساكت !!
- طيب نسوى شنو؟ ما لازم نتصرف ؟
- قول ليهو تعال لينا باكر !!
- (يلتفت إلى المريض آخذاً بنصيحة رندا) : لو ممكن بس تجينا بكرة ؟
- أجيكم بكرة دى شنو أنا عاوز (أفصل بنطلون)؟ ما تغيرو ليا وتدونى (الحقنة) هسع وتخلونى أمشى
- لكن ..
- لكن شنو هى عمليت (قلب مفتوح) ما نضافة وحقنة !
- طيب بس ممكن دقيقه ؟ - ثم يلتفت نحو البقية - :
- شوفو يا شباب أنا أول مره أشوف ليا مريض سكرى عندو جرح وما إتعاملت مع case ذى ده قبل كده و
- والله أنا ذاتى !! لكن بفتكر مفروض نعمل ليهو CPR
- أنا بفتكر قبلما نعمل ليهو CPR حقو نتصل بى دكتور (كمال) الأستشارى
( يمسك بالموبايل ويتصل ) : معاك دكتور هيثم يا دكتور
-أهلا
- والله يادكتور اولا اسفين على الازعاج
- لا مافى ازعاج دى الساعة لسه (بدرى) بعد (نص الليل)
- يادكتور والله الحقيقة جانا مريض بيقول انجرح امبارح وجا هنا وعملو ليهو نضافة وأدوهو حقنه مع ملاحظة إنو عندو سكرى !
- وإنتو عملتو ليهو شنو؟
- والله يا دكتور لسه ما عملنا ليهو حاجه لكن قلنا نشوف رائك عشان عاوزين نعمل ليهو CPR ؟؟
-(يهتاج) : معقوله بس ؟؟ الراجل جاييكم بى كرعينو لحدت عندكم تعملو ليهو CPR ؟؟
- يعنى ما نعملا ؟
- أكيد !!
- (هيثم يضع الموبايل فى جيبه ويخاطب تامر) :
- هسع يا (تمورى) -إسم الدلع- نعمل للزول ده شنو؟
- (تامر يلتفت للمريض) :
- إنت يا أبو الشباب امس كنت (واعى) لمن جيت للحوادث هنا؟
- أيوه (واعى) يعنى جيت (سكران) ؟
- لا ما اقصد كده؟ يعني شفتهم وسمعتهم وهم بيعالجو فيك ؟؟
- أيوه طبعاً
- حلو .. حلو جداً
- (فى إستغراب): هو شنو الحلو؟
- حلو لأنو أكيد تكون سمعت الدكتور قال ليك عندك شنو؟
- كيف يعنى ؟
- لا.. لا خلاص إتذكرت (مخاطباً هيثم):
- إنت يا (هيثومى) شنو إسم المرض البجى مع الجروح لمن تكون (وسخانه) وما نضيفة وكده ؟ - مواصلا- تتذكر أدانا ليهو (بروفيسور سعيد) فى سميستر 6 !!
- أيوه بتذكر إسمو إسمو ... أيواا لقيتو !! إسمو (الكزاز) !!
- نو .. نو.. نو.. أنا عاوزو (إن إنجلش) - يعنى بالإنجليزى- !!
- دقيقه إتذكرو ليك ... حاجه كده ذى (تايتانيك) !! أيواا إفتكر حاجه كده آخراها (أوس) أتيااتيتوس تيانييييكوس ... تيتانيسيس ... أيواا ... عرفتو ... إسمو (تيتانوس)
- طيب بتتذكر علاجو شنو ؟
- شنو البعرفنى؟؟ يعنى عاوزنى أعلرف إسمو وكمان أعرف ليك علاجو ؟
- أكيد غايتو يكون مضاد حيوى .. بس ما متأكد
- أها يعنى هسع نعمل شنو؟
(هيثم وهويلتفت للمريض) :
- شوف يا أبو الشباب إنت امس شفتهم وهم بيدو فيك الحقنه ... صاح؟؟
- صاح
- جميل .. طيب تعال معايا (ياخذه لدولاب الادويه) : مابتتذكر أدوك ياتو نوع من الحقن دى؟؟ كدى حاول تتذكر على مهلك نحنا ما ورانا حاجه
- (فى زهج) : لكن انا الوراى حاجه .. هو ده طب ولا (شختك بختك) .. خلونا بالله دكاترة آخر زمن .. مع السلامه !!
الساعه 2 وربع :
الممرضة تجرى داخلة يا دكتور حصل دكتورة (منال) بتاعت (النساء والولاده) على التلفون .. يذهب (هيثم) ليكلمها على (التلفون الثابت) ثم يعود بعد دقائق :
- يا شباب دكتورة (منال) بتقول عندها حاله مريضة انخفض ضغطها الى 50/120 وعاوزة واحد مننا يمشى ليها فى العنبر الراقده فيهو عشان يكشف عليها لأنها هى مشت البيت الليلة بدرى عشان عندها ظرف - متسائلاً - أها منو اليمشى يشوف المريضة دى؟
-(كلهم بصوت واحد) : أمشى إنت!!
-أنا شنو ؟ والله أنا ما بكره ألا قسم (الجاينا) - يعنى النساء والولاده- !! - مواصلا- أمشى إنت يا (تامر) !!
- والله أنا (الجاينا) دى نجحت فيها يا الله يا الله !! بعد ما روحى طلعت !! شوفو ليكم زول تانى !! -مواصلاً - أنا بفتكر طالما القصة قصة (جاينا ونسوان) وكده حقو تمشى ليها (هاله أو رندا)!!
- انا امشى وكمان عند (دكتورة منال) ؟؟ إنتو ناسين إنها سقطتنى تلاته مرات فى إمتحان (الجاينا) والله أنا (مكجناها) ولا بمش لا حاجه !! شوفو (رندا) !!
- والله يا جماعة أنا ما ناقشة أى حاجه فى (الجاينا) لو بس كنت أعرف أى حاجه ما بتفرق معاى كان مشيت ليكم عادى كده والله!!
- شوفو يا جماعة (دكتورة منال) عاوزة زول يساعدا ... صاح؟
- (الجميع) : صاح
- والزول المفروض يساعدا مفروض يكون أكتر زول فاهم فينا ...صاح؟
- (الجميع) : صاح
- خلاص أنا بفتكر نرسل ليها (عشة الممرضه) !!
- (كلهم بصوت واحد) : عشة الممرضة ؟؟؟؟؟؟؟!
الساعه 3 صباحاً :
يدخل إلى غرفة الحوادث أشخاص يحملون شخص يسيل الدم من رأسه بغزارة وهو يتأوه بصوت عال يبدو أنه مصاب فى حادث ، تشير إليهم (الممرضة) ليضعونه على (كنبة) الكشف ، ينظر (هيثم) للبقية كيما ينهضوا لمباشرة الحاله :
- يلا يا جماعة نشوف الزول ده الحاصل ليهو شنو باين عليهو (حالتو صعبة) !! - مواصلاً - لازم نسوي لينا خطة عمل نوزع فيهاالادوار علشان ننقذو باسرع مايمكن ....
- خلاص انا مهمتي اسجل البيانات بتاعتو وانتو عليكم الباقى
- لا بالله يا شيخ ... شلت أسهل حاجه !!
- خلاص واحد يسجل البيانات وواحد يعمل ليهو CPRوواحد يوصل له IV line(درب تغذية) وواحد يجهز ليهوالادويه وواحد يسوي ليهو فحص سريري!
- خلاص بس أنا بعمل ليهو الفحص السريرى !!
- لا .. (أنا ورندا) النعمل ليهو (الفحص السريرى)
- شوفو يا شباب وكت كلنا عاوزين (الفحص السريرى) ده أيه رايكم نعملا بالقرعة ؟ - يبدأ بتقطيع الورقه التى فى يده إلى قطهع صغيرة يكتب عليها ثم يرمى بها على الطاوله ثم يأخذ كل فرد ورقه)
- (رنده وهى تنطط) : وووى ...ووووى أنا ال ح أعمل الفحص السريرى) ثم تتجه نحو المريض الذى يئن بصوت عال
- (الممرضة):المريض ده لازم تدوهو (محلول) حالا لأنو نزف دم كتير
- محلول شنو ؟ محلول الجفاف ؟
- والله ما عارف ؟ حقو نتصل على دكتور( كمال ) نسألو !!
- يا جماعه دكتور (كمال) ده ما جنناهو جن حقو نشوف لينا دكتور تانى نتصل عليهو؟
- هو مش رئيس الوحده بتاعتنا ؟ خلاص يستحملنا !! وبعدين هو زول كويس وما بزعل مننا
- خلاص كان كده إتصل أسألو
- (هيثم يمسك بالموبايل ثم بعد عدة دقائق يرد) :
- عندكم شنو كمان تانى ؟ كرهتونا الطب ذاتو!!
- معليش يا دكتور
- معليش شنو؟ أنا هسع ما ذى الشغال سادى خدمه معاكم !!
- معليش .. يا دكتور بس آخر مرة !!
- طيب فى شنو؟
- والله يا دكتور (كمال) جابو لينا مريض عامل ليهو حادث حركة ومدشدش كلو ونازف دم كتير .. عملنا ليهو اللازم لكن بس ما عارفين نديهو ياتو محلول؟
- كمية الدم النزفها قدر شنو؟ ليتر ولا ليترين ولا كم يعنى؟
- بتبالغ يا دكتور لكن يعنى ؟؟ نعرفو كيف بس ؟ - بعد تفكير- قول كده 4 لترات !!
- إنتو يا إبنى إتخرجتو كيف؟ كان نزف 4 لترات كان مات زماان !!
- والله يا دكتور لى هسع بيكون فات الأربعه لتر
- ليه ؟ ما وقفتو ليهو النزيف؟
- (وهو يبتعد عن صراخ النساء الذين يبكون على المريض الذى أخرج الروح) : لا ما قلنا قبلما نتصرف برانا أول حاجه نسألك يا دكتورنديهو ياتو محلول ؟ .
الساعه 4 وربع صباحا :
يدخل رجل يحمل بين يديه طفل صغير يمدده على التربيزة التى يجلس عليها (الدكاترة) :
- لا بأس عليه يا حاج عندو شنو؟ مالو؟
- كان نائم قام وقع من (العنقريب)
- (رندا وهى تلتفت نحو هاله) : (العنجريب) ده مش الحاجه البتشبه السرير دى ؟
- أيوه بس ما عندو راسين بالجنبات
- (هيثم يرفع الطفل ويلاحظ أن أحدى رجليه بها إنثناء) : طيب يا شباب لما نشتبه إنو فى زول رجلو مكسورة شنو الخطوات البنعملا ؟
- والله غايتو بتذكر إنو أول حاجه لازم نعمل ليهو صورة بالاشعه
- أها وبعدين؟
- نقوم نديهو مسكن للألم
- وبعدين؟
- نشوف تاريخو المرضى يعنى الـ History بتاعو
- (هيثم وهو يخاطب والد الطفل) طيب على كده خلاص يا حاج شيل الورقه دى وأمشى أعمل لينا صورة بالأشعه لى كراع الود ده !!
- (يخرج والد الطفل لعمل الأشعه بينما يخاطب هيثم البقية) : كدى قبل الراجل ده ما يجيب أشعت ولدو منو البعرف يعمل (جبيره) فيكم ؟
- والله النصيحة أنا قبل كده ما عملتها والكسور دى فى الرياضيات ما بدورا ولا بحبها !!
- والله أنا لمن الدكتور شرحا لينا أنا كنت (داكه) المحاضرة العملى ديك لأنى كنت فى (عرس) ناس (نانسى) صاحبتى
- وإنت يا (تامر) ما بتعرف تعملا ؟
- والله أنا الجبس ده ما بدورو لأنو بيعمل ليا حساسية فى الجيوب الأنفية وغير كده أنا ذاتى ما بعرف أعمل (الجزيرة) ولا الإسمها شنو دى !!
- طيب هسع وكت نحنا كلنا ما عارفين نعمل شنو؟ الراجل ده هسع بجينا !!
- دى عاوزة ليها نعمل شنو؟ ما تتصل بى دكتور (كمال) هو فى غيرو ؟
-(هيثم يمسك بالموبايل ويتصل) : معليش يا دكتور والله بس آخر مرة
- (فى تبرم وزهج) : يا إبنى إنتو طلعتو (عين أهلى) معقول بس كده ؟؟
- معليش يا دكتور والله ما عندنا غيرك !!
- أها مالكم ؟
- والله يا دكتور عندنا طفل شاكين إنو كراعو فيها كسر وحولناهو الأشعة عشان يعملو ليهو صورة وقلنا قبل أهلو ما يجيبو النتيجه نتصل بيك عشان نعرف كان طلع كسر نعمل ليهو (الجبيرة) بتاعت الجبس كيف؟ وبعدين نحنا ذاتو ما عارفين نعملا ليهو immediately ولا نصبر شويه؟
- إنت يا إبنى منو القال ليك أنا دكتور (عظام)؟ إنت ما عارف إنى (باطنية)؟ إتصل فى دكتور (عبود) بتاع العظام الله لا عظم أجرك !! الواحد ما قادر يرتاح معاكم !!
الساعة 5 صباحا :
تدخل إلى غرفة الحوادث إمرأة تحمل في يديها طفلة لا تتجاوز التسعة أعوام يبدو عليها علامات الأعياء .
- والله يا دكتور البت ما خلتنا ننوم من (الحمى) .. جسمها ده ذى (الصاج)-
- طيب يا حاجه هسع نكشف عليها ونوريك الحاصل
يضعها الجميع على (طاولة الكشف) .. قام (هيثم) بقياس (الحرارة) طلب منها (تامر) أن تفتح (فمها) .. قامت (رندا) بالكشف على بطنها وصدرها بالسماعة .. قامت (هالة) بقياس (النبض) .. ثم بدأوا يتحدثون تارة بالعربية وأخرى بالإنجليزيه وهم يشخصون الحالة ثم يتفقون على نتيجه يبلغها لها دكتور (هيثم) :
والله يا حاجه بتك دى (اللوز) بتاعتا (ملتهبه) ولازم نشيلا ليها
- لكن يا أولادى (اللوز) دى ما شيلناها ليها زمان .. نشيلا ليها تااااانى
كسرة :
حكايت (اللوز) دى حقيقية
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
[b]حسن طحنية[/b]
صحيفة الرأى العام
الجمعة الموافق 10 مايو 2007م
لا أذكر على وجه التحديد من هى تلك الجهه التى قامت بدعوتى لحضور ذلك الإحتفال بتلك (الولاية النائية) .. كانت ساحة الإحتفال يتوسطها (صيوان) ضخم رصت فى الصفوف الأمامية منه عددا من كراسى الجلوس الوثيرة ليجلس عليها كبار المسئولين الذين جاءوا لحضور الإحتفال وكذلك (الضيوف) الذين إمتلأت بهم جنبات الصيوان .. بينما أنا اتجه لمقعدى قمت بمصافحة الذين يجلسون معى فى (الصف الأول) واحدا .. واحدا .. (كنوع من الإتيكيت) .. فجأة وجدتنى وجهاً لوجه أمام (شخص) ذو لحية (خفيفة) يرتدى (بدله سفارى) بنية اللون (كم طويل) .. إستدعيت ذاكرتى لأكثر من ثلاث عقود من الزمان .. معقولة ده (حسن طحنية)؟؟ .. فعلاً لينا كم وتلاتين سنه ما إتقابلنا لكن ياهو ذاتو الما بغبانى
- (وأنا آخذه بالأحضان) : معقوله (حسن طحنية) !!
- (بينما يأخذنى بالحضن يهمس فى أذنى) : أنسى حكاية (طحنية) دى .. أنا هسع
(الوالى) !!
ألجمتنى المفاجأة فأنا أعرف (حسن) معرفة تامة كيف لا وقد نشأنا فى الحى معاً وآخر عهدى به كان قبل حوالى ثلاثين عاماً حيث كان يعمل (ترزيا) بالسوق العربى ..
- كيف عامل يا(جبرا) ؟
- أهو والله قاعدين نكتب فى (الجرايد) وندرس فى (الطلبه) .. وإنت الجابك هنا شنو؟
- (فى صوت خافت) : بحكى ليك بعدين بعد الإحتفال ما يخلص
فلاش باك :
دخل (حسن طحنية) معنا إلى المدرسة الأولية لكنه سرعان ما تركها بعد أن أبدى (نبوغا) هائلا فى الدك و(الزوغان) من (الحصص) وضرب (التلاميذ) إذ أنه كان يمتلك بسطة فى الجسم أهلته ليكون (رباط) المدرسة دون منازع .. ترك (حسن) المدرسة وألحقته والدته ليعمل (صبى عجلاتى) عند (الأسطى حنكل) عجلاتى الحى وقد كانت تلك رغبته إذ أن صديقه (طراوة) – هكذا كنا نطلق عليه حتى نسينا إسمه الحقيقى – كان قد سبقه بترك المدرسة وإلإلتحاق كصبى (عجلاتى) مع (الأسطى حنكل) حيث كان يقوم بتشحيم ونظافة العجلات التى كنا نقوم بتأجيرها للتنزه بها . لم يمكث (حسن طحنية) طويلاً مع (الأسطى حنكل) حيث أنه كان كثير (المزاح) مع صديقه (طراوة) إضافة لكونه كان كثير التشاجر مع (الزبائن) والزوغان (بعجلات المحل) من أجل التنزه و(الفسحة) .
كان حسن عريض المنكبين، كث الحاجبين، طويل القامة، قوى الساعدين، ذو لون (أغبش داكن)! وقد كان يلعب الكرة معنا فى فريق (الحى) بعد أن نعود من المدرسة .. كانت لديه مهارات (فظيعة) فى اللعب غير (النظيف) وكانت تلك هى المهارات الوحيده التى لديه .. ما أن تمسك بالكرة حتى يأتى إليك كما (الطوربيد) لتجد نفسك معلقا فى الهواء شاقاً طريقك نحو الارض فى سرعة (صاروخية) لا تعرف بعدها على أى (جنب) أصبت بينما يردد هو فى غباء
بصوته (الجهورى) ذاك :
- والله الليله أخليكم كلكم (طحنية)
لم نكن ندرى حينها لماذا إختار (حسن) الطحنية بالذات ولم يختار مثلا (الفول) أو (الجبنه) مثلاً غير أنه ولكثرة ما كان يردد هذه العبارة فقد سارعليه اللقب (حسن طحنية) !!
لا زلت أذكر تلك المباراة التى لعبناها ضد فريق الحى الآخر والتى أصر فيها (حسن) أن يكون ضمن تشكيلة الفريق بعد أن قال جملته (التى صارت مثلاً) :
- (يا فيها يا شنو ما بعرف داك) !! أى (يا تلعبونى وإلا بفرتقها ليكم) !!
كان فريقنا فريق (الذئاب) يلعب ضد فريق (الشباب) إنتهت المباراة بعد أن منينا بهزيمة نكراء بعد إحراز فريق (الذئاب) لـ 12 هدفا فى مرمانا مقابل لاشئ على الرغم من أن (حسن طحنية) قد إستخدم كل مهاراته الكامنه فى (ضرب) وتشليت وخنق عدد مقدر من لعيبه فريق (الشباب) الذين كانو يستنجدون بالحكم الذى لم يكن بإستطاعته طرد (حسن طحنية) من الميدان حتى لا يعرض نفسه لكارثه لا تحمد عقباها و لا أنسى كيف أنه وبعد إطلاق الحكم لصافرة النهاية قد توجه نحوه (طحنية) معبرا له عن شكره و امتنانه مكتفيا بحمله من الأرض مراراً وأعادته إليها تكراراً، حتى تم حمله إلى المستشفى بعد أن أصيب بتهشم فى (الجمجمه) وبعض الرضوخ وشئ من الكسور .
لم تكن فظاظة (حسن طحنية) حكرا فقط على مباريات كرة القدم بل كانت هى ديدنه وسلوكة اليومى إذ كان طبيعيا أن ترى أحد (الأطفال) وهو يجرى نحو منزلهم باكيا مخاطبا والدته :
- يمة ألحقيني أنا يدى إتكسرت !
- ووووب على .. منو الكسر ليك إيدك !
- حسن...!
- حسن منو !
- حسن يا أمي .... حسن (طحنية) !
أو تشاهد طفلاً آخر وقد سال الدم من رأسه وهو يصرخ مهرولا نحو منزلهم حيث كان والده يجلس (العصرية) على كرسى أمام باب الشارع :
- يا ولد الفلقك كده وسيل دمك شنو؟
- ده حسن يا بوى
- حسن منو؟
- حسن يا بوى حسن .. طح طح طحنية !!
مرت سنوات الطفولة سريعة .. عندما إنتقلنا إلى المرحلة الثانويه كان (حسن طحنية) قد إستقر به المقام فى إحدى برندات (السوق العربى) مع والده الذى كان يعمل (ترزى بلدى) والذى ما لبث أن فارق الحياة بعد أن أصيب بدأء القلب فقام حسن بالجلوس على ماكينه الخياطة وأصبح يمارس مهنة (الخياطه) والتى أبدع فيها أيما إبداع فمن إبداعاته أنه لا يستخدم المتر لأخذ المقاسات بل يكتف بالنظر إليك نظرة فاحصة بعد أن يطلب منك أن (تلف) يمنة ويسرى فإذا حضرت لإستلام (جلابيتك) وجدت أنها (عراجيه) أى (بين الجلابية والعراقى) وفى هذه الحالة فهو لم يكن يعترض أبداً في حال عدم دفعك ثمن الحياكة اعتقاداً منك انه قد أفسد القماش! بل كان يكتفي – أي حسن - في مثل هذه المواقف بأن يحملك ويحمل قماشك قاذفاً بكما معاً على بعد أمتار من دكانه، بعد أن يأخذ منك ثمن ما صنعه لك مضاعفاً، مؤكداً لك ولنفسه انه يستحق أتعابه!
كانت هذه آخر (معلوماتى) عن حسن طحنية إذ بعد ذلك سافرت طالبا للعلم ثم مغتربا لسنوات قاربن العشرين ثم بعد عودتى للبلاد عرفت أن أسرته قد تركت منزل (الإيجار) الذى كانت تستأجره معنا فى الحى منذ سنوات طويلة وذهبت إلى مكان غير معلوم وبهذا إنقطعت أخباره عنى !!
فى ضيافة (حسن طحنية):
بعد نهاية الإحتفال أخذنى (حسن طحنية ) إلى منزله (الحكومى) حيث شقت (العربة) اللاندكروزر الجديده (العااالية) طريقها يتقدمها عدد من عربات (الـتأمين والحراسة) .. توقفت العربة أمام بوابة المنزل حيث قام أحد أفراد (كشك الحراسة) بفتحها فدخلنا إلى المنزل عبر ممر طويل تحيطة الأشجار على الجانبين حيث تقع مبانى المنزل على اليمين بينما على اليسار توجد (حديقة) غناء وضع فى منتصفها طقم فاخر من كراسى (البامبو) .
- نقعد جوه فى الصالون وإلا برة هنا (مشيراً للحديقه) ؟
- لا أفتكر بره أحسن الجو جميل
بينما دخل (حسن طحنية) إلى صالون المنزل (ربما لإعداد شئ من الضيافة) كنت أتجول بنظرى حول أرجاء الحديقة ذات (النجيلة) الخضراء الناعمة و(اللمبات المضيئة) التى تحف بها بعناية وأسائل نفسى :
- (طحنية) ده يكون عمل العملية دى كيف ؟ يكون قرا بى ورانا يا ربى ونحنا ما عارفين؟؟
إنقطع حبل تفكيرى حينما رأيتة وهو يشق الحديقة قادما نحوى وهو يرتدى جلابية (بيت) بيضاء ناصعة ويحمل فى يديه (شخصياً) صينية عليها (أدوات الضيافة)
- إنت يا حسن قاعد براك هنا؟
- (وهو يضحك) لا قاعدين معاى (أربعه)؟
- أربعة (ولاة) يعنى ؟
- ولاة شنو يا جبرا ؟ أربعة (نسوان) نسوااان
- يعنى إتزوجت أربعة؟
- (وهو يرتشف من كوب العصير) : وكمان مقعدهم كلهم معاى فى البيت ده !! – مواصلاً – ده غير (الفكينا تسجيلاتهم) ؟
- وديل مقعدهم كلهم فى بيت واحد ما بعملو ليك غلبة؟
- والله يعملو أى (غلبه) أعملهم ليك (طحنية) !!
- لا والله كان كده إنت ما تبقى (حسن طحنية) إنت تبقى (حسن طحنية هارون الرشيد) !!
- (وهو يضحك من تعليقى) : طبعا إنت مندهش (للنقلة) دى ؟
- لكن يا (حسن) بتبالغ هى دى نقلة نصاح؟ زول يخلوهو (ترزى بلدى) يجو يلاقوهو بقى (والى) .. كدى أحكى ليا دى حصلت كيف !!
رجع (حسن طحنية) إلى الخلف مستنداً على مقعد (البامبو) الوثير فى ذات اللحظة التى كان فيها أحد
أفراد (فرقة الضيافة) يضع (صينية الشاى ومستلزماته) أمامنا على الطاولة الدائرية .
أصل الحكاية :
شوف يا جبرا بعدما إنتو سافرتو تقرو أنا واصلت فى محل الخياطه وما كان فى زباين لأنو إنت عارف أخوك كان (أشتر) فى حكاية الخياطة دى غايتو ربك رب الخير قام (الجماعة) ديل جو .. وكل يوم والتانى طالعين (مسيرة) وكل يوم والتانى عاملين ليهم (مؤتمر) واليافطات بتاعت (القماش) ما تديك الدرب .. شئ (ملصق) فى (الباصات) وشئ (معلق) فى (الكبارى) قمت طوالى فكرت أعمل ليا محل (لافتات قماش) وقمت طوالى أجرت االمحل القدامى وجبت ليا (خطاط)
- أها وبعدين ؟
- (كمن يتذكر) أها يا زول أتفقت ليك مع الزول (المسئول) عن حكاية اللافتات دى وبقيت أديهو ليكا (عمولة) وعلى كده مسكت ليكا (السوق) وبقت أى (لافتة) فى أى مسيرة أو مؤتمر أو شنو ما بعرف داك يعملوها (الجماعة ديل) تلاقى مكتوب عليها تحت (الختم) بتاع (طحنية لللافتات) !!
- أها وبعدين؟
- بعدين بقيت (أطلع) ليك مع أى مسيرة يجيبوا ليا اللافتات بتاعتا وأكون أول زول فيها ؟
- يعنى إنضميت (للجماعة) ؟
- إنضميت شنو؟؟ أنا كنت بمشى عشان بعدما المسيرة (تفرتق) أجمع وألملم (اللافتات) تانى وأرجعهم المحل عشان أبيعهم ليهم (للمسيرة التانية) !!!
- (وأنا أرتشف من كوب الشاى الأنيق) : أها وبعدين؟
- أها يازول أى (مسيرة) طالعة تلقانى أول زول .. فى المقدمة وقاعد أهتف والناس تهتف وراى .. وإنت عارف (أخوك) عندو (حنجرة) ما شاء الله .. وعلى كده بقيت (عضو أساسى) فى أى (مسيرة)
- وبعدين؟
- بعدين قلت (المسيرات) دى ما كفاية يا ود يا (حسن) حقو (تساعدا) بى كم (متحرك) كده ..
وفعلاً خليت (الود الشغال معاى) يمسك الدكان ومشيت ليك كم (متحرك) كده .. وفى واحد من (المتحركات) كان معاى (مسؤول كبير) طلعنا كم (عملية) سوا وتوطدت علاقتى معاهو
ولمن عرف إنى زول(إعلانى) أقصد (إعلامى) لمن رجعنا قام بتعيينى طوالى (مسئول الإعلام) بالولاية !!
فى هذه الأثناء وبينما (حسن طحنية يواصل لى فى سرد (قصة حياتو) جاءت صينية (القهوة) ذات (الطقوم الفاخرة) .. أخذ فى صب (القهوة) بينما واصل حديثة :
- أها يا (جبرا) قلت ده برضو ما كفاية حقو أساعد المسألة بى (حاجة) تانية قمت من هنا لى هنا إتزوجت ليك (بتو) والأمور مشت تمام التمام لحدت ما (نسيبى) المسئول ده (شالوهو) وجابو واحد تانى وسمعت تحت تحت إنو بفكر (يشيلنى)
- أها عملت شنو يا حسن ؟
- شمشمت هنا وهنا عرفت إنو عندو أختو ما متزوجة ... قمت إتقدمت ليها وعرستها وبقينا (نسايب) !!!
(الله لا كسبك يا حسن طحنية ده كلو يطلع منك؟) – قلتها فى نفسى -!!! فى الوقت الذى كان هو يستقبل محادثة عبر هاتفه الجوال عرفت من ردوده أن المتحدث هو (المقاول) الذى يقوم بتشييد منزله (بالعاصمة) حيث علمت من الحوار الذى يدور بأن (المقاول) يستعجل (حسن طحنية) لإرسال مبلغ من أجل إكمال تشييد (حوض السباحة) !!
بينما كان (حسن طحنية) يرد على محادثة (المقاول) كان عدد من (الخدم) يحملون (أطباق الطعام) ويقومون بتجهيز طاولة العشاء التى تم وضعها بعناية فى أحد أركان الحديقة
- العشاء جاهز يا (سعادتك)
قالها أحد الذين كانوا يشرفون على إعداد (طاولة العشاء) عندها هب (حسن طحنية) واقفاً وهو يشير لى بأن نتوجه لتناول العشاء .. لم يكن أحداً معنا إذ أن (سعادته) كان قد طلب من سكرتيره الخاص عند قدومنا للمنزل بأنه لا يود مقابلة أى شخص كان .. جلسنا على (مائدة العشاء) والتى كانت تحتوى على كل ما لذ وطاب من مشويات ومحمرات ومجمرات ومنديات وسلاطات وحلويات وفواكه وعصائر !!
- ما تميت ليا القصة؟؟
- أيوه أيوة المحادثة بتاعت المقاول دى قطعت لينا حديثنا ... – متسائلاً كنا واقفين وين؟
- كنا واقفين فى (العرسة التانية) !!
- أها يا زول كلما يجيبو ليك مسئول أقوم (أناسبو) ليك لحدت ما تميتهم (أربعه)
- مسئولين؟
- لا .. نسوان
- أها وبعدين؟
- أها يا زول (كنكشت) ليك فى حتت (المسئول الإعلامى للولاية) دى (كنكشة) شديده وبقيت ليك خبير (مسيرات) يعنى بس أعاين ليك لى (عنوان المسيرة) كده أعرف ليك عاوزة كم (باص) وكم (مكرفون) .. وكم (لافتة) .. وكم (مدرسة) نمشى نجيب منها (شفع) وكم (مصلحة) نمشى نجيب منها (الموظفين) ومش كده وبس !!
- أها عملت تانى شنو؟
- أول حاجه إستحدثت ليا وحدات فى (الإدارة الإعلامية) ذى مثلا وحده (صياغة الهتافات) ودى العاملين فيها بس مهمتهم يقعدو يطلعو لينا (هتافات) جديدة ويدوها – بعد إجازتا منى – لوحده (الهتيفة الدائمين) وهم الناس البتشوف (وشوشهم) فى كل (مسيرة) طالعة – مواصلاً – المهم يا زول (كربت ليك الشغلانه) وبقيت ليك أهم زول فى البلد وما تنسى إنو (المسئول الكبير) هو (أبو النسب) !!
- (فى غباء مصطنع) : وحكاية البيت البتعمل فيهو و(حوض السباحة) والشنو ما بعرف ده؟ عملتو كيف يا (حسن) ... من دكان (الترزى) ؟؟
- (فى خبث ) : يعنى يا (جبرا) عاوز تعمل ليا ما فاهم ؟ شفت ليك (عراوى) بتعمل ليها (حوض سباحة) ؟!!
- طيب من وين؟
- بسيطة عملت ليا فرع هنا للمحل بتاع (اللافتات) وكمان عملت فيهو تأجير (للساوند سيستم) وللمنصات (البقيفو) فيها المسئولين .. وعشرة عشرين (صيوان) وميه ميتين (حفاظة مويه) وكم ألف (كرسى) وكم ألف (تربيزة) ولمبات للإضاءة وبصين تلاته عشان يشيلو الناس !!
- والحاجات دى جابت ليك قروش ؟
- ما تجيب ليا كيف؟ ما تنسى كل يوم يومين عندنا (مسيرة) .. شوف فى كم (إتفاقية سلام) كل ذكرى إتفاقية (مسيرة) .. ده غير حاجات (فلسطين) وحاجات (العراق) وحاجات (أفغانستان) ويوم (الأم) ويوم (العمال) ومسيرات الإحتجاج على (قرارات الأمم المتحدة) !!
- وما تنسى كمان إنو الحاجات دى ذاتا فى الأمسيات قاعدين نشغلا (للأعراس) !!
- (الله لا كسبك يا حسن طحنية ده كلو يطلع منك) !! : أها تم ليا قصة بقيت (والى) دى كيف؟
- لحدت هنا يا (جبرا) والشغلانية كانت ماشة كويس
- والحصل شنو؟
- أبو النسب شالوهو !! وجابو واحد تانى !!
- وعرست أختو؟
- لا المرة دى هو العرس (أختى) أنا !!
- ودى كيف ؟؟
- أيواا .. أقول ليك ... أنا أول ما إستلمت (مسئول إعلامى) قمت عينت ليك أخوانى وأخواتى وأولاد عمى وأولاد خالى وأقربائى كلهم فى (الولاية) السكرتيرة سكرتيرة والصراف صراف والمخزنجى مخزنجى والسواق سواق .. أها (أختنا) دى كانت شغاله سكرتيرة فى مكتب (أبوالنسب) قبال ما يشيلوهو ولمن جاء (صاحبنا) ده ولقاها سكرتيرتو والظاهر هو من النوع الجنو (عرس) قام طوالى طلبها وأديناها ليهو على سنة الله ورسولو !!
- يعنى المرة دى جات براها كده !!
- (وهو يتناول كوباً من العصير) : أيواا ما تعبت فيها !!
- أها (والى) دى عملتها كيف؟
- (وهو ينهض من المائدة) : ما تستعجل يا (جبرا) أنا ح أحكى ليك .. كدى نمشى نغسل إيدينادى ونرجع نقعد !!
وبقيت والى :
عدنا مرة أخرى لطقم الجلوس (البامبو) .. وضع (حسن طحنية) رجليه على الكرسى الذى فى قبالته .. أطرق بعينيه نحو السماء كمن يتذكر :
- أها بعد ما القروش القاعد أطلعا من المحل بتاع (تجهيز المسيرات) كترت قلت يا ود يا (حسن) الدنيا ما معروفه قمت عملت ليا كم مشروع كده .. مزرعة بتاعت دواجن .. مصنع بتاع (أدوات صحية) ... معاهد بتاعت كمبيوتر .. وحاجات ذى دى
- وبعدين ؟
- بعدين لمن (الشركات) و(المزارع) و(المعاهد) كترت لقيت نفسى ما قاعد إشتغل (للحكومة) ذى زمان ووقتى كلو قاعد أديهو للأعمال الخاصة بتاعتى وأخلى (الموظفين) الصغار يشتغلوا ليا شغلى ويقوموا بعملية (تنظيم المسيرات) وباقى الحاجات (الإعلامية) دى ..
- وبعدين كده ما ح يشيلوك؟
- شيل ده مافى ما (أبو النسب) كان قاعد !!
- أها طيب والحصل شنو؟
- الحصل إنو فى يوم مفروض تكون فيهو (مسيرة) قمت قلت لى واحد من الأولاد الموظفين معاى قوم بتنظيم المسيرة دى .. قام الود الموظف عشان يبرهن ليا إنو على قدر المسئولية حشد ليهو أكتر من (مليون واحد) فى المسيرة ..شئ باصات وشئ عربات وشئ مواتر المهم لما المسيرة قاطعة (الكبرى) ماشه (مبنى الولايه) عشان يخاطبا الوالى قام (الكبرى) إنهار من حمولة الناس !!
- وبعدين دى كارثة؟
- والله كانت كارثه فعلاً لأنو طالما الناس ديل كتار بالشكل ده كان مفروض مسار (المسيرة) يتغير وما يمشوا فوق الكبرى ده ودى مسئوليتى !
- أها وبعدين؟
- بعدين الكارثة كانت كبيرة .. ناس ماتت .. وناس إتجرحت وأنا شلت قلبى فوق إيدى قلت خلاص يا ود يا (حسن) ح ترجع (ترزى) تانى ويشيلوك .. وفعلاً تانى يوم للحادث الصباح بدرى جانى (طراوة) مدير مكتبى وجاب ليا جواب مستعجل من (المسؤلين) فى (الخرتوم)
قلت بس خلاص (الجماعة) شالونى
- وما شالوك يعنى؟
- شالونى شنو؟ .. رقونى ..... والى !!
صحيفة الرأى العام
الجمعة الموافق 10 مايو 2007م
لا أذكر على وجه التحديد من هى تلك الجهه التى قامت بدعوتى لحضور ذلك الإحتفال بتلك (الولاية النائية) .. كانت ساحة الإحتفال يتوسطها (صيوان) ضخم رصت فى الصفوف الأمامية منه عددا من كراسى الجلوس الوثيرة ليجلس عليها كبار المسئولين الذين جاءوا لحضور الإحتفال وكذلك (الضيوف) الذين إمتلأت بهم جنبات الصيوان .. بينما أنا اتجه لمقعدى قمت بمصافحة الذين يجلسون معى فى (الصف الأول) واحدا .. واحدا .. (كنوع من الإتيكيت) .. فجأة وجدتنى وجهاً لوجه أمام (شخص) ذو لحية (خفيفة) يرتدى (بدله سفارى) بنية اللون (كم طويل) .. إستدعيت ذاكرتى لأكثر من ثلاث عقود من الزمان .. معقولة ده (حسن طحنية)؟؟ .. فعلاً لينا كم وتلاتين سنه ما إتقابلنا لكن ياهو ذاتو الما بغبانى
- (وأنا آخذه بالأحضان) : معقوله (حسن طحنية) !!
- (بينما يأخذنى بالحضن يهمس فى أذنى) : أنسى حكاية (طحنية) دى .. أنا هسع
(الوالى) !!
ألجمتنى المفاجأة فأنا أعرف (حسن) معرفة تامة كيف لا وقد نشأنا فى الحى معاً وآخر عهدى به كان قبل حوالى ثلاثين عاماً حيث كان يعمل (ترزيا) بالسوق العربى ..
- كيف عامل يا(جبرا) ؟
- أهو والله قاعدين نكتب فى (الجرايد) وندرس فى (الطلبه) .. وإنت الجابك هنا شنو؟
- (فى صوت خافت) : بحكى ليك بعدين بعد الإحتفال ما يخلص
فلاش باك :
دخل (حسن طحنية) معنا إلى المدرسة الأولية لكنه سرعان ما تركها بعد أن أبدى (نبوغا) هائلا فى الدك و(الزوغان) من (الحصص) وضرب (التلاميذ) إذ أنه كان يمتلك بسطة فى الجسم أهلته ليكون (رباط) المدرسة دون منازع .. ترك (حسن) المدرسة وألحقته والدته ليعمل (صبى عجلاتى) عند (الأسطى حنكل) عجلاتى الحى وقد كانت تلك رغبته إذ أن صديقه (طراوة) – هكذا كنا نطلق عليه حتى نسينا إسمه الحقيقى – كان قد سبقه بترك المدرسة وإلإلتحاق كصبى (عجلاتى) مع (الأسطى حنكل) حيث كان يقوم بتشحيم ونظافة العجلات التى كنا نقوم بتأجيرها للتنزه بها . لم يمكث (حسن طحنية) طويلاً مع (الأسطى حنكل) حيث أنه كان كثير (المزاح) مع صديقه (طراوة) إضافة لكونه كان كثير التشاجر مع (الزبائن) والزوغان (بعجلات المحل) من أجل التنزه و(الفسحة) .
كان حسن عريض المنكبين، كث الحاجبين، طويل القامة، قوى الساعدين، ذو لون (أغبش داكن)! وقد كان يلعب الكرة معنا فى فريق (الحى) بعد أن نعود من المدرسة .. كانت لديه مهارات (فظيعة) فى اللعب غير (النظيف) وكانت تلك هى المهارات الوحيده التى لديه .. ما أن تمسك بالكرة حتى يأتى إليك كما (الطوربيد) لتجد نفسك معلقا فى الهواء شاقاً طريقك نحو الارض فى سرعة (صاروخية) لا تعرف بعدها على أى (جنب) أصبت بينما يردد هو فى غباء
بصوته (الجهورى) ذاك :
- والله الليله أخليكم كلكم (طحنية)
لم نكن ندرى حينها لماذا إختار (حسن) الطحنية بالذات ولم يختار مثلا (الفول) أو (الجبنه) مثلاً غير أنه ولكثرة ما كان يردد هذه العبارة فقد سارعليه اللقب (حسن طحنية) !!
لا زلت أذكر تلك المباراة التى لعبناها ضد فريق الحى الآخر والتى أصر فيها (حسن) أن يكون ضمن تشكيلة الفريق بعد أن قال جملته (التى صارت مثلاً) :
- (يا فيها يا شنو ما بعرف داك) !! أى (يا تلعبونى وإلا بفرتقها ليكم) !!
كان فريقنا فريق (الذئاب) يلعب ضد فريق (الشباب) إنتهت المباراة بعد أن منينا بهزيمة نكراء بعد إحراز فريق (الذئاب) لـ 12 هدفا فى مرمانا مقابل لاشئ على الرغم من أن (حسن طحنية) قد إستخدم كل مهاراته الكامنه فى (ضرب) وتشليت وخنق عدد مقدر من لعيبه فريق (الشباب) الذين كانو يستنجدون بالحكم الذى لم يكن بإستطاعته طرد (حسن طحنية) من الميدان حتى لا يعرض نفسه لكارثه لا تحمد عقباها و لا أنسى كيف أنه وبعد إطلاق الحكم لصافرة النهاية قد توجه نحوه (طحنية) معبرا له عن شكره و امتنانه مكتفيا بحمله من الأرض مراراً وأعادته إليها تكراراً، حتى تم حمله إلى المستشفى بعد أن أصيب بتهشم فى (الجمجمه) وبعض الرضوخ وشئ من الكسور .
لم تكن فظاظة (حسن طحنية) حكرا فقط على مباريات كرة القدم بل كانت هى ديدنه وسلوكة اليومى إذ كان طبيعيا أن ترى أحد (الأطفال) وهو يجرى نحو منزلهم باكيا مخاطبا والدته :
- يمة ألحقيني أنا يدى إتكسرت !
- ووووب على .. منو الكسر ليك إيدك !
- حسن...!
- حسن منو !
- حسن يا أمي .... حسن (طحنية) !
أو تشاهد طفلاً آخر وقد سال الدم من رأسه وهو يصرخ مهرولا نحو منزلهم حيث كان والده يجلس (العصرية) على كرسى أمام باب الشارع :
- يا ولد الفلقك كده وسيل دمك شنو؟
- ده حسن يا بوى
- حسن منو؟
- حسن يا بوى حسن .. طح طح طحنية !!
مرت سنوات الطفولة سريعة .. عندما إنتقلنا إلى المرحلة الثانويه كان (حسن طحنية) قد إستقر به المقام فى إحدى برندات (السوق العربى) مع والده الذى كان يعمل (ترزى بلدى) والذى ما لبث أن فارق الحياة بعد أن أصيب بدأء القلب فقام حسن بالجلوس على ماكينه الخياطة وأصبح يمارس مهنة (الخياطه) والتى أبدع فيها أيما إبداع فمن إبداعاته أنه لا يستخدم المتر لأخذ المقاسات بل يكتف بالنظر إليك نظرة فاحصة بعد أن يطلب منك أن (تلف) يمنة ويسرى فإذا حضرت لإستلام (جلابيتك) وجدت أنها (عراجيه) أى (بين الجلابية والعراقى) وفى هذه الحالة فهو لم يكن يعترض أبداً في حال عدم دفعك ثمن الحياكة اعتقاداً منك انه قد أفسد القماش! بل كان يكتفي – أي حسن - في مثل هذه المواقف بأن يحملك ويحمل قماشك قاذفاً بكما معاً على بعد أمتار من دكانه، بعد أن يأخذ منك ثمن ما صنعه لك مضاعفاً، مؤكداً لك ولنفسه انه يستحق أتعابه!
كانت هذه آخر (معلوماتى) عن حسن طحنية إذ بعد ذلك سافرت طالبا للعلم ثم مغتربا لسنوات قاربن العشرين ثم بعد عودتى للبلاد عرفت أن أسرته قد تركت منزل (الإيجار) الذى كانت تستأجره معنا فى الحى منذ سنوات طويلة وذهبت إلى مكان غير معلوم وبهذا إنقطعت أخباره عنى !!
فى ضيافة (حسن طحنية):
بعد نهاية الإحتفال أخذنى (حسن طحنية ) إلى منزله (الحكومى) حيث شقت (العربة) اللاندكروزر الجديده (العااالية) طريقها يتقدمها عدد من عربات (الـتأمين والحراسة) .. توقفت العربة أمام بوابة المنزل حيث قام أحد أفراد (كشك الحراسة) بفتحها فدخلنا إلى المنزل عبر ممر طويل تحيطة الأشجار على الجانبين حيث تقع مبانى المنزل على اليمين بينما على اليسار توجد (حديقة) غناء وضع فى منتصفها طقم فاخر من كراسى (البامبو) .
- نقعد جوه فى الصالون وإلا برة هنا (مشيراً للحديقه) ؟
- لا أفتكر بره أحسن الجو جميل
بينما دخل (حسن طحنية) إلى صالون المنزل (ربما لإعداد شئ من الضيافة) كنت أتجول بنظرى حول أرجاء الحديقة ذات (النجيلة) الخضراء الناعمة و(اللمبات المضيئة) التى تحف بها بعناية وأسائل نفسى :
- (طحنية) ده يكون عمل العملية دى كيف ؟ يكون قرا بى ورانا يا ربى ونحنا ما عارفين؟؟
إنقطع حبل تفكيرى حينما رأيتة وهو يشق الحديقة قادما نحوى وهو يرتدى جلابية (بيت) بيضاء ناصعة ويحمل فى يديه (شخصياً) صينية عليها (أدوات الضيافة)
- إنت يا حسن قاعد براك هنا؟
- (وهو يضحك) لا قاعدين معاى (أربعه)؟
- أربعة (ولاة) يعنى ؟
- ولاة شنو يا جبرا ؟ أربعة (نسوان) نسوااان
- يعنى إتزوجت أربعة؟
- (وهو يرتشف من كوب العصير) : وكمان مقعدهم كلهم معاى فى البيت ده !! – مواصلاً – ده غير (الفكينا تسجيلاتهم) ؟
- وديل مقعدهم كلهم فى بيت واحد ما بعملو ليك غلبة؟
- والله يعملو أى (غلبه) أعملهم ليك (طحنية) !!
- لا والله كان كده إنت ما تبقى (حسن طحنية) إنت تبقى (حسن طحنية هارون الرشيد) !!
- (وهو يضحك من تعليقى) : طبعا إنت مندهش (للنقلة) دى ؟
- لكن يا (حسن) بتبالغ هى دى نقلة نصاح؟ زول يخلوهو (ترزى بلدى) يجو يلاقوهو بقى (والى) .. كدى أحكى ليا دى حصلت كيف !!
رجع (حسن طحنية) إلى الخلف مستنداً على مقعد (البامبو) الوثير فى ذات اللحظة التى كان فيها أحد
أفراد (فرقة الضيافة) يضع (صينية الشاى ومستلزماته) أمامنا على الطاولة الدائرية .
أصل الحكاية :
شوف يا جبرا بعدما إنتو سافرتو تقرو أنا واصلت فى محل الخياطه وما كان فى زباين لأنو إنت عارف أخوك كان (أشتر) فى حكاية الخياطة دى غايتو ربك رب الخير قام (الجماعة) ديل جو .. وكل يوم والتانى طالعين (مسيرة) وكل يوم والتانى عاملين ليهم (مؤتمر) واليافطات بتاعت (القماش) ما تديك الدرب .. شئ (ملصق) فى (الباصات) وشئ (معلق) فى (الكبارى) قمت طوالى فكرت أعمل ليا محل (لافتات قماش) وقمت طوالى أجرت االمحل القدامى وجبت ليا (خطاط)
- أها وبعدين ؟
- (كمن يتذكر) أها يا زول أتفقت ليك مع الزول (المسئول) عن حكاية اللافتات دى وبقيت أديهو ليكا (عمولة) وعلى كده مسكت ليكا (السوق) وبقت أى (لافتة) فى أى مسيرة أو مؤتمر أو شنو ما بعرف داك يعملوها (الجماعة ديل) تلاقى مكتوب عليها تحت (الختم) بتاع (طحنية لللافتات) !!
- أها وبعدين؟
- بعدين بقيت (أطلع) ليك مع أى مسيرة يجيبوا ليا اللافتات بتاعتا وأكون أول زول فيها ؟
- يعنى إنضميت (للجماعة) ؟
- إنضميت شنو؟؟ أنا كنت بمشى عشان بعدما المسيرة (تفرتق) أجمع وألملم (اللافتات) تانى وأرجعهم المحل عشان أبيعهم ليهم (للمسيرة التانية) !!!
- (وأنا أرتشف من كوب الشاى الأنيق) : أها وبعدين؟
- أها يازول أى (مسيرة) طالعة تلقانى أول زول .. فى المقدمة وقاعد أهتف والناس تهتف وراى .. وإنت عارف (أخوك) عندو (حنجرة) ما شاء الله .. وعلى كده بقيت (عضو أساسى) فى أى (مسيرة)
- وبعدين؟
- بعدين قلت (المسيرات) دى ما كفاية يا ود يا (حسن) حقو (تساعدا) بى كم (متحرك) كده ..
وفعلاً خليت (الود الشغال معاى) يمسك الدكان ومشيت ليك كم (متحرك) كده .. وفى واحد من (المتحركات) كان معاى (مسؤول كبير) طلعنا كم (عملية) سوا وتوطدت علاقتى معاهو
ولمن عرف إنى زول(إعلانى) أقصد (إعلامى) لمن رجعنا قام بتعيينى طوالى (مسئول الإعلام) بالولاية !!
فى هذه الأثناء وبينما (حسن طحنية يواصل لى فى سرد (قصة حياتو) جاءت صينية (القهوة) ذات (الطقوم الفاخرة) .. أخذ فى صب (القهوة) بينما واصل حديثة :
- أها يا (جبرا) قلت ده برضو ما كفاية حقو أساعد المسألة بى (حاجة) تانية قمت من هنا لى هنا إتزوجت ليك (بتو) والأمور مشت تمام التمام لحدت ما (نسيبى) المسئول ده (شالوهو) وجابو واحد تانى وسمعت تحت تحت إنو بفكر (يشيلنى)
- أها عملت شنو يا حسن ؟
- شمشمت هنا وهنا عرفت إنو عندو أختو ما متزوجة ... قمت إتقدمت ليها وعرستها وبقينا (نسايب) !!!
(الله لا كسبك يا حسن طحنية ده كلو يطلع منك؟) – قلتها فى نفسى -!!! فى الوقت الذى كان هو يستقبل محادثة عبر هاتفه الجوال عرفت من ردوده أن المتحدث هو (المقاول) الذى يقوم بتشييد منزله (بالعاصمة) حيث علمت من الحوار الذى يدور بأن (المقاول) يستعجل (حسن طحنية) لإرسال مبلغ من أجل إكمال تشييد (حوض السباحة) !!
بينما كان (حسن طحنية) يرد على محادثة (المقاول) كان عدد من (الخدم) يحملون (أطباق الطعام) ويقومون بتجهيز طاولة العشاء التى تم وضعها بعناية فى أحد أركان الحديقة
- العشاء جاهز يا (سعادتك)
قالها أحد الذين كانوا يشرفون على إعداد (طاولة العشاء) عندها هب (حسن طحنية) واقفاً وهو يشير لى بأن نتوجه لتناول العشاء .. لم يكن أحداً معنا إذ أن (سعادته) كان قد طلب من سكرتيره الخاص عند قدومنا للمنزل بأنه لا يود مقابلة أى شخص كان .. جلسنا على (مائدة العشاء) والتى كانت تحتوى على كل ما لذ وطاب من مشويات ومحمرات ومجمرات ومنديات وسلاطات وحلويات وفواكه وعصائر !!
- ما تميت ليا القصة؟؟
- أيوه أيوة المحادثة بتاعت المقاول دى قطعت لينا حديثنا ... – متسائلاً كنا واقفين وين؟
- كنا واقفين فى (العرسة التانية) !!
- أها يا زول كلما يجيبو ليك مسئول أقوم (أناسبو) ليك لحدت ما تميتهم (أربعه)
- مسئولين؟
- لا .. نسوان
- أها وبعدين؟
- أها يا زول (كنكشت) ليك فى حتت (المسئول الإعلامى للولاية) دى (كنكشة) شديده وبقيت ليك خبير (مسيرات) يعنى بس أعاين ليك لى (عنوان المسيرة) كده أعرف ليك عاوزة كم (باص) وكم (مكرفون) .. وكم (لافتة) .. وكم (مدرسة) نمشى نجيب منها (شفع) وكم (مصلحة) نمشى نجيب منها (الموظفين) ومش كده وبس !!
- أها عملت تانى شنو؟
- أول حاجه إستحدثت ليا وحدات فى (الإدارة الإعلامية) ذى مثلا وحده (صياغة الهتافات) ودى العاملين فيها بس مهمتهم يقعدو يطلعو لينا (هتافات) جديدة ويدوها – بعد إجازتا منى – لوحده (الهتيفة الدائمين) وهم الناس البتشوف (وشوشهم) فى كل (مسيرة) طالعة – مواصلاً – المهم يا زول (كربت ليك الشغلانه) وبقيت ليك أهم زول فى البلد وما تنسى إنو (المسئول الكبير) هو (أبو النسب) !!
- (فى غباء مصطنع) : وحكاية البيت البتعمل فيهو و(حوض السباحة) والشنو ما بعرف ده؟ عملتو كيف يا (حسن) ... من دكان (الترزى) ؟؟
- (فى خبث ) : يعنى يا (جبرا) عاوز تعمل ليا ما فاهم ؟ شفت ليك (عراوى) بتعمل ليها (حوض سباحة) ؟!!
- طيب من وين؟
- بسيطة عملت ليا فرع هنا للمحل بتاع (اللافتات) وكمان عملت فيهو تأجير (للساوند سيستم) وللمنصات (البقيفو) فيها المسئولين .. وعشرة عشرين (صيوان) وميه ميتين (حفاظة مويه) وكم ألف (كرسى) وكم ألف (تربيزة) ولمبات للإضاءة وبصين تلاته عشان يشيلو الناس !!
- والحاجات دى جابت ليك قروش ؟
- ما تجيب ليا كيف؟ ما تنسى كل يوم يومين عندنا (مسيرة) .. شوف فى كم (إتفاقية سلام) كل ذكرى إتفاقية (مسيرة) .. ده غير حاجات (فلسطين) وحاجات (العراق) وحاجات (أفغانستان) ويوم (الأم) ويوم (العمال) ومسيرات الإحتجاج على (قرارات الأمم المتحدة) !!
- وما تنسى كمان إنو الحاجات دى ذاتا فى الأمسيات قاعدين نشغلا (للأعراس) !!
- (الله لا كسبك يا حسن طحنية ده كلو يطلع منك) !! : أها تم ليا قصة بقيت (والى) دى كيف؟
- لحدت هنا يا (جبرا) والشغلانية كانت ماشة كويس
- والحصل شنو؟
- أبو النسب شالوهو !! وجابو واحد تانى !!
- وعرست أختو؟
- لا المرة دى هو العرس (أختى) أنا !!
- ودى كيف ؟؟
- أيواا .. أقول ليك ... أنا أول ما إستلمت (مسئول إعلامى) قمت عينت ليك أخوانى وأخواتى وأولاد عمى وأولاد خالى وأقربائى كلهم فى (الولاية) السكرتيرة سكرتيرة والصراف صراف والمخزنجى مخزنجى والسواق سواق .. أها (أختنا) دى كانت شغاله سكرتيرة فى مكتب (أبوالنسب) قبال ما يشيلوهو ولمن جاء (صاحبنا) ده ولقاها سكرتيرتو والظاهر هو من النوع الجنو (عرس) قام طوالى طلبها وأديناها ليهو على سنة الله ورسولو !!
- يعنى المرة دى جات براها كده !!
- (وهو يتناول كوباً من العصير) : أيواا ما تعبت فيها !!
- أها (والى) دى عملتها كيف؟
- (وهو ينهض من المائدة) : ما تستعجل يا (جبرا) أنا ح أحكى ليك .. كدى نمشى نغسل إيدينادى ونرجع نقعد !!
وبقيت والى :
عدنا مرة أخرى لطقم الجلوس (البامبو) .. وضع (حسن طحنية) رجليه على الكرسى الذى فى قبالته .. أطرق بعينيه نحو السماء كمن يتذكر :
- أها بعد ما القروش القاعد أطلعا من المحل بتاع (تجهيز المسيرات) كترت قلت يا ود يا (حسن) الدنيا ما معروفه قمت عملت ليا كم مشروع كده .. مزرعة بتاعت دواجن .. مصنع بتاع (أدوات صحية) ... معاهد بتاعت كمبيوتر .. وحاجات ذى دى
- وبعدين ؟
- بعدين لمن (الشركات) و(المزارع) و(المعاهد) كترت لقيت نفسى ما قاعد إشتغل (للحكومة) ذى زمان ووقتى كلو قاعد أديهو للأعمال الخاصة بتاعتى وأخلى (الموظفين) الصغار يشتغلوا ليا شغلى ويقوموا بعملية (تنظيم المسيرات) وباقى الحاجات (الإعلامية) دى ..
- وبعدين كده ما ح يشيلوك؟
- شيل ده مافى ما (أبو النسب) كان قاعد !!
- أها طيب والحصل شنو؟
- الحصل إنو فى يوم مفروض تكون فيهو (مسيرة) قمت قلت لى واحد من الأولاد الموظفين معاى قوم بتنظيم المسيرة دى .. قام الود الموظف عشان يبرهن ليا إنو على قدر المسئولية حشد ليهو أكتر من (مليون واحد) فى المسيرة ..شئ باصات وشئ عربات وشئ مواتر المهم لما المسيرة قاطعة (الكبرى) ماشه (مبنى الولايه) عشان يخاطبا الوالى قام (الكبرى) إنهار من حمولة الناس !!
- وبعدين دى كارثة؟
- والله كانت كارثه فعلاً لأنو طالما الناس ديل كتار بالشكل ده كان مفروض مسار (المسيرة) يتغير وما يمشوا فوق الكبرى ده ودى مسئوليتى !
- أها وبعدين؟
- بعدين الكارثة كانت كبيرة .. ناس ماتت .. وناس إتجرحت وأنا شلت قلبى فوق إيدى قلت خلاص يا ود يا (حسن) ح ترجع (ترزى) تانى ويشيلوك .. وفعلاً تانى يوم للحادث الصباح بدرى جانى (طراوة) مدير مكتبى وجاب ليا جواب مستعجل من (المسؤلين) فى (الخرتوم)
قلت بس خلاص (الجماعة) شالونى
- وما شالوك يعنى؟
- شالونى شنو؟ .. رقونى ..... والى !!
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
كنت فى جمهورية الامازون
العدد الأسبوعى لصحيفة السودانى
الجمعة الموافق 13 أبريل 2007م
بينما كنت أتصفح بريدى الإليكترونى كالعادة لاحظت أن موضوع أحد الرسائل هو (دعوة من جمهورية الأمازون) .. بداية ظننت (وليس كل الظن إثماً) أن الأمر لابد أن يكون (مزحة أو دعابة) من أحد القراء أو الأصدقاء بمناسبة (أول أبريل) أو رساله كتلك الرسائل (الإليكترونية) e-mail التى تستخدم فى النصب والإحتيال على (خلق الله) من مستخدمى (الشبكة العنكبوتية) لكن إتضح لى بعد قراءة نص الرسالة أن تصوراتى تلك جميعها لم يحالفها التوفيق وأن الأمر جاد ومختلف تماما إذ جاءت الرسالة والتى كتبت باللغة العربية الفصحى كالآتى :
حضرة الكاتب الصحفى فلان الفلانى (إسمى وكده) بعد السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ..
يتشرف إتحاد الكتاب الصحفيين (بجمهورية الأمازون) بدعوتكم لحضور إحتفالات البلاد بالعيد المئوى لتأسيسها .. نرجو منكم التكرم بمراجعة سفارة (جمهورية الأمازون) بالخرطوم (العمارات شارع 91) لإتمام إجراءآت السفر مع قبول فائق تحياتنا .
لا أخفى عليكم فرحتى بإستلام الرسالة فهى فرصة للسفر الذى فيه سبع فوائد بعد أن صار السفر الخارجى (لأمثالنا) ضرب من ضروب (المستحيل) لما يتطلبه من (منصرفات) لا قبل لنا بها .
كان على (العبد لله) أن يقوم أولا بتكوين فكرة (محترمه) عن (جمهورية الأمازون) والتى ما أن قمت بكتابه إسمها على محرك البحث GOOGLE حتى إمتلأت شاشة الجهاز بعدد مهول من (المواقع) والروابط LINKS التى ورد فيها إسم هذه (الجمهورية)
والتى أهم ما يميزها (كما جاء فى أحد الموقع ) أن نظام الحكم فيها يعتمد على كتاب الله وسنة رسوله وأن المسئولين فيها يضعون في طليعة واجباتهم ، الوقوف إلى جانب المحرومين والمظلومين وتبني قضاياهم والعمل على إسعادهم
وإسعاد كافة المواطنين .
بعد أن قمت بطباعة نسخة على الطابعة من رسالة الدعوة قمت بإطفاء جهاز الكمبيوتر وطفقت أبحث عن جواز سفرى الذى لم أراه منذ أكثر من عشرين عاماً حيث وجدته بعد جهد جهيد يقبع فى إحدى (شنط) المستندات القديمة .
- يا للهول فجوازى لم يجدد منذ زمن بعيد ...
العدد الأسبوعى لصحيفة السودانى
الجمعة الموافق 13 أبريل 2007م
بينما كنت أتصفح بريدى الإليكترونى كالعادة لاحظت أن موضوع أحد الرسائل هو (دعوة من جمهورية الأمازون) .. بداية ظننت (وليس كل الظن إثماً) أن الأمر لابد أن يكون (مزحة أو دعابة) من أحد القراء أو الأصدقاء بمناسبة (أول أبريل) أو رساله كتلك الرسائل (الإليكترونية) e-mail التى تستخدم فى النصب والإحتيال على (خلق الله) من مستخدمى (الشبكة العنكبوتية) لكن إتضح لى بعد قراءة نص الرسالة أن تصوراتى تلك جميعها لم يحالفها التوفيق وأن الأمر جاد ومختلف تماما إذ جاءت الرسالة والتى كتبت باللغة العربية الفصحى كالآتى :
حضرة الكاتب الصحفى فلان الفلانى (إسمى وكده) بعد السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ..
يتشرف إتحاد الكتاب الصحفيين (بجمهورية الأمازون) بدعوتكم لحضور إحتفالات البلاد بالعيد المئوى لتأسيسها .. نرجو منكم التكرم بمراجعة سفارة (جمهورية الأمازون) بالخرطوم (العمارات شارع 91) لإتمام إجراءآت السفر مع قبول فائق تحياتنا .
لا أخفى عليكم فرحتى بإستلام الرسالة فهى فرصة للسفر الذى فيه سبع فوائد بعد أن صار السفر الخارجى (لأمثالنا) ضرب من ضروب (المستحيل) لما يتطلبه من (منصرفات) لا قبل لنا بها .
كان على (العبد لله) أن يقوم أولا بتكوين فكرة (محترمه) عن (جمهورية الأمازون) والتى ما أن قمت بكتابه إسمها على محرك البحث GOOGLE حتى إمتلأت شاشة الجهاز بعدد مهول من (المواقع) والروابط LINKS التى ورد فيها إسم هذه (الجمهورية)
والتى أهم ما يميزها (كما جاء فى أحد الموقع ) أن نظام الحكم فيها يعتمد على كتاب الله وسنة رسوله وأن المسئولين فيها يضعون في طليعة واجباتهم ، الوقوف إلى جانب المحرومين والمظلومين وتبني قضاياهم والعمل على إسعادهم
وإسعاد كافة المواطنين .
بعد أن قمت بطباعة نسخة على الطابعة من رسالة الدعوة قمت بإطفاء جهاز الكمبيوتر وطفقت أبحث عن جواز سفرى الذى لم أراه منذ أكثر من عشرين عاماً حيث وجدته بعد جهد جهيد يقبع فى إحدى (شنط) المستندات القديمة .
- يا للهول فجوازى لم يجدد منذ زمن بعيد ...
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
[b] بقية كنت فى جمهورية الامازون[/b]
فى صباح اليوم التالى كان على أن أقوم بالتوجه إلى (الجوازات) من أجل تجديد الجواز ... كل الإجراءآت تمت فى يسر ما عدا إجراء واحد هو رسوم (التجديد) والتى كان على أن أقوم (بإستلاف معظمها) من صديق (محام) يقع مكتبه قريباً من مكاتب (الجوازات) إذ أننى لم أعمل حسابا لذلك المبلغ المطلوب كرسوم تجديد بل لم أتصور أنه يمكن (لرسوم تجديد جواز) أن تكون باهظة بهذا الشكل (المرعب).
كانت الساعة تقترب من الثانية عشر ظهراً عندما ولجت إلى مبنى سفارة جمهورية الأمازون بالعمارات شارع 91 أجمل جوازى (المجدد) . إستقبلنى (موظف الإستقبال) ذو اللحية الخفيفه حيث قمت بشرح الأمر له كما قمت بتسليمه (الصورة المطبوعة) التى قمت بإعدادها لرسالة الدعوة (الإليكترونية) التى تسلمتها حيث أشار لى فى تهذيب بعد أن قام بقراءتها بالجلوس على أحد الكراسى الجلدية الوثيرة بينما حمل جواز سفرى وصورة الرسالة وهو يتجه إلى أحد المكاتب . بعد دقائق قليلة طلب منى (الموظف) الدخول لمقابلة (الملحق الإعلامى) الذى رحب بى ترحيباً حاراً موضحا لى مدى سعاده جمهورية الأمازون بتشريفى لزيارة جمهوريتهم من أجل مشاركتهم فرحتهم بالعيد المئوى لتأسيس (الدولة الأمازونية) وفى نهاية اللقاء قام بتسليمى جواز سفرى وعليه تأشيرة الدخول إضافة إلى تذكرة (ذهاب وعودة) من الدرجة الأولى على (الخطوط الأمازونية) متمنيا لى رحلة وإقامة سعيده .
فى صباح اليوم التالى كان على أن أقوم بالتوجه إلى (الجوازات) من أجل تجديد الجواز ... كل الإجراءآت تمت فى يسر ما عدا إجراء واحد هو رسوم (التجديد) والتى كان على أن أقوم (بإستلاف معظمها) من صديق (محام) يقع مكتبه قريباً من مكاتب (الجوازات) إذ أننى لم أعمل حسابا لذلك المبلغ المطلوب كرسوم تجديد بل لم أتصور أنه يمكن (لرسوم تجديد جواز) أن تكون باهظة بهذا الشكل (المرعب).
كانت الساعة تقترب من الثانية عشر ظهراً عندما ولجت إلى مبنى سفارة جمهورية الأمازون بالعمارات شارع 91 أجمل جوازى (المجدد) . إستقبلنى (موظف الإستقبال) ذو اللحية الخفيفه حيث قمت بشرح الأمر له كما قمت بتسليمه (الصورة المطبوعة) التى قمت بإعدادها لرسالة الدعوة (الإليكترونية) التى تسلمتها حيث أشار لى فى تهذيب بعد أن قام بقراءتها بالجلوس على أحد الكراسى الجلدية الوثيرة بينما حمل جواز سفرى وصورة الرسالة وهو يتجه إلى أحد المكاتب . بعد دقائق قليلة طلب منى (الموظف) الدخول لمقابلة (الملحق الإعلامى) الذى رحب بى ترحيباً حاراً موضحا لى مدى سعاده جمهورية الأمازون بتشريفى لزيارة جمهوريتهم من أجل مشاركتهم فرحتهم بالعيد المئوى لتأسيس (الدولة الأمازونية) وفى نهاية اللقاء قام بتسليمى جواز سفرى وعليه تأشيرة الدخول إضافة إلى تذكرة (ذهاب وعودة) من الدرجة الأولى على (الخطوط الأمازونية) متمنيا لى رحلة وإقامة سعيده .
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
[u]بقية كنت فى جمهورية الامازون[/u]
فى جمهورية الأمازون :
حطت الطائرة المقلة لشخصى الضعيف المطار الدولى لمدينة (أمازونيا) عاصمة جمهورية الأمازون .. لم ألاحظ شئيا يستحق التعليق سوى ذلك العدد الهائل من الأشخاص الذين يلبسون (البدل السفارى) ويرتدون (نظارات سوداء) والذين كانوا ينتشرون فى كل ركن من أركان المطار.
تم إستقبالى بواسطة مندوب من (إتحاد الكتاب الأمازونى) حيث تم ترحيلى إلى مقر إقامتى بأحد (القصور) الفاخرة التى تشكل (سلسلة) تمتد نحو أكثر من ميل .. قال لى مرافقى ونحن نترجل من (السيارة) وهو يشير نحو (الفلل) الفارهه :
- هذه الفلل الرئاسية تم بنائها خصيصاً لإستقبال الوفود التى سوف تقوم بحضور العيد المئوى لتأسيس دولة الأمازون
- لابد أنها كلفت كثيرا
- لقد كلفت ملايين الدولارات .. لكن سنقوم ببيعها (للزول البناها) بعد إنقضاء (المناسبة) وبذلك نكون قد وفرنا المبالغ التى كنا سنصرفها فى إقامة الوفود المشاركة
- برضو وجهه نظر !!
فى صباح اليوم التالى إتصل بى (مرافقى) عبر التلفون الداخلى ليخبرنى أن برنامج اليوم سوف يكون محصور فقط فى التجوال فى (العاصمة) لمشاهدة معالمها الرئيسية أضافة إلى زيارة بعض المنشئات الهامة .
أول ما لفت نظرى ونحن نتجول فى عاصمة الأمازون العدد الهائل من (العربات) بكافة أشكالها (بصات) حافلات لوارى ركشات مما أدى إلى صعوبة الحركة مع إنتشار هائل لأفراد شرطة المرور الذين يرتدون الزى الأبيض المميز ويقفون يسدون الشارع أمام حركة السير :
- لماذا يقوم رجال شرطة المرور لديكم بالوقوف فى عرض الشارع مما يساعد على عرقلة المرور
- هؤلاء يقومون بتحرير مخالفات لهؤلاء المواطنين العابثين – مواصلا- تصور يا سيدى أن متوسط رسوم (ترخيص) العربه سنوياً لا يساوى أكثر من دخل الفرد لستة أشهر فقط وإن إستخراج رخصة القياده أو تجديدها لا يساوى أكثر من دخله لست أشهر أخرى
- لا والله ديل مواطنين مستهبلين ساكت .. الواحد ما عايز يقنع ليهو من (دخل) بتاع (سنه) عشان (يرخص) عربيتو؟ !!
- لذلك فإن (حكومتنا) أعلنت الحرب عليهم لدرجة أن (رجال المرور) تركو مهمتهم الأساسية وتفرغو لهم
- لا ده إستهتار مافى ذلك شك .. المواطنين ديل مستهترين سااكت
بينما توقفت حركة المرور كنت أسلى نفسى بالنظر إلى اللافتات التى على المبانى حيث كانت تقع على مرمى نظرى مباشرة لافته مثبته على مبنى أنيق تقول : (مبانى الشركة الأمنية بوزارة التعليم العالى)
- ما قادر أفهم الحاجات العندكم دى ؟
- كيف؟
- وأنحنا ماشين قبيلك مرينا على لافته مكتوب عليها (الشركة الصحية بوزارة الداخلية) وهسع دى مكتوب عليها ( الشركة الأمنية بوزارة التعليم العالى) شنو (اللخبطة) دى ما قادر أفهم؟
- أيواا .. الشركة الأمنية دى شركة (بوليس) عاملاها (وزارة التعليم العالى) عشان تضبط (الأمن) بالجامعات والمعاهد العليا .. وحكاية الشركات الجوه الوزارات دى فلسفة جديده فى تقليص عدد (المسئولين الفقراء) الذين هم من الشرائح الفقيرة ودخولهم عالم (الترطيب) إذ من شأن هذه (الشركات) الجوه (الوزارات) الجوه (الشركات) دى إتاحة الفرصة لكثير منهم للولوج لعالم ( المقاولات) والكمشنات Commissions والتفرغ لإدارة هذه الشركات وترك أمر تصريف شئون (وزاراتهم) للظروف !!
- بعدين ما تنسى الخدمات البتقدمها الشركات الجوه الوزارات دى للمجتمع؟
- ذى شنو؟
- كيف ؟ الشركات دى بتقلل نسبة العطالة .. ما تنسى إنو إنها بتستوعب عدد مقدر من (أشقاء) المسئول و(إبناء خؤولته وعمومته) ونسابته وكمان ما تنسى إنو تسهيلا لإستيعابهم فهذه الشركات لا تشترط عليهم أى نوع من (الكفاءة) أو (الشهادات) فى ذات المجال فيمكن لخريج (التاريخ) أن يستوعب كمهندس فى شركة الطرق والجسور التابعة لوزارة (الأوقاف) إذ يمكن الإستعانه به لتحديد تاريخ ونشأة (المطبات) والحفر التى على الشوارع مما يساعد على تكوين (قاعدة بيانات) يمكن الرجوع إليها عند عمليات إعادة التأهيل المستمرة و(التى لا تنتهى) للشارع المعنى .
بينما كنت أنظر إلى الأعداد الهائلة من (المتسولين) الذين يهاجمون (المارة) والسيارات عند شارة المرور التى توقفنا عندها خاطبت مرافقى :
- وإنتو فى الأمازون بتحكموا تحت راية الإسلام الذى يدعو إلى العدل والمساواة كيف تطبقون ذلك وكيف ينعكس ذلك على أحوال الرعية؟
- (كمن كشف عن مبعث سؤالى وأنا أنظر للمتسولين) : إن حكومتنا الرشيده تنظر إلى أمر العدالة الإجتماعية بين الرعية كقيمة هامة جدا وأصل من إصول الدين لذلك فقد عدلت بين الرعية بأن وضعتهم جميعهم تحت (خط الفقر) وبذلك تساووا أيما مساواة –يواصل- الفقر يا أخى هو فقر (الروح) وليس فقر الجيوب
- صحيح والله الفقر فقر (الروح) التى (تطلع) مع (فلس الجيوب) !!
ونحن نسير فى جولتنا حول مدينة أمازونيا لفت نظرى كثرة (المساجد) وروعة بنائها وتصميمها وعدد (المكيفات الفريون) التى تطل خلف مبانيها :
- أراكم وقد عمرتم مساجد الله وصرفتم على تشييدها المال الكثير فهلا صرفت دولتكم على المستشفيات والمستوصفات والدواء كذلك ؟
- إن الدوله يا أخى تصرف على تشييد المساجد الفاخرة أضعاف ما تصرف على تشييد المستشفيات حتى إذا ما أصاب المواطن (مرض) وجد المكان (المريح) الذى يدعو فيه ربه لإزاله ذلك المرض عنه فأى ضير فى ذلك؟؟
- لا ضير .. لا ضير يا أخى فهذه والله سياسة (صحية) تمثل قمة الإيمان فهذا بالطبع أجدى من توجيه الأموال إلى مشاريع تساهم في تقديم عدد من الخدمات للفقراء والمحتاجين، كبناء مراكز صحية أو دور رعاية للمسنين أو مراكز لرعاية الأيتام أو تقديم منح دراسية للطلبة الفقراء
- أراك يا أخى قد طفت بى بأحياء راقية فاخرة ؟ أليس لديكم أحياء (فقيرة) مثلنا؟
باغت السؤال مرافقى إذ لم يكن يحسب لجرأتى حساباً كما بدا عليه ذلك فقام بمسح حبات العرق التى تسللت إلى وجهه رغم بروده مكيف العربه :
- توجد هنالك بعض الأحياء الفقيرة التى تقع خارج العاصمة (أمازونيا) ويتولى (ديوان الزكاة) لدينا أمر إعاشتهم لإنتشالهم من حالة الفقر تلك وذلك بمنح كل فرد منهم مبلغ خمسين جنيهاً (أمازونياً) أى ما يعادل ثمن (خمسة كيلو لحمة) علاوة على منح كل أسرة فقيرة منهم (حفاظة ثلج) للإستعانة بها فى بيع (الدندرمة والآيس كريم) لتحسين وضعهم المادى وخروجهم من حالة الفقر تلك
- وكم يبلغ المتوسط السنوى لعائدات ديوان الزكاة لديكم ؟
- ما يقارب 370 مليار جنيه ( أمازونى طبعا) فقط!! – مواصلا- هذا لمصرف الفقراء فقط بعد طرح بقية المصارف الأخرى كالعاملين عليها الذين تبلغ قيمة مصرفهم 730 مليار
- لكن حفاظة موية لكل أسرة فقيرة دى مش (كتيرة) ؟
- والله كتيره مفروض يكون كل (أسرتين) أو (تلاته) فى (حفاظة) لكن نعمل شنو ؟ نحنا فى دولة الأمازون مسئولين عن الفقراء ديل أمام الله بعدينك !!
- والله دى الحكومة وإلا بلاش وده الشعور بالفقراء ...
فى هذه اللحظة كانت العربة قد توقفت بعد أن قطعت أميالا عديده خارج العاصمة أمازونيا قام السائق بالنزول وفتح أبواب العربه بينما كان مرافقى يقول لى :
- هذه هى مصفاة البترول الذى يستخرج من عدد من الحقول المختلفة فى جمهورية أمازون حيث يبلغ حجم الخام الذى تتم تصفيته يوميا فى هذه المصفاة 700 ألف برميل حيث تتم بعد ذلك عملية تصديرة وبيعه فى الأسواق العالمية
- هذا يعنى أن أسعار الوقود لديكم تشهد إستقرارا
- هذا يعتمد على أسعار النفط العالمية؟
- (فى بلاهه) كيف ذلك؟
- أذا إرتفعت أسعار النفط عالميا فلابد أن ترتفع داخليا !!
- والقاعدين تصدروهو ده ما قاعد يزيد؟؟ والله أخير نحنا كان كده !! لمن ينخفض عالميا قاعدين يزيدوهو لينا داخليا !!!
- أصدق القول يا أخى أن معلوماتى من منطلق مشاهداتى التى شاهدتها حتى الآن مشوشة وغير مرتبة وفيها كثير من التناقضات وحيث أن برنامج الزيارة الذى أعطيتنى له يقول بأن (الإحتفال بالعيد المئوى لتأسيس دولة الأمازون) الذى تمت دعوتى لحضوره سوف يبدأ بعد ثلاثة أيام فأرجو إن سمحتم أن أقترح لى برنامجا يجعلنى أقترب من مجتمعكم أكثر حتى إذا ما عدت إلى بلادى إستطعت أن أقوم بكتابة سلسلة من المقالات التعريفية والتى من أرض ( الواقع الفعلى) عن بلادكم فى صحيفتى التى أكتب فيها
- وماذا تقترح يا سيد (جبرا) ؟ إن الأوامر أن نقوم بتلبية جميع طلباتكم
- أقترح أن يكون برنامج الغد هو زيارة لأسرة (أمازونية) وأن يكون (برنامج بعد غد) زيارة لمستشفى أمازونى عام ، على أن يكون اليوم الذى يسبق الإحتفال هو زيارة لإحدى الجامعات الأمازونية الحكومية
- لا عليك يا سيد (جبرا) سيكون البرنامج جاهزا
- لكن لدى شرط واحد لنجاح هذا البرنامج لو تفضلتم يا أخى
- وما هو ؟
- أن أقوم أنا بتحديد الأسرة والمستشفى والجامعة التى سوف نقوم بزيارتها
- (بعد تفكير) هذا خارج نطاق صلاحياتى يا سيدى فبرنامج زيارتك هذه يخضع لبعض الترتيبات الأمنية من أجل سلامتك وأى تغيير فيه يجب أن أبلغ به المسئولين للموافقه عليه ثم عند موافقتهم سوف أقوم بإخطارك .
بينما كنت داخل غرفتى أشاهد برامج (تلفزيون جمهورية الأمازون) ذو البرامج (المملة) ونشرات الأخبار التى تحتل فيها نصف الساعة الأولى كلمات مثل قام .. سافر.. رقد ... نام .. إذا بالتلفون الداخلى يرن لأجد المتحدث على الطرف الآخر هو مرافقى الذى أنهى لى موافقة المسئولين على البرنامج الذى إقترحته وبالشرط الذى حددته على أن يتم ذلك (ولنواح أمنية) داخل حدود ولاية (أمازونيا) ، شكرته على موافقة المسئولين ولكن قبل ذلك سالته عن المقصود بتلك (النواح الأمنية) فقال لى :
- يا سيد (جبرا) لعلك لا تدرى بأنه فى العاصمة (أمازونيا) وحدها توجد 49 حركة مسلحه تحتفظ بجنودها وعدتها وعتادها وأسلحتها
- عفوا يا أخى هل هذه حركات متمرده ؟؟
- لا لا ليست متمرده .. إنها قوات (صديقه) وقد تم توقيع معاهدات سلام معها
- ولكن يا أخى هل السلام والصداقة يقتضيان الإحتفاظ بالسلاح ؟
لما وجدت نفسى أقوم بطرح أسئلة ليس من شأنى طرحها (كضيف زائر) سرعان ما قمت بإنهاء المحادثة قائلا لنفسى :
- والله أخير نحنا كلها (خمسة حركات) وقعت .. وكم واحده كده رافضة توقع !!!
زيارة مفاجئة لأسرة أمازونية :
- سيد (جبرا) صباح الخير ... هل أنت مستعد لبرنامج اليوم
- نعم أنا جاهز وسوف أنزل لك فوراً
ما أن أخذت مقعدى داخل العربة الفارهة المخصصة لبرنامجى حتى سألنى مرافقى :
- كيف ستقوم بتحديد الأسرة التى سوف تقوم بزيارتها ؟ هل تريدها فى حى فاخر؟ أم فقير ؟ أم وسط
- بل وسط أو دون الوسط بقليل
- حسناً سوف أعرج بك إلى أحد الأحياء (المتوسطة) وعليك بعد ذلك إختيار المنزل
بعد أقل من خمس دقائق كانت العربة تسير داخل حى ذو منازل متواضعة تتخللها بعض المنازل (الفاخرة) نوعا ما
- قف عند هذا المنزل ذو (الطوب الأحمر) الذى يلاصق هذا المنزل الفاخر
- ذلك المنزل ذو الباب الأسود (الضلفتين)
لدهشتى فقد كانت اللافته التى على المنزل مكتوب عليها (عباس أحمد عباس) وهو إسم كما يبدو أنه من (عندياتنا)
- منو الفى الباب ؟؟
قلت فى نفسى (آآى والله الناس ديل مننا) بينما قامت (سيده فى أوائل الخمسينات) بفتح الباب قائلة :
- مرحب بيك .. إتفضل لى جوه
طلبت من مرافقى إنتظارى هو والسائق فى العربة بعد أن فهم أن (الناس بلدياتنا) ...
- يا (أبو محمد) عندك ضيف
- يا مرحب .. أهلا وسهلا
- (وبعد حق الله بق الله) وبعد أن شرحت لهما أسباب زيارتى (لجمهورية الأمازون) والصدفة المحضة التى جمعتنى بهما وجاءت بى لزيارتهما كان يجب عليا أن أقوم بطرح السؤال الذى يفرض نفسو :
- الجابكم البلد دى شنو؟؟
- (أجابنى أبومحمد) : دى قصة طويلة .. بى إختصار كده قبل (خمستاشر سنة) أنا كنت تاجر (سيراميك) وعندى كذا مخزن وكذا مغلق فى سوق (السجانه) وراسمالى كان كبير وقتها قمت إشتريت ليا كوته بتاعت سيراميك بى قريب راسمالى لأنها كانت بضاعة جيده لكنها رخيصة .. المهم يا زول متر السيراميك كان من المصنع بيكلف ليهو (عشرة ألف جنيه) تسليم (بورتسودان) ولمن تضيف ليهو جمارك وترحيل ورسوم يعنى المتر بيكلف ليهو ذى خمستاشر ألف .. أها أنحنا قلنا نبيعو بى طمنتاشر .. تسعتاشر ألف ونكسب لينا فيهو قرشين ... يا زول بعد السيراميك وصل بى يومين لقيت ليك السوق ده مليان سيراميك من (نفس النوع) والمتر بى عشرة ألف بس.. (فى عصبية وغضب) إتصور يعنى بى سعرو بتاع (المصنع) !!
- وده كيف؟
- دى عايزه ليها كيف؟ ما واحد من (الجماعة) عامل فيها بيعمل ليهو فى (مساجد) دخل (البضاعة) وطبعا لا جمارك ولا يحزنون
- أها وبعدين
- بعدين أنا بعت المتر بى (تسعة ألف ) ولميت باقى قروشى (الفضلت) وقلت أجى إستثمر هنا .. قمت لقيت ليك (الجماعة) ذاتم بى جاى منسقين مع (الجماعة) ديل
قبل أن أقول له (أها وبعدين) إتشالبت الكلام (أم محمد) قائلة فى :
- والله يا أستاذ لقيناهم هنا كرهونا العيشة .. شفت جارنا ده الملاصق لينا ده (وهى تشير بيدها) واحد من (الجماعة) الجينا لقيناهم هنا .. يا ها نفس (الحركات) يوم والتانى ضابح و(الخروف) معلق فى باب الشارع وخاتين تحتو (الطشت) والفخده ما تديك الدرب والعفشه مدفقة بالجنبات و..
- يا وليه بطلى الحسد
- حسد شنو؟ قايلنى حاسداهم؟ وإلا يعنى حاسداهم .. مالو إن شاء الله كل يوم يضبحو ما الله أداهم هو ال الله بيديهو منو البحميهو ؟ شغالين (إستيريو) هنا يلغفو وهناك يلغفو ... ومحل ما يمشو الله يزيد ليهم فى (ضلالهم يعمهون) !!
- لا يعنى يا حاجه علاقتكم مع بعض وإنتو فى (الغربه دى ) ما كويسة ولا شنو؟؟
- كويسة شنو؟؟ والله أبومحمد ده ما يدخل ليهو فى (عطاء) إلا يكسبوهو ويشيلوهو منو لمن قربنا نعدم التعريفه !!
- والمسئولين هنا فى (جمهورية الأمازون) يعنى بتاعين ( رشاوى) وحاجات ذى دى؟
- (وهى تشير بيدها علامة السخرية) : أخير هناك !!! الموظف عاوز (يقبض) والوالى عاوز (يقبض) والوزير عاوز (يقبض) !!
- أها يعنى هسع يعنى قررتو ترجعو البلد ولا ح تعملو شنو؟
- المرة دى (جزر ألباهاما) .. كان ما نمشى نلقاهم كمان قدامنا !!
خرجت من منزل أسرة (عباس أحمد عباس) بعد أن قمت بوداعهم حيث كان فى إنتظارى مرافقى الذى ما أن رآنى حتى قام بإعطائى صينية المشروب والكبابى التى كانت ( أم أحمد) قد ضيفتهم بها .. بينما أنا أناول(أم احمد) الصينية كان جارهم ذو اللحية الخفيفة والجلباب يمسك بالرجل الخلفية لخروف (كارب) وهو يوجه الجزار (الأمازونى) قائلا :
- بعد ما تضبح ما تنسى تنضف الدم من (السيراميك) بالخرطوش ...
لاحظ مرافقى أننى طيلة مشوار العودة من زيارتى لتلك الأسرة إلى مقر إقامتى بأننى ظللت صامتا ساهيا أفكر فقال لى فى خبث مداعباً
- أنا أعلم بأن زيارتك باءت بالفشل ولم تحقق أغراضها فأنت كنت تود زيارة أسرة (أمازونية) من أجل معرفة الأوضاع لدينا على الطبيعة
- بل حققت أغراضا كثيرة فقد علمت من زيارتى هذه كيف تدار دولتكم
- هل ما زلت تود الذهاب فى زيارة لإحدى المستشفيات والجامعات الأمازونية الحكومية لتتعرف عن قرب على الخدمات الصحية والتعليمية التى توفرها حكومتنا لمواطنيها
- لا أظن .. لا أظن فالجواب من عنوانو !!
بالطبع لم يعرف مرافقى الأمازونى مقولة (الجواب من عنوانو) لأنو أمازونى وكده لكنه فهم كلامى كما إتضح لى من رده حيث قال :
- إذن أخلد للراحة فى اليومين القادمين وسوف أحضر لك لأخذك لحضور (الإحتفال بالعيد المئوى)
الإحتفالات :
فى صبيحة يوم الإحتفال قمت بتجهيز نفسى .. حملت كاميرتى (الدجتال) من أجل توثيق (المناسبة) بالصورة .. حضر لى (مرافقى) بعربة (المراسم) التى خصصت لبرنامجى من أجل الذهاب إلى ساحة الإحتفال التى تمت تهيئتها أمام ساحة (القصر الجمهورى الأمازونى) .. كاميرات القنوات الفضائية العالمية تغطى المناسبة .. الضيوف من السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية .. كبار رجالات الدولة .. الطائرات الإستعراضية لسلاح الجو (الأمازونى) تمشط (الجو) جيئة وذهاباً .. بينما (رئيس دولة الأمازون) يقوم بتحية طابور العرض العسكرى .. ثم دوى إنفجار رهيب !!
فى المستشفى :
بصعوبة فتحت عينى .. توجه نظرى مباشرة إلى سقف الحجرة الأبيض المصقول .. نظرت حولى فإذا بحسناوتين (محجبات طبعاً) يرتدين ذى (ملائكة الرحمة) .. إذن أنا فى مستشفى .. قلتها لنفسى وأنا أحاول تحريك رجلى ويدى فى محاولة للتأكد من أن جميع أطرافى بخير ... بدأت فى تذكر اللحظات الأخيرة قبل الإنفجار .. رئيس جمهورية الأمازون وهو على المنصة يحيى طابور العرض العسكرى .. السفراء وأعضاء السلك الدبلوماسى والضيوف (ذى حلاتنا) يجلسون فى ذلك الصيوان الضخم يتابعون (العرض) ...أنا أتذكر لقد حدث الإنفجار الهائل بعيدا عن (المنصة) إلا أن شظاياه تناثرت هنا وهناك .. وحدث هرج ومرج ... ثم لم أدر بعد ذلك شيئا ...
- سيد (جبرا) حمدالله على السلامة .. ليست لديك إلا بعض الإصابات الطفيفة
- منذ متى وأنا هنا؟
- فقط من ثلاث أيام .. بالمناسبة لقد زارك مسئول من (رئاسة جمهورية الأمازون) للإطمئنان عليك كما قام بزيارتك وفد من منظمة صحفيون بلا حدود والذى كان فى زيارة لبلادنا كما تلقينا بعض المحادثات من أسرتك ومن زملائك بصحيفة (السودانى) التى تكتب بها يطمئنون على صحتك بعد أن تناقلت الحدث الفضائيات ووكالات الأنباء ..
فى هذه الأثناء دخل إلى الحجرة شاب يرتدى معطفاً أبيض ويضع على رقبته (سماعة) لم أجتهد كثيرا لأعرف أنه الطبيب المعالج ..
- (وهو يبتسم) : كيف حالك سيد (جبرا)
- الحمد لله ... كيف ترانى
- لا ليس لديك إلا بعض الكدمات وجرح بسيط فى جلده (الرأس) قمنا بمعالجته وسوف تخرج اليوم بإذن الله
- شكرا لك يا دكتور ولكن هل لك أن تطلب لى (مرافقى) للحضور ؟؟
لم أنته من (طلبى) إلا ودخل إلى الغرفة مرافقى (الما بغبانى) والذى بادرته بالسؤال بينما كان الطبيب والممرضتان يخرجون من الغرفة :
- شنو الحصل يا زول ؟
- لقد تم إنفجار بعض (الدانات ) وعبوات (الجبخانه الفاسده) التى كانت محملة على ظهر بعض (الشاحنات) فى العرض
- يعنى دى حالتو (فاسده؟) يعنى لو (سليمه) كانت عملت شنو؟؟
- والله (المسئوين) قالو فاسده
- طيب قول (فاسده) .. كيفن عندكم العروض العسكرية توجد فيها (ذخيرة) ؟ أنا مع إنى (زول مدنى ساكت) لكن عارف إنو ده ما مفروض يحدث ثم ثانيا أنتم مثلنا تقعون تحت خط الإستواء ودرجة الحرارة فيه تقارب الخمسين درجة مئوية وهى درجة حرارة كافية لتفجير أى (جبخانه) عند تعرضها لأى إحتكاك أو إرتضام فكيف سمح بوجود مثل هذه المتفجرات بالقرب من الجمهور ؟
- هذا ما سوف تجيب عليه لجنة التحقيق التى سوف يشكلها (المسئولون)
- وهل رئيسكم بخير وبقية طاقم الحكم ؟
- لم يصب أحداً من (المسئولين) .. إنهم جميعا بخير غير أن هنالك حالة وفاة لشاب إخترقت (دانة) حجرة نومه بينما كان يرقد آمناً وأردته قتيلا كما أن هنالك بعض الإصابات الأخرى بين صفوف (المواطنين)
- يا لها من كارثه .. وهل ستقومون بترقية (الوزير) الذى تسبب فى هذه الكارثه؟
- لا يا سيدى فنحن هنا لا نقوم بترقية الوزير إلا بعد إرتكابه لخمس كوارث
- برضو والله إنتو أحسن مننا .. نحنا عندنا الوزير بترقى بعد كل كارثه واحده !!!
كسرة :
هسع فى الحالة دى الأحسن منو ؟ (نحنا) وإلا (هم )؟؟ يعنى أحسن (المسئول) يترقى بعد بعد كل خمسة (كوارث) يرتكبا وإلا يترقى بعد (كل كارثه) ؟؟؟ كدى فكروا فيها ... والله حاجه تحير !!
كسرة تانية :
أنا غايتو بفتكر كل (خمسة) مناسبه !!!
فى جمهورية الأمازون :
حطت الطائرة المقلة لشخصى الضعيف المطار الدولى لمدينة (أمازونيا) عاصمة جمهورية الأمازون .. لم ألاحظ شئيا يستحق التعليق سوى ذلك العدد الهائل من الأشخاص الذين يلبسون (البدل السفارى) ويرتدون (نظارات سوداء) والذين كانوا ينتشرون فى كل ركن من أركان المطار.
تم إستقبالى بواسطة مندوب من (إتحاد الكتاب الأمازونى) حيث تم ترحيلى إلى مقر إقامتى بأحد (القصور) الفاخرة التى تشكل (سلسلة) تمتد نحو أكثر من ميل .. قال لى مرافقى ونحن نترجل من (السيارة) وهو يشير نحو (الفلل) الفارهه :
- هذه الفلل الرئاسية تم بنائها خصيصاً لإستقبال الوفود التى سوف تقوم بحضور العيد المئوى لتأسيس دولة الأمازون
- لابد أنها كلفت كثيرا
- لقد كلفت ملايين الدولارات .. لكن سنقوم ببيعها (للزول البناها) بعد إنقضاء (المناسبة) وبذلك نكون قد وفرنا المبالغ التى كنا سنصرفها فى إقامة الوفود المشاركة
- برضو وجهه نظر !!
فى صباح اليوم التالى إتصل بى (مرافقى) عبر التلفون الداخلى ليخبرنى أن برنامج اليوم سوف يكون محصور فقط فى التجوال فى (العاصمة) لمشاهدة معالمها الرئيسية أضافة إلى زيارة بعض المنشئات الهامة .
أول ما لفت نظرى ونحن نتجول فى عاصمة الأمازون العدد الهائل من (العربات) بكافة أشكالها (بصات) حافلات لوارى ركشات مما أدى إلى صعوبة الحركة مع إنتشار هائل لأفراد شرطة المرور الذين يرتدون الزى الأبيض المميز ويقفون يسدون الشارع أمام حركة السير :
- لماذا يقوم رجال شرطة المرور لديكم بالوقوف فى عرض الشارع مما يساعد على عرقلة المرور
- هؤلاء يقومون بتحرير مخالفات لهؤلاء المواطنين العابثين – مواصلا- تصور يا سيدى أن متوسط رسوم (ترخيص) العربه سنوياً لا يساوى أكثر من دخل الفرد لستة أشهر فقط وإن إستخراج رخصة القياده أو تجديدها لا يساوى أكثر من دخله لست أشهر أخرى
- لا والله ديل مواطنين مستهبلين ساكت .. الواحد ما عايز يقنع ليهو من (دخل) بتاع (سنه) عشان (يرخص) عربيتو؟ !!
- لذلك فإن (حكومتنا) أعلنت الحرب عليهم لدرجة أن (رجال المرور) تركو مهمتهم الأساسية وتفرغو لهم
- لا ده إستهتار مافى ذلك شك .. المواطنين ديل مستهترين سااكت
بينما توقفت حركة المرور كنت أسلى نفسى بالنظر إلى اللافتات التى على المبانى حيث كانت تقع على مرمى نظرى مباشرة لافته مثبته على مبنى أنيق تقول : (مبانى الشركة الأمنية بوزارة التعليم العالى)
- ما قادر أفهم الحاجات العندكم دى ؟
- كيف؟
- وأنحنا ماشين قبيلك مرينا على لافته مكتوب عليها (الشركة الصحية بوزارة الداخلية) وهسع دى مكتوب عليها ( الشركة الأمنية بوزارة التعليم العالى) شنو (اللخبطة) دى ما قادر أفهم؟
- أيواا .. الشركة الأمنية دى شركة (بوليس) عاملاها (وزارة التعليم العالى) عشان تضبط (الأمن) بالجامعات والمعاهد العليا .. وحكاية الشركات الجوه الوزارات دى فلسفة جديده فى تقليص عدد (المسئولين الفقراء) الذين هم من الشرائح الفقيرة ودخولهم عالم (الترطيب) إذ من شأن هذه (الشركات) الجوه (الوزارات) الجوه (الشركات) دى إتاحة الفرصة لكثير منهم للولوج لعالم ( المقاولات) والكمشنات Commissions والتفرغ لإدارة هذه الشركات وترك أمر تصريف شئون (وزاراتهم) للظروف !!
- بعدين ما تنسى الخدمات البتقدمها الشركات الجوه الوزارات دى للمجتمع؟
- ذى شنو؟
- كيف ؟ الشركات دى بتقلل نسبة العطالة .. ما تنسى إنو إنها بتستوعب عدد مقدر من (أشقاء) المسئول و(إبناء خؤولته وعمومته) ونسابته وكمان ما تنسى إنو تسهيلا لإستيعابهم فهذه الشركات لا تشترط عليهم أى نوع من (الكفاءة) أو (الشهادات) فى ذات المجال فيمكن لخريج (التاريخ) أن يستوعب كمهندس فى شركة الطرق والجسور التابعة لوزارة (الأوقاف) إذ يمكن الإستعانه به لتحديد تاريخ ونشأة (المطبات) والحفر التى على الشوارع مما يساعد على تكوين (قاعدة بيانات) يمكن الرجوع إليها عند عمليات إعادة التأهيل المستمرة و(التى لا تنتهى) للشارع المعنى .
بينما كنت أنظر إلى الأعداد الهائلة من (المتسولين) الذين يهاجمون (المارة) والسيارات عند شارة المرور التى توقفنا عندها خاطبت مرافقى :
- وإنتو فى الأمازون بتحكموا تحت راية الإسلام الذى يدعو إلى العدل والمساواة كيف تطبقون ذلك وكيف ينعكس ذلك على أحوال الرعية؟
- (كمن كشف عن مبعث سؤالى وأنا أنظر للمتسولين) : إن حكومتنا الرشيده تنظر إلى أمر العدالة الإجتماعية بين الرعية كقيمة هامة جدا وأصل من إصول الدين لذلك فقد عدلت بين الرعية بأن وضعتهم جميعهم تحت (خط الفقر) وبذلك تساووا أيما مساواة –يواصل- الفقر يا أخى هو فقر (الروح) وليس فقر الجيوب
- صحيح والله الفقر فقر (الروح) التى (تطلع) مع (فلس الجيوب) !!
ونحن نسير فى جولتنا حول مدينة أمازونيا لفت نظرى كثرة (المساجد) وروعة بنائها وتصميمها وعدد (المكيفات الفريون) التى تطل خلف مبانيها :
- أراكم وقد عمرتم مساجد الله وصرفتم على تشييدها المال الكثير فهلا صرفت دولتكم على المستشفيات والمستوصفات والدواء كذلك ؟
- إن الدوله يا أخى تصرف على تشييد المساجد الفاخرة أضعاف ما تصرف على تشييد المستشفيات حتى إذا ما أصاب المواطن (مرض) وجد المكان (المريح) الذى يدعو فيه ربه لإزاله ذلك المرض عنه فأى ضير فى ذلك؟؟
- لا ضير .. لا ضير يا أخى فهذه والله سياسة (صحية) تمثل قمة الإيمان فهذا بالطبع أجدى من توجيه الأموال إلى مشاريع تساهم في تقديم عدد من الخدمات للفقراء والمحتاجين، كبناء مراكز صحية أو دور رعاية للمسنين أو مراكز لرعاية الأيتام أو تقديم منح دراسية للطلبة الفقراء
- أراك يا أخى قد طفت بى بأحياء راقية فاخرة ؟ أليس لديكم أحياء (فقيرة) مثلنا؟
باغت السؤال مرافقى إذ لم يكن يحسب لجرأتى حساباً كما بدا عليه ذلك فقام بمسح حبات العرق التى تسللت إلى وجهه رغم بروده مكيف العربه :
- توجد هنالك بعض الأحياء الفقيرة التى تقع خارج العاصمة (أمازونيا) ويتولى (ديوان الزكاة) لدينا أمر إعاشتهم لإنتشالهم من حالة الفقر تلك وذلك بمنح كل فرد منهم مبلغ خمسين جنيهاً (أمازونياً) أى ما يعادل ثمن (خمسة كيلو لحمة) علاوة على منح كل أسرة فقيرة منهم (حفاظة ثلج) للإستعانة بها فى بيع (الدندرمة والآيس كريم) لتحسين وضعهم المادى وخروجهم من حالة الفقر تلك
- وكم يبلغ المتوسط السنوى لعائدات ديوان الزكاة لديكم ؟
- ما يقارب 370 مليار جنيه ( أمازونى طبعا) فقط!! – مواصلا- هذا لمصرف الفقراء فقط بعد طرح بقية المصارف الأخرى كالعاملين عليها الذين تبلغ قيمة مصرفهم 730 مليار
- لكن حفاظة موية لكل أسرة فقيرة دى مش (كتيرة) ؟
- والله كتيره مفروض يكون كل (أسرتين) أو (تلاته) فى (حفاظة) لكن نعمل شنو ؟ نحنا فى دولة الأمازون مسئولين عن الفقراء ديل أمام الله بعدينك !!
- والله دى الحكومة وإلا بلاش وده الشعور بالفقراء ...
فى هذه اللحظة كانت العربة قد توقفت بعد أن قطعت أميالا عديده خارج العاصمة أمازونيا قام السائق بالنزول وفتح أبواب العربه بينما كان مرافقى يقول لى :
- هذه هى مصفاة البترول الذى يستخرج من عدد من الحقول المختلفة فى جمهورية أمازون حيث يبلغ حجم الخام الذى تتم تصفيته يوميا فى هذه المصفاة 700 ألف برميل حيث تتم بعد ذلك عملية تصديرة وبيعه فى الأسواق العالمية
- هذا يعنى أن أسعار الوقود لديكم تشهد إستقرارا
- هذا يعتمد على أسعار النفط العالمية؟
- (فى بلاهه) كيف ذلك؟
- أذا إرتفعت أسعار النفط عالميا فلابد أن ترتفع داخليا !!
- والقاعدين تصدروهو ده ما قاعد يزيد؟؟ والله أخير نحنا كان كده !! لمن ينخفض عالميا قاعدين يزيدوهو لينا داخليا !!!
- أصدق القول يا أخى أن معلوماتى من منطلق مشاهداتى التى شاهدتها حتى الآن مشوشة وغير مرتبة وفيها كثير من التناقضات وحيث أن برنامج الزيارة الذى أعطيتنى له يقول بأن (الإحتفال بالعيد المئوى لتأسيس دولة الأمازون) الذى تمت دعوتى لحضوره سوف يبدأ بعد ثلاثة أيام فأرجو إن سمحتم أن أقترح لى برنامجا يجعلنى أقترب من مجتمعكم أكثر حتى إذا ما عدت إلى بلادى إستطعت أن أقوم بكتابة سلسلة من المقالات التعريفية والتى من أرض ( الواقع الفعلى) عن بلادكم فى صحيفتى التى أكتب فيها
- وماذا تقترح يا سيد (جبرا) ؟ إن الأوامر أن نقوم بتلبية جميع طلباتكم
- أقترح أن يكون برنامج الغد هو زيارة لأسرة (أمازونية) وأن يكون (برنامج بعد غد) زيارة لمستشفى أمازونى عام ، على أن يكون اليوم الذى يسبق الإحتفال هو زيارة لإحدى الجامعات الأمازونية الحكومية
- لا عليك يا سيد (جبرا) سيكون البرنامج جاهزا
- لكن لدى شرط واحد لنجاح هذا البرنامج لو تفضلتم يا أخى
- وما هو ؟
- أن أقوم أنا بتحديد الأسرة والمستشفى والجامعة التى سوف نقوم بزيارتها
- (بعد تفكير) هذا خارج نطاق صلاحياتى يا سيدى فبرنامج زيارتك هذه يخضع لبعض الترتيبات الأمنية من أجل سلامتك وأى تغيير فيه يجب أن أبلغ به المسئولين للموافقه عليه ثم عند موافقتهم سوف أقوم بإخطارك .
بينما كنت داخل غرفتى أشاهد برامج (تلفزيون جمهورية الأمازون) ذو البرامج (المملة) ونشرات الأخبار التى تحتل فيها نصف الساعة الأولى كلمات مثل قام .. سافر.. رقد ... نام .. إذا بالتلفون الداخلى يرن لأجد المتحدث على الطرف الآخر هو مرافقى الذى أنهى لى موافقة المسئولين على البرنامج الذى إقترحته وبالشرط الذى حددته على أن يتم ذلك (ولنواح أمنية) داخل حدود ولاية (أمازونيا) ، شكرته على موافقة المسئولين ولكن قبل ذلك سالته عن المقصود بتلك (النواح الأمنية) فقال لى :
- يا سيد (جبرا) لعلك لا تدرى بأنه فى العاصمة (أمازونيا) وحدها توجد 49 حركة مسلحه تحتفظ بجنودها وعدتها وعتادها وأسلحتها
- عفوا يا أخى هل هذه حركات متمرده ؟؟
- لا لا ليست متمرده .. إنها قوات (صديقه) وقد تم توقيع معاهدات سلام معها
- ولكن يا أخى هل السلام والصداقة يقتضيان الإحتفاظ بالسلاح ؟
لما وجدت نفسى أقوم بطرح أسئلة ليس من شأنى طرحها (كضيف زائر) سرعان ما قمت بإنهاء المحادثة قائلا لنفسى :
- والله أخير نحنا كلها (خمسة حركات) وقعت .. وكم واحده كده رافضة توقع !!!
زيارة مفاجئة لأسرة أمازونية :
- سيد (جبرا) صباح الخير ... هل أنت مستعد لبرنامج اليوم
- نعم أنا جاهز وسوف أنزل لك فوراً
ما أن أخذت مقعدى داخل العربة الفارهة المخصصة لبرنامجى حتى سألنى مرافقى :
- كيف ستقوم بتحديد الأسرة التى سوف تقوم بزيارتها ؟ هل تريدها فى حى فاخر؟ أم فقير ؟ أم وسط
- بل وسط أو دون الوسط بقليل
- حسناً سوف أعرج بك إلى أحد الأحياء (المتوسطة) وعليك بعد ذلك إختيار المنزل
بعد أقل من خمس دقائق كانت العربة تسير داخل حى ذو منازل متواضعة تتخللها بعض المنازل (الفاخرة) نوعا ما
- قف عند هذا المنزل ذو (الطوب الأحمر) الذى يلاصق هذا المنزل الفاخر
- ذلك المنزل ذو الباب الأسود (الضلفتين)
لدهشتى فقد كانت اللافته التى على المنزل مكتوب عليها (عباس أحمد عباس) وهو إسم كما يبدو أنه من (عندياتنا)
- منو الفى الباب ؟؟
قلت فى نفسى (آآى والله الناس ديل مننا) بينما قامت (سيده فى أوائل الخمسينات) بفتح الباب قائلة :
- مرحب بيك .. إتفضل لى جوه
طلبت من مرافقى إنتظارى هو والسائق فى العربة بعد أن فهم أن (الناس بلدياتنا) ...
- يا (أبو محمد) عندك ضيف
- يا مرحب .. أهلا وسهلا
- (وبعد حق الله بق الله) وبعد أن شرحت لهما أسباب زيارتى (لجمهورية الأمازون) والصدفة المحضة التى جمعتنى بهما وجاءت بى لزيارتهما كان يجب عليا أن أقوم بطرح السؤال الذى يفرض نفسو :
- الجابكم البلد دى شنو؟؟
- (أجابنى أبومحمد) : دى قصة طويلة .. بى إختصار كده قبل (خمستاشر سنة) أنا كنت تاجر (سيراميك) وعندى كذا مخزن وكذا مغلق فى سوق (السجانه) وراسمالى كان كبير وقتها قمت إشتريت ليا كوته بتاعت سيراميك بى قريب راسمالى لأنها كانت بضاعة جيده لكنها رخيصة .. المهم يا زول متر السيراميك كان من المصنع بيكلف ليهو (عشرة ألف جنيه) تسليم (بورتسودان) ولمن تضيف ليهو جمارك وترحيل ورسوم يعنى المتر بيكلف ليهو ذى خمستاشر ألف .. أها أنحنا قلنا نبيعو بى طمنتاشر .. تسعتاشر ألف ونكسب لينا فيهو قرشين ... يا زول بعد السيراميك وصل بى يومين لقيت ليك السوق ده مليان سيراميك من (نفس النوع) والمتر بى عشرة ألف بس.. (فى عصبية وغضب) إتصور يعنى بى سعرو بتاع (المصنع) !!
- وده كيف؟
- دى عايزه ليها كيف؟ ما واحد من (الجماعة) عامل فيها بيعمل ليهو فى (مساجد) دخل (البضاعة) وطبعا لا جمارك ولا يحزنون
- أها وبعدين
- بعدين أنا بعت المتر بى (تسعة ألف ) ولميت باقى قروشى (الفضلت) وقلت أجى إستثمر هنا .. قمت لقيت ليك (الجماعة) ذاتم بى جاى منسقين مع (الجماعة) ديل
قبل أن أقول له (أها وبعدين) إتشالبت الكلام (أم محمد) قائلة فى :
- والله يا أستاذ لقيناهم هنا كرهونا العيشة .. شفت جارنا ده الملاصق لينا ده (وهى تشير بيدها) واحد من (الجماعة) الجينا لقيناهم هنا .. يا ها نفس (الحركات) يوم والتانى ضابح و(الخروف) معلق فى باب الشارع وخاتين تحتو (الطشت) والفخده ما تديك الدرب والعفشه مدفقة بالجنبات و..
- يا وليه بطلى الحسد
- حسد شنو؟ قايلنى حاسداهم؟ وإلا يعنى حاسداهم .. مالو إن شاء الله كل يوم يضبحو ما الله أداهم هو ال الله بيديهو منو البحميهو ؟ شغالين (إستيريو) هنا يلغفو وهناك يلغفو ... ومحل ما يمشو الله يزيد ليهم فى (ضلالهم يعمهون) !!
- لا يعنى يا حاجه علاقتكم مع بعض وإنتو فى (الغربه دى ) ما كويسة ولا شنو؟؟
- كويسة شنو؟؟ والله أبومحمد ده ما يدخل ليهو فى (عطاء) إلا يكسبوهو ويشيلوهو منو لمن قربنا نعدم التعريفه !!
- والمسئولين هنا فى (جمهورية الأمازون) يعنى بتاعين ( رشاوى) وحاجات ذى دى؟
- (وهى تشير بيدها علامة السخرية) : أخير هناك !!! الموظف عاوز (يقبض) والوالى عاوز (يقبض) والوزير عاوز (يقبض) !!
- أها يعنى هسع يعنى قررتو ترجعو البلد ولا ح تعملو شنو؟
- المرة دى (جزر ألباهاما) .. كان ما نمشى نلقاهم كمان قدامنا !!
خرجت من منزل أسرة (عباس أحمد عباس) بعد أن قمت بوداعهم حيث كان فى إنتظارى مرافقى الذى ما أن رآنى حتى قام بإعطائى صينية المشروب والكبابى التى كانت ( أم أحمد) قد ضيفتهم بها .. بينما أنا أناول(أم احمد) الصينية كان جارهم ذو اللحية الخفيفة والجلباب يمسك بالرجل الخلفية لخروف (كارب) وهو يوجه الجزار (الأمازونى) قائلا :
- بعد ما تضبح ما تنسى تنضف الدم من (السيراميك) بالخرطوش ...
لاحظ مرافقى أننى طيلة مشوار العودة من زيارتى لتلك الأسرة إلى مقر إقامتى بأننى ظللت صامتا ساهيا أفكر فقال لى فى خبث مداعباً
- أنا أعلم بأن زيارتك باءت بالفشل ولم تحقق أغراضها فأنت كنت تود زيارة أسرة (أمازونية) من أجل معرفة الأوضاع لدينا على الطبيعة
- بل حققت أغراضا كثيرة فقد علمت من زيارتى هذه كيف تدار دولتكم
- هل ما زلت تود الذهاب فى زيارة لإحدى المستشفيات والجامعات الأمازونية الحكومية لتتعرف عن قرب على الخدمات الصحية والتعليمية التى توفرها حكومتنا لمواطنيها
- لا أظن .. لا أظن فالجواب من عنوانو !!
بالطبع لم يعرف مرافقى الأمازونى مقولة (الجواب من عنوانو) لأنو أمازونى وكده لكنه فهم كلامى كما إتضح لى من رده حيث قال :
- إذن أخلد للراحة فى اليومين القادمين وسوف أحضر لك لأخذك لحضور (الإحتفال بالعيد المئوى)
الإحتفالات :
فى صبيحة يوم الإحتفال قمت بتجهيز نفسى .. حملت كاميرتى (الدجتال) من أجل توثيق (المناسبة) بالصورة .. حضر لى (مرافقى) بعربة (المراسم) التى خصصت لبرنامجى من أجل الذهاب إلى ساحة الإحتفال التى تمت تهيئتها أمام ساحة (القصر الجمهورى الأمازونى) .. كاميرات القنوات الفضائية العالمية تغطى المناسبة .. الضيوف من السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية .. كبار رجالات الدولة .. الطائرات الإستعراضية لسلاح الجو (الأمازونى) تمشط (الجو) جيئة وذهاباً .. بينما (رئيس دولة الأمازون) يقوم بتحية طابور العرض العسكرى .. ثم دوى إنفجار رهيب !!
فى المستشفى :
بصعوبة فتحت عينى .. توجه نظرى مباشرة إلى سقف الحجرة الأبيض المصقول .. نظرت حولى فإذا بحسناوتين (محجبات طبعاً) يرتدين ذى (ملائكة الرحمة) .. إذن أنا فى مستشفى .. قلتها لنفسى وأنا أحاول تحريك رجلى ويدى فى محاولة للتأكد من أن جميع أطرافى بخير ... بدأت فى تذكر اللحظات الأخيرة قبل الإنفجار .. رئيس جمهورية الأمازون وهو على المنصة يحيى طابور العرض العسكرى .. السفراء وأعضاء السلك الدبلوماسى والضيوف (ذى حلاتنا) يجلسون فى ذلك الصيوان الضخم يتابعون (العرض) ...أنا أتذكر لقد حدث الإنفجار الهائل بعيدا عن (المنصة) إلا أن شظاياه تناثرت هنا وهناك .. وحدث هرج ومرج ... ثم لم أدر بعد ذلك شيئا ...
- سيد (جبرا) حمدالله على السلامة .. ليست لديك إلا بعض الإصابات الطفيفة
- منذ متى وأنا هنا؟
- فقط من ثلاث أيام .. بالمناسبة لقد زارك مسئول من (رئاسة جمهورية الأمازون) للإطمئنان عليك كما قام بزيارتك وفد من منظمة صحفيون بلا حدود والذى كان فى زيارة لبلادنا كما تلقينا بعض المحادثات من أسرتك ومن زملائك بصحيفة (السودانى) التى تكتب بها يطمئنون على صحتك بعد أن تناقلت الحدث الفضائيات ووكالات الأنباء ..
فى هذه الأثناء دخل إلى الحجرة شاب يرتدى معطفاً أبيض ويضع على رقبته (سماعة) لم أجتهد كثيرا لأعرف أنه الطبيب المعالج ..
- (وهو يبتسم) : كيف حالك سيد (جبرا)
- الحمد لله ... كيف ترانى
- لا ليس لديك إلا بعض الكدمات وجرح بسيط فى جلده (الرأس) قمنا بمعالجته وسوف تخرج اليوم بإذن الله
- شكرا لك يا دكتور ولكن هل لك أن تطلب لى (مرافقى) للحضور ؟؟
لم أنته من (طلبى) إلا ودخل إلى الغرفة مرافقى (الما بغبانى) والذى بادرته بالسؤال بينما كان الطبيب والممرضتان يخرجون من الغرفة :
- شنو الحصل يا زول ؟
- لقد تم إنفجار بعض (الدانات ) وعبوات (الجبخانه الفاسده) التى كانت محملة على ظهر بعض (الشاحنات) فى العرض
- يعنى دى حالتو (فاسده؟) يعنى لو (سليمه) كانت عملت شنو؟؟
- والله (المسئوين) قالو فاسده
- طيب قول (فاسده) .. كيفن عندكم العروض العسكرية توجد فيها (ذخيرة) ؟ أنا مع إنى (زول مدنى ساكت) لكن عارف إنو ده ما مفروض يحدث ثم ثانيا أنتم مثلنا تقعون تحت خط الإستواء ودرجة الحرارة فيه تقارب الخمسين درجة مئوية وهى درجة حرارة كافية لتفجير أى (جبخانه) عند تعرضها لأى إحتكاك أو إرتضام فكيف سمح بوجود مثل هذه المتفجرات بالقرب من الجمهور ؟
- هذا ما سوف تجيب عليه لجنة التحقيق التى سوف يشكلها (المسئولون)
- وهل رئيسكم بخير وبقية طاقم الحكم ؟
- لم يصب أحداً من (المسئولين) .. إنهم جميعا بخير غير أن هنالك حالة وفاة لشاب إخترقت (دانة) حجرة نومه بينما كان يرقد آمناً وأردته قتيلا كما أن هنالك بعض الإصابات الأخرى بين صفوف (المواطنين)
- يا لها من كارثه .. وهل ستقومون بترقية (الوزير) الذى تسبب فى هذه الكارثه؟
- لا يا سيدى فنحن هنا لا نقوم بترقية الوزير إلا بعد إرتكابه لخمس كوارث
- برضو والله إنتو أحسن مننا .. نحنا عندنا الوزير بترقى بعد كل كارثه واحده !!!
كسرة :
هسع فى الحالة دى الأحسن منو ؟ (نحنا) وإلا (هم )؟؟ يعنى أحسن (المسئول) يترقى بعد بعد كل خمسة (كوارث) يرتكبا وإلا يترقى بعد (كل كارثه) ؟؟؟ كدى فكروا فيها ... والله حاجه تحير !!
كسرة تانية :
أنا غايتو بفتكر كل (خمسة) مناسبه !!!
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
(سيناريوهات) : [b]صابر طالع كيت
[/b]
العدد الاسبوعى - صحيفة السودانى
الجمعة الموافق 23 مارس 2007م
طلب منى صديقى الدكتور (س) والذى يعمل مستشاراُ بمستشفى الأمراض النفسية والعقلية
(المجانين سابقاً) أن أحدد له موعدا كيما أرافقه لشراء جهاز (كمبيوتر) مستفيداً من معرفتى فى هذا المجال وبالفعل فقد حضر إلى منزلى بعربته صباح ذلك اليوم حيث ذهبت معه للشركة وقمنا بإختيار وشراء الجهاز الذى أخبرنى بأنه ينوى أن يضعه فى مكتبه الملحق بعيادة المستشفى .. كانت المرة الأولى التى تطأ فيها قدماى هذ المستشفى على الرغم من مرورى به فى أحيان كثيرة .
بعد أن إنتهيت من مهمة تركيب الجهاز وملحقاته وإنزال البرامج وتشغيله قال لى صديقى الدكتور (س) :
- أيه رايك أدخلك عنبر (المرضى) عشان تآخد فكرة ؟
- هى المسأله عاوزة ليها (أخدان) فكرة مع (الصوانى) المليانه دى ؟
ودلفنا إلى عنبر المرضى عبر ممر طويل .. كان عنبرا فسيحا رصت على جانبيه عددا من الأسرة الفارغة ما عدا واحدا منها كان يقف أمامه رجل فى الستينات من العمر :
- العنبر فاضى وين النزلاء القلتهم ديل؟
- باقى المرضى بيطلعو الصباح الحديقه بره يشموا هواء
- طيب والزول ده مالو؟
- ده عمك (صابر) مما دخل العنبر ده ما عاوز يطلع منو بره أبداً؟
ما أن رآنا (صابر) حتى رفع يديه كمن يمسك بقطعة سلاح يواجه بها عدواً ثم صارخاً :
- ثابت محلك ... والله البيوصل (البير) دى أملاهو نار !!
ثم ما لبث أن قام بتغيير وقفته وأدخل يده تحت السرير وقام بسحب جالون فاضى وصاح كمن يخاطب مجموعه متوهمة من الناس :
- والله نص جالون ...- يوجه كلامه لنا- شفتو نص الجالون ده فيهو حاجة؟؟ والله ما أديكم
ليهو !!
ثم أجهش بالبكاء فى تشنج دونما خط فاصل بين عملية الإجهاش وما كان يقوم به من فعل وهو يقول بينما يدق على صدره بيده متسائلاً :
- أنا؟؟ .. أنا أمشى (أطلع بره) ... وأسيب (البترول) بتاعى (جوه)؟؟ - ثم يتجه نحونا وهو يخرج أوراقاً متسخة من جيبه مخاطباً دكتور (س) بينما أنا (أتضاير) خوفا :
- أنا عاوزك تقدم ليا الشكوى دى لى (الأوبك) ولى (مجلس الأمن) ولى الأمم المتحده وكمان
لى لاهاى هااااااى هاااااى وأخذ فى البكاء مجددً بينما قمت بسحب صديقى دكتور (س)
خارجين من العنبر
- عمك ده مالو باين عليهو عندو قصة طويله؟
- ده ما عمك (صابر) بتاع (البير) ما سمعت بيهو أصلك؟
- لا والله
- طيب ح أحكى ليكا حكايتو ونحنا ماشين فى العربية
الحكاية :
بينما كان (صابر) يرتدى فى ملابسه ذلك الصباح إستعدادا لذهابه لإستلام معاشه الشهرى وقفت إلى جانبه زوجته (عزة) :
- كل يوم أنا أكلم فيك وإنت (مصهين)
- (فى ضيق) : تكلمى فينى بى شنو؟؟
- ح يكون بى شنو؟؟ ما بالسفون إنت (السفون) ده كان ما عاوز (تحفرو) لينا كلمنا ..
والله شيل المويه بتاعت (البلاعات) دى قطع قلبنا وهد حيلنا
- يا ولية إستهدى بالله (السايفون) يعملوهو ليكم بى شنو؟؟ -مواصلاً – إنتى عارفاهو
بيكلف كم ؟
- يكلف ذى ما يكلف .. الناس دى كلها ما حافراهو؟
- هو إنتى قايلا الحكايه (حفر) ساكت بس ؟؟ ده عايز ليهو (خنزيرة) وسيخ وأسمنت وطوب
وحاجات كتيره !
- ناس (السرة) جارتنا دى ما عملوهو وكمان ناس (عزيزة) أختى ما عملوهو وكمان
بالحفارة !!
ما أن إستمع (صابر) إلى كلمة (الحفارة) حتى تذكر صديقه وزميل دراسته المهندس (مامون) الذى إلتقى به صدفة فى أحد المحال التجاريه مؤخراً وعرف منه أنه كان مغترباً بإحدى دول الخليج وعاد للوطن بعد أن أسس شركة لأعمال (الحفريات) .
بحث (صابر) عن (الكارت) الذى أعطاه له المهندس(مامون) ثم قام بعد أن وجده بأخراج هاتفه الجوال متصلا به وموضحا له بأنه سوف يسجل له زيارة لأنه يريده فى موضوع هام .
الحفارة جات :
تحلق (شفع) الحى حول (الحفارة) الضخمة ذات الصوت المزعج وهى تقوم بعملية حفر (سفون) العم صابر بينما كان هو يراقب عملية الحفر ويهتم بتوفير الماء البارد وإحضار أكواب الشاى للعاملين .. بعد مرور عده أيام وعملية الحفر مستمرة وهى تقترب من الوصول إلى (عين الماء) لاحظ العامل الذى يقوم بتشغيل (الحفارة) بأن (عمود الحفر) قد تغطى بطبقة من السائل الاسود السميك إلا أنه لم يعر الأمر إهتماما إلا عندما إندفع ذلك السائل السميك نحو فوهه (الحفرة) حيث هرع يبحث عن عم صابر :
- يا عم صابر تعال شوف (حفرتكم) دى جابت شنو؟؟
- شنو يعنى جابت (هواء) !
- (وهما يسيران معاً نحو الحفرة) : شوف الحاجه السوداء دى
- (صابر يخرت شويه بيده ويشمها) : دا فيهو ريحة بنزين أو جاز أو حاجه ذى دى
- أها هسع نواصل (حفر) وإلا نقيف ؟
قام (صابر) بالإتصال بصديقه المهندس (مأمون) وشرح له الأمر حيث طلب منه الأخير أن يطلب من العمال أن يتوقفوا عن العمل ويتركهم يذهبوا إلى حين وصوله لإستطلاع الأمر.
لم يكن الأمر صعباً بالنسبة للمهندس مأمون أن يعلم حقيقة ذلك السائل الأسود غليظ القوام فقال (فى إندهاش) وهو يخاطب (صابر) بينما هو ينظف يده من أثار العينه التى قام بفحصها :
- مبروك يا (صابر) دى (بير بترول) !!
- (فى حالة إندهاش وعدم تصديق) : قلت (بير) شنو ؟؟
- لحدت هسع (بير بترول) وعشان أقطع ليك الشك أنا بعدين عندى صاحبى متخصص بتاع
(تنقيب) ح أجيبو عشان يشوفا ويتأكد ليكا منها .
أفراح الأسرة :
ما أن غادر (المهندس مأمون) حتى قام (صابر) بأغلاق باب الشارع إغلاقاً محكما ثم قام بقفل فوهه الحفرة التى كان السائل يتسرب خارجها رويداً رويداً مستخدماً فى ذلك عددا من (الجوالات) الفارغة و(الدلاقين) القديمة .
- مبسوط وفرحان كده مالك الليلة ؟
- والله إنتى ما عارفة سبب فرحتى ساكت
- مشيت الليلة لقيت (المعاش) وصل؟
- معاش شنو ؟ خلاص تانى المعاش (المجهجه) ده ذاتو ما ديرنو؟
- (وهى تضع يدها فى صدرها ) : سجم خشمى ونعيش من وين؟
- (وهو يقترب منها رافعا يدية ) : نعيش من (النفط) .. نعيش من (البترول)
- شنو يعنى ما فاهمة (الجماعه) قررو يدو كلو زول حقو فوق إيدو؟
- جماعة شنوالبيدو كل زول حقو فوق إيدو ؟ والله ديل (مكنكشين)فى (البترول) ده جنس
(كنكشة)
- طيب بترول شنو ده؟
- ده (نفطى أنا) – فى حركات راقصة - ده (بترولى أنا) بترول (صابر( .. يعنى بترول Sabir Petroleum
- إنت يا راجل أكيد جنيت وإلا تكون (الملاريا) تكون طلعت ليك فى راسك !!
حتى يؤكد صابر لزوجته (عزة) بأنو شديد ونصيح وإنو المسأله لا مسألة (جن) ولا (ملاريا) فقد قام بسحبها من يدها والتوجه بها نحو (الحفرة) لترى بنفسها وبعد أن تأكدت :
- والله وبالله لو ما خايفه ناس الحله ديل (ينكسرو) علينا كان زغردت ليك جنس زغريده !! – ثم وهى تعود لطبيعتها وتخاطبه هامسة - : أها هسه (الثروة) دى ح تعمل فيها شنو؟؟
- والله (المهندس مأمون) صاحبنا الجاب لينا (الحفارة) ده عندو واحد (مهندس بترول) ح
يجى بعدين يشوفا ويقدر (الإنتاج) وكده وبعدين نشوف حكاية (التصفية) و(التصدير) و
(الأوبك) والحاجات التانية !!
آمال وأحلام :
بعد أن عاد أبناء (صابر) السته إى المنزل نهار ذلك اليوم من الجامعات والعمل وبعد أن قاموا بمعاينه (الموقع) وأخذ عينات والتأكد من الأمر قاموا بعقد جلسة أسرية فوق العاده :
- شوف يا بوى أنحنا (صبرنا) على الحاله التعبانه و(البؤس) ده زمن طويل وأهو ربنا
فتحا عليك وطلع ليك (بترول) ما تقوم تعمل لين ذى (الحكومة) دى وتطلعنا منو كيت !!
- آآى يا بوى لازم (العائدات) بتاعتو دى تظهر علينا .. يعنى ناكل كويس ونشرب كويس
ونتعالج كويس ونركب كويس – مواصلة- يعنى من الشهر الجاى كل زول عندو (فيلا) وعربيه
جديده وحاجات ذى دى !!
- ما تقوم بعدين تعملا لينا القروش راحت فى (الديون الخارجيه) وفى (البنى التحتية)
والشنو ما بعرف داك !!
- إنتو يا أولاد جنيتو؟ إنتو قايلين (البترول) ده قروشو دى قروش؟؟ أهو هسع (الحكومة)
دى ما قاعده تبيع فيهو ليها سنين الإتغير شنو؟؟ما كمان الحاجات زادت و(البنزين)
ذاتو (فى روحو) تمنو زاد !!
- شوف يا بوى لو إنت عايز تعمل لينا ذى (الحكومة) من هسع خلينا نبيع (البير) دى
ونقسم القروش وكل زول يشيل حقو ويعمل بيهو العاوزو
- إنتو يا أولاد ما عندكم راس هى (الحكومة) كان قسمت لينا عشان أنا أقسم ليكم !!
الحقيقة المفرحة :
عندما دق باب الشارع إعتقد (صابر) بأن القادم لابد أن يكون (المهندس مأمون) وقد أحضر معه زميله المتخصص فى التنقيب والذى سوف يحضر لمعاينة (الحفرة) وتحديد ما إذا كانت تلك الماده (بترول) أم لا .. لكن صابر قد تفاجأ بان الطارق لم يكن إلا جاره (كامل)
والذى جاء ليستفسر عن موضوع (الحفارة) وتكلفتها ومن أين يتم إحضارها – لأنه كما قال يود حفر سايفون - وقد قام (صابر) بإجابة جميع إستفسارات (كامل) بسرعه إختصارا للزيارة حتى يضمن عدم وجود (كامل) حينما يأتى (المهندس) لمعاينة (البئر) إلا أن (كامل) فاجأه قائلاً :
- عليك الله يا (صابر) كدى ورينى نوعية الحفر بتاعت (الحفارة) دى؟
وقع طلب (كامل) هذا على راس (صابر) كالمطرقه فهو لا يريد لكامل أن يرى (البئر) وما أفرزته من (بترول) ، وبينما كان (صابر) يبحث عن كيفية للتملص من طلب (كامل) حتى لا يضطلع على الأمر إذا بصوت محرك عربه تقف وباب الشارع يدق ..
- أها يا (صابر) جبت ليك المهندس ذاتو عشان يتأكد ليكا من موضوع البترول الجابتو
البير ده – مواصلا – إتفضل يا باشمهندس (عصام)
أسقط فى يد (صابر) الذى يود أن يبقى أمر (البئر) سراً لكنه بعد أن قام بالترحيب بالضيوف إلتفت إلى (كامل) الذى يبدو أنه (نقش المسأله) وهو يريد أن (يوزعو) قائلاً :
- معليش يا (كامل) ياخى لكن أنا والمهندسين ديل طالعين ماشين نشوف لينا (بير بترول)
وجايين ولمن أجى ح أوريك الحفرة الحفرتا الحفارة !!
بعد خروج (كامل) قام (صابر) بإغلاق باب الشارع بإحكام وقام بمرافقة (مأمون) وصديقة (المهندس) إلى حيث (البئر) حيث أكد الأخير بأن ما تفرزه (الحفرة) ما هو إلإ أجود أنواع (النفط)
- أها وبعدين أنا أتصرف مع الموضوع ده كيفن هسع ؟
- والله يا عم (صابر) الخام ده أول حاجه عاوز (مكنات شفط) تطلعو بره ومفروض يدخل فى
(صهاريج) عشان يتخزن وبعدين تحصل ليهو معالجات (كيميائية) عشان تفصل (المواد)
ويطلع منو البنزين والجازولين والحاجات التانية وبعدين كل واحد من ديل يمشى فى
أنبوب براهو لحدت مكان التصدير .
- لا حولتن ولا قوتن إلا بالله
- والله يا حاج ما أكضب عليك إنت عاوز ليك (شيفرون) عديل كده !!
- و(شيفرون) دى أنا أجيب ليها قروش من وين؟؟
- والله يا حاج أنا بفتكر الحل هو إنك تبلغ (الحكومة) و(تتفاوض) معاها
- شوف يا إبنى الحكومة دى أنا عارفا كويس جدا .. كيشه فى أى حاجه لكن فى (التفاوض
والمفاوضات) دى شاطره جداً .. (يتفاوضو) معاك ويصلو معاك لى حلول ويخلوك (توقع
وتمضى) وبعدين إلا تبل (الورق) المضيت فيهو ده وتشرب مويتو !!
تفشى الخبر :
- ما شفتى يا محاسن ناس (عزة) ما طلعت ليهم ( بير بترول)؟
- فى هجليج؟؟
- هجليج شنو يا غبيانه فى بيتهم الواحد ده ..أصلو كانو بيحفرو فى (السفون) بتاعهم بس
كان البترول يجيك طالع
- بترول شنو؟ والله دى تكون موية وسخانه ساااكت
- ما مويه ولاحاجه عليك أمان الله قالو ودوهو (حللوهو) لقوهو (بترول)
- مش معامل الزمن ده البيودو ليها (الدواء) الفاسد تقول ما فاسد دى ؟؟ والله أخير عدما
هو قالو ليكى دى (معامل) ؟
- هو ذاتو يا محاسن ما عايز ليهو تحليل هسع كدى شمى ريحت (الحلة) دى هسع ما ريحتا
كلها بقت جاز جاز
- والله أكان كده يا نفيسه (عزة) يا دوبك إتمهلت والله فتحا عليها خلاص بعد ده التياب ما
تياب والدهب ما دهب والعربات ما عربات
بينما كان زوجا (نفيسه ومحاسن) يتحدثان فى الصالون :
- والله صابر بختو تانى بدل معاشو (الميت ألف) ده ح يطلع ليهو بى مية ألف (برميل) فى
اليوم
- يا زول (براميل) شنو إنت قائل (الحكومة) دى البترول ده ح تخليهو ليهو؟؟ ياخى دى
(ستات الشاى) ما خالاهم تقول ليا بترول ؟
- والله صدقت والله بس (يشمو) ليك الموضوع يجوهو ليك طايرين طيران
نحنا ما نحفر :
(حسين) جار (صابر) يجلس (العصرية) على كرسى فى حوش المنزل زوجته تضع (صينية الشاى) أمامه وهى تخاطبه :
- قوم يا راجل أمشى شوف ليكا (حفاره) تعال أحفر كان تلقى ليكا (بير)
- يا ولية حفر شنو وبير شنو هو نحنا قادرين ناكل ؟
- والله والله الحته القدام المطبخ ديك (نديانه) وملسلسة جنس لسلسه والله ياها لسلست
(البترول) ذاتا !!
- يعنى عاوزانى أكسر المطبخ ده الخسرت فيهو دم قلبى؟
- وما تكسرو كان تحتو (بترول) .. شن طعمو عليك الله؟
- أها قولى تكسيرو ما مشكلة .. أنا أجيب ليا قروش حفارة من وين ؟؟ هو المرتب ده
مكفينا؟؟
- إن شاء الله تحفرا ذى ما بحفرو فى ترعة (كنانه والرهد) بى (أبوراسين) و(القفف) !!
- يا وليه إنتى ما عندك (راس) ذى الجماعة الشايلاهم (الهاشمية) ديل ؟؟ فى (ترعه) وإلا
(بير بترول) بيحفروها بى (أبوراسين)؟ ويطلعو (ترابا) بى (قفف) ؟
- خلاص خليك من (اب راسين والقفف) أكان المشكلة (قروش الحفارة) دى أنا بدخل ليا صندوق
وأشيل (الصرفة) الأولى -مواصلة – بس إنت بعد ما أسلمك القروش تمشى من حتتك تجيب
(الحفارة) البقولوها دى كان نلقى لينا (بير بيرين) يغيرو لينا حياتنا (السجمانه)
دى .
عاوزين مساعده :
طرق على الباب يذهب (صابر) لفتحه فيجد أمامه عربه تاكسى تزدحم (ضهريتها) المفتوحة بالشنط والكراتين بينما (عوض) شقيقه يقوم بمحاسبة (سواق التكس) المنهمك فى إنزال الشنط :
- والله يا صابر ياخوى أنا مما سمعت بى خبرك فى البلد وقالو طلعت ليك (بير) – يشير
لزوجته التى تقف أمامه - قلت (للتومة) دى لازم نمشى نبارك للناس ديل ونقعد معاهم
يوم يومين
جلس (عوض وصابر) فى الصالون بينما دخلت (عزة والتومة) إلى البرنده :
- ناس الحلة كلهم بيسلموا عليك وبيباركو ليك (البير) وبيقولو ليك ما تنسى ترسل ليهم
(بابور للمشروع) وكمان (موكيت ) عشان يفرشو بيهو (الجامع) ومعدية (عشان الناس
يقطعوبيها بدل المراكب القديمة الغرقت الناس دى !!
- (وهو محتار) : لن يا عو..
- لا لكن ولا حاجه الناس ديل عارفنك زول حارة وزولم تب وما بتنساهم
- (مقاطعاً) : لكن يا عو..
- إنت بس لمن تجى على ترحيل الحاجات دى للبلد إتصل فينى أنا مسؤول من ترحيلهم وح
أقوم بيهو – ثم وهو يضع على فمه إبتسانه ذات مغذى – أها يا صابر أنا ذاتى عندى طلب
عاوز أطلبو منك باقى إنت عارف براك أخوك حالتو صعبه وعاوزلو شوية مساعده
- لكن يا عوض يا خوى ( البير) أهى قاعده وأنا لى هسع ما مسكت ليا (فرطاقه) فى إيدى
أديك من وين ؟؟
- (يرفع يديه ) : لا .. لا .. أنا ما عاوزهم فلوس !!
- طيب عاوزهم شنو؟؟
- عاوزهم (براميل) ساااكت
- وتعمل بيهم شنو؟؟
- إنت مالك ؟؟ إن شاء الله ( أتمسح) بيهم !! قايلنى برجاك لحدت ما (الشمار) يطلع ويجوك
ناس (الحكومة) ضرائب وزكاة ونفايات وشنو ما بعرف داك يعدموك (التعريفه) ؟؟ أخير
ليا يا خوى أشيل حقى هسع قبل ما الحكومة (تشفطو) منك !!
بينما كان فى الداخل يدور حوارا من شكل آخر بين (عزة) زوجه (صابر) وزوجة أخيه (التومة) :
- والله يا (عزة) عاد فرحنا ليكم جنس فرح
- تفرحى إن شاء الله بى عرس أولادك
- أها يا (عزة) بى مناسبه (عرس أولادى) دى (محمد) ولدى من زمان مكلمنى قال عاوز
(منال) بتك لكن بس كان ما جاهز
- (فى تهكم) : بس هسع خلاص (جهز) ؟؟
- آآآى وقال ليا بس خلى ناس عمى صابر ينتهو من موضوع (البير) ونعمل العرس
- وولدك ده ما يجهز ويجى يتكلم إلا بعد (بترولنا) ما طلع؟؟ هو من زمانك كان وين ؟
- مواصلة- هسع بيقدر يدفع ليهو (ميت ألف دولار) مهر؟؟؟
- (فى إستغراب) : قلتى كم؟؟ ميت ألف دولار ؟؟
- شنو يعنى كتار؟؟ ما تمن كم برميل !!
ليلة القبض على صابر :
بينما كان (صابر) وأفراد أسرته فى مساء أحد الأيام يجلسون معاً يتناقشون فى (إقتسام الثروة) التى هبطت عليهم فجأة ويقومون بإستعراض الخطط (الإنتاجية) والعروض (التسويقية) أحاطت خمس عربات محملة (بالأفراد) المدججون بالسلاح بالمنزل بينما إقتحمت قوة أخرى المنزل وأحاط بعضها بالبئر بينما إتجه البعض الآخر نحو (صابر) وأفراد أسرته الذين صعقتهم الدهشة وإغتالهم الإستغراب :
- إنت (صابر المحتسب الصابر)؟
- أيوه نعم
- (أحدهم يرفعه من كتفه) : قوم يلا معانا
- أمشى معاكم وين؟؟ -فى خوف- أنا عملت شنو؟؟
- بعدين ح تعرف – ينظر ناحية البئر وقد أحاطت بها القوة – كمان داسيها ولافيها بى
(دلاقين)؟؟
الإستجواب :
يجلس ثلاثة محققون خلف مكتب (حديدى) كبير بينما يقف (صابر) أمامهما مباشرة ومن خلفه يقف ثلاثه (جنود) مدججون بالسلاح :
المحقق 1 : - إسمك
- صابر المحتسب الصابر
- عمرك ؟
- 65 سنة
- مكان العمل
- موظف بالمعاش (الإجبارى)
- إنت متهم بإنك سرقت ليك (بير بترول)
- يا جماعة (سرقت) دى شنو؟؟ فى زول بيسرق حاجه لقاها جوه بيتو؟
المحقق 2 : - هو البيت ده بيتك؟؟ ما حكر
- وشنو يعنى كان (حكر) ؟
المحقق 3 : - إنت ما عارف الحكر ده حق (الحكومة) ؟؟
المحقق 1 : - ثم إنت أساساً شنو الوداك (تهبش) وتحفر فى واطات الحكومة ؟ وكمان
جايب ليكا (حفارات)
- يا جماعة أنا بس كنت عاوز أعمل (سايفون) وقامت البير طلعت أها أعمل
ليها شنو؟
المحقق 3 : - تبلغ الحكومة .. دى سرقة .. إنت كده بتسرق فى (قوت الشعب الفضل)
وبتبدد فى (مدخراتو) و..
المحقق 1 : - والله حكاية عجيبة عرفنا كلو حاجه كمان جابت ليها سرقة أبيار ؟ -
مواصلا - شوف أنحنا (البترول) ده داسنو وما عاوزين مواطن يشيل منو جالون
إنت عاوز تشيل ليكا (بير) بى حالا !!؟؟ ثم يتوقف عن الكتابه ويرفع
الملف الذى أمامه مخاطبا (الأفراد) :
- أفتحو ليهو الماده عشرومية وخمسين أجراءآت
القرار :
تقرر نزع قطعه الأرض (الحكر) رقم 21 مربع 10 بحى (الشعب) من المواطن (صابر المحتسب الصابر) على أن يتم تعويضه وترحيله فورا إلى القطعة رقم 30 مربع 6 بحى (أطلع بره) !!
- يا جماعة تعويض شنو؟؟ وأطلع برت شنو؟؟ ما تجو نتفاوض ونقتسم (الثروة) الجاتنا من
الله دى سوا
- إنت (مواطن) غبيان؟ هو أنحنا قسمنا معاكم ديك عشان نقسم معاك دى .. (فى حزم وهو
يشير بيده) : يلا .. أمشى .. (أطلع بره) !!
كسرة : الشئ الجنن (صابر) فى (إعتقادى) هو إنو (صابر) ما عارف إنو لمن قالو ليهو (يلا أطلع بره) كانو قاصدين (يطردوهو) وإلا (يسكنوهو!!) وإلا (الإتنين) معاً !!
[/b]
العدد الاسبوعى - صحيفة السودانى
الجمعة الموافق 23 مارس 2007م
طلب منى صديقى الدكتور (س) والذى يعمل مستشاراُ بمستشفى الأمراض النفسية والعقلية
(المجانين سابقاً) أن أحدد له موعدا كيما أرافقه لشراء جهاز (كمبيوتر) مستفيداً من معرفتى فى هذا المجال وبالفعل فقد حضر إلى منزلى بعربته صباح ذلك اليوم حيث ذهبت معه للشركة وقمنا بإختيار وشراء الجهاز الذى أخبرنى بأنه ينوى أن يضعه فى مكتبه الملحق بعيادة المستشفى .. كانت المرة الأولى التى تطأ فيها قدماى هذ المستشفى على الرغم من مرورى به فى أحيان كثيرة .
بعد أن إنتهيت من مهمة تركيب الجهاز وملحقاته وإنزال البرامج وتشغيله قال لى صديقى الدكتور (س) :
- أيه رايك أدخلك عنبر (المرضى) عشان تآخد فكرة ؟
- هى المسأله عاوزة ليها (أخدان) فكرة مع (الصوانى) المليانه دى ؟
ودلفنا إلى عنبر المرضى عبر ممر طويل .. كان عنبرا فسيحا رصت على جانبيه عددا من الأسرة الفارغة ما عدا واحدا منها كان يقف أمامه رجل فى الستينات من العمر :
- العنبر فاضى وين النزلاء القلتهم ديل؟
- باقى المرضى بيطلعو الصباح الحديقه بره يشموا هواء
- طيب والزول ده مالو؟
- ده عمك (صابر) مما دخل العنبر ده ما عاوز يطلع منو بره أبداً؟
ما أن رآنا (صابر) حتى رفع يديه كمن يمسك بقطعة سلاح يواجه بها عدواً ثم صارخاً :
- ثابت محلك ... والله البيوصل (البير) دى أملاهو نار !!
ثم ما لبث أن قام بتغيير وقفته وأدخل يده تحت السرير وقام بسحب جالون فاضى وصاح كمن يخاطب مجموعه متوهمة من الناس :
- والله نص جالون ...- يوجه كلامه لنا- شفتو نص الجالون ده فيهو حاجة؟؟ والله ما أديكم
ليهو !!
ثم أجهش بالبكاء فى تشنج دونما خط فاصل بين عملية الإجهاش وما كان يقوم به من فعل وهو يقول بينما يدق على صدره بيده متسائلاً :
- أنا؟؟ .. أنا أمشى (أطلع بره) ... وأسيب (البترول) بتاعى (جوه)؟؟ - ثم يتجه نحونا وهو يخرج أوراقاً متسخة من جيبه مخاطباً دكتور (س) بينما أنا (أتضاير) خوفا :
- أنا عاوزك تقدم ليا الشكوى دى لى (الأوبك) ولى (مجلس الأمن) ولى الأمم المتحده وكمان
لى لاهاى هااااااى هاااااى وأخذ فى البكاء مجددً بينما قمت بسحب صديقى دكتور (س)
خارجين من العنبر
- عمك ده مالو باين عليهو عندو قصة طويله؟
- ده ما عمك (صابر) بتاع (البير) ما سمعت بيهو أصلك؟
- لا والله
- طيب ح أحكى ليكا حكايتو ونحنا ماشين فى العربية
الحكاية :
بينما كان (صابر) يرتدى فى ملابسه ذلك الصباح إستعدادا لذهابه لإستلام معاشه الشهرى وقفت إلى جانبه زوجته (عزة) :
- كل يوم أنا أكلم فيك وإنت (مصهين)
- (فى ضيق) : تكلمى فينى بى شنو؟؟
- ح يكون بى شنو؟؟ ما بالسفون إنت (السفون) ده كان ما عاوز (تحفرو) لينا كلمنا ..
والله شيل المويه بتاعت (البلاعات) دى قطع قلبنا وهد حيلنا
- يا ولية إستهدى بالله (السايفون) يعملوهو ليكم بى شنو؟؟ -مواصلاً – إنتى عارفاهو
بيكلف كم ؟
- يكلف ذى ما يكلف .. الناس دى كلها ما حافراهو؟
- هو إنتى قايلا الحكايه (حفر) ساكت بس ؟؟ ده عايز ليهو (خنزيرة) وسيخ وأسمنت وطوب
وحاجات كتيره !
- ناس (السرة) جارتنا دى ما عملوهو وكمان ناس (عزيزة) أختى ما عملوهو وكمان
بالحفارة !!
ما أن إستمع (صابر) إلى كلمة (الحفارة) حتى تذكر صديقه وزميل دراسته المهندس (مامون) الذى إلتقى به صدفة فى أحد المحال التجاريه مؤخراً وعرف منه أنه كان مغترباً بإحدى دول الخليج وعاد للوطن بعد أن أسس شركة لأعمال (الحفريات) .
بحث (صابر) عن (الكارت) الذى أعطاه له المهندس(مامون) ثم قام بعد أن وجده بأخراج هاتفه الجوال متصلا به وموضحا له بأنه سوف يسجل له زيارة لأنه يريده فى موضوع هام .
الحفارة جات :
تحلق (شفع) الحى حول (الحفارة) الضخمة ذات الصوت المزعج وهى تقوم بعملية حفر (سفون) العم صابر بينما كان هو يراقب عملية الحفر ويهتم بتوفير الماء البارد وإحضار أكواب الشاى للعاملين .. بعد مرور عده أيام وعملية الحفر مستمرة وهى تقترب من الوصول إلى (عين الماء) لاحظ العامل الذى يقوم بتشغيل (الحفارة) بأن (عمود الحفر) قد تغطى بطبقة من السائل الاسود السميك إلا أنه لم يعر الأمر إهتماما إلا عندما إندفع ذلك السائل السميك نحو فوهه (الحفرة) حيث هرع يبحث عن عم صابر :
- يا عم صابر تعال شوف (حفرتكم) دى جابت شنو؟؟
- شنو يعنى جابت (هواء) !
- (وهما يسيران معاً نحو الحفرة) : شوف الحاجه السوداء دى
- (صابر يخرت شويه بيده ويشمها) : دا فيهو ريحة بنزين أو جاز أو حاجه ذى دى
- أها هسع نواصل (حفر) وإلا نقيف ؟
قام (صابر) بالإتصال بصديقه المهندس (مأمون) وشرح له الأمر حيث طلب منه الأخير أن يطلب من العمال أن يتوقفوا عن العمل ويتركهم يذهبوا إلى حين وصوله لإستطلاع الأمر.
لم يكن الأمر صعباً بالنسبة للمهندس مأمون أن يعلم حقيقة ذلك السائل الأسود غليظ القوام فقال (فى إندهاش) وهو يخاطب (صابر) بينما هو ينظف يده من أثار العينه التى قام بفحصها :
- مبروك يا (صابر) دى (بير بترول) !!
- (فى حالة إندهاش وعدم تصديق) : قلت (بير) شنو ؟؟
- لحدت هسع (بير بترول) وعشان أقطع ليك الشك أنا بعدين عندى صاحبى متخصص بتاع
(تنقيب) ح أجيبو عشان يشوفا ويتأكد ليكا منها .
أفراح الأسرة :
ما أن غادر (المهندس مأمون) حتى قام (صابر) بأغلاق باب الشارع إغلاقاً محكما ثم قام بقفل فوهه الحفرة التى كان السائل يتسرب خارجها رويداً رويداً مستخدماً فى ذلك عددا من (الجوالات) الفارغة و(الدلاقين) القديمة .
- مبسوط وفرحان كده مالك الليلة ؟
- والله إنتى ما عارفة سبب فرحتى ساكت
- مشيت الليلة لقيت (المعاش) وصل؟
- معاش شنو ؟ خلاص تانى المعاش (المجهجه) ده ذاتو ما ديرنو؟
- (وهى تضع يدها فى صدرها ) : سجم خشمى ونعيش من وين؟
- (وهو يقترب منها رافعا يدية ) : نعيش من (النفط) .. نعيش من (البترول)
- شنو يعنى ما فاهمة (الجماعه) قررو يدو كلو زول حقو فوق إيدو؟
- جماعة شنوالبيدو كل زول حقو فوق إيدو ؟ والله ديل (مكنكشين)فى (البترول) ده جنس
(كنكشة)
- طيب بترول شنو ده؟
- ده (نفطى أنا) – فى حركات راقصة - ده (بترولى أنا) بترول (صابر( .. يعنى بترول Sabir Petroleum
- إنت يا راجل أكيد جنيت وإلا تكون (الملاريا) تكون طلعت ليك فى راسك !!
حتى يؤكد صابر لزوجته (عزة) بأنو شديد ونصيح وإنو المسأله لا مسألة (جن) ولا (ملاريا) فقد قام بسحبها من يدها والتوجه بها نحو (الحفرة) لترى بنفسها وبعد أن تأكدت :
- والله وبالله لو ما خايفه ناس الحله ديل (ينكسرو) علينا كان زغردت ليك جنس زغريده !! – ثم وهى تعود لطبيعتها وتخاطبه هامسة - : أها هسه (الثروة) دى ح تعمل فيها شنو؟؟
- والله (المهندس مأمون) صاحبنا الجاب لينا (الحفارة) ده عندو واحد (مهندس بترول) ح
يجى بعدين يشوفا ويقدر (الإنتاج) وكده وبعدين نشوف حكاية (التصفية) و(التصدير) و
(الأوبك) والحاجات التانية !!
آمال وأحلام :
بعد أن عاد أبناء (صابر) السته إى المنزل نهار ذلك اليوم من الجامعات والعمل وبعد أن قاموا بمعاينه (الموقع) وأخذ عينات والتأكد من الأمر قاموا بعقد جلسة أسرية فوق العاده :
- شوف يا بوى أنحنا (صبرنا) على الحاله التعبانه و(البؤس) ده زمن طويل وأهو ربنا
فتحا عليك وطلع ليك (بترول) ما تقوم تعمل لين ذى (الحكومة) دى وتطلعنا منو كيت !!
- آآى يا بوى لازم (العائدات) بتاعتو دى تظهر علينا .. يعنى ناكل كويس ونشرب كويس
ونتعالج كويس ونركب كويس – مواصلة- يعنى من الشهر الجاى كل زول عندو (فيلا) وعربيه
جديده وحاجات ذى دى !!
- ما تقوم بعدين تعملا لينا القروش راحت فى (الديون الخارجيه) وفى (البنى التحتية)
والشنو ما بعرف داك !!
- إنتو يا أولاد جنيتو؟ إنتو قايلين (البترول) ده قروشو دى قروش؟؟ أهو هسع (الحكومة)
دى ما قاعده تبيع فيهو ليها سنين الإتغير شنو؟؟ما كمان الحاجات زادت و(البنزين)
ذاتو (فى روحو) تمنو زاد !!
- شوف يا بوى لو إنت عايز تعمل لينا ذى (الحكومة) من هسع خلينا نبيع (البير) دى
ونقسم القروش وكل زول يشيل حقو ويعمل بيهو العاوزو
- إنتو يا أولاد ما عندكم راس هى (الحكومة) كان قسمت لينا عشان أنا أقسم ليكم !!
الحقيقة المفرحة :
عندما دق باب الشارع إعتقد (صابر) بأن القادم لابد أن يكون (المهندس مأمون) وقد أحضر معه زميله المتخصص فى التنقيب والذى سوف يحضر لمعاينة (الحفرة) وتحديد ما إذا كانت تلك الماده (بترول) أم لا .. لكن صابر قد تفاجأ بان الطارق لم يكن إلا جاره (كامل)
والذى جاء ليستفسر عن موضوع (الحفارة) وتكلفتها ومن أين يتم إحضارها – لأنه كما قال يود حفر سايفون - وقد قام (صابر) بإجابة جميع إستفسارات (كامل) بسرعه إختصارا للزيارة حتى يضمن عدم وجود (كامل) حينما يأتى (المهندس) لمعاينة (البئر) إلا أن (كامل) فاجأه قائلاً :
- عليك الله يا (صابر) كدى ورينى نوعية الحفر بتاعت (الحفارة) دى؟
وقع طلب (كامل) هذا على راس (صابر) كالمطرقه فهو لا يريد لكامل أن يرى (البئر) وما أفرزته من (بترول) ، وبينما كان (صابر) يبحث عن كيفية للتملص من طلب (كامل) حتى لا يضطلع على الأمر إذا بصوت محرك عربه تقف وباب الشارع يدق ..
- أها يا (صابر) جبت ليك المهندس ذاتو عشان يتأكد ليكا من موضوع البترول الجابتو
البير ده – مواصلا – إتفضل يا باشمهندس (عصام)
أسقط فى يد (صابر) الذى يود أن يبقى أمر (البئر) سراً لكنه بعد أن قام بالترحيب بالضيوف إلتفت إلى (كامل) الذى يبدو أنه (نقش المسأله) وهو يريد أن (يوزعو) قائلاً :
- معليش يا (كامل) ياخى لكن أنا والمهندسين ديل طالعين ماشين نشوف لينا (بير بترول)
وجايين ولمن أجى ح أوريك الحفرة الحفرتا الحفارة !!
بعد خروج (كامل) قام (صابر) بإغلاق باب الشارع بإحكام وقام بمرافقة (مأمون) وصديقة (المهندس) إلى حيث (البئر) حيث أكد الأخير بأن ما تفرزه (الحفرة) ما هو إلإ أجود أنواع (النفط)
- أها وبعدين أنا أتصرف مع الموضوع ده كيفن هسع ؟
- والله يا عم (صابر) الخام ده أول حاجه عاوز (مكنات شفط) تطلعو بره ومفروض يدخل فى
(صهاريج) عشان يتخزن وبعدين تحصل ليهو معالجات (كيميائية) عشان تفصل (المواد)
ويطلع منو البنزين والجازولين والحاجات التانية وبعدين كل واحد من ديل يمشى فى
أنبوب براهو لحدت مكان التصدير .
- لا حولتن ولا قوتن إلا بالله
- والله يا حاج ما أكضب عليك إنت عاوز ليك (شيفرون) عديل كده !!
- و(شيفرون) دى أنا أجيب ليها قروش من وين؟؟
- والله يا حاج أنا بفتكر الحل هو إنك تبلغ (الحكومة) و(تتفاوض) معاها
- شوف يا إبنى الحكومة دى أنا عارفا كويس جدا .. كيشه فى أى حاجه لكن فى (التفاوض
والمفاوضات) دى شاطره جداً .. (يتفاوضو) معاك ويصلو معاك لى حلول ويخلوك (توقع
وتمضى) وبعدين إلا تبل (الورق) المضيت فيهو ده وتشرب مويتو !!
تفشى الخبر :
- ما شفتى يا محاسن ناس (عزة) ما طلعت ليهم ( بير بترول)؟
- فى هجليج؟؟
- هجليج شنو يا غبيانه فى بيتهم الواحد ده ..أصلو كانو بيحفرو فى (السفون) بتاعهم بس
كان البترول يجيك طالع
- بترول شنو؟ والله دى تكون موية وسخانه ساااكت
- ما مويه ولاحاجه عليك أمان الله قالو ودوهو (حللوهو) لقوهو (بترول)
- مش معامل الزمن ده البيودو ليها (الدواء) الفاسد تقول ما فاسد دى ؟؟ والله أخير عدما
هو قالو ليكى دى (معامل) ؟
- هو ذاتو يا محاسن ما عايز ليهو تحليل هسع كدى شمى ريحت (الحلة) دى هسع ما ريحتا
كلها بقت جاز جاز
- والله أكان كده يا نفيسه (عزة) يا دوبك إتمهلت والله فتحا عليها خلاص بعد ده التياب ما
تياب والدهب ما دهب والعربات ما عربات
بينما كان زوجا (نفيسه ومحاسن) يتحدثان فى الصالون :
- والله صابر بختو تانى بدل معاشو (الميت ألف) ده ح يطلع ليهو بى مية ألف (برميل) فى
اليوم
- يا زول (براميل) شنو إنت قائل (الحكومة) دى البترول ده ح تخليهو ليهو؟؟ ياخى دى
(ستات الشاى) ما خالاهم تقول ليا بترول ؟
- والله صدقت والله بس (يشمو) ليك الموضوع يجوهو ليك طايرين طيران
نحنا ما نحفر :
(حسين) جار (صابر) يجلس (العصرية) على كرسى فى حوش المنزل زوجته تضع (صينية الشاى) أمامه وهى تخاطبه :
- قوم يا راجل أمشى شوف ليكا (حفاره) تعال أحفر كان تلقى ليكا (بير)
- يا ولية حفر شنو وبير شنو هو نحنا قادرين ناكل ؟
- والله والله الحته القدام المطبخ ديك (نديانه) وملسلسة جنس لسلسه والله ياها لسلست
(البترول) ذاتا !!
- يعنى عاوزانى أكسر المطبخ ده الخسرت فيهو دم قلبى؟
- وما تكسرو كان تحتو (بترول) .. شن طعمو عليك الله؟
- أها قولى تكسيرو ما مشكلة .. أنا أجيب ليا قروش حفارة من وين ؟؟ هو المرتب ده
مكفينا؟؟
- إن شاء الله تحفرا ذى ما بحفرو فى ترعة (كنانه والرهد) بى (أبوراسين) و(القفف) !!
- يا وليه إنتى ما عندك (راس) ذى الجماعة الشايلاهم (الهاشمية) ديل ؟؟ فى (ترعه) وإلا
(بير بترول) بيحفروها بى (أبوراسين)؟ ويطلعو (ترابا) بى (قفف) ؟
- خلاص خليك من (اب راسين والقفف) أكان المشكلة (قروش الحفارة) دى أنا بدخل ليا صندوق
وأشيل (الصرفة) الأولى -مواصلة – بس إنت بعد ما أسلمك القروش تمشى من حتتك تجيب
(الحفارة) البقولوها دى كان نلقى لينا (بير بيرين) يغيرو لينا حياتنا (السجمانه)
دى .
عاوزين مساعده :
طرق على الباب يذهب (صابر) لفتحه فيجد أمامه عربه تاكسى تزدحم (ضهريتها) المفتوحة بالشنط والكراتين بينما (عوض) شقيقه يقوم بمحاسبة (سواق التكس) المنهمك فى إنزال الشنط :
- والله يا صابر ياخوى أنا مما سمعت بى خبرك فى البلد وقالو طلعت ليك (بير) – يشير
لزوجته التى تقف أمامه - قلت (للتومة) دى لازم نمشى نبارك للناس ديل ونقعد معاهم
يوم يومين
جلس (عوض وصابر) فى الصالون بينما دخلت (عزة والتومة) إلى البرنده :
- ناس الحلة كلهم بيسلموا عليك وبيباركو ليك (البير) وبيقولو ليك ما تنسى ترسل ليهم
(بابور للمشروع) وكمان (موكيت ) عشان يفرشو بيهو (الجامع) ومعدية (عشان الناس
يقطعوبيها بدل المراكب القديمة الغرقت الناس دى !!
- (وهو محتار) : لن يا عو..
- لا لكن ولا حاجه الناس ديل عارفنك زول حارة وزولم تب وما بتنساهم
- (مقاطعاً) : لكن يا عو..
- إنت بس لمن تجى على ترحيل الحاجات دى للبلد إتصل فينى أنا مسؤول من ترحيلهم وح
أقوم بيهو – ثم وهو يضع على فمه إبتسانه ذات مغذى – أها يا صابر أنا ذاتى عندى طلب
عاوز أطلبو منك باقى إنت عارف براك أخوك حالتو صعبه وعاوزلو شوية مساعده
- لكن يا عوض يا خوى ( البير) أهى قاعده وأنا لى هسع ما مسكت ليا (فرطاقه) فى إيدى
أديك من وين ؟؟
- (يرفع يديه ) : لا .. لا .. أنا ما عاوزهم فلوس !!
- طيب عاوزهم شنو؟؟
- عاوزهم (براميل) ساااكت
- وتعمل بيهم شنو؟؟
- إنت مالك ؟؟ إن شاء الله ( أتمسح) بيهم !! قايلنى برجاك لحدت ما (الشمار) يطلع ويجوك
ناس (الحكومة) ضرائب وزكاة ونفايات وشنو ما بعرف داك يعدموك (التعريفه) ؟؟ أخير
ليا يا خوى أشيل حقى هسع قبل ما الحكومة (تشفطو) منك !!
بينما كان فى الداخل يدور حوارا من شكل آخر بين (عزة) زوجه (صابر) وزوجة أخيه (التومة) :
- والله يا (عزة) عاد فرحنا ليكم جنس فرح
- تفرحى إن شاء الله بى عرس أولادك
- أها يا (عزة) بى مناسبه (عرس أولادى) دى (محمد) ولدى من زمان مكلمنى قال عاوز
(منال) بتك لكن بس كان ما جاهز
- (فى تهكم) : بس هسع خلاص (جهز) ؟؟
- آآآى وقال ليا بس خلى ناس عمى صابر ينتهو من موضوع (البير) ونعمل العرس
- وولدك ده ما يجهز ويجى يتكلم إلا بعد (بترولنا) ما طلع؟؟ هو من زمانك كان وين ؟
- مواصلة- هسع بيقدر يدفع ليهو (ميت ألف دولار) مهر؟؟؟
- (فى إستغراب) : قلتى كم؟؟ ميت ألف دولار ؟؟
- شنو يعنى كتار؟؟ ما تمن كم برميل !!
ليلة القبض على صابر :
بينما كان (صابر) وأفراد أسرته فى مساء أحد الأيام يجلسون معاً يتناقشون فى (إقتسام الثروة) التى هبطت عليهم فجأة ويقومون بإستعراض الخطط (الإنتاجية) والعروض (التسويقية) أحاطت خمس عربات محملة (بالأفراد) المدججون بالسلاح بالمنزل بينما إقتحمت قوة أخرى المنزل وأحاط بعضها بالبئر بينما إتجه البعض الآخر نحو (صابر) وأفراد أسرته الذين صعقتهم الدهشة وإغتالهم الإستغراب :
- إنت (صابر المحتسب الصابر)؟
- أيوه نعم
- (أحدهم يرفعه من كتفه) : قوم يلا معانا
- أمشى معاكم وين؟؟ -فى خوف- أنا عملت شنو؟؟
- بعدين ح تعرف – ينظر ناحية البئر وقد أحاطت بها القوة – كمان داسيها ولافيها بى
(دلاقين)؟؟
الإستجواب :
يجلس ثلاثة محققون خلف مكتب (حديدى) كبير بينما يقف (صابر) أمامهما مباشرة ومن خلفه يقف ثلاثه (جنود) مدججون بالسلاح :
المحقق 1 : - إسمك
- صابر المحتسب الصابر
- عمرك ؟
- 65 سنة
- مكان العمل
- موظف بالمعاش (الإجبارى)
- إنت متهم بإنك سرقت ليك (بير بترول)
- يا جماعة (سرقت) دى شنو؟؟ فى زول بيسرق حاجه لقاها جوه بيتو؟
المحقق 2 : - هو البيت ده بيتك؟؟ ما حكر
- وشنو يعنى كان (حكر) ؟
المحقق 3 : - إنت ما عارف الحكر ده حق (الحكومة) ؟؟
المحقق 1 : - ثم إنت أساساً شنو الوداك (تهبش) وتحفر فى واطات الحكومة ؟ وكمان
جايب ليكا (حفارات)
- يا جماعة أنا بس كنت عاوز أعمل (سايفون) وقامت البير طلعت أها أعمل
ليها شنو؟
المحقق 3 : - تبلغ الحكومة .. دى سرقة .. إنت كده بتسرق فى (قوت الشعب الفضل)
وبتبدد فى (مدخراتو) و..
المحقق 1 : - والله حكاية عجيبة عرفنا كلو حاجه كمان جابت ليها سرقة أبيار ؟ -
مواصلا - شوف أنحنا (البترول) ده داسنو وما عاوزين مواطن يشيل منو جالون
إنت عاوز تشيل ليكا (بير) بى حالا !!؟؟ ثم يتوقف عن الكتابه ويرفع
الملف الذى أمامه مخاطبا (الأفراد) :
- أفتحو ليهو الماده عشرومية وخمسين أجراءآت
القرار :
تقرر نزع قطعه الأرض (الحكر) رقم 21 مربع 10 بحى (الشعب) من المواطن (صابر المحتسب الصابر) على أن يتم تعويضه وترحيله فورا إلى القطعة رقم 30 مربع 6 بحى (أطلع بره) !!
- يا جماعة تعويض شنو؟؟ وأطلع برت شنو؟؟ ما تجو نتفاوض ونقتسم (الثروة) الجاتنا من
الله دى سوا
- إنت (مواطن) غبيان؟ هو أنحنا قسمنا معاكم ديك عشان نقسم معاك دى .. (فى حزم وهو
يشير بيده) : يلا .. أمشى .. (أطلع بره) !!
كسرة : الشئ الجنن (صابر) فى (إعتقادى) هو إنو (صابر) ما عارف إنو لمن قالو ليهو (يلا أطلع بره) كانو قاصدين (يطردوهو) وإلا (يسكنوهو!!) وإلا (الإتنين) معاً !!
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
(ســــيناريوهات) : خـروف سـمع وشـوف
صحيفة السودانى - عدد الجمعة الأسبوعى
29 ديسمبر 2006م
مع إقتراب موعد (عيد الأضحية) قام السيد مدير عام الهيئة القومية للجبايات بدعوة (طاقم) مستشارى الهيئة لشئون (الإبتكار) لإجتماع عاجل وكانت أجنده الإجتماع هى (كيفية الإستفادة من هذه السانحة بإبتكار جباية تناسب هذه المناسبة العظيمة ) :
- أنا دعوتكم يا جماعة للإجتماع ده لأنو طبعا إنتو عارفين إنو (عيد الضحية) قرب والمواطنين ح يملو (جيوبهم) قروش ويمشو يفتشو على الخرفان (المدغلبه) عشان يضحو بيها – مواصلا - أها معقوله هسع المواطن (المفترى) ده يشيل ليهو ميتين تلتمية ألف جنيه عشان يشترى ليهو خروف ونحنا الإسمنا (حكومة) نطلع منها كده (كييت) بالبساطة دى وما يكون (القروش) دى عندنا فيها أى حاجة؟؟
- والله يا ريس ما معقول هسع شوف فى كم زول قاعد يضحى ؟ ديل ملايين يعنى كان شلنا من كل زول (ألف جنيه) بس دى ح تعمل ليها (مليارات) !!
- أنا الكلام ده عارفو لكن الحاجة العاوزين نتفاكر فيها هى المسألة دى تكون كيف؟؟ هى أكيد ما ح تغلبنا لأنو مافيش (جباية) غلبتنا قبل كده لكن بس نختها ليهم كيف ؟؟ ده السؤال - ثم مواصلاً- كدى النشوف مقترحاتكم !!
إقتراح (1) :
إبتسم مستشار (شئون إبتكار الدمغات) فى خبث وهو يقول :
- والله يا ريس أنا بقترح نعمل ليهم (دمغة ذبيح)
- كيف يعنى؟؟
- نخت لينا (ناس) فى كل محلات بيع (الخرفان) .. الزرائب .. الفسحات ... الشوارع ... فى كل حته فيها (خرفان) معروضه وأى زول يجى يشترى خروف ما (يرفعو) لو ما دفع (دمغة ذبيح) خمسة تالاف
- لكن خمسة دى ما كتيره ؟؟
- كتيرة شنو ؟؟ هو الواحد فيهم عاوز يضحى ساكت ؟؟ هم ما يشوفو (الحكومة) دى بتضحى من أجلهم كيف؟
- لا ..لا .. لا حكاية الدمغات دى بقت قديمة وبعدين كترناها شديد خلاص –مواصلا- المرة دى أنا عاوز ليا حاجة تانية ... ما دمغات .. لازم تبتكرو ليكم حاجة جديدة !!
إقتراح (2) :
تنحنح مستشار إبتكار (جبايات المساهمات الإلزامية) ومسح على (ذقنه) المستديرة ثم قال :
- والله أنا بشوف إنو نحنا نطلع قانون يخلى المواطنين كلهم (يساهموا) مساهمة (إلزامية) ؟
- كيف يعنى أصلو هم ح (يضحو) وإلا (يغتربو)؟؟
- لا .. لا.. دى ما ذى مساهمة المغتربين (الإلزامية) دى ح تكون مساهمة (المضحين) الإلزامية
- برضو ما فاهمين حاجة .. فسر لينا الحته دى؟؟
- أيوااا أفسر ليكم ... نحنا نعمل ليهم (مساهمة أضحية إلزامية) يعنى أى زول يساهم إلزاميا (بالجلد والراس) بتاع الضحية بتاعتو – مواصلا - يعنى شوفو ح يكون عندنا كم (راس) وكم (جلد) ؟
- (الجلود) دى عرفناها ح (نصدرها) بره .. (الروسين) دى نوديها وين؟؟
- بسيطه يا ريس نبيعا (نيفه) يعنى (باسم) للمطاعم والمطابخ الكتيرة ومسيخه دى !!
إقتراح (3) :
- شوف يا ريس إنت قلت عاوز ليك (جبايه) مبتكرة فى حكاية الضحية دى وأنا قريت ليا قبل أسبوعين تلاته (سيناريوهات) فى جريده السودانى كتبها واحد إسمو (جبرا) عن مسألة الخرفان دى وإقترح إنو نعمل ليها (فحص آلى) يعنى الخروف قبلما الزول الإشتراهو (يرفعو) من الزريبه لازم يفحص ليهو الدم والبول والفسحة وكافة الأمراض المعديه وياخد بعد داك شهادة (فحص ضحيه آلى) – مواصلا- وأها شوفو كل فحص من الفحوص دى بى كم و(الشهاده) ذاتا رسوم إستخراجا ح يكون بى كم ؟؟
- لا... لا الكلام ده ما بنفع لأنو كده (الخروف) ح يكون تمنو غالى جداً ويمكن يحصل ليهو (مليون جنيه) والناس ما ح تشتريهو !! .. أنا عاوز ليا (حاجة كده) نختها للمواطن ده فى (الضحيه) بتاعتو تكون كده فى حدود عشرين تلاتين ألف !!
- ومالو يا ريس نخلى الرسوم بتاعت (الفحص والشهادة) دى فى الحدود القلتها دى !!
- لا برضو ما ينفع
- ليه بس يا ريس ؟؟
- دى عايزه ليها سؤال ؟؟ إنت ناسى إنو الإجراءآت بتاعت (الفحص) دى عاوزة ليها (أجهزة) و(فنيين) ومبانى وح تخسرنا قروش كتيره ؟؟ إنتو ما عارفين إنو نحنا جننا وجن (الدفع) والخسارة ... نحن (نشيل) آآى لكن ندفع ده اللى مش ممكن !!
إقتراح (4) :
يبدو أن الإقتراحات السابقة لم تنل إعجاب ( مستشار الهيئة لشئون الإحتكار) الذى يبدو أن له فى مثل هذه (المعضلات) وصفة (سحريه) جاهزة فأخذ الفرصة فى الحديث :
- يا ريس الموضوع أبسط وأسهل من كده بى كتير
- كيف يعنى ؟
- أنا بفتكر يا ريس أنحنا لو عاوزين نستفيد من (الضحيه) دى نقوم نشترى كل (الخرفان) الموجوده وبعدين لمن تكون كلها عندنا نقوم نبيعا بالتمن النحنا عاوزنو ونتحكم فى السوق!!
- (ينتفض فى غضب) : يعنى عايزنا ياخى (نحتكر) الخرفان؟؟ إنت ما عارف إنو (الإحتكار) ده (حرام) ؟؟ -مواصلاً- إنت عاوز تودينا (النار) ؟؟ الإحتكار ده (منهى) عنو لكن (الرسوم) و(الجبايات) دى النها عنها منو؟؟ - ثم فى صرامة- نحنا بنعمل الحاجات (المباحة) وبس .. عاوزين رسوم أو جبايه !!
- لكن يا ريس ما ..
- ما شنو؟ إنت نسيت إنو أنحنا ناس عندنا (مشروع حضارى) ولازم نلتزم بالنواهى ؟ ثم ياخى (الخرفان) الكتيره دى نوديها وين؟؟ ونأكلا شنو؟؟ دى مش خسارة؟؟ أنا ميت مرة أقول ما عاوزين ندفع حاجة من (جيبنا) وما عايزين نخسر ؟؟
الدكتور لقاها :
بعد حديث رئيس الهيئة سكت جميع من كانو يشاركون فى الإجتماع من (مستشارين جباية) ومتخصصين (أتاوات) وأخذوا يفكرون فى صمت وهم يحاولون الوصول إلى كيفية الإستفادة من ذلك الكم الهائل من (المواطنين الضحية) الذين سوف يقومون بشراء خروف العيد وفجأة تنحنح (كبير مستشارى هيئة شئون الجبايات) موجهاً حديثه لرئيس الهيئة والمجتمعين وقال :
أنحنا هسع يا جماعة قدامنا أربعه مقترحات اللى هى :
- دمغة الذبيح
- فحص الضحية الآلى
- المساهمة الإلزامية بالجلد والراس
- الإحتكار
- (وهو يضع المسبحة على الطاوله ثم يصلح من وضع نظارته الطبية المقعرة ) : أنا بفتكر إنو الإقتراحات دى كلها إقتراحات (مهببه) وما صاحبتها أى دراسات (لوجستيه) أو اى (إستبيانات) أو (بيانات معلوماتية) تبين (عدد الخراف) الموجوده بالسوق أو (المقدرة الشرائية) للمواطن – مواصلا - إنتو بتفتكرو إنو (المواطن) ده خليتو ليهو قروش يقدر يشترى بيها (خروف)؟؟
- يمسك بملف وينظر فى محتوياته- الدراسات الأنا عندى دى بتؤكد إنو (المواطن) السنه دى مفلس و(أباطو والنجم) وإنو بس (أخوانا) المسؤولين هم الح يقدرو يضحو !!
- أها يعنى نخلى ليهو باقى (القريشات) دى؟
- نخلى ليهو شنو ؟؟ إنتو ناسين إنو الرساله بتاعت (الدكتوراة) بتاعتى دى عنوانا كان (الفتح المبين فى نفيض جيوب المواطنين) ؟؟
- والله صحيح يا دكتور (المواطن) ده مما يكون عندو قرشين تلاته يقوم يقل فى أدبو ويطلع ليك فى (مظاهرات) ويقول ليك (زدتو) ده ليه ؟؟؟ وقروش (الحاجه دى) بتمشى وين ؟؟(والصحفى ده) قبضتوهو ساكت ليه ؟؟ والحاجه دى ضد الستور والحاجة دى ضد (حقوق الإنسان) وشنو ما بعرف داك !!
- ما عشان كده أنا بقول أحسن حاجه (المواطن) ده يكون (معلم الله) وما عندو (التكتح) عشان ينشغل بى نفسو !! – موجها حديثه لرئيس الهيئة - وإلا شنو يا ريس ؟؟؟
علت الإبتسامة وجه رئيس هيئة شئون الجبايات :
- والله يا دكتور ده (العلم) وإلا بلاش – ثم مستدركا- أها وكت (المواطنين ديل) حق ضحيه ما عندهم والقروش العندهم ما بتضحى ليهم وحتى (القريشات) دى إنت ما عاوز تخليها ليهم ممكن تشرح لينا (الجباية) الح تشيل بيها (قريشاتم) الفضلت دى ح تكون كيف ؟
- طيب جماعة أنا ح أشرح ليكم الفكرة بس إنتو ركزو معاى لأنو المشروع ده فيهو تلاته (حزم) مترابطه مع بعضها .
إستعد الجميع وجلسوا فى حالة إنتباه بينما بدأ (الدكتور) يشرح فى مشروعه (الجهنمى ) :
1- أول حاجه نمشى لى كل الناس القاعده تبيع فى الخرفان فى أماكنهم كان زريبه كان (ميدان) كان (فسحة) كان شارع ونشترى منهم الخرفان بتاعتهم ونديهم شيكات تنصرف بعد العيد مباشرة وأفتكر إنو ما ح يرفضو شيكات الحكومة (المضمونه) !!
2- تانى حاجة نقوم بإصدار (شريط كاسيت) مليان كلو (نغمات) أقصد (أصوات) خروف الضحية
- (الجميع بصوت واحد) : ما فاهمين؟
- با جماعة أصبروا أنا ح أشرح ليكم .. – مواصلاً- لأنو (المواطن) ما عندو (حق الخروف) فأنحنا بنديهو (خيارين) الخيار الاول إنو (نأجر) ليهو (الخروف) يوديهو البيت والأولاد يشوفوهو ويلعبو معاهو وبعدين (يرجعو) لينا بعد ما يكون خت لينا تأمين (شيك) (غويشه) إن شاء الله (تلفزيون) !!
- وطيب يوم العيد كان قالو ليهو الأولاد (الخروف) وين؟؟
- ما يقول راح .. لقى باب الشارع فاتح وشرد ... الناس بتروح !! إنتو ما قاعدين تسمعو (خرج ولم يعد دى؟)
- أها و(الشريط) لى شنو؟
- أها الزول الما قادر يدفع حق (الإيجار) وقروشو ما بتأجر ليهو أو ما عندو حق (التأمين) ده ذاتو لازم نطلع منو بى حاجة نقوم نبيع ليهو (الشريط) عشان يمشى يفتحو فى (المسجل) ويسمع الجيران صوت (الخروف)
- أها وبعدين؟
- وبعدين بعد العيد ما ينتهى نشيل القروش اللميناها من (تأجير الخرفان) وبيع (الشرايط) نديهم لى أصحاب (الخرفان) ونشيل (شيكاتنا) و(الخرفان) بتاعتنا !! ودى (الحزمة) التالته الما قلتها ليكم !
- الله لا كسبك يا دكتوروالله دى ( الدكتوراة) وإلا بلاش مش ذى دكتوراة (الجماعه) الهسع قاعدين (يجيبوها) ساكت دى !!
قبل أسبوع من العيد :
تواعد (عابدين) وجاره (التجانى) على أن يلتقيا بعد صلاة العصر مباشرة للذهاب كعادتهما فى كل عيد لشراء (الخروف) سويا وقد إختار (عابدين) هذا الوقت بالذات لخلو الشوارع من (كمائن) شرطة المرور حتى يتفادى الغرامة الباهظة إذ أن (البوكس) خاصته (موديل 76) لم يكن (مرخصا) وكان بحاله لا تسمح له بالمشاركة فى الطريق .
- قالو الخرفان أسعارا فى السماء
- هو يا عابدين يا خوى (الحاجة) الما فى السماء شنو ؟؟ والله إلا نحنا بس الفى (ا) .. خليها على الله ساكت بس
- والله أنا هسع شايل ليا (ميه وخمسين ألف) وما عارف تجيب لينا (حميل) ولا ما تجيب
- أخير إنت والله أنا شايل ليا (ميه وعشرين ألف) بس
وهما يقتربان من (الزريبة) وأمام (صينية) حديقة أم درمان الكبرى وجد (عابدين) نفسه وجها لوجه أمام (شرطى المرور) الذى نظر إلى زجاج (البوكس) الخالى من (الرخصة) وسرعان ما قام بإيقاف (عابدين) الذى شغلته (الونسة) من تفادى (الكمين)
- رخصتك وين يا حاج
أخرج عابدين (رخصته العامة) المجدده وسلمها للشرطى الذى نظر إليها ثم أعادها له وهو يشير إلى زجاج العربه علامة عدم وجود (ترخيص) سارى المفعول
- والله يا ولدى إنت عارف الظروف الصعبه والترخيص بقى غالى وما فى ليهو قروش و..
لم يكن (الشرطى) عندها يستمع إلى ما كان يقوله (عابدين) من (عرضحال) بل كان مستندا إلى (كبوت) البوكس وهو يحرر فى الإيصال الذى بعد الفراغ من كتابته سلمه إلى (عابدين) قائلا :
- ميه ألف يا حاج
- ميت شنو؟
- ميت ألف جنيه
- يعنى ما تلاتين ألف ؟
-(وهو يبتسم) إنت يا حاج من زمن الغرامه تلاتين ألف؟؟ إنت يا حاج ما متابع ولا شنو؟؟ يا حاج أى حاجه (زادت) !!
- لكن يا جنابو أكان أديتك ( الميه ألف) دى وقطعت ليا (إيصال) أشترى (خروف الضحية) للأولاد من وين؟
- وتشترى ليه يا حاج ما (تأجر) ليك واحد
- (فى إندهاش) أأجر واحد كيف يعنى ؟؟ أصلو هو خروف وإلا (عجله) ؟؟ - ثم متسائلاً – إنت هسع أجرت ليك خروف يعنى ؟
- يا حاج نحنا كمان بنأجر؟؟ إنت ما شايف (الإيصالات) القاعدين نقطع فيها ذى (المطر) دى ؟؟
(عابدين) رجل مسالم ولا يميل إلى (معارضة القانون) وهو دائم الإعتراف بأن (عدم الترخيص) هو مخالفة تستوجب (العقوبه) لكنه دائم القول أيضاً بأن قيمة (الترخيص) باهظة وفوق طاقة (المواطن) ولا مبرر لها سوى (جشع) الحكومة لذلك فقد تسلم (الإيصال) فى هدوء وقام بوضعه فى جيب (الجلابية) بعد أن قام بدفع قيمة المخالفة (المئوية) ثم أدار محرك (البوكس) .
- هسع يا (التجانى) القريشات الفضلت دى الواحد يسوى بيها شنو؟؟
- والله يا (عابدين) الخمسين ألف الفضلت ليك دى ما بتشترى ليها (عتوت) لكن واصل المشوار يلاك نمشى الزريبه نشوف الأسعار بس ونرجع
وصل عابدين والتجانى إلى (زريبه الخرفان) وقد تفاجأا بأن (الزريبه) قد تغير شكلها تماما وأضحى شكلها (كالبوتيكات) إضاءة ..واجهات زجاجية .. ديكور .. توقفا أمام إحدى محلات (عرض) الخراف فقام (عابدين) بمخاطبة البياع :
- والله عاوزين نسأل نشوف أسعار الخرفان السنه دى كيف؟؟
- (مشيراً إلى أحد الخراف المدغلبه ) والله شوف يا حاج الخروف (النوبيرا) ده تمنو خمسمية وخمسين ألف والصغير الأبيض (الفيزتو) داك بى أربعمية ألف و..
- لا أنحنا بنسأل لينا عن حاجة تكون صغيره كده .. يعنى ذى ما تقول (تيكو) وكده !!
- لا.. لا .. ما عندنا حاجات ذى دى .. نحنا خرفانا دى كلها (مكنه كبيره) يعنى أقل خروف يطلع ليهو (عشرين تلاتين كيلو) !!
- وبعدين؟
- بعدين كدى يا حاج شوف المحل التانى ده
خروف (سمع) وخروف (شوف) :
توقف عابدين والتجانى أما محل آخر أمامه (فترينه زجاجية) وبداخله عددا من الخراف :
- والله نحنا عاوزين لينا خروف؟
- عاوزينو (أوديو) وإلا (فديو)؟
- شنو يعنى ما فاهمين؟
- يعنى عاوزين الخروف (سمع) يا حاج وإلا (شوف)؟
- برضو ما فاهم يعنى شنو؟
- أيواا أفهمك يا حاج –ثم مواصلاً- هنا نحنا ياحاج (ما) بنبيع (خرفان) لكن ..
- (فى إندهاش) : لكن وكت (ما بتبيعوها) نان بتسووا بيها شنو؟
- أيواا أقول ليك بنسوى بيها شنو ... الزول القروشو ما بتجيب ليهو خروف ممكن نأجر ليهو واحد وده (خروف شوف) يعنى يشيلو معاهو والناس كلهم يشوفوهو وكمان كان الزول مفلس (شديد) و(مقحط) ممكن نبيع ليهو شريط كاسيت فيهو صوت (الخروف) يمشى يشغلو والناس كلها تسمع وده إسمو (خروف سمع) !!
- والله حكاية عجيبة يعنى كلام (جنابو) صاح
- قلت شنو؟؟
- لا بس فى واحد (جنابو) صاحبنا قال لينا الكلام ده وما صدقناهو – ثم مواصلاً- أها هسع قول لينا (الشوف) بى كم و(السمع) كيف ؟؟
- أيواا .. لو عاوزين خروف (شوف) ممكن نأجر ليكم الخروف وتشيلوهو تودوهو البيت والناس كلهم يشوفوهو وبعد ما تنتهى مده (الإيجار) ترجعوهو وتشيلو (الأمنية) بتاعتكم
- لكن يا ولدى هو أنحنا لو عندنا قروش (أمنيه) كان أجرنا ؟
- لا يا حاج الأمنيه ما (كاش) ممكن (شيك) ... ممكن تسلمنا (تلفزيون) ... (تلاجه) ... أى حاجه قيمة !!
- والخروف عندكم إيجارو بى كم؟
- والله حسب نوع الخروف .. فى خرفان (أربعه شنكل) وخرفان (خمسه شنكل) خرفان (شاسى طويل) وخرفان (شاسى قصير) لكن ممكن تقول كده إنو المتوسط (عشرين ألف) فى اليوم
- والله حكايه عجيبه يا (التجانى) يعنى هسع (خمسين ألفينى) الفضلت ليا دى تأجر ليها خروف (يومين ونص) بس ؟؟
هنا تدخل (التجانى) وهو يخطو نحو (الفترينه) التى تحتوى على (شرائط) الكاسيت موجهاً حديثه للبياع :
- أها و(السمع) كيف ؟؟ بتبيعو (الشريط) بى كم ؟
- والله حسب نوع (الشريط) والفنان أقصد (الخروف)
- كيف يعنى؟
- (وهو يفتح الفترينه ويستخرج عدداً من الأشرطة) : شوف الشريط ده مثلاً فيهو (صولو) بتاع (خروف) يعنى كلو (عزف منفرد) أقصد (صوت خروف منفرد) ما معاهو حاجة تانية
- أها وده بى كم؟
- ده بى سبعه ألف
- (فى إستنكار) : ليه فيهو (Mixing) ومؤثرات صوتيه ولا عاملين ليهو (مونتاج) ؟
- يا حاج إنت مستهون الحكاية دى ؟ الشرايط دى أنحنا طابعنها فى (أثينا) !!
- أها والشريط الفيهو صورة (الخروفين) داك ؟؟؟
- ديل يا حاج (ثنائى) .. يعنى إنت تفتح الشريط (الحله) كلها تفتكرك إشتريت ليك (خروفين) !!
- طيب والشريط الفيهو (الخروف) الواقف ووراهو الخرفان الكتار ديك ؟؟
- ده يا حاج (حقيبه) يعنى (خروف) ومعاهو (كورس) خرفان شيالين .. يعنى لمن تشغلو الحله كلها تفتكرك إشتريت ليكا (مراح) !!
فكرة جهنمية :
قام (التجانى) بجذب (عابدين) والذهاب به بعيدا عن المحل :
- شوف يا (عابدين) يا خوى وكت قروشنا دى ما بتجيب ليها (خروف) أنا عندى ليك فكرة؟
- شنو؟
- نقوم نشترى لينا خروف واحد (سمع) وخروف واحد (شوف) يعنى نشترى لينا (شريط) ونأجر لينا ( خروف) أصلو العيد فضل ليهو أسبوع بس !!
- ونسوى بيهم شنو ؟؟
- أنا أوريك .. يوم إنت تشيل (الشريط) عشان الناس (تسمع) وأنا أشيل (الخروف) عشان الناس (تشوف) واليوم التانى نعكس (المسألة) أنا أخلى الناس (تشوف) وإنت تخلى الناس (تسمع) لحدت ما العيد يمر !!
- والله فكرة تمام !!
لحسن حظ (عابدين) فقد كان يحتفظ بدفتر شيكات حسابه (المصفر) فى (طابلون) البوكس فقام على الفور يإحضاره وتحرير (شيك) تأمين للبائع ثم قاما بعد ذلك سويا بدفع (إيجار خروف) لمده إسبوع مقدما إضافة لقيمة شريط كاسيت (صولو) !!
بعد صلاة العشاء مباشرة كان البوكس يقف أمام منزلى (عابدين والتجانى) المتجاورين وعلى خلفيته يقبع خروف (كارب) بينما هرع أطفال (عابدين) الذين كانوا يجلسون على دكة المنزل نحو (البوكس) وهم يهللون فرحين بحضور (خروف العيد)
- شوف يا عابدين ذى ما عارف أنا والوليه قاعدين (راس) بعد ما الأولاد كلهم (عرسو) عشان كده إنت شيل الخروف نزلو عندك الليله وأنا بشيل (الشريط) أفتحو بى ليلى ده وبكرة نتبادل
- ما بطال ما تقول (الشفع) أهو جونا فرحانين (إتحاوطو) البوكس
إنطلت (الحيله) على الجميع .. قبل آذان (الفجر) بقليل كانت عملية تبادل (الخروف والشريط) تتم بين (عابدين والتجانى) عن طريق (الحائط) القصير الذى يفصل بينهما ولم يشك أحد فى أن كليهما قد قام بشراء (خروف الضحية) خاصة بعد أن تبادلا إحضار (القش والبرسيم) يوميا عن طريق بوكس (عابدين) إلى أن جاء يوم (الوقفه) موعد إعادة (الخروف المؤجر) فقاما بوضعه بليل على ظهر (البوكس) دونما يراهما أحد وقاما بإعادته وإستلام شيك (التأمين)
بعد أن عادا من مشوار (إعادة الخروف المؤجر) وبعد أن قام (عابدين) بإيقاف (البوكس) أمام المنزل وإيقاف (المحرك) :
- شفت يا عابدين فكرتى كانت (جهنمية) كيف ؟؟
- (جهنمية) شنو والله فكرتك دى (لبلاب) ما تنفع .. هسع (الخروف) ورجعناهو .. أها بكرة العيد نعمل شنو؟ نضبح (الشريط) !!
صحيفة السودانى - عدد الجمعة الأسبوعى
29 ديسمبر 2006م
مع إقتراب موعد (عيد الأضحية) قام السيد مدير عام الهيئة القومية للجبايات بدعوة (طاقم) مستشارى الهيئة لشئون (الإبتكار) لإجتماع عاجل وكانت أجنده الإجتماع هى (كيفية الإستفادة من هذه السانحة بإبتكار جباية تناسب هذه المناسبة العظيمة ) :
- أنا دعوتكم يا جماعة للإجتماع ده لأنو طبعا إنتو عارفين إنو (عيد الضحية) قرب والمواطنين ح يملو (جيوبهم) قروش ويمشو يفتشو على الخرفان (المدغلبه) عشان يضحو بيها – مواصلا - أها معقوله هسع المواطن (المفترى) ده يشيل ليهو ميتين تلتمية ألف جنيه عشان يشترى ليهو خروف ونحنا الإسمنا (حكومة) نطلع منها كده (كييت) بالبساطة دى وما يكون (القروش) دى عندنا فيها أى حاجة؟؟
- والله يا ريس ما معقول هسع شوف فى كم زول قاعد يضحى ؟ ديل ملايين يعنى كان شلنا من كل زول (ألف جنيه) بس دى ح تعمل ليها (مليارات) !!
- أنا الكلام ده عارفو لكن الحاجة العاوزين نتفاكر فيها هى المسألة دى تكون كيف؟؟ هى أكيد ما ح تغلبنا لأنو مافيش (جباية) غلبتنا قبل كده لكن بس نختها ليهم كيف ؟؟ ده السؤال - ثم مواصلاً- كدى النشوف مقترحاتكم !!
إقتراح (1) :
إبتسم مستشار (شئون إبتكار الدمغات) فى خبث وهو يقول :
- والله يا ريس أنا بقترح نعمل ليهم (دمغة ذبيح)
- كيف يعنى؟؟
- نخت لينا (ناس) فى كل محلات بيع (الخرفان) .. الزرائب .. الفسحات ... الشوارع ... فى كل حته فيها (خرفان) معروضه وأى زول يجى يشترى خروف ما (يرفعو) لو ما دفع (دمغة ذبيح) خمسة تالاف
- لكن خمسة دى ما كتيره ؟؟
- كتيرة شنو ؟؟ هو الواحد فيهم عاوز يضحى ساكت ؟؟ هم ما يشوفو (الحكومة) دى بتضحى من أجلهم كيف؟
- لا ..لا .. لا حكاية الدمغات دى بقت قديمة وبعدين كترناها شديد خلاص –مواصلا- المرة دى أنا عاوز ليا حاجة تانية ... ما دمغات .. لازم تبتكرو ليكم حاجة جديدة !!
إقتراح (2) :
تنحنح مستشار إبتكار (جبايات المساهمات الإلزامية) ومسح على (ذقنه) المستديرة ثم قال :
- والله أنا بشوف إنو نحنا نطلع قانون يخلى المواطنين كلهم (يساهموا) مساهمة (إلزامية) ؟
- كيف يعنى أصلو هم ح (يضحو) وإلا (يغتربو)؟؟
- لا .. لا.. دى ما ذى مساهمة المغتربين (الإلزامية) دى ح تكون مساهمة (المضحين) الإلزامية
- برضو ما فاهمين حاجة .. فسر لينا الحته دى؟؟
- أيوااا أفسر ليكم ... نحنا نعمل ليهم (مساهمة أضحية إلزامية) يعنى أى زول يساهم إلزاميا (بالجلد والراس) بتاع الضحية بتاعتو – مواصلا - يعنى شوفو ح يكون عندنا كم (راس) وكم (جلد) ؟
- (الجلود) دى عرفناها ح (نصدرها) بره .. (الروسين) دى نوديها وين؟؟
- بسيطه يا ريس نبيعا (نيفه) يعنى (باسم) للمطاعم والمطابخ الكتيرة ومسيخه دى !!
إقتراح (3) :
- شوف يا ريس إنت قلت عاوز ليك (جبايه) مبتكرة فى حكاية الضحية دى وأنا قريت ليا قبل أسبوعين تلاته (سيناريوهات) فى جريده السودانى كتبها واحد إسمو (جبرا) عن مسألة الخرفان دى وإقترح إنو نعمل ليها (فحص آلى) يعنى الخروف قبلما الزول الإشتراهو (يرفعو) من الزريبه لازم يفحص ليهو الدم والبول والفسحة وكافة الأمراض المعديه وياخد بعد داك شهادة (فحص ضحيه آلى) – مواصلا- وأها شوفو كل فحص من الفحوص دى بى كم و(الشهاده) ذاتا رسوم إستخراجا ح يكون بى كم ؟؟
- لا... لا الكلام ده ما بنفع لأنو كده (الخروف) ح يكون تمنو غالى جداً ويمكن يحصل ليهو (مليون جنيه) والناس ما ح تشتريهو !! .. أنا عاوز ليا (حاجة كده) نختها للمواطن ده فى (الضحيه) بتاعتو تكون كده فى حدود عشرين تلاتين ألف !!
- ومالو يا ريس نخلى الرسوم بتاعت (الفحص والشهادة) دى فى الحدود القلتها دى !!
- لا برضو ما ينفع
- ليه بس يا ريس ؟؟
- دى عايزه ليها سؤال ؟؟ إنت ناسى إنو الإجراءآت بتاعت (الفحص) دى عاوزة ليها (أجهزة) و(فنيين) ومبانى وح تخسرنا قروش كتيره ؟؟ إنتو ما عارفين إنو نحنا جننا وجن (الدفع) والخسارة ... نحن (نشيل) آآى لكن ندفع ده اللى مش ممكن !!
إقتراح (4) :
يبدو أن الإقتراحات السابقة لم تنل إعجاب ( مستشار الهيئة لشئون الإحتكار) الذى يبدو أن له فى مثل هذه (المعضلات) وصفة (سحريه) جاهزة فأخذ الفرصة فى الحديث :
- يا ريس الموضوع أبسط وأسهل من كده بى كتير
- كيف يعنى ؟
- أنا بفتكر يا ريس أنحنا لو عاوزين نستفيد من (الضحيه) دى نقوم نشترى كل (الخرفان) الموجوده وبعدين لمن تكون كلها عندنا نقوم نبيعا بالتمن النحنا عاوزنو ونتحكم فى السوق!!
- (ينتفض فى غضب) : يعنى عايزنا ياخى (نحتكر) الخرفان؟؟ إنت ما عارف إنو (الإحتكار) ده (حرام) ؟؟ -مواصلاً- إنت عاوز تودينا (النار) ؟؟ الإحتكار ده (منهى) عنو لكن (الرسوم) و(الجبايات) دى النها عنها منو؟؟ - ثم فى صرامة- نحنا بنعمل الحاجات (المباحة) وبس .. عاوزين رسوم أو جبايه !!
- لكن يا ريس ما ..
- ما شنو؟ إنت نسيت إنو أنحنا ناس عندنا (مشروع حضارى) ولازم نلتزم بالنواهى ؟ ثم ياخى (الخرفان) الكتيره دى نوديها وين؟؟ ونأكلا شنو؟؟ دى مش خسارة؟؟ أنا ميت مرة أقول ما عاوزين ندفع حاجة من (جيبنا) وما عايزين نخسر ؟؟
الدكتور لقاها :
بعد حديث رئيس الهيئة سكت جميع من كانو يشاركون فى الإجتماع من (مستشارين جباية) ومتخصصين (أتاوات) وأخذوا يفكرون فى صمت وهم يحاولون الوصول إلى كيفية الإستفادة من ذلك الكم الهائل من (المواطنين الضحية) الذين سوف يقومون بشراء خروف العيد وفجأة تنحنح (كبير مستشارى هيئة شئون الجبايات) موجهاً حديثه لرئيس الهيئة والمجتمعين وقال :
أنحنا هسع يا جماعة قدامنا أربعه مقترحات اللى هى :
- دمغة الذبيح
- فحص الضحية الآلى
- المساهمة الإلزامية بالجلد والراس
- الإحتكار
- (وهو يضع المسبحة على الطاوله ثم يصلح من وضع نظارته الطبية المقعرة ) : أنا بفتكر إنو الإقتراحات دى كلها إقتراحات (مهببه) وما صاحبتها أى دراسات (لوجستيه) أو اى (إستبيانات) أو (بيانات معلوماتية) تبين (عدد الخراف) الموجوده بالسوق أو (المقدرة الشرائية) للمواطن – مواصلا - إنتو بتفتكرو إنو (المواطن) ده خليتو ليهو قروش يقدر يشترى بيها (خروف)؟؟
- يمسك بملف وينظر فى محتوياته- الدراسات الأنا عندى دى بتؤكد إنو (المواطن) السنه دى مفلس و(أباطو والنجم) وإنو بس (أخوانا) المسؤولين هم الح يقدرو يضحو !!
- أها يعنى نخلى ليهو باقى (القريشات) دى؟
- نخلى ليهو شنو ؟؟ إنتو ناسين إنو الرساله بتاعت (الدكتوراة) بتاعتى دى عنوانا كان (الفتح المبين فى نفيض جيوب المواطنين) ؟؟
- والله صحيح يا دكتور (المواطن) ده مما يكون عندو قرشين تلاته يقوم يقل فى أدبو ويطلع ليك فى (مظاهرات) ويقول ليك (زدتو) ده ليه ؟؟؟ وقروش (الحاجه دى) بتمشى وين ؟؟(والصحفى ده) قبضتوهو ساكت ليه ؟؟ والحاجه دى ضد الستور والحاجة دى ضد (حقوق الإنسان) وشنو ما بعرف داك !!
- ما عشان كده أنا بقول أحسن حاجه (المواطن) ده يكون (معلم الله) وما عندو (التكتح) عشان ينشغل بى نفسو !! – موجها حديثه لرئيس الهيئة - وإلا شنو يا ريس ؟؟؟
علت الإبتسامة وجه رئيس هيئة شئون الجبايات :
- والله يا دكتور ده (العلم) وإلا بلاش – ثم مستدركا- أها وكت (المواطنين ديل) حق ضحيه ما عندهم والقروش العندهم ما بتضحى ليهم وحتى (القريشات) دى إنت ما عاوز تخليها ليهم ممكن تشرح لينا (الجباية) الح تشيل بيها (قريشاتم) الفضلت دى ح تكون كيف ؟
- طيب جماعة أنا ح أشرح ليكم الفكرة بس إنتو ركزو معاى لأنو المشروع ده فيهو تلاته (حزم) مترابطه مع بعضها .
إستعد الجميع وجلسوا فى حالة إنتباه بينما بدأ (الدكتور) يشرح فى مشروعه (الجهنمى ) :
1- أول حاجه نمشى لى كل الناس القاعده تبيع فى الخرفان فى أماكنهم كان زريبه كان (ميدان) كان (فسحة) كان شارع ونشترى منهم الخرفان بتاعتهم ونديهم شيكات تنصرف بعد العيد مباشرة وأفتكر إنو ما ح يرفضو شيكات الحكومة (المضمونه) !!
2- تانى حاجة نقوم بإصدار (شريط كاسيت) مليان كلو (نغمات) أقصد (أصوات) خروف الضحية
- (الجميع بصوت واحد) : ما فاهمين؟
- با جماعة أصبروا أنا ح أشرح ليكم .. – مواصلاً- لأنو (المواطن) ما عندو (حق الخروف) فأنحنا بنديهو (خيارين) الخيار الاول إنو (نأجر) ليهو (الخروف) يوديهو البيت والأولاد يشوفوهو ويلعبو معاهو وبعدين (يرجعو) لينا بعد ما يكون خت لينا تأمين (شيك) (غويشه) إن شاء الله (تلفزيون) !!
- وطيب يوم العيد كان قالو ليهو الأولاد (الخروف) وين؟؟
- ما يقول راح .. لقى باب الشارع فاتح وشرد ... الناس بتروح !! إنتو ما قاعدين تسمعو (خرج ولم يعد دى؟)
- أها و(الشريط) لى شنو؟
- أها الزول الما قادر يدفع حق (الإيجار) وقروشو ما بتأجر ليهو أو ما عندو حق (التأمين) ده ذاتو لازم نطلع منو بى حاجة نقوم نبيع ليهو (الشريط) عشان يمشى يفتحو فى (المسجل) ويسمع الجيران صوت (الخروف)
- أها وبعدين؟
- وبعدين بعد العيد ما ينتهى نشيل القروش اللميناها من (تأجير الخرفان) وبيع (الشرايط) نديهم لى أصحاب (الخرفان) ونشيل (شيكاتنا) و(الخرفان) بتاعتنا !! ودى (الحزمة) التالته الما قلتها ليكم !
- الله لا كسبك يا دكتوروالله دى ( الدكتوراة) وإلا بلاش مش ذى دكتوراة (الجماعه) الهسع قاعدين (يجيبوها) ساكت دى !!
قبل أسبوع من العيد :
تواعد (عابدين) وجاره (التجانى) على أن يلتقيا بعد صلاة العصر مباشرة للذهاب كعادتهما فى كل عيد لشراء (الخروف) سويا وقد إختار (عابدين) هذا الوقت بالذات لخلو الشوارع من (كمائن) شرطة المرور حتى يتفادى الغرامة الباهظة إذ أن (البوكس) خاصته (موديل 76) لم يكن (مرخصا) وكان بحاله لا تسمح له بالمشاركة فى الطريق .
- قالو الخرفان أسعارا فى السماء
- هو يا عابدين يا خوى (الحاجة) الما فى السماء شنو ؟؟ والله إلا نحنا بس الفى (ا) .. خليها على الله ساكت بس
- والله أنا هسع شايل ليا (ميه وخمسين ألف) وما عارف تجيب لينا (حميل) ولا ما تجيب
- أخير إنت والله أنا شايل ليا (ميه وعشرين ألف) بس
وهما يقتربان من (الزريبة) وأمام (صينية) حديقة أم درمان الكبرى وجد (عابدين) نفسه وجها لوجه أمام (شرطى المرور) الذى نظر إلى زجاج (البوكس) الخالى من (الرخصة) وسرعان ما قام بإيقاف (عابدين) الذى شغلته (الونسة) من تفادى (الكمين)
- رخصتك وين يا حاج
أخرج عابدين (رخصته العامة) المجدده وسلمها للشرطى الذى نظر إليها ثم أعادها له وهو يشير إلى زجاج العربه علامة عدم وجود (ترخيص) سارى المفعول
- والله يا ولدى إنت عارف الظروف الصعبه والترخيص بقى غالى وما فى ليهو قروش و..
لم يكن (الشرطى) عندها يستمع إلى ما كان يقوله (عابدين) من (عرضحال) بل كان مستندا إلى (كبوت) البوكس وهو يحرر فى الإيصال الذى بعد الفراغ من كتابته سلمه إلى (عابدين) قائلا :
- ميه ألف يا حاج
- ميت شنو؟
- ميت ألف جنيه
- يعنى ما تلاتين ألف ؟
-(وهو يبتسم) إنت يا حاج من زمن الغرامه تلاتين ألف؟؟ إنت يا حاج ما متابع ولا شنو؟؟ يا حاج أى حاجه (زادت) !!
- لكن يا جنابو أكان أديتك ( الميه ألف) دى وقطعت ليا (إيصال) أشترى (خروف الضحية) للأولاد من وين؟
- وتشترى ليه يا حاج ما (تأجر) ليك واحد
- (فى إندهاش) أأجر واحد كيف يعنى ؟؟ أصلو هو خروف وإلا (عجله) ؟؟ - ثم متسائلاً – إنت هسع أجرت ليك خروف يعنى ؟
- يا حاج نحنا كمان بنأجر؟؟ إنت ما شايف (الإيصالات) القاعدين نقطع فيها ذى (المطر) دى ؟؟
(عابدين) رجل مسالم ولا يميل إلى (معارضة القانون) وهو دائم الإعتراف بأن (عدم الترخيص) هو مخالفة تستوجب (العقوبه) لكنه دائم القول أيضاً بأن قيمة (الترخيص) باهظة وفوق طاقة (المواطن) ولا مبرر لها سوى (جشع) الحكومة لذلك فقد تسلم (الإيصال) فى هدوء وقام بوضعه فى جيب (الجلابية) بعد أن قام بدفع قيمة المخالفة (المئوية) ثم أدار محرك (البوكس) .
- هسع يا (التجانى) القريشات الفضلت دى الواحد يسوى بيها شنو؟؟
- والله يا (عابدين) الخمسين ألف الفضلت ليك دى ما بتشترى ليها (عتوت) لكن واصل المشوار يلاك نمشى الزريبه نشوف الأسعار بس ونرجع
وصل عابدين والتجانى إلى (زريبه الخرفان) وقد تفاجأا بأن (الزريبه) قد تغير شكلها تماما وأضحى شكلها (كالبوتيكات) إضاءة ..واجهات زجاجية .. ديكور .. توقفا أمام إحدى محلات (عرض) الخراف فقام (عابدين) بمخاطبة البياع :
- والله عاوزين نسأل نشوف أسعار الخرفان السنه دى كيف؟؟
- (مشيراً إلى أحد الخراف المدغلبه ) والله شوف يا حاج الخروف (النوبيرا) ده تمنو خمسمية وخمسين ألف والصغير الأبيض (الفيزتو) داك بى أربعمية ألف و..
- لا أنحنا بنسأل لينا عن حاجة تكون صغيره كده .. يعنى ذى ما تقول (تيكو) وكده !!
- لا.. لا .. ما عندنا حاجات ذى دى .. نحنا خرفانا دى كلها (مكنه كبيره) يعنى أقل خروف يطلع ليهو (عشرين تلاتين كيلو) !!
- وبعدين؟
- بعدين كدى يا حاج شوف المحل التانى ده
خروف (سمع) وخروف (شوف) :
توقف عابدين والتجانى أما محل آخر أمامه (فترينه زجاجية) وبداخله عددا من الخراف :
- والله نحنا عاوزين لينا خروف؟
- عاوزينو (أوديو) وإلا (فديو)؟
- شنو يعنى ما فاهمين؟
- يعنى عاوزين الخروف (سمع) يا حاج وإلا (شوف)؟
- برضو ما فاهم يعنى شنو؟
- أيواا أفهمك يا حاج –ثم مواصلاً- هنا نحنا ياحاج (ما) بنبيع (خرفان) لكن ..
- (فى إندهاش) : لكن وكت (ما بتبيعوها) نان بتسووا بيها شنو؟
- أيواا أقول ليك بنسوى بيها شنو ... الزول القروشو ما بتجيب ليهو خروف ممكن نأجر ليهو واحد وده (خروف شوف) يعنى يشيلو معاهو والناس كلهم يشوفوهو وكمان كان الزول مفلس (شديد) و(مقحط) ممكن نبيع ليهو شريط كاسيت فيهو صوت (الخروف) يمشى يشغلو والناس كلها تسمع وده إسمو (خروف سمع) !!
- والله حكاية عجيبة يعنى كلام (جنابو) صاح
- قلت شنو؟؟
- لا بس فى واحد (جنابو) صاحبنا قال لينا الكلام ده وما صدقناهو – ثم مواصلاً- أها هسع قول لينا (الشوف) بى كم و(السمع) كيف ؟؟
- أيواا .. لو عاوزين خروف (شوف) ممكن نأجر ليكم الخروف وتشيلوهو تودوهو البيت والناس كلهم يشوفوهو وبعد ما تنتهى مده (الإيجار) ترجعوهو وتشيلو (الأمنية) بتاعتكم
- لكن يا ولدى هو أنحنا لو عندنا قروش (أمنيه) كان أجرنا ؟
- لا يا حاج الأمنيه ما (كاش) ممكن (شيك) ... ممكن تسلمنا (تلفزيون) ... (تلاجه) ... أى حاجه قيمة !!
- والخروف عندكم إيجارو بى كم؟
- والله حسب نوع الخروف .. فى خرفان (أربعه شنكل) وخرفان (خمسه شنكل) خرفان (شاسى طويل) وخرفان (شاسى قصير) لكن ممكن تقول كده إنو المتوسط (عشرين ألف) فى اليوم
- والله حكايه عجيبه يا (التجانى) يعنى هسع (خمسين ألفينى) الفضلت ليا دى تأجر ليها خروف (يومين ونص) بس ؟؟
هنا تدخل (التجانى) وهو يخطو نحو (الفترينه) التى تحتوى على (شرائط) الكاسيت موجهاً حديثه للبياع :
- أها و(السمع) كيف ؟؟ بتبيعو (الشريط) بى كم ؟
- والله حسب نوع (الشريط) والفنان أقصد (الخروف)
- كيف يعنى؟
- (وهو يفتح الفترينه ويستخرج عدداً من الأشرطة) : شوف الشريط ده مثلاً فيهو (صولو) بتاع (خروف) يعنى كلو (عزف منفرد) أقصد (صوت خروف منفرد) ما معاهو حاجة تانية
- أها وده بى كم؟
- ده بى سبعه ألف
- (فى إستنكار) : ليه فيهو (Mixing) ومؤثرات صوتيه ولا عاملين ليهو (مونتاج) ؟
- يا حاج إنت مستهون الحكاية دى ؟ الشرايط دى أنحنا طابعنها فى (أثينا) !!
- أها والشريط الفيهو صورة (الخروفين) داك ؟؟؟
- ديل يا حاج (ثنائى) .. يعنى إنت تفتح الشريط (الحله) كلها تفتكرك إشتريت ليك (خروفين) !!
- طيب والشريط الفيهو (الخروف) الواقف ووراهو الخرفان الكتار ديك ؟؟
- ده يا حاج (حقيبه) يعنى (خروف) ومعاهو (كورس) خرفان شيالين .. يعنى لمن تشغلو الحله كلها تفتكرك إشتريت ليكا (مراح) !!
فكرة جهنمية :
قام (التجانى) بجذب (عابدين) والذهاب به بعيدا عن المحل :
- شوف يا (عابدين) يا خوى وكت قروشنا دى ما بتجيب ليها (خروف) أنا عندى ليك فكرة؟
- شنو؟
- نقوم نشترى لينا خروف واحد (سمع) وخروف واحد (شوف) يعنى نشترى لينا (شريط) ونأجر لينا ( خروف) أصلو العيد فضل ليهو أسبوع بس !!
- ونسوى بيهم شنو ؟؟
- أنا أوريك .. يوم إنت تشيل (الشريط) عشان الناس (تسمع) وأنا أشيل (الخروف) عشان الناس (تشوف) واليوم التانى نعكس (المسألة) أنا أخلى الناس (تشوف) وإنت تخلى الناس (تسمع) لحدت ما العيد يمر !!
- والله فكرة تمام !!
لحسن حظ (عابدين) فقد كان يحتفظ بدفتر شيكات حسابه (المصفر) فى (طابلون) البوكس فقام على الفور يإحضاره وتحرير (شيك) تأمين للبائع ثم قاما بعد ذلك سويا بدفع (إيجار خروف) لمده إسبوع مقدما إضافة لقيمة شريط كاسيت (صولو) !!
بعد صلاة العشاء مباشرة كان البوكس يقف أمام منزلى (عابدين والتجانى) المتجاورين وعلى خلفيته يقبع خروف (كارب) بينما هرع أطفال (عابدين) الذين كانوا يجلسون على دكة المنزل نحو (البوكس) وهم يهللون فرحين بحضور (خروف العيد)
- شوف يا عابدين ذى ما عارف أنا والوليه قاعدين (راس) بعد ما الأولاد كلهم (عرسو) عشان كده إنت شيل الخروف نزلو عندك الليله وأنا بشيل (الشريط) أفتحو بى ليلى ده وبكرة نتبادل
- ما بطال ما تقول (الشفع) أهو جونا فرحانين (إتحاوطو) البوكس
إنطلت (الحيله) على الجميع .. قبل آذان (الفجر) بقليل كانت عملية تبادل (الخروف والشريط) تتم بين (عابدين والتجانى) عن طريق (الحائط) القصير الذى يفصل بينهما ولم يشك أحد فى أن كليهما قد قام بشراء (خروف الضحية) خاصة بعد أن تبادلا إحضار (القش والبرسيم) يوميا عن طريق بوكس (عابدين) إلى أن جاء يوم (الوقفه) موعد إعادة (الخروف المؤجر) فقاما بوضعه بليل على ظهر (البوكس) دونما يراهما أحد وقاما بإعادته وإستلام شيك (التأمين)
بعد أن عادا من مشوار (إعادة الخروف المؤجر) وبعد أن قام (عابدين) بإيقاف (البوكس) أمام المنزل وإيقاف (المحرك) :
- شفت يا عابدين فكرتى كانت (جهنمية) كيف ؟؟
- (جهنمية) شنو والله فكرتك دى (لبلاب) ما تنفع .. هسع (الخروف) ورجعناهو .. أها بكرة العيد نعمل شنو؟ نضبح (الشريط) !!
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
(ســــيناريوهات) : لـقوها ماشــه
فى وقت واحد فوجئ المواطنون بوجود أعمال حفر فى مساحات تتراوح بين 100 -150 متر مربع بكافة (أسواق العاصمة) ومواقف المواصلات و(أماكن الإزدحام) .. لوارى الطوب والرمل والخرسانة .. قلابات السيخ والحديد .. العمال آسيويي السحنة يعملون فى كل المواقع ليل نهار :
- يا ربى المرة دى عاوزين يعملو فينا شنو؟؟
- إنت ما بتعرف عربى ؟؟ قول يعملو (لينا شنو) مش (فينا شنو؟؟)
- هو متين قاعدين يعملو (لينا) ما (فينا) طوالى .. هسع المبانى دى يكونو عاوزين يعملوها شنو؟؟
- والله ما عارف لكن أكيد تكون حاجة لى صالح المواطن
- طيب نحيا ونشوف
كان ذلك الحوار يدور tفى (السوق الكبير) بين (صالح) صاحب كشك الجرائد القريب من مكان (المبانى التى يتم تشييدها) وبين (برعى) صاحب البقالة المجاورة له ..
بعد حوالى الشهر من العمل المتواصل بكل همة ونشاط (ليل-نهار) كانت جميع الإنشاءآت بالعاصمة المثلثة قد إكتملت فى يوم واحد وأخيرا علم المواطنون أن تلك المبانى ذات الشكل (الدائرى) المميز والطلاء (الأزرق) ما هى ألا (دورات مياه) وذلك بعد أن تم وضع لافته تقول (شركة الخرطوم لدورات المياه العامة)
- ما قلت ليك يا (صالح) الناس ديل حاسين بالمواطن .. أها هسع شوف عليك أمان الله دى (أدبخانات) خمسة نجوم .. بالله شوف (السراميك) والحنفيات (النيكل) و(الوضاية) الهناك دى فيها كم حنفية ؟
- يعنى يا برعى عاوز تقنعنى إنو (الجماعة) ديل عاملين المسألة دى عشان خاطرنا ؟
- مال شنو؟؟
- طيب نشوف
فى هذه الأثناء كان هنالك (بوكس) قديم عليه (مايكرفون) يتجول فى السوق :
- عزيزى المواطننننن ... عزيزتى المواطننننا .. اليوم .. شركة الخرطوم للمراحيض العامة .. تدعوكم للإفتتاح الكبير لجميع منشآتها بالعاصمة المثلثة .. أيها المواطن وداعا (للزنقات) وداعا (للتبول على الحيطان) وداعا .... وداعا
على فسحة صغيرة جوار (المبنى الجديد) تم نصب (الصيوان) ورص (الكراسى) وتثبيت (الساوند سيستمات)
ووضع (منصة) عليها مايكرفون ولم ينس من قام بتنظيم هذه الإحتفال (كالعادة) أن يقوم بوضع (كراسى جلوس وثيرة ) على الصف الاول ليجلس عليها كبار (الضيوف) ..
الإخوة والأخوات السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته :
بعد أن إستمعنا لكلمة (شيخ السوق) والتى أوضح فيها معاناة العاملين فى الأسواق من جراء عدم وجود (دورات مياه) عامة وتثمينه للدور (الحكومى) فى إنشاء هذه المراحيض العامة وكذلك بعد أن إستمعنا للأخ رئيس (اللجنة الشعبية) لحى السوق لابد أن نستمع للذين قاموا بهذا الإنجاز العظيم ..للرجل الذى نذر نفسه لراحة (المواطن) للمسؤول الذى لا يعرف النوم إلى عينيه سبيلا ..
سيداتى آنساتى سادتى :
إذا ذكر (الإنجاز) فلابد أن يذكر إسم هذا الرجل
وإذا ذكرت (راحة المواطن) فلابد أن يذكر إسم هذا الرجل
هذا الرجل لا هم له إلا (راحتكم)
ها هو الآن يقوم بتنفيذ ما عجز عنه كل المسؤلين فى كل العهود الماضية
ها هو يقوم بتنفيذ مشروع (دورة مياه لكل 100 مواطن)
لا أطيل عليكم (فالكلام الآن) لرجل الإنجاز والإعجاز : (تصفيق حاد) :
شكرا ... شكرا ... بسم الله الرحمن الرحيم .. الإخوة والأخوات ... الضيوف الكرام .. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته يطيب لى فى هذا المقام أن أزف لكم البشرى بإكتمال آخر إنجازاتنا فى مشروع (العاصمة الحضارية) فبعد أن قمنا (بسفلتة) جميع (الشوارع) الرئيسية والجانبية وتثبيت وتوفير (الإمداد الكهربائى) والتخلص من جميع (النفايات) بصورة يومية وتنظيم (الأسواق) وتوفير (العلاج والدواء المجانى) وإجلاس الطلبة والتلاميذ وتوفير (المدارس) المؤهلة لهم دون (رسوم) وتوفير (فرص العمل) لجميع (الخريجين) بعد كل هذا وإنجازات أخرى كثيرة كان لابد من أن نقوم بإنجاز هذا المشروع الحضارى الكبير والذى يقضى بتوفير (دورة مياه عامة) لكل 100 مواطن لنضع بذلك حدا لمعاناة المواطنين ولنكون كما الشعوب المتحضرة ... لقد كان من إهتمامات (الحكومة) وإهتماماتى (الشخصية) كمسؤول أن يقوم (المواطن) بقضاء حاجته فى سهولة ويسر (يالمناسبة أصلو ده الفضل للحكومة) وهذه كما تعلمون أقصى غايات (الترفق) بالمواطن !!
وبعد أن نقلت (كاميرا) البث (الحى) كلمة المسؤول التى قوطعت بالهتاف والتصفيق والتهليل واصل (المذيع) الذى يقوم بنقل مراسم الإفتتاح :
الآن يقوم (المسؤول) بقص الشريط إيذانا بإفتتاح (المبنى) وسط تصفيق وهتافات (البائعين) وأصحاب (المحلات)
- مواصلا النقل- كما ترون أعزائى المشاهدين قإن المبنى قد تم إنشاءه على أحدث طراز وبأحدث (التقنيات) وبأرقى المواد (الفاخرة) ..وكما تشاهدون أعزائى المشاهدين فى كل مكان أن المبنى قد تم تقسيمة فهنالك قسم (للرجال) وآخر (للنساء) كما لم ينس المسئولون كدأبهم دائما كل فئات المجتمع فقد تم تخصيص قسم (لذوى الحاجات الخاصة) - مواصلا- غنى عن القول سيداتى آنساتى سادتى أن (العاصمة) قد شهدت فى هذه الحقبه من الزمان تطورات هائلة فى البنى (التحتية) والمرافق (الخدمية) وها هى هذه (الدورات النموذجية) تقف شاهدا ودليلا على ذلك ... الآن سيداتى سادتى وبعد أن قمنا بنقل (مراسم) إفتتاح هذا المرفق الهام نعود بكم إلى إستوديوهاتنا الرئيسية وكل (إفتتاح) وأنتم بخير !!
صباح اليوم التالى :
كالعادة ما أن جاءت الساعة التاسعه حتى أجتمع (منصور الحلاق) و(سليمان الصائغ) وصالح بتاع كشك الجرايد فى دكان (برعى) فقد تعودوا أن يقوموا بتناول (الفطور) هنالك ويتناقشون فيما تجود به (الصحف) من أخبار :
- أها يا جماعة الليلة الفطور شنو؟
- والله أنا نفسى فى (فسيخ) كارب و(شطة خدرا) وبصل والا رائك شنو يا (برعى) ؟
- والله يا جماعة أنا الليلة الفطور ده خلونى منو أمس إتعشيت بى (كمونية) لخبطت ليا بطنى وعامله ليا (لوايه) هسع وبطنى (مكركبه) كدى عن إذنكم أمشى (دورات المياه) الجديده دى
هب (برعى) واقفا متجها صوب مبنى (دورات المياه) الجديد :
- شنو يا حاج داخل (تووش) كده
- يا ولدى ما (مذنوق وكده) !!
- آآى يا حاج (مزنوق ما قلنا حاجة) لكن ما لازم أول تدفع
- أدفع شنو ؟؟ هسع دى حاجة يشيلو فيها قروش لو ما ساى !!
- يعنى بس يا حاج عاوز (ترتاح) مجانا؟؟ يعنى (مواهينا) دى البدفعا لينا منو؟؟ -مواصلا- طيب يا حاج خلاص وكت إنت (مذنوق) أمشى وبعدين تعال أدفع !!
- أها أدخل وين؟
- شوف يا حاج لو عاوز (تبول) بس أدخل هناك .. ولو حاجه (تانيه) أمشى الباب داك وما تنسى إنت داخل تسحب ليك ورقة من (الساعة) بتاعت الوكت ديك القدام الباب وكمان إنت طالع تسحب ليك ورقة منها وتجيب ليا معاك الورقتين أحاسبك بيهم !!
دخل (برعى) للمكان (الثانى) بعد أن قام بسحب ورقة من (مكنة التوقيت) المثبته أمام الباب وبعد أكثر من عشرة دقائق بقليل خرج ولم ينس أن يقوم بسحب ورقة أخرى من ذات المكنة
- حمدالله على السلامة يا حاج
- (وهو يضع الورقتين على التربيزة) الله يسلمك
- (يمسك بالورقتين وينقر على آله حاسبة أمامه ثم يرفع رأسه مخاطبا (برعى ) : ألفين وسبعمية يا حاج
- (فى إندهاش) قلت كم ؟؟
- ألفين وسبعميت جنيه يا حاج
- (مستنكراً ) لييه يعنى أصلو هو (قطع جمار) وإلا (قطع جيوب)؟
- يا حاج الدقيقة هنا بى خمستاشر دينار !!
- لييه أصلها دقيقة (موبايل) ولا قالو ليك (محادثة عالمية) ؟؟
- يا حاج نحنا عشان (حركاتكم) دى ختينا ليكم (الأسعار) فى اللافته ديك (قدام الباب) أمشى شوفا وإتأكد من كلامى ده وتعال ... قام (برعى) بالذهاب والوقوف أمام لافتة الاسعار التى كتبت بخط جميل وواضح وعليها بعض الإرشادات :
إرشادات : على المواطن إتباع الخطوات التالية :
- وضع أمنية خمسة ألآف قبل الدخول
- تحديد مكان الخدمة التى يريدها (مويه - غير ذلك)
- قبل دخوله :سحب ورقة تحديد (زمن الدخول) من (ساعة الوقت) المثبتة أمام الباب
- بعد خروجه : سحب ورقة سحب ورقة تحديد (زمن الخروج) من (ساعة الوقت) المثبتة أمام الباب
- تقديم الورقتين المذكورتين أعلاه للموظف لخصم قيمة (الخدمة) من (التأمين) المدفوع
قيمة الخدمات (بالدقيقة) :
- تبول (خمسة دينار)
- أشياء أخرى (خمستاشر دينار)
مع خصم 1% لذوى (الحاجات الخاصة)
بعد أن قام (برعى) بقراءة اللافتة عاد مسرعا إلى (الموظف) حيث قام بدفع (المبلغ) قائلاً :
- والله حاجة عجيبة هسع يعنى ذى بطنى (اللاويانى) دى معنى كده (عشرين ألف) الليلة ما تحلنى منكم !!
- ما مشكلة يا حاج نحنا هنا عندنا إمكانية نفتح ليك حساب شهرى(جرورة) يعنى !!
- يعنى كمان عاوزننا نزيد (الديانات) العلينا أول الشهر ؟ ما ندفع الإيجارات و(الجمرات) و(المفايات) !!
عاد (برعى) لدكانه حيث وجد (أصدقائه) ينتظرونه بالفطور بعد أن قامو (بتظبيط) الفسيخ والشطة الخدراء وسلطة الدكوة :
- يا زول إتأخرت مالك ؟
- لا حولتن ولا قوتن إلا بالله
- مالك يا زول (بتتحوقل) ؟
- والله أكان قلت ليكم ما بتصدقو
- شنو الما ح نصدقو
- عليكم أمان الله مشية بطنى (اللاويانى) دى مكلفانى قريب التلاته تالاف !!
- ليه مشيت إشتريت ليك (حبوب) من الصيدلية ؟؟
وقص عليهم (برعى) الحكاية :
- بالشكل ده (الجماعة) ديل يكونو عاوزين يطلعو (خسارتهم) بتاعت (المبانى) دى فى (أسبوع)
- هو المسؤول أمبارح فى الإفتتاح مش قال (الدورات) دى لى (راحة) المواطن ؟
- والله أكان ما أخاف الكضب (الدورات) دى تكون لى راحة (المسؤول) !!
- هسع يا جماعة أنا عندى (سكرى) وببول فى الساعة (خمسة مرات) كدى ضربو ليا دى تعمل ليها كم دقيقة؟؟
- والله حكاية .. الحكومة دى تشيل من المواطن وتشيل وتشيل وتشيل أصلها ما بتقول ليهو (هاك الحاجة دى) مجانا ؟
- تعرف دى ذى الراجل قال لى مرتو يا ولية إنتى طوالى بس جيب جيب جيب مرة واحده هاك مافى؟؟ قامت قالت ليهو طيب (هاك) الانبوبة دى أمشى أملاها ليا !!!
الأولى (علينا والتانية عليك) :
نسبة لمحدودية دخل (المواطن) والقيمة (الباهظة) التى وضعتها (شركة الخرطوم لدورات المياه) فقد أحجم كثير من المواطنين عن التعامل مع (مبانى الشركة) إلا فى حالات نادرة مما جعل (الشركة) تتكبد كثيرا من (الخسائر) المتمثلة فى (مرتبات العاملين) و(أدوات النظافة ) الشئ الذى جعلها تقوم ببعض الإعلانات فى بعض الوسائط الإعلامية حتى تضمن عدم إحجام المواطنين فعلى الصفحة الأخيرة لجميع الصحف اليومية كان هنالك إعلان ضخم يصور مبنى دورات مياه الشركة ذات اللون الأزرق المميز وشخص (وجيه) يشير إليها بينما الإعلان يقول : (الأولى علينا) و(التانية عليك) ثم توضيح يقول : أيها المواطن يسر ( شركة الخرطوم لدورات المياه) أن تعلن للمواطنين الكرام بأنها قد قررت أن تكون الزيارة الأولى (مجانية) ... ملحوظة : على المواطنين إبراز إثبات (الشخصية) !!
بينما واكبت هذه الحملة الإعلانية فى الصحف حملة إعلانية تلفزيونية :
(شخصان يسيران) فى زحمة أحد الأسواق .. أحدهم يقف فجأة ويمسك ببطنه قائلاً :
- (وهو يتألم) والله بطنى دى الليلة أصلها ما طبيعية
- مالك ؟
- لا مافى حاجة .. بس داير أمشى الحمام .. نشوف لينا (ركشة) نرجع البيت
- (وهو يبتسم والكاميرا Close-up على وجهه) : نرجع البيت لييه .. والحل موجود
- (وهو لا يزال ممسكا ببطنه يتألم) : الحل وينو؟؟
- الحل أهو ده قدامك (الكاميرا Close-up على لافته شركة الخرطوم لدورات المياه )
- (بعد دقائق يخرج مبتسما) : يالله والله الواحد كان (مذنوق) جنس (ذنقه) لكن هسه (إرتاح)
(صوت جهورى) : نعم نحن نعمل من أجل راحتكم (شركة الخرطوم لدورات مياه) .. زيارة واحده تكفى !!
لقوها ماشة :
بعد أشهر قليلة وفى وقت واحد فوجئ المواطنون بوجود أعمال حفر فى مساحات تتراوح بين 100 -150 متر مربع بكافة أسواق العاصمة ومواقف المواصلات وفى مواقع لا تبتعد كثيرا عن (دورات المياه) التى شيدتها شركة (الخرطوم) .. لوارى الطوب والرمل والخرسانة .. قلابات السيخ والحديد .. العمال آسيويي السحنة يعملون فى كل المواقع ليل نهار :
- أها يا (برعى) .. المرة الفاتت طلعت (دورات مياه) يا ربى المرة دى عاوزين يعملو فينا شنو؟؟
- والله ي (صالح) الجماعة ديل عملو لينا (دوشه) فى (النخاع العصبى) والواحد بقى ما عارف معاهم أى حاجة !! كدى خلى (المبانى) بتاعتهم دى تنتهى وبعدين نشوف
بعد حوالى شهر وبينما كان الجميع فى دكان (برعى) إنتظارا لتناول (الفطور) تعالى صوت أحد (المايكرفونات) :
يا تجار السوق ... ويا رواد السوق .. أيها البائعون ... أيتها البائعات .. أيها المواطن طن طن طن .. أيتها المواطنة نا نا ااا ... اليوم الإفتتاح الكبير ..( لدورات المياه الحديثة) .. مقاعد (مريحة) .. مياه (ساخن بارد) ... و ...
- الجماعه ديل لقوها ماشة وإلا شنو؟؟
- كيف يعنى ما ماشه هسع شوفو (الخمسه) فول و(إتنين) كباب و(واحد) طرشى وستة (عائلى) الطلبناهم ديل ح يعملوا ليهم كم ؟
- هو (الأرض) البعملو فيها المشروعات دى قاعدين (يشتروها) وإلا (ملح) ساكت ؟ دى غالية وواطات (سوق) ؟
- هو هسه المشروعات (الإستثمارية) دى قاعدين يطلعوها فى (عطاءآت)؟
- بئس الإستثمار ياخى .. عليكم الله ما لقو يستثمرو إلا فى (الحاجات) دى ؟؟
- والله (ديل) يستثمرو فى (أى حاجة) بتجيب (قروش)
- لكن هسع (شركة دورات المياه الحديثه) دى ح تنافس (شركة الخرطوم لدورات المياه) كيف ؟؟
هنا كان جهاز التلفزيون الموضوع على أحد رفوف دكان (برعى) يعرض (إعلانا لشركة دورات المياه الحديثة) :
شخص يخرج من أحد دورات المياه العامة غاضبا وهو يقول : معقول الواحد (يقطع الجمار) ويتوضأ حسابو يطلع (تلتمية دينار) !! يعنى الدقيقه بى (خمستاشر دينار) ؟؟ بينما (شخص آخر) يمسك به ويتقدم به مشيراً إلى لوحة (شركة دورات المياه الحديثه) قائلا :
- إنت ما عارف ؟
- عارف شنو؟؟
- إنو فى (دورات المياه الحديثه) الدقيقه بى (عشرة دينار)؟
- وكمان
- (الكاميرا تركز على قسمات وجهه المندهش) : وكمان شنو ؟؟
- (وهو يبتسم) : كمان (الوضؤ) مجانى !!!
فى وقت واحد فوجئ المواطنون بوجود أعمال حفر فى مساحات تتراوح بين 100 -150 متر مربع بكافة (أسواق العاصمة) ومواقف المواصلات و(أماكن الإزدحام) .. لوارى الطوب والرمل والخرسانة .. قلابات السيخ والحديد .. العمال آسيويي السحنة يعملون فى كل المواقع ليل نهار :
- يا ربى المرة دى عاوزين يعملو فينا شنو؟؟
- إنت ما بتعرف عربى ؟؟ قول يعملو (لينا شنو) مش (فينا شنو؟؟)
- هو متين قاعدين يعملو (لينا) ما (فينا) طوالى .. هسع المبانى دى يكونو عاوزين يعملوها شنو؟؟
- والله ما عارف لكن أكيد تكون حاجة لى صالح المواطن
- طيب نحيا ونشوف
كان ذلك الحوار يدور tفى (السوق الكبير) بين (صالح) صاحب كشك الجرائد القريب من مكان (المبانى التى يتم تشييدها) وبين (برعى) صاحب البقالة المجاورة له ..
بعد حوالى الشهر من العمل المتواصل بكل همة ونشاط (ليل-نهار) كانت جميع الإنشاءآت بالعاصمة المثلثة قد إكتملت فى يوم واحد وأخيرا علم المواطنون أن تلك المبانى ذات الشكل (الدائرى) المميز والطلاء (الأزرق) ما هى ألا (دورات مياه) وذلك بعد أن تم وضع لافته تقول (شركة الخرطوم لدورات المياه العامة)
- ما قلت ليك يا (صالح) الناس ديل حاسين بالمواطن .. أها هسع شوف عليك أمان الله دى (أدبخانات) خمسة نجوم .. بالله شوف (السراميك) والحنفيات (النيكل) و(الوضاية) الهناك دى فيها كم حنفية ؟
- يعنى يا برعى عاوز تقنعنى إنو (الجماعة) ديل عاملين المسألة دى عشان خاطرنا ؟
- مال شنو؟؟
- طيب نشوف
فى هذه الأثناء كان هنالك (بوكس) قديم عليه (مايكرفون) يتجول فى السوق :
- عزيزى المواطننننن ... عزيزتى المواطننننا .. اليوم .. شركة الخرطوم للمراحيض العامة .. تدعوكم للإفتتاح الكبير لجميع منشآتها بالعاصمة المثلثة .. أيها المواطن وداعا (للزنقات) وداعا (للتبول على الحيطان) وداعا .... وداعا
على فسحة صغيرة جوار (المبنى الجديد) تم نصب (الصيوان) ورص (الكراسى) وتثبيت (الساوند سيستمات)
ووضع (منصة) عليها مايكرفون ولم ينس من قام بتنظيم هذه الإحتفال (كالعادة) أن يقوم بوضع (كراسى جلوس وثيرة ) على الصف الاول ليجلس عليها كبار (الضيوف) ..
الإخوة والأخوات السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته :
بعد أن إستمعنا لكلمة (شيخ السوق) والتى أوضح فيها معاناة العاملين فى الأسواق من جراء عدم وجود (دورات مياه) عامة وتثمينه للدور (الحكومى) فى إنشاء هذه المراحيض العامة وكذلك بعد أن إستمعنا للأخ رئيس (اللجنة الشعبية) لحى السوق لابد أن نستمع للذين قاموا بهذا الإنجاز العظيم ..للرجل الذى نذر نفسه لراحة (المواطن) للمسؤول الذى لا يعرف النوم إلى عينيه سبيلا ..
سيداتى آنساتى سادتى :
إذا ذكر (الإنجاز) فلابد أن يذكر إسم هذا الرجل
وإذا ذكرت (راحة المواطن) فلابد أن يذكر إسم هذا الرجل
هذا الرجل لا هم له إلا (راحتكم)
ها هو الآن يقوم بتنفيذ ما عجز عنه كل المسؤلين فى كل العهود الماضية
ها هو يقوم بتنفيذ مشروع (دورة مياه لكل 100 مواطن)
لا أطيل عليكم (فالكلام الآن) لرجل الإنجاز والإعجاز : (تصفيق حاد) :
شكرا ... شكرا ... بسم الله الرحمن الرحيم .. الإخوة والأخوات ... الضيوف الكرام .. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته يطيب لى فى هذا المقام أن أزف لكم البشرى بإكتمال آخر إنجازاتنا فى مشروع (العاصمة الحضارية) فبعد أن قمنا (بسفلتة) جميع (الشوارع) الرئيسية والجانبية وتثبيت وتوفير (الإمداد الكهربائى) والتخلص من جميع (النفايات) بصورة يومية وتنظيم (الأسواق) وتوفير (العلاج والدواء المجانى) وإجلاس الطلبة والتلاميذ وتوفير (المدارس) المؤهلة لهم دون (رسوم) وتوفير (فرص العمل) لجميع (الخريجين) بعد كل هذا وإنجازات أخرى كثيرة كان لابد من أن نقوم بإنجاز هذا المشروع الحضارى الكبير والذى يقضى بتوفير (دورة مياه عامة) لكل 100 مواطن لنضع بذلك حدا لمعاناة المواطنين ولنكون كما الشعوب المتحضرة ... لقد كان من إهتمامات (الحكومة) وإهتماماتى (الشخصية) كمسؤول أن يقوم (المواطن) بقضاء حاجته فى سهولة ويسر (يالمناسبة أصلو ده الفضل للحكومة) وهذه كما تعلمون أقصى غايات (الترفق) بالمواطن !!
وبعد أن نقلت (كاميرا) البث (الحى) كلمة المسؤول التى قوطعت بالهتاف والتصفيق والتهليل واصل (المذيع) الذى يقوم بنقل مراسم الإفتتاح :
الآن يقوم (المسؤول) بقص الشريط إيذانا بإفتتاح (المبنى) وسط تصفيق وهتافات (البائعين) وأصحاب (المحلات)
- مواصلا النقل- كما ترون أعزائى المشاهدين قإن المبنى قد تم إنشاءه على أحدث طراز وبأحدث (التقنيات) وبأرقى المواد (الفاخرة) ..وكما تشاهدون أعزائى المشاهدين فى كل مكان أن المبنى قد تم تقسيمة فهنالك قسم (للرجال) وآخر (للنساء) كما لم ينس المسئولون كدأبهم دائما كل فئات المجتمع فقد تم تخصيص قسم (لذوى الحاجات الخاصة) - مواصلا- غنى عن القول سيداتى آنساتى سادتى أن (العاصمة) قد شهدت فى هذه الحقبه من الزمان تطورات هائلة فى البنى (التحتية) والمرافق (الخدمية) وها هى هذه (الدورات النموذجية) تقف شاهدا ودليلا على ذلك ... الآن سيداتى سادتى وبعد أن قمنا بنقل (مراسم) إفتتاح هذا المرفق الهام نعود بكم إلى إستوديوهاتنا الرئيسية وكل (إفتتاح) وأنتم بخير !!
صباح اليوم التالى :
كالعادة ما أن جاءت الساعة التاسعه حتى أجتمع (منصور الحلاق) و(سليمان الصائغ) وصالح بتاع كشك الجرايد فى دكان (برعى) فقد تعودوا أن يقوموا بتناول (الفطور) هنالك ويتناقشون فيما تجود به (الصحف) من أخبار :
- أها يا جماعة الليلة الفطور شنو؟
- والله أنا نفسى فى (فسيخ) كارب و(شطة خدرا) وبصل والا رائك شنو يا (برعى) ؟
- والله يا جماعة أنا الليلة الفطور ده خلونى منو أمس إتعشيت بى (كمونية) لخبطت ليا بطنى وعامله ليا (لوايه) هسع وبطنى (مكركبه) كدى عن إذنكم أمشى (دورات المياه) الجديده دى
هب (برعى) واقفا متجها صوب مبنى (دورات المياه) الجديد :
- شنو يا حاج داخل (تووش) كده
- يا ولدى ما (مذنوق وكده) !!
- آآى يا حاج (مزنوق ما قلنا حاجة) لكن ما لازم أول تدفع
- أدفع شنو ؟؟ هسع دى حاجة يشيلو فيها قروش لو ما ساى !!
- يعنى بس يا حاج عاوز (ترتاح) مجانا؟؟ يعنى (مواهينا) دى البدفعا لينا منو؟؟ -مواصلا- طيب يا حاج خلاص وكت إنت (مذنوق) أمشى وبعدين تعال أدفع !!
- أها أدخل وين؟
- شوف يا حاج لو عاوز (تبول) بس أدخل هناك .. ولو حاجه (تانيه) أمشى الباب داك وما تنسى إنت داخل تسحب ليك ورقة من (الساعة) بتاعت الوكت ديك القدام الباب وكمان إنت طالع تسحب ليك ورقة منها وتجيب ليا معاك الورقتين أحاسبك بيهم !!
دخل (برعى) للمكان (الثانى) بعد أن قام بسحب ورقة من (مكنة التوقيت) المثبته أمام الباب وبعد أكثر من عشرة دقائق بقليل خرج ولم ينس أن يقوم بسحب ورقة أخرى من ذات المكنة
- حمدالله على السلامة يا حاج
- (وهو يضع الورقتين على التربيزة) الله يسلمك
- (يمسك بالورقتين وينقر على آله حاسبة أمامه ثم يرفع رأسه مخاطبا (برعى ) : ألفين وسبعمية يا حاج
- (فى إندهاش) قلت كم ؟؟
- ألفين وسبعميت جنيه يا حاج
- (مستنكراً ) لييه يعنى أصلو هو (قطع جمار) وإلا (قطع جيوب)؟
- يا حاج الدقيقة هنا بى خمستاشر دينار !!
- لييه أصلها دقيقة (موبايل) ولا قالو ليك (محادثة عالمية) ؟؟
- يا حاج نحنا عشان (حركاتكم) دى ختينا ليكم (الأسعار) فى اللافته ديك (قدام الباب) أمشى شوفا وإتأكد من كلامى ده وتعال ... قام (برعى) بالذهاب والوقوف أمام لافتة الاسعار التى كتبت بخط جميل وواضح وعليها بعض الإرشادات :
إرشادات : على المواطن إتباع الخطوات التالية :
- وضع أمنية خمسة ألآف قبل الدخول
- تحديد مكان الخدمة التى يريدها (مويه - غير ذلك)
- قبل دخوله :سحب ورقة تحديد (زمن الدخول) من (ساعة الوقت) المثبتة أمام الباب
- بعد خروجه : سحب ورقة سحب ورقة تحديد (زمن الخروج) من (ساعة الوقت) المثبتة أمام الباب
- تقديم الورقتين المذكورتين أعلاه للموظف لخصم قيمة (الخدمة) من (التأمين) المدفوع
قيمة الخدمات (بالدقيقة) :
- تبول (خمسة دينار)
- أشياء أخرى (خمستاشر دينار)
مع خصم 1% لذوى (الحاجات الخاصة)
بعد أن قام (برعى) بقراءة اللافتة عاد مسرعا إلى (الموظف) حيث قام بدفع (المبلغ) قائلاً :
- والله حاجة عجيبة هسع يعنى ذى بطنى (اللاويانى) دى معنى كده (عشرين ألف) الليلة ما تحلنى منكم !!
- ما مشكلة يا حاج نحنا هنا عندنا إمكانية نفتح ليك حساب شهرى(جرورة) يعنى !!
- يعنى كمان عاوزننا نزيد (الديانات) العلينا أول الشهر ؟ ما ندفع الإيجارات و(الجمرات) و(المفايات) !!
عاد (برعى) لدكانه حيث وجد (أصدقائه) ينتظرونه بالفطور بعد أن قامو (بتظبيط) الفسيخ والشطة الخدراء وسلطة الدكوة :
- يا زول إتأخرت مالك ؟
- لا حولتن ولا قوتن إلا بالله
- مالك يا زول (بتتحوقل) ؟
- والله أكان قلت ليكم ما بتصدقو
- شنو الما ح نصدقو
- عليكم أمان الله مشية بطنى (اللاويانى) دى مكلفانى قريب التلاته تالاف !!
- ليه مشيت إشتريت ليك (حبوب) من الصيدلية ؟؟
وقص عليهم (برعى) الحكاية :
- بالشكل ده (الجماعة) ديل يكونو عاوزين يطلعو (خسارتهم) بتاعت (المبانى) دى فى (أسبوع)
- هو المسؤول أمبارح فى الإفتتاح مش قال (الدورات) دى لى (راحة) المواطن ؟
- والله أكان ما أخاف الكضب (الدورات) دى تكون لى راحة (المسؤول) !!
- هسع يا جماعة أنا عندى (سكرى) وببول فى الساعة (خمسة مرات) كدى ضربو ليا دى تعمل ليها كم دقيقة؟؟
- والله حكاية .. الحكومة دى تشيل من المواطن وتشيل وتشيل وتشيل أصلها ما بتقول ليهو (هاك الحاجة دى) مجانا ؟
- تعرف دى ذى الراجل قال لى مرتو يا ولية إنتى طوالى بس جيب جيب جيب مرة واحده هاك مافى؟؟ قامت قالت ليهو طيب (هاك) الانبوبة دى أمشى أملاها ليا !!!
الأولى (علينا والتانية عليك) :
نسبة لمحدودية دخل (المواطن) والقيمة (الباهظة) التى وضعتها (شركة الخرطوم لدورات المياه) فقد أحجم كثير من المواطنين عن التعامل مع (مبانى الشركة) إلا فى حالات نادرة مما جعل (الشركة) تتكبد كثيرا من (الخسائر) المتمثلة فى (مرتبات العاملين) و(أدوات النظافة ) الشئ الذى جعلها تقوم ببعض الإعلانات فى بعض الوسائط الإعلامية حتى تضمن عدم إحجام المواطنين فعلى الصفحة الأخيرة لجميع الصحف اليومية كان هنالك إعلان ضخم يصور مبنى دورات مياه الشركة ذات اللون الأزرق المميز وشخص (وجيه) يشير إليها بينما الإعلان يقول : (الأولى علينا) و(التانية عليك) ثم توضيح يقول : أيها المواطن يسر ( شركة الخرطوم لدورات المياه) أن تعلن للمواطنين الكرام بأنها قد قررت أن تكون الزيارة الأولى (مجانية) ... ملحوظة : على المواطنين إبراز إثبات (الشخصية) !!
بينما واكبت هذه الحملة الإعلانية فى الصحف حملة إعلانية تلفزيونية :
(شخصان يسيران) فى زحمة أحد الأسواق .. أحدهم يقف فجأة ويمسك ببطنه قائلاً :
- (وهو يتألم) والله بطنى دى الليلة أصلها ما طبيعية
- مالك ؟
- لا مافى حاجة .. بس داير أمشى الحمام .. نشوف لينا (ركشة) نرجع البيت
- (وهو يبتسم والكاميرا Close-up على وجهه) : نرجع البيت لييه .. والحل موجود
- (وهو لا يزال ممسكا ببطنه يتألم) : الحل وينو؟؟
- الحل أهو ده قدامك (الكاميرا Close-up على لافته شركة الخرطوم لدورات المياه )
- (بعد دقائق يخرج مبتسما) : يالله والله الواحد كان (مذنوق) جنس (ذنقه) لكن هسه (إرتاح)
(صوت جهورى) : نعم نحن نعمل من أجل راحتكم (شركة الخرطوم لدورات مياه) .. زيارة واحده تكفى !!
لقوها ماشة :
بعد أشهر قليلة وفى وقت واحد فوجئ المواطنون بوجود أعمال حفر فى مساحات تتراوح بين 100 -150 متر مربع بكافة أسواق العاصمة ومواقف المواصلات وفى مواقع لا تبتعد كثيرا عن (دورات المياه) التى شيدتها شركة (الخرطوم) .. لوارى الطوب والرمل والخرسانة .. قلابات السيخ والحديد .. العمال آسيويي السحنة يعملون فى كل المواقع ليل نهار :
- أها يا (برعى) .. المرة الفاتت طلعت (دورات مياه) يا ربى المرة دى عاوزين يعملو فينا شنو؟؟
- والله ي (صالح) الجماعة ديل عملو لينا (دوشه) فى (النخاع العصبى) والواحد بقى ما عارف معاهم أى حاجة !! كدى خلى (المبانى) بتاعتهم دى تنتهى وبعدين نشوف
بعد حوالى شهر وبينما كان الجميع فى دكان (برعى) إنتظارا لتناول (الفطور) تعالى صوت أحد (المايكرفونات) :
يا تجار السوق ... ويا رواد السوق .. أيها البائعون ... أيتها البائعات .. أيها المواطن طن طن طن .. أيتها المواطنة نا نا ااا ... اليوم الإفتتاح الكبير ..( لدورات المياه الحديثة) .. مقاعد (مريحة) .. مياه (ساخن بارد) ... و ...
- الجماعه ديل لقوها ماشة وإلا شنو؟؟
- كيف يعنى ما ماشه هسع شوفو (الخمسه) فول و(إتنين) كباب و(واحد) طرشى وستة (عائلى) الطلبناهم ديل ح يعملوا ليهم كم ؟
- هو (الأرض) البعملو فيها المشروعات دى قاعدين (يشتروها) وإلا (ملح) ساكت ؟ دى غالية وواطات (سوق) ؟
- هو هسه المشروعات (الإستثمارية) دى قاعدين يطلعوها فى (عطاءآت)؟
- بئس الإستثمار ياخى .. عليكم الله ما لقو يستثمرو إلا فى (الحاجات) دى ؟؟
- والله (ديل) يستثمرو فى (أى حاجة) بتجيب (قروش)
- لكن هسع (شركة دورات المياه الحديثه) دى ح تنافس (شركة الخرطوم لدورات المياه) كيف ؟؟
هنا كان جهاز التلفزيون الموضوع على أحد رفوف دكان (برعى) يعرض (إعلانا لشركة دورات المياه الحديثة) :
شخص يخرج من أحد دورات المياه العامة غاضبا وهو يقول : معقول الواحد (يقطع الجمار) ويتوضأ حسابو يطلع (تلتمية دينار) !! يعنى الدقيقه بى (خمستاشر دينار) ؟؟ بينما (شخص آخر) يمسك به ويتقدم به مشيراً إلى لوحة (شركة دورات المياه الحديثه) قائلا :
- إنت ما عارف ؟
- عارف شنو؟؟
- إنو فى (دورات المياه الحديثه) الدقيقه بى (عشرة دينار)؟
- وكمان
- (الكاميرا تركز على قسمات وجهه المندهش) : وكمان شنو ؟؟
- (وهو يبتسم) : كمان (الوضؤ) مجانى !!!
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
(ســــيناريوهات) : الـمارد والإســـطوانه CD
كان كل شيء في ذلك الحي الشعبى الذى يطل على النيل يسير بصورة عادية وطبيعية.. يخرج الأطفال والصبية صباحاً للمدارس.. ويخرج الكبار من بعدهم الي أماكن عملهم .. بعد الظهر يعود الجميع يتناولون (الغداء).. يأخذون قسطاً من الراحة والإستجمام ... ثم في العصرية يتجه الشباب الي (ميدان) الحي يرتدون الملابس الرياضية زاهية الالوان ليعلبون الكرة بينما يجلس جمهور غفير من سكان الحي يتفرجون...
)طيفور( من أقدم سكان الحي وبيته يفتح مباشرة على الميدان لذا فقد درج (وكبرنامج يومي) أن يقوم في كل (عصرية) بإخراج كرسي البلاستيك والتربيزة الصغيرة التي يضع عليها باقة الماء البارد والراديو الترانستور وفي أحيان كثيرة يحمل (الخرطوش) ليسقى أشجار النيم الظليلة التي زرعها بيديه قبل أعوام خلت.. كل ذلك وهو يستمتع باداء الشباب بفنلاتهم (وشورتاتهم) الملونة وهم يمررون الكرة ويتقاذفونها فى خفة ومرونة وحيوية .
فى الأيام التى كان (طيفور) لا يكون لديه (مزاج) للفرجة على (الكورة) كان يحمل (الرماى) و(الصارقيل) يضعهما داخل كيس ثم يتجه نحو شاطئ النيل الذى لا يبعد ال مسافة دقائق حيث يقوم بممارسة هوايته في صيد السمك والتى أصبح يزاولها مؤخراً فى السنوات الأخيرة كتزجية للفراغ بعد أن تمت إحالته للصالح العام .
كان كل شيء في ذلك الحي يسير بصورة طبيعية الي ان عاد الصغار من مدارسهم.. والكبار من أماكن عملهم فى ذلك اليوم ليجدوا أن هنالك كميات مهولة من مواد البناء من خرسانة وسيخ وطوب ورمل قد تم انزلها في وسط الميدان.
- تكون الحكومة عاوزة تعمل لينا (مصاطب ) للميدان؟
- مصاطب شنويا زول؟ معقول السيخ (التخين) ده يكون بتاع مصاطب؟؟
- طيب تفتكر عاوزين يعملو لينا شنو (أحسن) من الميدان؟ الميدان ده قاعدين نعمل فيهو (مناسباتنا) والأولاد قاعدين يلعبوا فيهو الكورة وهو المتنفس الوحيد فى الحى يعنى ح يعملوا لينا شنو أحسن منو؟؟؟
- (فى تهكم) يعنى تفتكر ح يعملوا ليك فيهو (عيادات) مجانية؟؟
- لا يعنى بتفتكر (الجماعة) ديل ح عملوا فيهو شنو؟
- دى عايزة ليها (درس عصر) ما ح يكون أدوهو لواحد منهم يعملو (فيلا) أو (مدرسة خاصة) او (مستوصف إستثمارى)
- ونحنا مصلحتنا شنو؟
- (فى تهكم) مصلحتنا ؟؟ هو هسع شايف ليك زول من (الجماعة) ديل بعاين غير (مصلحتو)؟؟؟
تفأجا جميع سكان الحي بتلك (المواد) التى تم إنزالها فى منتصف (الميدان) .. وكانت مفاجأتهم أكبر فى اليوم التالي عندما عادوا من العمل ووجدوا بأن (الميدان) قد تم تسويره بالسلك الشائك ثم بالآليات الضخمة تزحم المكان وعمال ذوى سحنات غريبة يتحركون هنا وهناك ويعملون ليل نهار مما يوحى بأن المبنى تقوم بتنفيذه (شركة اجنبية) ..
لم يقف سكان الحي وعلى راسهم (طيفور) مكتوفي الأيدي حيث قاموا بمقابلة المسئولين من أجل طرح قضيتهم :
- يا جماعة الميدان بتاع الحي دا عاوزين نعرف شلتوهو مننا ليه؟
- والله الميدان دا طلع من نصيب زول...
- طلع من نصيب زول كيف؟؟ قطع في (كرتلة) وكسبو يعني.
تقطعت (نعال) طيفور وأستاذ (عبود) المحامى وبقية أعضاء اللجنة التى كونها سكان الحى لمتابعة موضوع التغول على (ميدان الحى) تقطعت نعالهم من الجرى و(المساسقة) وراء المسئولين الذين لم يعطونهم أفادة مفيدة واحدة بل ظلوا يمارسون معهم أسلوب المراوغة و(الزوغان) فالمسئول عن (المحلية) يقول أن المسألة من إختصاص (الشئون الهندسية) والمسئول عن (الشئون الهندسية) يقول أن الموضوع من صميم عمل (الهيئة العامة للإستثمار) ولكن مسئول الهيئة العامة للإستثمار يفيد بأنها لا يمكن أن تتصرف بدون موافقة (مصلحة الإسكان) والتى بدورها تفيد بأن لا صلة لها بالموضوع والأجدر مقابلة المسئولين فى (مصلحة الأراضى) والتى أفادت بأن (المحلية) هى المسئولة الأولى والأخيرة من الأمر !!!!
كل افادات المسئولين كانت مبهمة وتوحي بأن المسالة لا تعدو إلا أن تكون واحدة من ألاعيب (الجماعة) لذلك فقد إتجه (طيفور) واللجنة التى كونها السكان لمخاطبة (الصحف) ونشر مظلمتهم الواضحة وضوح الشمس إلا أن المسئولين كالعادة لم يحركوا ساكنا..
تم الإنتهاء من بناء (الفيلا) ذات الأربعة (طوابق) والبلكونات (الطائرة) والحديقة (الحدادى مدادى) و(البوابات) الخارجية الضخمة.. وجاءت (الكونتينرات) الضخمة تحمل فاخر الأثاث (المستورد طبعاً) والستائر والموكيت والسجاد والتحف وتراصت فى باحة (الفيلا) أعدادا من فاخر العربات الصالون واللاندكروزر موديل 2007 التى تحمل لوحات (إستثمار) البيضاء!!!
ثم جاء الساكن الجديد (صاحب الحظ السعيد) والذي لم يجد أي بادرة ترحيب من أى من سكان الحي اذ أنه شكل لهم رمزاً حياً من رموز (الفساد) وإستغلال النفوذ والإستيلاء على الأموال والممتلكات العامة دون وجه حق .
كان (طيفور) يجلس جلستة تلك على (كرسي البلاستيك) أمام منزله وفي مواجهة عمارة الساكن الجديد حينما تم فتح باب (الفيلا) وخرجت إحدى عربات (الساكن الجديد) السوداء المظللة الفارهة وعندما مرت من أمام (طيفور) لم يراع الساكن الجديد وجود (طيفور) ومر على (حفرة مياه) بسرعة مما جعل ملابس (طيفور) تتلطخ بالطين ومع ذلك لم يكلف نفسه التوقف للتأسف والإعتذار وواصل مسيره .
أصيب (طيفور) بالغضب والحنق جراء تلك (الفعلة) وقرران يجلس على (كرسيه) منتظراً عودة (الساكن الجديد) حتى يلقنه درساً فى (الأخلاق) وبمجرد أن عاد (الساكن الجديد) من مشواره ووقف لإدخال عربته للفيلا :
- شنو يعني شلت (الميدان) بتاعنا وسكتنا ليك كمان )ترشنا( بالمويه وتمشى حتى ما تعتذر؟؟
- الرشاك منو يا زول؟
- زول يا (حيوان) إتكلم بأدب...
- منو البتكلم بى أدب والله أنا مأدب أكتر منك
- أكترمني يا (حرامي)؟؟ الميدان دة قدمت ليهو في خطة اسكانية؟؟
تتدخل بعض الجيران لفض الاشتباك بين (طيفور) والساكن الجديد.. دخل طيفور الي منزله وفى محاولة منه لتهدئة نفسه والهروب من (جو) المشكلة قام بحمل (كيس الصيد) وإتجه نحو شاطئ النيل..... قام بتطعيم (الرماى) ثم قذف به داخل مياه النيل ... كان (طيفور) يغلي من الغيظ والغضب للعبارات التي قالها له (الساكن الجديد) لذلك لم يستطع الإستمرار في عملية (الصيد) فقرر العودة للمنزل و(إنتشال) الرماى الذي وجده خال ألا من (زجاجة) ذات شكل غريب عالقة بإحدى (السنارات).. قام (طيفور) بفتح الزجاجة التى ما لبث أن بدأ خيط من الدخان الأسود الكثيف يتصاعد منها إلي السماء ثم يتشكل ويتشكل حتى أصبح مارداً ضخماً ..
- شبيك لبيك عبدك بين إيديك أطلب أي حاجة وأنا البيها ليك
– (في خوف مبتعداً للوراء): إنت منو وعاوز شنو؟
- أنا سلطان الجان وكنت مسجون في (القزازة) دي من أيام (سيدنا سليمان).
- (فى هلع) : وهسع يا سلطان الجان طيب عاوز مني شنو؟
- أنا عاوز منك حاجة... إنت التطلب أي حاجة وأنا أحققها ليك لأنك فكيت (أسري) !!
- (بعد تفكير) : أي حاجة؟
- نعم أي حاجة إنت عاوزها أنا بعملها ليك..
- (هناتذكرغضبه وحنقه على الساكن الجديد): شوف يا (سلطان الجان) أنا عاوزك أي (زول) حرامي سرق أو أكل مال (المواطنين) تقيم ليا عليهو الحد.. يعني يصحي بكرة يلاقي إيدو مقطوعة...
-(بعد شوية تفكير) والله المسألة دي ما ساهلة لأنو الناس ديل بقو (كتار) لكن ح أعملها ليك (ثم بعد أن صمت المارد برهة كمن كان يفكر) .. وإلا اقول ليك انا بعد الحبس الطويل دة ما ح أكون فاضي.. (هاك البرنامج ده ) الفى الإسطوانة دى أمشي شغلو في (الكمبيوتر) وح يعمل ليك أي حاجة..
ثم مد المارد يده كمن يتلقف شيئاً من السماء.. وأعادها ممسكة باسطوانة مدمجة CD أعطاها لطيفور ثم سرعان ما لف (المارد) على نفسه كالإعصار مصدراً صوتاً داوياً وهو يتلاشى طائراً كالصاروخ نحو الفضاء البعيد.
جلس (طيفور) في مكانه على الشاطئ قرابة الساعة مذهولاً مما حدث حتى إنه عندما قرر العودة لمنزله نسي ان يحمل معه (عدة الصيد) وتركها في مكانها على الشاطئ.
دخل (طيفور) الي منزله.. توضأ ثم صلى المغرب .. ثم نده على إبنه (عصام) الذي يدرس (الهندسة) باحدى الجامعات.
- يا عصام تعال أنا عاوزك.
- في شنو يا بوي..
وقام (طيفور) بقص الحكاية لإبنه (عصام) وطلب منه على الفور أن يقوم بتشغيل جهاز الكمبيوتر خاصته..
ما أن قام (عصام) بتشيغل جهاز (الكمبيوتر) ووضع (الاسطوانة) على سائقه الاسطوانات Cd-Drive حتى ظهر وجه (المارد) على الشاشة إذ يبدو أن الاسطوانة كانت من النوع الذي يعمل بمجرد ادخاله Auto Run.
- شبيك لبيك عبدك بين ايديك..
ووسط حالة من الذهول والخوف الذي إنتاب (عصام) ووالده قام الاخير بسؤال المارد وهو يرتجف:
- ده هسع يا المارد تسجيل والا (بث مباشر)؟
- لا دة (بث مباشر) وأنا هسع شايفك وسامعك وشايف ولدك القاعد معاك ده !!
- طيب يا (المارد) ورينا هسع الاسطوانة دي فيها شنو؟ ونعمل بها شنو؟
- شوف الاسطوانة دي فيها إسم أي زول إختلس أو (سرق) أو شال أي حاجة ما بتاعتو من الشعب المسكين (بتاعكم) دا وأي زول قدام إسموا في القائمة (القروش) الشالها (على داير المليم) وفيها إسم أى زول (عذب) أو شارك في تعذيب أو (قتل) أي مواطن من دون حق , وفيها إسم أي زول إنتهك عرض أي (مواطن) ، متين ووين وبالساعة والدقيقة... وإسم أي مسئول إستلم رشوة من أصغر (خفير) لأكبر (وزير) ح تلاقى فى (البرنامج ) ده نوع (الرشوة) وقيمتها ومكان وتاريخ إستلامها بالساعة والدقيقة وكمان إسم الزول القدمها ذاتو.
- يعني يا (المارد) الاسطوانة دي فيها أي شي؟
- أيوه فيها أي شي من رفع علم استقلال (بلدكم) دا وحتى اللحظة ، ما عليك الا انك تختار فترة الحكم الموجودة عندك في القائمة الرئيسية Main Menu وبعدين تختار نوع (الجريمة) العاوز تسأل عنها تجيك طوالي أسماء وبيانات (المسئولين) العملوها. هنا تذكر (طيفور) جاره (الساكن الجديد) فقام على الفور بسؤال المارد.
- يا (المارد) انت برنامجك دة لو عاوز اسال ليا عن (الجرائم) العملها (زول) بالاسم ممكن.
- نعم.. البرنامج دة فيهو خاصية بحث Search متكاملة.
- كيف يعني؟
- نعم أشرح ليك ... ممكن تدخل إسم (المسئول) تجيك كل الحاجات العملها أو تدخل نوع (الجريمة) تجيك أسماء (المسئولين) العملوها أو تدخل (الحقبة) أو الفترة الزمنية تجيك الحاجات العملوها المسئولين في (الفترة) المطلوبه – مواصلاً- وكمان في حاجة مهمة البرنامج ده بيعملها عاوزك تعرفها .
- الحاجة المهمة دى شنو يا مارد؟
- الحاجة المهمة دى إنو عندك خيار option إسمو (عقاب) تلقاهو في الشاشة الرئيسية.
ـ والخيار بتاع (عقاب) ده وظيفتو شنو؟؟؟
ـ وظيفتو إنو إنك بعدما تختار إسم المسؤول ممكن تستخدموعشان يوريك (العقاب) المنتظر(المسئول) ده في الآخرة يعني (العقاب) المستحقو... وكمان عشان ما أنسى عندها وظيفة تانية أنا عملتها ليك..
ـ وظيفة شنو؟
ـ الوظيفة هي أنك ممكن كمان تختار ( للزول) عقاب معين وأنا طوالي أنفذوا ليك فيهو في (الدنيا) هنا قبل (الآخرة) !!
ـ تاني في حاجة بعملها ( البرنامج) بتاعك ده ما وريتنى ليها يا مارد؟
ـ أيوه ... كمان أي احصائيات عاوز تعملها البرنامج دا بيعملها
ـ إحصائيات ذي شنو؟
ـ يعني ممكن تختار واحدة من (الجرائم) قول مثلاً ( الرشوة) وتشوف احصائيات مقارنه ( للرشوة) بتاعت المسؤولين في كافة العهود بالنسب المئوية والمخططات البيانية Graphs
ـ يا أخي يا المارد برنامجك ده معقد بالحيل هسع لو في حاجة غلبتنا نعمل شنو؟؟؟
ـ عندك ملف مساعدة Help File في القائمة الرئيسية انت اطبعوا على (الطابعة) وأقراهو كويس وخليهو معاك وكل ما حاجة تغلبك ح تلاقى فيهو الحل وهو ح يساعدك كتير..
قام (المارد) بالاختفاء من الشاشة .. بعدها طلب (طيفور) من إبنه (عصام) طباعة ( ملف المساعدة) الذى ذكره (المارد) حتى يضمن أنه سيقوم بالعمل على هذا البرنامج دون أخطاء.
ـ أجيب ليكم العشاء..
ـ كدي تعالي يا (زينب) أحكي ليك الحصل دا..
ـ حصل شنو..
وحكى (طيفور) لزوجته ماحدث منذ ان ظهر له المارد وحتى طباعه ( ملف المساعدة)..
ـ وهسع عاوزين تعملوا بالبرنامج ده شنو؟
ـ والله أعمل ليكي بيهو عمايل .. تشوفي براك .. والله ناس (هى لله .. هى لله) ديل وقعوا معاي جنس وقعة..
ـ (هنا لمعت فى ذهن عصام فكرة) : إنت يا بوى ما نجى نشوف جارنا الجديد (ابودقن) ده السجل بتاعو كيف ؟؟
- والله فكرة يا عصام يا إبنى ..
قام (عصام) بإلقاء نظرة إلى (ملف المساعدة) الذي قام بطباعته ثم نظر تحت العنوان الجانبى (معرفة سجل مسؤول) ثم على (الجهاز) قام بتتبع الخطوات حتى طلب منه البرنامج اسم ( المسؤول كاملاً) وهنا نظر ( عصام) لوالده قائلاً:
ـ أها يا بوى (البرنامج) عاوز إسمو بالكامل نجيبو من وين؟
ـ ( في سهولة) : نجيبو من وين كيف ؟؟ ماتمشي تقرأ (اليافطة) بتاعتو الخاتيها في باب العمارة دي..
خرج ( عصام ) وعاد بعد دقيقة وهو يقول لوالده .. اسمو ( أبودقن عبدالله ابوضراع ابودقن).. وكتب (عصام) الإسم رباعياً هكذا.. وفي ثوان ظهر على الشاشة سجل ( أبودقن)..
ـ أبودقن .. مواليد 1945م.. التعليم إبتدائي (إكمال)
ـ أموال بالحرام : خمسة وخمسين مليار وأربعمية وخمسين مليون وستمية إتنين وأربعين ألف وعشرين جنيهاً
- سرقات عينية : 1423 طن أسمنت – 246 طن سيخ 3 لينيه – 112 طن سيخ 2 لينيه .. 269 زاوية 2 بوصة – 1500 متر مربع سيراميك مشكل – وشنو وشنو وشنو
ـ عليك الله (يا عصام ) يا ولدى شوف الراجل دا.. عامل لينا فيها أبوالشرف ... والدقن كيف؟؟ والعلامه فى الجبهه كيف؟ و(السبحة) ؟..
ـ (عصام متأهباً) : هسع اقوم ( أقصوا ليك) يا بوى ؟؟؟
ـ قصو قصاهو البلا اليخمو هو بلا جنس الزيو ديل الودانا فى داهية منو؟؟
- (تتدخل زينب) : يا جماعة مافى داعى الراجل ده برضو جاركم .
ـ لكن يا (يمة) ده زول (حرامى وضلالى)
ـ (طيفور مخاطباً عصام ) كدى خليك من (ابو دقن) ده و شغل لينا (البرنامج) ده وتعال نشوف المسؤولين الكبار ديل سجلاتهم كيف؟
قام (عصام) بكتابة أسماء (إثنين) من الرؤساء .. وبعد ثوان ظهر النتيجة.
ـ شايف ( يابوى) الجماعة ديل ذمتهم (المالية) كلهم نضيفة لكن شايف يا بوى عدد الناس (الإتعذبو) والناس (الماتوا) والناس (الأعدموا) .. الأرواح دى كلها فى في رقبتهم..
ـ كدى بالله يا(عصام) شوف حسابهم بعدين كيف ؟؟
ـ يعني يا(بوى) ح يكون شنو؟ خلينا نشوف حاجة تانية.
ـ نشوف شنو ومنو يعني؟
ـ والله يابوى انا عندي مسؤولية اثنين ( حرامية) وعاملين فيها شرفاء ديل وقعوا معاي جنس وقعة.
ـ ديل منو طيب ماتكتب (أساميهم) للبرنامج .
وقام (عصام ) بكتابة اسم المسؤول الاول كاملاً وبعد ثوان.. إمتلأت الشاشة بالمعلومات التي تخص افعاله (الشنيعة) والتي في معظمها رشاوي وإستغلال نفوذ والاستيلاء على المال العام وما أن شاهد (طيفور) هذه الفظائع حتى صاح :
ـ يا (أبن الايه) ده كلو عاملو وشابكنا ليك .. هي لله هي لله . على باليمين إلا اقصوا ليك الليلة..
وطلب (طيفور) من إبنه (عصام) أن يقوم بإختيار خيار (قص مسئول) دون شفقة أو رحمة لكن (عصام) فى تلك اللحظة كان يقوم بفتح القائمة الرئيسية واختيار القائمة الفرعية ( عقاب) :
ـ شوف يا أبوى الزول ده عقابو فى الآخرة (جهنم وبئس المصير) لكن انا هنا عندي خيار option إني اعاقبو ليك في الدنيا دي ... ذى ما المارد قال ..
ـ وعاوز تعمل ليهو شنو؟
ـ لو شيلتو حاجات الحرام دي ( طوب ومونة واسمنت وسيخ) و.... ح يموت ساكت.. عشان دة انا بس اوصي( المارد) يقطع يدو ( حداً)..
وقام ( عصام) بتنغيذ طلب والده بكتابة ( حد السرقة) في خانة العقاب ثم ضغط على مفتاح الادخال Enter
ـ اها والمسؤول الثاني منو..؟
ـ اهو هسع ح أكتب ليك إسمو .. ( ثم كتب اسم المسؤول رباعياً) وقام بالضغط على زر الادخال..
ـ لاحولن ولاقوتن إلا بالله العلي العظيم.. إنت شايف يابوى الأنا شايفو ده .. ده عندو خمستاشر شركة بتاعاتو...ومشارك فى (سبعين) شركة تانى وعندو مزرعة في ( بحري) ومزرعة في ( بتري) وشقة في لندن وشقة في الاسكندرية وشقه فى سويسرا وأسهم فى بنك الـ......و..........
- لاحولتن ولاقوتن إلا بالله .. شوف كدى يا(عصام) عقابوالمنتظرو هناك شنو؟؟
- عقابو هناك يا بوى مكتوب ( جهنم وبئس المصير) !!
- (الآخرة) دى خليها هسع .. أطلب ليا من (المارد) دي يعاقبو لينا هنا فى الدنيا دى قبل الآخرة.
وقام ( عصام) بناء على طلب والده بكتابة حد السرقة في خانة (العقاب الدنيوى) ثم ضغط على مفتاح الادخال Enter .
بينما كان (عصام) منشغلا مع والده فى هذا البرنامج (الخطير) ( رن ) هاتفه المحمول :
ـ إزيك ياعصام
ـ اهلاً يامرتضى..
ـ تعرف ياعصام بكرة محاضرات مافي ماتجي الجامعة
ـ ليه ؟ في شنو؟
ـ في مسيرة مليونية عاملنها ( الجماعة) .. والخرطوم ح تكون المواصلات فيها صعبة من ( ام درمان).
ـ طيب يامرتضى شكراً ح أتصل بيك بعدين.
ما ان سمع ( عصام) مسيرة مليونية حتى تفتح ذهنه على فكرة جهنمية.
ـ تعرف يا بوى انا ح أعمل ليك في الناس ديل عملية بت كلب.
ـ عملية شنو كمان ياعصام ياولدي
ـ انا ح أنفذ ليك ( الحد) على أي واحد ( حرامي) سرق ( قروش) البلد دي...
ـ (هنا تدخلت زينب) ياولد لكن الناس ديل عندهم (أسر) وعيال قاعدين يربو فيهم...
ـ انتي نسيتي ( يمه ) انو ابوي ده مما شالوهو (الصالح العام) جاهو (سكرى) وضغط وماقدر على المسؤولية بتاعتنا لحدت ما أنا بقيت أقرأ بالصباح وإشتغل بالليل وأساعدو؟؟ -ثم مواصلاً- والله ما أخليهم !!
قام عصام بفتح القائمة الرئيسية .. ثم قام بإختيار (حقبة الحكم) .. ثم قام بالتأشير على خيار ( كل الجرائم) ثم فتح قائمة ( عقاب) ثم اختار خيار ( عقاب دنيوي) ثم في الخانة المحددة قام بكتابة ( تنفيذ الحد حسب نوع وقدر الجريمة المرتكبة) ثم اختار خيار ( الكل)ALL ثم ضغط على مفتاح الادخال
Enter كانت الساعة قد تجاوزت الثانية عشر منتصف الليل..
- إنتو ح تقعدو مساهرين كد يعنى للصباح ؟ الولد ده ياحاج ماتساهر بيهو عشان عندو بكرة جامعة
- خلاص يا (حاجه) أنا جبت ليك خبرهم وبكره ح تشوفى
في التاسعة من صباح اليوم التاني موعد المسيرة المليونية جلس (طيفور) وإبنه (عصام) أمام جهاز التلفزيون .. كانت المسيرة تتكون من ( صبية ) المدارس وبعض الموظفين والموظفات والعمال الذين دفع بهم (قسراً) للحضور .. بعد أن تجولت الكاميرات قليلاً فى (الحضور) تم قطع البث من موقع الحدث ثم أطل (مذيع الاستديو) مخاطباً المشاهدين :
- سيداتي انساتي سادتي هنالك عطل في ( عربة التلفزة) الخارجية يجعلنا (نتوقف) عن نقل هذه المسيرة المليونية إليكم وسنعود لكم فور إصلاحه ..
- (طيفور وعصام فى صوت واحد) : عطل وإلا الجماعة (إيدينهم) رقدت سلطة !!
تعالت فى ذلك الصباح أصوات النواح والعويل تنطلق من فيلا( الساكن الجديد) والذي وجد في حجرته ( مقطوعاً من خلاف) على الرغم من أن جميع (منافذ) غرفته قد كانت (مغلقة) تماماً الشئ الذى حير (تيم المباحث) الذى جاء لكشف ملابسات الجريمة كما حير (الجميع) ما عدا شخصين ثالثهما (المارد) هما (طيفور وإبنه) !!!
كان كل شيء في ذلك الحي الشعبى الذى يطل على النيل يسير بصورة عادية وطبيعية.. يخرج الأطفال والصبية صباحاً للمدارس.. ويخرج الكبار من بعدهم الي أماكن عملهم .. بعد الظهر يعود الجميع يتناولون (الغداء).. يأخذون قسطاً من الراحة والإستجمام ... ثم في العصرية يتجه الشباب الي (ميدان) الحي يرتدون الملابس الرياضية زاهية الالوان ليعلبون الكرة بينما يجلس جمهور غفير من سكان الحي يتفرجون...
)طيفور( من أقدم سكان الحي وبيته يفتح مباشرة على الميدان لذا فقد درج (وكبرنامج يومي) أن يقوم في كل (عصرية) بإخراج كرسي البلاستيك والتربيزة الصغيرة التي يضع عليها باقة الماء البارد والراديو الترانستور وفي أحيان كثيرة يحمل (الخرطوش) ليسقى أشجار النيم الظليلة التي زرعها بيديه قبل أعوام خلت.. كل ذلك وهو يستمتع باداء الشباب بفنلاتهم (وشورتاتهم) الملونة وهم يمررون الكرة ويتقاذفونها فى خفة ومرونة وحيوية .
فى الأيام التى كان (طيفور) لا يكون لديه (مزاج) للفرجة على (الكورة) كان يحمل (الرماى) و(الصارقيل) يضعهما داخل كيس ثم يتجه نحو شاطئ النيل الذى لا يبعد ال مسافة دقائق حيث يقوم بممارسة هوايته في صيد السمك والتى أصبح يزاولها مؤخراً فى السنوات الأخيرة كتزجية للفراغ بعد أن تمت إحالته للصالح العام .
كان كل شيء في ذلك الحي يسير بصورة طبيعية الي ان عاد الصغار من مدارسهم.. والكبار من أماكن عملهم فى ذلك اليوم ليجدوا أن هنالك كميات مهولة من مواد البناء من خرسانة وسيخ وطوب ورمل قد تم انزلها في وسط الميدان.
- تكون الحكومة عاوزة تعمل لينا (مصاطب ) للميدان؟
- مصاطب شنويا زول؟ معقول السيخ (التخين) ده يكون بتاع مصاطب؟؟
- طيب تفتكر عاوزين يعملو لينا شنو (أحسن) من الميدان؟ الميدان ده قاعدين نعمل فيهو (مناسباتنا) والأولاد قاعدين يلعبوا فيهو الكورة وهو المتنفس الوحيد فى الحى يعنى ح يعملوا لينا شنو أحسن منو؟؟؟
- (فى تهكم) يعنى تفتكر ح يعملوا ليك فيهو (عيادات) مجانية؟؟
- لا يعنى بتفتكر (الجماعة) ديل ح عملوا فيهو شنو؟
- دى عايزة ليها (درس عصر) ما ح يكون أدوهو لواحد منهم يعملو (فيلا) أو (مدرسة خاصة) او (مستوصف إستثمارى)
- ونحنا مصلحتنا شنو؟
- (فى تهكم) مصلحتنا ؟؟ هو هسع شايف ليك زول من (الجماعة) ديل بعاين غير (مصلحتو)؟؟؟
تفأجا جميع سكان الحي بتلك (المواد) التى تم إنزالها فى منتصف (الميدان) .. وكانت مفاجأتهم أكبر فى اليوم التالي عندما عادوا من العمل ووجدوا بأن (الميدان) قد تم تسويره بالسلك الشائك ثم بالآليات الضخمة تزحم المكان وعمال ذوى سحنات غريبة يتحركون هنا وهناك ويعملون ليل نهار مما يوحى بأن المبنى تقوم بتنفيذه (شركة اجنبية) ..
لم يقف سكان الحي وعلى راسهم (طيفور) مكتوفي الأيدي حيث قاموا بمقابلة المسئولين من أجل طرح قضيتهم :
- يا جماعة الميدان بتاع الحي دا عاوزين نعرف شلتوهو مننا ليه؟
- والله الميدان دا طلع من نصيب زول...
- طلع من نصيب زول كيف؟؟ قطع في (كرتلة) وكسبو يعني.
تقطعت (نعال) طيفور وأستاذ (عبود) المحامى وبقية أعضاء اللجنة التى كونها سكان الحى لمتابعة موضوع التغول على (ميدان الحى) تقطعت نعالهم من الجرى و(المساسقة) وراء المسئولين الذين لم يعطونهم أفادة مفيدة واحدة بل ظلوا يمارسون معهم أسلوب المراوغة و(الزوغان) فالمسئول عن (المحلية) يقول أن المسألة من إختصاص (الشئون الهندسية) والمسئول عن (الشئون الهندسية) يقول أن الموضوع من صميم عمل (الهيئة العامة للإستثمار) ولكن مسئول الهيئة العامة للإستثمار يفيد بأنها لا يمكن أن تتصرف بدون موافقة (مصلحة الإسكان) والتى بدورها تفيد بأن لا صلة لها بالموضوع والأجدر مقابلة المسئولين فى (مصلحة الأراضى) والتى أفادت بأن (المحلية) هى المسئولة الأولى والأخيرة من الأمر !!!!
كل افادات المسئولين كانت مبهمة وتوحي بأن المسالة لا تعدو إلا أن تكون واحدة من ألاعيب (الجماعة) لذلك فقد إتجه (طيفور) واللجنة التى كونها السكان لمخاطبة (الصحف) ونشر مظلمتهم الواضحة وضوح الشمس إلا أن المسئولين كالعادة لم يحركوا ساكنا..
تم الإنتهاء من بناء (الفيلا) ذات الأربعة (طوابق) والبلكونات (الطائرة) والحديقة (الحدادى مدادى) و(البوابات) الخارجية الضخمة.. وجاءت (الكونتينرات) الضخمة تحمل فاخر الأثاث (المستورد طبعاً) والستائر والموكيت والسجاد والتحف وتراصت فى باحة (الفيلا) أعدادا من فاخر العربات الصالون واللاندكروزر موديل 2007 التى تحمل لوحات (إستثمار) البيضاء!!!
ثم جاء الساكن الجديد (صاحب الحظ السعيد) والذي لم يجد أي بادرة ترحيب من أى من سكان الحي اذ أنه شكل لهم رمزاً حياً من رموز (الفساد) وإستغلال النفوذ والإستيلاء على الأموال والممتلكات العامة دون وجه حق .
كان (طيفور) يجلس جلستة تلك على (كرسي البلاستيك) أمام منزله وفي مواجهة عمارة الساكن الجديد حينما تم فتح باب (الفيلا) وخرجت إحدى عربات (الساكن الجديد) السوداء المظللة الفارهة وعندما مرت من أمام (طيفور) لم يراع الساكن الجديد وجود (طيفور) ومر على (حفرة مياه) بسرعة مما جعل ملابس (طيفور) تتلطخ بالطين ومع ذلك لم يكلف نفسه التوقف للتأسف والإعتذار وواصل مسيره .
أصيب (طيفور) بالغضب والحنق جراء تلك (الفعلة) وقرران يجلس على (كرسيه) منتظراً عودة (الساكن الجديد) حتى يلقنه درساً فى (الأخلاق) وبمجرد أن عاد (الساكن الجديد) من مشواره ووقف لإدخال عربته للفيلا :
- شنو يعني شلت (الميدان) بتاعنا وسكتنا ليك كمان )ترشنا( بالمويه وتمشى حتى ما تعتذر؟؟
- الرشاك منو يا زول؟
- زول يا (حيوان) إتكلم بأدب...
- منو البتكلم بى أدب والله أنا مأدب أكتر منك
- أكترمني يا (حرامي)؟؟ الميدان دة قدمت ليهو في خطة اسكانية؟؟
تتدخل بعض الجيران لفض الاشتباك بين (طيفور) والساكن الجديد.. دخل طيفور الي منزله وفى محاولة منه لتهدئة نفسه والهروب من (جو) المشكلة قام بحمل (كيس الصيد) وإتجه نحو شاطئ النيل..... قام بتطعيم (الرماى) ثم قذف به داخل مياه النيل ... كان (طيفور) يغلي من الغيظ والغضب للعبارات التي قالها له (الساكن الجديد) لذلك لم يستطع الإستمرار في عملية (الصيد) فقرر العودة للمنزل و(إنتشال) الرماى الذي وجده خال ألا من (زجاجة) ذات شكل غريب عالقة بإحدى (السنارات).. قام (طيفور) بفتح الزجاجة التى ما لبث أن بدأ خيط من الدخان الأسود الكثيف يتصاعد منها إلي السماء ثم يتشكل ويتشكل حتى أصبح مارداً ضخماً ..
- شبيك لبيك عبدك بين إيديك أطلب أي حاجة وأنا البيها ليك
– (في خوف مبتعداً للوراء): إنت منو وعاوز شنو؟
- أنا سلطان الجان وكنت مسجون في (القزازة) دي من أيام (سيدنا سليمان).
- (فى هلع) : وهسع يا سلطان الجان طيب عاوز مني شنو؟
- أنا عاوز منك حاجة... إنت التطلب أي حاجة وأنا أحققها ليك لأنك فكيت (أسري) !!
- (بعد تفكير) : أي حاجة؟
- نعم أي حاجة إنت عاوزها أنا بعملها ليك..
- (هناتذكرغضبه وحنقه على الساكن الجديد): شوف يا (سلطان الجان) أنا عاوزك أي (زول) حرامي سرق أو أكل مال (المواطنين) تقيم ليا عليهو الحد.. يعني يصحي بكرة يلاقي إيدو مقطوعة...
-(بعد شوية تفكير) والله المسألة دي ما ساهلة لأنو الناس ديل بقو (كتار) لكن ح أعملها ليك (ثم بعد أن صمت المارد برهة كمن كان يفكر) .. وإلا اقول ليك انا بعد الحبس الطويل دة ما ح أكون فاضي.. (هاك البرنامج ده ) الفى الإسطوانة دى أمشي شغلو في (الكمبيوتر) وح يعمل ليك أي حاجة..
ثم مد المارد يده كمن يتلقف شيئاً من السماء.. وأعادها ممسكة باسطوانة مدمجة CD أعطاها لطيفور ثم سرعان ما لف (المارد) على نفسه كالإعصار مصدراً صوتاً داوياً وهو يتلاشى طائراً كالصاروخ نحو الفضاء البعيد.
جلس (طيفور) في مكانه على الشاطئ قرابة الساعة مذهولاً مما حدث حتى إنه عندما قرر العودة لمنزله نسي ان يحمل معه (عدة الصيد) وتركها في مكانها على الشاطئ.
دخل (طيفور) الي منزله.. توضأ ثم صلى المغرب .. ثم نده على إبنه (عصام) الذي يدرس (الهندسة) باحدى الجامعات.
- يا عصام تعال أنا عاوزك.
- في شنو يا بوي..
وقام (طيفور) بقص الحكاية لإبنه (عصام) وطلب منه على الفور أن يقوم بتشغيل جهاز الكمبيوتر خاصته..
ما أن قام (عصام) بتشيغل جهاز (الكمبيوتر) ووضع (الاسطوانة) على سائقه الاسطوانات Cd-Drive حتى ظهر وجه (المارد) على الشاشة إذ يبدو أن الاسطوانة كانت من النوع الذي يعمل بمجرد ادخاله Auto Run.
- شبيك لبيك عبدك بين ايديك..
ووسط حالة من الذهول والخوف الذي إنتاب (عصام) ووالده قام الاخير بسؤال المارد وهو يرتجف:
- ده هسع يا المارد تسجيل والا (بث مباشر)؟
- لا دة (بث مباشر) وأنا هسع شايفك وسامعك وشايف ولدك القاعد معاك ده !!
- طيب يا (المارد) ورينا هسع الاسطوانة دي فيها شنو؟ ونعمل بها شنو؟
- شوف الاسطوانة دي فيها إسم أي زول إختلس أو (سرق) أو شال أي حاجة ما بتاعتو من الشعب المسكين (بتاعكم) دا وأي زول قدام إسموا في القائمة (القروش) الشالها (على داير المليم) وفيها إسم أى زول (عذب) أو شارك في تعذيب أو (قتل) أي مواطن من دون حق , وفيها إسم أي زول إنتهك عرض أي (مواطن) ، متين ووين وبالساعة والدقيقة... وإسم أي مسئول إستلم رشوة من أصغر (خفير) لأكبر (وزير) ح تلاقى فى (البرنامج ) ده نوع (الرشوة) وقيمتها ومكان وتاريخ إستلامها بالساعة والدقيقة وكمان إسم الزول القدمها ذاتو.
- يعني يا (المارد) الاسطوانة دي فيها أي شي؟
- أيوه فيها أي شي من رفع علم استقلال (بلدكم) دا وحتى اللحظة ، ما عليك الا انك تختار فترة الحكم الموجودة عندك في القائمة الرئيسية Main Menu وبعدين تختار نوع (الجريمة) العاوز تسأل عنها تجيك طوالي أسماء وبيانات (المسئولين) العملوها. هنا تذكر (طيفور) جاره (الساكن الجديد) فقام على الفور بسؤال المارد.
- يا (المارد) انت برنامجك دة لو عاوز اسال ليا عن (الجرائم) العملها (زول) بالاسم ممكن.
- نعم.. البرنامج دة فيهو خاصية بحث Search متكاملة.
- كيف يعني؟
- نعم أشرح ليك ... ممكن تدخل إسم (المسئول) تجيك كل الحاجات العملها أو تدخل نوع (الجريمة) تجيك أسماء (المسئولين) العملوها أو تدخل (الحقبة) أو الفترة الزمنية تجيك الحاجات العملوها المسئولين في (الفترة) المطلوبه – مواصلاً- وكمان في حاجة مهمة البرنامج ده بيعملها عاوزك تعرفها .
- الحاجة المهمة دى شنو يا مارد؟
- الحاجة المهمة دى إنو عندك خيار option إسمو (عقاب) تلقاهو في الشاشة الرئيسية.
ـ والخيار بتاع (عقاب) ده وظيفتو شنو؟؟؟
ـ وظيفتو إنو إنك بعدما تختار إسم المسؤول ممكن تستخدموعشان يوريك (العقاب) المنتظر(المسئول) ده في الآخرة يعني (العقاب) المستحقو... وكمان عشان ما أنسى عندها وظيفة تانية أنا عملتها ليك..
ـ وظيفة شنو؟
ـ الوظيفة هي أنك ممكن كمان تختار ( للزول) عقاب معين وأنا طوالي أنفذوا ليك فيهو في (الدنيا) هنا قبل (الآخرة) !!
ـ تاني في حاجة بعملها ( البرنامج) بتاعك ده ما وريتنى ليها يا مارد؟
ـ أيوه ... كمان أي احصائيات عاوز تعملها البرنامج دا بيعملها
ـ إحصائيات ذي شنو؟
ـ يعني ممكن تختار واحدة من (الجرائم) قول مثلاً ( الرشوة) وتشوف احصائيات مقارنه ( للرشوة) بتاعت المسؤولين في كافة العهود بالنسب المئوية والمخططات البيانية Graphs
ـ يا أخي يا المارد برنامجك ده معقد بالحيل هسع لو في حاجة غلبتنا نعمل شنو؟؟؟
ـ عندك ملف مساعدة Help File في القائمة الرئيسية انت اطبعوا على (الطابعة) وأقراهو كويس وخليهو معاك وكل ما حاجة تغلبك ح تلاقى فيهو الحل وهو ح يساعدك كتير..
قام (المارد) بالاختفاء من الشاشة .. بعدها طلب (طيفور) من إبنه (عصام) طباعة ( ملف المساعدة) الذى ذكره (المارد) حتى يضمن أنه سيقوم بالعمل على هذا البرنامج دون أخطاء.
ـ أجيب ليكم العشاء..
ـ كدي تعالي يا (زينب) أحكي ليك الحصل دا..
ـ حصل شنو..
وحكى (طيفور) لزوجته ماحدث منذ ان ظهر له المارد وحتى طباعه ( ملف المساعدة)..
ـ وهسع عاوزين تعملوا بالبرنامج ده شنو؟
ـ والله أعمل ليكي بيهو عمايل .. تشوفي براك .. والله ناس (هى لله .. هى لله) ديل وقعوا معاي جنس وقعة..
ـ (هنا لمعت فى ذهن عصام فكرة) : إنت يا بوى ما نجى نشوف جارنا الجديد (ابودقن) ده السجل بتاعو كيف ؟؟
- والله فكرة يا عصام يا إبنى ..
قام (عصام) بإلقاء نظرة إلى (ملف المساعدة) الذي قام بطباعته ثم نظر تحت العنوان الجانبى (معرفة سجل مسؤول) ثم على (الجهاز) قام بتتبع الخطوات حتى طلب منه البرنامج اسم ( المسؤول كاملاً) وهنا نظر ( عصام) لوالده قائلاً:
ـ أها يا بوى (البرنامج) عاوز إسمو بالكامل نجيبو من وين؟
ـ ( في سهولة) : نجيبو من وين كيف ؟؟ ماتمشي تقرأ (اليافطة) بتاعتو الخاتيها في باب العمارة دي..
خرج ( عصام ) وعاد بعد دقيقة وهو يقول لوالده .. اسمو ( أبودقن عبدالله ابوضراع ابودقن).. وكتب (عصام) الإسم رباعياً هكذا.. وفي ثوان ظهر على الشاشة سجل ( أبودقن)..
ـ أبودقن .. مواليد 1945م.. التعليم إبتدائي (إكمال)
ـ أموال بالحرام : خمسة وخمسين مليار وأربعمية وخمسين مليون وستمية إتنين وأربعين ألف وعشرين جنيهاً
- سرقات عينية : 1423 طن أسمنت – 246 طن سيخ 3 لينيه – 112 طن سيخ 2 لينيه .. 269 زاوية 2 بوصة – 1500 متر مربع سيراميك مشكل – وشنو وشنو وشنو
ـ عليك الله (يا عصام ) يا ولدى شوف الراجل دا.. عامل لينا فيها أبوالشرف ... والدقن كيف؟؟ والعلامه فى الجبهه كيف؟ و(السبحة) ؟..
ـ (عصام متأهباً) : هسع اقوم ( أقصوا ليك) يا بوى ؟؟؟
ـ قصو قصاهو البلا اليخمو هو بلا جنس الزيو ديل الودانا فى داهية منو؟؟
- (تتدخل زينب) : يا جماعة مافى داعى الراجل ده برضو جاركم .
ـ لكن يا (يمة) ده زول (حرامى وضلالى)
ـ (طيفور مخاطباً عصام ) كدى خليك من (ابو دقن) ده و شغل لينا (البرنامج) ده وتعال نشوف المسؤولين الكبار ديل سجلاتهم كيف؟
قام (عصام) بكتابة أسماء (إثنين) من الرؤساء .. وبعد ثوان ظهر النتيجة.
ـ شايف ( يابوى) الجماعة ديل ذمتهم (المالية) كلهم نضيفة لكن شايف يا بوى عدد الناس (الإتعذبو) والناس (الماتوا) والناس (الأعدموا) .. الأرواح دى كلها فى في رقبتهم..
ـ كدى بالله يا(عصام) شوف حسابهم بعدين كيف ؟؟
ـ يعني يا(بوى) ح يكون شنو؟ خلينا نشوف حاجة تانية.
ـ نشوف شنو ومنو يعني؟
ـ والله يابوى انا عندي مسؤولية اثنين ( حرامية) وعاملين فيها شرفاء ديل وقعوا معاي جنس وقعة.
ـ ديل منو طيب ماتكتب (أساميهم) للبرنامج .
وقام (عصام ) بكتابة اسم المسؤول الاول كاملاً وبعد ثوان.. إمتلأت الشاشة بالمعلومات التي تخص افعاله (الشنيعة) والتي في معظمها رشاوي وإستغلال نفوذ والاستيلاء على المال العام وما أن شاهد (طيفور) هذه الفظائع حتى صاح :
ـ يا (أبن الايه) ده كلو عاملو وشابكنا ليك .. هي لله هي لله . على باليمين إلا اقصوا ليك الليلة..
وطلب (طيفور) من إبنه (عصام) أن يقوم بإختيار خيار (قص مسئول) دون شفقة أو رحمة لكن (عصام) فى تلك اللحظة كان يقوم بفتح القائمة الرئيسية واختيار القائمة الفرعية ( عقاب) :
ـ شوف يا أبوى الزول ده عقابو فى الآخرة (جهنم وبئس المصير) لكن انا هنا عندي خيار option إني اعاقبو ليك في الدنيا دي ... ذى ما المارد قال ..
ـ وعاوز تعمل ليهو شنو؟
ـ لو شيلتو حاجات الحرام دي ( طوب ومونة واسمنت وسيخ) و.... ح يموت ساكت.. عشان دة انا بس اوصي( المارد) يقطع يدو ( حداً)..
وقام ( عصام) بتنغيذ طلب والده بكتابة ( حد السرقة) في خانة العقاب ثم ضغط على مفتاح الادخال Enter
ـ اها والمسؤول الثاني منو..؟
ـ اهو هسع ح أكتب ليك إسمو .. ( ثم كتب اسم المسؤول رباعياً) وقام بالضغط على زر الادخال..
ـ لاحولن ولاقوتن إلا بالله العلي العظيم.. إنت شايف يابوى الأنا شايفو ده .. ده عندو خمستاشر شركة بتاعاتو...ومشارك فى (سبعين) شركة تانى وعندو مزرعة في ( بحري) ومزرعة في ( بتري) وشقة في لندن وشقة في الاسكندرية وشقه فى سويسرا وأسهم فى بنك الـ......و..........
- لاحولتن ولاقوتن إلا بالله .. شوف كدى يا(عصام) عقابوالمنتظرو هناك شنو؟؟
- عقابو هناك يا بوى مكتوب ( جهنم وبئس المصير) !!
- (الآخرة) دى خليها هسع .. أطلب ليا من (المارد) دي يعاقبو لينا هنا فى الدنيا دى قبل الآخرة.
وقام ( عصام) بناء على طلب والده بكتابة حد السرقة في خانة (العقاب الدنيوى) ثم ضغط على مفتاح الادخال Enter .
بينما كان (عصام) منشغلا مع والده فى هذا البرنامج (الخطير) ( رن ) هاتفه المحمول :
ـ إزيك ياعصام
ـ اهلاً يامرتضى..
ـ تعرف ياعصام بكرة محاضرات مافي ماتجي الجامعة
ـ ليه ؟ في شنو؟
ـ في مسيرة مليونية عاملنها ( الجماعة) .. والخرطوم ح تكون المواصلات فيها صعبة من ( ام درمان).
ـ طيب يامرتضى شكراً ح أتصل بيك بعدين.
ما ان سمع ( عصام) مسيرة مليونية حتى تفتح ذهنه على فكرة جهنمية.
ـ تعرف يا بوى انا ح أعمل ليك في الناس ديل عملية بت كلب.
ـ عملية شنو كمان ياعصام ياولدي
ـ انا ح أنفذ ليك ( الحد) على أي واحد ( حرامي) سرق ( قروش) البلد دي...
ـ (هنا تدخلت زينب) ياولد لكن الناس ديل عندهم (أسر) وعيال قاعدين يربو فيهم...
ـ انتي نسيتي ( يمه ) انو ابوي ده مما شالوهو (الصالح العام) جاهو (سكرى) وضغط وماقدر على المسؤولية بتاعتنا لحدت ما أنا بقيت أقرأ بالصباح وإشتغل بالليل وأساعدو؟؟ -ثم مواصلاً- والله ما أخليهم !!
قام عصام بفتح القائمة الرئيسية .. ثم قام بإختيار (حقبة الحكم) .. ثم قام بالتأشير على خيار ( كل الجرائم) ثم فتح قائمة ( عقاب) ثم اختار خيار ( عقاب دنيوي) ثم في الخانة المحددة قام بكتابة ( تنفيذ الحد حسب نوع وقدر الجريمة المرتكبة) ثم اختار خيار ( الكل)ALL ثم ضغط على مفتاح الادخال
Enter كانت الساعة قد تجاوزت الثانية عشر منتصف الليل..
- إنتو ح تقعدو مساهرين كد يعنى للصباح ؟ الولد ده ياحاج ماتساهر بيهو عشان عندو بكرة جامعة
- خلاص يا (حاجه) أنا جبت ليك خبرهم وبكره ح تشوفى
في التاسعة من صباح اليوم التاني موعد المسيرة المليونية جلس (طيفور) وإبنه (عصام) أمام جهاز التلفزيون .. كانت المسيرة تتكون من ( صبية ) المدارس وبعض الموظفين والموظفات والعمال الذين دفع بهم (قسراً) للحضور .. بعد أن تجولت الكاميرات قليلاً فى (الحضور) تم قطع البث من موقع الحدث ثم أطل (مذيع الاستديو) مخاطباً المشاهدين :
- سيداتي انساتي سادتي هنالك عطل في ( عربة التلفزة) الخارجية يجعلنا (نتوقف) عن نقل هذه المسيرة المليونية إليكم وسنعود لكم فور إصلاحه ..
- (طيفور وعصام فى صوت واحد) : عطل وإلا الجماعة (إيدينهم) رقدت سلطة !!
تعالت فى ذلك الصباح أصوات النواح والعويل تنطلق من فيلا( الساكن الجديد) والذي وجد في حجرته ( مقطوعاً من خلاف) على الرغم من أن جميع (منافذ) غرفته قد كانت (مغلقة) تماماً الشئ الذى حير (تيم المباحث) الذى جاء لكشف ملابسات الجريمة كما حير (الجميع) ما عدا شخصين ثالثهما (المارد) هما (طيفور وإبنه) !!!
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
(ســــيناريوهات) : تصـديق عـدم إقـامة حفـل
لم تسع (عبد العال) الفرحة وهو يستقبل مولوده (الذكر) الأول بعد ستة من البنات (الإناث) لدرجة أنه قام بطلب إجازة (بالخصم) لمدة ستة أيام من المصلحة ليتفرغ بالاحتفاء والاحتفال بهذه المناسبة السعيدة التي ظل ينتظرها لمدة عشرين عاما هي سنوات زواجه السعيدة بابنة عمه (نفيسة).
علي الرغم من ضيق ذات يد (عبد العال) لكونه من ( الموظفين في الأرض) الإ أن جهات عدة قد قامت بتقديم الدعم و (المواجبة) له احتفاء بالمولود الفارس المنتظر فجيرانه في الحي ما أن علموا باليوم المحدد (للسماية) الإ وقاموا بعمل كشف (مدنكل) يكفي لإقامة (صيوان) محترم بملحقاته من (غسالات الأيدي) و (حفاظات المياه) كما قام صندوق العاملين في المصلحة بإرسال (هايلوكس هايلوكس) ملئ بباغات الزيت وأكياس الشاي والدقيق والسكر إضافة إلي خروف (مدغلب) لزوم المشاركة في هذه المناسبة السعيدة.
في اليوم الأول لخروج (نفيسة) من الدايات، وبعد انقطاع سيل المهنئين تم عقد اجتماع اسري لمناقشة موضوع (السماية) وقد دار نقاش مستفيض حول كيفيتها حيث تعددت الآراء فبعضهم يري أن تكون غداء (ضلع) وآخرون يرون أن تكون عشاء (كوكتيل) وحيث أن الجميع لم يصلوا إلي أتفاق وحتى يرضى (عبد العال) الطرفين فقد قرر أن تكون (السماية) يومين ، اليوم الأول (غداء ضلع) واليوم الثاني (عشاء كوكتيل).....
يوم الغداء:
قام صبية الحي برش أرضية الصيوان وربط لمبات (النيون) .. وغسل (الكراسي) البلاستيكية في حين إنبرت النساء في تجهي(صواني) الغداء بينما كان (عبد العال) يرتدي جلابيته (بتاعت المناسبات) ذات اللون الرمادي الفاتح ولم ينسي أن يضع علي رأسه (طاقية) من نفس اللون والقماش، وكذلك الشال المزركش ( المصاحب للطقم) حيث وقف بعدها في مدخل الصيوان يستقبل المهنئين وهو يتابع عملية إنسياب صوانى (الغداء) وينادي علي (الأولاد) بين الفينة والأخرى:-
- يا ولد جيب (صينيه) هنا
- يا ولد جيب زيادة (رغيف) هنا
وبينما هو كذلك إذ بعربة ذات لوحة حكومية صفراء فاقع لونها تقف بقرب الصيوان ويترجل منها ثلاثة أشخاص يرتدون بدل سفاري (زيتية اللون) ظنهم (عبد العال) للوهلة الأولي أنهم زملاء من (المصلحة) الإ أنهم لم يكون كذلك
- السلام عليكم
- وعليكم السلام أتفضلوا
- لا شكرا.. لو ممكن بالله عاوزين (الزول) العامل المناسبة دي
- (فى إستغراب) أنا ذاتي في حاجه؟
- أيوه انحنا بس بنسأل انتو عملتوا تصديق؟
- نعمل تصديق لشنو؟؟ الليلة غداء وبكره عشاء وما عندنا حفله !!
- ما دا إلا نحنا بنقصدو ذاتويا حاج
- كيف؟
- مش أنتو ما ح تعملوا حفله بكره ؟
- أيوه
- يبقي مفروض تجو عندنا تعملوا (تصديق) بعدم إقامة حفله
- (فى إندهاش )والله حاجه عجيبة... كيف يعني؟ حفله وما ح نعملها نعمل تصديق بعدم إقامتها كيف؟ ولشنو؟
- أيوااا يا حاج .. أنا أوريك لشنو.. يعني إنت عاوزنا نقعد نراقب فيكم الليل كلو عشان نشوفكم حتعملوا حفله ولا ما ح تعملوا حفلة؟؟؟ نحن فاضين ليكم..(ثم واصل فى جدية) التصديق دا يا أستاذ عشان (السلطات) تعرف أنكم ماح تعملوا حفلة وما
( تختكم في حساباتا).. هسع عرفت ؟
- (في امتعاض وعاوز يخلص) والمطلوب شنو هسع ؟
- المطلوب تمشي معانا المكتب وتعمل التصديق دا
في مكتب التصديقات:
- أها (يا عبد العال) قلت لينا ما ح تجيبو فنان؟
- أيوه ما ح نجيب
- طيب ماح تجيبو منو؟
- (مستغربا) كيف ماح نجيب منو ؟ ... ماح نجيب كل الفنانين
- لا يا أستاذ لازم (تحدد) لينا ماح تجيب منو .. هسع ممكن تقول ماح تجيبوا (فرفور) تقوموا ما تجيبوا ( ترباس) أها بعدين يكون الموقف شنو؟
- يعني هسع لازم أحدد ليكم؟
- أيوه طبعا
- ودي طيب أعملها كيف ؟؟
- (فى لا مبالاة) أ تـصرف
- طيب يا جماعة أدوني فرصة لحدي بكره أصلو عزومة (العشاء) بكره...
خرج (عبد العال)من مبني (التصديقات) عائدا للمناسبة وكلمات المسئول ترن في أذنيه:
- *** لازم تحدد لينا الفنانين الماح تجيبهم ***
- ***افرض حددت لينا أنك ما ح تجيب (فرفور) وقمت ماجبت (ترباس) ***..
وحينما وصل للصيوان كان الجميع يسألونه ( كنت وين يا عبد العال ) الإ انه ظل صامتا يفكر في حل لتلك المشكلة خاصة وانه شخص (مسالم) ولا يحب (مواجهة السلطات) !!.
نزار يجد الحل :
عندما وجد (نزار) خطيب ابنة (عبد العال) الكبرى أن عبد العال ساهما طول الوقت وصامتا اقترب منه متسائلاً :
- مالك يا حاج ؟؟
- لا ما في حاجه.. مشكلة بسيطة
- مشكلة شنو يا حاج؟
وحكي (عبد العال) لنزار المشكلة الإ أن الأخير قد فاجأ (عبد العال) قائلاً :
- هسع دي مشكلة يا حاج؟ دي حلها بسيط جداً
حل المشكلة :
في صباح اليوم التالي كان (نزار) يقود عربته (الأتوس السوداء) وبجانبه (عبد العال) وهو يحمل قائمة تحتوي علي الأماكن التى يفترض أن تساهم معهم فى حصر جميع (المغنواتية) وكانت هذه القائمة تحتوى على :
1- مكتبة الإذاعة السودانية
2- دار فلاح لتطوير الأغنية الشعبية
3- دار الغناء الشعبي
4- شركات الإنتاج الفني
5- جميع مراكز الشباب
6- إضافة إلي التلفزيون القومي (سم المنوعات).
وقبل أن تنتهي ساعات العمل الرسمية تحصل (عبد العال) بمساعدة خطيب إبنته (نزار)علي أسماء جميع (الفنانين) و(الفنانات) المسجلين منهم والمسجلات بكل هذه الاتحادات ومراكز الشباب وكان بحوزته 50467 اسماً مرتبة ترتيباً هجائياً .
فى مكتب التصديقات تانى:
وضع (عبد العال) هذه (الرزم) من الأوراق التي بها (أسماء الفنانين) أمام المسئول وهو يقول:
- شوف يا سعادتك ديل كلهم ما ح أجيبهم
- (المسؤول فى إستغراب)ديل شنو ؟
- ديل فنانين
- إنت متأكد انو الما ح تجيبهم كلهم هنا؟ يعني ما في زول ماح تجيبو ما هنا؟
- أيوه متأكد – ثم مواصلاً-وكمان أنا عملت صورة من القوائم والأسماء دى عشان بعدين ما تغالطونى !!
- طيب شيل أورنيك ت/ع/ا/ح أملاهو وامشي أدفع الرسوم.
لم يوضح المسئول (لعبد العال) أين يدفع الرسوم لذلك كان لابد لعبد العال أن يقوم بسؤال أحد الموظفين
- يا أخ داير أدفع (رسوم تصديق بعدم إقامة حفل) ... أدفعها في ياتو شباك؟
- شوف الشباك الأول داك بتاع (تصديقات أقامة صيوانات العزاء) تخليهو.. الشباك البعدو بتاع (تصديقات عدم إقامة صيوان عزاء) تخليهو.. الشباك البعدو.. يعني الثالث داك شباك ( تصديقات دفن ميت) والشباك البعدو داك الفيهو (الهنودالكتار الواقفين ديك) .. داك شباك (تصديقات عدم دفن ميت) خليهو .. أها الشباك البعدم طوالي دا حق (التصديق بعدم إقامة حفل).. !!! لحظ (عبد العال) فقد كان الشباك خالياً من أي شخص.. وبعد أن ملأ (عبد العال) الأورنيك ت/ع/ا/ح وأرفق معه قوائم وكشوفات أسماء الفنانين (الما ح يجيبهم) سلمه للمسئول الذي بالشباك والذي قام بتحرير الإيصال وسلمه (عبد العال) قائلا:-
- خمسة وسبعين ألف...
العشاء :
توقفت أرتال وفود المهنئين.. وخرجت آخر صينية للعشاء.. وبدأ عدد من كانو بالصيوان فى التناقص حتى بقي (عبد العال) ونزار خطيب ابنته وجارهم (سليمان) الذى استأذن أن ينصرف بعد أن قام ومعه (نزار) بلم الكراسي والترابيز وفك (حديد الصيوان) وتوضيب الحته حيث كان (عبد العال) قد سبقهم لداخل المنزل ليأخذ قسطاً من الراحة من عناء تعب اليومين السابقين والجري وراء إستخراج مختلف أنواع (التصاديق) .. وعندما كان الجميع يحاولون النوم إذا بجرس الباب يرن :
- منو في الباب
- أفتح
وعندما قام (عبدالعال) بفتح الباب رأى ذات الشخص الذي سلمه (التصديق بعدم إقامة حفله)
- أتفضلوا يا جماعة أن شاء الله خير
- لا خير.. انحنا بس عاوزين نعرف
- تاااانى !! عاوزين تعرفوا شنو ؟ انحنا حفله وما عملناها.. وكل الفنانين القلنا ما ح نجيبهم ما جبيناهم ...وكمان ما جبنا ولا فنان أها تأني في شنو ... عندكم معانا حاجة؟ ؟
- يا حاج كدى أهدأ شويه ... وامشي جيب لينا (النسخة) بتاعت الفنانين العندك القلت ما ح تجيبهم !!
قام (عبدالعال) يالخول للمنزل وغاب برهة ثم جاء وقد أحضر (نسخة) الكشف الذى معه وأعطاها للمسؤول :
- لا إنت خلى نسختك دى معاك وتابعنى
.. بينما كانا المسئول يقلب فى صفحات النسخة التي معه توقف فجأة فى إحدى الصفحات وقال مخاطباً (عبدالعال) فى حزم
- امسك نسختك دى وأفتح حرف السين يا (عبد العال)
(بدأ عبدالعال فى تقليب صفحات صورة الكشف الذى معه ثم بعد بحث قصير توقف وقال مخاطباً المسؤول)
- يا هو دا (حرف السين) فتحتو
- طيب هسع الفنانة (سعدية دكوه) موجودة عندك ؟
- (بعد أن إستعمل سبابته فى تتبع الأسماء التى تحت حرف السين) ..لا ما موجودة
- طيب مش كان ممكن ما تجيبا.. ما كتبت اسمها مع الفنانين الماح تجيبهم ليه؟ ؟
.........................................................................................
.........................................................................................تم دفع (أيصال الغرامة) بواسطة (نزار) إذ أن (عبد العال) لم يستطع ذلك نسبة لوقوعه مغشياً عليه أثر أصابته بجلطة فى (الشريان التاجى) كادت لولا عناية الله أن تؤدى بحياته قبل أن يفرح بقدوم مولوده (الذكر) الذى جاء بعد ست (بنات) .
بعد سته أيام قضتها أسرة (عبدالعال) فى مستشفى (القلب) وهو فى حالة غيبوبة تامة ، إستيقظ (عبدالعال) فى اليوم السابع فوجد كل أسرته بجوار سريره ..نظر إليهم وفى صوت خافت قام بسؤالهم :
- أها الولد (ما) ح تسموهو منو؟
وهنا أدرك الجميع أن (عبدالعال) ما ح يطلع منها !!!!!
لم تسع (عبد العال) الفرحة وهو يستقبل مولوده (الذكر) الأول بعد ستة من البنات (الإناث) لدرجة أنه قام بطلب إجازة (بالخصم) لمدة ستة أيام من المصلحة ليتفرغ بالاحتفاء والاحتفال بهذه المناسبة السعيدة التي ظل ينتظرها لمدة عشرين عاما هي سنوات زواجه السعيدة بابنة عمه (نفيسة).
علي الرغم من ضيق ذات يد (عبد العال) لكونه من ( الموظفين في الأرض) الإ أن جهات عدة قد قامت بتقديم الدعم و (المواجبة) له احتفاء بالمولود الفارس المنتظر فجيرانه في الحي ما أن علموا باليوم المحدد (للسماية) الإ وقاموا بعمل كشف (مدنكل) يكفي لإقامة (صيوان) محترم بملحقاته من (غسالات الأيدي) و (حفاظات المياه) كما قام صندوق العاملين في المصلحة بإرسال (هايلوكس هايلوكس) ملئ بباغات الزيت وأكياس الشاي والدقيق والسكر إضافة إلي خروف (مدغلب) لزوم المشاركة في هذه المناسبة السعيدة.
في اليوم الأول لخروج (نفيسة) من الدايات، وبعد انقطاع سيل المهنئين تم عقد اجتماع اسري لمناقشة موضوع (السماية) وقد دار نقاش مستفيض حول كيفيتها حيث تعددت الآراء فبعضهم يري أن تكون غداء (ضلع) وآخرون يرون أن تكون عشاء (كوكتيل) وحيث أن الجميع لم يصلوا إلي أتفاق وحتى يرضى (عبد العال) الطرفين فقد قرر أن تكون (السماية) يومين ، اليوم الأول (غداء ضلع) واليوم الثاني (عشاء كوكتيل).....
يوم الغداء:
قام صبية الحي برش أرضية الصيوان وربط لمبات (النيون) .. وغسل (الكراسي) البلاستيكية في حين إنبرت النساء في تجهي(صواني) الغداء بينما كان (عبد العال) يرتدي جلابيته (بتاعت المناسبات) ذات اللون الرمادي الفاتح ولم ينسي أن يضع علي رأسه (طاقية) من نفس اللون والقماش، وكذلك الشال المزركش ( المصاحب للطقم) حيث وقف بعدها في مدخل الصيوان يستقبل المهنئين وهو يتابع عملية إنسياب صوانى (الغداء) وينادي علي (الأولاد) بين الفينة والأخرى:-
- يا ولد جيب (صينيه) هنا
- يا ولد جيب زيادة (رغيف) هنا
وبينما هو كذلك إذ بعربة ذات لوحة حكومية صفراء فاقع لونها تقف بقرب الصيوان ويترجل منها ثلاثة أشخاص يرتدون بدل سفاري (زيتية اللون) ظنهم (عبد العال) للوهلة الأولي أنهم زملاء من (المصلحة) الإ أنهم لم يكون كذلك
- السلام عليكم
- وعليكم السلام أتفضلوا
- لا شكرا.. لو ممكن بالله عاوزين (الزول) العامل المناسبة دي
- (فى إستغراب) أنا ذاتي في حاجه؟
- أيوه انحنا بس بنسأل انتو عملتوا تصديق؟
- نعمل تصديق لشنو؟؟ الليلة غداء وبكره عشاء وما عندنا حفله !!
- ما دا إلا نحنا بنقصدو ذاتويا حاج
- كيف؟
- مش أنتو ما ح تعملوا حفله بكره ؟
- أيوه
- يبقي مفروض تجو عندنا تعملوا (تصديق) بعدم إقامة حفله
- (فى إندهاش )والله حاجه عجيبة... كيف يعني؟ حفله وما ح نعملها نعمل تصديق بعدم إقامتها كيف؟ ولشنو؟
- أيوااا يا حاج .. أنا أوريك لشنو.. يعني إنت عاوزنا نقعد نراقب فيكم الليل كلو عشان نشوفكم حتعملوا حفله ولا ما ح تعملوا حفلة؟؟؟ نحن فاضين ليكم..(ثم واصل فى جدية) التصديق دا يا أستاذ عشان (السلطات) تعرف أنكم ماح تعملوا حفلة وما
( تختكم في حساباتا).. هسع عرفت ؟
- (في امتعاض وعاوز يخلص) والمطلوب شنو هسع ؟
- المطلوب تمشي معانا المكتب وتعمل التصديق دا
في مكتب التصديقات:
- أها (يا عبد العال) قلت لينا ما ح تجيبو فنان؟
- أيوه ما ح نجيب
- طيب ماح تجيبو منو؟
- (مستغربا) كيف ماح نجيب منو ؟ ... ماح نجيب كل الفنانين
- لا يا أستاذ لازم (تحدد) لينا ماح تجيب منو .. هسع ممكن تقول ماح تجيبوا (فرفور) تقوموا ما تجيبوا ( ترباس) أها بعدين يكون الموقف شنو؟
- يعني هسع لازم أحدد ليكم؟
- أيوه طبعا
- ودي طيب أعملها كيف ؟؟
- (فى لا مبالاة) أ تـصرف
- طيب يا جماعة أدوني فرصة لحدي بكره أصلو عزومة (العشاء) بكره...
خرج (عبد العال)من مبني (التصديقات) عائدا للمناسبة وكلمات المسئول ترن في أذنيه:
- *** لازم تحدد لينا الفنانين الماح تجيبهم ***
- ***افرض حددت لينا أنك ما ح تجيب (فرفور) وقمت ماجبت (ترباس) ***..
وحينما وصل للصيوان كان الجميع يسألونه ( كنت وين يا عبد العال ) الإ انه ظل صامتا يفكر في حل لتلك المشكلة خاصة وانه شخص (مسالم) ولا يحب (مواجهة السلطات) !!.
نزار يجد الحل :
عندما وجد (نزار) خطيب ابنة (عبد العال) الكبرى أن عبد العال ساهما طول الوقت وصامتا اقترب منه متسائلاً :
- مالك يا حاج ؟؟
- لا ما في حاجه.. مشكلة بسيطة
- مشكلة شنو يا حاج؟
وحكي (عبد العال) لنزار المشكلة الإ أن الأخير قد فاجأ (عبد العال) قائلاً :
- هسع دي مشكلة يا حاج؟ دي حلها بسيط جداً
حل المشكلة :
في صباح اليوم التالي كان (نزار) يقود عربته (الأتوس السوداء) وبجانبه (عبد العال) وهو يحمل قائمة تحتوي علي الأماكن التى يفترض أن تساهم معهم فى حصر جميع (المغنواتية) وكانت هذه القائمة تحتوى على :
1- مكتبة الإذاعة السودانية
2- دار فلاح لتطوير الأغنية الشعبية
3- دار الغناء الشعبي
4- شركات الإنتاج الفني
5- جميع مراكز الشباب
6- إضافة إلي التلفزيون القومي (سم المنوعات).
وقبل أن تنتهي ساعات العمل الرسمية تحصل (عبد العال) بمساعدة خطيب إبنته (نزار)علي أسماء جميع (الفنانين) و(الفنانات) المسجلين منهم والمسجلات بكل هذه الاتحادات ومراكز الشباب وكان بحوزته 50467 اسماً مرتبة ترتيباً هجائياً .
فى مكتب التصديقات تانى:
وضع (عبد العال) هذه (الرزم) من الأوراق التي بها (أسماء الفنانين) أمام المسئول وهو يقول:
- شوف يا سعادتك ديل كلهم ما ح أجيبهم
- (المسؤول فى إستغراب)ديل شنو ؟
- ديل فنانين
- إنت متأكد انو الما ح تجيبهم كلهم هنا؟ يعني ما في زول ماح تجيبو ما هنا؟
- أيوه متأكد – ثم مواصلاً-وكمان أنا عملت صورة من القوائم والأسماء دى عشان بعدين ما تغالطونى !!
- طيب شيل أورنيك ت/ع/ا/ح أملاهو وامشي أدفع الرسوم.
لم يوضح المسئول (لعبد العال) أين يدفع الرسوم لذلك كان لابد لعبد العال أن يقوم بسؤال أحد الموظفين
- يا أخ داير أدفع (رسوم تصديق بعدم إقامة حفل) ... أدفعها في ياتو شباك؟
- شوف الشباك الأول داك بتاع (تصديقات أقامة صيوانات العزاء) تخليهو.. الشباك البعدو بتاع (تصديقات عدم إقامة صيوان عزاء) تخليهو.. الشباك البعدو.. يعني الثالث داك شباك ( تصديقات دفن ميت) والشباك البعدو داك الفيهو (الهنودالكتار الواقفين ديك) .. داك شباك (تصديقات عدم دفن ميت) خليهو .. أها الشباك البعدم طوالي دا حق (التصديق بعدم إقامة حفل).. !!! لحظ (عبد العال) فقد كان الشباك خالياً من أي شخص.. وبعد أن ملأ (عبد العال) الأورنيك ت/ع/ا/ح وأرفق معه قوائم وكشوفات أسماء الفنانين (الما ح يجيبهم) سلمه للمسئول الذي بالشباك والذي قام بتحرير الإيصال وسلمه (عبد العال) قائلا:-
- خمسة وسبعين ألف...
العشاء :
توقفت أرتال وفود المهنئين.. وخرجت آخر صينية للعشاء.. وبدأ عدد من كانو بالصيوان فى التناقص حتى بقي (عبد العال) ونزار خطيب ابنته وجارهم (سليمان) الذى استأذن أن ينصرف بعد أن قام ومعه (نزار) بلم الكراسي والترابيز وفك (حديد الصيوان) وتوضيب الحته حيث كان (عبد العال) قد سبقهم لداخل المنزل ليأخذ قسطاً من الراحة من عناء تعب اليومين السابقين والجري وراء إستخراج مختلف أنواع (التصاديق) .. وعندما كان الجميع يحاولون النوم إذا بجرس الباب يرن :
- منو في الباب
- أفتح
وعندما قام (عبدالعال) بفتح الباب رأى ذات الشخص الذي سلمه (التصديق بعدم إقامة حفله)
- أتفضلوا يا جماعة أن شاء الله خير
- لا خير.. انحنا بس عاوزين نعرف
- تاااانى !! عاوزين تعرفوا شنو ؟ انحنا حفله وما عملناها.. وكل الفنانين القلنا ما ح نجيبهم ما جبيناهم ...وكمان ما جبنا ولا فنان أها تأني في شنو ... عندكم معانا حاجة؟ ؟
- يا حاج كدى أهدأ شويه ... وامشي جيب لينا (النسخة) بتاعت الفنانين العندك القلت ما ح تجيبهم !!
قام (عبدالعال) يالخول للمنزل وغاب برهة ثم جاء وقد أحضر (نسخة) الكشف الذى معه وأعطاها للمسؤول :
- لا إنت خلى نسختك دى معاك وتابعنى
.. بينما كانا المسئول يقلب فى صفحات النسخة التي معه توقف فجأة فى إحدى الصفحات وقال مخاطباً (عبدالعال) فى حزم
- امسك نسختك دى وأفتح حرف السين يا (عبد العال)
(بدأ عبدالعال فى تقليب صفحات صورة الكشف الذى معه ثم بعد بحث قصير توقف وقال مخاطباً المسؤول)
- يا هو دا (حرف السين) فتحتو
- طيب هسع الفنانة (سعدية دكوه) موجودة عندك ؟
- (بعد أن إستعمل سبابته فى تتبع الأسماء التى تحت حرف السين) ..لا ما موجودة
- طيب مش كان ممكن ما تجيبا.. ما كتبت اسمها مع الفنانين الماح تجيبهم ليه؟ ؟
.........................................................................................
.........................................................................................تم دفع (أيصال الغرامة) بواسطة (نزار) إذ أن (عبد العال) لم يستطع ذلك نسبة لوقوعه مغشياً عليه أثر أصابته بجلطة فى (الشريان التاجى) كادت لولا عناية الله أن تؤدى بحياته قبل أن يفرح بقدوم مولوده (الذكر) الذى جاء بعد ست (بنات) .
بعد سته أيام قضتها أسرة (عبدالعال) فى مستشفى (القلب) وهو فى حالة غيبوبة تامة ، إستيقظ (عبدالعال) فى اليوم السابع فوجد كل أسرته بجوار سريره ..نظر إليهم وفى صوت خافت قام بسؤالهم :
- أها الولد (ما) ح تسموهو منو؟
وهنا أدرك الجميع أن (عبدالعال) ما ح يطلع منها !!!!!
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
ابواب الدفع المقدم
العدد الأسبوعى لصحيفة السودانى
الجمعة الموافق 23 فبرائر 2007م
قام السيد المدير العام للهيئة القومية للجبايات بالدعوة لإجتماع طارئ وهام لمعاونيه وأركان حربه ومستشاريه وذلك لمناقشة الوضع المالى المتردى الذى آلت إليه الهيئة كما جاء فى دعوته المشار إليها وقد قام السيد المدير بإبتدار المدعويين للإجتماع قائلا:
- يا جماعة طبعاً إنتو عارفين إنى ما قاعد أجتمع بيكم إلا فى (الشديد القوى) والليلة أنا أجتمعت بيكم لأنو فى موضوع هام وخطير عاوز أناقشوا معاكم وعاوزين نشوف ليهو حل
- إن شاء الله خير يا ريس .. أنحنا جاهزين
- أنا عاوز أقول ليكم إنو آخر مراجعة داخليه عملناها أثبتت ووضحت إنو (الهيئة) دى خسرانه – مواصلاً- أيوه الهيئة القومية للجبايات (خسرااانه) !!!
-( أحد المجتمعين مقاطعاً) معقوله يا ريس؟؟ الخسارة دى تجى كيف ؟؟ هو أنحنا قاعديين ندفع حاجة من جيبنا ؟؟ ما كلو من جيب (الشعب) !!
- (فى صرامة) : كيف ما قاعدين نطلع حاجة من جيبنا؟؟ الموظفين القاعدين يمشوا يلمو (الجبايات) ديل والعربات الراكبنها والبنزين الماشه بيهو العربات دى .. دى كلها ما قروش؟؟
- (أحدهم) : كدى يا ريس أشرح لينا المسألة براحة براحة عشان نفهم !!
- دى عاوزه ليها شرح ؟؟ كل يوم من صباح الرحمن الهيئة دى قاعده تجهز ليها 42324 بوكسى هايلوكس بى (سواقو) وتملاهو (بنزين) ويركبو فيهو (تلاته) موظفين وعسكرى (بى سلاحو) ومعاهو (50) طبلة عشان يمشو يجيبو لينا (التحصيل) إبتداء من (ستات الشاى) والناس الفارشين ساكت) مروراً (بالمحلات) والمطاعم والمغالق والصيدليات والكافتيريات إنتهاء بالمصانع وآخر اليوم يجونا فاضيين .. الشايل ليهو (قدرة فول) والشايل ليهو (ميزان) والشايل ليهو (منقد) – مواصلاً- عليكم الله فى خسارة أكتر من دى؟؟
- لكن يا سعادتك تفتكر السبب شنو؟؟
- السبب إنو التجار والناس ديل مما يشوفو (البوكس) بتاع الهيئة يقوموا يقفلوا (المحلات) بتاعتم و(يزوغوا) – مواصلا- أها أقول ليكم حاجة (الشهر) ده نحنا مواهى ما عندنا عشان ما قدرنا نتحصل قروش!!!
- طيب يا ريس هسع المطلوب مننا شنو؟؟ يعنى عاوزنا نعمل شنو ؟؟
- المطلوب إنو نحنا لازم نشوف لينا طريقه (مبتكرة) وفعالة نجبر بيها ونخلى بيها (الناس) دى تدفع وتبطل (الزوغان) عشان أمور الهيئة دى تمشى
- وأنت يا سعادتك بتفتكر الحل شنو؟؟
- هو كان أنا بفتكر حاجه كان ناديتكم ؟؟
تنحنح مستشار المدير العام لشئون الإبتكار وقام بطلب التحدث :
- والله يا ريس فعلاً الموضوع ده خطير وأنحنا لازم نشوف لينا (آلية) فعالة لجمع (الجبايات) دى وأنا بقترح إنو عشان ما نطول الزمن فى الموضوع ده حقو نستفيد من تجارب (الدول) فى الحته دى – مواصلاً- يعنى هسع دوله ذى (الصين) تعدادها 800 مليار و تلتمية مليون (نسمة) عندهم فى (بكين) براها سته مليون (سعد قشرة) وعشرين مليون (سوق ليبيا) وأربعتاشر مليون (ملجه) وتلتين مليون (ست شاى) – مواصلاً- أها ديل قاعدين يشيلو منهم (الجبايات) كيف؟؟؟ ما أكيد بيكون فى (نظام) وآلية (معينه ومبتكرة) وما (بتخرش الميه) !!
- يعنى عاوزنا نعمل شنو ؟؟ نجيب خبراء ؟؟
- خبراء شنو يا ريس النجيبهم ؟؟ نحنا نمشى ذاتنا نشوف (التجربه الصينية) دى على الطبيعة
- والله كلامك برضو يا سعادة المستشار كويس أصلو ما تقول لينا (أربعة شهور) ما سافرنا بره !!!
التجربه الصينية :
فى سرعة (البرق) تم إستخراج (تأشيرات الخروج والدخول) وقطع (التذاكر) لأعضاء الوفد المسافر والبالغ عددهم (120) شخصاً والذى يترأسة السيد المدير العام للهيئة القومية للجبايات شخصياً وقد قامت (كاميرا الأخبار) بالتلفزيون من خلال فريق (تغطية الأخبار) بعقد لقاء سريع فى (صاله كبار الزوار) مع السيد ريئس الوفد المغادر قبل ركوبهم للطائرة أفاد فيه بأنهم ذاهبون إلى مهمة يحسب أن فيها خيراً كثيرا (للمواطنين) – على حد تعبيره – وبسؤال السيد ريئس الوفد عن العدد الكبير لأعضاء الوفد أفاد بأن الوفد يضم فى عضويته مختلف التخصصات مثل أعضاء مستشاريه الهيئة لشئون (المطاعم) وأعضاء من مستشاريه الهيئة لشئون (المغالق) وأعضاء من مستشاريه الهيئة لشئون (ستات الشاى) وأعضاء من مستشاريه الهيئة لشئون (ود عمارى) إلى آخر التخصصات المختلفة .
وجد الوفد ترحيبا حاراً ن المسئولين الصينيين لما يربط البلدين من علاقات صداقة قديمه ومن علاقات أقتصادية وقد قام قام السيد المدير العام للهيئة القومية للجبايات بعقد مؤتمر صحافى فور وصوله (بكين) أوضح فيه الهدف الاساسى من الزيارة ألا وهو الإستفادة من الخبرات (الصينية) فى مجال تحصيل الجبايات والأتاوات وبعد نهاية المؤتمر تم فتح باب الأسئلة حيث قام أحد الصحفيين الصينيين بطرح سؤال على السيد المدير العام للهيئة القومية للجبايات كانت ترجمته كالآتى :
- المعروف أنكن أصبحتم دولة نفطية وأن شركاتنا تقوم بإستخراج النفط لكم ؟ لماذا تأخذون إذن كل هذا العدد الهائل من الجبايات من المواطنين ؟؟ وأين تذهب أموال هذا النفط؟؟
لم يضع السيد المدير العام للهيئة القومية للجبايات حسبانا لهذه السؤال لكنه بعد أن (إتنحنح) و(إرتبك) وما عرف اليقولو رد قائلاً :
- والله يا جماعة قروش (البترول) القاعدين تطلعو لينا فيهو ده حافظنها (للشعب) لليوم الأسود و(الجبايات) دى قاعدين (نأكلو منها) و(نشربو منها) ونعمل ليهو باقى الخدمات من علاج وتعليم وطرق وكهرباء وموية وخلافه ... بس هو شعب (غبيان) وما عارف مصلحتو قاعد يقوم يتزاوغ من (الجبايات) دى قايلا قاعده تدخل علينا !!
لم يفق (الريس) من سؤال الصحفى عن (عائدات البترول) حتى فاجأه صحفى آخر بسؤال لا يقل (خطورة) وقد جاء السؤال بعد ترجمته كالآتى :
- نحنا فى دولة الصين هنا نعرف حاجة واحده بيدفعا (المواطن) إسمها ضريبة يعنى TAX فهل كلمة (جباية) هى ضريبه أم شيئاً آخر ؟؟
- (بعد أن صلح نضارتو وإبتسم إبتسامه ماكرة) : الضريبه يعنى الـ TAX دى عندنا بالحيل لكن يا جماعة لأنو نحنا دوله (نايم) ذى ما إنتو عارفين لقينا إنها براها ما بتعمل حاجة قمنا عملنا رسوم والرسوم دى المواطنين بسموها (جبايات) وهى ما كتيرة يعنى ذى كم وتسعين كده !!
بعد أن إنتهى (المؤتمر الصحفى) ولدهشة (الريس) أعلن أعضاء الوفد الصينى إنابه عن الشعب الصينى تضامنهم التام مع شقيقهم الشعب السودانى ورفض المسؤولون الصينيون إبدأء أى تعاون فى مجال (تحصيل الجباية) وفى
وقد أوضحوا للوفد فى دبلوماسية بأنهم ليست لديهم أى خبرات فى هذا المجال وفى المطار والوفد يغادر عائداً قام أحد السودانيين المقيمين فى الصين والذين كانو فى وداع الوفد بالهمس فى أذن ريئس الوفد قائلاً :
- إنتو الجابكم هنا شنو؟؟ ما كان تمشوا (جمهورية جبايستان) القريبه من هنا دى .. والله ديل أساتذه فى مسأله (الجبايات) دى !!
فى جمهورية جباياستان :
حطت الطائرة فى مطار (جمهورية جباياستان) بعد أن تم إخطار المسؤولين بقدوم الوفد والذى ما أن نزل أفراده من سلم الطائرة حتى وجدوا شخصاً وامامه تربيزه عليها (ختم) ودفاتر (إيصالات) و(ميزان) .
حاول أعضاء الوفد تخطى ذلك الشخص والدخول إلى صالة المطار غير أن (شرطياً) قام بإعادتهم قائلاً لهم ما معناهو :
- أيها الساده عليكم أولا دفع (رسوم) القدوم (الوزنيه) ... ثم شرح لهم نفس الشخص أنه يتوجب على كل قادم أن يقوم بالوقوف على الميزان إذ أن هذا النوع من الرسوم يؤخذ عن طريق وزن (القادم) حيث يتم حساب (الكيلو جرام) بدولار واحد فقط .. وبدأ أعضاء الوفد فى عملية الوزن والدفع .. وقف أحد أعضاء الوفد (منبهرا) من بنوعية (الجباية) يقول وهو يهتز طرباً :
- آآى ده الشغل ده الشغل
بينما رد عليه زميله الذى يقف عن يمينه فى إستياء :
- شغل شنو عليك الله خلينا (الوزن) ده ح ينفض جيوبنا
- جيوبكم ما تتنفض كلن إتنفضت إنتو بس (تاكلو ساااكت) وناسين (السفر)
بعد أن قام جميع أعضاء الوفد بدفع رسوم القدوم (الوزنية) والتى سجلت بعض أرقامها حالات ترقى لوضعها ضمن مجموعة (جينيس) كان عليهم الدخول إلى صالة (الجمارك) عبر باب خشبى وقف خلفه أحد الموظفين وهو يحمل (دفتر إيصالات) وقلم .. الباب طوله حوالى المترين محفور على جنبتيه الوحدات (الطولية) بالبوصة وعلى عارضته مكتوب : (رسوم القدوم الطولية) ... كان على كل قادم من أفراد الوفد الدخول عبر هذا الباب والتوقف لدفع رسوم القدوم (الطولية) والتى تحتسب عن طريق قياس طول (القادم) بحساب (البوصة) بدولار واحد فقط !! الشئ الذى جعل ريئس الوفد يقول لنائبه فى نشوة :
- شوف بالله الحاجات دى فايته علينا كيف والله لمن نرجع (المسافرين) جاهم بلا؟!!!
مع المسؤولين فى جبايستان :
قام الوفد بعقد لقاء فورى مع مسؤولى الهيئة العامة للجباية بجمهورية جبايستان والذين قاموا بتقديم الإعتذار لأعضاء الوفد لما لحق بهم من دفع رسوم وجبايات تجاوز عددها الخمسة وعشرين فقط منذ أن حطت بهم الطائرة وحتى وصولهم إلى أرض المؤتمرات حيث قال ريئس الوفد معتذراً :
- معليش يا جماعة نحنا هنا فى جمهورية جبايستان ما عندنا فى موضوع الجبايات دى يا (يمة أرحمينى) يعنى لا بنعرف (ضيف) وإلا (مواطن) والا (سائح) عشان كده اعذرونا
- نعذر ليكم شنو يا سعادتك ؟؟ والله ده الجابنا ليكم ذاتو !!
- (فى إندهاش) : يعنى كده إنتو مبسوطين وكده؟
- مبسوطين دى شنو؟؟ أنحنا فى قمة الإنبساط .. أحنا ح نطلع منكم بى تجارب (بت كلب) لكن الحقيقة بس أنحنا عندنا مشكلة بسيطه كده جيناكم عشان تساعدونا فى حلها لأنها غلبتنا تب
قام ريئس الوفد بسرد المشكلة التى من أجلها قاموا بزيارة جبايستان والتى تنحصر فى صعوبة تحصيل الجبايات المختلفة من (التجار) وأصحاب المحلات و(ستات الشاى) نسبة لعمليات (الزوغان) المدروسة التى يقومون بها الشئ الذى قام برفع تكلفة (الكشات) مما جعل عمل الهيئة (بالخسارة) .. كان مدير (هيئة الجباية بجمهورية جبايستان) يبتسم وهو يستمع إلى (مشكلة الوفد) حتى إذا ما إنتهى ريئس الوفد من طرح المشكله خاطبه قائلاً :
- إنتو ما سمعتو بى حاجه إسمها (أبواب الدفع المقدم) ؟
- لا والله أنحنا بنعرف الدفع المقدم للموية .. والدفع المقدم للكهرباء .. يعنى الجمرة الخبيثه لكن أبواب الدفع المقدم دى يطرشنا ما سمعنا بيها .. –مواصلا- أها دى كيفنها ؟؟
- طيب أنا أشرح ليكم نظريتا بى بساطه ... ثم مخاطبا ريئس الوفد :
- إنت هسع عندكم كان ما عندك رصيد جمرة كهرباء النور بولع ؟؟
- طبعا لا
- وأكان ما عندك رصيد جمرة مويه .. الموية بتكب ؟؟
- طبعا لا
- أها الأبواب دى كان ما عندك رصيد (جباية) ما بتفتح !!!
- الله لا كسبكم ؟؟... ودى عملتوها كيف ؟؟
- نفس النظرية .. مما الجمرة تكمل الباب القفل بتاعو ينسد (إليكترونيا) وتانى كان ما مشيت إشتريت (جباية) شمشون ما يفتحو ليك!!!
- والأبواب دى بتعملوها هنا ؟؟
- ايوه ولو عاوزين أى كميات منها ممكن نصنعا ليكم ونرسل ليكم مهندسين يركبوها ليكم
- كيفن ما عاوزين عليك أمان الله أنحنا مشكلتنا إتحلت تب
عاد الوفد إلى البلاد وعلى عكس أعضاء الوفود التى تغادر لم يحضر أى من أعضاء الوفد معه أى هدية ولم يقم بشراء أى شئ من أسواق (جمهورية جبايستان) لأنو وببساطه قد قام جميع أفراد الوفد بدفع جميع ما معهم من مصروفات (النثرية والإقامة) فى شكل جبايات متعدده الأشكال والانواع .
- أها يا ريس (المشكلة إتحلت) لكن الأبواب دى نجيبا كيف؟؟ نعمل ليها عطاء فى الصحف؟؟
- أبواب شنو البنعمل ليها عطاءآت كمان؟؟ متين الحكومة دى شفتها بتعمل عطاءآت ؟؟
- كيف يعنى؟؟
- شنو الكيف يعنى ؟؟ هسع (اليخت الرئاسى) ده تمنو 4 مليون دولار عملو ليهو عطاء وجابوهو فى (الجرايد) وإلا بس (أبوابنا) دى النعمل ليها عطاء ؟؟
- تقصد شنو يا ريس ؟؟
- أقصد إنو (الأبواب) دى نعمل ليها (شركة) .. نجيبا نحنا ونشتغل الشغل ده كلو نحنا .. .. نفتح الإعتمادات ونستورد الأبواب ونجيب المهندسين ونركب الأبواب ونشيل تمنا من المواطنين والربح يدخل لينا نحنا !!! يعنى لو الباب كلفنا بى تركيبو ميتين دولار نبيعو للمواكن بى (خمسمية) !!
وجاءت الأبواب :
تفاجأ المواطنون بتحذير فى حجم صفحة كاملة من (الهيئة العامة للجبايات) تحذر فيه أصحاب المحلات التجارية جميعها من (بقالات) وصيدليات ومغالق ومحلات إتصالات ومطاعم وكافتيريات وتركيب عطور وتوابل وأحذية وخلافه ومصانع ومؤسسات واعمال من ضرورة تركيب (أبواب الدفع المقدم) فى ظرف أسبوع من تاريخ الإنذار وكل من لن يلتزم بذلك فسوف يكون عرضة لقفل المحل وتشميعه بالشمع الأحمر .
وفى سبيل تبصير المواطنين بطريقه عمل أبواب الدفع المقدم والفوائد التى سوف يجنيها المواطن صاحب العمل من ذلك تم عمل لقاءآت تنويرية إذاعية وتلفزيونية وعلى صفحات الصحف السيارة
- شوف يا مواطن العملية بسيطه جداً وبتوفر ليكا كتير من الوقت الرايح فى المساسقه وأمشى وتعال ومرات شايلين (الميزان) بتاع الدكان ومرات شايلين (التلاجه) ومرات ما عارف شايلين شنو؟؟ إنت تركب الباب والباب ده موصل بى شاشة عداد يعنى ( جمره خبيثة) أها قول الجبايات المفروض تدفعا فى السنه كلها من رسوم رخصة تجارية وأرباح أعمال ورسوم عرض خارجى ورسوم لافته مضيئة ورسوم دفاع مدنى ورسوم خدمات أمنية وعوائد وباقى (الجبايات) دى كلها قول طلعت ليك مثلاً تلاته مليون وستمية وخمسين ألف جنيه لمن تقسما على عدد أيام السنه الـ 365 ح تلاقى إنك مفروض تدفع فى اليوم عشرة تالاف جنيه يعنى لمن يكون رصيدك فى (جمرة الباب) عشرة تالاف جنيه معناها رصيدك ده بمشيك 24 ساعة بس تقدر تفتح وتقفل فيهم على كيفك لكن بعد الأربعه وعشرين ساعه دى ما تنتهى باب المحل تانى ما بفتح ليكا إلا بعد ما تملأ ليك جمرة تانى بى أقل شئ عشرة تالاف عشان تفتح يوم واحد بس وكان داير تملأ أكتر على كيفك !!! أها بعد كده نحنا وفرنا (كشاتنا) وبكاسينا وموظفينا وعساكرنا و(طبلنا) علينا نشوفكم إنتو بتعملو شنو؟؟ وعاوزين نقول ليكم ما تعملو (شواطين) وتقوموا ما تقفلوا الأبواب بالليل للنهاية عشان تانى يوم تفتحو (ملح) ساكت (الأبواب) لأنو دى مراقبة بى (شبكه كمبيوتر لاسلكية) وفى (كنترول) عليها وأى تلاعب بيظهر لينا وعواقبو وخيمه وطوالى ح نحول (الزول) المخالف لى (نيابة) أبواب الدفع المقدم .. يعنى بالعربى كده تانى زوغان مافى !! ح تدفعو يعنى ح تدفعو !!
خوفاً من العقوبات والتهديدات التى وردت فى التحذير تدافع الجميع على شراء وتركيب أبواب (الدفع المقدم) ذات الشكل الموحد وفى ذات الوقت فقد قامت الهيئة القومية للجبايات بإفتتاح نقاط بيع فى كافة الأسواق وأماكن التجمعات
الطاهر سيد الدكان :
بالأمس حملت (جك الفول) لشراء العشاء للأولاد وإتجهت لدكان (الطاهر) الذى وجدته يجلس أمام دكانه المغلق وهو يمسك بورقة وقلم وأمامه عدد من الزباين وما أن رآنى حتى بادرنى :
- عاوز شنو يا أستاذ ؟
- فول بى ألف جنيه وزيت سمسم بى ألف وكيس عيش وعلبه سجائر ( والطاهر يقوم بكتابه إحتياجاتى على الورقه)
- طيب ديل يا أستاذ خمسة تالاف
بعد أن قمت بإعطاء الطاهر (الخمسة آلاف) قام بجمع (قروش الزبائن الواقفين) التى كان يمسك بها ثم نده على إبنه قائلاً :
- قوم يا ولد أجرى جيب ليك (جمرة باب مقدم) بى خمستاشر ألف بى سرعه خلينا نفتح نمشى الزبائن ديل !!!
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
[b]وسام السوطين ..والجلاد الاعظم[/b]
العدد الأسبوعى - صحيفة السودانى
الجمعه الموافق 19 يناير 2007
قام (المسـؤول الكبير) بدعوة جميع مستشــاريه لإجتماع(عــاجل وهام) يععقد بالقاعةالرئيسية للإجتماعات :
- الحقيقة أنا إجتمعت بيكم الليلة عشان موضوع مهم جداً بل غاية فى الأهمية
- إن شاء الله خير عاوزنا نعمل ليك فى الشعب ده شنو؟ إنت بس أطلب
- والله يا جماعة بى صراحة كده أنا الشعب ده ما عاجبنى ؟
- (المجتمعين بصوت واحد ) : نغيرو ليك يا (سعادتك) هسع ؟
- لا.. لا ... تغيروهو ده شنو ؟ ده إسمو كلام ؟؟ يعنى نجيب لينا شعب (أطيب) من ده من وين؟؟
- إنت يا سعادتك الما عاجبك فيهو شنو؟؟
- ده شعب (خمله) شعب (كسلان) .. شعب عاوز يعملو ليهو أى حاجه .. شعب عاوز (الحكومة)تعالجو
وتأكلو وتشربو وتشـترى ليهو الدواء وتعـلم ليهو أولادو وهو نائم ... قلنا نخليهو يصــحى
قمنا (لغينا) مجانية التعليم (صهين) وما قال حاجة .. (لغينا) مجانية العلاج برضو (صهين)
وما قال حاجه .. زدنا ليهو (الكهرباء) وعملناها ليهو (جمرة) برضو (صهين) وما قال حاجـه
عملنا ليهو المويه (جمرة) برضو (ساااكت) .. طلعنا ليهو (البترول) قام فرح قلنا خلاص بدأ
يتفاعل) وبطل (الصهينه) .. قمنا عشـان نختبرو زدنا ليهو (البترول الطلعناهو ذاتو) قام
صهين تانى وما (هببو لينا) وراح نايم ... عليكم الله هسع شعب ذى ده نخليهو (يتفاعل)معانا
و(يصحصح) كيف؟؟
- والله يا سعادتك كلامك صاح ده شعب (قلبو ميت) وعاوز ليهو حاجه تصحيهو
- ما ياها دى المشكلة الأنا جبتكم عشان نتشاور فيها ونلاقى ليها حل
وبدأ المسـؤول الكبير ومستشـاروه فى طـرح الإقـتراحات التى من شـأنها أن تجعل من أفـراد
الشـعب) أناسـا متفاعلين تحـس (الحكـومه) بوجـودهم ، إبتدر الإقـتراحات السـيد مســتشار
المسئول) لشئون الجبايات قائلا بعد أن حمد الله وأثنى عليه كثيرا :
- والله يا (سعادتك) أنا بفتكر إنو المسألة بسيطه (ثم يتنحنح ويستعدل فى جلسته) هسع أى زول
من أفراد (الشـعب) ده بيدفع ليهو أقل حـاجه تلاته (جـبايات) فى اليوم .. نحنا نقوم نعمل
لينا (صهاريج) مويه (بارده) فى كل محـل قاعد المواطن يدفع فيهو (جبايه) وأى مواطـن يجى
يدفع نخليهو (بالقوة) ياخد ليهو (دش) بارد مثلج عشان (يصحصح) !!
- (بعد تفكير) : لا لا الإقتراح ده (مكلف) وما بنفع .. صهاريج .. وموية... وتلج .. وحمامات – -مواصلاً-إنتو ما عارفين إنو كلو حاجه ولا (الدفع) والصرف و(النكت) ده ؟؟
طـلب مستشـار (المسؤول) لشئون (الأتاوات) الفرصة للحديث وبعد أن حمدالله وأثنى عليه كثيراً
إبتدر حديثه قائلاً :
- أنا (أحسـب) يا (سـعادتك) إنو الزميل (مستشـار شئون الجبايات) إقتراحو كان ما بطال لولا
إنو (مكـلف) وأنحنا فى هيئة شـئون (الأتاوات) عملنا إحصـائية لقينا إنو متوسط ما يدفعو
(المواطن) من أتاوات فى اليوم (خمسة أتاوات) فأنا بقترح إنو نصرف لكل متحصلى الأتاوات
(مكنات كهرباء) ضغط عالى ومع كل أتاوة يدفعا المواطن نقوم نديهو 60 فولت فى (راسو)عشان
تصحصحو وتخليهو يتفاعل شوية !!
إستمر الإجتماع لسـاعة متأخرة من الليل وقد تراوحت الإقتراحات بين (حمام بارد) و(كهرباء فى الـراس) و(حـقن منشطة) وبعض الإقتراحات الاخرى التى لم تجد حظاً من التأييد لعدم عمليتها إلا أن الإجتماع قد تمخض عن تبنى فكرة قام بتقديمها (سعادتو) بنفسه والتى تم نشرها كمانشتـتات رئيسية على صدر صفحات الصحف الصادرة فى اليوم التالى مباشرة .
صدور القرار:
ديباجة :
- يسمى هذا القرار (قرار الجلد الإنتعاشى) لسنة 2007 ويعمل به بعد التوقيع عليه مباشرة
- ما لم يقتضى السياق معنى آخر فإن :
الجلاد : هو الموظف الحكومى الذى يتم تعيينه من أجل القيام بمهمة الجلد
السوط : هو الأداة المستخدمة فى عملية الجلد
المواطن : هو كل مواطن يحمل الجنسية ذاتها ويقيم فى حدود البلاد الموضحة
المجلده : هى المكان الذى تحدده السلطات لإجراء عملية الجلد
الظهر : هى المنطقة من أسفل المنكبين حتى بداية منطقة (عجز) المواطن
نص القرار :
ينص القرار على أن يتم جلد كل مواطن ذكر بالغ رشيد 20 جلده بسوط على (ظهرة) وذلك من أجل (إنعاشه) حتى يتفاعل مع ما تصدره (الحكومة) من قرارات وحتى يبطل (الكسل والخماله)ويشارك فى (مشروعاتها الحضارية) التى لم تجد من يشارك فيها ، على أن يتم (الجلد) فى (المجـلده) التى تحددها السـلطات المختصـة وبواسـطة (جـلاد) تقوم بتعيينه حكـومة الإقليم الذى تقع فيه عملية (الجلد) .
القرار فى الصحف :
جاء فى إفتتاحية صحيفة (آخر لقطة) والتى دأئما ما تحوذ على (قصب السبق) الصحفى فى كل ما يختص بالقرارات (الحكومية) :
إن هـذا القـرار لهو قـرار حـكيم يصـب فى صالح هـذا الشـعب (الفضـل) الذى تعود (الراحـات والركلسة) وترك (الوظيفة) طائعاً مختاراً مستأثرا حياة (الدعة) والسهولة – وتواصل إفتتاحية الصـحيفة – لقد أثبتت تجارب الشعوب أن (الجلد) من أقوى المحفزات التى تحفز المواطنين على العمـل ودونكم إهـرامات (الفراعنة) التى أشـرف على بناءها المدعو (خفرع) والذى إستهلك فى بنائها98 ألف (حجراً) و670 مليون (سوط) إستخدموا فى تحفيز المواطنين الذين قامواببنائها.
اما صحيفـة (الناس اليوم) والتى تعودت منذ زمـان بعيد أن تمسك (السـوط من النص) فقد قامت بإبراز (نص القرار) فى صدر صفحتها الأولى بينما جاء ضمن إفتتاحيتها الآتى :
إننا لا نرفض القرار نفسه لأننا نرى فيه مخرجا ومحفزاً للمواطنين من أجل التنميةالتى ننشدها جميعا لكننا فى ذات الوقت نطالب (الحكومة) بوضع معايير ثابته لعملية (الجلد) مع الأخذ فى الإعتبار الحالات (المرضية) وحالات (كبار السن) وأصحاب الحاجات الخاصة .
وقد جاء فى مكان آخر من الصحيفة بان و(كالات الأنباء العالمية) قد تناولت القرار بحسبانه قرارا (مذهلاً) يعد الأول من نوعه فى العالم إذ لم يفتح الله على أى من (الحكومات) التى حباها الله بشعب (قلبو ميت) لإستنباط مثل هذا الحل (العملى)الذى من شأنه(تسخين) درجة تفاعل الشعب مع ما تطرحه من مشروعات (مهببه) .
جلدة البداية :
هل يمكن أن تمر هكذا مناسبة دون (عطلة رسمية) بالطبع لا ولكن كعـادة الجهه التى من شـأنها (إعلان العطلات الرسمية) فقد تضاربت الأقوال فبين من يقول أن عطلة يوم (الجـلد الإإنتعاشـى) هى السبت وبين من يقول أنها الأحد غير أن نشرة التاسعة (التلفزيونية) وبعد أن قـامت بعـرض فاصل من مساسل (يا أمى حضرى ليا الغداء) وفاصل آخر من مسلسل (يكلمنى وأكلمو) قد حسمت هذا الامر بإذاعتها للقرار الصادر من السـلطات المختصـة والذى يقول بأن العطـلة الرسـمية ليوم (الجلد الإنتعاشى) هى يوم الخميس وأن أحد كبار المسئولين سوف يقوم (بجلدة البداية) إيذاناً ببداية تفعيل القرار ومن ثم يفتح باب(الجلد) على مصراعيه للجمهور الكريم فى مكان الإحتفال وفى كافة (مراكز الجلد) التى تم إنشائها فى الولايات المختلفة ..
لقد رات اللجنه المنظمة ليوم (الجلد الإنتعاشـى) أن يقام الإحتفال بهذه المناسبة (العظيمة) فى ساحة (الكشافة) المطل على النيل وذلك لأسباب عده أهمها إتاحة الفرصة (للمواطنين) للغطس من أجل تبريد (الجلدات) وبعد أن بدأ الإحتفال بحضور عدد من كبار المسئولين وبعضاً من ممثلى الدول الصديقة قام (المسئول) الكبيربتنفيذ(جلده البداية) وسط تهليل وتكبير الحضور ثم بعد ذلك فتح باب (الجلد) على مصراعيه (للجمهـور) وقد تم فى نهاية الحفل منح (المسؤول الكبير) وسام (السوطين من الطبقة الأولى) تقديراً لتبنيه هذا المشـروع (العظيم) كما قامت (الكشافة) بمنحة نوط (الجلاد الأعظم) !!
صور شعبية :
ضمن فعاليات (يوم الجلدالإنتعاشى ) فقد قام (التلفـزيون) بتقـديم (حلقة خاصـة) من برنامج (صور شعبية) ، فى بداية الحلقة جلس مقدم البرنامج على (بنبر) وعلى يمينه الفنانه (حـوه صاجات) تمسك (بالدلوكة) فى حجـرها وخـلفها أربعة نساء (كـورس) يجلسـن وقد غـطين وجوههـن (متبلمات) بينما جلس على يسار مقدم البرنامج الفنان الشعبى (تمساح الدميرة ) ، الكاميرا Close-up على منضده أمام مقـدم البرنامج موضـوع بها عدد من (السـيطان) من مختلف الأشـكال والأطوال والألوان .
- مشاهدى الكرام فى كل المدن والقرى و(الحلالات) كيف حالكم وكيفن قيلتو .. الليلة يا جماعة
موضوع حلقتنا دى هو (البطان) والبطان ذى ما كلنا عارفين هو (الجلد بالسوط) وذى ماأهلنا
فى شمال الوادى بيقولو إنو (السجن للجدعان) نحنا عندنا هنا (الجلد للجدعان) –يلتفت إلى
يسـاره - وإلا مو كـده يا (تمسـاح الدميرة) ؟ بينما يرد (تمسـاح الدميرة) عـملياحيث يقف
ويتحلل من جلابيته ويضعها على (الكرسى)الذى كان يجلس عليه ثم يقوم برفع العـراقى) طالبا
من (الكاميرامان) الإقتراب قائلاً : شايف شايف يا أســتاذ (السيطان) الفى (ضهرى) دى (على
بالطلاق) كلها أخدتها فى عرس (عثمان ود الضو) وكمان شوف – يحاول التحلل من سـرواله-
بينما المخرج يصرخ : الزول ده وقفوهو..الزول ده عاوز يعمل شنو STOP STOP !!
بعد أن توقف التصوير إتضح أن (تمساح الدميرة) لم يكن يود أظهار أى آثار لسياط أخرى فى أى مكان آخر كما تصور (المخرج) إنما المسألة كلها أن أحدى (نملات) الأستديو قد وجدت لهامستقراً مما جعل (تمساح الدميرة) (يتنفض) ثم (ينكرش) تبعا لحركة (تجوال) النملة ... وبعد أن قام تمساح الدميرة) بنفض (هدومه) وهدأ قليلاً تمت مواصلة (تصوير) الحلقة التى لحسن الحظ لم تكن على الهواء .
- مشـاهدى الكرام بعد ما شفنا(النملة) أقصد (العملة)العملتها(السيطان)فى ضهرأخوناالفنان
(تمساح الدميرة) عاوزين نشـوف (الجلد) والبطان على الطـبيعة – يلا يا (تمسـاح الدميرة)
أدينا غنية حماسة ً :
- يمسك (تمساح الدميرة) بالرق تارة وتارة أخرى يهرش على (قفاه) :
- يا أخوانى البنات القده عطشانه .. (يهرش مكان النملة)
- بتدور الرجال البحمـــلو بطانه
- بتدور الرجال البحملــو بطانه .. (يهرش مكان النملة)
- البجرى نسيبتو مرتو طــلقانه
الليلة هوى يا ليل ... (النملة) هوى يا ليل ... (النملة) هوى يا ليل ..
ثم ما لبث (تمساح الدميرة) أن قام بقطع الأغنية ورمى بالرق جانبا بينما هرع إليه (أفراد
الكـورس) يسـاعدونه فى التحـلل مرة أخرى من ملابسـه وهو يهرش مكان (النملة) ويصيح مشيراً
للموجودين بالأستديو طالبا المساعده :
- (النمله هوى يا هووووى) .. (النمله هوى يا هيييييى) !!!
بينما وقف مخرج (البرنامج) يصيح فى (عصبية) STOPٍٍٍٍ STOP STOP وقف التصوير .. ثم يخاطب
تمساح الدميرة) قائلاً :
- لابس ليكا عمة (ستين متر) وعامل ليا ضهرك ملان (سيطان) ؟ و(نمله) تجهجهك جنس الجهجهه دى ؟
بعد أن أتيحت (لتمساح الدميرة) الفرصة كاملة لخلع ملابسه والتأكد من خلوها من أى كائنات
حية) أعطى (المخرج) إشارته بمعاودة التسجيل :
- مشاهدى الكرام قبل ما (حوه صاجات) دى تدينا نموذج لأغانى (الحماسة) والجماعة المعانا
فى (الكورس) ديل يقوموا يتباطنو عاوز إتكلم ليكم شوية عن (السيطان) وأنواع (السيطان) – يرفع أحد السيطان من المنضده - السوط ده شايفنو؟؟ إسمو (أب لسانين) وذى ما شايفين عندو
(لسانين) يعنى أكان الزول أدوهو (عشرة سيطان) فى الواقع بيكون أخد ليهو(عشرين سوط) ... – يضع أب لسانين جانباً ثم يرفع سـوطاً آخر أسـود اللون – شـايفين السـوط ده ؟؟ ده إسـمو
(أبقرض) وسموهو كده عشان (الجرح البفتحو) ما بتعالج إلا أكان كبو فيهو (قرض) وأب قرض ده
(السوط) الكتل بيهو (حمد المر) طه وداللمين ودحبوب وهو مصـنوع من جـلد (القرنتيه) لكـن
(السـوط) أب لسانين مصنوع من جلد (البقر) – يضع أب قرض على المنضده ثم يواصل – مشاهدى
الكرام (السيطان) دى نجيها بعدين هسع قبل ما (حوه صاجات) تدينا أغنية (حماسه) والجماعة
القدامنا ديل يقوموا (يتباطنو) عـاوز أقول للمشـاهد الكـريم إنو لازم نذكر هنا (فرسـان)
مشهورين إشتهروا بى تحمل (السوط) والوقوف والثبات (للجلد) ذى (حجر الصاقعة البخوى) فى
البطانه وكان عندنا فى الدامر (الزين ود الكلس) وفى الحلاوين عندنا (طـه) الشــهير بى
(حـارس دروب الوكـر) وكمان عنـدنا فى (المناصـير) (عبدالنور ومعاهو أخوانو) وكـمان فى (أتبرا) عندنا (حمد المر) القلناهو قبيلك داك وديل كلهم (فرسـان جلد وبطان) – يلتفت إلى (حوه صاجات) : يلا يا حوه أدينا غنية حماسة خلى (الرجال) ديل (يسخنو) :
- (حوه صاجات) تستعدل الدلوكه ثم تبدأ فى الغناء :
- أنا فوقم بقول كلااااام
دخلوها وصقيرا حام
(الكورس من خلفها) :
دخلوها وصقيرا حااام ... دخلوها وصقيرا حاااام
ما أن كررت (حوه صاجات) هذا المقطع ثلاثة مرات حتى دخـل إلى (حلبة الأستديو) أفراد كورس
(تمسـاح الدميرة) وهم يتقافزون فى الهـواء فى حركات (أوكروباتيه) ويرفـعون أيديهم كمن
يودون الفتك بأعداء متوهمين بعد أن أخذ كل واحد منهم (ســوطاً) من (المنضده) الموضـوعه
أمام مقدم البرنامج بينما قام (تمساح الدميرة) برمى (الرق) جانباوأخذ السوط أب لسانين
وجعل (ينطـط) فى الهواء بعد أن قـام (بخـلع) جلابيته و(التحـلل) من (عـمامته) التى قـام
بربطها حول وسطه وقد (نسى) تماما موضوع (النملة) .
وصل الجميع (درجه الغليان) وهم فى (نشوة حماسية) عارمه وعند اللحظة المناسبة التى تعلمها جيداً (حوه صاجات) بفعل الخبرة والممارسة قامت بتعديل إيقاع (الدلوكة) و(بكسر الاغنية) :
- سم أب درق البنقــع .. (سكته)
جدرى القيح البفقـع .. (سكته)
جن الكلكى البطقـع .. للفرسان قام يصقع
يا يا يا سلااااام
الوزين بى سديرو عام
(الكورس من خلفها) :
يا يا يا سلااااام
الوزين بى سديرو عام
(ثم تواصل وهى تزيد من قوة ضرباتها على الدلوكة) :
قرقر فــــوق الدرب .. (سكته)
كان لاقيتو إنكـــرب .. (سكته)
كان لاقيتو إنكـــرب .. وإستعدل أخد الدرب !!
يا يا يا سلااااام
الوزين بى سديرو عام
وهنا أخذ (أفراد الكورس) يكشفون عن ظهورهم فى حالة هسترماسية (هستيرية- حماسية) وإرتفعت
(السياط ) فى الهواء تلهب الظهور بينما المخرج يصيح STOP STOP ويخاطب الجميع :
- وقفو التصوير وشوفو لينا (تمساح الدميرة) ده مالو بفك فى (تكة السروال) تانى ..الزول
ده ألحقوهوعاوز يعمل شنو؟؟؟
ردود أفعال :
بعد أن تم بث حلـقة برنامج (صور شـعبية) التى تزامنت (خصيصـاً) مع (يوم الجلد الإنتعاشـى) وكشأن الرسالة الإعلامية (الحكومية) دائماً فقد كن (المردود) الإعلامى (سلبياً) حيث أخاف منظر (الجلد والسـياط والدم) معظم المواطنين مما حدا بإدارة (التلفـزيون) ببث حلقـة خاصة من البرنامج الطبى (صحتك) تحدث فيها مقدم البرنامج عن (فوائد الجلد الصحية) وكيف أن للجلد–وخاصة فى منطقة الظهر- (سـبع فوائد) أولها أنه يساعد على (إنسـياب الدورة الدمـوية) مـما يجعل (المواطن) فى حالة نشاط دائم كما (مقدم البرنامج) قد ذكر بأن بعض (الأبحاث الحديثه) قد أكدت أن (الجلد) عـلاج ناجع لحـالات (التهاب السلسـلة الفـقرية) و(إلبواسـير الحاده)
و(الناسور البولى المزمن) وقد شهدت (الحلقه) مداخلة من إحدى المواطنات :
- السلام عليكم
- وعليكم السلام .. بس ممكن توطى صوت (التلفزيون) عشان نسمعك ؟
- .............................
- معانا منو؟
- إنت المعاك منو خليهو ما بفيدك ؟؟ شنو المعلومات الغلط دى وإنت فى جهاز إعلامى) خطير ذى
ده ؟
- معلومات شنو الغلط (كمان) ؟
- إنت يا دكتور ما عارف إنو (الناسور البولى) ده بجى (للنسوان) بس وما مرض(رجال) ؟
- والله يا أستاذه شوفى مرض (رجال) مرض (نسوان) أنحنا فى (كلية الطب) فى (جامعة أم جلافيط)
أدونا ليها كده !!
بيان من هيئة علماء (السلطان) :
كعادتهم دائما فى (إدانه الباطل) والوقوف مع (الحق) فقد أصدر(علماء السلطان) بياناً بحجم (صـفحة ونص)(أدانوا) فيه(المواطنين)الذين(تهربوا)وتوانواعن أخذ(جرعات الجلدالإنتعاشية) – كما ورد فى البيان- إذ أن ذلك من شأنه تثبيط (الهمم) وخمول (النفس) مما يساعد على إنجاح (المخططات)الغربيةوإفشال (المشاريع الحضارية) ولم ينس البيان أن يقوم بتذكير (المواطنين) بأن (طاعة ولى الامر) واجب على (الرعية) بإجماع جميع (الفقهاء)!!
العدد الأسبوعى - صحيفة السودانى
الجمعه الموافق 19 يناير 2007
قام (المسـؤول الكبير) بدعوة جميع مستشــاريه لإجتماع(عــاجل وهام) يععقد بالقاعةالرئيسية للإجتماعات :
- الحقيقة أنا إجتمعت بيكم الليلة عشان موضوع مهم جداً بل غاية فى الأهمية
- إن شاء الله خير عاوزنا نعمل ليك فى الشعب ده شنو؟ إنت بس أطلب
- والله يا جماعة بى صراحة كده أنا الشعب ده ما عاجبنى ؟
- (المجتمعين بصوت واحد ) : نغيرو ليك يا (سعادتك) هسع ؟
- لا.. لا ... تغيروهو ده شنو ؟ ده إسمو كلام ؟؟ يعنى نجيب لينا شعب (أطيب) من ده من وين؟؟
- إنت يا سعادتك الما عاجبك فيهو شنو؟؟
- ده شعب (خمله) شعب (كسلان) .. شعب عاوز يعملو ليهو أى حاجه .. شعب عاوز (الحكومة)تعالجو
وتأكلو وتشربو وتشـترى ليهو الدواء وتعـلم ليهو أولادو وهو نائم ... قلنا نخليهو يصــحى
قمنا (لغينا) مجانية التعليم (صهين) وما قال حاجة .. (لغينا) مجانية العلاج برضو (صهين)
وما قال حاجه .. زدنا ليهو (الكهرباء) وعملناها ليهو (جمرة) برضو (صهين) وما قال حاجـه
عملنا ليهو المويه (جمرة) برضو (ساااكت) .. طلعنا ليهو (البترول) قام فرح قلنا خلاص بدأ
يتفاعل) وبطل (الصهينه) .. قمنا عشـان نختبرو زدنا ليهو (البترول الطلعناهو ذاتو) قام
صهين تانى وما (هببو لينا) وراح نايم ... عليكم الله هسع شعب ذى ده نخليهو (يتفاعل)معانا
و(يصحصح) كيف؟؟
- والله يا سعادتك كلامك صاح ده شعب (قلبو ميت) وعاوز ليهو حاجه تصحيهو
- ما ياها دى المشكلة الأنا جبتكم عشان نتشاور فيها ونلاقى ليها حل
وبدأ المسـؤول الكبير ومستشـاروه فى طـرح الإقـتراحات التى من شـأنها أن تجعل من أفـراد
الشـعب) أناسـا متفاعلين تحـس (الحكـومه) بوجـودهم ، إبتدر الإقـتراحات السـيد مســتشار
المسئول) لشئون الجبايات قائلا بعد أن حمد الله وأثنى عليه كثيرا :
- والله يا (سعادتك) أنا بفتكر إنو المسألة بسيطه (ثم يتنحنح ويستعدل فى جلسته) هسع أى زول
من أفراد (الشـعب) ده بيدفع ليهو أقل حـاجه تلاته (جـبايات) فى اليوم .. نحنا نقوم نعمل
لينا (صهاريج) مويه (بارده) فى كل محـل قاعد المواطن يدفع فيهو (جبايه) وأى مواطـن يجى
يدفع نخليهو (بالقوة) ياخد ليهو (دش) بارد مثلج عشان (يصحصح) !!
- (بعد تفكير) : لا لا الإقتراح ده (مكلف) وما بنفع .. صهاريج .. وموية... وتلج .. وحمامات – -مواصلاً-إنتو ما عارفين إنو كلو حاجه ولا (الدفع) والصرف و(النكت) ده ؟؟
طـلب مستشـار (المسؤول) لشئون (الأتاوات) الفرصة للحديث وبعد أن حمدالله وأثنى عليه كثيراً
إبتدر حديثه قائلاً :
- أنا (أحسـب) يا (سـعادتك) إنو الزميل (مستشـار شئون الجبايات) إقتراحو كان ما بطال لولا
إنو (مكـلف) وأنحنا فى هيئة شـئون (الأتاوات) عملنا إحصـائية لقينا إنو متوسط ما يدفعو
(المواطن) من أتاوات فى اليوم (خمسة أتاوات) فأنا بقترح إنو نصرف لكل متحصلى الأتاوات
(مكنات كهرباء) ضغط عالى ومع كل أتاوة يدفعا المواطن نقوم نديهو 60 فولت فى (راسو)عشان
تصحصحو وتخليهو يتفاعل شوية !!
إستمر الإجتماع لسـاعة متأخرة من الليل وقد تراوحت الإقتراحات بين (حمام بارد) و(كهرباء فى الـراس) و(حـقن منشطة) وبعض الإقتراحات الاخرى التى لم تجد حظاً من التأييد لعدم عمليتها إلا أن الإجتماع قد تمخض عن تبنى فكرة قام بتقديمها (سعادتو) بنفسه والتى تم نشرها كمانشتـتات رئيسية على صدر صفحات الصحف الصادرة فى اليوم التالى مباشرة .
صدور القرار:
ديباجة :
- يسمى هذا القرار (قرار الجلد الإنتعاشى) لسنة 2007 ويعمل به بعد التوقيع عليه مباشرة
- ما لم يقتضى السياق معنى آخر فإن :
الجلاد : هو الموظف الحكومى الذى يتم تعيينه من أجل القيام بمهمة الجلد
السوط : هو الأداة المستخدمة فى عملية الجلد
المواطن : هو كل مواطن يحمل الجنسية ذاتها ويقيم فى حدود البلاد الموضحة
المجلده : هى المكان الذى تحدده السلطات لإجراء عملية الجلد
الظهر : هى المنطقة من أسفل المنكبين حتى بداية منطقة (عجز) المواطن
نص القرار :
ينص القرار على أن يتم جلد كل مواطن ذكر بالغ رشيد 20 جلده بسوط على (ظهرة) وذلك من أجل (إنعاشه) حتى يتفاعل مع ما تصدره (الحكومة) من قرارات وحتى يبطل (الكسل والخماله)ويشارك فى (مشروعاتها الحضارية) التى لم تجد من يشارك فيها ، على أن يتم (الجلد) فى (المجـلده) التى تحددها السـلطات المختصـة وبواسـطة (جـلاد) تقوم بتعيينه حكـومة الإقليم الذى تقع فيه عملية (الجلد) .
القرار فى الصحف :
جاء فى إفتتاحية صحيفة (آخر لقطة) والتى دأئما ما تحوذ على (قصب السبق) الصحفى فى كل ما يختص بالقرارات (الحكومية) :
إن هـذا القـرار لهو قـرار حـكيم يصـب فى صالح هـذا الشـعب (الفضـل) الذى تعود (الراحـات والركلسة) وترك (الوظيفة) طائعاً مختاراً مستأثرا حياة (الدعة) والسهولة – وتواصل إفتتاحية الصـحيفة – لقد أثبتت تجارب الشعوب أن (الجلد) من أقوى المحفزات التى تحفز المواطنين على العمـل ودونكم إهـرامات (الفراعنة) التى أشـرف على بناءها المدعو (خفرع) والذى إستهلك فى بنائها98 ألف (حجراً) و670 مليون (سوط) إستخدموا فى تحفيز المواطنين الذين قامواببنائها.
اما صحيفـة (الناس اليوم) والتى تعودت منذ زمـان بعيد أن تمسك (السـوط من النص) فقد قامت بإبراز (نص القرار) فى صدر صفحتها الأولى بينما جاء ضمن إفتتاحيتها الآتى :
إننا لا نرفض القرار نفسه لأننا نرى فيه مخرجا ومحفزاً للمواطنين من أجل التنميةالتى ننشدها جميعا لكننا فى ذات الوقت نطالب (الحكومة) بوضع معايير ثابته لعملية (الجلد) مع الأخذ فى الإعتبار الحالات (المرضية) وحالات (كبار السن) وأصحاب الحاجات الخاصة .
وقد جاء فى مكان آخر من الصحيفة بان و(كالات الأنباء العالمية) قد تناولت القرار بحسبانه قرارا (مذهلاً) يعد الأول من نوعه فى العالم إذ لم يفتح الله على أى من (الحكومات) التى حباها الله بشعب (قلبو ميت) لإستنباط مثل هذا الحل (العملى)الذى من شأنه(تسخين) درجة تفاعل الشعب مع ما تطرحه من مشروعات (مهببه) .
جلدة البداية :
هل يمكن أن تمر هكذا مناسبة دون (عطلة رسمية) بالطبع لا ولكن كعـادة الجهه التى من شـأنها (إعلان العطلات الرسمية) فقد تضاربت الأقوال فبين من يقول أن عطلة يوم (الجـلد الإإنتعاشـى) هى السبت وبين من يقول أنها الأحد غير أن نشرة التاسعة (التلفزيونية) وبعد أن قـامت بعـرض فاصل من مساسل (يا أمى حضرى ليا الغداء) وفاصل آخر من مسلسل (يكلمنى وأكلمو) قد حسمت هذا الامر بإذاعتها للقرار الصادر من السـلطات المختصـة والذى يقول بأن العطـلة الرسـمية ليوم (الجلد الإنتعاشى) هى يوم الخميس وأن أحد كبار المسئولين سوف يقوم (بجلدة البداية) إيذاناً ببداية تفعيل القرار ومن ثم يفتح باب(الجلد) على مصراعيه للجمهور الكريم فى مكان الإحتفال وفى كافة (مراكز الجلد) التى تم إنشائها فى الولايات المختلفة ..
لقد رات اللجنه المنظمة ليوم (الجلد الإنتعاشـى) أن يقام الإحتفال بهذه المناسبة (العظيمة) فى ساحة (الكشافة) المطل على النيل وذلك لأسباب عده أهمها إتاحة الفرصة (للمواطنين) للغطس من أجل تبريد (الجلدات) وبعد أن بدأ الإحتفال بحضور عدد من كبار المسئولين وبعضاً من ممثلى الدول الصديقة قام (المسئول) الكبيربتنفيذ(جلده البداية) وسط تهليل وتكبير الحضور ثم بعد ذلك فتح باب (الجلد) على مصراعيه (للجمهـور) وقد تم فى نهاية الحفل منح (المسؤول الكبير) وسام (السوطين من الطبقة الأولى) تقديراً لتبنيه هذا المشـروع (العظيم) كما قامت (الكشافة) بمنحة نوط (الجلاد الأعظم) !!
صور شعبية :
ضمن فعاليات (يوم الجلدالإنتعاشى ) فقد قام (التلفـزيون) بتقـديم (حلقة خاصـة) من برنامج (صور شعبية) ، فى بداية الحلقة جلس مقدم البرنامج على (بنبر) وعلى يمينه الفنانه (حـوه صاجات) تمسك (بالدلوكة) فى حجـرها وخـلفها أربعة نساء (كـورس) يجلسـن وقد غـطين وجوههـن (متبلمات) بينما جلس على يسار مقدم البرنامج الفنان الشعبى (تمساح الدميرة ) ، الكاميرا Close-up على منضده أمام مقـدم البرنامج موضـوع بها عدد من (السـيطان) من مختلف الأشـكال والأطوال والألوان .
- مشاهدى الكرام فى كل المدن والقرى و(الحلالات) كيف حالكم وكيفن قيلتو .. الليلة يا جماعة
موضوع حلقتنا دى هو (البطان) والبطان ذى ما كلنا عارفين هو (الجلد بالسوط) وذى ماأهلنا
فى شمال الوادى بيقولو إنو (السجن للجدعان) نحنا عندنا هنا (الجلد للجدعان) –يلتفت إلى
يسـاره - وإلا مو كـده يا (تمسـاح الدميرة) ؟ بينما يرد (تمسـاح الدميرة) عـملياحيث يقف
ويتحلل من جلابيته ويضعها على (الكرسى)الذى كان يجلس عليه ثم يقوم برفع العـراقى) طالبا
من (الكاميرامان) الإقتراب قائلاً : شايف شايف يا أســتاذ (السيطان) الفى (ضهرى) دى (على
بالطلاق) كلها أخدتها فى عرس (عثمان ود الضو) وكمان شوف – يحاول التحلل من سـرواله-
بينما المخرج يصرخ : الزول ده وقفوهو..الزول ده عاوز يعمل شنو STOP STOP !!
بعد أن توقف التصوير إتضح أن (تمساح الدميرة) لم يكن يود أظهار أى آثار لسياط أخرى فى أى مكان آخر كما تصور (المخرج) إنما المسألة كلها أن أحدى (نملات) الأستديو قد وجدت لهامستقراً مما جعل (تمساح الدميرة) (يتنفض) ثم (ينكرش) تبعا لحركة (تجوال) النملة ... وبعد أن قام تمساح الدميرة) بنفض (هدومه) وهدأ قليلاً تمت مواصلة (تصوير) الحلقة التى لحسن الحظ لم تكن على الهواء .
- مشـاهدى الكرام بعد ما شفنا(النملة) أقصد (العملة)العملتها(السيطان)فى ضهرأخوناالفنان
(تمساح الدميرة) عاوزين نشـوف (الجلد) والبطان على الطـبيعة – يلا يا (تمسـاح الدميرة)
أدينا غنية حماسة ً :
- يمسك (تمساح الدميرة) بالرق تارة وتارة أخرى يهرش على (قفاه) :
- يا أخوانى البنات القده عطشانه .. (يهرش مكان النملة)
- بتدور الرجال البحمـــلو بطانه
- بتدور الرجال البحملــو بطانه .. (يهرش مكان النملة)
- البجرى نسيبتو مرتو طــلقانه
الليلة هوى يا ليل ... (النملة) هوى يا ليل ... (النملة) هوى يا ليل ..
ثم ما لبث (تمساح الدميرة) أن قام بقطع الأغنية ورمى بالرق جانبا بينما هرع إليه (أفراد
الكـورس) يسـاعدونه فى التحـلل مرة أخرى من ملابسـه وهو يهرش مكان (النملة) ويصيح مشيراً
للموجودين بالأستديو طالبا المساعده :
- (النمله هوى يا هووووى) .. (النمله هوى يا هيييييى) !!!
بينما وقف مخرج (البرنامج) يصيح فى (عصبية) STOPٍٍٍٍ STOP STOP وقف التصوير .. ثم يخاطب
تمساح الدميرة) قائلاً :
- لابس ليكا عمة (ستين متر) وعامل ليا ضهرك ملان (سيطان) ؟ و(نمله) تجهجهك جنس الجهجهه دى ؟
بعد أن أتيحت (لتمساح الدميرة) الفرصة كاملة لخلع ملابسه والتأكد من خلوها من أى كائنات
حية) أعطى (المخرج) إشارته بمعاودة التسجيل :
- مشاهدى الكرام قبل ما (حوه صاجات) دى تدينا نموذج لأغانى (الحماسة) والجماعة المعانا
فى (الكورس) ديل يقوموا يتباطنو عاوز إتكلم ليكم شوية عن (السيطان) وأنواع (السيطان) – يرفع أحد السيطان من المنضده - السوط ده شايفنو؟؟ إسمو (أب لسانين) وذى ما شايفين عندو
(لسانين) يعنى أكان الزول أدوهو (عشرة سيطان) فى الواقع بيكون أخد ليهو(عشرين سوط) ... – يضع أب لسانين جانباً ثم يرفع سـوطاً آخر أسـود اللون – شـايفين السـوط ده ؟؟ ده إسـمو
(أبقرض) وسموهو كده عشان (الجرح البفتحو) ما بتعالج إلا أكان كبو فيهو (قرض) وأب قرض ده
(السوط) الكتل بيهو (حمد المر) طه وداللمين ودحبوب وهو مصـنوع من جـلد (القرنتيه) لكـن
(السـوط) أب لسانين مصنوع من جلد (البقر) – يضع أب قرض على المنضده ثم يواصل – مشاهدى
الكرام (السيطان) دى نجيها بعدين هسع قبل ما (حوه صاجات) تدينا أغنية (حماسه) والجماعة
القدامنا ديل يقوموا (يتباطنو) عـاوز أقول للمشـاهد الكـريم إنو لازم نذكر هنا (فرسـان)
مشهورين إشتهروا بى تحمل (السوط) والوقوف والثبات (للجلد) ذى (حجر الصاقعة البخوى) فى
البطانه وكان عندنا فى الدامر (الزين ود الكلس) وفى الحلاوين عندنا (طـه) الشــهير بى
(حـارس دروب الوكـر) وكمان عنـدنا فى (المناصـير) (عبدالنور ومعاهو أخوانو) وكـمان فى (أتبرا) عندنا (حمد المر) القلناهو قبيلك داك وديل كلهم (فرسـان جلد وبطان) – يلتفت إلى (حوه صاجات) : يلا يا حوه أدينا غنية حماسة خلى (الرجال) ديل (يسخنو) :
- (حوه صاجات) تستعدل الدلوكه ثم تبدأ فى الغناء :
- أنا فوقم بقول كلااااام
دخلوها وصقيرا حام
(الكورس من خلفها) :
دخلوها وصقيرا حااام ... دخلوها وصقيرا حاااام
ما أن كررت (حوه صاجات) هذا المقطع ثلاثة مرات حتى دخـل إلى (حلبة الأستديو) أفراد كورس
(تمسـاح الدميرة) وهم يتقافزون فى الهـواء فى حركات (أوكروباتيه) ويرفـعون أيديهم كمن
يودون الفتك بأعداء متوهمين بعد أن أخذ كل واحد منهم (ســوطاً) من (المنضده) الموضـوعه
أمام مقدم البرنامج بينما قام (تمساح الدميرة) برمى (الرق) جانباوأخذ السوط أب لسانين
وجعل (ينطـط) فى الهواء بعد أن قـام (بخـلع) جلابيته و(التحـلل) من (عـمامته) التى قـام
بربطها حول وسطه وقد (نسى) تماما موضوع (النملة) .
وصل الجميع (درجه الغليان) وهم فى (نشوة حماسية) عارمه وعند اللحظة المناسبة التى تعلمها جيداً (حوه صاجات) بفعل الخبرة والممارسة قامت بتعديل إيقاع (الدلوكة) و(بكسر الاغنية) :
- سم أب درق البنقــع .. (سكته)
جدرى القيح البفقـع .. (سكته)
جن الكلكى البطقـع .. للفرسان قام يصقع
يا يا يا سلااااام
الوزين بى سديرو عام
(الكورس من خلفها) :
يا يا يا سلااااام
الوزين بى سديرو عام
(ثم تواصل وهى تزيد من قوة ضرباتها على الدلوكة) :
قرقر فــــوق الدرب .. (سكته)
كان لاقيتو إنكـــرب .. (سكته)
كان لاقيتو إنكـــرب .. وإستعدل أخد الدرب !!
يا يا يا سلااااام
الوزين بى سديرو عام
وهنا أخذ (أفراد الكورس) يكشفون عن ظهورهم فى حالة هسترماسية (هستيرية- حماسية) وإرتفعت
(السياط ) فى الهواء تلهب الظهور بينما المخرج يصيح STOP STOP ويخاطب الجميع :
- وقفو التصوير وشوفو لينا (تمساح الدميرة) ده مالو بفك فى (تكة السروال) تانى ..الزول
ده ألحقوهوعاوز يعمل شنو؟؟؟
ردود أفعال :
بعد أن تم بث حلـقة برنامج (صور شـعبية) التى تزامنت (خصيصـاً) مع (يوم الجلد الإنتعاشـى) وكشأن الرسالة الإعلامية (الحكومية) دائماً فقد كن (المردود) الإعلامى (سلبياً) حيث أخاف منظر (الجلد والسـياط والدم) معظم المواطنين مما حدا بإدارة (التلفـزيون) ببث حلقـة خاصة من البرنامج الطبى (صحتك) تحدث فيها مقدم البرنامج عن (فوائد الجلد الصحية) وكيف أن للجلد–وخاصة فى منطقة الظهر- (سـبع فوائد) أولها أنه يساعد على (إنسـياب الدورة الدمـوية) مـما يجعل (المواطن) فى حالة نشاط دائم كما (مقدم البرنامج) قد ذكر بأن بعض (الأبحاث الحديثه) قد أكدت أن (الجلد) عـلاج ناجع لحـالات (التهاب السلسـلة الفـقرية) و(إلبواسـير الحاده)
و(الناسور البولى المزمن) وقد شهدت (الحلقه) مداخلة من إحدى المواطنات :
- السلام عليكم
- وعليكم السلام .. بس ممكن توطى صوت (التلفزيون) عشان نسمعك ؟
- .............................
- معانا منو؟
- إنت المعاك منو خليهو ما بفيدك ؟؟ شنو المعلومات الغلط دى وإنت فى جهاز إعلامى) خطير ذى
ده ؟
- معلومات شنو الغلط (كمان) ؟
- إنت يا دكتور ما عارف إنو (الناسور البولى) ده بجى (للنسوان) بس وما مرض(رجال) ؟
- والله يا أستاذه شوفى مرض (رجال) مرض (نسوان) أنحنا فى (كلية الطب) فى (جامعة أم جلافيط)
أدونا ليها كده !!
بيان من هيئة علماء (السلطان) :
كعادتهم دائما فى (إدانه الباطل) والوقوف مع (الحق) فقد أصدر(علماء السلطان) بياناً بحجم (صـفحة ونص)(أدانوا) فيه(المواطنين)الذين(تهربوا)وتوانواعن أخذ(جرعات الجلدالإنتعاشية) – كما ورد فى البيان- إذ أن ذلك من شأنه تثبيط (الهمم) وخمول (النفس) مما يساعد على إنجاح (المخططات)الغربيةوإفشال (المشاريع الحضارية) ولم ينس البيان أن يقوم بتذكير (المواطنين) بأن (طاعة ولى الامر) واجب على (الرعية) بإجماع جميع (الفقهاء)!!
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
بقية وسام السوطين ..والجلاد الاعظم
بيان من جمعية حقوق المواطن :
فى بيان مقتضب نشر بذات الصحيفة لجمعية (حقوق المواطن الحكومية) جاء ما يلى :
لقد لاحظت (الجمعية) وهى تراقب بحذر ما يجرى فى (مراكز الجلد) بأن (السياط) المستخدمة غير مطابقـة (للمواصـفات العالمية) لا من حيث (طول السـوط) ولا من حيث (المـواد المسـتخدمة) فى تصـنيعه إذ إتضـح أن (الكثافة النوعية) و(الـوزن الذرى) لهذه (السـياط) المسـتـخدمة غـير (قياسـى) وغير مطابق (للمواصفات العالمية) المعتمده لذا تهيب الجمعية (بالحكومة) بالتقيد بما جاء فى المـادة السـابعة فقرة 12 (ب) من إتفـاقية (جنيف) الخـاصة (بإنعاش المواطنين) والتى تقضى بإستخدام(السياط القياسية) والعمل على توفير(بيئة نموذجيه) فى (مراكز الجلد).
جوله فى مراكز الجلد الإنتعاشى) :
فى جوله (تفقديه) قامت بها (اللجنه العليا) لمتابعه (قرار الجلد الإنتعاشى) جاء تقــريرها محتوياً على النقاط والملاحظات التاليه :
1- ضعف إقبال (المواطنين) على مراكز (الجلد)
2- معظم المواطنين يقومون بعملية ما يعرف (بالرديف) حيث يقومون بلباس (سراويل) عديده
إتقاء لضربات(السياط) وتخفيفها مما (يفرغ) القرار من أهدافه .
3- (إنتحال الشخصية) بحيث يقوم (مواطن) بإنتحال شخصية (مواطن آخر) وينجلد بدلاً عنه لقاء
مبلغ من المال بل لقد إنتشرت أكشاك (قدر ظروفك) للجلد (البديل) !!
4- تفشى حالات (الرشوة) بين (الجلادين) وذلك من أجل تخفيف (الجلد)
5- تفشى حالات (المحسوبية) بين (الجلادين) وبعض (المجلودين) المعارف
6- إرتفاع تكلفة (تفعيل القرار) وذلك لمطالبه (الجلادين) بساعات أجر إضافية Overtime وبدل
وجبه وبدل (زيت سمسم) لزوم (الفلايت)!
وقد قام أعضاء اللجنه العليا لمتابعة (قرار الجلد الإنتعاشى) بإقتراح الحلول التالية :
1- ضعف إقبال المواطنين :
عزت اللجنه ذلك لضعف ( الرسالة الإعلامية الحكومية ) ووصفتها بانها غير مقنعة وإســتدلت
على ذلك بالبرامج (التلفزيونية) التى تم عرضـها فى فعاليات (يوم الجلد الإنتعاشـى) وقد
قررت اللجنه العليا وحتى يكون (المواطن) ملزماً بالحضـور لمراكز الجـلد أن تكون هـنالك
شهاده (خلو طرف من الجلد) تمنح لكل (مواطن) يتم (جلده) على أن يتم إبراز هذه الشـهاده
عند إجراء (المواطن) لأى معامله تخصة .. ترخيص عربة .. إستخراج رخصة محل ... إســتخراج
جواز سفر .. مغادرة البلاد .. ستخراج شهادة دراسية .. دخول معاينه ...إلخ ، على أن يتم
(تدعيم) ذلك بكشات (جلد إنتعاشى) فى الأسواق وأماكن العمل والطرق الرئيسية .
2- بالنسبة لعمليات (الترديف) التى يقوم بها بعض (المواطنين) فقد أوصت اللجنه بإســتيراد
أجهزه كشف (فوق البنفسجية) ووضع جهاز بكل (مركز جلد) لكشف حالات (الترديف) ومنعها .
3- أما عن مسأله أن ينجلد (مواطن) بدلا عن أخيه (المواطن) لقاء (مال) أو خوفا من (جرســه)
فقد تقرر أن يكون (الجلد) بعد ‘براز بطاقة شخصية سارية المفعول .
4- أما عن تفشى حالات (الرشــوة والمحســوبية) فقد رأت اللجنه ســفر وفد على مستو عال إلى
(جمهورية رومانيا) لإسـتيراد 5500 (جلاد آلى) ليعمل بدلاً عن (الجلادين) إذ أن ذلك من شأنه
تفادى حالات (الرشــوة والمحسوبية) وتخفيض (تكلفة تفعيل القرار) وذلك بإحالة الجــلادين
إلى (الصالح العام) . وحتى وصــول (أجـهزة الجــلاد الآلى) فقد رأت اللجنه درءاً لحــالات
(الرشوة)ً لحالات (المحسـوبية) أن يتم جلد المواطنين بعيدا عن أماكن سـكناهم فيتم جـلد
سكان(أبوسعد) فى (الكلاكلة) وسكان (الكلاكلة) فى (حلة حمد) وهكذا !!
الصفقة مضروبه :
جاء على صدر صفحات صحيفة (المحن) خبرا بعنوان (الجلاد الآلى المضروب) ما يلى :
تأكد من مصــادر قوية تقيم فى العاصمة (الرومانية) بوخارست بأنه قد تبين بأن صفقة (الجلاد الآلى) التى تعـاقدت معها (الحـكومة) ممثلة فى الوفـد عال المســتوى تأكد لها بأنها صفقـة (مضروبه) و(سكند هاند)وقد تم إدخالها (الورش)الخاصةبالمصنع من أجل عملية إعادة (تعميرها) Reconditioning كما أضافت نفس المصادر بأن (أجهزة الجلاد الآلى) التى تم التعاقد عليها هى ذات الأجهزة التى كان يستخدمها الديكتاتور (تشاوسيسكو) لجلد مواطنيه قبل أكثر نصف قرن !!
وعلى (هامش) هذا الخبر فقد جاء فى عمود (أسرار وراء الأخبار) بذات الصحيفة بأن الجهه التى قامت بالتعاقد على شراء أجهزة الكشف فوق البنفسجية التى سوف يناط بها كشف حالات (الترديف)التى يقوم بها (المواطنون) هى شركة (تنهبون) التى يمتلكها (شقيق) أحد كبار(المسئولين)!!
خلو طرف الجيوب :
لما كانت (شهادة خلو طرف من الجلد) من الأهـمية للمواطن بمكان حيث لا يمكن له إســتخراج أى وثيقة أو المغادرة لأى جهه أو إنجازأى (معاملة) دون الحصول عليها فقد بات أمر (إستخراجها) مصدراً من مصادر (الدخل القومى) الشئ الذى حدا برئيس (اللجنه العليا ) بالدعوة إلى إجتماع لوضع الضوابط والأسس (والرسوم) التى تمنح بها تلك الشهادة :
- طبعاياجـماعه إنتو عـارفين إنو(البلد) دى بدون(إيرادات داخـلية)مابتمشـى لأنـو(الإيرادات
الخـارجية) دى يا دوبك (مكفيانا) نحنا !! عشــان كده أهو الله من نعمتو علينا جـاب لينا
حكاية(شهادة خلو طرف من الجلد) دى عشان ندخل بيها شوية (إيرادات)
- والمطلوب مننا شنو يا (ريس) نحنا جاهزين!!
- المطلوب منكم إنكم (تنحتو راسكم) وتورونا نستفيد من مسألة (الجلد الإنتعاشى) دى كيف ؟؟
يعنى حكاية (شهادة خلو طرف من الجلد) دى نعمل ليها (رسوم) كم؟وكيف؟ -ثم مواصلاً- والحمدلله
إنو الإجتماع ده بيحضرو معانا دكتور (حمـد أبوجبايه ) مستشـار الهـيئة لشئون (الإبتكار)
بعد ما جا من (الحج) وأكيد ح (يبتكر) لينا (حاجات تمام) وح يكون عندو (رؤيه شـــرعية)
للموضوع :
- ( دكتور أبوجبايه يستعدل فى جلسته وينظر فى ملف أمامه) : بسم الله الرحمن الرحيم .. شكراً
أخى (رئيس اللجنة العليا) وأحسب أن هذا إجتماعاً (مباركا) بإذن الله ..
- أها يا دكتور ممكن تعمل لينا شنو فى موضوع (الجلد الإنتعاشى) ده ؟؟
- والله الحقيقه يا جماعة أنا لمن سمعت خبر موضـوع (الجلد الإنتعاشــى) ده وأنا فى (الحج)
قمت طوالى (صـليت ليا ركعتين لله ) وعملت ليا فيهو (ورقـه) وإن شاء الله أقدمها فى (مؤتمر
الهيئة التأسيسى ) الح ينعقد السنه الجايه دى ... وطبعا يا جماعه إنتو كلكم عارفين إنو
(عنوان رسالة الدكتوراة) بتاعتى كان ( المال المستفاد من تنفيض جيوب العباد) – مواصلاً-
يعنى لا يخامركم أدنى شك أو ظن ياجماعة بإنى رايح أنفض ليكم (جيـوب المواطنين) ديل لمن
يقولوا (الروووووب)
- أها لكن كيف يا دكتور؟؟
- أيوااا ..أول حاجه نمسك رسوم (شهادة خلو الطرف من الجلد) ودى أنا قسمتها لى تلاته فئات :
الفئة الأولى : وديل الناس العاوزين (ينجلدوا) وياخدو (الشهاده) .. وديل (رسوم الشهاده)
بتاعتهم عشان ح (ينجلدو) ح تكون خفيفة يعنى ممكن (ميت ألف جنيه) !!
والفئة التانية:ديل(المواطنين)المرضانين أوالعندهم أعذار وديل عشان ما(يموتو لينا فى
إيدنا) ما ح (ينجلدو) لكن رسوم الشهادة بتاعتهم ح تكون كبيرة شوية يعنى قولوا (خمسميت
ألف جنيه)
أما الفئة التالته : فديل الناس الما بقدروا على (العشــرين سوط) لكن ممكن ياخدو(عشرة)
سيطان ... (خمسة سيطان) .. تلاته سيطان
- وديل يا دكتور ح نعمل معاهم شنو؟؟
- أيواا ... ديل ح نبيع ليهم (السيطان)
- الكلام ده كيف يا دكتور؟؟ لمن نبيع ليهم السيطان (نجلدهم) بى شنو؟؟
- (وهو يبتسم إبتسامة ماكرة) : إنتو بس أصبروا معايا شوية وأنا ح أشرح ليكم المسألة – ثم
مواصلاً الشرح فى زهو- لو قلنا (السوط) بى عشرة ألف جنيه مثلاً بعد ده (المواطن) ممكن يدفع
(ميت ألف) حقت (عشرة سيطان) وينجلد (عشرة (سيطان) والبدفع حق (خمسه سيطان) يعنى (خمسين
ألف) يكون فضل ليهو (خمسطاشر سوط) ينجلدهم وهكذا .. يعنى (الزول) ممكن يشترى (السيطان)
بتاعتو الح ينجلدهم !!
- الله لا كسبك يا دكتور والله (الدكتوراة) عندك !! دى فكرت فيها كيف؟؟
- ومال أيه؟؟؟؟؟؟ والله مش أخليهم ليكم (يدفعو وينجلدو) كمان لو عايزينى والله أخليهم يعملو
ليكم(نوم العازب)
- عفـارم عليك .. لكن هسع يا دكتور معقول (المال المستفاد) من القرار ده يكون بس (شهادات
خلو الطرف) دى ؟؟؟ مافى مالن مستفادن تانى ؟؟
- طبعا فى ... إنتو بس يا جماعه روقو شــويه – يتنحنح ثم يواصــل- الحكومة هسع عندها حسب
الإحصائيات 600 شركة بتاعتا .. أنحنا ح نعملهم 601 لأننا ح نقوم بتأسيــس شركة (تجلدون)
والشركة دى ح تقوم بإنشـاء مراكز للجلد (الفاخـر) ودى طبعاً عشان (ينجلدوا) فيها النـاس
(المرطبين) ومرتاحين ... يعنى المركز يكون مؤثث ومكيف مركزياً والزول قبل (الجلد) يدوهو
(كبايه عصـير مشـكل) بارد و سندوتش (بيرقر جامبو) ويكون فى (ســستر) تفحص ليهو (الضغط)
و(الدم) والحاجات الزى دى وكمان (السيطان) ذاتا تكون ناعمة و(مستورده) وطبقا للمواصفات
العالميه !! – يلتفت نحو (رئيس اللجنه) - وطبعاً كل شئ بى تمنو !!!
وعشــان ما أنسى يا جماعه الشركة دى برضو ح يكون عندها (سيارات) مجهزة عشان تقوم بمهمة
توصــيل (خدمة الجلد للمنازل) يعنى الزول بدل ما يتعب ويمشى (ينجلد) فى المراكز العامة
بتاعت (الجلد) مع (العطالة) و(الشماسة) ممكن بس من الموبايل بتاعو يحدد مكان وجودو وين
والفريق بتاع (الجلد) المختص يمشى (يجلدو) فى بكانو ..- يلتفت نحو (رئيس اللجنه) -
وكلو طبعاً بى تمنو !!
- الله لا كسبك يا دكتور إنت الحاجات دى بتجيبا من وين !!!!
- إنتو قايلين (الدكتوراه) بتاعتى دى فى (الكيمياء الحيوية) ؟؟ - مواصلا وهو يضحك - دى فى
(نفيض جيوب العباد) – ثم فى خبث :
- وكمان ..
- الجميع يقاطعونه بصوت واحد) : وكمان شنو يا دكتور ؟؟
- وكمان عملتها فى (رومانيا) !!!!
و
بيان من جمعية حقوق المواطن :
فى بيان مقتضب نشر بذات الصحيفة لجمعية (حقوق المواطن الحكومية) جاء ما يلى :
لقد لاحظت (الجمعية) وهى تراقب بحذر ما يجرى فى (مراكز الجلد) بأن (السياط) المستخدمة غير مطابقـة (للمواصـفات العالمية) لا من حيث (طول السـوط) ولا من حيث (المـواد المسـتخدمة) فى تصـنيعه إذ إتضـح أن (الكثافة النوعية) و(الـوزن الذرى) لهذه (السـياط) المسـتـخدمة غـير (قياسـى) وغير مطابق (للمواصفات العالمية) المعتمده لذا تهيب الجمعية (بالحكومة) بالتقيد بما جاء فى المـادة السـابعة فقرة 12 (ب) من إتفـاقية (جنيف) الخـاصة (بإنعاش المواطنين) والتى تقضى بإستخدام(السياط القياسية) والعمل على توفير(بيئة نموذجيه) فى (مراكز الجلد).
جوله فى مراكز الجلد الإنتعاشى) :
فى جوله (تفقديه) قامت بها (اللجنه العليا) لمتابعه (قرار الجلد الإنتعاشى) جاء تقــريرها محتوياً على النقاط والملاحظات التاليه :
1- ضعف إقبال (المواطنين) على مراكز (الجلد)
2- معظم المواطنين يقومون بعملية ما يعرف (بالرديف) حيث يقومون بلباس (سراويل) عديده
إتقاء لضربات(السياط) وتخفيفها مما (يفرغ) القرار من أهدافه .
3- (إنتحال الشخصية) بحيث يقوم (مواطن) بإنتحال شخصية (مواطن آخر) وينجلد بدلاً عنه لقاء
مبلغ من المال بل لقد إنتشرت أكشاك (قدر ظروفك) للجلد (البديل) !!
4- تفشى حالات (الرشوة) بين (الجلادين) وذلك من أجل تخفيف (الجلد)
5- تفشى حالات (المحسوبية) بين (الجلادين) وبعض (المجلودين) المعارف
6- إرتفاع تكلفة (تفعيل القرار) وذلك لمطالبه (الجلادين) بساعات أجر إضافية Overtime وبدل
وجبه وبدل (زيت سمسم) لزوم (الفلايت)!
وقد قام أعضاء اللجنه العليا لمتابعة (قرار الجلد الإنتعاشى) بإقتراح الحلول التالية :
1- ضعف إقبال المواطنين :
عزت اللجنه ذلك لضعف ( الرسالة الإعلامية الحكومية ) ووصفتها بانها غير مقنعة وإســتدلت
على ذلك بالبرامج (التلفزيونية) التى تم عرضـها فى فعاليات (يوم الجلد الإنتعاشـى) وقد
قررت اللجنه العليا وحتى يكون (المواطن) ملزماً بالحضـور لمراكز الجـلد أن تكون هـنالك
شهاده (خلو طرف من الجلد) تمنح لكل (مواطن) يتم (جلده) على أن يتم إبراز هذه الشـهاده
عند إجراء (المواطن) لأى معامله تخصة .. ترخيص عربة .. إستخراج رخصة محل ... إســتخراج
جواز سفر .. مغادرة البلاد .. ستخراج شهادة دراسية .. دخول معاينه ...إلخ ، على أن يتم
(تدعيم) ذلك بكشات (جلد إنتعاشى) فى الأسواق وأماكن العمل والطرق الرئيسية .
2- بالنسبة لعمليات (الترديف) التى يقوم بها بعض (المواطنين) فقد أوصت اللجنه بإســتيراد
أجهزه كشف (فوق البنفسجية) ووضع جهاز بكل (مركز جلد) لكشف حالات (الترديف) ومنعها .
3- أما عن مسأله أن ينجلد (مواطن) بدلا عن أخيه (المواطن) لقاء (مال) أو خوفا من (جرســه)
فقد تقرر أن يكون (الجلد) بعد ‘براز بطاقة شخصية سارية المفعول .
4- أما عن تفشى حالات (الرشــوة والمحســوبية) فقد رأت اللجنه ســفر وفد على مستو عال إلى
(جمهورية رومانيا) لإسـتيراد 5500 (جلاد آلى) ليعمل بدلاً عن (الجلادين) إذ أن ذلك من شأنه
تفادى حالات (الرشــوة والمحسوبية) وتخفيض (تكلفة تفعيل القرار) وذلك بإحالة الجــلادين
إلى (الصالح العام) . وحتى وصــول (أجـهزة الجــلاد الآلى) فقد رأت اللجنه درءاً لحــالات
(الرشوة)ً لحالات (المحسـوبية) أن يتم جلد المواطنين بعيدا عن أماكن سـكناهم فيتم جـلد
سكان(أبوسعد) فى (الكلاكلة) وسكان (الكلاكلة) فى (حلة حمد) وهكذا !!
الصفقة مضروبه :
جاء على صدر صفحات صحيفة (المحن) خبرا بعنوان (الجلاد الآلى المضروب) ما يلى :
تأكد من مصــادر قوية تقيم فى العاصمة (الرومانية) بوخارست بأنه قد تبين بأن صفقة (الجلاد الآلى) التى تعـاقدت معها (الحـكومة) ممثلة فى الوفـد عال المســتوى تأكد لها بأنها صفقـة (مضروبه) و(سكند هاند)وقد تم إدخالها (الورش)الخاصةبالمصنع من أجل عملية إعادة (تعميرها) Reconditioning كما أضافت نفس المصادر بأن (أجهزة الجلاد الآلى) التى تم التعاقد عليها هى ذات الأجهزة التى كان يستخدمها الديكتاتور (تشاوسيسكو) لجلد مواطنيه قبل أكثر نصف قرن !!
وعلى (هامش) هذا الخبر فقد جاء فى عمود (أسرار وراء الأخبار) بذات الصحيفة بأن الجهه التى قامت بالتعاقد على شراء أجهزة الكشف فوق البنفسجية التى سوف يناط بها كشف حالات (الترديف)التى يقوم بها (المواطنون) هى شركة (تنهبون) التى يمتلكها (شقيق) أحد كبار(المسئولين)!!
خلو طرف الجيوب :
لما كانت (شهادة خلو طرف من الجلد) من الأهـمية للمواطن بمكان حيث لا يمكن له إســتخراج أى وثيقة أو المغادرة لأى جهه أو إنجازأى (معاملة) دون الحصول عليها فقد بات أمر (إستخراجها) مصدراً من مصادر (الدخل القومى) الشئ الذى حدا برئيس (اللجنه العليا ) بالدعوة إلى إجتماع لوضع الضوابط والأسس (والرسوم) التى تمنح بها تلك الشهادة :
- طبعاياجـماعه إنتو عـارفين إنو(البلد) دى بدون(إيرادات داخـلية)مابتمشـى لأنـو(الإيرادات
الخـارجية) دى يا دوبك (مكفيانا) نحنا !! عشــان كده أهو الله من نعمتو علينا جـاب لينا
حكاية(شهادة خلو طرف من الجلد) دى عشان ندخل بيها شوية (إيرادات)
- والمطلوب مننا شنو يا (ريس) نحنا جاهزين!!
- المطلوب منكم إنكم (تنحتو راسكم) وتورونا نستفيد من مسألة (الجلد الإنتعاشى) دى كيف ؟؟
يعنى حكاية (شهادة خلو طرف من الجلد) دى نعمل ليها (رسوم) كم؟وكيف؟ -ثم مواصلاً- والحمدلله
إنو الإجتماع ده بيحضرو معانا دكتور (حمـد أبوجبايه ) مستشـار الهـيئة لشئون (الإبتكار)
بعد ما جا من (الحج) وأكيد ح (يبتكر) لينا (حاجات تمام) وح يكون عندو (رؤيه شـــرعية)
للموضوع :
- ( دكتور أبوجبايه يستعدل فى جلسته وينظر فى ملف أمامه) : بسم الله الرحمن الرحيم .. شكراً
أخى (رئيس اللجنة العليا) وأحسب أن هذا إجتماعاً (مباركا) بإذن الله ..
- أها يا دكتور ممكن تعمل لينا شنو فى موضوع (الجلد الإنتعاشى) ده ؟؟
- والله الحقيقه يا جماعة أنا لمن سمعت خبر موضـوع (الجلد الإنتعاشــى) ده وأنا فى (الحج)
قمت طوالى (صـليت ليا ركعتين لله ) وعملت ليا فيهو (ورقـه) وإن شاء الله أقدمها فى (مؤتمر
الهيئة التأسيسى ) الح ينعقد السنه الجايه دى ... وطبعا يا جماعه إنتو كلكم عارفين إنو
(عنوان رسالة الدكتوراة) بتاعتى كان ( المال المستفاد من تنفيض جيوب العباد) – مواصلاً-
يعنى لا يخامركم أدنى شك أو ظن ياجماعة بإنى رايح أنفض ليكم (جيـوب المواطنين) ديل لمن
يقولوا (الروووووب)
- أها لكن كيف يا دكتور؟؟
- أيوااا ..أول حاجه نمسك رسوم (شهادة خلو الطرف من الجلد) ودى أنا قسمتها لى تلاته فئات :
الفئة الأولى : وديل الناس العاوزين (ينجلدوا) وياخدو (الشهاده) .. وديل (رسوم الشهاده)
بتاعتهم عشان ح (ينجلدو) ح تكون خفيفة يعنى ممكن (ميت ألف جنيه) !!
والفئة التانية:ديل(المواطنين)المرضانين أوالعندهم أعذار وديل عشان ما(يموتو لينا فى
إيدنا) ما ح (ينجلدو) لكن رسوم الشهادة بتاعتهم ح تكون كبيرة شوية يعنى قولوا (خمسميت
ألف جنيه)
أما الفئة التالته : فديل الناس الما بقدروا على (العشــرين سوط) لكن ممكن ياخدو(عشرة)
سيطان ... (خمسة سيطان) .. تلاته سيطان
- وديل يا دكتور ح نعمل معاهم شنو؟؟
- أيواا ... ديل ح نبيع ليهم (السيطان)
- الكلام ده كيف يا دكتور؟؟ لمن نبيع ليهم السيطان (نجلدهم) بى شنو؟؟
- (وهو يبتسم إبتسامة ماكرة) : إنتو بس أصبروا معايا شوية وأنا ح أشرح ليكم المسألة – ثم
مواصلاً الشرح فى زهو- لو قلنا (السوط) بى عشرة ألف جنيه مثلاً بعد ده (المواطن) ممكن يدفع
(ميت ألف) حقت (عشرة سيطان) وينجلد (عشرة (سيطان) والبدفع حق (خمسه سيطان) يعنى (خمسين
ألف) يكون فضل ليهو (خمسطاشر سوط) ينجلدهم وهكذا .. يعنى (الزول) ممكن يشترى (السيطان)
بتاعتو الح ينجلدهم !!
- الله لا كسبك يا دكتور والله (الدكتوراة) عندك !! دى فكرت فيها كيف؟؟
- ومال أيه؟؟؟؟؟؟ والله مش أخليهم ليكم (يدفعو وينجلدو) كمان لو عايزينى والله أخليهم يعملو
ليكم(نوم العازب)
- عفـارم عليك .. لكن هسع يا دكتور معقول (المال المستفاد) من القرار ده يكون بس (شهادات
خلو الطرف) دى ؟؟؟ مافى مالن مستفادن تانى ؟؟
- طبعا فى ... إنتو بس يا جماعه روقو شــويه – يتنحنح ثم يواصــل- الحكومة هسع عندها حسب
الإحصائيات 600 شركة بتاعتا .. أنحنا ح نعملهم 601 لأننا ح نقوم بتأسيــس شركة (تجلدون)
والشركة دى ح تقوم بإنشـاء مراكز للجلد (الفاخـر) ودى طبعاً عشان (ينجلدوا) فيها النـاس
(المرطبين) ومرتاحين ... يعنى المركز يكون مؤثث ومكيف مركزياً والزول قبل (الجلد) يدوهو
(كبايه عصـير مشـكل) بارد و سندوتش (بيرقر جامبو) ويكون فى (ســستر) تفحص ليهو (الضغط)
و(الدم) والحاجات الزى دى وكمان (السيطان) ذاتا تكون ناعمة و(مستورده) وطبقا للمواصفات
العالميه !! – يلتفت نحو (رئيس اللجنه) - وطبعاً كل شئ بى تمنو !!!
وعشــان ما أنسى يا جماعه الشركة دى برضو ح يكون عندها (سيارات) مجهزة عشان تقوم بمهمة
توصــيل (خدمة الجلد للمنازل) يعنى الزول بدل ما يتعب ويمشى (ينجلد) فى المراكز العامة
بتاعت (الجلد) مع (العطالة) و(الشماسة) ممكن بس من الموبايل بتاعو يحدد مكان وجودو وين
والفريق بتاع (الجلد) المختص يمشى (يجلدو) فى بكانو ..- يلتفت نحو (رئيس اللجنه) -
وكلو طبعاً بى تمنو !!
- الله لا كسبك يا دكتور إنت الحاجات دى بتجيبا من وين !!!!
- إنتو قايلين (الدكتوراه) بتاعتى دى فى (الكيمياء الحيوية) ؟؟ - مواصلا وهو يضحك - دى فى
(نفيض جيوب العباد) – ثم فى خبث :
- وكمان ..
- الجميع يقاطعونه بصوت واحد) : وكمان شنو يا دكتور ؟؟
- وكمان عملتها فى (رومانيا) !!!!
و
ابوبكر الزبيدى- المشرف العام
- عدد الرسائل : 845
العمر : 45
الموقع : الخرطوم _مطار الخرطوم
المهنة : اخصائى ارصاد جوى
الهواية : كورة
تاريخ التسجيل : 15/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
بكري / زي المطرة ,, وحقيقي شغال في الارصاد ,,, تخيل يا بكري لسه ما كملتهن كلهن ,,, أدينا نفس ,,, لك الود واحييك علي النشاط
ميرغني ابراهيم- المشرف العام
- عدد الرسائل : 4016
العمر : 64
الموقع : السعودية
المهنة : طبيب
الهواية : كرة القدم
تاريخ التسجيل : 04/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
شكرا يا بوكو ,,,, وشكرا للكاتب المبدع /يوسف الفاتح جبرا,,,, وواصل
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
تصحيح صغير للسيد/المدير العام -عشان عنوان البوست-:
الراجل إسمو الفاتح يوسف جبرا وليس يوسف الفاتح
وموقعه على الإنترنت - تم نشره من قبل في بوست مواقع تستحق زيارتك- alfatihgabra.com
الراجل إسمو الفاتح يوسف جبرا وليس يوسف الفاتح
وموقعه على الإنترنت - تم نشره من قبل في بوست مواقع تستحق زيارتك- alfatihgabra.com
هيثم على الشفيع- مشرف
- عدد الرسائل : 1910
العمر : 53
الموقع : ام درمان-الثورة
تاريخ التسجيل : 23/11/2007
رد: مجموعة كتابات للكاتب الفاتح يوسف جبرا
اشكرك اخونا هيثم ,,, ودليلي انه سهوا تجدني قد اضفت الاسم صحيحا في مقال لبكري2 عن قصة ايوب حين سقط الاسم سهوا عن الكاتب ,,, شكرا للتنبيه,,, لك الود
مواضيع مماثلة
» الوطن 2030 للفاتح يوسف جبرا
» امرأةنخلة لشاعر محى الدين الفاتح
» مجموعة شعرية للاغانى مصطفى سيد احمد
» امرأةنخلة لشاعر محى الدين الفاتح
» مجموعة شعرية للاغانى مصطفى سيد احمد
أصحاب جد كوم :: المنتديات العامة :: الثقافة :: القصة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد فبراير 01, 2015 9:13 am من طرف عواد عمر
» الفنان رمضان حسن
الأحد مارس 09, 2014 11:33 am من طرف عواد عمر
» مذكرات بيل كلينتون
الخميس أكتوبر 17, 2013 9:42 pm من طرف الميزر
» صور اعجبتني
السبت يونيو 15, 2013 6:10 am من طرف فاطمة
» نكات اسحابي
الإثنين يونيو 03, 2013 1:34 am من طرف محمد الساهر
» أخطر 3 شهادات عن هروب مرسى من السجن
الخميس مايو 30, 2013 10:42 pm من طرف عازة
» من روائع الشاعر جمال بخيت
الخميس مايو 30, 2013 10:18 pm من طرف عازة
» إطلاق نــار على الفريق "سـامي عنان
الخميس مايو 02, 2013 9:00 am من طرف محمد الساهر
» عاجل..أبو تريكة فى العناية المركزة
الخميس مايو 02, 2013 8:33 am من طرف محمد الساهر
» وقفة مع البافاري : مشروع أفضل فريق يقطع الكرات
الخميس مايو 02, 2013 8:21 am من طرف محمد الساهر
» 10 أطعمة تعرضك للإصابة بمرض السرطان
الخميس مايو 02, 2013 5:18 am من طرف محمد الساهر
» أسهل وأحدث 10 طرق لإنقاص وزنك في أقل من 10 دقائق
الخميس مايو 02, 2013 1:39 am من طرف عازة
» القدرات النفسيه
الخميس مايو 02, 2013 1:11 am من طرف محمد الساهر
» تنمية قدرات العقل
الخميس مايو 02, 2013 1:08 am من طرف محمد الساهر
» مصر: تطبيق الحد الأقصى والأدنى للأجور في مايو
الخميس مايو 02, 2013 12:58 am من طرف محمد الساهر
» السجن مدى الحياة لـ"بن على" و10 لوزير داخليته
الخميس مايو 02, 2013 12:38 am من طرف سيدورف
» فتح النار على باسم يوسف لاستضافته مغنيا شاذا
الخميس مايو 02, 2013 12:32 am من طرف سيدورف
» مورينيو والريال.. قصة موت معلن؟
الخميس مايو 02, 2013 12:16 am من طرف سيدورف
» رئيس برشلونة يعترف بتفوق بايرن.. وفخور بلاعبيه
الخميس مايو 02, 2013 12:12 am من طرف سيدورف
» فساتين الزفاف
الثلاثاء أبريل 30, 2013 3:22 am من طرف عازة