راجل ما كويس

لا أدري لماذا تلح علي في هذه الايام صورة صلاح { المصوراتي } كثيرا كلما وجدت نفسي وحيدا تأتي صورته في خاطري وتأبي ان تتواري الا بعد ان تأخذ الخواطر عنه فسحةً غير قليلة من الزمن ,,, يتراءي لي وهو يرتدي بنطال الصوف البني او الازرق وفوقه قميص كاروهات { علي حسب الموضه في تلك الايام} ,, ووجهه الحليق الذي لا يخلو من وسامة ظاهره ,, وحديثه المهذب وكلماته الهادئه وصوته العميق,,,كان مرتبا في كل شئي,, انيقا حتي وهو ياكل تحس انه لايمضغ كالاخرين { الذين يقرشون اننا اردننا ان نكون اكثر تحديدا حتي انعم الاشياء,,, كماعزةٍ تجتر} ,, كنت تجده دائما جالسا امام محل التصوير خاصته اقصي السوق وقد رُشت الساحة التي امام الدكان بعد ان كُنست, يندر ان تجد قطعة ورق او أي شي مُلقي امام محله ,, كان محله قبلة للشباب والشيب من رياضيي المدينه,, بحكم انه كان عضو لجنه باحد الانديه الرياضيه,,كان يجلس بعضهم علي عدد محدود من كراسي الحديد بينما يبقي البقيه واقفون ,, يناقشون ما حدث بالامس وما سيحدث اليوم بدار الرياضه ,, كان هو في معظم الاحايين يبدو بعيدا عن كل هذه الجلبه والضوضاء ,, ولكن ما ان يبدأ الحديث حتي تكتشف انه كان منصتا جيدا لكل ما يدور ,, يزِن اجابته جيدا التي تجد غالبا استحسانا من كل الفرقاء,,,يقضي يومه ها هنا جالسا منصتا او متحدثا ,, إلا إذا جاء وقت الصلاه قام الي الصلاة بالجامع القريب, او اذا حضر احد الزبائن تجده قام مستأذنا بادب جم الي داخل الاستوديو ,, تاركا الجميع في صخبهم يتناولون الشاي والقهوة التي غالبا ما يأتي صاحب المقهي في آخ اليوم لاخذ الحساب من صلاح الذي كان يدفع دون ضجيج او سخط.
أذكر انه كان يسكن في البيت المقابل لمنزلنا ,, وكان الاعزب الوحيد وسط الحي { كان بيوت العوائل وقتها لا تسمح بسكني العزاب وسطها}
كان يهب للمساعده في اي وقت ,, لمرافقة مريض للمستشفي في منتصف الليل أو لدفن ميت,, او حتي للمساعده في حفر المجاري لتصريف المياه من داخل المنازل اثناء هطول الامطار ,, با ختصار كان سودانيا صميما بمقاييس ذلك الزمن .
كان اكثر المترددين علي داره {عمك علي} الطباخ كانا يحضران سويا بعد صلاة العشاء في المسجد, ويجلسان امام منزل صلاح الي وقت متأخر نسبيا في ذلك الوقت { الساعه 10 مساء} بعد ان يقضوا ومن كان برفقتهم علي صحن الفول,, صحن الفطير باللبن الذي تأتي به صغري بنات عمك علي { كان لعمك علي 5 بنات ولم يرزق ذكورا} .
كان بالنسبة لنا صلاح ونحن بعد صغار ملجأ وملاذ حين تقفل الطرق امامنا ,, كنا نأتيه خلسة لطلب شلن او أقل لشراء لغز او لتأجير عجله ,, وكان بعض الخبثاء منا ممن تعلم التدخين او الصعوط يذهب اليه بشتي الاعذار,, كان يعطي دون تردد ,, بل كنا نحس انه سر سرورا عظيما حين يعطي .
رغم ذلك كنا لا نذكره بالخير دائما ففي مجالسنا لا احد يقر بانه يذهب لصلاح لطلب اي شيئ والا طالته الشائعات,, كانت كل الوقائع ضده:
كان نظيفا
كان مرتبا
كان لطيف المعشر
كان معطاءاً
كان وسيماً
كان { اعزب}
كان لا يحب النساء ,, ولم يتحدث احد عنه بعلاقة نسائيه علي كثرة النساء اللائي يأتين للاستوديو,, بل كان لايمازحهن او يحدثهن كثيرا { وكان وقتها صاحب الاستوديو محسود لكثرة احتكاك مهنته بالنساء}
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
: علي كل حال الراجل دا ما كويس ,, وأنا قلت ليكم. هكذا تحدث احدنا ونحن نسمر امام عامود النور.
لم ينبري اي احد للدفاع عنه خوف التهمه بل تزايدت الاراء عنه وكل يعضد ما قيل دفعا للضرر
: يا أخي شفتو لبسو نضيف كيف؟

: وحالتو دي ما عندو مره..

: ويوم داك قال لي ود الحلب أداهو ريال عشان يأجر عجله!!

: ساكت,, لله في الله؟

: وعمك علي مصاحبو ومسكنو جارو لي شنو,, والله لو عندو ولد واحد ما كان صاحبو!!!!

: وبعدين شوفوا ناس الكوره وبتاعين ادارات الانديه معروفين!! .

تفرق شملنا بعد انقضينا وقتا طويلا نردد ما يقوله الناس في الحي عن صلاح,, واظن ان كلنا كنا ندري بان ما قيل خال من الصحه تماما ,, فكلنا ذهب الي صلاح يوما طالبا للمساعده ووجدها دون مقابل ,, وأدري ان كل منا قبل أن ينام قد أنب نفسه علي ما حدث وخجل مما قال.
..........................................................................................
عندما وقعت الصورة من داخل احدي المجلات القديمه حينما تناولها من داخل احدي حقائبه القديم ,, لم ينتبه اليها صلاح اولا ولكن عندما حانت منه التفاته علي الارض بجوار الشنطه,, تسمر واقفا لبضع دقائق ,, ثم رفع الصوره ونظر اليها وقد اسوّد وجهه.
: دي جات من وين دي؟؟؟
الهام بنت خاله,, التي نشات وترعرعت معه في المنزل الكبير بمدينته علي ساحل البحر الاحمر,, كان ابوه تاجرا ثريا,, لم يبخل عليه بتعليم عال ومعيشةٍ رغده,, كان قرة عين والديه واقربائه لما طُبع عليه من ادب جم ,, ووجه باسم ,, كان قد بدأ العمل مع ابيه في تجارته بعد التخرج ,, وبدأ ابوه يعتمد عليه في كثيرمن الاعمال ,, قرر ان يجعله حياته السهله اكثر تعقيدا عندما قرر ان يتزوج ,,, ممن؟ من الهام بنت خاله ,, وبالطبع وجدا قبولا وسارت الامور في يسر وسهوله حتي اتي يوم الزفاف.
قال لها {كانت محمرة العينين مطرقه }وهم في طريقهم الي خارج الفندق:
ارفعي رأسك وما تنزليهو

تأكدي يا بنت الناس سِرك في بير
قضي 3 اشهر مع الهام كازواج صوريين ,, ولا يدري احد عما يجري بينهما .حاول كثيرا أن يتناسي ولكن هيهات ما يؤمن به علي الورق ,, لا يريد ان يتلاءم وما يحسه,, واخيرا قرر انه لايستطيع,,نعم هي أخطأت وكثيرون مخطئون,,والفرق بينه وبينها ان أخطاءهن تترك اثرا محسوسا ملموسا بينما اخطاءنا لا اثر لها,, وكثيرا ما حدث نفسه وعدد علاقته النسائيه قبل الزواج فلم يستطع حصرها ,,
: لكن كمان!!

وأخيرا جاء اليها في يوم من الايام يحمل ورقه ,, سلمها اياها برقه قائلا:
تأخرت كل هذه الفتره لكيلا يعرف الناس سِرك,, وانت حره وانا عند وعدي.
أقام اهله الدنيا ولم يقعدوها توسطا اليه لارجاع زوجته اليه,, اكتفي بالامتناع قائلا في كل مرة: نحن ما نافعين مع بعض.
هدأت المحاولات او ا نقطعت لاثناءه عن رأيه وداوم هو علي عمله ولكن ليس بصلاح زمان صارت تكسو كلماته مسحة حزن واسي حاول طردها مرارا ولكن تآبت عليه.
حتي كان اليوم!!!!!!!
كان يوما ممطرا حين ارسل في طلبه ابوه ليذهب اليه بالدكان الكبير,,, وجد الدكان خاليا الا من ابوه علي غير العاده
وكانى ابوه مطرقا تظل وجهه غمامة سوداء ,, ما عهد ابوه هكذا..
توجس صلاح شرا ,,
: خير يابا
: ما خير ولا حاجه!!
: مالك في شنو؟؟؟
:الكلام القالتو طليقتك دا صحي؟؟
: ياتو كلام يا ابوي
:ياتو كلام!!!!انت وكت ماك قادر علي العرس زي الرجال وما فيك شي ,العرس داير بيهو شنو؟؟ ,, ما كنت تقعد تتطم في شغلتك دي ومافي زول جايب ليك خبر !! في داعي تبشتن بي سمعتنا زي دا.
وكما انقضت صاعقة علي رأسه جلس صلاح علي احد الكراسي بجانب ابوه واضعا راسه بين يديه,تصبب عرقا, وفرك يديه مرارا,, حاول الحديث ولكن امسك.
لم يجب بل انتفض من حينه, الي الدار ,, لا ينسي ابدا وجه امه وهي تنظر اليه عندما دخل الي البيت { أهي تعلم بما قاله ابوه}
: لم يبق لك مكان هنا!!!
هكذا حدث نفسه وهو يحزم حقيبته,, لا يدري الي اين؟؟؟؟
...................................................................
وجد صلاح نفسه لا زال ممسكا بصورتها ,, نظر اليها ثانية ثم اعادها الي داخل المجله.
: ما خلاص جرح وقرّب يطيب
ثم: يطيب وين يا اخونا؟؟؟
: لماذا لا يطيب وهذه 10 سنوات مرت منذ ان حللت هنا ,, لا اجد الا كل احترام وتقدير,, الحب من حولي اينما ذهبت,, معززا مكرما.
: أنسي!!!
رمي بالمجله بداخل الشنطه وبحث عن شيئ يفر به من خواطره.
ربط طرف الخرطوش جيدا بالماسوره ,, وامسك بالطرف الآخر ضاغطا عليه بالسبابه ليسهل عليه رش الحوش وري زهو صباح الخير التي احتوها حوض من الطوب الاحمر الموضوع مائلا في شكل زخرف.. استغرق في عملية الرش,, الا ان سمع صوت عمك علي وهو يعلو محدثا ابن اخيه ذا ال13 ربيعا , والذي جاء ليقضي مع عمه اجازة الصيف.
سمع عمك علي قائلا: يا عادل يا ولدي الزول دا انت ما بتعرفو انا بعرفو ,, ما القاك واقف معاهو تاني.
: مالو يا عمي ؟
: دا راجل ما كويس .
دارت بصلاح الدنيا وهو يتذكر وجه عمك علي عندما مر به قبل ساعه وكان يقف امام منزله وكان يتحدثان هو وعادل عن المدرسه وهواياته بعد ان عرف انه ابن اخ عم علي ,,
ظن وقتها ان عمك علي يمر بازمة ماليه لانه تعود ان يكون هكذا في اواخر الشهر وكلما كان مفلسا ,,, حتي تحية عم علي لم تكن كما كانت.!!!!
:إذن!!!!!!!
.................................................
إختفي صلاح فجأة من المحل ومن الحي ,, دون سابق انذار ولا يعلم احد الي اين ذهب ,, وظل اختفاءه سرا كبيرا قيلت حوله الاقاويل والشائعات ولكن لا يدري احد اين ذهب ولماذا اختفي؟؟؟؟
أمانة اذا التقي احدكم صلاح المصوراتي فليبلغه سلامي وتقديري.

من طرف عماد الشفيع الأربعاء أكتوبر 29, 2008 8:29 am

رائع رائع يادكتورنا 00 بس زولك ده لحق ولدنا عوض0000 الله يرجعو ليكم بالسلامة 00
00000000000
يا ساري الليل أنا داير أوصيك وأديك كلام
الروح إين صعدت لي باريها وفي جنات الخلد مقام
لو لاقيتو في إي مكان في إي زحام
روح كلمو قولو الحلة بكت من شوقا إليك تغريك سلام

دوما يكون الرجال اكثر نبلا من النساء.....

ميرغني الزبيدي ،،،،

صلاح المصوراتي وما شاكله من نمازج انسانية رقيقة ( يصعب استنطاقها ) سوف تظل دوما عايشة على هامش الحياة ومفترى عليها بسبب ضيق افق من حولهم ونظرة المجتمع الغير قابلة للتغيير،،،، HATS OFF ميرغني الزبيدي ،،، واتمنى تدينا شوية كده عن المجازيب والدراويش ،،، ماهم برضوا ماقادرين نعرفهم شايتين وين 0

عماد الشفيع كتب:رائع رائع يادكتورنا 00 بس زولك ده لحق ولدنا عوض0000 الله يرجعو ليكم بالسلامة 00
00000000000
يا ساري الليل أنا داير أوصيك وأديك كلام
الروح إين صعدت لي باريها وفي جنات الخلد مقام
لو لاقيتو في إي مكان في إي زحام
روح كلمو قولو الحلة بكت من شوقا إليك تغريك سلام

عمده / اشكرك علي المرور والتعليق,, لك الود.

الرشيد الريح نورالدين كتب:دوما يكون الرجال اكثر نبلا من النساء.....

اخونا الرشيد / عودا حميدا,,, شكرا علي المرور والتعليق,, لكن يا اخوي دوما دي خليها غالبا ونحن معاك و البقدر يقول كده منو؟؟ لك الود.

حامد ابراهيم عمر الزبيدي كتب:ميرغني الزبيدي ،،،،

صلاح المصوراتي وما شاكله من نمازج انسانية رقيقة ( يصعب استنطاقها ) سوف تظل دوما عايشة على هامش الحياة ومفترى عليها بسبب ضيق افق من حولهم ونظرة المجتمع الغير قابلة للتغيير،،،، HATS OFF ميرغني الزبيدي ،،، واتمنى تدينا شوية كده عن المجازيب والدراويش ،،، ماهم برضوا ماقادرين نعرفهم شايتين وين 0

الاخ حامد / شكرا للتعليق والمرور ,,, اما عن الدراويش خير من يحدثك معاويه الشفيع اذا اراد ,, لك الود.

أقول لصلاح:ظلموووووك وجرحوا سمعتك..
دائمأ ما أتحفظ فى مدح شيخى المرغنى خوفأ من أن أتهم بالإنحياز وأعلم أن شهادتى فيه-دومأ(ياالرشيد)-مجروحة..والمشكلة أن مرغنى نفسه صار يعتقد ذلك وهو أمر غير سليم فى نظرى وأنا أدعى أننى موضوعى أكثر من الموضوعية نفسها..(معليش اتكلمت عن نفسى..لكنها مقدمة ربما كانت ضرورية)
راجل كويس جدأ..هل أقول أننا بصدد مولد كاتب قصة جديد..ياخى ده مولود من زماااااان..هل أقارن مرغنى بيوسف ادريس -الطبيب الذى اشتهر كأحد عمالقة القصة العربية القصيرة؟؟؟(ربما حمل بعضهم العكاكيز ضدى) ولكن ليه لا؟؟؟
يقدم مرغنى ودابراهيم عمر الشهير بالزبيدى نماذج حية من مجتمع غنى فخور بنفسه ..ملئ بالحسنات لكنه فى نفس الوقت تنخر فيه افات رديئة ومقدرة مكابرة على الظلم والوفاء الغريب للقيم اعتمادأ على الظاهر فقط...
قدم مرغنى الحسنات والسيئات فى قالب قصصى سلس يفجر عند القارئ متعة مؤلمة(لو جاز التعبير) وفجر مرغنى التساؤلات والنقاشات(غصبأ عن عين أى واحد يقرأ له)..ما المطلوب من المبدع أكثر من ذلك؟؟؟؟
ربما أنا مشوش..وربما شوشت أفكاركم أيضأ..لكنه انفعال بابداع طاعم ولذيذ..بالله يا مرغنى ما تحرمنا....لك الود والمجد للمنتدى مفجر الإبداع...

معليش ياميرغني لأنو دي من الحاجات الفاتتني وأنا منقطع عن المنتدى ،،، عشان كدة ماجبت سيرتا في "العفش داخل البص..." ونرجع لصلاح المصوراتي

ولنبدأ بسؤال أنفسنا : كم مثل صلاح لا ينبئ ظاهرهم عن حقيقتهم؟؟
وكم صعد بهم هذا "الظاهر" قمماً لم يحلموا بها؟؟؟
وكم خسف بهم اراضين لم تدر لهم بخلد؟؟؟

ميرغني ...
السهل الممتنع ، السرد العفوي ،،، البساطة الممتعة ...و....و....و......
ملخص لهذا العمل البديع

وعلييييييييييييييك الله واصل

راجل ما كويس

راجل ما كويس

رد: راجل ما كويس

رد: راجل ما كويس

رد: راجل ما كويس

رد: راجل ما كويس

رد: راجل ما كويس

رد: راجل ما كويس

رد: راجل ما كويس

رد: راجل ما كويس